الرياح المحلية في الوطن العربي و آثارها الناتجة عنها
المقدمه
يعتبر الخليج منطقة التقاء وتصادم ضعيف للكتل الهوائية السائدة والمؤثرة على المنطقة حيث أن المنطقتين الجبليتين في كل من إيران وتركيا قلما تسمحان بمرور الهواء السيبيري القطبي البارد خلال فصل الشتاء وما يصل منه إلى الخليج يكون قد خضع لكثير من التغيير الذي يتلخص في درجة حرارته خاصة في الطبقة القريبة من سطح الأرض فيصبح الهواء معتدل الحرارة .
بينما خليج عمان والجزء الجنوبي الشرقي من الجزيرة العربية يسمحان بمرور الهواء المداري البحري القادم من المحيط الهندي وهو حار رطب .
الموضوع
أما عن الكتل الهوائية والتوزيعات الضغطية المؤثرة على المنطقة فهي كالآتي :
1. الكتلة القطبية المقارية :
مصدرها سيبيريا شتاءَ حيث يستقر هنالك مرتفع جوي شديد البرودة ويمتد منه لسان من الضغط المرتفع ليغطي شبه الجزيرة العربية والخليج العربي بصفة عامة ابتداءَ من شهر أكتوبر ويبلغ ذروته خلال شهر يناير .
ولكن درجة حرارة الهواء ، المصاحب له والمؤثرة على الخليج يحدث لها تغيير ملحوظ وتصاحبه رياح شمالية غربية جافة وباردة نسبياَ وسماء صافية ولكن تتميز بانخفاض ملحوظ في درجة الحرارة ليلاََ .
أحياناَ تتحرك منخفضات نحو الخليج مصدرها شرق البحر المتوسط وتتصادم مع الهواء البارد المصاحب للكتل القطبية فتكثر السحب وتصاحبها أمطار رعدية خاصة في شمال الخليج ( الكويت وما حولها ) .
يستمر هطول الأمطار بين 2 – 3 أيام وتصاحبها رياح شرقية إلى شمالية شرقية بين الخفيفة والمعتدلة وتكون حالة البحر معتدلة بصفة عامة .
وفي نهاية فصل الشتاء أي في شهر مارس تتقدم هذه الكتلة الهوائية الباردة نحو جنوب الجزيرة العربية فيسخن الهواء المصاحب في الطبقة الهوائية الملامسة لسطح الأرض ويؤدي ذلك إلى نشاط حالة من عدم الاستقرار المحلي حيث تحدث عواصف رعدية متفرقة فترة ما بعد الظهيرة .
2. الكتلة القطبية البحرية :
مصدرها شمال المحيط الأطلنطي البارد ويصل الهواء البارد الرطب المصاحب لها إلى منطقة الخليج عقب مرور منخفضات جوية قادمة من وسط أوربا وشرق البحر المتوسط ونظراَ للمسافة الشاسعة التي يقطعها الهواء من مصدره إلى الخليج فإنه يصل في درجة حرارة معتدلة ويكون تأثيره بشكل أوضح على شمال الخليج ولكنه أحياناَ يمتد إلى الجنوب الشرقي من الجزيرة العربية ويشمل دولة الإمارات ويؤدي إلى نشاط الرياح الجنوبية الشرقية أو الجنوبية الغربية محدثاََ عواصف رملية .
3. الكتلة الهوائية المدارية القارية ( العربية ) :
تعتبر كتلة محلية مصدرها الطبيعة الجغرافية لشبه الجزيرة العربية وتتواجد في نهاية فصل الربيع وفصل الصيف وتحدث نتيجة التسخين الشديد للهواء الملامس لسطح الأرض بسبب الإشعاع الشمسي والطبيعة الجغرافية وينشأ عنها رياح جنوبية غربية معتدلة إلى نشطة مثيرة للرمال أحياناَ وتكون ساخنة وعادة ما تسجل أعلى درجات للحرارة في المنطقة بتأثير هذه الكتلة .
4. الكتلة الهوائية المدارية القارية ( الهندية ) :
مصدرها شبه القارة الهندية لذلك تسمى بمنخفض الهند الصيفي الموسمي وهي حارة وأحياناَ شديدة الحرارة . تؤثر على منطقة الخليج حيث يمتد منخفض الهند الموسمي ليغطي الخليج والجزيرة العربية وأحياناَ يصل إلى شرق البحر المتوسط بل شرق أوربا نادراَ . وأصل الرياح المصاحبة له شمالية شرقية تتحول فوق جنوب الخليج إلى شمالية غربية خفيفة . يكون الطقس المصاحب للكتلة حار ورطب ومغبر وقلما تحدث عواصف رملية .
الفصول المناخية :
الشتاء :
يقع الخليج تحت تأثير المرتفع السيبيري من جهة الشرق وبين المرتفع الممتد من المحيط الأطلنطي من جهة الغرب وينشأ فوق الخليج العربي منخفض ثانوي ضحل. يكون مصدر الرياح السائدة والمؤثرة على المنطقة هو المرتفع السيبيري والهواء المصاحب له معتدل . تكون الرياح شمالية غربية إلى شمالية شرقية بين الخفيفة والمعتدلة . وفي حالة تأثر المنطقة بمنخفضات قادمة من البحر المتوسط فإن الرياح الشمالية الغربية تنشط وتصل إلى 30 عقدة فأكثر .
الربيع :
يعتبر أول هذا الفصل امتدادا لفصل الشتاء حيث تظل التوزيعات الضغطية كما هي لكن بصورة أضعف . وبتقدم فصل الربيع يتفكك المرتفع السيبيري إلى خلايا صغيرة تظهر بينها منخفضات جوية قادمة من أوربا أحياناَ أو ممتدة من الجنوب . وتتكون منخفضات جوية فوق الجزيرة العربية تتفاعل أحياناَ مع الهواء القادم من شرق المتوسط وتظهر كميات كبيرة من السحب المنخفضة والمتوسطة تصاحبها أمطار غزيرة . ويصاحب تكون هذه المنخفضات الصحراوية رياح جنوبية شرقية نشطة مثيرة للرمال التي تصل لحد العاصفة أحياناَ .
الصيف :
بظهر تأثير منخفض الهند الموسمي والكتلة الهوائية المدارية القارية المصاحبة له ويغطي كل منطقة الخليج العربي ، وتكون الشمس شبه عمودية على المنطقة خلال هذا الموسم . وتنشط الرياح الشمالية الغربية خاصة في فترة الظهيرة . هذا المنخفض أحياناَ ينقسم إلى قسمين أحدها شرق الخليج العربي والثاني فوق الجزيرة العربية ويصاحب ذلك التوزيع رياح جنوبية شرقية حارة ورطبة للغاية كما يحدث أحيانا تحرك مرتفع جوي قادم من شرق البحر المتوسط ومرتفع آخر من بحر قزوين يؤثران على حركة منخفض الهند ويضعف تأثيره ويصاحب ذلك رياح شرقية رطبة . وخلال شهري أغسطس وسبتمبر تهدأ الرياح بشكل ملحوظ وغالباَ تكون تحت تأثير دورتي نسيم البر البحر أي جنوبية شرقية صباحا َتتحول إلى شمالية غربية ابتداءََ من الظهر .
الخريف :
يتميز فصل الخريف بعدم وضوح أو ثبات التوزيعات الضغطية فهو فصل انتقالي حيث يبدأ منخفض الهند الموسمي في الانحسار والضعف بينما تتاح الفرصة لتقدم منخفضات قادمة من أفريقيا والمؤثرة على البحر الأحمر . كذلك يبدأ المرتفع السيبيري في التكون والتأثير في نهاية الفصل . والرياح السائدة في هذا الفصل تكون متغيرة الاتجاه لكن يغلب عليها الشمالي الشرقي وهي بين الخفيفة والمعتدلة .
الرياح المحلية المؤثرة على دولة الإمارات العربية المتحدة :
تعريف الرياح :
هي الحركة الأفقية للهواء وهي تهب من مناطق الضغط المرتفع إلى مناطق الضغط المنخفض . وتسمى الرياح باسم الجهة التي تهب منها ، فالرياح التي تهب من جهة الغرب تسمى رياح غربية وهكذا . ويسمى الجهاز المستخدم في معرفتها بدوارة الرياح .
أما وحدات قياس السرعة فهي فتسمى عند الصيادين ومرتادي البحر بالعقدة وهي تساوي ميلاَ بحرياَ واحداَ وتعادل 9 , 1 كم / ساعة وتقاس بجهاز يسمى بالأنيمومتر وعادة ما يجمع جهازي قياس الاتجاه والسرعة في جهاز واحد .
ومن الوظائف الرئيسة للرياح هي نقل بخار الماء من المسطحات المائية إلى اليابسة وحين تتهيأ الظروف المناسبة من الرطوبة والحرارة يتكثف بخار الماء على هيئة سحاب وأمطار . كذلك تحمل الرياح الهواء من مكان لآخر بما فيه من صفات ، أي هواء بارد – حار – رطب – جاف – خفيف – نشط وبذلك تؤدي إلى تغير الأحوال الجوية من مكان لآخر ومن وقت لآخر .
أسماء وصفات بعض الرياح المحلية :
هنالك أنواع مختلفة من الرياح على مدار السنة وفقاَ للتوزيعات الضغطية المؤثرة ، وكما بدأنا في المقدمة فإن البحارة في كل مكان لهم خبرتهم في أوطانهم ، وفي دولة الإمارات
أطلقت أسماءَ عديدة على مختلف أنواع الرياح التي تؤثر على الدولة:
1. رياح المزر :
وهي رياح قوية تهب من اتجاه لآخر بسرعة 20 – 40 عقدة ، وتساعد على تجميع السحب في المنطقة التي تهب فيها وقد يصاحبها أمطار ولكنها لا تدوم سوى بضعة ساعات .
2. الفياضة :
وهي ذات اتجاه محدد وهو الشمال الغربي وهي تشتد لفترة قصيرة تؤدي إلى ارتفاع ملحوظ ومفاجيء لموج البحر . وغالباَ ما يستدل عليها البحارة برؤية خط أفقي رفيع من السحاب وبذلك يحتاطون من أثارها قبل حدوثه إن أمكن .
3. الكوس والنعشي :
تهب على السواحل الغربية والشرقية للدولة ولكن تأثيرها على السواحل الشرقية مثل الفجيرة وخور فكان أكثر وضوحاَ . وهي رياح صيفية بين الشمالية الشرقية والشرقية وتصاحبها أمواج عالية أحياناَ وطقس رطب على السواحل .
أما النعشي فهي رياح شتوية باردة ولها نفس الاتجاه أي شمالية شرقية إلى شرقية وتكون سرعتها أشد من رياح الكوس وعادة ما تصاحبها امطار .
4. المطلعي :
تؤثر أيضا على السواحل الشرقية في فترة الصباح الباكر وعادة ما تكون معتدلة الحرارة والرطوبة أي تلطف الأحوال الجوية . وإذا كانت الرياح قوية فإنها تؤدي إلى هطول أمطار خاصة على المرتفعات .
5. اليولات :
وهي رياح متغيرة الاتجاه حيث يتغير اتجاه الرياح في وقت قصير نسبياَ ، وهي تهب غالباَ في النصف الثاني من شهر أبريل على جنوب الخليج وتصحبها أمطار .
6. الرايحة :
وهي رياح أصلها برية واتجاهها شرقي وتهب خلال شهري أغسطس وسبتمبر . يمكن ملاحظتها عند رؤية سحابة بيضاء كبيرة ذات نمو رأسي ضخم وهو ما يسمى سحب ركامية تتأثر بها المناطق البرية مثل العين وتتحرك نحو السواحل محملة بالرمال وأحيانا يعقب ذلك سقوط أمطار خاصة على المرتفعات .
7. لكيذب :
هي رياح شتوية قوية يسبقها هدوء تام للريح ، وتظهر سحب رعدية مسببة أمطاراَ غزيرة مفاجئة ولكنها بعد ذلك تستمر فترة طويلة نسبياَ .
8. رياح الشمال والسهيلي :
وهي رياح شتوية باردة معروفة لدى سكان المنطقة وغالباَ ما يسبق رياح الشمال السهيلي ( رياح السموم ) من ثلاثة إلى أربعة أيام ، وعند نهاية رياح السهيلي تهب رياح نشطة ويثور البحر وتستمر من أربعة أيام إلى أسبوع ، أحيانا ما تلحق بها رياح شمالية أخرى لتمتد لفترة أطول من أسبوع . ومن إحدى علامات الشمال الغربي كدلالة على هبوب رياح من هذا الاتجاه .
9. رياح الثمانين :
وهي رياح شتوية أقوى من رياح الشمال حيث ترتفع الأمواج إلى أعلى حد لها وغالباَ ما تهب هذه الرياح في الفجر . ومن ملامح هبوبها هدوء البحر قبل حدوثها مثل رياح لكيذب . وتهب خلال شهر ديسمبر ، يناير والنصف الأول من فبراير.
10. الغربي :
وهي رياح معتدلة تهب من جهة الغرب ويبتديء موسمها بعد نهاية فصل الشتاء مباشرة أي خلال مارس وأبريل . وبمقارنة اتجاه وشدة كل نوع من هذه الأنواع من الرياح المحلية نجدها تتفق مع التوزيعات الضغطية والكتل الهوائية التي تؤثر على دولة الإمارات العربية المتحدة خلال فصول السنة المتعاقبة . يضاف إلى هذه الرياح المحلية دورتان يوميتان وهما نسيم البحر ونسيم البر اللتان تتعاقبان خلال الليل والنهار . ويمكن تعريفهما كما يلي : وهو يهب من البحر في اتجاه اليابسة خلال النصف الثاني من النهار والسبب في ذلك هو ارتفاع درجة حرارة الأرض حيث يكون فوقها منطقة ضغط منخفض نسبي لأن الهواء الملامس للأرض يسخن ويرتفع لأعلى وينجذب إليه هواء من البحر الذي يتكون فوقه منطقة ضغط مرتفع نسبياَ حيث أن درجة حرارة الماء الملامس له تكون أبرد من الأرض .
نسيم البر :
يحدث في النصف الآخر من اليوم أي أثناء الليل والصباح الباكر حيث تكون عملية عكسية للأولى فتكون درجة حرارة الماء أعلى من درجة حرارة الأرض ليلاَ لأن الأرض تفقد حرارتها لفترة أطول والسبب في ذلك أن الحرارة النوعية للماء تساوي ثلاثة أضعاف الحرارة النوعية للأرض . فالأرض تكتسب الحرارة بسرعة وتفقدها بسرعة بينما الماء يكتسب الحرارة ببطء ويفقدها ببطء أيضاَ .ونسيم البحر أشد قوة وأكثر تأثيراَ من نسيم البر وتتوقف شدته على الفصل المناخي وطبيعة الأرض المجاورة وكذلك الكتل الهوائية السائدة , وقد يصل تأثير نسيم البحر إلى عمق يتراوح بين 20 – 40 كم داخل الأرض.
.
مدى أهمية الرياح بالنسبة للصيادين والملاحين :
مما سبق يمكننا القول بأنه يمكن التنبؤ بحالة الطقس بعد تحليل ودراسة خرائط الطقس المتعددة السطحية ،العلوية والبحرية وذلك بالاستعانة بصور الأقمار الصناعية التي تمكن من تحديد مراكز الضغط المنخفض والمرتفع والكتل الهوائية المؤثرة على البحر خلال الفترة القادمة وباستخدام الجداول الخاصة التي تربط العلاقة بين سرعة الرياح وارتفاع الموج وبالتالي يمكن إصدار التنبؤ البحري المطلوب والذي يتضمن تحذير بحري إن استدعت الأحوال الجوية ذلك ، كما يشمل اتجاه وسرعة الرياح المتوقعة في المنطقة المطلوبة .
ومن الواضح أن الرياح بمختلف أنواعها تؤثر على نشاط الإنسان اليومي خاصة إذا أرتبط هذا النشاط بعمليات صيد الأسماك في عرض البحار وممارسته لبعض الأنشطة كالرياضات البحرية وغيرها حيث تلعب الرياح دوراَ رئيساَ في حركة الأمواج والتيارات التي تزيد مع سرعة واندفاع الرياح .
عرف الإنسان ومنذ القدم أوقات ومواسم الرياح خاصة في البيئات البحرية ، حيث أنها تترك أثراَ مباشراَ على نشاطه فتؤثر في سرعة واتجاه قوارب الصيد الشيء الذي دعاه إلى اتخاذ التدابير الملائمة التي تضمن من سلامة رحلات صيد الأسماك وطاقم الرحلة .
إن نشاط الرياح في مواسم معينة كفصل الشتاء ، يؤدي إلى اضطراب الأمواج بصورة هائلة فتتعرض قوارب الصيد الموجودة في عرض البحر إلى التأثر بهذه الأمواج التي تدفع بها إلى الصخور والشعاب المرجانية فتصطدم بها وربما تكسرت بفعل الرياح والعواصف العاتية . كذلك تتسبب حركة الأمواج العاتية في نشوء تيارات بحرية مختلفة السرعة فتعمل على تحريك الكتل المائية من منطقة لأخرى جالبة معها الأغذية من المياه العميقة والساحلية فتتشكل بيئات غنية تذخر بالعديد من أنواع الأسماك التي تهاجر إلى هذه المناطق ربما لتكمل نضجها وتكاثرها في هذه البيئات وهنا تصبح هذه البيئات محط نظر الصيادين الذين تعرفوا على هذه المناطق واستفادوا منها في عمليات الصيد .
الخاتمه
أسهم التطور التقني ودراسات الاستشعار عن بعد وصور الأقمار الصناعية في توفير كل المعلومات الضرورية عن حالة الطقس حيث يتسنى للصيادين معرفة التنبؤات بحالة الطقس قبل وقت كاف من وقت خروجهم لرحلة الصيد وهذه المعلومات متاحة في كافة وسائل الأعلام ، غير أن الكثير من المواطنين خاصة ذوي الخبرة منهم والذين عملوا في مهنة الصيد لأوقات طويلة استطاعوا بفضل خبرتهم عبر السنوات الطويلة من التعرف على أوقات ومواسم هذه الرياح فأصبحوا مرجعاَ لكل السائلين والمستفسرين ودليلاَ لأبناء وأجيال المستقبل .
من هذا العرض يتبين مدى العلاقة والاهتمام المتبادل بين الأرصاد ومرتادي البحر من صيادين وهواة
لوتبين عن مناخ الوطن العربي