بخلقه طموح بقدراته ومبدع بمواهبه وذلك من خلال رفع كفاءة المعلمين
وصقل خبراتهم في بيئة تعليمية مواكبة للتقنيات الحديثة ووثيقة الصلة بالاسرة والمجتمع.
]
]
وأول مايهمني طرحه هنا
هي نقطة الدعم الوجداني لأولياء الأمور من حيث التقبل الوجداني لطفل له احتياجات خاصة..من خلال قصة طريفة قراتها في أحد الكتب المهتمة بالموضوع، وفيها يشرح الأب طريقته في مواجهة حقيقة أن لديه طفل ذو احتياجات خاصة معقدة.
مرحبا بك في هولندا
كثيرا ما كان يطلب مني وصف تجربتي في تربية طفل ذي احتياجات خاصة- لمساعدة الأشخاص الذين لم يمروا بهذه التجربة الفريدة كي يفهمونها . ولتتصور ما يمكن أن تشعر به ، فالتجربة كانت كالآتي ….
عندما تعرف أنه سوف يصبح لك طفل ، فإنك كمن يخطط للقيام برحلة أسطورية إلي إيطاليا . فتبدأ بشراء مجموعة من الكتب الإرشادية وتعد خططك الرائعة . كما قد تتعلم بعض الجمل الإيطالية . وهذا كله مثير ورائع.
وبعد الانتظار بشوق ولهفة يأتي اليوم الموعود . فتحزم الأمتعة وترحل . وبعد ساعات عديدة، تهبط الطائرة . ويأتي المضيفون ليقولوا لك مرحبا بك في هولندا .
فتقول: هولندا ؟!؟ ماذاتعنون بهولندا ؟ كنت مسافرا إلي إيطاليا .كم تمنيت أن أذهب إلى هناك . ولكن هناك تغيير في الخطة .فلقد هبطت الطائرة في هولتدا ولا بد أن تمكث بها.
والشيء المهم أنهم لم يأخذوك إلى مكان فظيع قذر او ملئ بالأوبئة والمجاعات والأمراض ، ولكنه فقط مكان مختلف .
ولذلك ، لا بد أن تخرج وتشتري كتبا إرشادية جديدة . كما يجب أن تتعلم لغة جديدة تماما . وستقابل مجموعة جديدة تماما من الأشخاص لم تقابلهم من قبل .
فهو فقط مكان مختلف . سرعة الحياة فيه أبطأ من إيطاليا. فالحياه فيه ليست صارخة كما في إيطاليا . ولكن بعد أن تمكث فيه لبرهة وتتنفس الصعداء ، فتنظر حولك وتلاحظ أن بهولندا طواحين هواء كما أن بها نباتات جميلة كالتوليب.
ولكن كل الاشخاص الآخرين ستجدهم مشغولين بالذهاب والعودة من إيطاليا . وكل منهم يفتخر بالوقت الجميل الذي قضاه هناك. وتظل طوال حياتك تقول " نعم ، هذا هو المكان الذي كان يجب ان أذهب إليه . فهذا ما خططت له"
ولا يزول هذا الإحساس بالألم أبدا لأن فقدان هذه الأمنية خسارة كبيرة جدا . ولكنك إذا قضيت حياتك تتحسر على عدم ذهابك لإيطاليا ، سوف لا تستمتع أبدا بالأشياء الجميلة الخاصة جدا في هولندا.
منقول
شعر عن ذو الاحتياج
لا تقل إني معاق مدلي كف الأخوة
هـل شـربـت المر مـثـلي هـل تـوسـدت الأنــيـنْ ؟!
كان يسألني ببراءة : … لماذا تعرج ؟ … قلت لادري ! – باستياء –
لا تقل إني معاق مدلي كف الأخوة
ستراني في السباق أعبر الشوط بقوة
…….
إنني طفل معوق
هـل شـربـت المر مـثـلي هـل تـوسـدت الأنــيـنْ ؟!
وتـجـرعــت الـمـآسـي وتقيأت الحـنــيـنْ ؟!
أنت تـعـدو فـي سـرور تـتـشكـل كـالعـجــيـنْ
وأنـا صــورة طــفـــلٍ آل ألا يــســتــكــيــنْ
*******
أشـعــرِونـي بـكـيـانـي لـيـس بالـعـطـفِ الـمهَيـنْ
أدمـجـوني مـع رفــاقــي واقـمعـوا حُــزْني الـدّفـيـنْ
واطــردوا عـنـي الـكـآبة وتــبـاريـحَ الــسـنـيـنْ
خـفـّفـوا عـنيّ قـيـودي إنـني مـثـل الـسـجــيـنْ
*******
تَـسْــمَـعُ الأصـواتَ حـوَلكْ أتـلــقـاّهـا طــنـيـنْ
فـي يـديـك الـنـاي يـشـدو فـي يـدي لحـن حـزيـنْ
غـير أنــيّ يا صـديـقــي مؤمــنٌ جَــلْــدٌ رزيــنْ
أسـتـمـدّ الـعـون دومـاً من إلــه الـعـــالـميـنْ
وسلامتكم..اتمنى تقييمي..
شكرا لك نتريا المزيد
ربي يحفظج
حمل من المرفقات لطفا
هلا هلا إأستإأذنـإأ.. وإأشكــرك على هذإأ المجهــوود الـرإأئع ..
وبارك الله فيــك .. ^_^
وإذا نظرنا -سريعًا- إلى تاريخ الغرب مع ذوي الاحتياجات الخاصة، نجد مجتمعات أوروبا القديمة، كروما وإسبرطا قد شهدت إهمالاً واضطهادًا صارخًا لهذه الفئة من البشر، فلقد كانت هذه المجتمعات -حكامًا وشعوبًا- تقضي بإهمال أصحاب الإعاقات، وإعدام الأطفال المعاقين.
وكانت المعتقدات الخاطئة والخرافات هي السبب الرئيسي في هذه الانتكاسة، فكانوا يعتقدون أن المعاقين عقليًّا هم أفراد تقمصتهم الشياطين والأرواح الشــريرة. وتبنّى الفلاسفة والعلماء الغربيون هذه الخرافات، فكانت قوانين (ليكورجوس) الإسبرطي و(سولون) الأثيني تسمح بالتخلص ممن بهم إعاقة تمنعه عن العمل والحرب، وجاء الفيلسوف الشهير (أفلاطون) وأعلن أن ذوي الاحتياجات الخاصة فئة خبيثة وتشكل عبئًا على المجتمع، وتضر بفكرة الجمهورية.. أما (هيربرت سبنسر) فقد طالب المجتمع بمنع شتى صور المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة، بزعم أن هذه الفئة تثقل كاهل المجتمع بكثير من الأعباء دون فائدة.
بيد أن العرب -وإن كانوا يقتلون البنات خشية العار- كانوا أخف وطأة وأكثر شفقة على أهل البلوى والزمنى، وإن كانوا يتعففون عن مؤاكلة ذوي الاحتياجات الخاصة أو الجلوس معهم على مائدة طعام.
وفي الوقت الذي تخبط فيه العالم بين نظريات نادت بإعدام المتخلفين عقليًّا وأخرى نادت باستعمالهم في أعمال السخرة اهتدى الشرق والغرب أخيرًا إلى "فكرة" الرعاية المتكاملة لذوي الاحتياجات الخاصة.. في ظل هذا كله نرى رسولنا المربي المعلم صلى الله عليه وسلم كيف كانت رحمته لهذه الفئة من بني البشر، وهذا غيض من فيض رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.
رعاية النبي لذوي الاحتياجات الخاصة
فعن أنس رضي الله عنه أن امرأة كان في عقلها شيء، فقالت: يا رسول الله إن لي إليك حاجة! فَقَالَ: "يَا أُمّ فُلاَنٍ! انظري أَيّ السّكَكِ شِئْتِ، حَتّىَ أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ"، فخلا معها في بعض الطرق، حتى فرغت من حاجتها(1). وهذا من حلمه وتواضعه صلى الله عليه وسلم وصبره على قضاء حوائج ذوي الاحتياجات الخاصة..
وفي هذا دلالة شرعية على وجوب تكفل الحاكم برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، صحيًّا واجتماعيًّا، واقتصاديًّا، ونفسيًّا، والعمل على قضاء حوائجهم، وسد احتياجاتهم.
ومن صور هذه الرعاية
– العلاج والكشف الدوري لهم.
– تأهيلهم وتعليمهم بالقدر الذي تسمح به قدراتهم ومستوياتهم.
– توظيف مَن يقوم على رعايتهم وخدمتهم.
ولقد استجاب الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لهذا المنهج النبوي السمح، فأصدر قرارًا إلى الولايات:
"أن ارفعوا إلىَّ كُلَّ أعمى في الديوان أو مُقعَد أو مَن به فالج أو مَن به زمانة تحول بينه وبين القيام إلى الصلاة. فرفعوا إليه"، وأمر لكل كفيف بموظف يقوده ويرعاه، وأمر لكل اثنين من الزمنى -من ذوي الاحتياجات- بخادمٍ يخدمه ويرعاه(2) .
وعلى نفس الدرب سار الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك -رحمه الله تعالى-، فهو صاحب فكرة إنشاء معاهد أو مراكز رعاية لذوي الاحتياجات الخاصة، فأنشأ [عام 707م – 88هـ] مؤسسة متخصصة في رعايتهم، وظّف فيها الأطباء والخدام وأجرى لهم الرواتب، ومنح راتبًا دوريًّا لذوي الاحتياجات الخاصة، وقال لهم: "لا تسألوا الناس"، وبذلك أغناهم عن سؤال الناس، وعين موظفًا لخدمة كل مقعد أو كسيح أو ضرير(3).
الأولوية لهم في الرعاية وقضاء احتياجاتهم
وإذا كان الإسلام قد قرر الرعاية الكاملة لذوي الاحتياجات الخاصة، والعمل على قضاء حوائجهم، فقد قرر أيضًا أولوية هذه الفئة في التمتع بكافة هذه الحقوق، فقضاء حوائجهم مقدم على قضاء حوائج الأصحاء، ورعايتهم مقدمة على رعاية الأكفاء، ففي حادثة مشهورة أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عبس في وجه رجل أعمى -هو عبد الله ابن أم مكتوم رضي الله عنه- جاءه يسأله عن أمرٍ من أمور الشرع، وكان يجلس إلى رجالٍ من الوجهاء وعلية القوم، يستميلهم إلى الإسلام، ورغم أن الأعمى لم يرَ عبوسه، ولم يفطن إليه، فإن المولى تبارك وتعالى أبى إلا أن يضع الأمور في نصابها، والأولويات في محلها، فأنزل سبحانه آيات بينات تعاتب النبي الرحيم صلى الله عليه وسلم عتابًا شديدًا:
يقول الله فيها: ]عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى[ [عبس: الآيات 1 – 5]
يقول الباحث الإنجليزي "لايتنر" معلقًا على هذا الحادث:
".. مرة، أوحى الله تعالى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحيًا شديد المؤاخذة؛ لأنه أدار وجهه عن رجل فقير أعمى ليخاطب رجلاً غنيًا من ذوي النفوذ، وقد نشر ذاك الوحي، فلو كان صلى الله عليه وسلم كما يقول أغبياء النصارى بحقه صلى الله عليه وسلم لما كان لذاك الوحي من وجود!"(4)
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم -بعد ذلك- يقابل هذا الرجل الضرير، فيهش له ويبش، ويبسط له الفراش، ويقول له: "مرحبًا بمن عاتبني فيه ربي!"(5)
ففي هذه القصة، نرى علّة المعاتبة؛ لكونه صلى الله عليه وسلم انشغل بدعوة الوجهاء عن قضاء حاجة هذا الكفيف، وكان الأولى أن تُقضى حاجته، وتقدم على حاجات من سواه من الناس.
وفي هذه القصة دلالة شرعية على تقديم حاجات ذوي الاحتياجات الخاصة على حاجات من سواهم.
عفوه صلى الله عليه وسلم عن سفهائهم وجهلائهم:
وتجلت رحمة الحبيب صلى الله عليه وسلم بذوي الاحتياجات الخاصة، في عفوه عن جاهلهم، وحلمه على سفيههم، ففي معركة أحد [شوال 3هـ – إبريل 624م]، لما توجه الرسول صلى الله عليه وسلم بجيشه صوب أحد، وعزم على المرور بمزرعة لرجل منافق ضرير، أخذ هذا الأخير يسب النبي صلى الله عليه وسلم وينال منه، وأخذ في يده حفنة من تراب وقال -في وقاحة- للنبي صلى الله عليه وسلم : والله لو أعلم أني لا أصيب بها غيرك لرميتك بها! حَتى همَّ أصحاب النبي بقتل هذا الأعمى المجرم، فأبي عليهم -نبي الرحمة- وقال: "دعوه!"(6).
ولم ينتهز رسول الله ضعف هذا الضرير، فلم يأمر بقتله أو حتى بأذيته، رغم أن الجيش الإسلامي في طريقه لقتال، والوضع متأزم، والأعصاب متوترة، ومع ذلك لما وقف هذا الضرير المنافق في طريق الجيش، وقال ما قال، وفعل وما فعل، أبى رسول الله إلا العفو عنه، والصفح له، فليس من شيم المقاتلين المسلمين الاعتداء على أصحاب العاهات أو النيل من أصحاب الإعاقات، بل كانت سنته معهم؛ الرفق بهم، والاتعاظ بحالهم، وسؤال الله أن يشفيهم ويعافينا مما ابتلاهم.
تكريمه ومواساته صلى الله عليه وسلم لهم:-
فعن عائشة رضي الله عنه أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله عز وجل أوحى إليّ أنه من سلك مسلكًا في طلب العلم سهلت له طريق الجنة ومن سلبت كريمتيه [يعني عينيه] أثَبْته عليهما الجنة…" (7)
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، عن رب العزة – قال: "إذا سلبت من عبدي كريمتيه وهو بهما ضنين، لم أرضَ له ثوابًا دون الجنة، إذا حمدني عليهما"(8).
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم لكل أصحاب الإصابات والإعاقات: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُشَاكُ شَوْكَةً فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا كُتِبَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَمُحِيَتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ"(9).
ففي مثل هذه النصوص النبوية والأحاديث القدسية، مواساة وبشارة لكل صاحب إعاقة؛ إذا صبر على مصيبته، راضيًا لله ببلوته، واحتسب على الله إعاقته، فلا جزاء له عند الله إلا الجنة.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عن عمرو بن الجموح رضي الله عنه، تكريمًا وتشريفًا له: "سيدكم الأبيض الجعد عمرو بن الجموح" وكان أعرج، وقد قال له النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم: "كأني أنظر إليك تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة"، وكان رضي الله عنه يُولِم على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تزوج(10).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مرتين يصلي بهم وهو أعمى(11) .
وعن عائشة رضي الله عنه أن ابن أم مكتوم كان مؤذنًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعمى(12).
وعن سعيد بن المسيب رحمه الله أن المسلمين كانوا إذا غزوا خلفوا زمناهم، وكانوا يسلمون إليهم مفاتيح أبوابهم، ويقولون لهم: قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في بيوتنا(13) .
وعن الحسن بن محمد قال: دخلت على أبي زيد الأنصاري فأذن وأقام وهو جالس قال: وتقدم رجل فصلى بنا، وكان أعرج أصيبت رجله في سبيل الله تعالى(14).
وهكذا كان المجتمع النبوي، يتضافر في مواساة ذوي الاحتياجات الخاصة، ويتعاون في تكريمهم، ويتحد في تشريفهم، وكل ذلك اقتداء بمنهج نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم مع ذوي الاحتياجات الخاصة.
زيارته صلى الله عليه وسلم لهم
وشرع الإسلام عيادة المرضى عامة، وأصحاب الإعاقات خاصة؛ وذلك للتخفيف من معاناتهم.. فالشخص المعاق أقرب إلى الانطواء والعزلة والنظرة التشائمية، وأقرب من الأمراض النفسية مقارنة بالصحيح، ومن الخطأ إهمال المعاقين في المناسابات الاجتماعية، كالزيارات والزواج..
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المرضى، فيدعو لهم، ويطيب خاطرهم، ويبث في نفوسهم الثقة، وينشر على قلوبهم الفرح، ويرسم على وجوهه البهجة، وتجده ذات مرة يذهب إلى أحدهم في أطراف المدينة، خصيصًا؛ ليقضي له حاجة بسيطة، أو أن يصلي ركعات في بيت المبتلى تلبية لرغبته.. فهذا عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه -وكان رجلاً كفيفًا من الأنصار- يقول للنبي صلى الله عليه وسلم :وددتُ يا رسول الله أنك تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى.
فوعده صلى الله عليه وسلم بزيارة وصلاة في بيته قائًلا -في تواضع جم-: "سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ"..
قال عتبان فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حين ارتفع النهار فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذنتُ له فلم يجلس حتى دخل البيت، ثم قال: "أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ"، فأشرتُ له إلى ناحية من البيت فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر فقمنا، فصفنا، فصلى ركعتين، ثم سلم(15) .
الدعاء لهم
وتتجلى -أيضًا- رحمة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم بالفئات الخاصة -من ذوي الاحتياجات- عندما شرع الدعاء لهم، تثبيتًا لهم، وتحميسًا لهم على تحمل البلاء.. ليصنع الإرادة في نفوسهم، ويبني العزم في وجدانهم.. فذات مرة، جاء رجل ضرير البصرِ إلى حضرة النبي صلى الله عليه وسلم .. فقَالَ الضرير: ادعُ اللَّهَ أنْ يُعافيني..
قَالَ الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم : "إنْ شِئتَ دَعوتُ، وإنْ شِئتَ صبرتَ فهوَ خيرٌ لك".
قَالَ: فادعُهْ. فأمرَهُ أنْ يتوضَّأ فيُحسنَ وُضُوءَهُ ويدعو بهذا الدعاء: "الَّلهُمَّ إنِّي أسألكَ وأتوجَّهُ إليكَ بنبيِّكَ مُحَمَّد نبيِّ الرَّحمةِ إنِّي توجَّهتُ بكَ إِلى رَبِّي في حاجتي هذِهِ لتُقْضَى لي، الَّلهُمَّ فَشَفِّعْهُ فيَّ"(16) .
وأَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم امرأة تُصرع، فقالت: إني أُصْرَعُ، وإني أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي!
فقَال النبي صلى الله عليه وسلم : "إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ".
فقالت: أَصْبِرُ. ثم قالت: إِنِّي أَتَكَشَّفُ! فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ.
فَدَعَا لَهَا صلى الله عليه وسلم ( 17).
وهكذا المجتمع الإسلامي؛ يدعو -عن بكرة أبيه- لأصحاب الإعاقات والعاهات وما رأينا مجتمعًا على وجه الأرض يدعو بالشفاء والرحمة لأصحاب الاحتياجات الخاصة، غير مجتمع المسلمين، ممن تربوا على منهج نبي الإسلام!.
تحريم السخرية منهم
كان ذوو الاحتياجات الخاصة، في المجتمعات الأوروبية الجاهلية، مادة للسخرية، والتسلية والفكاهة، فيجد المعاق نفسه بين نارين، نار الإقصاء والإبعاد، ونار السخرية والشماتة، ومن ثَم يتحول المجتمع -في وجدان أصحاب الإعاقات- إلى دار غربة، واضهاد وفرقة.. فجاء الشرع الإسلامي السمح؛ ليحرّم السخرية من الناس عامة، ومن أصحاب البلوى خاصة، ورفع شعار "لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك". وأنزل الله تعالى آيات بينات تؤكد تحريم هذه الخصلة الجاهلية، فقال:
]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ[ [الحجرات: 11]
كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الكِبْر بطر الحق وغَمْط الناس"(18) .."وغمط الناس": احتقارهم والاستخفاف بهم، وهذا حرام، فإنه قد يكون المبتلى أعظم قدرًا عند الله، أو أكبر فضلاً على الناس، علمًا وجهادًا، وتقوى وعفة وأدبًا.. ناهيك عن القاعدة النبوية العامة، الفاصلة: "فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ"(19).
ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أشد التحذير، من تضليل الكفيف عن طريقه، أو إيذائه، عبسًا وسخرية، فقال:"مَلْعُونٌ مَنْ كَمَهَ أَعْمَى عَنْ طَرِيقٍ"(20)
فهذا وعيد شديد، لمن اتخذ العيوب الخلقية سببًا للتندر أو التلهي أو السخرية، أو التقليل من شأن أصحابها، فصحاب الإعاقة هو أخ أو أب أو ابن امتحنه الله؛ ليكون فينا واعظًا، وشاهدًا على قدرة الله، لا أن نجعله مادة للتلهي أو التسلي.
رفع العزلة والمقاطعة عنهم:
فقد كان المجتمع الجاهلي القديم، يقاطع ذوي الاحتياجات الخاصة، ويعزلهم، ويمنعهم من ممارسة حياتهم الطبيعية، كحقهم في الزواج، والاختلاط بالناس.
فقد كان أهل المدينة قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم لا يخالطهم في طعامهم أعرج ولا أعمى ولا مريض، وكان الناس يظنون بهم التقذّر والتقزّز. فأنزل الله تعالى:
]لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون[ [النور: 61] (21).
أي ليس عليكم حرج في مؤاكلة المريض والأعمى والأعرج، فهؤلاء بشر مثلكم، لهم كافة الحقوق مثلكم، فلا تقاطعوهم ولا تعزلوهم ولا تهجروهم، فأكرمكم عند الله أتقاكم، "والله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أشكالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم".
وهكذا نزل القرآن، رحمة لذوي الاحتياجات الخاصة، يواسيهم، ويساندهم نفسيًّا، ويخفف عنهم. وينقذهم من أخطر الأمراض النفسية التي تصيب المعاقين، جراء عزلتهم أو فصلهم عن الحياة الاجتماعية.
وبعكس ما فعلت الأمم الجاهلية، فلقد أحل الإسلام لذوي الاحتياجات الخاصة الزواج، فهم -والله- أصحاب قلوب مرهفة، ومشاعر جياشة، وأحاسيس نبيلة، فأقر لهم الحق في الزواج، ما داموا قادرين، وجعل لهم حقوقًا، وعليهم واجبات، ولم يستغل المسلمون ضعف ذوي الاحتياجات، فلم يأكلوا لهم حقًّا، ولم يمنعوا عنهم مالاً، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:
"أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبِهَا جُنُونٌ أَوْ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ؛ فَمَسَّهَا فَلَهَا صَدَاقُهَا كَامِلاً…"(22).
التيسير عليهم ورفع الحرج عنه
ومن الرحمة بذوي الاحتياجات الخاصة مراعاة الشريعة لهم في كثيرٍ من الأحكام التكليفية، والتيسير عليهم ورفع الحرج عنهم، فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه: "لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله". قال: فجاءه ابن أم مكتوم وهو يملها "علي" رضي الله عنه (لتدوينها)، فقال: يا رسول الله، لو أستطيع الجهاد لجاهدت، وكان رجلاً أعمى، قال زيد بن ثابت: فأنزل الله تبارك وتعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم ، وفخذه على فخذي، فثقلت عليّ حتى خفت أن ترض فخذي [من ثقل الوحي]، ثم سُرّي عنه، فأنزل الله عز وجل: ]غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ(23) .
وقال تعالى -مخففًا عن ذوي الاحتياجات الخاصة-: ]لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً[ [الفتح: 17 ]
فرفع عنهم فريضة الجهاد في ساح القتال، فلم يكلفهم بحمل سلاح أو الخروج إلى نفير في سبيل الله، إلا إن كان تطوعًا.. ومثال ذلك، قصة عمرو بن الجموح رضي الله عنه في معركة أحد، فقد كان رضوان الله عليه رجلاً أعرج شديد العرج، وكان له بنون أربعة، يشهدون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد فلما كان يوم أحد أرادوا حبسه، وقالوا له: إن الله عز وجل قد عذرك! فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن بني يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه والخروج معك فيه. فوالله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة! فقال نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم :"أما أنت فقد عذرك الله فلا جهاد عليك"، ثم قال لبنيه: "ما عليكم أن لا تمنعوه لعل الله أن يرزقه الشهادة"، فخرج مع الجيش فقتل يوم أحد (24).
بيد أن هذا التخفيف الذي يتمتع به المعاق في الشرع الإسلامي، يتسم بالتوازن والاعتدال، فخفف عن كل صاحب إعاقة قدر إعاقته، وكلفه قدر استطاعته، يقول القرطبي:
"إن الله رفع الحرج عن الأعمى فيما يتعلق بالتكليف الذي يشترط فيه البصر، وعن الأعرج فيما يشترط في التكليف به من المشي، وما يتعذر من الأفعال مع وجود العرج، وعن المريض فيما يؤثر المرض في إسقاطه، كالصوم وشروط الصلاة وأركانها، والجهاد ونحو ذلك"(25).
ومثال ذلك الكفيف والمجنون، فالأول مكلف بجلّ التكاليف الشرعية باستثناء بعض الواجبات والفرائض كالجهاد.. أما الثاني فقد رفع عنه الشارع السمح كل التكاليف، فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ" (26).
فمهما أخطأ المجنون أو ارتكب من الجرائم، فلا حد ولا حكم عليه، فعن ابن عباس قال: أتي عمر بمجنونة قد زنت فاستشار فيها أناسًا فأمر بها عمر أن ترجم، فمرّ بها على علي بن أبي طالب رضوان الله عليه فقال: ما شأن هذه؟ قالوا: مجنونة بني فلان زنت، فأمر بها عمر أن ترجم. فقال: ارجعوا بها! ثم أتاه، فقال: يا أمير المؤمنين! أما علمت أن القلم قد رفع عن ثلاثة، عن المجنون حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يعقل؟ قال: بلى. قال: فما بال هذه ترجم؟! قال: لا شيء. قال علي: فَأَرْسِلْهَا. فَأَرْسَلَهَا. فجعل عمر يُكَبِّرُ (27).
هكذا كان المنهج النبوي في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، في وقت لم تعرف فيه الشعوب ولا الأنظمة حقًّا لهذه الفئة، فقرر -الشرع الإسلامي- الرعاية الكاملة والشاملة لذوي الاحتياجات الخاصة، وجعلهم في سلم أولويات المجتمع الإسلامي، وشرع العفو عن سفيههم وجاهلهم. وتكريم أصحاب البلاء منهم، لا سيما من كانت له موهبة أو حرفة نافعة أو تجربة ناجحة، وحث على عيادتهم وزيارتهم، ورغب في الدعاء لهم، وحرّم السخرية منهم، ورفع العزلة والمقاطعة عنهم، ويسّر عليهم في الأحكام ورفع عنهم الحرج. فالله في شريعة الإسلام ونبي الإسلام!.
——————————————————————————–
** الأستاذ محمد مسعد ياقوت داعية مصري، وباحث مشارك في إعداد بعض المشاريع العلمية الهامة، ومُعِد ومقدم برامج في التلفزيون المصري والفضائيات العربية، وعضو لجنة الكتاب الأفارقة والآسيويين.
(1) مسلم، ح: 4293
(2) انظر: ابن الجوزي: سيرة عمر بن عبد العزيز ، 130
(3) انظر: ابن كثير : البداية والنهاية، 9/ 186، وتاريخ الطبري 5/ 265
(4) لايتنر : دين الإسلام ، ص 12 ، 13
(5) تفسير القرطبي 19/ 184، والبيضاوي 451
(6) ابن كثير : السيرة النبوية 2 / 347
(7) صحيح، البيهقي، شعب الإيمان ح: 5511
(8) صحيح، ابن حبان ح: 2993
(9) البخاري، ح: 5216، ومسلم، ح: 4664
(10) أبو نعيم الأصبهاني، معرفة الصحابة 14 / 155
(11) حسن ، أحمد ، ح: 13023
(12) مسلم،ح: 381
(13) تفسير الرازي، ج 11 / ص 374
(14) حسن، البيهقي، 1 / 392
(15) البخاري ، ح: 407، 627، ومسلم ، ح: 1052
(16) صحيح، الترمذي، ح: 3578، وابن ماجه، ح: 1385
(17) صحيح ، البخاري ،ح: 5220، ومسلم،ح: 4673
(18) مسلم ،ح: 91
(19) البخاري، ح: 5583
(20) حسن، أحمد،ح: 1779
(21) انظر: تفسير الطبري ، 19 / ص 219
(22) ابن أبي شيبة ، ج 3 / ص 310]
(23) البخاري ، ح: 95
(24) انظر: ابن هشام 2 / 90
(25) تفسير القرطبي 12 / 313
(26) صحيح، ابن ماجه، ،ح: 2041، وابن خزيمة ، ح: 1003
(27) صحيح، أبو داود، ح: 4399
منقول
رعاية النبي لذوي الاحتياجات الخاصة
فعن أنس رضي الله عنه أن امرأة كان في عقلها شيء، فقالت: يا رسول الله إن لي إليك حاجة! فَقَالَ: "يَا أُمّ فُلاَنٍ! انظري أَيّ السّكَكِ شِئْتِ، حَتّىَ أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ"، فخلا معها في بعض الطرق، حتى فرغت من حاجتها(1). وهذا من حلمه وتواضعه صلى الله عليه وسلم وصبره على قضاء حوائج ذوي الاحتياجات الخاصة..
وفي هذا دلالة شرعية على وجوب تكفل الحاكم برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، صحيًّا واجتماعيًّا، واقتصاديًّا، ونفسيًّا، والعمل على قضاء حوائجهم، وسد احتياجاتهم.
الــــــــ م ـــــــوضوع بكبره ..راااااااائـــــــــــــع …
تسلميـــــــن أختيــــــ ع النقل الكيـــــــــــــــــــــــــــــوت ..
يـــجب أن تضع للبعض سمعات قبل إعطائها لهاجر مرة أخرى …..للـــــــأسف …مـــــــا خلوني أقيمج .. ضرااابه أنـــــــا والميزااان ..
أشراااااااااااااار اللي ماااخلوووووووووكي ^^
يكفيني مروووووووووورك الأرووووع من مواااااااااااضيعي
تقضي المواطنة موزة المهيري، البالغة من العمر 36 عاماً، ثلاث ساعات في السيارة يومياً ذهاباً وإياباً من سلطنة عُمان إلى إمارة دبي، قاصدةً عملها كاتبة أرشيف إلكتروني في دائرة المحاكم. وعلى الرغم من أن موزة تعاني إعاقتين في السمع والنطق، وتحلم بحياة مستقرة، وتواظب على عملها الشاق منذ عام ونصف العام، كانت خلالها ترافق زوجها يوسف البلوشي (عُماني الجنسية) في الذهاب والإياب، لكن موزة تقول بلغة الإشارة: «يرهقني السفر، وغالباً ما أنام في الطريق من شدة التعب، حيث الصمت يطبق من حولي».
تنطلق المهيري وزوجها يومياً، في الساعة الرابعة صباحاً من ولاية شناص في عُمان، مروراً بحتا، ثم مصفوت، ومزيرع، والمدام، والهباب، والعوير، ثم دبي، حيث عملها، الذي يبدأ في الساعة السابعة صباحاً، ويستمر حتى الثانية والنصف ظهراً، إذ ينتظرها زوجها في دبي، ثم يعودان إلى منزلهما في عُمان.
وقالت: «نتناول الطعام على الطريق في معظم الأيام، ونصل إلى منزلنا مرهقين». ولا تتمنى المهيري، التي تنتمي إلى إمارة عجمان حيث تسكن أسرتها، سوى منزل في بلدها، إذ تقول: «أريد مكاناً أنام فيه في وطني». وأضافت: «لم أحظَ بأي اهتمام، أو رعاية، كواحدة من ذوي الاحتياجات الخاصة».
وفي هذا الصدد يقول زوجها الذي أنجب منها بنتاً وولداً بعد أربع سنوات من الزواج: «خاطبت جهات حكومية وخيرية عدّة، وأعضاء في المجلس الوطني من أجلها، لكن أحداً لم يستجب إلى مطالبها كمواطنة، ومن ذوي الاحتياجات الخاصة أيضاً». وأضاف: «لا تستطيع زوجتي التخلي عن عملها، إذ تتقاضى أجراً قدره 8000 درهم، وأنا لم أتمكن من الحصول على عمل حالياً، ولم أجد عملاً لي أو لزوجتي في عُمان؛ كي نبقيا هناك».
وذكر أن «موزة تقضي نحو سبع ساعات يومياً في قسم (التركات) في محاكم دبي، وتنجز قرابة 40 معاملة، كل منها تحتوي على 15 ورقة، تقرأها بدقة وتؤرشفها، وتدققها قبل ذلك، ككاتبة أرشيف إلكترونية، وهي التي لم تتم تعليمها الإعدادي، غير أنها تخرجت في عام 1988 في مدرسة الشارقة للخدمات الإنسانية، وكانت من أولى الدفعات التي تخرجت فيها».
وعلّمت المهيري زوجها لغة التفاهم بين الصم والبكم، بعد أن تعرفا إلى بعضهما بعضاً أثناء عملهما معاً في عام 2022 في مستشفى القاسمي في الشارقة، وكانت آنذاك تتقاضى أجراً قدره 3000 درهم نظير عملها «فراشة»، وهو يتقاضى أجراً مقطوعاً قدره 1500 درهم.
وخضعت المهيري لدورات في الحاسوب لتطوير مهاراتها، وانتقلت إلى العمل في دائرة المحاكم في عام 2022، إذ تقول: «لم أحصل على ترقية أثناء عملي في مستشفى القاسمي، على الرغم من بقائي فيه 10 سنوات، لذا قررت الانتقال إلى المحاكم، بعد أن فتحت المجال لذوي الاحتياجات الخاصة».
قد يعاني طفلك من مرض مزمن أن من إعاقة جسدية أو عقلية أو من أي مشكلات صحية خطيرة أخرى. ومع أن هذا الأمر يتطلب زيارات متكررة أو دائمة للمستشفى إلا أن هناك الكثير من الوقت الذي يمكن تخصيصه لرعاية طفلك في البيت وفي المجتمع.
وقد تم إعداد هذا الكتيب لمساعدتك في كيفية التصرف في بعض شؤون الحياة اليومية للطفل أو المراهق الذي يعاني من مشكلة صحية.
لا أحد يعرف طفلك أفضل منك، لذا يجب أن تستغل هذه المعرفة لتقييم مشورة الأطباء المختصين ولإتخاذ القرار الأنسب لطفلك. فالتعاون بين الأطباء المختصين والوالدين مهم لتحقيق الرعاية الصحية الناجحة لطفلك. وللوصول إلى ما فيه خير ومصلحة طفلك، فإن الاحترام المتبادل وتبادل الآراء والمعلومات في جو ودي لا تنقصه الصراحة يعتبران من الركائز الأساسية لتحقيق هذا الغرض.
وإن فريق الرعاية الصحية الناجح لا يهتم فقط بعلاج الحالة المرضية لطفلك بل يهتم أيضا بردود فعل الطفل الإنفعالية وبنموه وبديناميكية الحياة الأسرية من حيث علاقة أفرادها بعضهم ببعض وبالأمور المالية، وبالاضافة الى الخدمات المساعدة الضرورية للعناية بطفلك.
ومن المهم أن تتذكر أنك لست وحدك، فهناك أفراد آخرون داخل نطاق عائلتك ومجتمعك على أتم الاستعداد لمساعدتك في رعاية طفلك ذي الإحتياجات الخاصة.
كيف تتصرف كولي أمر لطفل ذي احتياجات خاصة؟
إن كونك مسؤولا عن طفل يعاني من مشكلة صحية خطيرة يضعك أمام تحديات كثيرة، لنفسك ولطفلك وللآخرين من أفراد عائلتك.
وقد تتعرض عائلتك لضغوط وصعوبات معينة ولكن تظل هناك الكثير من الإنجازات التي يجب أن تقدر والفرص التي يجب أن تستغل وأيضا الكثير من الوقت للضحك والاستمتاع.
ومن المهم جدا لعائلتك أن تمارس الحياة الطبيعية قدر المستطاع، ولا تدع الإعاقة تؤثر عليها. وقد يساعد التحدث في هذه الأمور وبصورة منتظمة مع كافة أفراد العائلة على منع تفاقم التوتر والمخاوف.
وأخيراً، تذكر أن طفلك ذي الإحتياجات الخاصة هو طفل في المقام الأول، حيث يجب إشراكه في الأنشطة العائلية، كما يجب أن يشارك إخوته في مباهج ومسؤوليات الحياة العائلية.
ما هي المشاعر التي تنتاب آباء الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة؟
غالباً ما تمر بآباء الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة فترات يشعرون فيها بالصدمة، وعدم التصديق والكآبة، ثم الاستسلام للواقع والتكيف معه.
وقد تتعجب لتعدد المشاعر التي تنتابك وهذه المشاعر قد تبدو غير صحية في ظل ظروف مختلفة إلا أنها تعتبر طبيعية. فقد ينتابك الشعور بما يلي:ـ
* الغضب من نفسك ومن زوجك ومن الأطباء وحتى من طفلك لما قد حدث لك أو لعائلتك.
* الغضب من أصدقائك لأنهم قد رزقوا بأطفال أصحاء.
* الشعور بالذنب من أنك قد تكون مسؤولا عما حدث بطريقة أو بأخرى.
* الشعور بالهم والقلق بسبب أحداث معينة أو من المستقبل بشكل عام.
* الشعور بالأسى بسبب فقدان طفلك لصحته.
* الإحساس بالعجز بسبب عدم إستطاعتك منع ما حدث ولشعورك بأن جانباً كبيراً من الرعاية التي يحتاجها طفلك يجب أن تأتي الآن من الآخرين.
* الشعور بالاستياء، لأن هذا الأمر قد حدث لك ولم يحدث لغيرك.
* الشعور بالذنب بعد قضاء أوقات سعيدة أو مرحة بدون طفلك.
* الشعور بالإضطراب وتشوش الأفكار حول المعلومات المقدمة من المختصين برعاية طفلك.
* الشعور بالحزن أو الضياع والذي قد يقوي بين فترة وأخرى.
* وقد تشعر بالرغبة في الهرب والخلاص من المسؤوليات الملقاة على عاتقك.
* أو تشعر بعزيمة قوية تدفعك للعمل المضتيّ إلى إهمال حاجاتك الأساسية كالراحة واللهو والإسترخاء.
* عندما يتكيف طفلك وعائلتك مع المشكلة الصحية التي يعاني منها، قد ينتابك حينئذ شعور بالرضا والإرتياح وحتى بالإبتهاج وقد يأتي هذا من النجاح في التعامل مع أحد المواقف الصعبة أو من خلال تعزيز الترابط الأسري وفي جانب رؤية طفلك يحرز مكاسب عديدة.
* قد يزداد لديك ولدى عائلتك الإحساس بمعاناة الآخرين الذين يمكن اعتبارهم مختلفين بشكل أو بآخر أو الذين هم بحاجة إلى رعاية خاصة.
كيف أستطيع التخلص من التوتر الذي اشعر به كوليّ أمر لطفل ذي إحتياجات خاصة؟
* بأن تتحدث مع شخص أو أشخاص ممن تجد لديهم الإستعداد لمساندتك في الظروف الحرجة التي تمر بها.
* أو أن تطلب من طبيب العائلة أو من الإختصاصي الإجتماعي أو من أي مختص في حالة مشابهة لحالة طفلك، ويكون على إستعداد للتحدث والتحاور في الأمور ذات الاهتمام المشترك.
* بأن تبحث عن معلومات تتعلق بحالة طفلك الصحية وبأفضل الطرق لرعايته. وهذا الأمر قد يساعدك في السيطرة على مشاعرك ويمنحك شعوراً بإنجاز شئ ما.
* أو تشارك في فريق مساندة الآباء لإظهار المشاركة الوجدانية لأولئك الذين لديهم تجارب مماثلة، أو في المنظمات أو الهيئات التي تكرس جهودها لخدمة الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة.
* بأن تهتم بنفسك عن طريق التغذية الجيدة، وممارسة أي نوع من أنواع الرياضة المفيدة كركوب الدراجات أو الجري أو القفز بالحبل أو كرة السلة أو التنس أو المشي.
* أو تخرج من المنزل لعدة ساعات أو تخصص بعض الوقت للإختلاء بنفسك يوميا.
* وأخيراً بأن تستمر في ممارسة بعض أنشطتك الإعتيادية.
هل يمكن لحياتنا الزوجية أن تصمد بوجه الضغوط الناتجة عن التعامل مع مشكلة طفلنا الصحية؟
إن القيام بشؤون طفل يحتاج إلى رعاية صحية خاصة تحدث بالفعل ضغوطاً على الحياة الزوجية، ومن ناحية أخرى فإن هذا الأمر قد يعمل على تقوية العلاقات الزوجية.
فالناس بالطبع يختلفون في طرق تصديهم للضغوط التي قد يتعرضون لها في حياتهم. فقد يكون لدى الزوجين إحتياجات مختلفة وقد لا يستطيعان مساعدة بعضهما دائما. كما يضطر بعض الأشخاص أحيانا لمفارقة أقرب الناس إليهم أثناء التغلب على ما يعانون من آلام نفسية صعبة.
وتسوية هذه المشكلة عن طريق التحاور معا قد يساعد في إرساء دعائم الإستقرار للحياة الزوجية حتى لو كان هناك إختلافا في المشاعر والاستجابات. فمن المهم أن يقبل كل طرف بمشاعر الآخر كما أن الزوجين يحتاج كليهما إلى شخص ما للتحدث معه بحيث يكون على استعداد للإنصاث لأي منهما إلى جانب تقديم العون والمساندة، فضلاً عن إحتياج كل منهما لمساندة الآخر.
ومن الأمور المهمة التي ينبغي أن يحرص عليها الزوجان تخصيص بعض الوقت للإنفراد ببعضها، والقيام بأعمال محببة لكليهما، وقد يكون من المفيد أيضا التحدث مع أخصائي علاج أو إختصاصي إجتماعي أو مع رجل دين أو مرشد أو مع أي مختص في الصحة النفسية. فأنواع الدعم والمساندة المختلفة كلها ذات فائدة في أوقات الحاجة.
كيف يمكن للعائلة في الذهاب في إجازة؟
إن قضاء الإجازة في مكان آخر غير المنزل مهم جداً لصحة الأسرة الجسدية والنفسية ولكن قد يكون الأمر صعباً في حالة إصطحاب الطفل الذي يعاني من مرض مزمن أو من إعاقة جسدية أو عقلية أو حتى في حالة تركه في المنزل. لذلك على ولي أمر الطفل أن يحرص على:
* أن يطلب من الطبيب الذي يعالج الطفل أن يزّكي له أحد الأطباء المقيمين بالقرب من المكان الذي يقضي فيه إجازته.
* وأن يحضر معه تقريراً خطيا من الطبيب الخاص بالطفل مدون فيه حالته المرضية والعلاج الحالي، إلى جانب تقارير طبية أخرى تتعلق بنفس الموضوع.
من موقع لحواء
أطرح هذا الموضوع للنقاش، لأني سررت في المدة الأخيرة عندما رجع الوفد المكون من عائلات فيها أطفال من ذوي الحاجات الخاصة والذين قضوا اسبوعين في إيطاليا وفرنسا في ضيافة مؤسسة إيطالية تهتم بذوي الحاجات الخاصة تحتفل بمرور مائة سنة على تأسيسها، فقد وصلني بأن الاستقبال كان يفوق الوصف وأن العناية التي يولونها للمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة تفوق التصور. فقلت في نفسي بأن أحد مقاييس حضارة الشعوب اهتمامها بمرضاها وفقرائها وذوي الاحتياجات الخاصة فيها. فأين نحن من هذا؟
يمكن أن نقسم ذوي الاحتياجات الخاصة إلى أنواع كثيرة، فهناك من يعانون من اعاقة جسدية وآخرون يعانون من أعاقة عقلية، ومنهم بسبب خلقي (منذ الولادة) وآخرون بسبب عرضي (حادث أو اصابة أو مرض). أما موقف الناس من هذه الحالات فيتراوح بين القبول والرفض والاهتمام أو الاهمال واللامبالاة، ومنهم من يحترم ويشفق ومنهم من يزدري ويعتبر بأنهم عالة على المجتمع. والسبب هو النظرة إلى قيمة الانسان انطلاقاً من المصلحة والفائدة والصفات وليس انطلاقاً من الذات الانسانية المخلوقة على صورة الله ومثاله، لذلك فالموقف السليم والإنساني والديني والأخلاقي هو أن حياة الإنسان وكل إنسان وكل الإنسان هي هبة مجانية من الله يجب قبولها واحترامها من لحظة الولادة إلى لحظة الموت، أي من المهد إلى اللحد، لا بل قبل الولادة منذ اللحظة الأولى للحمل في الرحم.
لا شك بأن الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة ليس سهلاً فإنه يتطلب معرفة وموهبة وصبراً، وفوق كل شيء يتطلب محبة. فكثيراً ما يرتبك الأهل في التعامل مع أبنائهم لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون بهم ولهم، فيحاولون إيجاد المؤسسات المختصة لمساعدتهم، ولكن هل توجد مثل هذه المؤسسات؟ وإذا وجدت، هل يوجد العاملين الإجتماعيين والأخصائيين؟ على من تقع المسؤولية؟ هل على الدولة، أم الكنائس أم المساجد أم الجمعيات أم تعتمد علىهمة بعض المتحمسين للخدمة؟
تتطلب العناية بذوي الاحتياجات الخاصة توفر الموارد البشرية والمادية، فهل نخصص ما يلزم لمثل هذه المهمة الجليلة؟ أم تبقى مثل هذه المؤسسات معتمدة على الحسنات الخارجية؟ وإن لم تتوفر المؤسسات فإن هؤلاء يبقون عالة على أهلهم خاصة عندما يحتاجون إلى العلاج أو التأهيل لخوض معركة الحياة وكسب لقمة عيشهم بعرق جبينهم، فلماذا لا يتوفر لهم التأمين الصحي أو الضمان الاجتماعي كما في الدول المتقدمة؟ أم أنهم ليسوا بمواطنين أو مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة أو من فئة المنسيين؟ لقد دهشت من خبر المرأة التي تسير الآن على الأقدام مع ابنها المقعد على الكرسي المتحرك من شمال إسرائيل إلى القدس لتحتج على تقليص الدعم المخصص للمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة في إسرائيل بسبب تقليص ميزانية الحكومة والأزمة الاقتصادية الحالية.
هناك فئة من ذوي الاحتياجات الخاصة يمكن أن تتطور وتتقدم وتنمي مواهبها وقدراتها الذهنية والجسدية، وهي بحاجة إلى المؤسسات الخاصة لذلك مثل الصم والبكم والأكفاء والمعاقين جسدياً ومصابي الإنتفاضة. فهل توجد مراكز التأهيل هذه لخدمة هؤلاء؟ وإذا وجدت فهل تشمل جميع المناطق والفئات؟ فإننا نواجه مشاكل جمة في هذا المجال لصعوبة الحركة بسبب الأوضاع الحالية واغلاق الطرق والحواجز العسكرية. هل يمكن للمجتمع المحلي في القرى والمدن إيجاد حلول بديلة وابداعية لجميع هذه الفئات؟ من يقدم الدعم لمثل هذه المبادرات؟ الجميع يعرف بأن الله عندما يحرم الإنسان من عضو سليم فإنه يعوضه بمواهب أخرى، فإذا حرمه من نعمة البصر فإنه يفتح بصيرته، كما حدث مع الكاتب الكبير الدكتور طه حسين والكثير من أمثاله.
هناك فئة أخرى أعتبرها محرومة ومظلومة، وهي فئة من يجدون صعوبة في التعلم في مدارسنا، فكثيراً ما تجد في كل صف من الصفوف طلاباً وطالبات لا يستطيعون استيعاب كل شيء فيتراجعون في دراستهم ويهملهم أساتذتهم ويستهزيء بهم زملاؤهم ويعاتبهم أهلهم ويتهمهم الجميع بالكسل ويسمونهم بالفشل ولا أحد يفعل لهم شيئاً. هل هناك حلول لهؤلاء في مدارسنا؟ هل يمكن متابعتهم داخل المدرسة أو خارجها لتقويتهم؟
لقد فتحت جروحاً كثيرة وأبرزت مواجع كبيرة لا بد من أنها تقض مضاجع المسؤولين وذوي الشأن، ويبدو أن ليس في اليد حيلة. ولأني لا أريد أن أترك الجروح مفتوحة فإني أود أن أساهم ببعض الاستنتاجات والمقترحات:
– لا شك بأن الدولة تتحمل المسؤولية الأولى والأساسية في الاهتمام بهذه الفئات المحرومة لكي لا تظل مهمشة ولا تبقى عالة على الأهل والمجتمع. لا بد من تأسيس نظام للتأمين الصحي والضمان الاجتماعي لهؤلاء يكون عوناً للأهل، كما ولا بد من التفكير بالمؤسسات اللازمة للعناية بهم وتأهيلهم ولا يترك الأمر للمبادرات الفردية أو العشوائية.
– هناك ثلاث طرق للاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة: وضعهم في مؤسسات متخصصة أو تركهم في عهدة الأهل ليتدبروا أمرهم لوحدهم، أو تطوير طريقة لمساعدة الأهل في العناية بهم كمثل تشكيل فريق مساند للعائلة يهتم بزيارتهم أو التخفيف عنهم أو اخراجهم من البيت للترفيه عنهم. وأنا أرى بأن هذه الطريقة الأخيرة مهمة ورائعة لأنها تعزز التعاون والتكافل وتنمي روح التطوع والتضحية.
– إن هؤلاء الذين حرمتهم الطبيعة أو الظروف من نعمة عيش حياة طبيعية هم بأمس الحاجة إلى أن تتوفر لهم الخدمات الأساسية والضرورية للتخفيف عن معاناتهم، لا بل فإنهم أكثر حاجة من غيرهم لأنهم لا يستطيعون دائماً أن يعتمدوا على أنفسهم بأنفسهم، فلماذا نتقاعس في خدمتهم؟
– ليعلم أخيراً من يريد بأن يضع يده على المحراث في هذا الحقل، بأن من يمد يده ليد أخرى لا يمكن أن يسحبها وإلا سيحدث احباطاً نفسياً ومعنوياً في نفس الآخر، فإذا كنت كريماً وشهماً فعليك أن لا تتراجع، إنها طريق ذات اتجاه واحد، فالمحبة لا تعرف الشروط والحدود واليأس، فمقياس المحبة أن نحب بلا مقياس وأن نحب كل الناس.
إننا نستلهم هذه المباديء والأفكار من مثال سيدنا يسوع المسيح الذي أشفق على الناس أجمعين وخاصة المرضى والمتألمين فقد "كان يشفي الناس من كل مرض وعلة" وكانت رسالته في بداية بشارته: " روح الرب نازل على لأنه مسحني لأبشر الفقراء، وأرسلني لأعلن للمأسورين تخلية سبيلهم، وللعميان عودة البصر إليهم وأفرج عن المظلومين وأعلن سنة رضا عند الرب". كما أنه سيحاسبنا في نهاية الأزمنة على محبتنا لاخوتنا: "تعالوا يا من بركهم أبي، فرثوا الملكوت المعد لكم منذ إنشاء العالم: لأني جعت فأطعمتموني، وعطشت فسقيتموني، وكنت غريباً فآويتموني، وعرياناً فكسوتموني، ومريضاً فعدتموني، وسجيناً فجئتم إلي" لأنه "كلما صنعتم شيئاً من ذلك لأحد اخوتي هؤلاء الصغار فلي قد صنعتموه".
لا يمكننا أن ننهي هذا الحديث إلا بتقديم الشكر والعرفان وتوجيه التقدير والاحترام لكل المؤسسات والأشخاص الذين يتحملون مسؤولية الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة وهم كثر وفيهم من الجنود المجهولين الذين يستحقون الأوسمة الرفيعة، كما ننحني إجلالاً لكل الآباء والأمهات الذين يهتمون بصمت وصبر بأبنائهم أو بناتهم الذين يتألمون في أجسادهم وأرواحهم، ونقول ونحن نشد على أيديهم: "إذا كان الزمن والقدر عليهم فلنكن نحن معهم وبجانبهم ولتكن المؤسسات المعنية والدولة معهم وتسرع لنجدتهم وعونهم".
شكرا لج ع الطرح الموضوع ..
يعطيج العافيه …
شكرا لك