انشاء الله ينفعكم
________________________________________
آداب السوق
أخترنا موضوع آداب السوق وذلك لأهميته القصوى، فأن للسوق آدبا كثيرة، وحرمات عديدة، ينبغي أن تصان فلا تنتهك، وتحفظ فلا تخدش، ولا يستهان بها، ويجب علينا الإقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم بأفعاله وأقواله التي كان يأمر بها أو ينهى عنها أثناء دخوله إلى السوق، و متابعته سير المعاملات فيه، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرى منكرا إلا غيره وأزاله، ولا معروفا إلا أقره ورغب فيه، والمواظبة عليه مستمدا كل ذلك من توجيهات وتعليمات ربه سبحانه وتعالى، حيث قال الله تعالى: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).
آداب السوق
هناك العديد من أداب الأسواق والطرقات والأماكن العامة الذي يلتقي فيها جميع الناس ليبلغوا حاجاتهم، وفيما يلي الأمور التى يجب على المسلم والمسلمة اتباعها عند التواجد في السوق:
يسن لمن دخل السوق أن يذكر الله تعالى ويحمده ويثني عليه ، وذلك لما ورد عنه صلى الله
عليه وسلم أنه قال: "من دخل السوق فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك، وله
الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف
ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة، وبنى له بيتا في الجنة"
(أخرجه الترمذي في سننه، وحسنه الألباني) .
فخص النبي صلى الله عليه وسلم الذكر في السوق لإنه مكان الغفلة عن ذكر الله تعالى
والانشغال بالتجارة، فهو موضع سلطنة الشيطان، ومجمع جنوده، فالذكر يحارب السيطان،
ويهزم جنوده .
إفشاء السلام، وذلك أن السلام مندوب إلى فعله مطلقا، وخاصة في السوق لكثرة من يرتاده
من الناس من بائعين ومشترين وغيرهم فينال فاعله الأجر الكثير والثواب الجزيل، كما جاء
في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا تدخلوا الجنة
حى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحابتم؟ أفشوا السلام
بينكم" (أخرجه مسلم في صحيحه).
وأيضا روي عن أبي سعيد الخدري قال: إيّاكم والجلوس على الطرقات. فقالوا: ما لنا بدّ إنما هي مجالسنا نتحدث فيها. قال: فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها. قال: وما حق الطريق؟ قال: غضّ البصر، وكفّ الأذى، وردّ السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر متفق عليه.
يكره لمن دخل السوق أن يرفع صوته بالخصام واللجاج ورفع الصوت فقد ورد من صفته صلى الله عليه وسلم: "أنه ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب بالأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر" (أخرجه البخاري في صحيحه).
السخب مذموم في ذاته، فكيف إذا كان في الأسواق، التي هي مجمع الناس من كل جنس. فلا يليق بالرجل العاقل الرزين أن يكون سخاباً يستفزه أبسط إنسان، من أجل أموالاٌ معدودة.
ينبغي المحافظة على نظافة الأسواق وصانتها، فلا يجوز تلويثها بالأقذار والأوساخ مما قد
يكون سببا في تعطيل حركة السير، ومصدرا للروائح الكريهة المؤذية فيها ودليل ذلك ما
(أخرجه مسلم) من حديث ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال :
"اتقوا اللاعنين، قال : وما اللاعنان يارسول الله؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس
وظلهم".
والمراد بالتخلي في طريق الناس الذي يقضي حاجته في طريقهم وظلهم. فهذا أدب مهم وعزير في زمننا هذا، إذ الناظر في كثير من أسواق المسلمين يرى فيها العجب العجاب من الأقذار والأوساخ والنتن والروائح الكريهة، وكأن ديننا الحنيف لم يأمر بصيانة الأسواق والمحافظة عليها وإزالة وتنظيف أوساخها وأقذارها .
رفع الأطعمة وفتات الخبز عن قارعة الطريق، وإبعاد الأوراق التي كتب فيها أسماء كريمة أو قرآنية عن ممرات الناس.
مساعدة المحتاجين، وإغاثة الملهوفين، وإرشاد الضالين، وإعانة أبناء السبيل والمنقطعين، ودلالة الأعمى في طريقه، والحمل مع الضعيف في حمولته.
تجنب الجلوس في الطرقات، أو الوقوف في المنعطفات، أو على واجهات الحوانيت والمحلات.
يحرم على المرأة الخروج إلى السوق من غير ضرورة أو حاجة لقوله تعالى: (وقرن في
بيوتكم ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى). سورة الأحزاب.
فإذا اضطرت المرأة للخروج إلى السوق لعدم وجود أحد يقوم بشراء مستلزماتها، فيجب عليها
أن تخرج وهي ساترة لجميع أجزاء بدنها، غير كاسية عارية، ولا متزينة أو متعطرة،
وتراعي شروط الحجاب الشرعي، وعدم المكوث في السوق لفترة طويلة، ولا تخضع بالقول
للبائعين، وعليهن أن يتقين الله.
وأن يبتعدن عن مزاحمة الرجال، أو التحدث إليهم إلا عند
الحاجة الملحة، وأن يبتعدن عن إظهار زينتهن، أو إبراز مفاتنهن وذلك صيانة لكرامتهن،
وحفاظا على أعراضهن قال تعالى: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن
ولا يبدين زينتهن ألا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن) سورة النور.
غض البصر عن المحرمات، وعن مراقبة المارين من الناس في أعمالهم أو تصرفاتهم أو لباسهم، حيث قال الله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم).
إن كثرة تردد العبد على الأسواق تعرضه لرؤية ما لا يرضى الله عز وجل، فإن الأسواق قلما تسلم من مناظر محرمة،
خصوصاً ما نراه من تسكع نساء هذا الزمان في الأسواق والتبرج وإظهار الزينة دون حياء. فعلى الرجل إذا دخل السوق أن يغض بصره بقدر ما يستطيع، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، لأن الله عز و جل جعل العين مرآة القلب. فإذا غض العبد بصره، غض القلب شهوته وإرادته، وإذا أطلق العبد بصره، أطلق القلب شهوته وإرادته. (أخرجه البخاري في صحيحه).
وإن الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل كتب على ابن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة، فالعين تزني وزناها النظر، واللسان يزني وزناه النطق، والرجل تزني وزناها الخطي، واليد تزني وزناها البطش، والقلب يهوي ويتمنى ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه فبدأ بزنى العين، لأنه أصل زنى اليد والرجل والقلب والفرج"
وهذا الحديث من أبين الأشياء على أن العين تعصي بالنظر وأن ذلك زناها، لأنها تستمتع .
قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: "يا على لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الثانية". (رواه الإمام أحمد).
القصد في المشي، وذلك بعدم الإسراع والركض في الطرقات، وعدم البطء والتمهل والاختيال والتبختر تكبرا وتعاظما وإعجابا بالنفس.
قال تعالى: (وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً) سورة الإسراء. وأيضا قال الله تعالى: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) سورة لقمان.
وعن ابن عمر رضي الله عنه ما قال: قال رسول الله: "من تعظّم في نفسه، واختال في مشيته، لقي الله وهو عليه غضبان" (رواه البخاري).
ينبغي على التاجر في السوق أن يكون صادقا في بيعه ويبين العيوب الموجودة في سلعه، ولا يكتم منها شيئا وهذا يعتبر من أهم الركائز التي تقوم عليها المعاملات بين الناس. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعا وفيه عيب إلا بينه له". (أخرجه ابن ماجة من حديث عقبة بن عامر) .
فإن صدق البائع والمشتري في بيعهما بارك الله تعالى فيه وإذا كتما العيب محق الله بركة
بيعهما فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا
او قال حتى يفترقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما فعسى أن يربحا
ربحا، ويمحقا بركة بيعهما." (متفق عليه) .
عدم الغش والكذب: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على سفرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه ، فقال: "ما هذا يا صاحب الطعام؟" قال: "أصابته السماء يا رسول الله! قال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس! من غش فليس مني"
(أخرجه مسلم).
عدم الحلف في البيع والشراء، وهذا الأمر يتعلق بالتجار. حيث روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، المسبل إزاره، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب" (متفق عليه).
والمعنى أن البائع قد يحلف للمشترى أنه اشتراها بكذا وكذا، وقد يخرج له فواتير في ذلك، فيصدق المشتري، ويأخذها بزيادة على قيمتها، والبائع كذاب، وإنما حلف طمعاً في الزيادة، فهذا يعاقب بمحق البركة، فيدخل عليه من النقص أعظم من تلك الزيادة التي أخذها من حيث لا يحتسب بسبب حلفه، وليعلم كل تاجر أن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، وإن تزخرفت الدنيا
للعاصي، فإن عاقبتها اضمحلال وذهاب وعقاب، (روى البخاري في صحيحه) عن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه أن رجلاً أقام سلعته وهو في السوق،
فحلف بالله: لقد أعطى بها ما لم يعط ليوقع فيها رجلاً من المسلمين، فنزل قول الله تعالى: (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم).
عدم البيع والشراء في أوقات الصلاة.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10). سورة الجمعة.
العدل في جميع الأحوال، حيث قال الله تعالى: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) سورة المطففين.
اجتناب البيوع والمعاملات والأشياء المحرمة والخبيثة : قال الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) سورة البقرة. وقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) سورة المائدة.
وأيضا قال الله تعالى: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) سورة الاعراف.
عدم احتكار السلع، حيث حدث معمر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحتكر إلا خاطئ". (أخرجه مسلم).
السماحة في البيع والشراء، حيث قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "رحم الله رجلاً، سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى". أخرجه البخاري.
إنظار المعسر، حيث قال أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان تاجر يداين الناس، فإذا رأى معسراً قال لفتيانه تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا، فتجاوز عنه". متفق عليه.
يكره الإكثار من دخول السوق لغير حاجة لما فيها من الحرص والطمع والغش والافتتان، لما (أخرج مسلم في صحيحه) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها".
والسبب في الأسواق أنها أبغض الأماكن لأنها محل الشيطان من الحرص والطمع والخيانة والغش والخداع، والربا والأيمان الكاذبة، وإخلاف الوعد، والفتن والغفلة فالمراد بغض ما يقع فيها .
أداب المنتزهات والأماكن العامة
في الإجازة وفي عطلة نهاية الأسبوع يكثر اجتماع الشباب في الأماكن والحدائق والمنتزهات العامة، وفي ليالي الصيف عموماً يقصد الناس تلك الأماكن للترويح ومزاولة رياضة المشي والتنزه، والأصل في الجلوس في تلك الأماكن أنه غير مرغوب فيه شرعاً بسبب ما يترتب عليه من مضايقة للمارين والمارات، وتعرض للوقوع في الممنوع شرعاً مثل النظر إلى النساء، وشغل القلب بالناس، وجر ذلك إلى الوقوع في الغيبة وسوء الظن، وتهمة الآخرين حسب ظاهر أحوالهم، والتقصير في حق المسلمين بالنسبة لما يطلب نحوهم في مثل هذه المجالس.
ولذلك حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من الجلوس على طريق الناس، فأخبره الصحابة أنهم لا يستغنون عن الجلوس على الطريق، لأنها هي التي تسع تجمّعهم سواء قل عدد المجتمعين أو كثر، وخصوصاً أن دورهم كانت ضيقة في الغالب، وليس فيها أماكن تصلح لمثل هذه الجلسات، لذلك سمح النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالجلوس عليها مع القيام بآداب ذكرت في عدة أحاديث فوصل عددها إلى ثلاثة عشر أدباً وهي:
غض البصر، وكف الأذى عن المارين بقول أو فعل، ورد السلام على من يلقيه من المارين، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، تشميت العاطس، ومساعدة من يحمل متاعه على سيارة أو دابة، وإغاثة الملهوف، وإرشاد ابن السبيل، وإعانة المظلوم ومساعدته على ظالمه، وذكر الله تعالى حتى لا يشغله الطريق ويلهيه، وحسن الكلام، لأن مثل هذه المجالس عرضة للخوض فيما هو ممنوع شرعاً، وإفشاء السلام، وقد نظمها الحافظ ابن حجر في أربعة أبيات فقال:
جَمَعْتُ آدَابَ مَنْ رَامَ الجُلُوسَ عَلَى الطَّرِيقِ مِنْ قَوْل خَيْرِ الْخَلْقِ إِنْسَاناً
أفْشِ السَّلامَ وأَحْسِنْ في الْكَلام وِشَمتْ عَاطِساً وَسَلاماً رُدَّ اِحْسَاناً
في الْحَمْلِ عَاوِنْ وَمَظْلُوماً أَعِنْ وَأَغِثْ هْفَانَ اهْدِ سَبِيلاً و اهْدِ حَيَرانا
بالعُرْفِ وَانْه عن نُكرٍ وَكُفّ أَذى وغضَّ طَرْفاً وَأكْثِرْ ذِكْرَ مَوْلاَنَا
وقد أخذ ابن حجر هذه الآداب من الأحاديث الآتية: عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إِيَّاكُمْ والْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقاتِ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ فَأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ، قَالُوا: وَمَا حَقُّهُ؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الأذَى وَرَدُّ السَّلامِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، والنَّهْىُ عَنْ الْمُنْكَر".
(رواه البخاري ومسلم، وغيره ذلك من الأحاديث الصحيحة).
ويلاحظ في الحديث كما في جميع التشريعات الإسلامية الحرص على مراعاة شعور الآخرين وإحساسهم وكرامتهم وراحتهم حتى لم يرض المشرع أن يطلق الجالس في الطريق نظره على المارة فيحرج النساء ويضيق عليهن.
كما لم يرض من الجالس أن يؤذي ماراً بأي نوع من الإيذاء المادي أو المعنوي، وفي ذلك تنبيه للذين يقصدون تلك الأماكن والمنتزهات العامة بقصد الإيذاء بإطلاق النظر إلى النساء ومضايقتهن وتعمدهن بالإيذاء عن طريق أجهزة الجوال إما بالتصوير أو بإرسال رسائل عبر ما يسمى (بالبلوتوث) أو بمحاذاتهن في الجلوس أو المشي مع لبس الفاتن من اللباس وقص الشعور قصات غربية،
والاستعراض بالسيارات الفخمة الفارهة ورفع صوت المسجل على أغانٍ ساقطة تدعو للفساد والفتنة من دون خوف من الله ولا حياء من الناس، فإلى الله نشكو حال بعض شبابنا.
لقد جاء الإسلام بكل ما يُسعد في الدنيا والآخرة، ويجعل المسلم يعيش مراعياً لحقوق الآخرين مبتعداً عن إلحاق الضرر بهم والتعدي على حرماتهم، متخلقاً بأخلاق دينه مبتعداً عما يشين من سيئ الأقوال والأعمال، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل قد رغب الإسلام المسلمين في إزالة الأذى عن الطريق منعاً لوقوع الإيذاء، وعملاً على سلامة المارين، ولذا جاء في أحاديث صحيحة أن إزالة الأذى عن الطريق صدقة.