اسف ماحصلتً
بس حصلت معلوماأإت يمكن تفيدج !
في صيف عام 1798, وبالتحديد في 19 أيار سنة 1798، خرجت قوات معززة من الجيش الفرنسي من مدينة طولون في جنوب فرنسا, وهذه القوات وُضعت تحت قيادة ومسؤولية ضابط صغير السن آنذاك في الجيش الفرنسي, وعبقري بالتخطيط والتكتيك العسكري, ويدعى نابليون بونابرت(1) (Napoleon Bonaparte), عُرف فيما بعد هذا الجيش بـ "جيش الشرق" الفرنسي (Arm’ee d’orient), وكان قوام وتعداد جيش نابليون آنذاك 36826 جنديًا وضابطًا, يرافقهم حوالي 1200 عالم وخبير فرنسي. هدف قوات الحملة الفرنسية احتلال مصر وبلاد الشام بهدف السيطرة على الطريق التجارية للهند ورفع شأن فرنسا كدولة عظمى واستعمارية في أوروبا.
قبل وصول قوات الجيش الفرنسي إلى مصر, احتلت هذه القوات جزيرة مالطة التي كانت تحت حكم فرسان القديس يوحنا, والذين كانوا تحت حماية قيصر روسيا, ومن ثم تابعت الحملة سيرها نحو مصر. وبالرغم من تعقب الأسطول الانجليزي بقيادة الأميرال نلسون (Nelson) لتحركات الأسطول الفرنسي, إلا أن الأسطول الإنجليزي لم يتمكن ولم ينجح بمعرفة هدف ووجهة القوات الفرنسية.
في 21 تموز سنة 1798 نزلت القوات الفرنسية بميناء الإسكندرية, وفي أولى المعارك بالقرب من الأهرام – معركة الأهرام – اشتبك الجيش الفرنسي بقيادة نابليون مع قوات المماليك, وكان الانتصار في هذه المعركة حليف القوات الفرنسية. ورغم أن قوات الأسطول الإنجليزي تعقبت مسيرة القوات الفرنسية واشتبك الطرفان في معركة أبي قير, التي تغلب فيها الأسطول الإنجليزي بقيادة نلسون والذي استطاع إبادة الأسطول الفرنسي عن بكرة أبيه, لكن ذلك لم يعرقل ويمنع نابليون من فرض سيادته وسيطرته على مصر.
أسباب الحملة:
لحملة نابليون على مصر وفلسطين فيما بعد عدة أسباب, منها ما يتعلق بفرنسا (أسباب داخلية) ومنها ما يتعلق بالوضع الدولي والمصالح التجارية والسيادة على المناطق الغنية والاستراتيجية (أسباب خارجية). والمصادر التاريخية تشير إلى أسباب الحملة الفرنسية بالعوامل التالية:
أولا: أطماع فرنسا الاستعمارية بفرض سيادتها وسيطرتها على الطريق التجارية القصيرة بين البحر المتوسط والهند والتي تمر بالشرق الأوسط.
ثانيًا: الانتقام من بريطانيا, العدو الرئيسي لفرنسا في تلك الفترة والتي أعلنت الحرب على فرنسا, واستمرار التنافس الاستعماري القديم بينهما, وحينما فشلت محاولات فرنسا بمهاجمة بريطانيا واحتلالها, فالشرق الأدنى ومصر, كان ميداناً آخر للمس وإلحاق الضرر بانجلترا العظمى.
ثالثًا: كانت مصر تعتبر أغنى ولايات وأجزاء الامبراطورية العثمانية من ناحية اقتصادية وتجارية, عدا عن كونها مركزًا استراتيجيًا وتجاريًا مُهمًا ومصدرًا للمنتوجات الزراعية بسبب خصوبة أراضيها وإمكانية استغلالها لإنتاج المحاصيل الزراعية في المستقبل.
رابعًا: ضعف الامبراطورية العثمانية والسلطة في استانبول وسقوط هيبتها كدولة قوية وعظمى بأعين الدول الأوروبية.
خامسًا: البحث عن فتح أسواق جديدة لتصريف البضائع الفرنسية والسلع المصنعة من فرنسا.
سادسًَا: اضطهاد التجار الفرنسيين من قبل المماليك الموالين لانجلترا, فكثرة الاعتداءات المتكررة من قِبل حكام مصر على التجار الفرنسيين, دفع بالحكومة الفرنسية للعمل على توفير الحماية لرعاياها والإعلان المباشر لفرنسا من إرسال حملتها إلى مصر (الهدف المعلن)هو توفير الحماية للتجار الفرنسيين من ظلم واعتداء المماليك عليهم, وليس هدف الحملة هو الاعتداء على أملاك السلطان العثماني.
سابعًا: سعي وكره رجال حكومة الدايركتوار – الحكومة الفرنسية – لنابليون القائد العسكري الذي نبغ بالحنكة والتكتيك العسكري, وسعيهم للتخلص من وجوده في فرنسا وإبعاده إلى منطقة بعيدة عن مركز السلطة, على أمل ألا يعود مطلقًا إلى فرنسا.
ثامنًا: الطموح والأطماع الشخصية لنابليون بونابرت بإقامة امبراطورية فرنسية عظمى, تكون صاحبة السيادة في الشرق والغرب بدون منازع.
تاسعًا: الوضع السياسي والعسكري الدولي عشية الحملة, كان ملائمًا لخروج حملة عسكرية على مصر, فالسلطنة العثمانية ضعيفة وغير قادرة علىالدفاع عن ولاياتها وأراضيها وروسيا القيصرية والنمسا منشغلتان بالحرب فيما بينهما باقتسام أراضي بولندا وبريطانيا عدوة فرنسا ولعدم معرفتها بوجهة الحملة, ستركز طاقاتها وقوتها بالدفاع عن بريطانيا والجزر البحرية التابعة لها, ولم تأخذ بالحسبان إمكانية السيطرة الفرنسية على الطريق التجارية للهند, مركز بريطانيا التجاري والاقتصادي.
جميع هذه الأسباب وغيرها, تعتبر الأسباب الحقيقية والرئيسية لحملة نابليون على الشرق (مصر والشام).
مصر والشام عشية الحملة الفرنسية
بلاد الشام ومصر عشية الحملة الفرنسية كانت تخضع لسيادة وسيطرة الامبراطورية العثمانية وذلك منذ عام 7/1516م, حينما احتل السلطان العثماني سليم الأول (1512-1520) بلاد الشام ومصر وبعد قضائه على السلطة المملوكية, ومنذ ذلك التاريخ ضمت عاصمتي الخلافة المملوكية السابقتين: دمشق والقاهرة, لسلطة ونفوذ الخليفة العثماني, الذي أصبح يُعرف ويلقب بحامي الحرمين الشريفين.
خلال هذه الفترة منذ الفتح العثماني وحتى الحملة الفرنسية على مصر (1798), شهدت المنطقة الكثير من الأحداث والتغيرات, بلغت ذروتها بفترتي السلطان سليم الأول, والسلطان سليمان القانوني (1520-1566), فخلال فترة هذين السلطانين وصلت السلطنة العثمانية إلى أوج ذروة قوتها وتوسعها في آسيا وأوروبا وامتازت بقوة السلطة المركزية في استانبول, لكن الوضع لم يبق كذلك في فترات لاحقة, خاصة حينما تولى أمور الخلافة والسلطنة, سلاطين ضعفاء وأمور الدولة أديرت تارة من قبل الوزير وتارة أخرى من قِبل جنود الانكشارية أو الحُكام المحليين.
خلال فترة الحكم العثماني قُسمت البلاد والمناطق العربية إلى ولايات إدارية, يحكم كل ولاية وال يعينه السلطان العثماني, وبلاد الشام شملت أربع ولايات وهي: الشام, حلب, طرابلس وصيدا. أما مصر فاعتبرت جميعها ولاية واحدة.
الحكم العثماني للشام ومصر وبقية الأقطار العربية دام قرابة أربعمائة سنة, وخلال هذه الفترة التاريخية نكاد لا تُذكر تغيرات اجتماعية جذرية أو نهضة حضارية نتيجة للحكم العثماني, وإنما الوضع لم يكن في الحقيقة سوى استبدال حكم المماليك بحكم العثمانيين, والتأثير العثماني كان في الواقع سطحيًا وهامشيًا على الشعوب العربية واهتم السلاطين العثمانيون بالإبقاء على الوضع السائد مقابل تقديم الطاعة ودفع الضرائب للخزينة العثمانية في اسطنبول, دون السعي والاهتمام لإدخال التطويرات والبناء والعمران اللازم للسكان المحليين. وإذا استثنينا بعض الحركات الانفصالية لبعض الأمراء والحكام المحليين, كالشهابيين في جبل لبنان وظاهر العمر في فلسطين, وفي مصر لم يختلف الوضع كما هو عليه في الشام. فمع ضعف السلاطين العثمانيين زاد نفوذ الفئات المحلية بشكل بارز, وفي مصر تجلى ذلك بازدياد نفوذ المماليك, كحكم علي بك ومحمد بك أبي الذهب, حتى نزول قوّات نابليون في الإسكندرية عام 1998, ومع الغزو الفرنسي لمصر يعتبر في الواقع بداية النهاية لحكم المماليك في مصر.
اتمنى اكون افدتج