الكبائر والصغائر
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.
أما بعد، فقد قال الله تبارك وتعالى: { يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ }.
الله تبارك وتعالى جعل الذنوب قسمين كبائر وصغائر وأخبرنا أنّه يغفر الصغائر التي هي اللمم لمن اجتنب الكبائر، والكبائر مراتب بعضها أشدّ من بعض فمنها ما يتعلق بحقوق بني آدم ومنها ما لا يتعلق.
فالتي تتعلق بحقوق بني آدم يغفرها الله لمن يشاء لكنه يعطي صاحب الحقّ في الآخرة من حسنات الذي له عليه حقّ أو من خزائنه تبارك وتعالى، والتي لا تتعلق بحقوق بني آدم فإنّ الله تعالى يغفرها لمن يشاء بغير قصاص.
فليس هناك ذنب لا يغفره الله في الآخرة لعباده إلا الكفر، فمن مات كافرا لا يغفر الله له وأما ما دام حيا فإنه يغفر له بالإسلام قال الله تبارك وتعالى: { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ }.
أي أبلغهم يا محمد إن تركوا الكفر ودخلوا في الإسلام أنّ الله يغفر لهم كفرهم بإسلامهم، فليس للكافر كفّارة إلا الخروج من الكفر والدخول في الإسلام وذلك معنى استغفار إبراهيم لأبيه الكافر بقوله: "ربّ اغفر لي ولوالدي" وذلك كان قبل أن يعلم أنّ أباه لا يسلم بل يموت كافرا فلّما علم أنه يموت كافرا ترك الاستغفار له وهكذا كان استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمّه أبي طالب فلمّا نزل قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} لم يستغفر له لأنه علم أنه من أهل الشقاوة فكيف يطلب له المغفرة بالإسلام.
فليس معنى استغفار النبي وسيدنا إبراهيم لهذين الكافرين أن يغفر الله لهما وهما على كفرهما كما يزعم كثير من الناس لجهلهم بمعاني القرءان.
ثم الكبائر عددها ما بين الثلاثين والسبعين ليس كما قال بعض العلماء أربعمائة وزيادة ثم أشد الكبائر بعد الكفر قتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق ثم الزنا ثم أكل الربا ثم شرب الخمر ثم بعد ذلك أشياء كثيرة كأكل مال اليتيم وعقوق الوالدين أي إيذائهما أذى شديدا والدياثة أي عمل الديوث وهو الذي يعلم الفجور أي الزنا في أهله ثم لا يغير ذلك مع المقدرة و السحر الذي ليس فيه كفر.
وأما الصغائر فقد قال عبد الله بن عباس ابن عمّ رسول الله: ما رأيت أشبه باللمم ممّا حدّث أبو هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنّ الله كتب على ابن آدم حظّه من الزنا وهو مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش والرجل زناها الخطا والقلب يتمنى ويشتهي والفرج يصدق ذلك ويكذب" رواه البخاري وابن ماجه.
ثم الفرق بين الكبائر والصغائر أنّ الكبائر عذابها أشد أما الصغائر فإن عذابها لا يوجب دخول جهنم بل عذابها بما دون ذلك فإن في الآخرة أنواعا من العذاب غير نار جهنم كالتألم من حرّ شمس يوم القيامة فإنّها تدنو من رءوس العباد قدر ميل فيلقى أهل الذنوب من حرّها أذى، وأما الأتقياء فإنّ الله تعالى يظلّهم ولا يصيبهم من شدة حرّ الشمس شىء.
فمعنى الحديث الذي رواه البخاريّ أنّ أغلب الناس لا بدّ أن يقعوا في هذه المعاصي الصغيرة وهي النظرة المحرمة أي النظرة بشهوة والتلذذ باستماع كلام لأجنبية أو تلذذ المرأة باستماع كلام الرجل الأجنبي فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "فالعينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع" وكذلك الكلام الذي يقصد به الشهوة المحرمة، كذلك البطش أي أن يمدّ الرجل يده إلى امرأة لا تحلّ له للتلذذ وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش" وليس البطش هنا بمعنى الضرب.
وكذلك المشي بنية قضاء شهوة محرّمة كأن يمشي إنسان إلى مكان ليتلذذ بالنظر مثلا إلى من لا يحلّ التلذذ به وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "والرجل زناها الخطا" ثم إنه قد روى مسدد عن أبي هريرة أنه قال في تفسير اللمم: "النظرة والغمزة والقبلة والمباشرة فإذا حاز الختان الختان فقد وجب الحدّ" يعني أبو هريرة أنّ هذه الأربعة الأولى من المحرمات الصغائر ومعنى قوله والمباشرة مسّ الجسم للجسم من المرأة والرجل كأن يصافح الرجل المرأة للتلذذ أو لغير التلذذ.
وأما معنى قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: "والفرج يصدّق ذلك أويكذبه" يعني أن الزنا الذي هو من أكبر الكبائر هو دخول الحشفة في الفرج فذلك هو الزنا الحقيقيّ وإنما سمى رسول الله ما دون ذلك مما ذكره زنا لأنه يجرّ إلى الزنا الحقيقي الذي أراده أبو هريرة بقوله: "فإذا حاز الختان الختان وجب الحدّ" وهو جلد مائة لغير المتزوج وغير المتزوجة والرجم بالحجارة إلى الموت للمتزوج والمتزوجة.
فمن علم ذلك فلا يهولنّه افتراء بعض المدّعين للعلم والدين أنّ النظرة من الكبائر وأنّ اللمس بشهوة من الكبائر ولقد وصل الجهل في بعض هؤلاء إلى أن اعتقدوا أنّ خروج المرأة كاشفة رأسها من الكبائر ومنهم من اعتبر ذلك ردّة، فلعنة الله على من يغيّر دين الله، وقد قال بعض هؤلاء لامرأة كانت تصلي ثم تخرج سافرة إنّ صلاتك غير مقبولة فقطعت الصلاة. فالحذر الحذر ممن يدّعي الدين وهو لا يعرف الكفر مما دون الكفر ولا يعرف الكبائر من الصغائر بل كل ما استعظمته نفسه فهو من الكبائر عنده ثم هؤلاء يرون أشياء هي كفر في شرع الله تعالى من الجائزات بل من الحسنات فهؤلاء ضررهم على المسلمين الجاهلين عظيم لأنهم يخدعونهم بدعوى الطريقة فيصدقونهم فيخرجونهم من الإسلام. ليس الدين بالرأي بل باتّباع ما جاء به رسول الله فما كان عدّه رسول الله ذنبا عظيما فهو ذنب عظيم وما عدّه رسول الله من الصغائر فهو صغيرة.
فهؤلاء المدعون للعلم والتقوى المغترّون بأنفسهم كيف يجعلون الصغيرة أشد من الكبيرة فقد وصل الغلو ببعضهم إلى أن جعل كشف المرأة وجهها مع سترها للرأس ونحوه كبيرة فلعنة الله عليهم ألم يعلموا أنّ رسول الله جاءته امرأة من بني خثعم شابة جميلة يوم العيد في منى وكان خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على البعير ابن عمّ الرسول الفضل وكان شابا جميلا فجعل الفضل ينظر إليها أعجبه حسنها وجعلت تنظر إليه أعجبها حسنه، فصرف رسول الله وجه الفضل إلى الشقّ الآخر.
فلو كان وجه المرأة عورة يحرم كشفه ما سكت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمرها بأن تغطي وجهها فلو كان الأمر كما يزعم هؤلاء المفترون كان قال لها أنت امرأة شابة جميلة كيف تكشفين وجهك في هذا المشهد العظيم كما أنه لم يقل لابن عمه أنت حاج كيف تنظر فهؤلاء وإن ادّعوا العلم والتقوى فهم كاذبون يظنون أنّ تحريفهم للشريعة زيادتهم عما جاء به الرسول يزيدهم قربا من الله.
والله سبحانه وتعالى أعلم
__________________________________ آخر
بحث مختصر في
معنى الحرام وأقسامها (الكبائر والصغائر)
الحمدلله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد،،،
فإن من المؤسف أنك ترى كثيراً من المحرمات وقد انتشرت في هذه الأيام بين صفوف المسلمين ولاتكاد تجد شخصاً إلاّ وقد وقع في المحرمات إلاّ من عصمه الله ، والأغرب من ذلك أن الكثير من المسلمين يمارسون هذه المحرمات ولايدرون أنها محرمة ولايميزون الحلال من الحرام.
نظراً لما تقدم أحببت في هذه العجالة أن أبين لإخواني عن معنى الحرام وأقسامها (الكبائر والصغائر) عبر الإيميل لعل الله أن ينفع بها وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
الحرام : هو كل ما نهى عنه الله ورسوله أو ما خالف أمر الله ورسوله عليه الصلاة والسلام وهو ما يعاقب فاعله ويثاب تاركه.
فالمحرمات تنقسم إلى قسمين منها ما هو صغيرة ومنها ما هو كبيرة.
الكبيرة
الصغيرة
التعريف
هو الذنب الذي نص عليه حدٌ في الدنيا أو وعيد في الآخرة أو لُعِنَ فاعلها أو تهديد أو غضب أو نار.
هو الذنب الذي لم ينص عليه حدٌ في الدنيا أو وعيد في الآخرة أو لعن فاعلها أو تهديد أو غضب أو نار.
الأمثلة
حدٌ في الدنيا كالقتل و الزنا و السرقة.
وعيد في الآخرة كالشرك بالله عزوجل وهذا أبشع ما يكون وعقوق الوالدين والزنا وشهادة الزور.
غضب الله كالفرار يوم الزحف
لعن فاعلها كقذف المحصنات والرشوة
عذاب في النار كإسبال الثوب أو السراويل وأكل مال اليتيم والربا وما أكثرها في هذه الأيام (الله المستعان) واليمين الغموس.
تعطر النساء فقد قال عليه الصلاة والسلام أنها زانية وذكر الهيتمي في كتاب الزواجر (أن خروج المرأة من بيتها متعطرة متزينة من الكبائر ولو أذن لها زوجها).والله أعلم
النظر إلى المحرمات من النساء أوالكلام معهم ولمسهم وإذا وقع في الزنى أصحبت كبيرة من كبائر الذنوب ، وحلق اللحية وغيرها كثيرة جداً ولا أريد الإطالة.
الأدلة على تقسيم المحرمات إلى كبائر وصغائر
من الكتاب
قوله تعالى ((إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا))
وقوله تعالى ((والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون))
من السنة
قال عليه الصلاة والسلام ((الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر)) رواه مسلم
من الكتاب
وقال تعالى عن أهل النار أنهم يقولون ((ياويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلاّ أحصاها))
قال تعالى ((الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلاّ اللمم))
قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية (اللمم من صغائر الذنوب ومحقرات الأعمال)
ملاحظة مهمة
قال ابن عباس رضي الله عنه ((لا كبيرة مع استغفار)) فلا فائدة من الاستغفار أثناء ممارسة الكبيرة ، بالله عليكم هل رأيتم رجلاً يستغفر الله وهو يزني أو وهو يأخد الربا ؟؟ أكيد لا.
الصغيرة إذا حصل الإصرار عليها انقلبت كبيرة، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما.
فمثلاً حلق اللحية صغيرة ولكن الإصرار والاستمرار في حلقها تصبح كبيرة وهذا ليس كلامي وإنما هو كلام ابن عباس وكلام العلماء الأولين الصالحين الصادقين وليس كلام آبائي الأولين.
فيجب على كل مسلم ومسلمة أن يتعرف على الأمور المحرمة لكي لا يقع فيها كما قال الشاعر :
عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه ومن لايعرف الشر من الخير يقع فيهِ
وكان حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشر وقال ((كان الناس يسألون النبي صلى الله عليه عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني)) فكان رضي الله عنه يخشى من الوقعوع في الشر ولذلك كان يسأل عن الشر.
قال ابن عباس رضي الله عنهما في عدد الكبائر ((هي إلى السبعين أقرب منها إلى السبع)) ، وصدق والله ابن عباس فقد حصر الإمام الذهبي في كتاب الكبائر بما يقارب 70 كبيرة وهذا مطابق لقول ابن عباس (والله أعلم).
وقد قمت بارفاق كتاب الكبائر للإمام الذهبي وهو تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية وقد جمع كبائر الذنوب جمعاً طيباً فأرجو من الإخوة قراءة هذا الكتاب أو على الأقل النظر إلى مواضيعها المفهرسة.
فهذا الإيميل لم يكن دافعه الفتنة والشر وإنماّ كان دافعه الإمتثال لقول النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال فيمن كتم علماً ((ما من رجل يحفظ علماً فيكتمه إلاّ أتي به يوم القيامة ملجماً بلجام من النار)) رواه ابن ماجه في سننه وحسنه الألباني.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين