بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
مقدمه
يلعب الإعلام في عصرنا دوراً هاماً في صياغة الأفراد والمجتمعات، ذلك أنه أصبح أداة التوجيه الأولى التي تَرَاجَع أمامها دور الأسرة وتقلص دونها دور المدرسة، فأصبحت الأسرة والمدرسة في قبضة الإعلام، يتحكم فيها..توجيهاً للأدوار.. ورسماً للمسار… ولما كان التلفاز يقدم المادة المرئية والمسموعة والمقروءة معاً.. كان أكثر وسائل الإعلام نفيراً، و أعظمها تأثيراً، ولما كانت الطفولة ناشدة للهو والترفيه، قابلة للانقياد والتوجيه، وجدت في التلفاز بديلاً مؤنساً عن أُمٍّ تخلت أو أبٍ مشغول(1)، فأصبحت "مشاهدة التلفزيون ثاني أهم النشاطات في حياة الطفل بعد النوم"(2)، بل أثبتت إحدى الدراسات أن نسبة 30% من أطفال أحد أكبر المدن الإسلامية من حيث عدد السكان(3)يقضون أمام شاشات التلفزيون وقتاً أطول مما يقضونه في مدارسهم: "عندما يكمل الطفل دراسته الثانوية يكون قد قضى 22 ألف ساعة من وقته أمام شاشة التلفزيون و11 ألف ساعة فقط في غرف الدراسة"(4)، كما بينت الدراسة أن الرسوم المتحركة تمثل نسبة 88% مما يشاهده الأطفال(5).
إن أهمية دراسة أثر الرسوم المتحركة على الأطفال لا تأتي فقط من كونها تشكل النسبة الأعلى لما يشاهدونه، بل تأتي كذلك من أن قطاعاً كبيراً ـ من الآباء الملتزمين والأمهات الصالحات ـ لا ينتبه لخطورة أثرها على الأطفال، فيلجأ إلى شغل أوقات الصغار بها هرباً من عُري الفضائيات وتفسخها والتماساً لملاذ أمين و حصنٍ حصين.. يجد فيه الأمن على أبنائه، وتأتي كذلك من سرعة تفاعل الأطفال مع مادتها وشدة حرصهم على متابعتها.. وزيادة ولعهم بتقليد أبطالها، "إن أشرطة الأطفال وخاصة الرسوم المتحركة تعمل عملها في تلقين الطفل أكبر ما يمكن من معلومات، وأشرطة الفيديو والتسجيلات تنفذ محتوياتها إلى سمع الطفل وفؤاده وتنقش فيه نقشاً(6)، والطفل يأخذ ويتعلم ويتفاعل بسرعة مذهلة، "إن حصيلة ما يتلقفه الطفل من معلومات ما بين ازدياده ـ أي بعد الفطام ـ إلى سن البلوغ (الرابعة عشرة) تفوق كل ما يتلقاه بعد ذلك من علم ومعرفة بقية عمره مهما امتد عشرات السنين"(7)، إذا وضعنا هذا في الحسبان، فلا عجب أن يعتبر كثيرٌ من علماء الاجتماع تجارب الطفولة محدداً أساسياً من محددات السلوك البشري.
أولاً: إيجابيات مشاهدة الرسوم المتحركة:
إن مشاهدة الرسوم المتحركة تفيد الطفل في جوانب عديدة، أهمها أنها:
[1] تنمي خيال الطفل، وتغذي قدراته(8)، إذ تنتقل به إلى عوالم جديدةلم تكن لتخطر له ببال، وتجعله يتسلق الجبال ويصعد الفضاء ويقتحم الأحراش ويسامر الوحوش، كما تعرفه بأساليب مبتكرة متعددة في التفكير والسلوك.
[2] تزود الطفل بمعلومات ثقافية منتقاة وتسارع بالعملية التعليمية(9): فبعض أفلام الرسوم المتحركة تسلط الضوء على بيئات جغرافية معينة، الأمر الذي يعطي الطفل معرفة طيبة.. ومعلومات وافية، والبعض الآخر يسلط الضوء على قضايا علمية معقدة ـ كعمل أجهزة جسم الإنسان المختلفة ـ بأسلوب سهلٍ جذاب، الأمر الذي يكسب الطفل معارف متقدمة في مرحلة مبكرة.
[3] تقدم للطفل لغة عربية فصيحة ـ غالباً ـ، لا يجدها في محيطه الأسري، مما ييسر له تصحيح النطق وتقويم اللسان وتجويد اللغة، وبما أن اللغة هي الأداة الأولى للنمو المعرفي فيمكن القول بأن الرسوم المتحركة ـ من هذا الجانب ـ تسهم إسهاماً مقدراً غير مباشر في نمو الطفل المعرفي.
تلبي بعض احتياجات الطفل النفسية و تشبع ـ له ـ غرائز عديدة مثل غريزة حب الاستطلاع؛ فتجعله يستكشف في كل يوم جديداً، وغريزة المنافسة والمسابقة فتجعله يطمح للنجاح و يسعى للفوز.
ثانياً: سلبيات مشاهدة الرسوم المتحركة:
لمشاهدة الرسوم المتحركة سلبيات عديدة أهمها:
[1] سلبيات التلفاز: بما أن التلفاز هو وسيلة عرض الرسوم المتحركة؛ فمن الطبيعي أن تشارك الرسوم المتحركة التلفاز سلبياته والتي من أهمها:
(1) التلقي لا المشاركة: ذلك أن التلفاز يجعل الطفل "يفضل مشاهدة الأحداث والأعمال على المشاركة فيها"(10) ـ خلافاً للكمبيوتر الذي يجعل الطفل يفضل صناعة الأحداث لا المشاركة فيها فقط ـ ولعل هذا الأثر السالب لجهاز التلفاز هو الذي يفسر لنا لماذا قنع الكثيرون ـ في أمتنا الإسلامية ـ بالمشاهدة دون المشاركة.
(2) إعاقة النمو المعرفي الطبيعي(11): ذلك أن المعرفة الطبيعية هي أن يتحرك طالب المعرفة مستخدماً حواسه كلها أو جلها، ويختار ويبحث ويجرب ويتعلم (قل سيروا في الأرض فانظروا.. )، لكن التلفاز ـ في غالبه ـ يقدم المعرفة دون اختيار ولا حركة، كما أنه يكتفي من حواس الطفل بالسمع والرؤية، ولا يعمل على شحذ هذه الحواس وترقيتها عند الطفل، فلا يعلمه كيف ينتقل من السماع المباشر للسماع الفعّال، من الكلمات والعبارات إلى الإيماءات والحركات، ثم إلى الأحاسيس والخلجات.
(3) الإضرار بالصحة: فمن المعلوم أن الجلوس لفترات طويلة واستدامة النظر لشاشة التلفاز لها أضرارها على جهاز الدوران والعينين.
(4) تقليص درجة التفاعل بين أفراد الأسرة: "إن أفراد الأسرة كثيراً ما ينغمسون في برامج التلفزيون المخصصة للتسلية لدرجة أنهم يتوقفون حتى عن التخاطب معاً"(12).
[2] تقديم مفاهيم عقدية وفكرية مخالفة للإسلام: إن كون الرسوم المتحركة موجهة للأطفال لم يمنع دعاة الباطل أن يستخدموها في بث أفكارهم، وللتدليل على ذلك نذكر مثال الرسوم المتحركة الشهيرة التي تحمل اسم "آل سيمسونز The Simpsons لصاحبها مات قرونينق Matt Groening، الذي صرّح أنه يريد أن ينقل أفكاره عبر أعماله بطريقة تجعل الناس يتقبلونها، وشرع في بث مفاهيم خطيرة كثيرة في هذه الرسوم المتحركة منها: رفض الخضوع لسلطة (الوالدين أو الحكومة)، الأخلاق السيئة والعصيان هما الطريق للحصول على مركز مرموق، أما الجهل فجميل والمعرفة ليست كذلك، بيد أن أخطر ما قدمه هو تلك الحلقة التي ظهر فيها الأب في العائلة Homer Simpson وقد أخذته مجموعة تسمي نفسها (قاطعي الأحجار)!! عندما انضم لهم الأب، وجد أحد الأعضاء علامة في الأب رافقته منذ ميلاده، هذه العلامة جعلت المجموعة تقدسه و تعلن أنه الفرد المختار، ولأجل ما امتلكه من قوة ومجد، بدأ Homer Simpson يظن نفسه أنه الرب حتى قال: "من يتساءل أن هناك رباً، الآن أنا أدرك أن هناك رباً، وأنه أنا"، ربما يقول البعض أن هذه مجرد رسوم متحركة للأطفال.. تسلية غير مؤذية، لكن تأثيرها على المستمعين كبير مما يجعلها حملة إعلامية ناجحة..تلقن السامعين أموراً دون شعورهم..وهذا ما أقره صانع هذه الرسوم المتحركة"(13).
كذلك تعمد بعض الرسوم المتحركة إلى السخرية من العرب والمسلمين، ومثال ذلك بعض حلقات برنامج الرسوم المتحركة المعروف باسم سكوبي دو "Scobby Doo " والمملوك لـ William Hanna و Joseph Barbera الذَين طبّقت شهرتهما الآفاق بعد نجاح رسومهما المتحركة "توم أند جيري"، في إحدى الحلقات "يفاخر ساحر عربي مسلم عندما يرى اسكوبي بقوله : "هذا ما كنت أنتظره تماماً، شخصٌ أمارس سحري الأسود عليه"، ويبدي الساحر المسلم رغبته في تحويل سكوبي إلى قرد، لكن السحر ينقلب على الساحر ويتحول الساحر نفسه إلى قرد، ويضحك سكوبي وهو يتحدث مع نفسه قائلاً: "لا بد أن ذلك الساحر المشوش ندم على تصرفاته العابثة معنا"، ومرة أخرى في حلقة سكوبي دو تقوم مومياء مصرية بمطاردة سكوبي ورفاقه. ويرتابون في أن المومياء نفسها حولت صديقهم الدكتور نسيب ـ العربي المسلم ـ إلى حجر، وفي النهاية يستميل سكوبي المومياء ويلقي بها في إحدى شباك كرة السلة، ولكن عندما يكشف النقاب عن المومياء يجد أنها ـ لدهشة سكوبي ـ لم تكن مومياء بل الدكتور نسيب نفسه الذي أراد سرقة قطعة عملة ثمينة من سكوبي متنكراً في زي مومياء، أي أن سكوبي يريد إنقاذ مسلم يود سرقته، لقد بلغ المسلم هذا الحد من الرداءة "(14).
[3] العنف والجريمة: إن من أكثر الموضوعات تناولاً في الرسوم المتحركة الموضوعات المتعلقة بالعنف والجريمة، ذلك أنها توفر عنصرى الإثارة والتشويق الذَيْن يضمنا نجاح الرسوم المتحركة في سوق التوزيع، ومن ثم يرفع أرباح القائمين عليها، غير أن مشاهد العنف والجريمة لا تشد الأطفال فحسب، بل تروّعهم، "إلا أنهم يعتادون عليها تدريجياً، ومن ثم يأخذون في الاستمتاع بها و تقليدها، ويؤثر ذلك على نفسياتهم واتجاهاتهم التي تبدأ في الظهور بوضوح في سلوكهم حتى في سن الطفولة، الأمر الذي يزداد استحواذاً عليهم عندما يصبح لهم نفوذ في الأسرة والمجتمع"(15)، وقد أكدت دراسات عديدة أن هناك ارتباطاً "بين العنف التلفزيوني والسلوك العدواني، ومن اللافت للنظر اتفاق ثلاثة أساليب بحثية هي : الدراسة المختبرية، والتجارب الميدانية، والدراسة الطبيعية على ذات النتيجة العامة، وهي الربط بين العدوان ومشاهدة التلفزيون حيث يتأثر الجنسان بطرق متشابهة"(16)، وقد عانت المجتمعات الغربية من تفشي ظاهر العنف، ونقلت وسائل الاعلام ـ ولا تزال تنقل ـ أخبار حوادث إطلاق النار في المدارس، والسبب ـ كما أخبر مراهق روماني اختطف طفلا عمرة 11 عاماً وضربه حتى الموت ـ هو مشاهدة شيء مشابه على شاشة التلفزيون (17).
[4] إشباع الشعور الباطن للطفل بمفاهيم الثقافة الغربية: إن الطفل عندما يشاهد الرسوم المتحركة التي هي ـ في غالبها ـ من إنتاج الحضارة الغربية، لا يشاهد عرضاً مسلياً يضحكه ويفرحه فحسب، بل يشاهد عرضاً ينقل له نسقاً ثقافياً متكاملاً يشتمل على:
(1) أفكار الغرب: إن الرسوم المتحركة المنتجة في الغرب مهما بدت بريئة ولا تخالف الإسلام، إلا أنها لا تخلو من تحيز للثقافة الغربية، هذا التحيز يكون أحياناً خفياً لا ينتبه إليه إلا المتوسمون، يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري: "فقصص توم وجيري تبدو بريئة ولكنها تحوي دائماً صراعاً بين الذكاء والغباء، أما الخير والشر فلا مكان لهما وهذا انعكاس لمنظومة قيمية كامنة وراء المنتج، وكل المنتجات الحضارية تجسد التحيز"(18)، و الرسوم المتحركة في أكثر الأحيان تروج للعبثية وغياب الهدف من وراء الحركة و السلوك، والسعي للوصول للنصر والغلبة ـ في حمي السباق والمنافسة ـ بكل طريق، فـ(الغاية تبرر الوسيلة)، كما تعمل على تحريف القدوة وذلك بإحلال الأبطال الأسطوريين محل القدوة بدلاً من الأئمة المصلحين والقادة الفاتحين، فتجد الأطفال يقلدون الرجل الخارق Super man ، والرجل الوطواط Bat man ، والرجل العنكبوت Spider man ، ونحو ذلك من الشخصيات الوهمية التي لا وجود لها، فتضيع القدوة في خضم القوة الخيالية المجردة من بعدٍ إيماني.
(2) روح التربية الغربية: إننا إن تجاوزنا عن ترويج الرسوم المتحركة للأفكار الغربية، فلا مجال للتجاوز عن نقلها لروح التربية الغربية، يقول الدكتور وهبة الزحيلي: "أما برامج الصغار وبعض برامج الكبار فإنها تبث روح التربية الغربية، وتروج التقاليد الغربية، وترغب بالحفلات والأندية الغربية"(19)، ذلك أنها لا تكتفي بنقلها للمتعة والضحكة والإثارة بل تنقل عادات اللباس من ألوان وطريقة تفصيل وعري وتبرج، وعادات الزينة من قصة شعر وربطة عنق، ومساحيق تجميل، وعادات المعيشة من ديكور وزخرفة، وطريقة أكل وشرب، وثمل ونوم وحديث وتسوق ونزهة، وعادات التعامل من عبارات مجاملة واختلاط، وعناق وقبلات، ومخاصمة وسباب وشتائم، ونحو ذلك من بقية مفردات النسق الثقافي الغربي.
هذا النسق الثقافي المغاير يتكرر أمام الطفل كل يوم فيألفه و يتأثر به، ويطبقه في دائرته الخاصة، حتى إذا ما تكاملت شخصيته لم يجد منه فكاكاً فصار نهجاً معلناً ورأياً أصيلاً لا دخيلاً!! ـ كيف لا؟ وقد عرفه قبل أن يعرف الهوى فصادف قلباً خالياً فتمكنا ـ فلا يجد حرجاً في الدفاع عنه والدعوة إليه بل والتضحية من أجله.
ثالثاً: المخرج والعلاج:
لتلافي سلبيات مشاهدة الرسوم المتحركة يجب الاهتمام بالآتي:
[1] تعميق التربية الإسلامية في نفوس الأطفال: فالحق أبلج والباطل لجلج.. ومتى وجد الطفل الفكرة الصحيحة.. وقعت في نفسه موقعاً طيباً.. ذلك أنه وُلد على الفطرة، والإسلام هو دين الفطرة.. والأفكار المنحرفة لا تسود إلا في غياب الفكرة الصحيحة.. "فإذا جرى تقديم منظور إسلامي عن طريق تثقيف الأطفال وتعليمهم عن القيم الإسلامية ودستور الحياة الإسلامي، فإنهم سيكتسبون موقفاً مبنياً على تقييمٍ ناقد لوسائل الإعلام من وجهة نظر إسلامية، ويمكن تقديم هذا النوع من التربية ذات التوجه الإسلامي في الأسرة والمدرسة وكذلك في المرافق الموجودة في المجتمع"(20). "وإذا قدم الآباء للأطفال نموذج دور لسلوك إسلامي منضبط، وأوضحوا للأطفال أن الجرائم والعنف والحياة المنحلة أمور غير مرغوب فيها، فإن الأطفال يكبرون وهم يحملون مواقف إيجابية، ويتحلون بنفسية تحميهم من الآثار السالبة لوسائل الإعلام، إن أفضل السبل لإبطال تأثير التلفزيون هو قيام الآباء والمعلمين بتثقيف الأطفال وتهذيبهم"(21)، "إن الأسرة والمجتمع يمكن أن يسهما في صياغة قالب لموقف عقلي إيجابي وظاهرة نفسية بناءة في الأطفال، ولهذا الدور أبعاد متعددة هي:
أولاً: البعد الأسري: على الآباء وأفراد الأسرة إعلام الأطفال عن القيم الإسلامية بأسلوب يستطيع الأطفال إدراكه، كما يجب إبراز النماذج الاسلامية للأدوار في وقت مناسب بأسلوب لائق.
ثانياً: يجب أن تتخذ ترتيبات من كتب جرى تأليفها من منظور إسلامي، وإذا لم يتم ذلك في المدارس، كما هو الحال في المجتمعات غير الإسلامية، فبالإمكان تنظيم حصص لدروس إسلامية في عطلة نهاية الأسبوع، أو ربما يمكن تنظيم دروس خاصة في البيت بطريقة ناجعة، ويقتضي دعم التلقين الشفوي الذي يمارسه الآباء وأفراد الأسرة بمواد للمطالعة عندما يبلغ الأطفال هذا السن.
ثالثاً: إن ممارسة المعايير المزدوجة أمر بالغ الضرر ومن ثم يجب تفاديه إذ سيعمد الأطفال بطبيعة الحال إلى تقليد الآباء، ومن ثم فإن تعليم الأطفال الأمور التي لا يمارسها الآباء لن يعود بأية فائدة، وعلى الآباء أن يقدموا أنفسهم كنماذج أدوار قابلة للتكيّف"(22).
[2] تقليل مدة مشاهدة الأطفال للرسوم المتحركة: إن مشاهدة الأطفال للرسوم المتحركة ـ وللتلفاز عموماً ـ ينبغي أن لا يتجاوز متوسطها 3 ساعات أسبوعياً، هذه الفترة المتوسطة تعلم الطفل كيف يختار بين البدائل الموجودة، وتعلمه الاتزان والتخطيط وكيفية الاستفادة من الأوقات. كما أنها ـ إذا أُحسن الاختيار ـ تدفع عنه سلبيات التلفاز والرسوم المتحركة المذكورة آنفاً.
[3] إيجاد البدائل التي تعمق الثقافة الإسلامية: وذلك بدعم شركات إنتاج الرسوم المتحركة التي تخدم الثقافة الاسلامية وتراعي مقومات تربيتها، ولا تصادم غزائز الطفل بل توجهها وجهتها الصحيحة:
فغريزة الخوف يمكن أن توجه إلى خشية الله وتقواه ومراقبته، والحذر من ارتكاب الجريمة، والحياء من الإقدام على المنكرات، وغريزة حب الاستطلاع يمكن أن توجه إلى الوقوف على آثار قدرة الله في السموات والأرض والآفاق، وإلى حكمة الله وتقديره لأمر المخلوقات والكائنات، وغريزة المنافسة: يمكن أن توجه للمسارعة في الفضائل، والمسابقة في تحصيل العلم والمعارف، وشغل الفراغ بالنافع.
وعواطف الطفل يمكن أن توجه نحو حب الانتماء للحضارة الإسلامية بكل خصائصها الدينية وقيمها الأخلاقية ومكوناتها اللغوية والتاريخية. وبغض الكفر والإلحاد.
وغريزة التقليد والبحث عن القدوة يمكن أن توجّه للتأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام، والأئمة المصلحين، والقادة الفاتحين على مر العصور… وهكذا كل الغرائز توجه إلى وجهتها الصحيحة.. تحقيقاً للإيمان.. واتساقاً مع الفطرة.
خاتمة:
إن تأثير الرسوم المتحركة على الأطفال كبير خطير، ذلك أن لها إيجابيات وسلبيات، تعمل كل واحدة منهن عملها في الطفل، غير أن المسجد والأسرة والمدرسة إن أُحسن استغلالهم.. و تكاملت أدوارهم.. يمكن أن يلعبوا دوراً رائداً في التقليل من خطرها.. والتبصير بأوجه ترشيد استخدامها.. لتكون عنصر نماء، و سلاح بناء.. وسلم ارتقاء إلى كل ما يحبه الله و يرضاه من سبق وريادة.. وإدارة وقيادة.. ومنعة وسيادة.
م/ن