هذا اللي بغيته أخوي
><
العمل التطوعي والمجتمع كالدماغ والجسد _ الدماغ يمثل العمل التطوعي والجسد يمثل المجتمع _ يتألف الدماغ من أقسام لكل جزء منه وظيفة تخصصية لقسم خاص في ذلك الجسد فيما لو أتلفت بعض تلك الخلايا من ذلك الدماغ سوف يشل ذلك الجانب المتصل بذلك الجزء من الدماغ.
هي نفسها الصورة والهيئة للعمل التطوعي والمجتمع وذلك لأن أي إهمال يقع على جانب حيوي في العمل التطوعي سوف يعيق الجسد الاجتماعي عن القيام بدوره الطبيعي والمؤمل منه.
يعتبر العمل التطوعي من أهم الطرق والوسائل للمشاركة في النهوض بمكانة المجتمعات وسط عالم غريب تسيطر عليه القوى العظمى.
لذلك نجد أن العمل التطوعي يكتسب يوماً بعد يوم أهمية بالغة ورعاية خاصة من قبل القائمين والمعنيين على تلك المجتمعات والتي تصبو إلى مجاراة التغير المتسارع في وقتنا الراهن.
والعمل التطوعي هو سمة من أهم السمات التي يتمتع بها المجتمع القائم على ركائز التطور والديموقراطية والرقي الحضاري.
وقد شهد العمل التطوعي عدة تغييرات وتطورات في مفهومه ووسائله ومرتكزاته ويرجع سببه للتغير المتسارع ذات الطفرة في عجلة الحياة والتي تفرض علينا نمطاً ولوناً من العمل النوعي الذي باستطاعته مجاراة معايير تلك العجلة التي لا ترحم من يقف بين تروسها, بل تلزم علينا المسير قدماً وسباق الزمن كي لا نزج في عالم من التخلف والنسيان.
ويعتمد العمل التطوعي على عدة عوامل لنجاحه وتفعليه في المجتمع, من أهم تلك العوامل, العامل البشري وذلك لأنه يمثل طاقة قوية وضرورية في المجتمع وبالتالي في تلك الأعمال ذات الصلة . بالإضافة إلى ذلك يشكل المورد البشري الورقة الرابحة لإنجاح أي عملية اجتماعية.
ومتى ما تحدثنا عن المورد البشري, سوف يتبادر إلى الذهن ذلك الجانب القوي منه والذي يشكل عصب تلك الطاقة, ألا وهم الشباب, هذا ليس معناه تهميش دور الكبار والصغار بل الكل في الحكم والمسؤولية سواء(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ) , " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" فالكل واقع تحت منظار تلك الأمانة والمسؤولية والكل مطالب في المشاركة في العمل التطوعي الاجتماعي, وكل فرد له دور في المساهمة بالدفع بعجلة التطور والرقي والازدهار نحو الأحسن.
الشباب هم طاقات المجتمع وروحه, فيما لو شلت تلك الطاقات سوف يؤدي إلى شل تلك المجتمعات وتقهقرها نحو أودية سحيقة ومن ثم تحولها إلى صحراء جدباء. للأسف الشديد عندما نستعرض واقع العمل التطوعي ونقارنه بالطموح والرغبات التي تنشدها تلك المجتمعات والتي قد دونتها على صفحات الكتب حتى باتت تلك الصفحات مجرد وريقات تكاد تترك في أورقت المتاحف, نجد العلاقة عكسية وفي حالة تراجع خطير وفي افضل أحوالها مطردة بشكل بطيء جدا وكأنه مسير سلحفاة قد أخذ الزمان حيفه منها.
لذلك قبل المضي في البحث عن بعض الحلول التي ربما تساهم في تفعيل دور العمل التطوعي نستعرض بعض أسباب عزوف الشباب عن العمل التطوعي وهي كالتالي:
عدم الشعور بالمسؤولية المرمات على عاتق كل فرد في المجتمع, (من اصبح و لم يهتم بامور المسلمين فليس منهم ).
ضعف الوازع الديني لدى الأفراد.
قلة الوعي بأهمية العمل التطوعي وضعف الإيمان بالفوائد المرجوة منه.
ندرة وسائل الإعلام المستخدمة في ميدان العمل التطوعي.
غياب العقلية الإدارية والرؤى المؤسساتية التنظيمية عن هيكلة العمل التطوعي وذلك بسبب الركود الفكري والثبات الغير تجددي واستقطاب كوادر غير مؤهلة ومتناسبة مع التغيرات الجارية لمواقع صنع القرار وتنحي الشباب عن المشاركة في اتخاذ القرارات مما سبب في انتزاع الثقة من قلوب أولئك الراغبون في الانخراط في العمل التطوعي.
تدني الحافز المادي والمعنوي وقلة تشجيع العمل التطوعي.
بطيء تخريج وتأهيل ورفد أفراد قادرين على تحمل هذه المسؤولية.
التغافل عن ذكر الله والتهاون في الامتثال لأمر الله وأمر رسوله وأوليائه, (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) .
الظروف الاقتصادية السائدة وضعف الموارد المالية التي تدعم المنظمات التطوعية.
كثيرة هي الأسباب التي باتت تؤرق المجتمع برمته, وكثيرة هي المعوقات التي جعلت النوم يجفو عيون المجتمع وكثيرة هي النوايا السيئة المنطلقة من بعض القلوب المريضة والتي تبث إشعاعاتها المميتة وإرسالها السرطاني نحو المجتمعات الإنسانية بنية زجها في غابات تكاد تغيب عنها الشمس وتتمنى أن تقبع البشرية على حفرة من نار وفوق منحدر خطر كي لا تنعم الإنسانية بالاستقرار.
ومن هنا نأتي على ذكر النتائج المترتبة عن عزوف الشباب عن العمل التطوعي:
انغماس الأفراد في ملذات هذه الدنيا وانشغالهم بما سوف يجلب لهم الضرر والفساد.
العزوف عن العمل التطوعي يجعل من الفرد فريسة سائغة وسهلة بين أنياب الفراغ القاتل.
عدم الشعور بالآخرين والوقوف عند همومهم ومشاكلهم يؤدي بالضرورة إلى قطع روابط الصلة بين الأفراد.
عدم استتاب الأمن والاستقرار في المجتمع.
الابتعاد عن الله سبحانه وتعالى, (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.)
عدم الامتثال لأوامر والتهاون بأهمية الأمر والمعروف والنهي المنكر.
عدم القدرة على تغيير المجتمع واستئصال المشاكل العالقة في سماء المجتمع وتحول الفرد إلى شخص عمادي, (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ).
التوصيات:
غرس روح العمل التطوعي عند الفرد منذ سنوات الأولى من طفولته.
إقامة الدروس والمحاضرات للتعريف بالعمل التطوعي.
تشجيع الشباب عن طريق خلق بعض المشاريع التي تتماشى مع ميولهم ورغبتهم.
سن القوانين والتشريعات التي من شانها تطوير العمل التطوعي.
تنمية الوازع الديني لدى الشباب.
كسب ثقة الشباب من خلال البدء بطرح مشاكلهم ومحاولة إيجاد الحلول لها بشكل جماعي ومتعاون.
تنظيم العمل التطوعي من خلال صهره ووضعه في قالب تنظيمي إداري ومؤسساتي موجه ومقصود, جاء في سياق هذا العنوان حديث لأمير المؤمنين (ع) في وصية له " أوصيكم بتقوى الله ونظم أمركم وإصلاح ذات بينكم."
الدعم المادي والمعنوي للمؤسسات القائمة على الأعمال التطوعية.
تشكيل لجنة إعلامية ودعائية مسؤولة عن شرح مفهوم العمل التطوعي وفوائده ونشاطاته وما يترتب على تركه من أضرار.
وضع الكادر المناسب في المكان المناسب, تنظيم إداري.
الاستعانة بالوسائل الحديثة والطرق التكنولوجية المبرمجة في العمل التطوعي.
تأليف قصص للأطفال تتناول هذا الجانب والمطالبة الجادة في احتواء المناهج التربوية على مواضيع مفيدة وقيمة تتناول مفهوم العمل التطوعي والنقاط المتعلقة به.
وضع تقييم دوري لجميع نشاطات العمل التطوعي.
تفعيل العمل التطوعي في الساحة الاجتماعية والعمل على مداعبة العمل التطوعي لمشاكل المجتمع و أن صغرت.
إقامة احتفالات التكريم للمشاركين وأخص بهم الشباب كنوع من التحفيز وتجديد الإيمان بالعمل التطوعي.
خلق فرص جديدة ومتنوعة لاستيعاب قدرات الشباب وتفريغ ميولهم ورغباتهم فيها.
الاستقلالية في العمل من جهة والاتصال بالآخرين من جهة أخرى.
في حقيقة الأمر لو تركت العنان لمدادي لسكب الحبر بأكمله ولن أستوفي جل تلك الحلول, فالتوصيات والحلول كثرة ومتنوعة وان اختلف السقف الزمني للوصول إلى تلك الأهداف, والتي من أهمها واشملها وأطلقها هو تمكين السفينة من الإبحار وسط رياح عاتية وأمواج متلاطمة من الفتن والضلال والنوايا السيئة لذلك الوحش الضاري الذي توارى خلف السحاب وتستر بقناع الحرية والأمان والسلام ويتحين الفرصة المناسبة للانقضاض إنه الشيطان بشتى صوره وأشكاله.
إن العمل بتلك التوصيات سوف يؤدي بنا لا محالة إلى بر الأمان على ساحل تلك الدولة الإسلامية التي يرأسها صاحب هذا الزمان انه الحجة ابن الحسن أرواحنا فداه, جعلنا الله وإياكم من الممتثلين لأوامره والممهدين لذلك الظهور المبارك لذلك النور العظيم نور الله في أرضه إنه المهدي الموعود.
لذلك حري بنا أن نكون من المسارعين للانخراط بالعمل التطوعي (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) والسباقين بالقيام بالأعمال التطوعية والخيرية التي من شأنها إرساء سبل السعادة في الدنيا والآخرة. وذلك لما لهذا العمل من الأجر العظيم الذي لا يعلمه إلا الله, ( من قضى لأخيه المؤمن حاجة كمن عبد الله دهراً ), (من مشي في عون أخيه ومنفعته فله ثواب المجاهد في سبيل الله ), ( قضاء حاجة المؤمن افضل من ألف حجة متقبلة بمناسكها وعتق ألف رقبة لوجه الله ).
فلنضع يداً على يد ولنكن يداً واحدة وقلباً واحداً,همنا مشترك وقضيتنا واحدة وهدفنا واحد وهو الرقي في سلم الكمالات ونيل رضا الله عز وجل. كي نصبح كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى.