ابغيه ضروري اليوووووووووووووم
أشكو إلى اللهِ اشتِكاءَ الـمـريضْ *** ريْبَ الزّمانِ المتعدّي البَـغـيضْ
يا قومُ إني مـنْ أُنـاسٍ غَـنُـوا *** دهراً وجفنُ الدهرِ عنهُمْ غَضيضْ
فخـارُهُـمْ لـيسَ لـهُ دافِــعٌ *** وصيتُهُمْ بينَ الوَرى مُستَـفـيضْ
كانوا إذا مـا نُـجـعَةٌ أعـوزَتْ *** في السّنةِ الشّهباء روْضاً أرِيضْ
تُشَبّ لـلـسّـارينَ نـيرانُـهُـمْ *** ويُطعِمون الضّيفَ لحْماً غَريضْ
ما باتَ جـارٌ لـهُـمُ سـاغِـبـاً *** ولا لرَوْعٍ قال حالَ الـجَـريضْ
فغيّضَتْ منهُمْ صُـروفُ الـرّدى *** بِحارَ جودٍ لمْ نخَلْـهـا تَـغـيضْ
وأُودِعَتْ منهُمْ بُطـونُ الـثّـرى *** أُسْدَ التّحامي وأُساةَ الـمَـريضْ
فمحْمَلي بعْدَ المطـايا الـمـطـا *** وموطِني بعْدَ اليفاعِ الحضـيضْ
وأفرُخي ما تأتَلـي تـشـتَـكـي *** بؤساً لهُ فـي كـلّ يومٍ ومـيضْ
إذا دَعا الـقـانِـتُ فـي لـيلِـهِ *** موْلاهُ نـادَوْهُ بـدمْـعٍ يَفــيضْ
يا رازِقَ النّعّـابِ فـي عُـشّـهِ *** وجابِرَ العظْمِ الكَسيرِ المَـهـيضْ
أتِحْ لنا اللـهُـمّ مَـنْ عِـرضُـهُ *** منْ دنَسِ الذّمّ نـقـيٌ رحـيضْ
يُطفِئ نارَ الجـوعِ عـنّـا ولـوْ *** بمَذْقَةٍ منْ حـاِرزٍ أو مَـخـيضْ
فهلْ فتًى يكشِـفُ مـا نـابَـهُـمْ *** ويغنَمُ الشّكْرَ الطّويلَ الـعـريضْ
فوالّذي تعْنـو الـنّـواصـي لـهُ *** يومَ وجوهُ الجمعِ سـودٌ وبـيضْ
لولاهُمُ لمْ تـبْـدُ لـي صـفـحَةٌ *** ولا تصدّيْتُ لنَظْـمِ الـقَـريضْ
قال الرّاوي: فوَاللهِ لقدْ صدّعتْ بأبياتِها أعْشارَ القُلوبِ. واستخْرَجَتْ خَبايا الجُيوبِ. حتى ماحَها مَنْ دينُهُ الامْتِناحُ. وارْتاحَ لرِفدِها مَنْ لمْ نخَلْهُ يرْتاحُ. فلمّا افْعَوْعَمَ جَيبُها تِبْراً. وأوْلاها كلٌ مِنّا بِرّاً. تولّتْ يتْلوها الأصاغِرُ. وفُوها بالشّكْرِ فاغرٌ. فاشْرَأبّتِ الجَماعةُ بعْدَ مَمَرّها. الى سبْرِها لتَبْلوَ مواقِعَ بِرّها. فكفَلْتُ لهُمْ باستِنْباطِ السرّ المرْموزِ. ونهضْتُ أقْفو أثرَ العَجوزِ. حتى انتهَتْ إلى سوقٍ مُغتَصّةٍ بالأنام. مُختصّةٍ بالزّحامِ. فانغَمَسَتْ في الغُمارِ. وامّلَسَتْ منَ الصّبْيَةِ الأغْمارِ. ثمّ عاجَتْ بخُلُوّ بالٍ. إلى مسجِدٍ خالٍ. فأماطَتِ الجِلْبابَ. ونضَتِ النّقابَ. وأنا ألمَحُها منْ خَصاصِ البابِ. وأرقُبُ ما ستُبْدي منَ العُجابِ. فلمّا انسرَتْ أُهبَةُ الخفَرِ. رأيتُ مُحَيّا أبي زيدٍ قد سفَرَ. فهمَمْتُ أن أهْجُمَ عليْهِ. لأعنّفَهُ على ما أجْرى إليْهِ. فاسْلَنْقَى اسلِنْقاءَ المتمرّدينَ. ثمّ رفَعَ عَقيرةَ المغرّدينَ. واندفَعَ يُنشِدُ:
يا لَيتَ شِعري أدَهْـري *** أحاطَ عِلْمـاً بـقَـدْري
وهلْ دَرَي كُنْهَ غـوْري *** في الخَدْع أم ليس يدْري
كمْ قدْ قمَـرْتُ بَـنـيهِ *** بحيلَتـي وبـمَـكْـري
وكمْ بـرزَتْ بـعُـرْفٍ *** علـيهِـمِ وبِـنُـكْـرِ
أصْطادُ قوْماً بـوَعْـظٍ *** وآخـرينَ بـشِـعْـرِ
وأسـتـفِـزُّ بـخَــلٍّ *** عقْلاً وعَقْلاً بخَـمْـرِ
وتـارَةً أنـا صـخْـرٌ *** وتارَةً أُختُ صـخْـرِ
ولوْ سلَـكْـتُ سَـبـيلاً *** مألوفَةً طولَ عُمـري
لَخابَ قِدْحي وقَـدْحـي *** ودامَ عُسْري وخُسْـري
فقُـلْ لـمَـنْ لامَ هـذا *** عُذري فدونَكَ عُـذري
قال الحارثُ بنُ هَمّامٍ: فلمّا ظهرْتُ على جليّةِ أمرِهِ. وبَديعَةِ أمْرِهِ. وما زخْرَفَ في شِعرِه منْ عُذرِهِ. علِمْتُ أنّ شيطانَهُ المَريدَ. لا يسمَعُ التّفْنيدَ. ولا يفعَلُ إلا ما يُريدُ. فثنَيْتُ إلى أصحابي عِناني. وأبثَثْتُهُمْ ما أثبتَهُ عِياني. فوجَموا لضَيْعَةِ الجوائِزِ. وتعاهَدوا على محرَمَةِ العَجائِزِ.