اللغة الإنجليزية تُحيِّر الأطفـال وأولياء أمورهم
في عصر أصبحت فيه اللغة الانجليزية هي السائدة في جميع أنحاء العالم، وهي اللغة المهيمنة على جميع المجالات، يتساءل الكثير من الآباء وغيرهم من المثقفين عن السن المناسبة للبدء في تعليم أبنائهم اللغة الإنجليزية،
وهل يخاطبون أبناءهم في المنزل باللغة الإنجليزية في سن مبكرة؟
وهل يضعون أبناءهم في روضة تعلمهم اللغة الإنجليزية فقط؟
وما تأثير تعليم اللغة الإنجليزية للأطفال في مرحلة الروضة على تعلمهم للغة العربية، وفي تحصيلهم في المراحل الدراسية اللاحقة؟
لا شك أن اللغة الإنجليزية هي أكثر اللغات انتشاراً في العالم. إذ أن شخصاً من بين كل أربعة أشخاص في العالم يستطيع التواصل باللغة الإنجليزية. فاللغة الإنجليزية هي اللغة الرئيسة في التجمعات السياسية الدولية، وهي اللغة الرسمية لـ 85% من المنظمات العالمية.
وهي لغة الكثير من المؤتمرات الدولية، ولغة التداول الأولى في المجال التكنولوجي والتجاري والمصرفي والسياحي، ولغة غالبية الأبحاث العلمية والمراجع والمصطلحات والاقتصاد والمال والأعمال، وغالبية الصحف المشهورة وبرامج التلفزيون والأفلام وشركات الطيران والشركات المتعددة الجنسية والعمالة الأجنبية.
ولغة 90% من المادة الموجودة على الإنترنت. أولت الدراسات والبحوث اهتماماً ملحوظاً بقضية تأثير تعليم لغة ثانية على تعلم اللغة الأم، خاصة في المرحلة المبكرة من عمر الأطفال، وهذا التأثير لم يقتصر على دولنا العربية فقط، بل إن الدول المتقدمة متعددة الثقافات واللغات كالولايات المتحدة وكندا، أجرت العديد من هذه الدراسات والأبحاث لمعرفة مدى تأثر لغة الأطفال حين يتعلمون لغة ثانية غير لغتهم الأم.بالنسبة للآثار المترتبة على ازدواجية اللغة في التعليم.
فإن الدراسات التي أجريت في النصف الأول من القرن العشرين أكدت وجود ظاهرة الإعاقة اللغوية عند الأطفال الذين يتعلمون لغتين. لقد اعتمدت تلك الدراسات على مقارنة مستوى الأطفال الذين يدرسون لغة واحدة بالأطفال الذين يدرسون لغتين، ووجدت أن هؤلاء يعانون من قصور لغوي بالمقارنة مع الفئة الأولى.
أما الدراسات التي أجريت في النصف الثاني من هذا القرن عن آثار تعليم لغتين معاً فقد توصلت إلى نتيجة مفادها أن أطفال اللغة الواحدة كان أداؤهم ونتائجهم أفضل من أداء ونتائج أطفال اللغتين في القدرات الكتابية. كما أكدت هذه الأبحاث أن أطفال اللغتين يعانون بعض المصاعب والإعاقة اللغوية المرتبطة باجتهادهم من أجل التمكن والتأقلم مع نظام لغتين.
نسيان اللغة الأم
قبل سنوات عدة، أجرت الباحثة مرينو دراسة متخصصة عن ظاهرة نسيان اللغة لدى 41 طفلاً في الروضة وحتى الصف الرابع ممن يتحدثون اللغتين الإسبانية والإنجليزية، فوجدت الباحثة فروقاً بين أطفال الروضة والصفوف العليا في استخدام اللغة الإسبانية. إذ تدهور أداء الأطفال بدرجة كبيرة مع وصولهم إلى الصف الرابع، ولم يكن هناك فروق دالة بين الصفوف المختلفة في فهم اللغة الإسبانية.
واختبرت الطلبة بعد عامين، فوجدت أن قدرتهم على استخدام اللغة الإنجليزية قد تحسنت، ولكن تدهورت قدرتهم على استخدام اللغة الإسبانية. ووجدت أن الحالات الشديدة من النسيان حدثت للأطفال الذين يستخدمون اللغتين الإسبانية والإنجليزية مع المتحدث نفسه.
سن التعليم المناسبة
أظهرت نتائج الدراسة التي أجرتها الدكتورة ريما الجرف من كلية اللغات والترجمة بجامعة الملك سعود، عن السن المناسبة لتعليم الأطفال اللغة الإنجليزية، أن 70% من عينة الأمهات يرين أن السن المناسبة للبدء في تعليم اللغة الإنجليزية للأطفال هي مرحلة الروضة (أي قبل السادسة)، في حين يرى 10% من الأمهات أن السن المناسبة لذلك هي الصف الأول الابتدائي (7-9 سنوات).
ويرى 15% أن السن المناسبة هي الصف الرابع الابتدائي (10-12)، في حين يرى 5% (الفئة الرابعة) منهن أن السن المناسبة هي الصف الأول المتوسط (13-15). ويعتقد الكثير من أفراد العينة أن الأطفال في سن الرابعة والخامسة يتقبلون اللغة أكثر من الأطفال الكبار في سن العاشرة وما فوق.
مناهضون
يعتبر عالم اللغة الإنجليزي مايكل وست من أول المناهضين لتعليم اللغات الأجنبية في سن مبكرة، يليه من العالم العربي عبدالعزيز القوصي مدير مركز اليونسكو للتربية في بيروت خلال الخمسينات،الذي طالب بإلغاء اللغة الأجنبية من مناهج المرحلة الابتدائية في الدول العربية، وكان ذلك أحد الأسباب التي أدت إلى إلغائها فعلاً في مصر بعد ثورة يوليو 1952م.
لغات الاتحاد الأوروبي
يبدأ تعليم اللغات الأجنبية في الاتحاد الأوروبي في نهاية المرحلة الابتدائية أو بداية المرحلة الثانوية غالباً، ما عدا مالطا إذ يبدأ تعليم اللغة الأجنبية فيها من سن السادسة، وفنلندا من سن العاشرة.أما تعليم اللغة الإنجليزية في دول الاتحاد الأوروبي فيبدأ في المرحلة الثانوية الدنيا غالباً، وأحياناً في المرحلة الثانوية العليا، ويتعلم 93% من طلبة الاتحاد الأوروبي اللغة الإنجليزية.
بينما يتعلم 33% من الطلبة في الاتحاد الأوروبي اللغة الفرنسية، التي يبدأ تدريسها في المرحلة الثانوية الدنيا (المرحلة المتوسطة)، ويدرس اللغة الألمانية 13% من طلبة الاتحاد الأوروبي في المرحلة الثانوية الدنيا، ويدرس 20% من الطلبة اللغة الألمانية في المرحلة الثانوية العليا.