مشكلة بيئية حساسة تواجهها المنطقة العربية، وهي التصحر التدريجي الذي يحتل المناطق الزراعية.الوطن العربي بصفة عامة لديه مشكل الاكتفاء الذاتي في الغذاء،
في حين يمثل التصحر تهديدا حقيقيا للأمن الغذائي.تقليديا الشعوب العربية التي تعاني من التبعية الغذائية تمارس الزراعة من أجل حاجاتها الغذائية، فمثلا في منطقة دلتا النيل بمصر، وبعض مناطق إفريقيا الشمالية أين كان استئجار المزارع ممكنا وهذا إلى غاية القرن العشرين، تحولت إلى مناطق لزراعة الحبوب بطرق ري عصرية، مما ساعد في تقوية إنتاج الغذاء على المدى القصير، ولكن على حساب البيئة في المدى الطويل.إن النمو الديموغرافي السريع للشعوب العربية وخاصة في المنتصف الأخير للقرن العشرين، تسبب في ارتفاع الطلب على الغذاء، ولمواجهة هذا التحدي استغلت المناطق الرعوية الشاسعة في الزراعة، حيث إن هذه الظاهرة اشتدت في سنوات الثمانينيات من القرن الماضي، وشهدت هذه الفترة تمدن العديد من أهالي المنطقة، فكان توسع المدن على حساب أراضي صالحة للزراعة.
وقامت بعض الدول بمحاولات لتغيير أنظمة تسيير الأراضي، في الوقت نفسه، شهدت المنطقة مؤخرا هجرة الرعاة على شكل قبائل من بدو رحل، ويلعب تحرك هؤلاء الرعاة دورا هاما في تفادي الرعي المكثف وحماية الغطاء النباتي المهدد بالزوال.
أما في منتصف القرن العشرين، بدأت خصخصة الأراضي، فانتشرت الأراضي المحمية بسياج، وأنشأت المراعي المحمية، لتمنع الرعي فيها لفترات تترك الغطاء النباتي يتجدد.
الرعي المكثف يغتصب الأراضي ويضعف قوتها وينزع غطاءها النباتي الذي كان يحميها من الانجراف، لأن التصحر يجعل الأراضي عقيمة وجافة ويقضي على الثروة النباتية، وهذا أدى إلى زحف الصحراء إلى مناطق متقدمة في المنطقة، ويأتي الرعي المكثف في مقدمة أسباب التصحر، وبعده يأتي قطع الحطب من أجل التسخين والطبخ ولأغراض تجارية أخرى.وتدعو الوضعية في المملكة العربية السعودية إلى القلق، حيث إن 30% من الأراضي تدهورت، وتزايد عدد القطيع، مما ولد ضعفا في قدرة استيعاب هذه الأراضي للكم الهائل للماشية، وبذلك تظل المناطق الرعوية مهددة بالتصحر بفعل الرعي المكثف.واتخذت عدة حكومات إجراءات لحماية هذه الأراضي المهددة، حيث منعت الزراعة في بعض المناطق، ونُظم فيها الرعي، مع تحديد فترات الرعي وعدد الماشة في مناطق معينة، وإلى حد الساعة كانت النتائج محدودة، إذ إن النمو السكاني استمر في طلب المزيد من الإنتاج الزراعي، وأصبح التصحر أمرا مسلما به في كثير من الدول العربية، وصار ضمان الأمن الغذائي، أحد أبرز التحديات في المستقبل القريب.
