اسطوانة نور البيان للصغار
للتحميل هنـــا
والله يعطيج الصحه والعافية
اسطوانة نور البيان للصغار
للتحميل هنـــا
والله يعطيج الصحه والعافية
تسلمين ,,
تاريخ الأدب العربي
المقدمة
مازال الزمن الجائر ينقص من أطراف الرقعة العربية حتى قصرها في أو اخر القرن الثامن عشرعلي العراق والشام وبلاد العرب ومصر والسودان والمغرب وفي تلك البلاد بقي النفس الأخير من أنفاس اللغة العربية يتردد في وناء وضعف ، حتى أذن الله لشمس الحضارة أنتشرق ثانية علي ربوع النيل .
كانت مصر في ذلك العهد تحت سلطان العثمانيين حكما وتحت سيطرة المماليك فعلا .وكانت الأهواء المختلفة ،والقوي المتضاربة ،والأجناس المتباينة ،تنخر في هيكل هذه الأمة البائسة .
غزا نابليون مصر سنة 1798 وليس منشأننا أن نعرض لهذه الغزوة إلا من جهتها الأدبية .فإن الجماعة العلمية التي صحبت لهذا القائد العظيم لم تصدها القلاقل والحروب عن غرس بذور الحضارة في مصر فأنشأوا مدرستي وجريدتين ومسرحا للتمثيل ،ومجمعا علميا ومكتبة ومطبعة ومعامل كيميائية ومراصد فلكية فكان صنيع هذه الجماعة أشبه بالقبس الوضاء سطع في ذلك الغهيب الذي احلولك في سماء مصر فبددها .
تاريخ الادب العربي :
أتي محمد علي وهو علي رأس الأسرة الخديوية لم يدهش بل علم ما في الغرب من حضارة وعمارة إنما أسسها العلم واكبر ما تركه الفرنسيون بمصر من آثار الصالحة والأبحاث النافعة على إضراب حالهم وقصر أحلامهم وكان في نفسه الاستبداد بحكم مصر فاخذ في تعليم المصريين فانشأ المدارس المختلفة في المدائن والقرى وساق الناس إليها قصرا واستقدم طائفة من علماء فرنسا للتدريس والتأليف كالدكتور كلوت بك مؤسس الطبية وجومار بك مدير البعثة المصرية وبعث من أنجبت تلك المدارس الى فرنسا سنة 1826 ليستفيدو ويستزيدوا. فلما عاد أولئك الطلبة اخذوا في الترجمة والتعليم ثم توالت البعوث بعد هؤلاء الى اوربا وكلهم من الازهر الشريف .
وسائل النهضة الحديثة
كان من آثار الاحتلال الفرنسي، ونزعة الاستقلال عند محمد علي ،أن أشرقت من جانب الغرب ومضات من نور المعرفة في آفاق مصر ولبنان فهبت البلاد تسير على ضوئها وتعمل على هداها تلك الومضات هي الوسائل التي تزرع بها رأس الأسرة العلوية ووراثة علي عرش مصر على ترقية الجيش وتربية الشعب من طريق غير مباشر، واهم تلك الوسائل :
المدارس :
لم يجد محمد علي فيما يعلم يومئذ بالأزهر من علماء الدين واللسان بغيته من علوم الحرب والطب والرياضة، فأنشا المدارس العلمية المختلفة وقسمها إلى ابتدائية وتجهيزية وخاصة ووصل بينها وبين أوربا يجاب العلماء منها ويبعث البعوث إليها. فلما تعددت درجاتها وتنوعت أغراضها انشأ لها إدارة خاصة في سنة 1839 سميت ديوان المدارس كانت رئاسته الأولى لمصطفي مختار بك من رجال البعثة العلمية الأولى .ومن أقوى المدارس العلمية الخاصة أثرا في النهضة العلمية والأدبية مدرسة الطب ومدرسة الألسن ومدرسة دار العلوم. فإما مدرسة الطب فأنشئت لخدمة الجيش سنة 1836 في أبى زعبل أقيم بجانبها مستشفي لتمرين الطلاب ومعالجة المرضي .
واما مدرسة الألسن فقد أنشأها محمد علي لتخريج المترجمين حين اشتدت الحاجة إليهم في ترجمة الدروس إلى الطلاب ،ونقل الكتب الغربية الى العربية وجعل إدارتها إلى المرحوم رفاعة الطهطاوي .
أما دار العلوم فقد اسسها المرحوم علي مبارك في سنة 1871م بأمر الخديوي إسماعيل ليتخصص طلابها في العلوم العربية، ويشاركوا في بعض العلوم الدينية والعقلية ،ويأخذوا بقسط من الثقافة الحديثة ،وليعلموا بعد تخرجهم فيها اللغة والدين في مدارس الحكومة ،وكان أساتذتها من نابغي شيوخ الأزهر وتلاميذها من متقدمي طلابه
الجامعة الأزهرية :
الأزهر أول جامع في القاهرة، واقدم مدرسة في مصر ،ومن اعرق الجامعات الكبرى في العالم لإقامة الشعائر الدينية وتأييد الشيعة العلوية من طريق الدين .
وظل الأزهر وحده يرسل أشعة العلم والدين إلى أنحاء العالم الإسلامي ،لا يخرج عالم إلا منه ولا ينبغ كاتب ولا شاعر إلا فيه حتى أدركته الغفوة الشرقية العامة في عهد بني عثمان فتجدد العالم وتقدم العلم وارتقى التعليم وهو جامد على حاله القديم، باق على مذهبه الموروث .
ثم قسم الأزهرالى معاهد للتعليم الابتدائي، أخر للتعليم الثانوي ،وجعل التعليم العالي فيه فروعا، فكلية للشريعة، وكلية اللغة العربية، وكلية لأصول الدين، وقد أنشئت لهذه الكليات دور خاصة منفصلة عن الأزهر .
الطباعة :
دخلت الطباعة الشرق عن طريق الأستانة 1490م علي يد عالم يهودي طبع بها مؤلفات دينية وعلمية ،ولكن الحروف العربية لم تظهرفيها الا سنة 1708م .
ومن أشهر المطابع العربية في الأستانة ((مطبعة الجوائب)) لأحمد فارس الشدياق ،طبع فيها طائفة كبيرة من عيون الكتب الآدبية .أما في البلادالعربية فكان السبق للبنان استعمال المطبعة بفضل دعاة المسيحية، فقد أسس الرهبان اللبنانيون أول مطبعة ببيروت في أوائل القرن السابع عشر .
الصحافة :
الصحف مدارس متجولة في البلدان، ليست محصورة بين جدران، ولا يختص بها مكان دون مكان. وهي أوسع دائرة للإرشاد من كل دوائر التعليم تهذب عقول العامة، وترتب أفكار الخاصة وتنهض الهمم القاعدة وتصلح الألسنة الفاسدة وتقرب الأمم المتباعدة .
وفي إسماعيل أصدر محمد علي باشا البقلي (اليعسوب) وهو مجلة طبية شهرية بمعونة الشيخ محمدالدسوقي وهي أول مجلة عربية ظهرت في العالم. وفي سنة 1866م ظهرت بمصر جريدة أدبيةعلمية وهي وادي النيل لأبي السعود أفندي، كانت تصدر مرتين في الأسبوع بالقاهرة .وفي سنة 1869 اصدر إبراهيم بك المويلجي ومحمد بك عثمان جلال جريدة ( نزهة الأفكار ) ثم صدرت الأهرام سنة 1876م وسياستها عثمانية فرنسية، ثم أصبحت بعد الحرب العالمية الأولى مصرية، والوطن سنة 1877 وهي جريدة طائفية احتلالية. وعلي مناهجها سارت جريدة مصر المحروسة وهي لصاحبها أديب إسحاق سنة 1880م.
والبحث في سياسة هذه الصحف وتحريرها وتأثيرها يخرج بنا إلي التطويل .مما لابد من ذكره أن الفضل في تقدم الصحافة ورقي التحرير والترجمة إنما كان للبنانيين، لسبقهم إلى معرفة اللغات الأوربية، وأختلاطهم للأمم الغربية .
التمثيل :
التمثيل بمعناه الحديث لم تعرفه اللغة العربية إلا في أواسط القرن الماضي .وكان اللبنانيون أسبق الشرقيين إلى اقتباسه، لتخرجهم في المدارس ودراستهم للآداب الإفرنجية. أول من فعل ذلك منهم مارون النقاش المتوفى في سنة 1855م فقط مثل أول رواية عربية سنة 1840م
لم يكن التمثيل في تلك الفترة الماضية شعبيا وإنما كان حكوميا أرستقراطيا لا يحضره إلا الأمراء والحكام فلما بني اسكندر فرح مسرحه في شارع عبد العزيز بالقاهرة وضم إليه الشيخ سلامة حجازي أصبح للجمهور. كان التمثيل حينئذ بعيدا عن الكمال والذوق لا يرجع إلى فن ولا يعتمد علي قاعدة، وانما كان أساسه الغناء والمجون استمالة للعامة وارضاء للدهماء، ولغة الروايات كانت سقيمة ملحونة مسجوعة. أول خطوة خطاها هذا الفن في سيبل الكمال كانت بفضل الفرقة التي ألفها جورج أبيض بعون الخديوي عباس حلمي، وضم اليها صفوة الفنانين الذين أخرجهم الزمن أرشدتهم التجارب .
المجامع الأدبية :
المجمع العلمي العربي بدمشق :
كان إخواننا في الجمهورية العربية السورية أسبق الأمم إلي إنشاء المجامع العلمية على مواردهم وغل سواعدهم، كما كان اللبنانيون أسبقها إلى الترجمة والصحافة والتمثيل فقد أنشئ المجمع العلمي العربي بدمشق في اليوم الثامن من شهر يونيو سنة 1916 بعد دخول الآمة السورية في وصاية الدولة الفرنسية إجابة لمقترح الأستاذ محمد كرد علي وزير المعارف السورية يومئذ لأغراض كانت إذ ذاك (( تدور حول مسائل تعود بأسرها على إنعاش الآداب العربية ،وتلقين أصول البحث والدرس لنبهاء الدارسين .
مجمع اللغة العربية بالقاهرة :
وفي 14 منشعبان سنة 1315هجرية 3 ديسمبر 1932م صدر مرسوم ملكي بإنشاء مجمع ملكي للغة العربية يكون تابعا لوزارة التربية والتعليم في القاهرة والغرض منه:
· يحافظ علىسلامة اللغة العربية وان يجعلها وافية بمطالب العلوم والفنون في تقدمها، ملائمة علىالعموم لحاجات الحياة في العصر الحاضر، وذلك بأن يحدد في معاجم أو تفسير خاصة، أوبغير ذلك من الطرق ما يبنغي استعماله أو تجنبه من الألفاظ والتراكيب.
· أن يقوم بوضع معجم تاريخي للغة العربية، وان ينتشر أبحاثا دقيقة في تاريخ الكلمات وتغيرمدلولاتها.
جمال الدين الافغاني
حياته وأعماله :
والد السيد محمد جمال الدين بن السيد صفتر بقرية أسد آباد من أعمال كابل ببلاد الافغان في بيت كريم الاصل يجمع الى جلالة النسب الى الحسين سؤدد الإمارة على بعض الاقاليم الافغاني. ثم درج في بيئه وتأثر بطباع البداوة من حريه وحمية وأريحية وانفة.
ثم حذف في مراحل حياته وموطن رحلاته اللغات العربية والاوردية والفارسية والتركية والفرنسية والم بالإنجليزية والروسية فاتصل منها بثقافة الشرق والغرب في القدم والحديث. ثم أخذيطوف ما شاء الله أن يطوف في أقطار الهند ايران والحجاز ومصر وتركية وانجلترا وروسيا فآزداد بصراً بأحوال الدولة وأخلاق الشعوب .
ولم يبتغ من وراء هذه الصفات – كما قال – إلا سكينة القلب . وكان يحمد الله على أن آتاه من الشجاعة ما يعنيه على أن يقول ما يعتقد ويفعل ما يقول .
وقد آمن هذه الدعوة أيمانه بالله حتى رأى في سبيلها السجن رياضة والنفى سياحة والقتل شهادة، تولي الوزارة وهو في ريق شبابه لأمير محمد أعظم
وفي الآستانة استقبلة الصدر الاعظم استقبال التجله وأحله أعيان الدولة محل الكرامة. ثم عين عضواً في مجلس المعارف ،وتولي قيادة الارجاف شيخ الإسلام لحاجة في نفسه فتحلت عبقريته في التعليم والتنبيه والتوجيه. وأوفد بالزيت المقدس شعلته الوهاجة في البيت وفي القهوة .فعشا على ضوئها الهادي طلاب المعرفة وعشاق الحكمة من علماء وأدباء وساسة وقادة .
وأنتقلت الشعلة الى باريس وسطعت في ( العروة الوثقى ) وظلت السنتها ثمانية عشر شهراً تومض في جنبات الشرق كما تومض المنارة في المحيط حتي دلت على الغطيان ونمت باسرار القرصنة فآستقدمه شاه العجم واستوزره فلما أشار عليه بالشورى أشاح بوجهه عنه. واستزاره قيصر الروس واستخبره فلما نباه بحديث الشورى نفر .
نموذج من نثره :
كتب الى عبد الله باشا فكرى يعتب عليه وقد بلغة ان رجلاً ذمه أمام الخديوي على مسمع منه فسكت ولم يدافع عنه .
مولاي ان نسبتك الى هوادة في الحق وأنت – تقدست جبلتك – فطرت عليه وتخويض الغمرات اليه فقد بعت يقيني بالشك وان توهمت فيك حيدا ناص على الرشد وجوراً عن القصد وأنا موقن أنك مازلت على السداد غير مفرط فقد استبدلت عملي بالجهل. ولو قلت أنك من الذين تأخذهم لا لومة لائم وتقصدهم عن الصدق خشية ظالم وأنت تصدع به غير وان ولا ضجر ولوالب الباطل الكوارث المودية وأجرى عليك الخطوب الموبقة لكذبت نفسي وكذبني من يسمع مقالتي لأن العالم والجاهل والفطن والبي كلهم قد اجمعواعلى طهارة سبيتك ونفقاوة سريرتك واتفقوا على ان الفضائل حيث انت والحق معك اينما كنت لا تفارق المكارم ولو اضطررت وانت مجبول على الخير لا يحوم حولك شر أبداً ؛ ولاتصدر عنك نقيصة قصداً ولاتهن في قضاء حق ولا تني عن شهادة صدق – ومع ذا وهذا وذاك انك مع علمك بواقع أمري وعرفانك بسريرتي وسري أراك ما ذدت عن الحق كان واجبا عليك حمايته ولا صنت عهداً كانت عليك رعايته وكتمت الشهادة وأنت تعلم أنى ما ضمرت للخديوي ولا للمصريين شراً ولا أسررت لأحد في خفيات ضميري ضراً . وتركتني وأنياب النذل اللئيم ( فلان ) حتى نهشني نهش السبع الهرم العظام ضغينه منه على السيد إبراهيم اللقاني وإغراء من أعدائى أحزاب ( فلان ) ما هذا الظن بك ولا المعروف من رشدك وسدادك؛ ولا يطاوعني لساني – وان كان قلبي مذعناً بعظم منزلتك في الفضائل مقراً بشرف مقامك في الكمالات – أن أقول : عفا الله عما سلف إلا أن تصدع بالحق وتقيم الصدق وتظهر الشهادة إزاحة للشبهة وادحاضاً للباطل وإخزاء للشر وأهله . وأظنك قدفعلت أداء لفريضة الحق والعدل. ثم إني يامولاي أذهب الآن إلى لندن ومنها الى باريس مسلماً عليكم وداعياً لكم – والسلام عليكم وعلى أخي الفاضل البار أمين بك .
عميدهم بنظارة المعارف العمومية أبصرتهم يحبون العمل ويكرهون الكسل ويحضون على الفضيلة فعدت إلى بلادي ثم صرت أشتغل بهمة لا تعرف الملل ولا الانقطاع فكان حقا على الإنجليز أن يرفعوا عقيرتهم ويقوم خطباؤهم وشعراؤهم بالإفاضة والإسهاب في مدح مننجح في تقليدهم ومحاكاتهم في فضائلهم ممن يرحلون الى بلاههم من المصريين.
ناصيف اليازجي
نشأته وحياته :
ولد ناصيف بن عبد الله اليازجي بكفر شيما من قرى لبنان ونشا في بيت فضل وعلم وأدب. وبدأ بتعلم الهجاء على أحد القساوسة ومبادىء الطب على أبية. كان أذا وقع في يد مخطوط حفظة أو نسخة أو لخصه حتي غزرت مادته وكملت آلته وبلغ لحظة من المنثور والمنظوم .
نزل الشيخ بأهلة الى بيروت وأنقطع الى المطالعة والتاليف والتدريس ومراسلة الادباء ومساجلة الشعراء حتي منى في اعقاب عمره بفالج نصفي عطل شطره الأيسر . ثم فجع في بكر أولاده الشيخ الحبيب فضعضعت هذه الفاجعة قواة وهدت ركنه ولم يعش بعده إلا يسيراً ،
نثره وشعره :
ترسم الشيخ خطوات الحريرى وآنتهج نهجه فاولع بالبديع وآفتن في الصناعة وكلف بالغريب. وعالج المقامات فأنشأ منها ستين مقامة أجاد فيها التقليد وأتقن الاحتذاء وبلغ من الحلية اللفظية الغاية. واعجب بالمتنبي في الشعر كما أعجب بالحريري في النثر.
علمه ومؤلفاته :
آثار اليازجي تدل على مادة غزيرة في اللغة وآطلاع واسع في الادب واتقان عجيب لعلوم اللسان . فله كتاب مجمع البحرين وهو مجموع مقاماته الستين التي قلد بها الحريري. وله ( الجمانة ) ( وجوف الفراا ) وهما أطروحتان أولاهما في الصرف وأخراهما في النحو و( فصل الخطاب ) وهو مختصر في النحو والصرف (وعقد الجمان في عالم البيان) ( ونقطة الدائرة في العروض والقوافي) و ( قطب الصناعة ) في المنطق . ثم دواوين شعره وهي ( نفخة الريحان ) ( وفاكهة الندماء في مراسلة الأباء ) و ( ثالث القمرين ) . وأكثر كتبه مؤلف على نمط مدرسي ولا تزال تدرس في معظم المدارس اللبنانية المسيحية .
احمد فارس الشدياق
نشاته وحياته :
ولد هذا الكاتب اللغوى في عشقوت من أعمال لبنان من اسرة مارونية .ثم دخل مدرسة عين ورقة فتلقى مبادىء القراءة وبدأ يقرض الشعر وهو فى العاشرة من عمره .
ثم بعث به الأمريكان سنه 1834 الى مالطة ليصحح ما تخرجة مطبعتهم فيها. وأرسلت في طلبه وهو هناك جمعية التوراة بلندن ليحرر ترجمة أحمد باشا باي تونس فآتصل به الشدياق ومدحه فنفق لديه وظاهر الأمير ويتقلب في نعمة عليه وظل يكتب في الرائد التونسي ويتقلب في نعمة الباي .
وكان في سياسة الشرق مرجعاً وحجة . فسعى اليه المجد والثراء وخطب وده الأمراء والعلماء وكفأته الدولة العلية بالأقاب والأوسمة .
كان الشدياق متضلعاً من فنون الأدب متصرفاً في فنون الإنشاء من هزل ومجون ووعظ وأدب وسياسة . حافظاً لمفردات اللسان بصيراً بمذهب البيان يجيد النظم والنثر وكان أسلوبه منسجم التراكيب متساوق المعاني موفور الازدواج شديد الإطناب كثير الاستطراد ظاهر المبالغة .
مؤلفاته :
له غير الفصول التى نشرتها الجوائب في ثلاث وعشرين سنه كتب قيمة تدل على سعة اطلاعه وطول باعه . وأشهرها:
(سرالليال في القلب والإبدال) (الساق فيما هو الفارياق )(الجاسوس على القاموس) (كشف المخبا عن أوروبا) (الواسطة في أحوال مالطة)
الخطابه والخطباء
ظلت الخطابة في أول هذا العصر علىما كانت عليه في اواخر العصر العباسي لا تتعدي الجوامع والبيع ولا يقوم بها إلا فئة جاهلة ناقلة . فلما دعا داعي الثورة العرابية ظهرت الخطابه السياسية على السنة زعمائها واشهرهم السيد عبد الله نديم والشيخ محمد عبده وأديب إسحق واللقاني . ثم مرن عليها كثير من الوعاظ والأدباء وأقاموا الجامع الأسبوعية للخطايا في الأخلاق والدين والاجتماع والسياسة ولكن الخطابه لم تجعل عنها أعقاب العلة المزمنة إلا في عهد الزعيم الوطني مصطفي باشا كامل المتوفي سنه 1908 م فقد كانت له أمضى سلاح في الجهاده
عبد الله نديم
نشأته وحياته :
ولد السيد عبد الله بن مصباح بن إبراهيم في الاسكندرية ونشأ بها نشأة الاوساط فتعلم مبادى اقراءة والكتابة وحفظ القرآن في الكتاب وهو يومئذ في المدرسة الأولى لأبناء الشعب ولما ايفع داخل الاسكندرية معهد الاسكندرية في الجامعة الشيخ فأدرك قسطاً موفوراً من علوم الدين واللسان .
وأعجله طلب الرزق عن متابعة الطلب في المعهد فآنصرف عنه الى تعلم فن البرق ( التلغراف ) فتعلمة وتكسب عن طريقة حيناً من الدهر في ( تلغرافات الحكومة ) ؛ ثم فصل عن هذا العمل
فتعطى التتجارة في المدينة في المنصورة فلم تربح تجارته ولم يسلم رأس المال فعاد الى الاسكندرية
ثم الف السيد عبد الله رواية تمثيلية عنوانها ( مصر طالعة التوفيق ) ثم أخذت آراء الأفغاني تهفو بالنفوس وتعصف بالرؤوس فشغل النديم عن الجمعية والمدرسة وأنشأ جريدة ( التنكيت والتبكيت ) وهي أسبوعية كانت تلبس الجد ثوب الهزل . ثم أستبدل بها ( الطائف ) فكانت بوقاص من أبواٌ الثورةالعرابية .
ولما خبت نارها وقبض مشعولها أختفى عبد الله نديم عشر سنين قضاها متنكرا في كل زي متنقلا في كل بلد حتي قبض عليه فحبس أياما وعفا عنه الخديوي على أن يخرج من مصر الى حيث شاء . فاقام في فلسطين حقبة من الزمن عاد بعدها الى القاهرة مطلق السراح فأنشأ بها مجلة أدبية سماها ( الاستاذ ) انتشرت في مختلف ابيئات والجهات انتشاراً عجيبا أقض مضاجع الحكومة فنفته مرة أخري من البلاد .
أخلاقة ومواهبة :
كان السيد عبد الله نديم خطيبا موهوبا ذلق اللسان فصيح العبارة حاضرالبديهه سريع النكتة شديد التهكم عوضه الله من قلة العلم وضيق الاطلاع سلامة الطبع والادب وسماحة القريحة في الكتابة وغزارة البحر في الخطابة ثم تقلبت به الاحوال السياسية والاجتماعية فاتصلت أسبابه برجال الحكم وطال اختلاطة بقادة الشعب .
باغ في عمله بمخبآت الضمائر وأخذ بأعنة الكلام يصرفة في اى معنى شاء حتي قال فية السيد جمال الافغاني (( ما رأيت طول حياتي مثل عبد الله نديم توقد الذهن وصفاء القريحة وشدة العارضة ووضوح الدليل ووضوع اللفاظ وضعاص محكما بإزاء معانيها أذاخطب أو كتب))
مصطفي كامل
نشأته وحياته :
ولد زعيم النهضة المصرية وموقظ الروح الوطنية مصطفي كامل بالقاهرة سنة 1874 في بيت اشتهر بكرم الصلة وعفة النفس وصحة الدين ثم تلقى دروس الابتدائية والثانوية المصرية ثم دخل مدرسة الحقوق فنال إجازتها وسنه لم يتجاوز التاسعة عشر .
وداخل رجال السياسة في فرنسا وانجلترا ويستمد منه التوجيه والعون ومن هؤلاء امه الروحية السيدة جوليت ادم الفرنسية التي يقول لها في بعضرسائلة ( انني لا ازال صغيراً ولكن لى املاً كبيراً . أريد أن أوقظ في مصر الشيخة .
الشعر
لم ينل من عناية الأمراء العلويين ما نال العلم – على ندرته – كما كان العصر الماضي بسير التقليد والصنعة .ثم أدركته من الهبة العامة في عهد الخديوي إسماعيل فتردد ذكره على ألسنة شعرائه وندمائه .وكان البارودي أول من أقم عمود الشعر وجدد دارس القريض ،فترسم خطي الفحول من شعراء العباسيين وحكاه الناشئون من شعراء العصر ،ونشاط الحركة العلمية. وقصدوا إلى اقتناه النفوس وتحليل الأشخاص ،وتعليل الأشياء ،ومناجاة الطبيعة .
ومما يملأ النفس أسفا ودهشة أن شعراء اليوم منوا بالجمود والأذهان ثائرة وأصيبوا بالإصغاء واسباب القول وافرة فالشعب فاتر الشعور ثائر الفكر يجاهد في سبيل وجوده وحريته بدمه وماله وهم قاعدون تحت الجدر يتثاءمون
ويتمطون على دفء الشمس تاركين الجيش من غير موسيقى ،اللهم إلا صدحات
من أمير الشعراء شوقي وشاعر النيل حافظ إبراهيم ،
أحمد شوقي
نشأته وحياته :
ولد احمد شوقي ابن احمد شوقي بالقاهرة ونشأ بها .أما أصله فقد سمع أباه يرده الى الأكراد فالعرب ويقول إن والده قد قدم الى هذه الديار يافعا يحمل وصاة من احمد باشا الجزار إلى والى مصر محمد على باشا فأدخله في معينة ،وظل يتقلب في المناصب السامية حتى أقامه سعيد باشا أمينا للجمارك المصرية وظل يتدرج في المناصب حتى تولي رياسة القلم الإفرنجي في عهد الخديوي عباس الثاني ونفق لدى هذا الأمير حتى كانت شفاعته عند ذوي الحكمة لا ترد واشارته لا تخالف ولما شبت الحرب العالمية الأولى خلعت إنجلترا بقوة الاحتلال الخديوي عن عرش مصر ورأى أولوا الأمر يومئذ أن يغادر احمد شوقي البلاد، فاختار برشلونة من أعمال أسبانيا مقرا له ولأسرته ولم يعد إلى مصر إلا بعد أن عاد السلام إلى العالم. ولكن صلته الوثيقة بالنظام القديم، ومدائحه المروية في الخديوي المنفي ما زالت توهي بينه وبين القصرأسباب الثقة والتقريب .
شوقي الشاعر :
يكاد النقاد يجمعون على أن احمد شوقي كان تعويضا عادلا عن عشرة قرون خلعت من تاريخ العرب بعد المتنبي لم يظهر فيها شاعرموهوب يصل ما انقطع من وحي الشعر ،ويجدد ما اندرس من نهج الأدب .
كان شوقي ينقل شعره عن طبع دقيق ،وحس صادق وذوق سليم ،ورح قوي ، وهو كالمتنبي في أنه تصرف بين الناس فلابس أوليائهم وخالط دهمائهم حتى عرف كيف يصف طبائعهم ويصور منازعهم .وهومثله في إرسال البيت النادر ،والمثل السائر ،والحكمة العالية .
وشوقي محافظ في دينه ولغته وفنه ،يكثر التردد لأسماء الأنبياء والخلفاء والكتب المنزلة، والأماكن المقدسة ويؤثر النسج على منوال الفحول من شعراء بني العباس ،والنظم في البحور الطويلة .
ثم عالج شوقي الشعر التمثيلي ،فنظم رواياته المعروفة ،مصرع كليوباترا ومجنون ليلى ،وقمبيز ،وعلي الكبير ،والست هدى فكان بهذا التجديد الشاعرالعربي الكامل ،وقد جمع شعره في ديوان يقع في أربع أجزاء .وله غيره في الشعر كتاب (عظماء الاسلام ) ولشوقي نثر مسجوع لا يختلف عن الشعر إلا في الوزن ،جمع طائفة كبيرة منه في كتاب اسمه (أسواق الذهب).
الخاتمة
فتحت في القاهرة مدرسة الألسن ودار الترجمة أقيمت المطبعة المصرية على أنقاض المطبعة الأهلية التي جاء بهاالفرنسيون إلى مصر وذهبت بذهابهم ،أنشئت الوقائع المصرية وهي أول صحيفة عربية في الشرق فكان ذلك وقودا جزلا للقبس الذي أقامه نابليون في مصر ونفخ فيه محمد علي فذكا واشتعل وامتد لهيبة إلى بلاد الشام والي سائر بلاد العرب ومشي علي نفس الدرب الأميربشير الشهابي في لبنان أعانه على ذلك النصرانية من الأمريكان والفرنسيين بإنشائهم المطابع والمدارس وتأليف الكتب وإصدارهم المجلات وتعليمهم التمثيل واعتمادهم في كل اؤلئك على اللغة العربية حتى تخرج في معاهدهم صفوة الكتاب والشعراء والمترجمون الصحفيين من أهل لبنان .
فلما جلس إسماعيل على أريكة الخديوي سنة 1863 م فتح مااغلق من معاهد وزاد عليها .فالنشا المدارس للعلوم والطب والحرب ،وعاز إلى إرسال البعوث إلى فوربا أسس نظارة المعارف وعهد إليها أمر التعليم ،وأنشأ المكتبة الخديوية وبني مدرسة المعلمين وبسط يده للمؤلفين ونشر ألوية المدينة والسكينة علي ربوع البلاد.
ثم دهانا الاحتلال الإنجليزي سنة 1882 وكل شيء يتحفز للنهوض ويتوث بإلى الرقي فكأنما ألقيت الماء علي النار ،أغلقوا البعوث والمدارس أبطلوا المجانية أهملوا اللغة العربية وجعلوا التعليم كله بالإنجليزية وقصروه على تخريج عمال للحكومة لا لإعداد رجال للشعب ولكن الأمة المصرية استطاعت أن تقف علي رجليها فهب رجالها يطلبون سيادة لغتهم في بلادهم ويقومون هم بتعليم أولادهم فعادت اللغة الى المدارس ورجعت البعوث إلى اروبا
م/ن
والله يعطيج العافية
شٌكُرأ لجٌ
شٌكُرأ لجٌ
يزاج ربي الف خير..
تسلم يمناج ما قصرتي,,
الحمد لله الذي أنزل القرآن بلسان عربي مبين ، والصلاة والسلام على من هو أفصح العرب والعجم محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وصحبه أجمعين:
أولا: أهمية اللغة العربية من الناحية العقيدية:
من المعلوم أن اللغة هي رباط شاء الله سبحانه وتعالي أن يجعله من الصلات التي تشد البشر بعضهم إلي بعض ولذلك كانت ميزة آدم عليه السلام في معرفة أسماء المسميات وقد امتحن الله تبارك وتعالي ملائكته بأن سألهم عن هذه الأسماء فعجزوا عن الحديث عنها واختبر آدم عليه السلام فنجح في هذا الاختبار وكان ذلك سببا لرفع شأنه وإعلاء قدره في الملأ الأعلى ,ذلك لان الجنس البشري _كما هو معلوم _جنس اختاره الله تعالي لأن يكون اجتماعيا بفطرته ، ومدنيا بطبعه فهو بحاجة إلي التفاهم ،وما يتبع هذا التفاهم من التعاون ،ولذلك امتن الله سبحانه في كتابه العزيز بتعليم الناس البيان يقول جل وعلي (الرحمن -علم القرآن _خلق الانسان_ علمه البيان) والبيان من مزايا هذا الانسان . ولذلك فإن الناس الذين يجمعهم المبدأ الواحد والفكر الواحد هم بحاجة إلي أن تكون لهم لغة تربط جميع فئاتهم وتصل بين جميع أطرافهم وتكون وسيلة للتفاهم بينهم واللغة العربية هي التي يجب أن ترشح لذلك ، لأنها لغة القرآن والقرآن هو كتاب المسلمين جميعا وكذلك هى لغة العبادة ،فالمسلم _ أيا كان _ عندما يمثل بين يدي الله سبحانه وتعالي يخاطب الله بلسان عربي مبين فيقول(إياك نعبد_وإياك نستعين) ولا فرق في ذلك بين عربي وأعجمي ولا بين ابيض واسود ولا بين جاهل وعالم لأنها لغة مشتركة بين جميع المسلمين ولم تعد ملكا للعرب . بعد أن نزل بها القرآن واختارها الله سبحانه وتعالي لأن تكون وعاء لكلامه فهي لغة العرب والعجم من جميع المسلمين ،ولذلك فإنني عندما أغار علي هذة اللغة ،لا أغار عليها من منطلق العصبية القومية الجاهلية ،وانما أغار عليها لأنها لغة الإسلام ولأنها لغة القرآن, المحافظة عليها محافظة علي قيم الإسلام التي جاء بها الكتاب الكريم وجاءت بها السنة النبوية علي صاحبها افضل الصلاة والسلام ولأننا لا نستطيع ان ندرك معاني القرآن الكريم ونفهم العقيدة الحقه ،ونصل إلي أسرار الشريعة الغراء ونعرف أحكام ديننا الحنيف إلا من خلال إطلاعنا علي هذه اللغة ومعرفتنا الدقيقة بها .
ثانيا: أهمية اللغة العربية من الناحية الحضارية :
لقد شاء الله تعالى أن تمر العربية كغيرها من اللغات بمراحل ، فقد هذبتها الألسن العربية وطوّرتها طورا بعد طور إلى أن تهيأت لأن تكون وعاءً لكلام الله عندما نزل بها القرآن على قلب المصطفى عليه الصلاة والسلام ، وقد كان العرب في ذلك الوقت على ذروة الفصاحة والبلاغة وكانت الجزيرة زاخرة بالجم الغفير من الخطباء والشعراء الذين يلقون الحديث العربي قصيده ورجزه ونثره ونظمه وهم يتبارون في هذا المضمار ويتفاخرون بالسبق إلى قصبات السبق فيه .
وقد كانوا يجتمعون في أسواقهم التي كانت تعقد في الحجاز من أجل هذا التباري وكانوا يتقنون التعبير ولا يحتاجون إلى وضع ضوابط لها لأنهم نشأوا عليها فهم يتقنونها بالسليقة وبالممارسة وما كانت تشوبهم عجمة في حديثهم ، فكان المخطئ منهم يُعرف خطؤه بالبديهة . وعندما دخلتْ الشعوب في دين الله أفواجا احتاج الناس إلى ضوابط لهذه اللغة وذلك لسببين :
الأول: أن تلك الشعوب لم تكن عندها الملكة العربية التي كانت عند العرب.
الثاني : أن العرب أنفسهم شابتْ عربيتهم شوائب من العجمة بسبب الاختلاط فاحتاجوا إلى وضع هذه االضوابط على أن معظم الأئمة الذين خدموا العربية وبحثوا فنونها وتعمقوا في دراسة إشتقاقاتها ووضعوا الضوابط لها هم من غير العرب كالأخفش وسيبويه والفراء والكسائي … وهم مع ذلك يفتخرون ويعتزون وكل ذلك من أجل خدمة القرآن ومن أجل الحفاظ على معرفة معانيه وإعجازه .
ولذلك فإنه من العار على المسلم أن يحسن اللغات الأجنبية ومن بينها لغات المحتلين الذين استذلوه واستعبدوه ، وأنْ يفاخر بإتقانها وهو لا يتقن اللغة العربية .
والمسلمون هم أحوج الناس لهذا التواصل الحضاري من خلال التفاهم بهذه اللغة وهذا أمر مهيأ بدليل أن غير العرب يعتنون بهذه اللغة ويتفوقون على العرب فيها، من أمثلة ذلك أنه في بريطانيا نُظْمَتْ مسابقة شعرية باللغة العربية الفصحى ، واشترك فيها الكثير من الشعراء وكان الفائز الأول هو شاعر من سنغاليا بقصيدة له في مدح النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مطلعها :
هجرت بطاح مكة والهـضابا
وودعت المنازل والرحابا
اتخذت من الدجى يا بدر سترا
ومن رهبوت حلكته ثيابا
وهذا الشاعر مسلم غير عربي ولكن القرآن جعله يعتني بالعربية .
فنحن يجب أن نكون أحرص الناس على العربية لأنها لغتنا ولأنها لغة الصلاة لكل مسلم ، وهي لغة الحضارة والزمن القادم يرفض أية لغة سواها إن نحن بقينا نعتز بها ومع ذلك فهي خالدة بخلود القرآن ، ويجب علينا تعلمها والدفاع عنها من أي دخيل يحاول أن يقلل من شأنها وأن يسلك طريقا غيرها من الذين يدّعون التطور ومسايرة الركب الحضاري ولو على حساب اللغة والدين ، ومن واجبنا نحن العرب أن نحرص على استخدامها فيما بيننا وخاصة في المؤسسات التعليمية كالجامعات والكليات المختلفة لأنها رابط عربي وثيق .
وعلينا أن ننتبه من الدعوات المعاصرة والتي تنادي باستخدام اللغة العامية المحلية أو خلط العامية بالعربية كما هو الحال عند بعض الشعراء المتأثرين بالفكر الاشتراكي من مدعى الحداثة وغيرها ، أو أولئك المستسلمين لأحوال سواد الناس والذين يمزقون العربية راكبين غمار الشعر النبطي مدعين أن الناس اليوم تحبه والجمهور كلهم عليه ومعه .
إن هذا الكلام هو الاستسلام بعينه والتخلي عن المبادئ والقيم وضعف الشخصية وعدم الثقة بالنفس وإلا كيف ننزل إلى أسفل سافلين بحجة الجاهلين والذين لا يهمهم من سماع الشعر غير الضحك وترقيص الأجساد والأسنان وهم عن العربية وحبها بعيدون بعد المشرق عن المغرب. فأين حبنا للعربية فلو أحببنا العربية لما تنازلنا عنها من أجل عامة الناس ومن أجل الذين لا صلة لهم بالأدب وتذوقه.
فهل عرفنا قدر العربية وأعطيناها كلنا لتعطينا بعضها .
أنا البحر في أحشائه الدر كامن
فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
شٌكُرأ لجٌ
محمود يلواج الخوارزمي شخصية مجهولة من الغالبية الساحقة لدى المثقفين المعاصرين، ولم يذكر في أعلام الزركلي، ولا حتى في ذيل الأعلام لأحمد العلوان. وليس له ذكــــر في الموسوعة العربية العالميـــة، ومع هـــــــذا فقد أنقذ الله بهذه الشخصية الفذة ملايين المسلمين من أن يفتك بهــــم الحكم المغولي (التتاري).
وقبل أن نلقي الضوء على هذه الشخصية التاريخية الفذة علينا أن نلقي الضوء، على أكبر إمبراطورية عرفها التاريخ، كما تقول الموسوعة العربية العالمية، والتي امتدت من الصين شرقاً حتى بولندا غرباً، ومن ســهول سيبيريا شمالاً إلى الهند جنوباً.
لقد أسس جنكيز خان (1162-1227م) هذه الإمبراطورية الضخمة من قبائل المغول، وقبائل القرغيز، كما كان يسميها المؤرخون المسلمون، ونظم توميجين (وهو الاسم الأصلي لجنكيز خان) هذه القبائل القوية والشرسة تنظيماً عسكرياً فذاً، وانطلق من كاراكوم (قرة قوم)، واحتل أجزاءً واسعةً من الصين، ثم انطلق غرباً وجنوباً فدمر الدولة الخوارزمية الباذخة التي كانت تحكم أراضي آسيا الوسطى (أوزبكستان وقازاخستان وقرغيزيا وتركمانستان) وامتدت إلى أفغانستان وأجزاءً واسعة من إيران، ولكن هذه الدولة الباذخة أنهكتها الخلافات الداخلية والترف، ولم تتصور قوة جنكيز خان، واستهانت به، فدمرها تدميراً، وأصبحت خوارزم وبخارى وسمرقند وما بينهما خراباً ودماراً.
أبناء جنكيز خان
وكان لجنكيز خان أربعة من الأبناء هم: جوجي وهو الابن الأكبر، وجغتاي، وأواكداي، وتولوي،فأما جوجي فقد أظهر منذ شبابه الباكر انتقاداً لدموية والده، وقد نقل المؤرخ الروسي الشهير بارتولد عن الجوزجاني أن جوجي قال لخاصته وحاشيته "إن والده القاآن الأعظم جنكيز خان قد فقد عقله كي يقتل مثل هذا الخلق ويخرب مثل هذا العدد من البلاد". وقد نما هذا الخبر إلى جغتاي الابن الثاني لجنكيز خان ما قاله أخوه، فأسرع بنقل الخبر إلى والده الذي أمر بسم جوجي سراً.
وتتحدث الروايات أن جوجي كان فيما بين الثلاثين والأربعين حين سمه والده، ولم يلبث جنكيز خان إلا بضعة أشهر بعد وفاة جوجي، ومات جنكيز خان في أغسطس سنة 1227م (625هـ) بعد أن ترك لأولاده إمبراطورية مترامية الأطراف.
وتولى أوكداي منصب الخان الأعظم ومركز حكمه بلاد المغول والصين، ويعتبر -اسمياً -رئيساً لإخوته الذين تولوا بقية أرجاء الإمبراطورية، وكان أوكداي أقل دموية من والده بكثير ونقل عنه المؤرخون أنه قال: "إن مليكنا جنكيز خان قد أقام أسس بيتنا بجهد جبار، أما نحن الآن فمهمتنا تحقيق السلام والرفاهية". وكان أوكداي يحتاج إلى الأكفاء فولى محمود يلواج أمر بلاد ماوراء النهر (التركستان) بعد أن ضبط له أمر الإدارة في الصين، فأقام محمود يلواج في خوقند، وبتوليه الوزارة رفع الاضطهاد عن المسلمين، وأعاد بناء بخارى وسمرقند وكركانج وخوارزم، وأصبحت بعد عشر سنوات فقط من دمارها مدناً عامرة مرة أخرى، كما يقول المؤرخ الروسي الشهير بارتولد في كتابه الضخم التركستان.
الخوارزمي العادل
وقد وصف ابن الفوطي في كتابه "مجمع الآداب" محمود يلواج بما يلي: "فخر الدين أبو القاسم محمود بن محمد، يُعرف بيلواج الخوارزمي وزير الخاقان (الخاقان هوالرئيس الأعلى لدولة المغول وهو أوكداي ابن جنكيز خان)، من أعيان دولة جنكيز خان (أي الإمبراطورية التي أسسها جنكيز خان، ولم يتول محمود يلواج أي منصب في زمن جنكيز خان)، والعظماء والوزراء في هذا الزمان، وعليه مدار الملك في المشرق، وإليه تدبير ممالك تركستان وبلاد الخطل وماوراء النهر وخوارزم، وكان مع هذا الحــــكم والدهاء كاتباً سديداً يكتب بالمغوليــــة والإيغــورية والتركية والفارسية، ويتكلم بالخطائية والهنـــــدية والعربيــة، وكان في غاية الفهم والذكاء والمعرفة".
ووصفه جمال قرشي المؤرخ بأنه "أعدل وزراء الخواقين، ضابط الممالك وحارس أهل الإسلام من المهالك، ويقول عنه :"عُمرت البلاد بيده وانتعشت البلاد بعدله".
وقد أثنى المؤرخون المسلمون ومنهم الجويني على محمود يلواج وابنه مسعود الذي تولى بعده الوزارة وكيف استردت البلاد في عهدهما رخاءها السابق، وبلغت بخارى بعد خرابها شأواً بعيداً من الرقي والحضارة.
وقد كان لمحمود يلواج فضل كبير في تجنيب المسلمين كثيراً من المهالك والمجازر التي كان يهم بها جغتاي ابن جنكيزخان، والذي كان يحقد على المسلمين حقداً شديداً، وقد سنحت الفرصة لجغتاي لإقامة المذابح للمسلمين عندما ثار أهل بخارى ومن حولها بقيادة شخص صوفي يدعى تارابي الذي رأى من الواجب طرد المغول من بخارى، وعندما قُتل في المعركة انهزم أنصاره، وأراد المغول بقيادة جغتاي إبادة المسلمين وتخريب بخارى مرة أخرى إلا أن محمود يلواج استطاع أن يوقف جغتاي باصدار أمر من القاآن الأعظم أوكداي بالعفو عن أهل بخارى ودخولهم في طاعته مرة أخرى.
وقد استطاع محمود يلواج أن يتقرب إلى أسرة جوجي بن جنكيز خان أيضاً واستطاع أن يقنع أرملة جوجي بأن يتولى المسلمون تربية ابنها الأصغر الذي تسمى باسم بركة خان، ويقول الجوزجاني المؤرخ إن جوجي نفسه قبل وفاته عهد بتربية ابنه الأصغر إلى المسلمين، وتولى تربيته أحد العلماء الأتقياء في خجند ( أوزبكستان اليوم)، وقد قرأ بركة خان القرآن وتعلم تعاليم الإسلام منذ كان صبياً في العاشرة من عمره، ولذا أصبح بركةً على المسلمين عندما تولى الحكم في الأورد (القبيلة) الذهبي (وهي إحدى أهم قبائل المغول) بعد وفاة أخيه الأكبر باتو الذي كان أيضاً متعاطفاً مع المسلمين إلى حد ما، وقد استمر حكم بركة خان من عام (654-665هـ) (1256-1267م) وانتشر الإسلام في القبيلة الذهبية في عهده انتشاراً واسعاً، ولم يسمح لأحد بأن يأكل الخنزير في معسكره، وتحول أغلب جنوده وضباطه إلى الإسلام، امتد سلطان القبيلة الذهبية إلى روسيا وحوض نهر الفولجا الذي أصبح نهراً إسلامياً في عهد خلفائه، وحكم خلفاؤه موسكو وبولندا وأقاموا مدينة قازان المشهورة، ثم أقاموا مدينة استراخان (الحاج طرخان) شمال بحر قزوين على نهر الفولجا، وكانت حاضرتهم مدينة الســـــــرا أيضاً على ضفاف نهر الفولجا، ولم يكن أميـــــر موســـكو يتصرف إلا بعد أن يأذن سلطان قازان، واستمر ذلك مائتي عام كاملات.
سياسة حكيمة ممتدة
وفي عهد محمود يلواج شيدت كثير من المعاهد والمدارس العلمية، وقد قام ابنه مسعود من بعده بنفس سياسة والده الحكيمة، وقد أشاد المؤرخون بمدرسة مسعود ببخارى، والمدرسة الخانية التي شيدت على نفقة أرملة تولوي الملكة سور ققتني بيكي، وقد استغرب المؤرخ الروسي الشهير بارتولد من نفوذ مسعود بن محمود يلواج على الملكة سور بيكي مما جعلها تنفق نفقة ضخمة على مدرسة إسلامية، بينما كانت هي نفسها نصرانية، وقد أقام مسعود مثل والده العديد من المدارس في أرجاء البلاد منها المدرسة المسعودية بكشغر (وهي الآن في التركستان الشرقية والمعروفة باسم سينكيانغ)، وتولى الشاعر الفقيه الصوفي سيف الدين باخرزي أمر هذه المدرسة كما تولى من قبل مدرسة كبيرة في بخارى.
وهكذا نجد مثالاً رائعاً في شخصية محمود يلواج الخوارزمي وابنه مسعود في كيفية حماية المسلمين من بطش المغول وإعادة إعمار البلاد بعد خرابها وإقامة المعاهد والمدارس الإسلامية، بل ونشر الإسلام بين صفوف المغول وقادتهم مستعيذين بالله ثم بالعلماء العاملين في نشر الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وكان للمرأة المسلمة في هذه العملية دور بارز ومشرف، فقد دخل النساءإلى قصور المغول وأقنعن الأميرات بميزات الإسلام فتحول من تحول منهن إلى الإسلام، وتم تحييد الأخريات، بل تم إيجاد التعاطف من هؤلاء الأميرات، كما أوضحنا في قصة الملكة سور ققتني بيكي أرملة الخان تولوي ابن جنكيز خان التي شيدت المدارس الإسلامية على نفقتها رغم أنها لم تكن مسلمة.
إننا محتاجون في هذا الزمن وهذا الظرف التاريخي إلى حكمة محمود يلواج وابنه مســـعود ومجمــوعة الدعاة الذين اســــتطاعوا بفضل الله رجالاً ونســــاءً من تحويل كثير من أمراء المغول وقوادهم وعامة شعبهم إلى الإسلام.
وهكذا تحول المغول إلى قوة للإسلام (على ما كان من جهل كثير منهم وبطشهم) بدلاً من أن يكونوا أداة لتدميره وتدمير أراضي المسلمين كما فعل جنكيز خان وهولاكو .
إننا الآن نحتاج إلى حكمة وصبر واستمرار في التعريف بالإسلام بكل صوره وأشكاله، والالتجاء إلى الله حتى يكشف الله الغمة ويرفع شأن هذه الأمة
م/ن
بآرك آلله فيج , مآنخلآ ..
بارك الله فيج
يزاج ربي الف خير,,
وعساج عالقوة,,
موفقين يارب,,
آلسلآم عليكم ..
..مشكورهـ غآليتي
[إمآرآتيه حلوه]..
..ربي يوفقج
الشنفرى
? – 70 ق. هـ / ? – 554 م
عمرو بن مالك الأزدي، من قحطان.
شاعر جاهلي، يماني، من فحول الطبقة الثانية وكان من فتاك العرب وعدائيهم، وهو أحد الخلعاء الذين تبرأت منهم عشائرهم.
قتلهُ بنو سلامان، وقيست قفزاته ليلة مقتلهِ فكان الواحدة منها قريباً من عشرين خطوة، وفي الأمثال (أعدى من الشنفري). وهو صاحب لامية العرب، شرحها الزمخشري في أعجب العجب المطبوع مع شرح آخر منسوب إلى المبرَّد ويظن أنه لأحد تلاميذ ثعلب.
وللمستشرق الإنكليزي ردهوس المتوفي سنة 1892م رسالة بالانكليزية ترجم فيها قصيدة الشنفري وعلق عليها شرحاً وجيزاً .
الشنفرى هو من شعراء الصعاليك والصعاليك هم فئة من فتيان الجاهلية خلعتهم قبائلهم وتبرأت منهم، إما لسوء تصرفاتهم أو لسواد وجوههم .
فلما رأوا أنفسهم منبوذين وهم من أبناء القبائل نظموا أنفسهم في جماعات ، لكل جماعة قائد وأطلقوا على أنفسهم اسم الصعاليك.
والصعلوك معناه الفقير ، ولكن معنى الكلمة اتسع وصار له معنى آخر فأصبح يعني نوعا من الفتوة ،لأن الصعاليك جعلوا شعارهم التشرد والغزو وقطع الطريق على الأغنياء ونهب أموالهم وإعطاءها للفقراء .
وكان زعيم الصعاليك في بلاد نجد عروة بن الورد التميمي أما في تهامة فكان زعيمهم تأبط شرا.
ومن الصفات التي لازمت الصعاليك وتمدحوا بها :قلة النوم وسرعة الجري وتحمل المشاق وقلة الشكوى والشجاعة التي لا تعرف الخوف ومن الصعاليك من زعم أنه تزوج في تشرده غولا وانجب منها أولادا وهم يزعمون أن الغول هي من الجن ويروون قصصا عن مغامراتهم معها في ليالي الشتاء .
والشنفرى من عشيرة الإواس بن الحجر الأزدية اليمنية فهو قحطاني النسبومعنى الشنفرى أي الغليظ الشفاه وأمه حبشية وقد ورث عنها سوادها وقد ورث عنها سوادها ولم ينشأ في قبيلة الأزد وغنما في قبيلة فهم ويضطرب الرواه في سبب نزوله مع أمه واخ له بها وربما أقرب ما يروونه أن قبيلته قتلت أباه فتحولت أه عنها إلى بني فهم …ويقال أن الذي روضه على الصعلكة وقطع الطرق هو تأبط شرا وهو خاله ومازال يغير على الأزد وينكل بها حتى قتل تسعة وتسعين انتقاما لأبيه لكنهم رصدوا له كمينا فيقع فيه ويمثلون به تمثيلا فظيعا يقطعون جسده تقطيعا ويقال أن رجلا عثر بجمجمته فعقرته فمات وبذلك يبلغ قتلاه من الأزد المائة
و هو صاحب القصيدة الجاهلية المشهورة (لامية العرب ) الذي يقول فيها :
أقيموا بني أمي ، صــــــدورَ مَطِيكم
فإني ، إلى قومٍ سِـــــواكم لأميلُ !
فقد حـمت الحــاجــاتُ ، والليلُ مقمرٌ
وشُـــدت ، لِطياتٍ ، مطايا وأرحُلُ
وفي الأرض مَنْأىً ، للكــريم ، عن الأذى
وفيها ، لمن خــــاف القِلى ، مُتعزَّلُ
لَعَمْـرُكَ ، ما بالأرض ضــيقٌ على أمرئٍ
سَـــرَى راغباً أو راهباً ، وهو يعقلُ
ولي ، دونكــم ، أهـلونَ : سِيْدٌ عَمَلَّسٌ
وأرقطُ زُهــلـول وَعَـرفـاءُ جـيألُ
هــم الأهلُ . لا مستودعُ الســرِّ ذائعٌ
لديهم ، ولا الجـــاني بما جَرَّ ، يُخْذَلُ
وكــلٌّ أبـيٌّ ، باسـلٌ . غيـر أننــي
إذا عرضت أولـى الطـرائدِ أبســلُ
وإن مـدتْ الأيـدي إلى الزاد لم أكــن
بأعجلهم ، إذ أجْشَــــعُ القومِ أعجل
وماذاك إلا بَسْـطـَةٌ عــن تفضـــلٍ
عَلَيهِم ، وكان الأفضـــــلَ المتفضِّلُ
وإني كفـاني فَقْدُ مــن ليس جـــازياً
بِحُســنى ، ولا في قـربـه مُتَعَلَّــلُ
ثـلاثـةُ أصحـابٍ : فــؤادٌ مشـيـعٌ
وأبيضُ إصـليتٌ ، وصــــفراءُ عيطلُ
هَـتوفٌ ، من المُلْسِ المُتُــونِ ، يـزيـنها
رصـائعُ قــد نيطت إليها ، ومِحْمَـلُ
إذا زلّ عنهــا الســـهمُ ، حَنَّتْ كأنها
مُــرَزَّأةٌ ، ثـكـلى ، تـرِنُ وتُعْــوِلُ
ولســتُ بـمهيافِ ، يُعَـشِّى سَوامـهُ
مُـجَـدَعَةً سُـقبانـها ، وهـي بُـهـَّلُ
ولا جـبـأ أكهــى مُـرِبِّ بعرسـِـهِ
يُطـالعها في شــــأنه كيف يفعـلُ
ولا خَـرِقٍ هَيْـــقٍ ، كأن فُــؤَادهُ
يَظَـلُّ به الكَّـاءُ يعلو ويَسْــــفُـلُ
ولا خــالفِ داريَّـةٍ ، مُـتـغـَـزِّلٍ
يــروحُ ويـغـدو ، داهــناً ، يتكحلُ
ولستُ بِعَلٍّ شَــــرُّهُ دُونَ خَـيرهِ
ألفَّ ، إذا ما رُعَته اهــــتاجَ ، أعـزلُ
ولســتُ بمحيار الظَّلامِ ، إذا انتحت
هدى الهوجلِ العســـيفِ يهماءُ هوجَـلُ
إذا الأمعزُ الصَّوَّان لاقى مناســـمي
تطـاير منه قـــــــــادحٌ ومُفَلَّلُ
أُدِيمُ مِطالَ الجـــــوعِ حتى أُمِيتهُ
وأضربُ عنه الذِّكرَ صـــــفحاً ، فأذهَلُ
وأسـتفُّ تُرب الأرضِ كي لا يرى لهُ
عَليَّ ، من الطَّـــــــوْلِ ، امرُؤ مُتطوِّلُ
ولولا اجتناب الذأم ، لم يُلْفَ مَشــربٌ
يُعــاش بـه ، إلا لـديِّ ، ومــأكــلُ
ولكنَّ نفســـاً مُـرةً لا تقيمُ بــي
على الضــيم ، إلا ريثمــا أتـحــولُ
وأطوِي على الخُمص الحوايا ، كما انطوتْ
خُــيـُوطَــةُ مـاريّ تُـغـارُ وتفتــلُ
وأغدو على القوتِ الزهـــيدِ كما غدا
أزلُّ تـهـاداه التَّـنائِـفُ ، أطــحـــلُ
غدا طَـاوياً ، يعارضُ الرِّيـحَ ، هـافياً
يخُـوتُ بأذناب الشِّــــــعَاب ، ويعْسِلُ
فلمَّا لواهُ القُـــــوتُ من حيث أمَّهُ
دعــا ؛ فأجـابتـه نظــــائرُ نُحـَّـلُ
مُهَلْهَلَــةٌ ، شِيبُ الوجـوهِ ، كأنــها
قِـداحٌ بكـفـيَّ ياسِــرٍ ، تـتـَقَلـْقَـلُ
أو الخَشْــرَمُ المبعوثُ حثحَثَ دَبْــرَهُ
مَحَابـيـضُ أرداهُـنَّ سَـامٍ مُـعـَسـِّـلُ
مُهَرَّتَةٌ ، فُــوهٌ ، كـــأن شُـدُوقها
شُقُوقُ العِصِــيِّ ، كالـحـاتٌ وَبُسَّــلُ
فَـضَـجَّ ، وضَـجَّتْ ، بِالبَرَاحِ ، كأنَّها
وإياهُ ، نــوْحٌ فـوقَ عــلياء ، ثُكَّـلُ
وأغضى وأغضتْ ، واتسى واتَّســتْ بهِ
مَـرَامـيلُ عَـزَّاها ، وعَـزَّتهُ مُـرْمِــلُ
شَكا وشـكَتْ ، ثم ارعوى بعدُ وارعوت
ولَلصَّـبرُ ، إن لم ينفع الشــــكوُ أجملُ!
وَفَـاءَ وفـــاءتْ بادِراتٍ ، وكُــلُّها
على نَكَـظٍ مِمَّا يُكـاتِمُ ، مُـجْــمِـلُ
وتشربُ أســـآرِي القطا الكُدْرُ ؛ بعدما
سـرت قـرباً ، أحـناؤها تتصـلصــلُ
هَمَمْتُ وَهَمَّتْ ، وابتدرنا ، وأسْـــدَلَتْ
وَشَــمــَّرَ مِـني فَــارِطٌ مُتـَمَهِّـلُ
فَـوَلَّيْتُ عنها ، وهي تكــــبو لِعَقْرهِ
يُباشـرُهُ منهـا ذُقـونٌ وحَوْصَــــلُ
كأن وغـاها ، حـجـرتيهِ وحـــولهُ
أضاميمُ من سَــفْـرِ القـبائلِ ، نُــزَّلُ
توافـينَ مِن شَـتَّى إليهِ ، فضَــــمَّها
كما ضَـمَّ أذواد الأصـاريم مَـنْـهَــل
فَعَبَّتْ غـشــاشــاً ، ثُمَّ مَرَّتْ كأنها
مع الصُّــبْحِ ، ركـبٌ ، من أُحَاظة مُجْفِلُ
وآلف وجه الأرض عند افتراشــــها
بأهـْدَأ تُنبيه سَـناسِـنُ قُـحَّـــــلُ
وأعـدلُ مَـنـحـوضاً كـأن فـصُوصَهُ
كِـعَـابٌ دحـاها لاعـبٌ ، فهـي مُثَّلُ
فإن تبتئس بالشــنــفـرى أم قسـطلِ
لما اغتبطتْ بالشــنـفـرى قبلُ ، أطولُ !
طَـرِيدُ جِـناياتٍ تياســرنَ لَــحْـمَهُ
عَـقِـيـرَتـُهُ فـي أيِّـهـا حُــمَّ أولُ
تـنامُ إذا ما نام ، يـقـظى عُـيـُونُـها
حِـثـاثـاً إلى مكـروهـهِ تَـتَغَـلْغَـلُ
وإلفُ هــمـومٍ مـا تـزال تَـعُـودهُ
عِـيـاداً ، كـحمى الرَّبعِ ، أوهي أثقـلُ
إذا وردتْ أصدرتُـها ، ثُــمَّ إنـهــا
تـثوبُ ، فـتأتي مِـن تُـحَـيْتُ ومن عَلُ
فإمـا ترينــي كـابنة الرَّمْلِ ، ضاحـياً
عـلى رقــةٍ ، أحـفى ، ولا أتنعـــلُ
فأني لمــــولى الصبر ، أجــتابُ بَزَّه
على مِثل قلب السَّــمْع ، والحـزم أنعـلُ
وأُعـدمُ أحْـياناً ، وأُغـنى ، وإنـمـا
يـنالُ الغِـنى ذو البُـعْـدَةِ المـتــبَذِّلُ
فلا جَـزَعٌ من خِـلـةٍ مُتكشِّـــفٌ
ولا مَـرِحٌ تحــت الغِــنى أتـخيـلُ
ولا تزدهـي الأجـهال حِلمي ، ولا أُرى
ســؤولاً بأعقاب الأقاويــلِ أُنـمـِلُ
وليلةِ نحــسٍ ، يصطلـي القوس ربـها
وأقـطـعـهُ اللاتـي بـها يــتـنبـلُ
دعستُ على غطْشٍ وبغشٍ ، وصــحبتي
سُــعارٌ ، وإرزيـزٌ ، وَوَجْـرٌ ، وأفكُـلُ
فأيَّمتُ نِسـواناً ، وأيتمـتُ وِلْـــدَةً
وعُــدْتُ كما أبْـدَأتُ ، والليــل أليَلُ
وأصـبح ، عنــي ، بالغُميصاءِ ، جالساً
فريقان : مسـؤولٌ ، وآخـــرُ يسـألُ
فقالوا : لقد هَــرَّتْ بِليــلٍ كِلابُـنا
فقـلنا : أذِئـبٌ عــسَّ ؟ أم عسَّ فُرعُلُ
فـلمْ تَـكُ إلا نـبـأةٌ ، ثم هـوَّمَـتْ
فقلنا قطــاةٌ رِيعَ ، أم ريعَ أجْــــدَلُ
فإن يَكُ من جــنٍّ ، لأبـرحَ طَـارقاً
وإن يَكُ إنســاً ، مَاكهــا الإنسُ تَفعَلُ
ويومٍ من الشِّـــعرى ، يذوبُ لُعابـهُ
أفــاعيـه ، فـي رمضـائهِ ، تتملْمَـلُ
نَصَـبـْتُ له وجـهي ، ولاكـنَّ دُونَهُ
ولا ســتر إلا الأتـحميُّ المُرَعْـبَــلُ
وضافٍ ، إذا هـبتْ لـه الريحُ ، طيَّرتْ
لبائدَ عن أعـــطـافــهِ ما ترجَّــلُ
بعـيدٍ بمسِّ الدِّهــنِ والفَلْــى عُهْدُهُ
له عَبَـسٌ ، عــافٍ من الغسْـل مُحْوَلُ
وخَرقٍ كظـهر الترسِ ، قَـفْرٍ قطعتـهُ
بِعَامِلتــين ، ظـهـرهُ لـيـس يعمـلُ
وألحـقـتُ أولاهُ بأخـراه ، مُوفـيـاً
على قُنَّةٍ ، أُقـعـي مِـراراً وأمـــثُلُ
تَرُودُ الأراوي الصحـمُ حولي ، كأنَّهـا
عَذارى عــلـيهنَّ المــلاءُ المُذَيَّــلُ
ويركُـدْنَ بالآصـالٍ حولي ، كأنـنـي
مِن العُصْمِ ، أدفى ينتحــي الكيحَ أعقلُ
م/ن
أولاً : الهمزة الابتدائية
هيَ
همزةٌ تردُ في أوّلِ الكلمةِ، وهيَ نوعانِ، همزةُ وصلٍ، وهمزةُ قطعٍ.
1- همزةُ الوصلِ:
سميت همزة وصل لأَنها تسقط في درج الكلام كقولنا (غاب المحسنُ)
فاللام الساكنة اتصلت بالباء قبلها وسقطت الأَلف بينهما لفظاً لا خطاً.
وإنما يتوصّل بها إلى النُّطقِ بالسّاكنِ كقولنا (اَلمحسن جاء) ولهذا سميت
همزة الوصل.
فهي تظهرُ في اللّفظِ إذا وقعَتْ في أوّلِ الكلامِ، أمّا إذا سُبقَتْ
بكلامٍ آخرَ فلا تظهرُ في اللّفظِ. وتوجدُ في :
ا- عددٍ منَ الأسماءِ , هي: ابن- ابنة- ابْنم- اثنان-اثنتان- امرؤ- امرأة-
وايْمن- وايْم- اسم _ است*.
ب-في أمرِ الثّلاثيِّ ، مثلُ: اكتب- اسمع.
ج- في ماضي الخماسي ، مثلُ: استمَعَ
وأمرُه مثل:استمعْ
ومصدرُه مثل: استماع.
د- في ماضي السّداسي ، مثلُ: استعجَلَ
وأمرُه مثل: استعجِلْ
ومصدرُه مثل: استعجال.
هـ – في ال التّعريف ، مثلُ: الكتاب.
2- همزة القطع:
همزةٌ تظهرُ في اللّفظِ والكتابةِ سواءً جاءَتْ في أوّلِ الكلامِ أو
في درَجهِ .
و ترسم الهمزة في أول الكلمة ألفاً توضع فوقها قطعة (ء) إذا كانت مفتوحة أو
مضمومة، وتوضع تحتها القطعة إذا كانت مكسورة .
وتوجدُ في:
ا-الاسمِ المفردِ: هو كلّ اسمٍ غير الأسماءِ الّتي ذكرَت في همزةِ الوصلِ،
مثلُ: إبراهيم- أم.
ب- في ماضي الثّلاثيِّ المبدوءِ بهمزةٍ أصليةٍ، مثلُ: أمر- أخذ.
ج- في ماضي الرّباعيِّ، مثل: أرجَعَ
وأمره، مثلُ:أَرجعْ
ومصدره، مثلُ: إرجاع
ثانياً : الهمزة المتوسّطة
هيَ
همزةٌ تردُ في وسطِ الكلمةِ، وتكتبُ بمقارنةِ حركتِها معَ حركةِ الحرفِ
الّذي قبلها، ثمّ تكتبُ فوقَ حرفِ علّةٍ يناسبُ الحركةَ الأقوى، علماً أنّ
أقوى الحركاتِ من الأعلى إلى الأدنى هيَ: الكسرةُ يليها الضّمّةُ فالفتحةُ
فالسّكونُ.
إذا كانت أقوى الحركتين هيَ الكسرة تكتبُ الهمزةُ على نبرةٍ، مثلُ:
عائد- فئة.
2- إذا كانت أقوى الحركتين هيَ الضّمّة، تكتبُ الهمزةُ على واوٍ، مثلُ:
مُؤْمن – مَؤُونة.
3- إذا كانت أقوى الحركتينِ هيَ الفتحة تكتبُ الهمزةُ على ألفٍ، مثلُ:
ينْأَى-مَأْتم.
1- الحالاتُ الشّاذةُ للهمزةِ المتوسّطةِ:
هيَ
الحالاتُ الّتي لا تخضعُ الهمزةُ المتوسّطةُ في كتابتِها للقاعدةِ
السّابقةِ.
السّطرِ،مثل: عباءَة- قراءَة.
السّطرِ، مثلُ: مروءَة- سموْءَل.
3-إذا جاءَتِ الهمزةُ المتوسّطةُ مفتوحةً بعدَ ياءٍ ساكنةٍ تُكتبُ على
نبرةٍ، مثلُ: هيْئَة- ييْئَس.
4-إذا جاءَتِ الهمزةُ المتوسّطةُ مضمومةً بعدَ ياءٍ ساكنةٍ تُكتبُ على
نبرةٍ، مثلُ: ميْئُوس.
1-إذا جاءت الهمزةُ المتوسّطةُ مفتوحةً بعد ألفٍ ساكنةٍ تكتبُ على 2-إذا جاءَت الهمزةُ المتوسّطةُ مفتوحةً بعدَ واوٍ ساكنةٍ تُكتبُ على ثالثاً : الهمزة المتطرّفة
هيَ
همزةٌ تأتي في آخرِ الكلمةِ،وتُكتبُ بحسبِ حركةِ الحرفِ الّذي قبلَها.
إذا كانَ ما قبلَها مكسوراً تُكتبُ على ياءٍ غيرِ منقوطةٍ، مثلُ:شاطِئ.
إذا كانَ ما قبلَها مضموماً تُكتبُ على واوٍ، مثلُ: تباطُؤ.
إذا كانَ ما قبلَها مفتوحاً تُكتبُ على ألفٍ، مثلُ: قرَأ.
إذا كانَ ما قبلَها ساكناً تُكتبُ على السّطرِ، مثلُ: بناء.
أمّا إذا جاءَت هذهِ الهمزةُ منوّنةً بتنوينِ الفتحِ فإنّها تُكتبُ على
النّحوِ التّالي:
إذا سُبقَت بألفِ مدٍّ تُكتبُ على السَّطرِ ويُرسمُ التّنوين فوقَ
الهمزةِ، مثل:بناءً.
إذا سُبقَت بحرفٍ من حروفِ الفصلِ يُرسمُ التّنوينُ على ألفٍ بعد الهمزة،
وتُكتبُ الهمزةُ على السّطرِ، مثلُ:جزءاً.
إذا سُبقَت بحرفٍ من حروفِ الوصلِ يرسمُ التّنوينُ على ألفٍ بعدَ
الهمزةِ، ويوصلُ الحرفُ الّذي قبل الهمزةِ بالألفِ، وتكتبُ الهمزةُ على
نبرةٍ، مثلُ: عبئاً.
1- 2- 3- 4- 1- 2- 3- الألف الّليّنة
هيَ
ألفٌ غير مهموزةٍ تردُ في وسطِ الكلمةِ أو في آخرها، ولا يجوزُ الابتداءُ
بها. وتُكتبُ على النّحوِ التّالي:
إذا جاءَتْ في وسطِ الكلمةِ تُرسمُ ألفاً ممدودةً، مثلُ: باع- جاد.
إذا جاءَتْ في آخرِ الكلمةِ تُرسمُ ألفاً ممدودةً إذا كانَ أصلُها
واواً، في الأفعالِ والأسماءِ الثّلاثيةِ، مثلُ: عصا- جفا.
– وتُرسمُ ألفاً ممدودة إذا جاءَتْ في آخرِ الأسماءِ الأعجميةِ، مثلُ:
فرنسا- سوريّا.
تُرسمُ ألفاً مقصورةً في آخرِ الكلمةِ إذا كانَ أصلُها ياءً في الأفعالِ
والأسماءِ الثّلاثيةِ، مثلُ: فتى- رحى.
– وتُرسمُ مقصورةً في الأسماءِ فوقِ الثُّلاثيّةِ إذا لم تُسبق بياءٍ،مثلُ:
مستشفى- كبرى، وفي الأفعالِ فوقِ الثّلاثيةِ إذا لم تُسبق بياءٍ،
مثلُ:أعطى- أفضى.
أمّا إذا سبقت الألفُ اللّينةُ السّابقة بياءٍ رسمتْ ألفاً ممدودة، مثلُ:
يحيا- دنيا- استحيا , حتى لا تجتمع ياءان في الرسم .
1- 2- 3- ملاحظةٌ: إذا كانَ(يحيا) فعلاً رُسمتْ ألفهُ ممدودةً،أمّا إذا كان اسماً
رسمتْ ألفهُ مقصورةً لتمييزهِ عن الفعلِ، وكذلكَ الحالُ لما شابهَهُ من
الأسماءِ.
همزة ابن وابنة
هيَ
همزةُ وصلٍ تُحذفُ ألفها أو تثبتُ كتابتُها.
1- تُحذف همزتُها:
-إذا وقعَتْ بينَ اسمينِ علمينِ ثانيهما أبٌ للأوّلِ وكانَت نعتاً للاسمِ
الأوّلِ، مثالٌ: عمرُ بنُ الخطّابِ أعدلُ الخلفاءِ.
– إذا وقعَتْ بعدَ النّداءِ: يا بنَ الكرامِ، يا بنةَ العربِ.
-إذا وقعَتْ بعدَ استفهامٍ، مثلُ: أبنُ أحمد أنت؟
2- تثبتُ همزتُها:
-إذا وقعَتْ بينَ اسمينِ علمينِ ثانيهُما أبٌ للأوّلِ وكانَت خبراً للاسمِ
الأوّلِ، مثالٌ: أحمدُ ابنُ سعيد، إذا كانَ غرضُكَ الإخبارُ عن نسبِ أحمدَ.
-إذا وقعَتْ في أوّلِ السَّطرِ
.
-إذا لم تقعْ بينَ اسمينِ علمينِ، مثالٌ: قرأْتُ كتابَ ابنِ بطّوطةَ.
* أست البناء أساسه، أيمن كلمة موضوعة للقسم: وايمنُ الله لأفين ، وابنُم
بمعنى ابن. هذا ويحرك الحرف الذي قبل الأخير من (ابنم وامرئ) بحركة الحرف
الأخير تقول: (هذا ابنُمُ وامرُؤ، ورأيت ابنَماً وامرأً ومررت بابِنمٍ
وامرِئٍ) ولا ثالث لهما في اللغة.
م/ن
لحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين… أما بعد:
فإن الدراسات المتعلقة بالمستقبل، أصبحت تشغل الجامعات ومراكز البحث في العالم أكثر من أي وقت مضى. ولم يعد القائمون على التخطيط للتنمية والاستثمار يقفون عند دراسة التاريخ في الماضي والتفكر في الحاضر، ولكنهم إضافة إلى هذا يستشرفون المستقبل باحثين عن بدائل احتمالاته وإعداد العدة للتعامل معها. ونتيجة لهذا، فإنهم يحسنون استثمار الزمن أولاً، كما يحسنون استثمار الطاقات البشرية والمادية، على السواء.
ومن أهم ما يطل على الساحة العالمية، ويشغل بال علماء الاقتصاد والاجتماع والتربية والسياسة في الوقت الحاضر ما يشار إليه ب "العولمة". وهي توجه جديد يبدو أنه سينضمّ إلى جملة المؤثرات المعاصرة على مستقبل العالم بعامة والعالم الإسلامي بخاصة.
لذلك، لا بد أن يكون الحديث عن "موقف الإسلام من العولمة في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والسلام والأمن". ويقتضي المنهاج العلمي أن أبدأ بتحديد مفهوم "العولمة"، وهو مفهوم لم يتفق عليه بعد بين العلماء والباحثين. ومن ثم فإنني سوف أجتهد في تحديد هذا المفهوم، مشيراً إلى أن اجتهادات المثقفين تختلف بالنسبة للعولمة المعاصرة.
فنجد فريقاً يراها – بما امتطت من تقانة متقدمة وإعلام غلاّب – تهدد هويتنا، ومن ثم ينبغي أن توصد الأبواب والنوافذ دونها، وأن نرفضها كلا وتفصيلاً.
ويرى فريق آخر أنها بشير تقدم ورقي. وكيف لا وهي آتية من مجتمعات متقدمة، وتمتطي أحدث ما وصل إليه العصر من أساليب الاتصال وتقانته، ومن ثم ينبغي أن نفتح لها الأبواب والنوافذ، وأن نغتنم الفرصة بالأخذ بمعطياتها لإفادة الأمة الإسلامية من ثمراتها.
وهناك فريق ثالث يرى أن نأخذ منها المفيد ونتقي شر ما تأتي به من مثالب. وأمام هذه الرؤى المختلفة والمتعارضة – أحياناً – نرى أهمية فتح حوار عن العولمة، لعلنا نصل فيها إلى كلمة سواء.
أولاً: مفهوم العولمة:
سوف نعرض هنا مفهومين للعولمة:
الأول: أشير إليه بمفهوم "العولمة كما ينبغي أن تكون" وهو تصور للعولمة التي يتكافأ فيها الشمال مع الجنوب.
الثاني: أسميه "المفهوم المعاصر للعولمة" وسوف أحاول استقراءه من واقع التطبيق الفعلي المعاصر للعولمة.
أ- مفهوم العولمة كما ينبغي أن يكون:
يمكن فهم "العولمة" – على وجه العموم – من الناحية الاصطلاحية بأنها حركة تهدف إلى تعميم تطبيق أمر ما على العالم كله.
فمثلاً عبارة "عولمة تنقية البيئة" تعني جعل البيئة في جميع أنحاء العالم، بيئة نظيفة ومناسبة، لأن تحيا الكائنات الحية فيها حياة صحية. وتعني عبارة "عولمة الاقتصاد" جعل الاقتصاد في جميع أنحاء العالم يتبع النظام نفسه، ويطبق الأساليب ذاتها، ويستخدم آليات بعينها، لصالح جميع الشعوب دون تمايز بينها. وتعني عبارة "عولمة السلام" أن تتعاون جميع الدول لحفظ السلام في العالم، كما تتعاون على قتال المعتدين. وهذا المفهوم يستتبع استفساراً مهما عن إجراءات الأخذ بهذه العولمة. فهل تتبنى مختلف دول العالم هذه "العولمة" اختيارًا، بمعنى أنها تستشار في صياغة أسسها، وتخطيط أساليبها، وتحديد آلياتها، وأنها تتمتع بالحرية المطلقة في قبولها أو رفضها في النهاية؟ إذا كانت إجابة الأسئلة السابقة "نعم" فإن العولمة حين تسود جميع دول العالم، فإنّ هذا يكون بناء على اختيار حر وإرادة مستقلة منها. وتكون العولمة بذلك ظاهرة صحية.
ويمكن تطوير مفهومها ليكون: حركة قامت على اختيار جميع دول العالم اختياراً حراً، لتعميم تطبيق أمر ما عليها جميعاً، دون تمايز بينها.
وحيث إن العلم الحديث والتقانة المتقدمة هما مطية العولمة، ومع مراعاة التعددية الثقافية والخصوصية الدينية والحضارية للشعوب، وسعياً إلى تحقيق الأمن والرفاه والسلام للجميع، يمكن أن ننتهي إلى تحديد مفهوم "العولمة كما ينبغي أن تكون" على النحو التالي:
توظيف التقدم العلمي التقاني المعاصر، لتحقيق الأمن والسلام العالميين، والسعي لتحقيق الرفاه لجميع دول العالم، وبناء علاقات هذه الدول على أساس التعامل مع التعددية الثقافية، والخصوصية الدينية والحضارية.
ب- مفهوم العولمة المعاصرة:
باستقراء التاريخ يتبين أن العولمة المعاصرة ليست جديدة، ولا هي وليدة وقتنا الحاضر. فهي ظاهرة نشأت مع ظهور الإمبراطوريات في القرون الماضية. ففي السابق حاولت الإمبراطوريات -مثل الإمبراطورية الرومانية والإمبراطورية الفارسية- أن تصبغ الشعوب التي تبسط نفوذها عليها بثقافتها، وتسعى لترسيخ هذه الثقافة في مختلف جوانب حياة هذه الشعوب. وقد عملت هذه الإمبراطوريات لتوجيه قيم هذه الشعوب وتقاليدها وحضارتها، وفق أنماط الحياة التي تريدها. فكانت هذه الخطوة نحو العولمة.
وقد لبست هذه العولمة عدة أثواب أخرى، منها الثوب العسكري ومنها الاستعمار، ومنها استنزاف الموارد، فقد قام الشمال باحتلال بلاد الجنوب متعللاً بشتى الأسباب، وعن طريق هذا الاحتلال تحكم في مقدرات البلاد واستنزاف مواردها، وغرس ثقافته فيها، وكانت هذه خطوة أخرى نحو العولمة. واليوم، وقد تفوق الشمال على الجنوب بما حاز من علم وتقانة، وبما امتلك من وسائل الدمار الشامل، أصبح الشمال مصدر الإنتاج في مختلف المجالات، وأصبح الجنوب مستهلكاً لهذا الإنتاج. ولكي يقنن الشمال هذه العلاقة، أطلق نداءه بالعولمة وأخذ بأسباب تحقيقها في مختلف الميادين. وينظر البعض إلى العولمة المعاصرة، بأنها:
آليات اقتصادية وأسواق عالمية، وجدت إطارها المقنن في اتفاقية التجارة العالمية، التي تضع الاقتصاد أمام الإنسان، وتهدر سيادة الدولة ومصلحة الفرد لحساب السيطرة الاقتصادية، ومن ثم فلابد من أن تتصادم مع التراث الثقافي لمختلف الشعوب، نظرا إلى أنها تنزع إلى صياغة ثقافة كونية تهدد الخصوصية الثقافية للمجتمعات.
وينظر آخرون إلى العولمة المعاصرة بأنها:
هيمنة المفهوم الغربي، الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي، على العالم. ومن ثم فإنها تفرض على الآخرين – ليس فقط ما يتعلق بتخطيط التنمية، وإنشاء البنى التحتية والخدمات الأساسية – ولكن تتعدى هذا إلى البنى الثقافية والحضارية.
ومن هنا يمكن أن يحدد مفهوم العولمة المعاصرة بأنه:
سعي الشمال عن طريق تفوقه العلمي والتقني للسيطرة على الجنوب تربوياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، بدعوى مساعدته على التنمية الشاملة وتحقيق العدالة في الاستثمار والرفاه للجميع.
وعلى الرغم من أن هذا التعريف يوضح النظرة الاستغلالية للشمال، إلا أن هناك أساليب كثيرة – لا يتسع المجال لذكرها – يمكن أن يستفيد بها الجنوب من العولمة. فعلى سبيل المثال يمكنه الاستفادة من معطيات التقدم العلمي التقاني الذي تستخدمه العولمة، في توسيع خطواته نحو التقدم. كما يمكنه أن يستنهض قدراته الذاتية، وأن تتضامن مجتمعاته في مواجهة تحدياتها، وفي توجيه القرارات الدولية الوجهة السليمة.
ثانياً: النظام السياسي بين الشورى والديمقراطية:
إن هدف العولمة المعاصرة، هو التمكين للنظام الديمقراطي على النمط الغربي، من حيث الأخذ بالتعددية، وإعطاء فرص لحرية التعبير، وإبداء الرأي من خلال قنواته. والنظام الديمقراطي كما يطبقه دعاة العولمة عليه مآخذ كثيرة، منها أنه في غالب الأحوال لا يمكن من الحكم إلا لفئة معينة، ويتحكم في الانتخابات فيه: رأس المال، والقبلية والنزعات العرقية والعنصرية والنفوذ، وتؤثر في مصداقيته الأمية والدعم الإعلامي.
ولإضفاء الشرعية على إقحام الديمقراطية الغربية في حياة الشعوب الأخرى، ادعى الغرب أن عدم تطبيقها فيه جور على حقوق الإنسان، وحقوق الأقليات. ولا شك أن "حقوق الإنسان" يمكن أن تقرب بين دول العالم، إذا طبقت بموضوعية وتجرد. ولكن حقوق الإنسان – كما يطبقها دعاة العولمة – لم تراع الخصوصية الدينية والثقافية والأعراف الصحيحة للمجتمعات، بل أصبحت وسيلة للتحيز المقيت. فعلى سبيل المثال، حقوق الإنسان – كما تطبق في العولمة – لا تساوي بين حقوق الإنسان الفلسطيني أو البوسني أو الألباني، وحقوق الإنسان اليهودي أو الصربي، كما تسمح في ظل العولمة بالتحيز ضد يهود الشرق في إسرائيل، ولكنها لا تسمح بمقاومة المنحرفين عن نظام المجتمع في الكثير من بلدان العالم.
وبالنسبة لنا نحن المسلمين، فإن لدينا الأفضل والأنسب لحياة البشر جميعاً، وهو نظام الإسلام الذي يقوم الحكم فيه على الشورى والعدل وتطبيق شرع الله. والشورى وسيلة للوصول إلى الرأي الأصوب لأنه رأي الجماعة. والجماعة هنا لا يقصد بها الأغلبية المطلقة، كما هو الحال في النظام الديمقراطي الذي يعتمد على الأغلبية العددية وحدها، ولكن المقصود بالجماعة هنا الجماعة المؤهلة للاستشارة. ومن أهم ما ينبغي أن يتوافر في هؤلاء أن يكونوا ممن يتقون الله في القول والعمل ولا يخشون أحداً إلا إياه، ويعملون على تحقيق منهاجه في الأرض، وأن يكونوا ممن لديهم العلم والخبرة الكافية، فيما يستشارون فيه.
وبناءًا عليه فإن المستشار في الإسلام يصدق الحاكم القول. أما عن مدى صواب ما يشير به، فعلمه وخبرته يؤهلانه – بعد توفيق الله – للوصول إلى الصواب. ومع ذلك فهو بشر يخطئ ويصيب، ولكنه يتحرى الصدق والصواب في كل حال. وجماعة الشورى يذكر بعضهم بعضا، ويتناصحون ويتحاورون ويرجعون إلى الكتاب الكريم والسنة المطهرة فيما استشكل عليهم من أمور. قال الله سبحانه وتعالى عن المسلمين: وأمرهم شورى بينهم (الشورى 38)، وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: وشاورهم في الأمر (آل عمران، 159).
وفي التاريخ الإسلامي صور من استعمال الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين للشورى في اتخاذ القرارات، كما في حفر الخندق في غزوة الخندق، وفي خروج المسلمين في غزوة بدر لمقابلة الكفار، وفي معاملة أسرى بدر.
ويعتمد العدل في الإسلام على المنهاج الشرعي وعلى تطبيق الحدود. أما المنهاج فهو شريعة الله… وقد قامت الشريعة على العدل مع النفس،وداخل الأسرة وفي ساحة القضاء، وعلى مستوى الرعية، وحتى مع المخالفين في العقيدة، ومع من نحبهم ومن نكرههم. قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون (المائدة ، 8) وقال تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون > (النحل،90). وقال تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل > (النساء، 58).
وتطبيق الحدود من الدعائم المهمة لتحقيق العدل في الإسلام، ومن أهم أسس استقرار الحياة في المجتمع المسلم. قال تعالى: " ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب (البقرة، 179). وقال تعالى: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له (المائدة، 45).
وبيّن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قواعد للعدل والمساواة ستظل نبراساً يستضيء به طلاب العدل ومريدوه على مر الأزمان. وذلك حين جاءه من يشفع في حد من حدود الله، فأقسم بالله أن لو سرقت ابنته فاطمة لقطع يدها. وقال عليه الصلاة والسلام: «كلكم لآدم وآدم من تراب، ولا فضل لعربي على أعجمي، ولا أبيض على أسود، ولا أسود على أحمر، إلا بالتقوى» (متفق عليه)
وقد ضرب الحكام المسلمون أمثلة للعدل مع النفس ومع أبناء الرعية المسلمين وغير المسلمين. فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحكم لنصراني من مصر بضرب ابن عمرو بن العاص واليه على مصر قصاصا منه. وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقاضي نصرانياً أخذ درعه – وهو أمير المؤمنين – فيحكم القاضي للنصراني بالدرع، لأن أمير المؤمنين ليس عنده بينة.
وولي الأمر الذي يحكم بشرع الله المؤسس على الشورى والعدل، له واجب الطاعة على المسلمين. قال تعالى: يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا (النساء، 59).
ويبين أبو بكر رضي الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصديقه قواعد العلاقة بين الحاكم المسلم والمحكومين في كلمات بالغة الدلالة بقوله: « إني وليت عليكم ولست بخيركم، فإن رأيتموني على حق فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فقوموني. أطيعوني ما أطعت الله ****، فإن عصيت فلا طاعة لي عليكم». وقال عن ذلك الإمام مالك: «لا يكون أحد إمامًا إلا على هذا الشرط».
وهكذا كانت مبادرة الرعية إلى إبداء النصح واجبة عليهم بمقتضى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومبادرة ولي الأمر إلى طلب المشورة من أهلها واجبة عليه، للاستدلال على حكم الله ورسوله من النصوص الشرعية المتعددة، وللاجتهاد فيما سكتت عنه النصوص.
ومع أن التطبيق الديمقراطي -الذي تبشر به العولمة – يستند كما نعلم إلى دساتير وقوانين وضعية، فإن من أهم سمات الشورى في الإسلام أنها تنبع من عقيدة الإسلام وشريعته. وهذا يعني أن الشورى لا يمكن أن يتغلب فيها حزب على حزب أو جماعة على جماعة لمجرد الكثرة العددية، ولكن يكون التقويم المبدئي للرأي من حيث التزامه بالعقيدة وانطلاقة من الشريعة، ثم يأتي بعد هذا الأغلبية العددية.
أما في الديمقراطية، فإن مرجعية الحرية والعدالة فيها تتأثر بعوامل سياسية وحزبية واقتصادية وإعلامية.
والشورى في الإسلام تتيح للجميع الحوار الحر ومناقشة الحجج والمبررات التي توضح أن قرارا ما أكثر التزاماً بمبادئ الحق والعدل، كما تبين مدى توافقه مع مقاصد الشريعة وأصولها ومبادئها. أما في الديمقراطية فإن الفرد ليس ملزماً بإبداء الرأي، وقد يتعمد الغياب عن التصويت أو حجب صوته لأن هذا يحقق مصلحة انتمائه السياسي أو مصلحة فردية.
ومحور الفكر السياسي الذي تبشر به العولمة هو تحكيم الأغلبية العددية، أي عدد الأفراد الذين ينحازون إلى رأي معين. أما الشورى الإسلامية فإنها تجعل الأولوية للعقل والفكر وليس للعدد وحده. فالأغلبية العددية يمكن الحصول عليها لأسباب كثيرة عارية من الشفافية كما سبق أن بيناه، ونشاهد أمثلة لهذه كثيرة في داخل العالم الإسلامي وفي خارجه.
ومع هذا كله وعلى الرغم من مزايا نظام الإسلام، فإن العولمة المعاصرة لا ترضى به بديلاً عن الديمقراطية، لأنهم يهدفون إلى صبغ العالم كله بصبغة معينة هم مخترعوها، وهم الذين يدعمونها لتحقيق أهدافهم.
ثالثاً: السلام بين الإسلام والعولمة :
إن الدعوة إلى السلام في العالم هي دعوة الإسلام، قبل أن يوجد نظام العولمة، وقبل أن تلتزم دول العالم بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة سنة 1948م بعدم الاعتداء وبحل المنازعات بينها بالطرق السلمية، فقد أمر الله المسلمين أن يتجهوا إلى السلم إذا رأوا من أعدائهم ميلا إليه، ودعا إلى الاستجابة لدعوة السلام إذا صدقت نية الطرف الآخر في التوصل إليه، يقول تعالى: وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله (الأنفال، 61) وينبه الله المؤمنين إلى الحذر من خديعة العدو: وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين (الأنفال، 62) فالإسلام بذاته دعوة للسلام، السلام داخل المجتمع الواحد، والسلام بين المجتمعات المتعددة والمختلفة الأعراق واللغات والثقافات والعقائد.
ولم يرد لفظ الحرب في القرآن الكريم مقرونا بالدعوة إليها أو تمجيدها، بل جاء ذكر الحرب بأوزارها حين تفرض على المسلمين: حتى تضع الحرب أوزارها (سورة محمد،4) وقال تعالى في وصف الخارجين على المجتمع والذين يروعون الناس بغير حق ويجترئون على أحكام الشرع بأنهم يحاربون الله ورسوله (المائدة، 33) وهكذا لم يجعل الإسلام الحرب – وهي ظاهرة اجتماعية قديمة في التاريخ – وسيلة لتحقيق الخير أو حتى النفع الحقيقي للإنسان، واستبدل الإسلام بالحرب مفهوماً أسمى وأرقى هو مفهوم الجهاد، وهو مفهوم يتسع لبذل الجهد في مقاومة كل شر وعدوان، بدءاً من شرور النفس وانتهاءً بدفع العدوان وطلب تحقيق العدل والإحسان على الأرض وعلى الناس والجهاد ليس حرباً يشنها المسلمون على غيرهم بدافع السيطرة ومد السلطان وإذلال الآخرين واكتساب المغانم، إن الجهاد في الإسلام له مفهوم ينفي العدوان وينكر التوسع والسيطرة للاستعلاء على الناس بالقوة، وهو لا يبيح للمسلم أن يعرض نفسه للهلاك أو يقصد إهلاك غيره إلا وفق قيود الشرع، التي تحدد أسباباً يكون فيها الجهاد ويكون فيها القتال مشروعاً، فالإسلام لا يعرف الحرب التي يكون الباعث عليها مجرد العدوان وطلب المغنم، والتي يحتكم فيها إلى القوة وحدها، وإنما يعرف القتال دفاعاً عن النفس وعن الدين وعن جماعة المسلمين إذا حيل بينهم وبين عبادة الله وحده والدعوة إليه.
إن مفهوم الجهاد في الإسلام يستلزم أن تكون الحرب مشروعة، ومشروعية الحرب لا تتأتى بحسب أحكام الشرع الإسلامي إلا في حالات محددة، ووفق ما يجيزه الشرع من إجراءات لإعلان الحرب، وتحديد مداها وأثرها وتقييده لشرورها.
إن الحرب قد تكون للدفاع عن النفس، يقول الله تعالى: " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين (البقرة، 109) ولنقض المعاهدات ونكث العهود، والكيد للإسلام والمسلمين. يقول سبحانه وتعالى: وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون (التوبة، 12) وإن فتنة المسلمين عن دينهم والسعي بالفساد بينهم وتهديد سلامة المجتمع والدولة الإسلامية مما يجيز القتال درءا للفتنة، يقول الله تعالى: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين (البقرة، 193).
ولم تخرج غزوات المسلمين والحروب التي خاضوها في العهد النبوي وعصر الخلفاء الراشدين عن هذه الحالات داخل شبه الجزيرة العربية أو خارجها: مع اليهود في داخل شبه الجزيرة أو الروم والفرس خارجها.
هذا هو مفهوم الجهاد في الإسلام، وهو مفهوم يختلف عن مفهوم الحرب بمعناها الواقعي قديماً وحديثاً، فمفهوم الجهاد يجعل السلام هو الحالة الدائمة والثابتة في علاقة المسلمين بغيرهم، ولا يكون القتال إلا الاستثناء الذي يجب أن يتوفر سببه وحكمته.
ويوجب الله حتى في حالة الجهاد والحرب المشروعة، أن تكون الحرب معلنة، وليست غدراً بالآمنين والمسالمين، وأن يقلل من شرورها، لقد نهى عن قتال من لا يقاتلون من الشيوخ والعجزة والنساء والأطفال والرهبان المنقطعين للعبادة، وحرم الله صور القسوة والوحشية التي لا مبرر لها، مثل التخريب الشامل للعمران، وحرم أن تنتهك حرمة الآدمي حياً أو ميتاً، كالاعتداء على الجرحى أو الأسرى أو التمثيل بجثث الأعداء، كل ذلك شرع الله مراعاته من قبل المجاهدين، فكان بذلك ما نسميه "آداب القتال" أو قانون الحرب.
إن الجهاد في الإسلام وما يتبعه من قتال، لا يصح أن ينال المدنيين المسالمين، ولا يجوز أن يكون فيه دمار شامل للإنسان أو الأشياء النافعة للإنسان، وهكذا كان الحال في الإسلام منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، مما لم تتوصل إلى بعضه المواثيق الدولية كمعاهدة جنيف، التي تحمي المدنيين من ويلات القتال، وتحدد حقوق الأسرى والمقاتلين والتي صدرت في عام 1949م.
رابعاً: حقوق الإنسان والعولمة:
لقد أثبتت الحروب الطاحنة التي نشبت في العصر الحديث – وخاصة في القرن الميلادي العشرين – أن إهمال حقوق الإنسان وإهدارها قد أفضى إلى أعمال همجية ووحشية انتهكت حياة ملايين الناس وحريتهم، وكان ذلك من الأسباب التي دعت إلى إصدار ميثاق عالمي لحقوق الإنسان سنة 1948م، وهو ما أشارت إليه ديباجة الميثاق، ومن أهم ما أفرزته "العولمة" في السنوات الأخيرة زيادة الاهتمام بقضية حقوق الإنسان، وخروج هذه القضية من الدائرة الوطنية والداخلية في دول العالم إلى الآفاق الدولية واعتبارها مسألة تهم المجتمع الدولي، ويستطيع أن يتخذ فيها عن طريق منظمة الأمم المتحدة أو الوكالات المتخصصة فيها إجراءات معينة لمراقبة الدول التي ينتشر فيها إهمال أو إهدار لحقوق الإنسان.
إن مفردات حقوق الإنسان التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو التي وردت في اتفاقيتي الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية الصادرتين سنة 1966م عن منظمة الأمم المتحدة، هي حقوق قديمة في الإسلام اكتسبت مصطلحاً جديداً في المواثيق الدولية المعاصرة.
إن الحقوق الاقتصادية التي أتاحتها الاتفاقيتان الصادرتان سنة 1966م (وقد عمل بهما اعتباراً من سنة 1977م) تقع غالب مفرداتهما ضمن الحقوق التي منحها الله للفرد في المجتمع المسلم، الذي يتكون وفق الولاية المتبادلة بين أفراده من الرجال والنساء: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض (التوبة، 71) ومن بين معاني الولاية النصرة والتعاون وتبادل الرأي والنصيحة، وهناك مبدأ عام في الإسلام يجعل التكافل الاجتماعي سمة ظاهرة فيه فيكون القادر مادياً أو علمياً مسؤولاً عن مساعدة غير القادر لسبب لا دخل له فيه.
في شأن المال تأتي فريضة الزكاة التي تجب على أغنياء المجتمع (وفق ضوابط مفصلة ودقيقة مبسوطة في كتب الفقه) لفقراء المجتمع.
لقد أمر الله تعالى بالزكاة وهي جزء يسير (2.5%) من بعض أنواع المال، يؤخذ من الأغنياء في المجتمع ويرد على الفقراء والمساكين فيه، كما يجري إنفاقه في الأوجه التي تسدّ حاجة من حاجات المجتمع المسلم، يقول الله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل .
فهؤلاء ثمانية أصناف يمثلون في مجموعهم حالات الضعف والحاجة حين تدهم الفرد أو طائفة من الناس في المجتمع.
ويحفظ الشرع الإسلامي حدًا كافياً للمعيشة لكل صاحب رأس مال أو دخل يكفي حاجاته طبقاً لنفقته ولظروفه، قبل أن يفرض عليه كفالة غيره، فما يؤخذ من زكاة إنما يؤخذ من الفائض الذي مضت عليه سنة كاملة دون أن يدخل في نفقات صاحبه، وذلك على النصاب الذي عينه الشرع حتى يجب أخذ الزكاة من المكلف بها. لقد حول الإسلام بتشريع الزكاة على هذا النحو اتجاه المال من أغنياء المجتمع، إلى سداد حاجات الفئات المحتاجة بجميع أنواعها، وقد كان ذلك تحولاً كبيراً عما كان سائداً في المجتمعات قبل الإسلام من اتجاه المال من الفقراء إلى السادة في المجتمع، قال تعالى: كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم (الحشر، 7).
فالإسلام يمنع أن يزداد الأغنياء غنىً -وقد يكونون قلة في المجتمع–، ويزداد الفقراء -وقد يكونون كثرة في المجتمع- فقراً وبؤساً.
وضمان حق العمل مكفول للفرد المسلم القادر عليه، لأن الإسلام ينهى عن البطالة، ويرفع من شأن العمل وxxxxxxxxxxxxب منه حلالاً طيباً، والفرد المسلم يعمل تحت رقابة المجتمع كله، قال تعالى: وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون (التوبة،105) ويعاون المجتمع الفرد على إيجاد العمل المناسب إذا تعسر ذلك على الفرد أو ضاقت سبله. وقد نصح الرسول صلى الله عليه وسلم شخصاً بالاحتطاب، ونصح شخصاً آخر بالاتجار وأسلفه مالاً لكي يبدأ **ب رزقه، وأعد بيده الشريفة آلة العمل لشخص شكا إليه قلة xxxxxxxxxxxxب. وفي أحاديث الرسول صلوات الله عليه وسلامه من العناية والرعاية بالعمل والعامل ما يعد الأساس الشرعي لكافة ما يعطى للعمل والعامل من ميزات بحكم القوانين المعاصرة.
إن العمل لاكتساب الرزق والنفقة على الأهل يكفر الذنوب، كما جاء في الحديث الشريف: «من بات كالاً من عمل يده بات مغفور الذنب» والوصية بالعامل من الهدي النبوي: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه».
وما ورد في الاتفاقيتين اللتين أصدرتهما الأمم المتحدة سنة 1966م بشأن الحقوق الاجتماعية والمدنية والسياسية هو القليل مما دعا إليه الإسلام.
إن أول ما نزل من القرآن الكريم يفتح أمام المسلم آفاق العلم والتفكير والوصول إلى الحق يقول تعالى: اقرأ باسم ربك الذي خلق (العلق، 1) وللعلم شأن كبير ومكانة عالية في الإسلام ومن قرأ القرآن الكريم والحديث الشريف عرف منزلة العلم في الإسلام، وعلو شأنه وحضه عليه، ومن ذلك: قول الله تعالى: شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم (آل عمران، 18).
وقوله سبحانه: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب (الرعد، 19) وقوله تعالى: وقل ربِ زدني علما (طه، 114) وقوله: إنما يخشى الله من عباده العلماء (فاطر، 28) وقوله تعالى: " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب (الزمر، 9) وقوله عزّ وجلّ: " يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير (المجادلة، 11).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» متفق عليه. وقال عليه الصلاة والسلام: "ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة" رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به، فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به" متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا" متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: " فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم" ثم قال عليه الصلاة والسلام: "إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير" رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وقال صلى الله عليه وسلم: «الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه وعالماً أو متعلماً» رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
وقال عليه الصلاة والسلام: «من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العمل فمن أخذه أخذ بحظ وافر» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه ابن حبان.
والمسلم مطالب ببذل النصح لغيره من أفراد المجتمع "الدين النصيحة" وعلى المسلم أن يشارك في الحياة العامة بقدر ما يسمح به علمه وقدرته، فأمور المسلمين في المجتمع شورى بينهم، يقول الله تعالى: وأمرهم شورى بينهم (الشورى، 38) وهكذا تتكامل قدرات الأفراد في المجتمع المسلم وتتجمع طاقاتهم، فيكفل الفرد للمجتمع طاقته وجهده بالعلم أو العمل، ويكفل المجتمع للفرد – حين يصيبه العجز أو الضعف – الحق في حياة كريمة، وبذلك يتحقق السلام الاجتماعي.
خامساً: الإرهاب بين الإسلام والعولمة:
وفي السنوات الأخيرة ظهرت قضية الإرهاب، واستأثرت باهتمام المجتمعات والحكومات، وتنبه العالم عن طريق منظماته السياسية والأمنية إلى مخاطر هذه الظاهرة التي شملت كثيرًا من بلاد العالم، ولم يسلم من شرورها سوى مجتمعات قليلة، ومع ذلك وبسبب ظروف سياسية وجهود إعلامية موجهة، حاولت بعض الجهات أن تصل ما بين ظاهرة الإرهاب وما بين صحوة إسلامية بدأت في العقود الأخيرة من هذا القرن الميلادي، ومن المحزن أن بلاداً إسلامية – أوقعتها ظروفها السياسية تحت سيطرة الأجنبي أو سادتها الفتن والقلاقل بسبب العجز الاقتصادي أو التخلف الثقافي أو الفتن الخارجية – تعاني وجود هذه الظاهرة مما ساعد أعداء الأمة الإسلامية على الادعاء بأن الإرهاب له أصل ديني وأنه نتاج الإحياء الإسلامي، مع أن الظاهرة ليست من الإسلام ولا صلة لها بالدين الصحيح، وليست خاصة بالمسلمين بل ربما كانت في بلادهم – مع خطئها وإدانتها إسلامياً – أقل من وجودها وظهورها في المجتمعات غير الإسلامية، كما دلت على ذلك إحصاءات دولية.
في الإسلام ووفق أصوله ومبادئه الكلية يعتبر الأمن من أجل النعم على الإنسان: أمن الفرد على نفسه ودينه وعرضه وماله، وانتفاء الخوف من العدوان على ضروريات حياته وحاجياتها. وفي القرآن الكريم بيان أهمية الأمن وأنه نعمة من الله تقرن بنعمة الطعام الذي يحفظ حياة الإنسان، وأن النعمتين معاً تستوجبان عبادته وحده لا شريك له. يقول الله تبارك وتعالى: فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف (قريش، 3) ويحرم الله العدوان على النفس الإنسانية، ويجعل القتل العمد من أشد الجرائم إثماً وبغياً، ويبين أن قتل فرد واحد بمثابة قتل للجنس البشري كله، يقول تعالى: أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً (المائدة، 32). ويحفظ الشرع الإسلامي حرمة الجسد الإنساني، فلا يجوز العدوان عليه ولا إتلافه ولا استخدامه في غير ما شرع له، وهو العبادة والسعي في الأرض بعمل الخير. ويحفظ الشرع الإسلامي نفس الإنسان وجسده ويكفل حماية عقله ودينه وعرضه وماله بما فيه من عقوبات زاجرة عن العدوان على هذه الضروريات في حياة الإنسان – جسداً وديناً وعقلاً ونفساً – في شريعة القصاص وفي الحدود التي تواجه جرائم الاعتداء على الدين والنفس والعرض والمال والشرف والاعتبار.
فالإرهاب إذًا عدو الأمن -أمن الفرد وأمن المجتمع- وعدوان على نعمة من نعم الله الجليلة على الإنسان، وهو إذا ظهر في مجتمع عطل طاقاته وأسلمه إلى التخلف، لأن الخائف لا يأمن إذا عمل أن يضيع عمله هباءًا فالأمن لازم لتقدم المجتمعالمسلم في دينه ودنياه.
لقد كانت الفتنة الكبرى في التاريخ الإسلامي بسبب الإرهاب، وأول المجتمعات التي عانت من الإرهاب هو المجتمع المسلم بالذات، قتل ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب غيلة وغدراً على يد مجوسي حاقد على الإسلام والمسلمين، وقتل الخليفة الثالث عثمان رضي الله عنه على يد فئة خرجت على الشرع الإسلامي وانتهكت محارمه بقتل إمام المسلمين وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد العشرة الذين بشرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، واقتتل المسلمون مع الخوارج الذين ناصبوا الخليفة علي بن أبي طالب العداء على الرغم من محاولته نصحهم وهدايتهم إلى الحق، وقتل هؤلاء الخوارج الإمام علياً وأوغلوا في دماء المسلمين، فكانت الفتنة الكبرى التي بدأت في القرن الأول الهجري ومازالت آثارها في العالم الإسلامي حتى اليوم، صنعها الخوارج وغذاها أعداء الإسلام والمسلمين خلال مسيرة التاريخ الإسلامي، حتى تفرقت الأمة الواحدة إلى شيع وأحزاب كلهم على ضلال إلا الفرقة الناجية التي تسير على ما كان عليه الرسول وأصحابه خيار السلف في هذه الأمة.
إن الإرهاب – وهو مرفوض في الإسلام رفضاً حاسماً – ينتسب من يمارسونه أحياناً إلى الإسلام، بل يتظاهرون بالغيرة على الدين وعلى حقوق المسلمين، وقد يتجاوزون الحد في اتهام المسلمين أفرادًا وجماعات بالمروق من الدين ويستحلون دماءهم وأموالهم وأعراضهم، وهكذا فعل أجدادهم من الخوارج حين اتهموا عليا رضي الله عنه بالخروج من الدين واستحلوا قتل إمام المسلمين بعد أن بايعه الناس، وبذلك وجهوا إرهابهم إلى المسلمين كافة وإلى أئمتهم خاصة. ولقد قاتلهم إمام المسلمين ليحفظ أمن المجتمع وحياة المسلمين حتى قضى على فلولهم، وهذا واجب كل إمام مسلم، لا سيما في هذا العصر الذي ينسب فيه غير المسلمين كل إرهاب وإخلال بأمن المجتمعات إلى فعل المسلمين أو توجيهات الإسلام، مع أن الشرع الإسلامي وتوجيهاته هي أقوم السبل في مواجهة جرائم الإرهاب.
لقد حفظ الإسلام أمن المجتمع المسلم إزاء المجتمعات الأخرى، فلم يشرع القتال إلا دفاعاً عن الدين والنفس وحفظ المجتمع من الفتنة، وأمر بطاعة أولي الأمر أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم (النساء، 59). ولا يجوز في الإسلام أن تخرج طائفة من الناس على أمن المجتمع وتهدد استقراره أو تنزع يدها من بيعة توجب الطاعة، بل لقد أمر الرسول صلوات الله عليه وسلامه بالطاعة حتى ولو ظهر في المجتمع ما يعد منكراً، ما دام يجري التصدي له بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من العلماء والأمراء، أو بإنكار عامة الناس، وما دام المجتمع المسلم يتمتع بحقه في عبادة الله وحده، وتظهر فيه شعائر الإسلام، ويوجد فيه الحاكم المسلم الذي يحفظ الدين ويحمي أرض الإسلام ومصالح المسلمين، فلا خروج عن الطاعة من الفرد أو طائفة من الناس تروع الآمنين وتنشر الخوف والفزع بين المؤمنين. لقد ذكر الله الخارجين عن الطاعة، وجعلهم محاربين لله ورسوله، وحدد عقوبتهم بخسرانهم في دينهم ودنياهم. يقول تعالى: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم (المائدة، 33).
وهكذا وضع الإسلام الإرهاب في عداد أعظم الجرائم: محاربة الله ورسوله والسعي في الأرض فساداً، وأوجب على ولي الأمر أن يتصدى له حفاظاً على الدين وعلى حياة المسلمين، ولا حق لفرد أو جماعة أن تدعي على الأفراد أو على المجتمع ولاية لا حق لها فيها ، وأن تكفر غيرها أو تقيم حدًا من حدود الله مع وجود الولاية الشرعية للحاكم المسلم، فالإسلام يقيم مجتمعاً آمناً مستقرًا بعيدًا عن كل ما يهدد الناس ويروعهم، ويصلح المجتمع إذا ظهر ما يعد منكرًا من فرد أو طائفة من الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبإقامة حدود الله على يد الحاكم المسلم، وطبقاً لحكم الشرع، ولا مجال في الإسلام للخروج على المجتمع أو التسلط على الناس والإخلال بالأمن بحجة الغيرة على الدين أو الرغبة في الإصلاح، وهو ما يدعيه الإرهاب في هذا العصر، وأصحابه هم شر خلف لشر سلف في تاريخ الأمة الإسلامية.
م/ن
يعطيج العافية,,
وتسلم يمناج,,
موفقة..
• استشعار أن العيد عبادة وقربة إلى الله كغيره من العبادات .
• إدخال الفرح والسرور على الأطفال وإشعارهم بعظم أيام العيد .
• التربية الإيمانية الصادقة وذلك بالرجوع إلى دين الله وتعليق القلوب به .
• تقوية أواصر المحبة بين الناس والألفة باستخدام كل وسيلة مشروعة ومباحة .
• الاجتماعات العائلية والأسرية والزيارات فيما بينهم واصطحاب الأولاد لأجل ربطهم بأقاربهم والتعرف عليهم .
• السعي إلى تصفية القلوب وتنقيتها وتزكيتها وصدق الله { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا **
وصدق المصدوق صلى الله عليه وسلم ( ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) رواه البخاري .
• إحياء الشعائر والسنن الواردة في العيد وهي :
إخراج زكاة الفطر _ التكبير ليلة العيد _ أكل تمرات وتراً قبل صلاة العيد _ الخروج إلى المصلى مشياً _ الذهاب من طريق والعودة من آخر _ خروج الأبناء والنساء لصلاة العيد _ الاغتسال يوم العيد _ السواك .
• السعي في إزالة الطبقية بين أفراد المجتمع المسلم وإشاعة الأخوة الإيمانية { وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ..** .
• تفقد أحوال الفقراء وزيارتهم وسد حاجتهم لكي يشاركوا الناس بثوب العيد وحلوى العيد .
• التجديد وإيجاد البديل لكل رذيل وكل يفكر حسب استطاعته ومحيطه .
• ترتيب إجازة العيدين بين الموظفين حتى يستمتع الجميع بمشاركة أهليهم وذويهم في هذه المناسبة .
• التفرغ النسبي أيام العيد للزيارات واللقاءات .
• التواضع فإنه من تواضع لله رفعه فابدأ الناس بتهنئتهم ولا تنتظر أن يهنئوك ، وذلك بالزيارة والاتصال الهاتفي ورسائل الجوال .
* عن جبير بن نفير رض الله عنه قال : ( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض تقبل الله منا ومنك ) حسنه ابن حجر.
• الهدايا بين الجميع وتقديمها للأطفال خاصة ( تهادوا تحابوا ) رواه البيهقي والطبراني ، ووضع هدايا مجهزة بكل مفيد وتقديمها للزائرين .
• الجود و السخاء بدون إسراف ولاتبذير .
• إقامة وليمة متواضعة في كل حي في يوم من أيام العيد يتعاون الجميع في إقامتها وتقديم النافع والمفيد من كتاب وشريط ومجلة هادفة .
• إقامة أمسيات أدبية ولقاءات على مستوى الأحياء والأسر وغيرها .
• إقامة لقاء للأطفال تتخلله برامج هادفة وألعاب ترفيهية وأخرى نسائية هادفة وبرامج مفيدة ونافعة
• إقامة المخيمات الدعوية المفيدة ذات البرامج المشوقة والمتنوعة .
• زيارة المرضى في المستشفيات والأيتام في دور الملاحظة والتربية ورعاية الأيتام وتقديم الهدايا لهم وإدخال السرور عليهم .
• زيارة العلماء والدعاة والقضاة وطلبة العلم ومعايدتهم والاستفادة منهم .
• السعي في الإصلاح بين الناس وزيادة التواصل قال صلى الله عليه وسلم : ( من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليصل رحمه ) وقال : ( من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ) رواهما البخاري .
كل عام وأنتم بخير وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال .
لنرفع الأصوات بالتكبير ولنلبس من الثياب كل جديد ولنرسل التهاني لكل قريب وعزيز وجار وحبيب ،
لنظهر الأفراح ولنترك الأتراح ، لنغدو في الصباح معلنين الصفاء لتتآلف الأرواح .
شٌكُرأ لجٌ
يزاج ربي الخير,,
يعطيج العافية..
تسلم يمناج
هع