سلب الذهول عقولهم ، تكوموا في حضن أبيهم ، عانقوه ، اعتصرهم واعتصروه ، تفجر البكاء من قلوبهم قبل أن يذهبوا قالوا في صوت واحد : بابا لا تتركنا نسافر أو تأتي معنا .. لا نستطيع فراقك رد أصغرهم ( وقد صارت عيناه دما من حرقة الفراق وشدة البكاء ) : بابا .. بابا ( وجرى نحوه ثانية محتضنا إياه ) سنشتاق اليك ..
الأب : تحمل ياولدي لن أتأخر عليكم سأكون معكم بعد يومين
أكبرهم : بابا لا بد أن تهاتفنا دائما
الأب : أستودعكم الله ( تفجرت عيناه من البكاء)
الأبناء في صوت واحد : إلى اللقاء يا أبي اتجهوا إلى الطائرة وقد سلب أبوهم عقولهم ووجدانهم لم يسمعوا سوى صوت أبيهم وهو يناجيهم سافرووا إلى مكان بعيد وكان الأبناء يحبون أبيهم حبا جما ويكنون له كل الاحترام وبعد وصول الاب إلى المنزل كان شعوور الاب اقل صدمة لانه عاش تجارب الحياة بحلوهاا ومرهاا اما الابناء فقد كانو يتذكرون الاب في كل وقت وحين وقد كانو يتذكرون كيف كانو يمرحون ويلعبون ويدرسون مع ابيهم وكيف قضوا اجازتهم معه وكيف كانو يتزاحمون على مجالسته وفي التضاحك ووقت البكاء اي كانو يذكرونه بكل حسنه وسيئة
كلن منهم يقرأ السؤال في عين أخيه
هل سنرجع إلى أبينا وهل سنجتمع به مرة أخرى ..؟؟!
دمت قلوبهم..ودمعت أعينهم..حاولوا أن يتمالكوا أنفسهم ..لكن مشاعرهم خانتهم ..ولم يستطيعوا التحمل ..
هكذا كان حال الأبناء عند فراق أبيهم …
الفراق صعب..!!!! فماذا لو فراق الأب أو الأم ..!!
كم هذه اللحظة مؤلمة عند مفارقة من تحب ..والأقرب إلى قلبك ..
كم هو مدمي أن يكن أباك على قيد الحياة ولا تراه..
كم هو محرق أن تعيش بجسد، وقلبك عند غيرك..وتتمنى اللحظة التي تذهب بها إلى قلبك..
ذهبوا إلى حلب..لكنهم يتقطعوا لقرنايل..فهي ما يريدونه..ويودون البقاء فيه..
لا لشوارعها..ولا أشجارها..ولا لجمالها..ولا لسكانها..بل "لأبيهم"..
كانوا حزينين لفراق أبيهم .. وقلبهم يحترق لفراقه ..فحياتهم فارغهبدونه..
كانت لحظة الوداع أصعب ما يمرون به..فهم بعد فراقه لا يهدأ لهم بال..ولا يغمض لهم جفن حتى يرونه في المره القادمه..ففي هذه اللحظة نظراتهم جميعا تحوطه حافرة حنانه،شكله،أفعاله في وجدانهم..يعتصرونه ويعتصرهم..ويتسرب الألم شيئاً فشيئاً لنفوسهم..
خصوصاً عند رؤية أبيهم وهو يصارع دموعه..ويتحدى ألمه بابتسامه..
"ياه ..ما أروعك يا أبي..لم أر شخص في العالم أقوى منك..أحبك أبي" قالتها ابنته الكبيرة..
ولم تلتفت مرة أخرى لأبيها..ففراقه يقطع أحشائها..
مشت إلى السيارة ..كانت رجلاها لم تقوى على حملها..فكانت تشعر بأن همها لو وضع على جبل لسقط من هول ما تشعر به..ركبت السيارة ودموعها تنهمر كالغيث..
ما أصعبها من لحظة ..فكما نعرف أن البنت تتعلق أكثر بأبيها..
فهي تحتاجه في حلب..وتبحث عن مداوي لجروحها..وعن مشارك لأفراحها..ومقاسم كل حلوة ومره..
لكنها لا تجده..
ومن جهة أخرى إذا كانت هي تعاني من فراقه مره ،فهو يعاني من فراقهم ألف مرة..
وما أقواها أن يشتاق الأب لأبناءه وفلذة كبده ،لكنه لا يجدهم..
والأقوى أن يكونوا على قيد الحياة ..ويشتاقون له..
وهم في طريق العودة ..سرح الأبن الأكبر وكانت الأفكار كثيرة في رأسه ..وصورة والده لا تغيب عن ذهنه..
ووصلوا إلى حلب وقلوبهم معلقة في قرنايل..!!