التصنيفات
القسم العام

رموز الصور التواصلية ، تقنية متطورة للتواصل لدى الطفل الأصم -مناهج الامارات

رموز الصور التواصلية.
تقنية متطورة للتواصل لدى الطفل الأصم

إعداد الباحثة: نادية مرزق

هذا نص المداخلة التي شاركت بها إثر فعاليات ندوة علمية حول:
واقع المعاق و رهان البحث العلمي.

من تنظيم "جمعية المدونة المغربي للصم"-فاس
بمناسبة اليوم العالمي للمعاق.تحت شعار:
"كلنا مختلفون، لكننا متساوون".

و ذلك في رحاب كلية الآداب و العلوم الإنسانية ظهر المهراز- فاس
يوم الإثنين فاتح دجنبر 2022 .

الفهرس

I- تقديم
II- تعريف
III- مستعملو رموز الصور التواصلية

IV- طرق تلقين اللوحة للمعاق
1 – الإثارة
2- الأشياء الملموسة
3- التعويم

V- تطبيقات
1- عينة البحث
2- اختيار اللوحات
3- طريقة العمل

VI- النتائج المحصلة
1- السن
2- الوسط الاجتماعي
3- الذاكرة و القدرة الذهنية
4- الرموز

VII- خلاصة


تقديم
يحدث التواصل من خلال تبادل المعاني بين مجموعة من الأشخاص، عبر سلوكات تمثيلية شفهية كانت أو غير شفهية، إلا أن حدوث مشاكل لغوية من إعاقة جسدية و ذهنية قد يعيق حدوث تواصل سليم، و لا يمكننا تأسيس تواصل لا يخلو تقريبا من مشاكل إلا بإدخال نظام التواصل التكميلي و البديل. يقدم هذا النظام بعض الآليات التي تمكن الفرد من تحقيق حاجياته داخل البيت و مع أفراد العائلة و تقريبا في مختلف الأوضاع. و لتعويض عدم التواصل، تم اعتماد طرق مختلفة نذكر منها على سبيل المثال تقنية التواصل غير الشفهي المعروف برموز الصور التواصلية
(Pictures communicatives symbols) (PCS).

تعريف:
رموز الصور التواصلية هي نظام التواصل غير الشفهي، الذي يشمل مساعدات آليات مكملة أو معوضة لمهارات التواصل، فهي نموذج من التواصل التكميلي و البديل. وضعت من طرف (Charle Blisss (65. لتكون لغة دولية ثانية يمكن استعمالها من طرف أشخاص ينتمون إلى عشائر لغوية مختلفة. بدأ العمل بها في بداية السبعينات من طرف أشخاص معاقين في كندا في مركز OCCC . تشمل رموز Bliss مفاهيم ملموسة و أخرى مجردة تحكمها قواعد لسانية، فهي تحتوي على 100 رمز أصلي يتم تركيبها لخلق آلاف من الوحدات المعجمية.
تقدم في شكل رسوم مميزة كل رسم يمثل بكلمة أو عبارة من فوق، تشتمل التحويلات بدون عبارات على نفس الرموز، لكن بدون عبارات أو كلمات فوق الرموز، بحيث يمكن تغييرها و تسميتها بحسب الحاجيات، و أيضا بحسب اللغة التي نشتغل عليها. أما الرموز فتمثل الصور و الألفبائية اللغوية، و الأرقام و الأفعال و الموضوعات مرفقة بأنشطة و دوائر خاصة بالألوان.

تنتظم PCS في ست أصناف رئيسية:
1- صنف الحياة الاجتماعية: يشمل تقارير الأدب و التسامح، و الأساليب الدالة على الفرح و الحزن و كل الأساليب المستعملة في مختلف العلاقات الاجتماعية.
2- صنف الأشخاص: و يشمل صنف المهن و الأجناس و الصرف و الشخوص
و ضمائرها.
3- صنف الأفعال: و تكون متصرفة أو غير متصرفة.
4- صنف الصفات: نعوتا و ظروفا.
5- صنف الأسماء: يضم أسماء الأكل و الملابس و أعضاء الجسم و كل ما له علاقة بالصحة و أسماء الحيوانات و وسائل النقل و الأماكن و الأوراش و الأعياد.
6- أصناف أخرى: مثل أدوات التعريف و حروف العطف و الربط، و وحدات الزمان و الألوان و الألفبائية و الأرقام و باقي الكلمات المجردة.
تقدم معظم الرموز باللونين الأبيض و الأسود، و ذلك لتسهيل استعمالها في حين تم تعيين ألوان مختلفة تلون بها الفضاءات الداخلية للوحات و ذلك لتمييز صنف عن آخر.
فحدد اللون الأصفر لصنف الأسماء.
و اللون الأخضر لصنف الأفعال.
و اللون الأزرق لصنف الصفات.
و اللون البرتقالي لصنف الأشخاص.
و اللون الأبيض لصنف الأشياء.
و اللون الوردي لصنف الحياة الاجتماعية.

و تراعى قدرات المستعمل العمرية و البصرية و الجسدية في اختيار حجم الرموز
و الإطارات. مع ضرورة ترك بعض الفضاءات فارغة لتسهيل عملية إضافة رموز جديدة بسرعة كلما احتجنا إلى ذلك.

* مستعملو رموز الصور التواصلية:
يمكن اعتبار لوحات التواصل عبر الرموز الصورية أدوات فعالة للتواصل بالنسبة للأشخاص المعاقين ذوي أعمار مختلفة و إعاقات مختلفة مثل الإعاقة الذهنية و الوهن الحركي و الذهان و أهمها الإصابة بالصمم… و لصياغة اللوحات الصورية نأخذ بعين الاعتبار العوامل التالية:
1- المستوى الذهني: تجدر الإشارة إلى ضرورة توافر المعاق على مستوى ذهني يسمح له بالتعرف على الرموز و التمييز بينها.
2- حدة البصر: عند صياغة اللوحة لابد من الأخذ بعين الإعتبار مدى حدة البصر، لأن أي مشكل في البصر لدى المعاق من شأنه أن يعرقل تعرفه على الرموز، كما لحدة البصر دور في اختيار حجم الرموز المناسب للمعاق.
3- الرصيد المعرفي للمعاق: إذ يجب مطابقة الرموز للأشياء التي يمكن له التعرف عليها.
4- ضرورة وجود شخص يشرف على إعداد اللوحة و ملاءمتها مع متطلبات المعاق.
5- نجاح عملية التواصل عبر اللوحة الصورية يتوقف إلى حد كبير على استعداد الأهل المقربين للمعاق للتعامل معه بنفس النظام حتى يشعر المعاق بأهمية هذه الوسيلة و فعاليتها.
6- لا يجب أن تضم اللوحة الرموز التي يستطيع المعاق التعبير عنها بطريقة معينة مثل تحريك الرأس للدلالة على "نعم" أو "لا".

* طرق تلقين اللوحة للمعاق:
لا يمكن قياس نجاح أي تدخل أو تعامل برموز الصور التواصلية من خلال عدد الرموز التي يتم تلقينها للشخص المستفيد بقدر ما يكون لاستعمال الرموز و الاستفادة منها في حياة المعاق اليومية الأثر الكبير في نجاح التواصل.
تختلف طرق التلقين من شخص معاق إلى آخر و ذلك باختلاف حالات و حاجيات و قدرات المعاقين الذين نتعامل معهم، إلا أنه يمكن رصد ثلاثة مبادئ أساسية يمكن إتباعها في جميع الحالات:
1- الإثارة: تعتبر عاملا مهما في تلقين اللوحات، خاصة مع الأطفال لجلب انتباههم فينصح مثلا تلقينه في البداية رموزا معبرة عن لعب و حلوى. و لا يجب تقديم رمز آخر للطفل قبل التأكد من أنه قد استوعب و بشكل جيد الرمز السابق. كما يجب تغيير وضعية الرمز على اللوحة حتى لا يعتاد الطفل الأصم على ربط الرمز بوضعية معينة.
2- الأشياء الملموسة: نظرا للمستوى الذهني لبعض الأشخاص المعاقين، و الذي لا يسمح بالتعامل مباشرة مع الرموز منذ الوهلة الأولى، نعمد إلى استعمال الأشياء الملموسة وسائل مساعدة على فهم الرمز، لذا ينصح دائما بتلقين المعاق الرموز في محيطها الطبيعي: مثلا أثناء الأكل ينصح بتقديم الرموز المعبرة عن أنواع الأكل الموجودة أمامه. حتى يسهل عليه فهمها. و كذلك أثناء اللعب.
3- التعويم: يقصد بالتعويم بأن يجد الشخص نفسه في محيط من الرموز حيث يجب استعمالها في جميع الأماكن التي يتواجد بها. مثلا في البيت تلصق الرموز على الأثاث الموجود بالغرف و الأدوات الموجودة في المطبخ. كما يجب استعمالها في جميع الأنشطة التي تقام بالمؤسسات و الجمعيات.
و حتى يشعر المعاق بأنه يتواصل مع الآخرين بهذه الطريقة يجب على المربي و العائلة و الأصدقاء أن يتواصلوا معه بالإشارة إلى الرموز. كما يستحسن إعطاء المعاق الفرصة في المبادرة بالحوار، و الاتفاق معه على شيء يقوم به لجلب انتباه الآخرين كضرب الطاولة بيده أو إصدار صوت معين.

* تطبيقات:
لقد استوجبت ضرورة التأكد من مدى إمكانية تحقق عملية التواصل كغاية عبر PCS؛ الوقوف عند بعض النماذج مع تطبيق لبعض ما ورد عن خصائصها وآلياتها التي تساعد الطفل الأصم على التعبير عبر PCS.
عمدت إلى القيام بتجربة مع مجموعة من الأطفال الصم البكم، يدور محورها حول كيف يتصور الطفل الأصم الأبكم دلالة الأفعال كأحد الأصناف التي تنتظم فيها PCS ثم استخلاص النتائج المترتبة عن هذه التجربة. ثم إبراز مدى نجاح هذا النموذج الجديد في مساعدة الطفل على تحقيق عملية التواصل مع الآخرين.

1- عينة البحث:
تتكون عينة البحث من سبعة أطفال تتراوح أعمارهم ما بين الرابعة و الثانية عشر، كلهم صم مع تفاوت في درجة و عوامل الصم، و ينتمون إلى أوساط اجتماعية متوسطة و ميسورة.
يدرسون جميعهم بمؤسسة " الجمعية المغربية لرعاية الأطفال الصم البكم " بالدار البيضاء.

2- اختيار اللوحات:
لقد استوجبت مسألة صغر سن الأطفال الذين أتعامل معهم، ضرورة اختيار الحجم المناسب للوحات. فكانت من الحجم الكبير مما يساعدهم على الاستيعاب جيدا، تم تقسيم هذه اللوحات إلى ثلاثة أقسام تتضمن في مجموعها 45 صورة. ينتمي القسمان الأولان إلى نفس الحقل الدلالي: الأفعال الدالة على الحركة و العمل. أما القسم الثالث فيضم الأفعال الدالة على الإدراك.
أما بخصوص الصور، فقد انتقيتها تبعا لما يمكن أن يتوافر عليه الطفل في ذلك العمر من رصيد معرفي من الموضوعات المألوفة لديه و المكتسبة في الشارع أو في البيت أو في المدرسة مما يسهل عليه عملية التعرف عليها.
هذا و تضم كل لوحة ما يعادل خمسة رموز للأفعال. قدم كل رمز بثلاث مستويات موضوعة عمودية. تندرج من الأعلى إلى الأسفل و على رأس كل رمز لفظ الفعل الدال عليه و المكتوب باللهجة البيضاوية لتسهيل عملية التواصل معهم، بما أن العينة المتوفرة لدي تنتمي إلى الدار البيضاء.
أما عن تلوين اللوحات، فقد اخترت اللون الأخضر، على أساس أن العمل سيكون على الأفعال.

* طريقة العمل:
قدمت الرموز بثلاث مستويات تندرج من البسيط إلى المعقد فالأعقد، ثم عرضها على الأطفال السبعة، كل طفل على حدى. بدءا من الرمز الأول ثم الانتقال معه إلى الرمز الثاني فالرمز الثالث الأعقد.
فألاحظ مدى تعرف الطفل على هذه الرموز، و ذلك بوضع ثلاث جداول يضم كل واحد منها سبع خانات أفقية تضم أسماء الأطفال وأعمارهم. و خمس خانات عمودية تضم ألفاظ الأفعال المعتمدة. كل خانة مقسمة إلى ثلاث أعمدة بحسب مستويات رموز الأفعال. و داخل كل خانة مقابلة تم وضع ثلاث علامات : علامة
(+) و تعني أن الطفل تعرف على الصورة، و علامة (-) و تعني أن الطفل قد أعطى تصورا مغايرا للصورة، ثم (؟) و تعني أنه لم يعط أي جواب.

* النتائج المحصلة:
تبين من خلال النتائج أن هناك تفاوت بين الأطفال من حيث التعرف على الرموز الدالة على الأفعال، تراوحت بين الإيجاب (+) و السلب (-)، و أحيانا لا يتمكن الطفل من التعرف على الرمز (؟) و يمكن إرجاع هذا التفاوت إلى عدة مقاييس من بينها:
1- السن: كلما كان السن أصغر كلما كان الرصيد المعرفي لدى الطفل الأصم ضئيلا، و بالتالي يتعذر عليه التعرف على أغلب الرموز. و لكن يبقى عامل السن مسألة نسبية. إذ هناك أطفال من المجموعة رغم كبر سنهم لم يستطيعوا التعرف على بعض الرموز.
2- الوسط الاجتماعي: له دور كبير في تكثيف الرصيد المعرفي للأصم. فكلما تواجد الطفل داخل وسط أسري يتمتع بوعي كامل بنوع الإعاقة التي يعاني منها، فإنهم يتواصلون معه تبعا لهذه الإعاقة و تبعا لما تمليه عليهم من اختيار أساليب التواصل المناسبة. (نموذج الطفل مهدي و أشرف)، و هذا ما تعكسه الجداول إذ أن هناك رموز من المفروض أن تكون مألوفة لهؤلاء الأطفال و رغم ذلك لم يتمكنوا من التعرف عليها.
3- الذاكرة و القدرة الذهنية: تجمع مختلف الدراسات على أن الطفل الأصم يمتلك ذاكرة ضعيفة قلما تساعده على تذكر الأشياء. فيحتاج إلى التكرار و التذكير لما سبق أن عرض عليه أو تعلمه، و هذا ما ينطبق كذلك على مسألة التعرف على الرموز (حالة الطفل إبراهيم (12 سنة) يعاني من شرود ذهني يعطي تأويلات للرموز بعيدة عن التأويل الحقيقي لها).
4- الرموز: من أهم ما يجب أن تمتاز به PCS هو البساطة في رموزها حتى يتمكن الطفل الأصم من التعرف عليها و بالتالي يتواصل عن طريقها مع الآخرين و العالم، بدليل أنه قلما تعرف الأطفال على المستوى الأعقد من الرموز.

خلاصة:
يتبين من ذلك أن الطفل الأصم الأبكم تتحكم فيه عدة مقاييس للوصول إلى مرحلة اكتساب دلالة الأفعال و تصورها عبر الرموز، هذه المقاييس متداخلة و متكاملة فيما بينها إذ لا وجود لأحدها دون الآخر، مما يمكن الطفل من تصور الرموز الدالة على الأفعال، بل إن نفس المقاييس يمكن أن تنطبق على تصور مختلف الرموز الدالة على الأصناف الأخرى من رموز الصور التواصلية.
تعد إذا، رموز الصور التواصلية واحدة من بين أساليب التواصل التكميلي و البديل التي أسست خدمة للأشخاص الصم البكم على مستوى العلاقات، ليس فيما بينهم و حسب بل وأيضا بينهم و الآخرين من المحيطين بهم، فهي تقوم بنفس الدور المنوط بباقي الوسائل المساعدة الأخرى كالإشارات و الإيماءات و تعابير الوجه، بل أكثر من ذلك رأى كثير من المختصين ضرورة توظيف هذه الوسائل الأخيرة عند تعاملنا برموز PCS مع هؤلاء.
و لكن السؤال الذي يطرح هو: هل فعلا نجح نموذج رموز الصور التواصلية في الإرتقاء بالطفل الأصم الأبكم إلى تحقيق تواصله مع الآخرين على الرغم من توافر جميع المقاييس التي يشترطها استعمال هذا النموذج؟

ربي يوفقج يا الغالية ..

شكرا لك ^^

الحــــــــــــــــــــــمد لله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.