السلام عليكم
السموحة دورت ما حصلت غير هذا
الضرورات الخمس
حث فضيلة العلامة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي المصلين في درس التراويح بمسجد الإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله- على التمسك بالكليات الخمس التي جاء الإسلام من أجل الحفاظ عليها وحمايتها وهي لا تقوم الحياة أو تستقيم إلا بها وهي المحافظة على الدين، والنفس، والنسل والنسب، والعقل والمال، مؤكدا أن أسمى هذه الضرورات هو الدين لأنه عبارة عن عقائد وعبادات وأخلاق أساسها العقيدة، وجوهرها التوحيد لقوله تعالى «ألا تشركوا به شيئا» وقوله سبحانه ايضا «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه» وقوله جل شأنه «لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا».
وقال: إن حديثنا عن وصايا الحكمة التي أوردتها سورة الاسراء والتي يسميها بعض السلف سورة بني اسرائيل لانها ذكرت قصتهم وافسادهم في الارض واستحقوا على ذلك العقوبة من الله لقوله تعالى«عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا» وأنهم عادوا للإفساد وسيعود الله عليهم بالعقاب لقول الشاعر:
إن عادت العقرب عدنا لها بالنعل والنعل لها حاضرا
موضحا أن العقرب وهم بنو اسرائيل قد عادوا للافساد في الارض واستكبروا وأن ما يجري في فلسطين من أحداث أبلغ دليل على ذلك.
وأضاف أن السورة اشتملت على 17 وصية وهي تفصيل لما جاء في سورة الانعام ومنها قوله تعالى «ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا» وقوله «وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى» وقوله «وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله» وأن سورة الاسراء عللت وفصلت أكثر فسماها الله سورة الحكمة لأنها جمعت الأحكام وعللها وتفاسيرها لقوله تعالى «ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا».
وأشار الفقهاء إلى أن الضرورات الخمس التي حددها الله عز وجل في هذه السورة هي أساس الدين الاسلامي وأن العقيدة أساس الاسلام وجوهرها التوحيد مبينا أن أساس الفساد والانحراف والضلال في البشرية هو الشرك بالله واتخاذ ارباب من دونه لم ينزل بهم من سلطان لذلك جاءت دعوة الانبياء والرسل إلى عبادة الله وحده وأن يحرر الاقوام من العبودية وبين فضيلته أن سورة الاسراء عنيت بتقرير الجانب الاخلاقي مثل الاحسان إلى الضعفاء والمساكين وأبناء السبيل والابتعاد عن الكبر والغرور والتبختر لقوله تعالى «انك لن تخرق الارض» مستشهدا بقول المعري:
هذي قبورنا تملأ الرحب وأين القبور من عهد عاد
وأكد د.القرضاوي أن الجانب الديني يشمل الجانب الاخلاقي، وأن العبادات من الضروريات التي يحافظ عليها الاسلام ومنها المحافظة على النفس وحق الانسانية في الحياة وأنه لا يجوز الاعتداء على حياة الآخرين لقوله تعالى « من أجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا» وأن احترام النفس هو أساس هذه الآيات لقوله تعالى «ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا».
وعرج إلى قتل الحيوان والاساءة اليه مستشهدا بقصة امرأة دخلت النار في هرة عذبتها ولم تطعمها وايضا في قتل الكلاب والتخلص منها وذلك لحديث شريف يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم «لولا أن الكلاب أمة من الامم لأمرت بقتلها» ولقوله تعالى «وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم» كما بين في هذا الصدد إبادة الشعوب الأصليين مثل الهنود الحمر في أميركا وحرب الابادة التي تقوم بها اسرائيل تجاه الفلسطينيين دون احترام لحقوق الانسان والحياة.
وذكر فضيلته أن الاسلام شرع القصاص في القتل العمد من الدية أو الكفارة لقوله تعالى «وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا» حتى وإن كان بيننا ميثاق فهذا له ديته وكفارته مبينا أن القتل المحرم ليس بين مسلم ومسلم إنما مع غير المسلمين بهدف الحفاظ على الحياة والنسل والنسب لقوله تعالى «ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم واياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا». وتحدث عن وأد البنات الذي كان منتشرا في الجاهلية بسبب الفقر أو خشية وقوع الفقر لقوله تعالى «وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها» مؤكدا أن الله أودع في الارض ما يكفي لعباده وانه في كوكب الارض اشياء كثيرة لم يكتشفها الناس بعد.
وأضاف :في الحفاظ على النسب ضرورة صفاء الانساب وعدم اختلاطها لضمان نقائها وبعدها عن الأمراض، ومن اجل ذلك حرم الله الزنا لقوله تعالى «ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا» وأن الزواج يحافظ على النسب والطهارة في العلاقة الشرعية.
وأشار إلى ضرورة الحفاظ على العقل البشري والذي هو أساس الخطاب والخلافة في الأرض لقوله تعالى «اني جاعل في الارض خليفة» وأن عمارة الكون تكون بالحفاظ على هذه الوصايا لقوله تعالى «إنَّ السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا» وانه ينبغي عدم الاستسلام لكل دعوة وهناك عقل يميزها مستشهدا بقضية وجود الله وهي اعظم قضايا الدين وإن اثباتها يحتاج إلى الاحتكام للعقل.
واستدل بحكمة العقل إلى شهادة الفقهاء والعلماء الذين يؤكدون إن العقل أساس النقل والاسلام يحترم العقل وإن الدين لا يقوم إلا بمن عليه الحجة ليثبت صحته واستناده إلى دليل علمي موثق وصحيح مبينا أن هناك اشياء تثبت بالمشاهدة والملاحظة والتجربة والتواصل مع الاسانيد التاريخية والروايات الاسلامية المتصلة برواة حتى تثبت صدقها وصحتها.
ويقول الله عز وجل «نبئوني بعلم إن كنتم صادقين» وقوله «قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا» وقوله تعالى «والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون» واوضح أن وسائل العلم هي البصر والسمع والفؤاد، ومن تعطلت وسائله فقد الاتصال مع العالم المحيط به وأن العلوم الطبيعية والاسلامية والكونية تمّ إثباتها عن طريق هذه الوسائل، اضافة إلى المختبرات والمشاهدات العلمية وعن طريق البرهان والدليل والعقل واقامة المقدمات والحجج للوصول إلى استنتاجات.
ودعا المسلمين إلى التدبر بملكوت الله والتفكر في عظمته وبديع خلقه من خلال هذه الوسائل ولا يكون كالكفار الذين تعطلت وسائلهم عن التدبر في الكون لقوله تعالى «وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون»، وقوله تعالى «ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالانعام بل هم أضل اولئك هم الغافلون» وأن سبب الغفلة في عدم التفكر والتدبر، وعن الحفاظ على هذه المقومات قال فضيلة العلامة القرضاوي أن الوصايا الاساسية التي حملتها السورة قوام كل دين، وأن الحفاظ على المال من الاساسيات لقوله تعالى «ولا تبذر تبذيرا» وقوله تعالى «ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط» وقوله «ولا تقربوا مال اليتيم» وقوله «وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم» وأن هذا يدل على أنه قوام كل حياة وعصب كل حياة لذلك أكد الاسلام على ضرورة الحفاظ على كل مقومات المسلم.
http://www.qaradawi.net/site/topics/…&parent_id=196