التصنيفات
الصف التاسع

خريطة العالم الاسلامي في أوائل القرن السابع و نبدة عن جيوش التتار والخيانة الصف التاسع

خريطة العالم الاسلامي في أوائل القرن السابع و نبدة عن جيوش التتار والخيانة

ظهرت قوة التتار في أوائل القرن السابع الهجري، وحتى نفهم الظروف التي نشأت فيها هذه القوة لابد من إلقاء نظرة على واقع الأرض في ذلك الزمان..
الناظر إلى الأرض في ذلك الوقت يجد أن القوى الموجودة كانت متمثلة في فئتين رئيسيتين:
أما الفئة الأولى فهي أمة الإسلام..
المساحات الإسلامية في هذا الوقت كانت تقترب من نصف مساحات الأراضي المعمورة في الدنيا.. كانت حدود البلاد الإسلامية تبدأ من غرب الصين وتمتد عبر آسيا وأفريقيا لتصل إلى غرب أوروبا حيث بلاد الأندلس..
وهي مساحة شاسعة للغاية، لكن وضع العالم الإسلامي – للأسف الشديد – كان مؤلماً جداً.. فمع المساحات الواسعة من الأرض، ومع الأعداد الهائلة من البشر، ومع الإمكانيات العظيمة من المال والمواد والسلاح والعلوم.. مع كل هذا إلى أنه كانت هناك فرقة شديدة في العالم الإسلامي، وتدهور كبير في الحالة السياسية لمعظم الأقطار الإسلامية.. والغريب أن هذا الوضع المؤسف كان بعد سنوات قليلة من أواخر القرن السادس الهجري.. حيث كانت أمة الإسلام قوية منتصرة متحدة رائدة.. ولكن هذه سُنة ماضية: [وتلك الأيام نداولها بين الناس].

مقدمة

اجتمع هولاكو مع كبار مستشاريه في مجلس حرب يعد من أهم مجالس الحرب في تاريخ التتار، لقد أخذ القرار بغزو العاصمة "بغداد"، وكان هولاكو قلقاً من أي مفاجئات، وبالذات من الأمراء المسلمين الذين انضموا إلى جيشه، ولذلك وضع على الفرق الإسلامية التي معه مراقبة شديدة، ولكن مخاوفه لم تمنعه من التقدم، كما أنها لم تكن حقيقية؛ لأن الأمراء المسلمين الذين انضموا إليه لم يكن في نيتهم أبداً الغدر "بهولاكو"، إنما كان العزم – كل العزم – أن يغدروا "ببغداد"!!!!..
كان مجلس الحرب معقوداً في مدينة "همدان" الفارسية (في إيران حالياً) وهي تقع على مسافة حوالي450 كيلو مترًا من بغداد إلى الشمال الشرقي.. وقرر هولاكو في هذا المجلس أن يقسم جيشه إلى ثلاثة أقسام:
ـ الجيش الأول: هو القلب، وهو القسم الرئيسي من الجيش، وسيقوده هولاكو بنفسه، وستلحق به الإمدادات التي سيرسلها "باتو" زعيم القبيلة الذهبية التترية، وكذلك ستلحق به الفرق المساعدة من مملكتي أرمينيا والكرج، وهذا القسم من الجيش سيخترق الجبال الواقعة في غرب فارس صوب بغداد مباشرة مروراً بمدينة كرمان شاه، وستكون مهمة هذا الجيش حصار بغداد من الجهة الشرقية..
ـ الجيش الثاني: هو الجناح الأيسر لجيش التتار، وهذا سيقوده "كتبغا" أفضل قواد هولاكو، وسيتحرك هذا الجيش بمفرده في اتجاه بغداد أيضاً، ولكن إلى الجنوب من الجيش الأول، وقد تم فصل الجيشين حتى لا تستطيع المخابرات الإسلامية ـ إن وجدت ـ أن تقدر العدد الصحيح للجيش التتري، بالإضافة إلى أن الطرق لا تستوعب هذه الأعداد الهائلة من الجنود، فضلاً على أن هذا الجيش ستكون له مهمة اختراق سهول العراق، والتوجه إلى بغداد من جهة الجنوب، وحصارها من جهتها الجنوبية الشرقية..
ومع أن المسافة تبلغ 450 كيلومترًا إلا أن هولاكو كان من الحذر الكافي بحيث استطاع أن يخفي هذا الجيش عن عيون العباسيين ـ إن كانت هناك عيون ـ فلم يكتشف العباسيون الجيش إلا وهو على بعد كيلومترات معدودة من بغداد!!..
ـ أما الجيش الثالث: فكان هو الجيش التتري الرابض على أطراف الأناضول (في شمال تركيا الآن) والذي كان مكلفاً بفتح أوروبا قبل ذلك، وعلى رأس هذا الجيش الزعيم التتري الكبير "بيجو"، وكان على هذا الجيش أن يأتي من هذه المناطق الشمالية في اتجاه الجنوب حتى يصل بغداد من شمالها، ثم يلتف حولها ليحاصرها من جهة الغرب، وبذلك تحصر بغداد بين هولاكو شرقاً وكتبغا من الجنوب الشرقي وبيجو من الغرب..
لكن هناك مشكلتين كبيرتين أمام هذا الجيش الثالث:
أما المشكلة الأولى: فإن عليه أن يضبط توقيته حتى يأتي بغداد في نفس الوقت الذي يأتي فيه جيش هولاكو، وإلا وجد نفسه وحيداً أمام العباسيين إن جاء مبكراً، أو ترك هولاكو وحيداً إن كان متأخراً.. فإذا أخذنا في الاعتبار أن هذه التحركات تدور في زمان ليست فيه وسائل انتقال معلومة السرعة بدقة.. وليست فيه وسائل الاتصال إلا عن طريق الخيول، وليست هناك طرق ممهدة علمنا صعوبة هذه النقطة.. ومع ذلك فقد وصل بيجو في التوقيت المناسب إلى بغداد، دلالة على دقة حساباته، ومهارته في التحرك بهذا الجيش الكبير..
المشكلة الثانية: من المفروض أنها أكبر بكثير من المشكلة الأولى.. وهي أن هذا الجيش الثالث – لكي يصل إلى بغداد – عليه أن يخترق مسافة خمسمائة كيلومتر في الأراضي التركية، ثم خمسمائة كيلومتر أخرى في الأراضي العراقية.. وهذه كلها أراضٍ إسلامية..!! أي أنه يجب أن يسير مسافة ألف كيلومتر في أعماق العالم الإسلامي حتى يصل إلى بغداد.. وتذكر أننا نتحدث عن زمن ليس فيه طائرات.. أي أنه ليس هناك غطاء جوي يكفل له الحركة في أمان، أو يضمن له تدمير ما يقابله من معوقات.. لقد كانت أقل المخاطر التي تواجه هذا الجيش أن يُكتشف أمره، فيفقد – على الأقل- عنصر المباغتة، ويستعد له الجيش العباسي قبل وصوله، أما المخاطر الأكبر التي كانت في انتظاره فهي أن يجد مقاومة شرسة في طريقه المليء بالتجمعات السكنية الهائلة.. وكلها تجمعات إسلامية، أو أن تُنصب له الكمائن، وتوضع له الشراك.. وتذكر أنه يخوض في أرض يدخلها للمرة الأولى في حياته، لكن ـ سبحان الله! ـ كل هذا لم يحدث.. لقد قطع "بيجو" بجيشه 95% من الطريق (أي حوالي950 كيلومترًا) دون أن تدري الخلافة العباسية عنه شيئاً..!! لقد باغت "بيجو" الخلافة العباسية على بعد خمسين كيلومترًا فقط شمال غرب بغداد!! لقد اكتشف العباسيون جيش "بيجو" تماماً كما اكتشفوا جيش هولاكو، عندما كان كلا الجيشين على مسيرة يوم واحد من بغداد!!..
وإن كنا نقول: إن جيش هولاكو كان يتخفى بالجبال، ويسير في أراضٍ غالبها تحت سيطرة التتار، فكيف نفسر مباغتة بيجو لبغداد بهذه الصورة؟!!
إن تبرير اختراق "بيجو" للأراضي الإسلامية يحمل معه مصيبتين عظيمتين:

أما المصيبة الأولى: فهي غياب المخابرات الإسلامية عن الساحة تماماً، وواضح أن الجيش العباسي كان لا علم له ولا دراية بإدارة الحروب أو فنونها..
أما المصيبة الثانية والأعظم: فهي أن هناك خيانة كبرى من أمراء الأناضول والموصل المسلمين… هذه الخيانة فتحت الأبواب لجيش التتار، ولم يحدث أي نوع من المقاومة، وسار الجيش التتري في هدوء وكأنه في نزهة، وبالطبع لم يرتكب في طريقه مذابح لكي لا يلفت أنظار الخلافة في بغداد، ورضي الناس منه بتجنب شره، وخافوا أن يدلوا عليه لكي لا ينتقم منهم بعد ذلك..

خيانة عظمى من كيكاوس الثاني وقلج أرسلان الرابع أمراء الأناضول..

و خيانة أعظم من بدر الدين لؤلؤ أمير الموصل..

فبدر الدين لؤلؤ لم يكتف بتسهيل مهمة التتار، وبالسماح لهم باستخدام أراضيه للانتقال والعبور، بل أرسل مع التتار فرقة مساعدة تعينهم على عملية "تحرير العراق" من حكم الخلافة العباسية!!..

ومن الجدير بالذكر أن بدر الدين لؤلؤ قام بهذه الخيانة وهو يبلغ من العمر ثمانين عاماً! وقيل: مائة..!!! وجدير بالذكر أيضاً أنه مات بعد هذه الخيانة بشهور معدودات!!!..

ونسأل الله حسن الخاتمة..

كانت هذه هي تحركات الجيش التتري..

منقولً

موضوع مميز

وَ ردً مميزَ من مشرفةَ مميزهَ ..

شكرا

شكرا

مشكور

جٌمُيًل جٌدأ

شٌكُرأ لجٌ

اللُـه يـٌعُطــًيًـكٌمُ الصٌــحًه و العُــآآفًيــٌه

و كُــل عًـآآآم و انـُتـًمٌ بٌخُـيًر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

موضوع جميل..

تسلم الايادي يالغلا..

شٌكُرأ لجٌ

سبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف السابع

قال الله تعالى: "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ" للصف السابع


قال الله تعالى: "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ" [الأحزاب: 23]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقًا وإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا".

ويكفي في فضيلة الصدق أن الصدِّيق مشتق منه، والله تعالى وصف الأنبياء به في معرض المدح والثناء فقال: "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا "[مريم41] وقال تعالى: "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا" [مريم 56].

وقال ابن عباس: أربع من كن فيه فقد ربح: الصدق، والحياء، وحسن الخلق، والشكر.
وقال بشر بن الحارث: من عامل الله بالصدق استوحش من الناس.
وقال أبو سليمان: اجعل الصدق مطيتك، والحق سيفك والله تعالى غاية طلبك.
وقال رجل لحكيم: ما رأيت صادقًا ! فقال له: لو كنت صادقًا لعرفت الصادقين.

اعلم أن لفظ الصدق يستعمل في ستة معانٍ: صدق في القول، وصدق في النية والإرادة، وصدق في العزم، وصدق في الوفاء بالعزم، وصدق في العمل، وصدق في تحقيق مقامات الدين كلها، فمن اتصف بالصدق في جميع ذلك فهو صدِّيق لأنه مبالغة في الصدق.

الصدق الأول: في صدق اللسان، وذلك لا يكون إلا في الإخبار أو فيما يتضمن الإخبار وينبه عليه، والخبر إما أن يتعلق بالماضي أو بالمستقبل وفيه يدخل الوفاء والخلف، وحق على كل عبد أن يحفظ ألفاظه فلا يتكلم إلا بالصدق.
وهذا هو أشهر أنواع الصدق وأظهرها فمن حفظ لسانه عن الإخبار عن الأشياء على خلاف ما هي عليه فهو صادق.
الصدق الثاني: في النية والإرادة، ويرجع ذلك إلى الإخلاص وهو ألا يكون له باعث في الحركات والسكنات إلا الله تعالى، فإن مازجه شوب من حظوظ النفس بطل صدق النية وصاحبه يجوز أن يسمى كاذبًا.
الصدق الثالث: في صدق العزم، إن الإنسان قد يقدم العزم على العمل فيقول في نفسه: إن رزقني الله مالاً تصدقت بجميعه – أو بشطره أو إن لقيت عدوًا في سبيل الله تعالى قاتلت ولم أبالِ وإن قُتلت، وإن أعطاني الله تعالى ولاية عدلت فيها ولم أعصِ الله تعالى بظلم وميل إلى خلق، فهذه العزيمة قد يصادقها من نفسه وهي عزيمة جازمة صادقة، وقد يكون في عزمه نوع ميل وتردد وضعف يضاد الصدق في العزيمة، فكان الصدق هاهنا عبارة عن التمام والقوة.
الصدق الرابع: في الوفاء بالعزم، فإن النفس قد تسخو بالعزم في الحال، إذ لا مشقة في الوعد والعزم والمؤونة فيه خفيفة، فإذا حفت الحقائق وحصل التمكن وهاجت الشهوات، انحلت العزيمة وغلبت الشهوات ولم يتفق الوفاء بالعزم، وهذا يضاد الصدق فيه، ولذلك قال الله تعالى: "رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ" [الأحزاب: 23].
عن أنس رضي الله عنه: أن عمه أنس بن النضر لم يشهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشق ذلك على قلبه وقال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غبت عنه، أما والله لئن أراني الله مشهدًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرين الله ما اصنع! قال: فشهد أحدًا في العام القابل فاستقبله "سعد بن معاذ" فقال: يا أبا عمرو إلى أين؟ فقال: واهًا لريح الجنة! إني أجد ريحها دون أحد! فقاتل حتى قُتل فوُجد في جسده بضع وثمانون ما بين رمية وضربة وطعنة؛ فقالت أخته بنت النضر: ما عرفت أخي إلا بثيابه، فنزلت الآية.
الصدق الخامس: في الأعمال، وهو أن يجتهد حتى لا تدل أعماله الظاهرة على أمر في باطنه لا يتصف هو به؛ لا بأن يترك الأعمال ولكن بأن يستجرَّ الباطن إلى تصديق الظاهر، ورب واقف على هيئة خشوع في صلاته ليس يقصد به مشاهدة غيره ولكن قلبه غافل عن الصلاة فمن ينظر إليه يراه قائمًا بين يدي الله تعالى وهو بالباطن قائم في السوق بين يدي شهوة من شهواته.
الصدق السادس: وهو أعلى الدرجات وأعزها: الصدق في مقامات الدين، كالصدق في الخوف والرجاء والتعظيم والزهد والرضا والتوكل والحب وسائر هذه الأمور، فإذا غلب الشيء وتمت حقيقته سمي صاحبه صادقًا فيه، كما يقال: فلان صدق القتال، ويقال: هذا هو الخوف الصادق. ثم درجات الصدق لا نهاية لها، وقد يكون للعبد صدق في بعض الأمور دون بعض فإن كان صادقًا في جميع الأمور فهو الصدِّيق حقًا.

قال سعد بن معاذ رضي الله عنه: ثلاثة أنا فيهن قوي وفيما سواهن ضعيف: ما صليت صلاة منذ أسلمت فحدثت نفسي حتى أفرغ منها، ولا شيعت جنازة فحدثت نفسي بغير ما هي قائلة، وما هو مقول لها حتى يُفرغ من دفنها، وما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قولاً إلا علمت أنه حق، فقال ابن المسيب: ما ظننت أن هذه الخصال تجتمع إلا في النبي عليه الصلاة والسلام

وين الردود

اللعم اعز الاسلام و المسلمين

التصنيفات
الصف السابع

مهم للصف السابع -التعليم الاماراتي

سورة الحجرات

التسميَــة:

طاعة الله تعالى والرسول، والأدب في الخطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم:

وجوب التثبت عند نقل الأخبار:

حكم البغاة:

الآداب فيما بين المسلمين والناس كافة:

حقيقة الإيمان الصحيح:

صفة المؤمنين الكُمَّل:

بَين يَدَي السُّورَة

* هذه السورة الكريمة مدنية، وهي على وجازتها سورة جليلةٌ ضخمة، تتضمن حقائق التربية الخالدة، وأسس المدنيّة الفاضلة، حتى سمَّاها بعض المفسرين "سورة الأخلاق".

* ابتدأت السورة الكريمة بالأدب الرفيع الذي أدَّب الله به المؤمنين، تجاه شريعة الله وأمر رسوله ، وهو ألاّ يُبرموا أمراً، أو يُبدوا رأياً، أو يقضوا حكماً في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يستشيروه ويستمسكوا بإِرشاداته الحكيمة {يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }.

* ثم انتقلت إلى أدبٍ آخر وهو خفض الصوت إِذا تحدثوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم تعظيماً لقدره الشريف، واحتراماً لمقامه السامي، فإِنه ليس كعامة الناس بل هو رسول الله، ومن واجب المؤمنين أن يتأدبوا معه في الخطاب مع التعظيم والإِجلال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ..}.

* ومن الأدب الخاص إِلى الأدب العام تنتقل السورة لتقرير دعائم المجتمع الفاضل، فتأمر المؤمنين بعدم السماع للإِشاعات، وتأمر بالتثبت من الأنباء والأخبار، لا سيما إن كان الخبر صادراً عن شخص غير عدل أو شخص متَّهم، فكم من كلمةٍ نقلها فاجر فاسق سبَّبت كارثةً من الكوارث، وكم من خبرٍ لم يتثبَّت منه سامعه جرَّ وبالاً، وأحدث انقساماً {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا..}.

* ودَعَت السورة إِلى الإِصلاح بين المتخاصمين، ودفع عدوان الباغين {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا..} الآيات.

* وحذَّرت السورة من السخرية والهمز واللمز، ونفَّرت من الغيبة والتجسس والظن السيء بالمؤمنين، ودعت إِلى مكارم الأخلاق، والفضائل الاجتماعية، وحين حذَّرت من الغيبة جاء النهي في تعبير رائع عجيب، أبدعه القرآن غاية الإِبداع، صورة رجل يجلس إِلى جنب أخٍ له ميت ينهش منه ويأكل لحمه {وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ..} ويا له من تنفير عجيب!!

* وختمت السورة بالحديث عن الأعراب الذين ظنوا الإِيمان كلمةً تقال باللسان، وجاءوا يمنُّون على الرسول إِيمانهم، فبينت حقيقة الإِيمان، وحقيقة الإِسلام، وشروط المؤمن الكامل وهو الذي جمع الإِيمان والإِخلاص والجهاد والعمل الصالح {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ..} إِلى آخر السورة الكريمة.

التسميَــة:

سميت "سورة الحجرات" لأن الله تعالى ذكر فيها حرمة بيوت النبي صلى الله عليه وسلم وهي الحجرات التي كان يسكنها أُمهات المؤمنين الطاهرات رضوان الله عليهن.

طاعة الله تعالى والرسول، والأدب في الخطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(1)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ(2)إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ(3)إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ(4)وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(5)}.

سبب النزول:

نزول الآية (1):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا..}: أخرج البخاري والترمذي وغيرهما عن ابن أبي مُلَيكة أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أخبره أنه قدم ركب من بني تميم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أَمِّر القعقاع بن معبد، وقال عمر: بل أَمِّر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر: ما أردتَ إلا خلافي، وقال عمر: ما أردتُ خلافَك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فنزل في ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} إلى قوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا} أي أن الآيات نزلت في مجادلة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما عند النبي صلى الله عليه وسلم في تأمير القعقاع بن معبد أو الأقرع بن حابس.

نزول الآية (2):

{لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ}: أخرج ابن جرير عن قتادة قال: كانوا يجهرون له بالكلام، ويرفعون أصواتهم، فأنزل الله: {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} الآية.

نزول الآية (3):

{ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ}: أخرج ابن جرير عن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس قال: لما نزلت هذه الآية: {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} قعد ثابت بن قيس في الطريق يبكي، فمرّ به عاصم بن عدي بن العجلان، فقال: ما يبكيك؟ قال: هذه الآية أتخوف أن تكون نزلت فيّ، وأنا صيِّت رفيع الصوت، فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا به، فقال: أما ترضى أن تعيش حميداً، وتقتل شهيداً، وتدخل الجنة؟ قال: رضيت، ولا أرفع صوتي أبداً على صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: { إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ} الآية. والقصة مروية أيضاً في الصحيحين عن أنس بن مالك.

نزول الآية (4):

{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ..}: أخرج الطبراني وأبو يعلى بسند حسن عن زيد بن أرْقَم قال: جاء ناس من العرب إلى حُجَر النبي صلى الله عليه وسلمن فجعلوا ينادون: يا محمد، يا محمد، فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} الآية.

وقال محمد بن إسحاق وغيره: نزلت في جفاة بني تميم، قدم وفد منهم على النبي صلى الله عليه وسلم، فدخلوا المسجد، فنادوا النبي صلى الله عليه وسلم من وراء حجرته أن اخرج إلينا يا محمد، فإن مدحنا زين، وإن ذمنا شين، فآذى ذلك من صياحهم النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم، فقالوا: إنا جئناك يا محمد نفاخرك، ونزل فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ}. وكان فيهم الأقرع بن حابس، وعُييْنة بن حصن، والزِّبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} أي يا أيها المؤمنون، يا من اتصفتم بالإِيمان، وصدَّقتم بكتاب الله، لا تُقدموا أمراً أو فعلاً بين يدي الله ورسوله، وحُذِف المفعول للتعميم ليذهب ذهن السامع إِلى كل ما يمكن تقديمه من قولٍ أو فعل، كما إِذا عرضت مسألة في مجلسه صلى الله عليه وسلم لا يسبقونه بالجواب، وإِذا حضر الطعام لا يبتدئون بالأكل، وإِذا ذهبوا معه إِلى مكان لا يمشون أمامه ونحو ذلك، قال ابن عباس: نُهُوا أن يتكلموا بين يدي كلامه صلى الله عليه وسلم، وقال الضحاك: لا تقضوا أمراً دون الله ورسوله من شرائع دينكم، وقال البيضاوي: المعنى لا تقطعوا أمراً قبل أن يحكم الله ورسوله به، وقيل: المراد بين يدي رسول الله، وذُكر اللهُ تعظيماً له وإِشعاراً بأنه من الله بمكان يوجب إجلاله {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} أي واتقوا الله فيما أمركم به، إِن الله سميعٌ لأقوالكم، عليمٌ بنياتكم وأحوالكم، وإِظهار الاسم الجليل لتربية المهابة والروعة في النفس ..

ثم أرشد تعالى المؤمنين إِلى وجوب توقير الرسول وإِجلاله واحترامه فقال يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} أي إِذا كلمتم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فاخفضوا أصواتكم ولا ترفعوها على صوتِ النبي {وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} أي ولا تبلغوا حدَّ الجهر عند مخاطبته صلى الله عليه وسلم كما يجهر بعضكم في الحديث مع البعض، ولا تخاطبوه باسمه وكنيته كما يخاطب بعضكم بعضاً فتقولوا: يا محمد، ولكنْ قولوا يا نبيَّ الله، ويا رسول الله، تعظيماً لقدره، ومراعاةً للأدب، قال المفسرون: نزلت في بعض الأعراب الجفاة الذين كانوا ينادون رسول الله باسمه، ولا يعرفون توقير الرسول الكريم.

{أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} أي خشية أن تبطل أعمالكم من حيث لا تشعرون ولا تدرون، فإِن في رفع الصوت والجهر بالكلام في حضرته صلى الله عليه وسلم استخفافاً قد يؤدي إِلى الكفر المحبط للعمل، قال ابن كثير: روي أن ثابت بن قيس كان رفيع الصوت، فلما نزلت الآية قال: أنا الذي كنتُ أرفع صوتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا من أهل النار، حبط عملي، وجلس في أهله حزيناً، فافتقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق بعض القوم إِليه فقالوا له: تفقَّدك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لك؟ فقال: أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم حبط عملي أنا من أهل النار، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه بما قال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا بل هو من أهل الجنة، وفي رواية "أترضى أن تعيش حميداً، وتقتل شهيداً،وتدخل الجنة؟فقال: رضيتُ ببشرى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ولا أرفع صوتي أبداً على صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

{إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} أي إِن الذين يخفضون أصواتهم في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم أولئك الذين أخلص الله قلوبهم للتقوى ومرَّنها عليها وجعلها صفة راسخةً فيها، قال ابن كثير: أي أخلصها للتقوى وجعلها أهلاً ومحلاً {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} أي لهم في الآخرة صفحٌ عن ذنوبهم، وثواب عظيم في جنات النعيم .. ثم ذمَّ تعالى الأعراب الجفاة الذين ما كانوا يتأدبون في ندائهم للرسول صلى الله عليه وسلم فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} أي يدعونك من وراء الحجرات، منازِل أزواجك الطاهرات {أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} أي أكثر هؤلاء غير عقلاء، إذ العقل يقتضي حسن الأدب، ومراعاة العظماء عند خطابهم، سيّما لمن كان بهذا المنصب الخطير، قال البيضاوي: قيل إِن الذي ناداه "عُيينة بن حُصن" و "الأقرع بن حابس" وَفَدَا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعين رجلاً من بني تميم وقت الظهيرة وهو راقد فقالا يا محمد اخرج إِلينا.

{وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} أي ولو أنَّ هؤلاء المنادين لم يزعجوا الرسول صلى الله عليه وسلم بمناداتهم وصبروا حتى يخرج إليهم لكان ذلك الصبر خيراً لهم وأفضل عند الله وعند الناس، لما فيه من مراعاة الأدب في مقام النبوة {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي الغفور لذنوب العباد، الرحيم بالمؤمنين حيث اقتصر على نصحهم وتقريعهم، ولم يُنزل العقاب بهم.

وجوب التثبت عند نقل الأخبار

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ(6)وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمْ الرَّاشِدُونَ(7)فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(8)}.

سبب النزول:

نزول الآية (6):

{يا أيُّها الذين آمَنُوا إِنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ}: ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عُقْبة. أخرج ابن جرير وأحمد وابن حاتم والطبراني وابن أبي الدنيا وابن مردويه بسند جيد عن ابن عباس: أن الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيْط، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني الْمُصْطَلِق مُصَدِّقاً، وكان بينهما إحنة، فلما سمعوا به ركبوا إليه، فلما سمع بهم خافهم، فرجع فقال: إن القوم همّوا بقتلي، ومنعوا صدقاتهم، فهمَّ النبي صلى الله عليه وسلم بغزوهم، فبينا هم في ذلك إذ قَدِم وفدهم، وقالوا: يا رسول الله، سمعنا برسولك، فخرجنا نكرمه، ونؤدي إليه ما قبلنا من الصدقة، يقاتل مقاتلتكم، ويسبي ذراريكم" ثم ضرب بيده على كَتِف علي رضي الله عنه، فقالوا: نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله صلى الله عليه وسلم.

وقيل: بعث إليهم خالد بن الوليد، فوجدهم منادين بالصلاة، متهجدين، فسلموا إليه الصدقات، فرجع.

ولا خلاف في أن الشخص الذي جاء بالنبأ هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط. والآية وإن وردت لسبب خاص فهي عامة لبيان التثبت، وترك الاعتماد على قول الفاسق.

ثم حذَّر تعالى من الاستماع للأخبار بغير تثبت فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} أي إِذا أتاكم رجل فاسق – غير موثوق بصدقه وعدالته – بخبرٍ من الأخبار {فَتَبَيَّنُوا} أي فتثبتوا من صحة الخبر {أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} أي لئلا تصيبوا قوماً وأنتم جاهلون حقيقة الأمر {فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلتُمْ نَادِمِينَ} أي فتصيروا نادمين أشد الندم على صنيعكم {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ} أي واعلموا – أيها المؤمنون – أنَّ بينكم الرسول المعظَّم، والنبيَّ المكرم، المعصوم عن اتباع الهوى {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} أي لو يسمع وشاياتكم، ويصغي بسمعه لإِرادتكم، ويطيعكم في غالب ما تشيرون عليه من الأمور، لوقعتم في الجهد والهلاك، قال ابن كثير: أي اعلموا أنَّ بين أظهركم رسول الله فعظّموه ووقروه، فإِنه أعلم بمصالحكم وأشفق عليكم منكم، ولو أطاعكم في جميع ما تختارونه لأدَّى ذلك إلى عنتكم وحرجكم {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ} أي ولكنه تعالى – بمنّه وفضله – نوَّر بصائركم فحبَّب إِلى نفوسكم الإِيمان {وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} أي وحسَّنه في قلوبكم، حتى أصبح أغلى عندكم من كل شيء {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} أي وبغَّض إِلى نفوسكم أنواع الضلال، من الكفر والمعاصي والخروج عن طاعة الله، قال ابن كثير: والمراد بالفسوق الذنوبُ الكبار، وبالعصيان جميع المعاصي {أُوْلَئِكَ هُمْ الرَّاشِدُونَ} أي أولئك المتصفون بالنعوت الجليلة هم المهتدون، الراشدون في سيرتهم وسلوكهم، والجملة تفيد الحصر أي هم الراشدون لا غيرهم {فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً} أي هذا العطاء تفضلٌ منه تعالى عليكم وإِنعام {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} أي عليمٌ بمن يستحق الهداية، حكيم في خلقه وصنعه وتدبيره.

حكم البغاة

{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ(9)إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(10)}.

سبب النزول:

نزول الآية (9):

{وَإِنْ طَائِفَتَانِ..}: أخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن جرير وغيرهم عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا نبي الله، لو أتيتَ عبد الله بن أُبَيّ، فانطلَقَ إليه على حمار، وانطلق المسلمون يمشون، وهي أرض سَبِخَةُ، فبال الحمار فقال: إليك عني، فوالله لقد آذاني نَتْنُ حِمَارك، فقال عبد الله بن رَوَاحة: والله، إن بول حماره أطيب ريحاً منك، فغضِب لعبد الله رجل من قومه، وغضب لكل واحد منهما أصحابه، فوقع بينهم حرب بالجريد والأيدي والنعِّال، فأنزل الله فيهم: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا..}".

ثم عقَّب تعالى على ما يترتب على سماع الأنباء المكذوبة من تخاصم وتباغضٍ وتقاتل فقال {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} أي وإِنْ حدث أنَّ فئتين وجماعتين من إِخوانكم المؤمنين جنحوا إِلى القتال فأصلحوا بينهما، واسعوا جهدكم للإِصلاح بينهما، والجمعُ في {اقْتَتَلُوا} باعتبار المعنى، والتثنية في {بَيْنَهُمَا} باعتبار اللفظ {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى} أي فإِن بغت إحداهما على الأخرى، وتجاوزت حدَّها بالظلم والطغيان، ولم تقبل الصلح وصمَّمت على البغي {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} أي فقاتلوا الفئة الباغية حتى ترجع إِلى حكم الله وشرعه، وتُقلع عن البغي والعدوان، وتعمل بمقتضى أخوة الإِسلام {فَإِنْ فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا} أي فإِن رجعت وكفَّت عن القتال فأصلحوا بينهما بالعدل، دون حيفٍ على إِحدى الفئتين، واعدلوا في جميع أموركم {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} أي يحبُّ العادلين الذين لا يجورون في أحكامهم، قال البيضاوي: والآية نزلت في قتالٍ حدث بين "الأوس" و "الخزرج" في عهده صلى الله عليه وسلم كان فيه ضرب بالسَّعف والنعال، وهي تدلُّ على أن الباغي مؤمن، وأنه إِذا كفَّ عن الحرب تُرِك، وأنه يجب تقديم النصح والسعي في المصالحة.

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} أي ليسوا إِلا إِخوة، جمعتهم رابطة الإِيمان، فلا ينبغي أن تكون بينهم عداوة ولا شحناء، ولا تباغضٌ ولا تقاتل، قال المفسرون: {إِنَّمَا} للحصر فكأنه يقول: لا أخوَّة إِلا بين المؤمنين، ولا أخوة بين مؤمن وكافر، وفي الآية إشارة إِلى أنَّ أخوة الإِسلام أقوى من أخوَّة النسب، بحيث لا تعتبر أخوَّة النسب إِذا خلت عن أخوة الإِسلام {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} أي فأصلحوا بين إِخوانكم المؤمنين، ولا تتركوا الفرقة تدبُّ، والبغضاء تعمل عملها {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} أي اتقوا الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، لتنالكم رحمته، وتسعدوا بجنته ومرضاته.

الآداب فيما بين المسلمين الناس كافة

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ(11)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ(12) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(13)}.

سبب النزول:

نزول الآية (11):

{لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ}: قال الضحاك: نزلت في وفد بني تميم الذين تقدم ذكرهم في بيان سبب نزول الآية الأولى من هذه السورة، استهزؤوا بفقراء الصحابة، مثل عمَّار وخَبَّاب وابن فُهَيْرة وبِلال وصُهْيَب وسلمان وسالم مَوْلى أبي حذيفة وغيرهم، لِمَا رأوا من رثاثة حالهم، فنزلت في الذين آمنوا منهم.

نزول الآية (11) أيضاً:

{وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ}: قال ابن عباس: إن صفيّة بنت حُيَيّ بن أخْطب أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن النساء يُعَيِّرنني، ويقلُنَ لي: يا يهودية بنت يهوديّين! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هلا قلتِ: إن أبي هارون، وإن عمي موسى، وإن زوجي محمد" فأنزل الله هذه الآية.

نزول الآية (11) كذلك:

{وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ}: أخرج أصحاب السنن الأربعة عن أبي جبيرة بن الضحاك قال: كان الرجل منا يكون له الاسمان والثلاثة، فيدعى ببعضها، فعسى أن يكرهه، فنزلت: {وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ} قال الترمذي: حسن.

نزول الآية (12):

{وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}: أخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: زعموا أنها نزلت في سلمان الفارسي أكل ثم رقد، فذكر رجل أكله ورقاده، فنزلت.

نزول الآية (13):

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ }: أخرج ابن أبي حاتم عن ابن أبي مُلَيْكة قال: لما كان يوم الفتح، رَقِيَ بلال على ظهر الكعبة، فأذّن، فقال بعض الناس: أهذا العبد الأسود يؤذّن على ظهر الكعبة؟ فقال بعضهم: إن يَسْخَطِ اللهُ هذا يغيّره أو إن يرد الله شيئاً يغيره، فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى} الآية، فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم وزجرهم على التفاخر بالأنساب والتكاثر بالأموال والازدراء بالفقراء.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ} أي يا معشر المؤمنين، يا من اتصفتم بالإِيمان، وصدَّقتم بكتاب الله وبرسوله، لا يهزأ جماعة بجماعة، ولا يسخر أحد من أحد، فقد يكون المسخور منه خيراً عند الله من الساخر، "وربَّ أشعث أغبر ذو طمرين لو أقسم على الله لأبرَّه" {وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} أي ولا يسخر نساء من نساء فعسى أن تكون المحتقر منها خيراً عند الله وأفضل من الساخرة.

{وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ} أي ولا يعب بعضكم بعضاً، ولا يدع بعضكم بعضاً بلقب السوء، وإِنما قال {أنفسكم} لأن المسلمين كأنهم نفسٌ واحدة {بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ} أي بئس أن يسمى الإِنسان فاسقاً بعد أن صار مؤمناً، قال البيضاوي: وفي الآية دلالة على أن التنابز فسقٌ، والجمع بينه وبين الإِيمان مستقبح {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ} أي ومن لم يتبْ عن اللَّمز والتنابز فأولئك هم الظالمون بتعريض أنفسهم للعذاب.

{يَا يُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} أي ابتعدوا عن التهمة والتخون وإِساءة الظنِّ بالأهل والناس، وعبَّر بالكثير ليحتاط الإِنسان في كل ظنٍّ ولا يسارع فيه بل يتأملُ ويتحقَّق {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} أي إِنَّ في بعض الظنَِّ إِثم وذنب يستحق صاحبه العقوبة عليه قال عمر رضي الله عنه: "لا تظُنَّنَّ بكلمةٍ خرجت من أخيكَ المؤمنِ إِلا خيراً، وأنت تجدُ لها في الخير محملاً" {وَلا تَجَسَّسُوا} أي لا تبحثوا عن عورات المسلمين ولا تتبعوا معايبهم {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} أي لا يذكر بعضكم بعضاً بالسوء في غيبته بما يكرهه {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} تمثيلٌ لشناعة الغيبة وقبحها بما لا مزيد عليه من التقبيح أي هل يحب الواحد منكم أن يأكل لحم أخيه المسلم وهو ميت؟ {فَكَرِهْتُمُوهُ} أي فكما تكرهون هذا طبعاً فاكرهوا الغيبة شرعاً، فإِن عقوبتها أشدُّ من هذا .. شبَّه تعالى الغيبة بأكل لحم الأخ حال كونه ميتاً، وإِذا كان الإِنسان يكره لحم الإِنسان – فضلاً عن كونه أخاً، وفضلاً عن كونه ميتاً وجب عليه أن يكره الغيبة بمثل هذه الكراهة أو أشد.

{وَاتَّقُوا اللَّهَ} أي خافوا الله واحذروا عقابه، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه {إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} أي إِنه تعالى كثير التوبة، عظيم الرحمة، لمن اتقى اللهَ وتاب وأناب، وفيه حثٌ على التوبة، وترغيبٌ بالمسارعة إِلى الندم والاعتراف بالخطأ لئلا يقنط الإِنسان من رحمة الله.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى} الخطاب لجميع البشر أي نحن بقدرتنا خلقناكم من أصلٍ واحد، وأوجدناكم من أب وأم فلا تفاخر بالآباء والأجداد، ولا اعتداد بالحسب والنسب، كلكم لآدم وآدمُ من تراب {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} أي وجعلناكم شعوباً شتى وقبائل متعددة، ليحصل بينكم التعارف والتآلف، لا التناحر والتخالف، قال مجاهد: ليعرف الإِنسان نسبه فيقال فلان بن فلان من قبيلة كذا، وأصل تعارفوا تتعارفوا حذفت إِحدى التاءين تخفيفاً. قال شيخ زاده: والمعنى أن الحكمة التي من أجلها جعلكم على شعوب وقبائل هي أن يعرف بعضكم نسب بعض ولا ينسبه إِلى غير آبائه، لا أن يتفاخر بالآباء والأجداد، والنسبُ وإِن كان يُعتبر عرفاً وشرعاً، حتى لا تُزوج الشريفة بالنبطيّ، إلا أنه لا عبرة به عند ظهور ما هو أعظم قدراً منه وأعز، وهو الإِيمان والتقوى، كما لا تظهر الكواكب عند طلوع الشمس.

{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} أي إِنما يتفاضل الناس بالتقوى لا بالأحساب والأنساب، فمن أراد شرفاً في الدنيا ومنزلةً في الآخرة فليتق الله كما قال صلى الله عليه وسلم: (من سرَّه أن يكون أكرم الناس فليتَّق الله) وفي الحديث (الناسُ رجلان: رجل بَرٌّ تقي كريم على الله تعالى، ورجل فاجر شقي هيّن على الله تعالى) {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} أي عليمٌ بالعباد، مطلع على ظواهرهم وبواطنهم، يعلم التقي والشقي، والصالح والطالح {فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى} [النجم: 32].

حقيقة الإيمان الصحيح

{قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(14)}

سبب النزول:

نزول الآية (14) :

{قَالَتْ الأَعْرَابُ}: نزلت في نفر من بني أسد بن خزيمة، قدموا المدينة في سنة جدبة، وأظهروا الشهادتين، ولم يكونوا مؤمنين في السرّ، وكانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتيناك بالأثقال والعيال، ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان، فأعطنا من الصدقة، وجعلوا يمنون عليه، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية.

{قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} أي زعم الأعراب أنهم آمنوا. قل لهم يا محمد: إِنكم لم تؤمنوا بعد، لأن الإِيمان تصديقٌ مع ثقة واطمئنان قلب، ولم يحصل لكم، وإِلا لما مننتم على الرسول بالإِسلام وترك المقاتلة، ولكنْ قولوا استسلمنا خوف القتل والسبي، وقد دلت الآية على أن الإِيمان مرتبةٌ أعلى من الإِسلام، الذي هو الاستسلام والانقياد بالظاهر ولهذا قال تعالى: {وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} أي ولم يدخل الإِيمان إِلى قلوبكم ولم تَصِلوا إِلى حقيقته بعد، ولفظةُ "لمَّا" تفيد التوقع كأنه يقول: وسيحصل لكم الإِيمان عند اطلاعكم على محاسن الإِسلام، وتذوقكم لحلاوة الإِيمان، قال ابن كثير: وهؤلاء الأعراب المذكورون في هذه الآية ليسوا منافقين، وإِنما هم مسلمون لم يستحكم الإِيمان في قلوبهم، فادَّعوا لأنفسهم مقاماً أعلى مما وصلوا إِليه فُأدِّبوا في ذلك، ولو كانوا منافقين – كما ذهب إليه البخاري – لعُنفوا وفُضِحوا.

{وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا} أي وإِن أطعتم الله ورسوله بالإِخلاص الصادق، والإِيمان الكامل، وعدم المنِّ على الرسول لا ينقصكم من أجوركم شيئاً {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي عظيم المغفرة، واسع الرحمة، لأن صيغة "فعول" و "فعيل" تفيد المبالغة.

صفة المؤمنين الكُمَّل

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ(15)قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(16)يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(17)إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(18)}.

ثم ذكر تعالى صفات المؤمنين الكُمَّل الصادقين في إِيمانهم فقال {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} أي إِنما المؤمنون الصادقون في دعوى الإِيمان، الذين صدَّقوا الله ورسوله، فأقروا للهَ بالوَحدانية، ولرسوله بالرسالة، عن يقين راسخ وإِيمان كامل {ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} أي ثم لم يشكوا ويتزلزلوا في إِيمانهم بل ثبتوا على التصديق واليقين {وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي وبذلوا أموالهم ومهجهم في سبيل الله وابتغاء رضوانه {أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ} أي أولئك الذين صدقوا في ادعاء الإِيمان.

وصف تعالى المؤمنين الكاملين بثلاثة أوصاف: الأول: التصديق الجازم بالله ورسوله. الثاني: عدم الشك والارتياب. الثالث:الجهاد بالمال والنفس، فمن جمع هذه الأوصاف فهو المؤمن الصادق

{قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ} الاستفهام للإِنكار والتوبيخ أي قل لهم يا محمد: أتخبرون الله بما في ضمائركم وقلوبكم؟ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} أي وهو جل وعلا العليم بأحوال جميع العباد، لا تخفى عليه خافية لا في السماوات ولا في الأرض {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أي واسع العلم رقيب على كل شيء، لا يعزب عنه مثقال ذرة، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر.

{يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} أي يعدُّون إِسلامهم عليك يا محمد منَّة، يستوجبون عليها الحمد والثناء {قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ} أي قل لهم لا تمتنوا عليَّ بإِسلامكم، فإِن نفع ذلك عائد عليكم {بَلْ اللَّهُ يمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} أي بل للهِ المنةُ العظمى عليكم، بالهداية للإِيمان والتثبيت عليه، إِن كنتم صادقين في دعوى الإِيمان {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} أي يعلم ما غاب عن الأبصار في السماوات والأرض {وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} أي مطلَّع على أعمال العباد، لا تخفى عليه خافية .. كرَّر تعالى الإِخبار بعلمه بجميع الكائنات، وإِحاطته بجميع المخلوقات، ليدل على سعة علمه، وشموله لكل صغيرة وكبيرة، في السر والعلن، والظاهر والباطن.

بارك الله فيك ,, فعلا مفيد و مهم

مشكوووووووووووووور وما قصرة

أستغفرك يا رب من كل ذنب

التصنيفات
الصف السابع

سورة الحجرات للصف السابع

5^سورة الحجرات

التسميَــة:

طاعة الله تعالى والرسول، والأدب في الخطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم:

وجوب التثبت عند نقل الأخبار:

حكم البغاة:

الآداب فيما بين المسلمين والناس كافة:

حقيقة الإيمان الصحيح:

صفة المؤمنين الكُمَّل:

بَين يَدَي السُّورَة

* هذه السورة الكريمة مدنية، وهي على وجازتها سورة جليلةٌ ضخمة، تتضمن حقائق التربية الخالدة، وأسس المدنيّة الفاضلة، حتى سمَّاها بعض المفسرين "سورة الأخلاق".

* ابتدأت السورة الكريمة بالأدب الرفيع الذي أدَّب الله به المؤمنين، تجاه شريعة الله وأمر رسوله ، وهو ألاّ يُبرموا أمراً، أو يُبدوا رأياً، أو يقضوا حكماً في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يستشيروه ويستمسكوا بإِرشاداته الحكيمة {يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }.

* ثم انتقلت إلى أدبٍ آخر وهو خفض الصوت إِذا تحدثوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم تعظيماً لقدره الشريف، واحتراماً لمقامه السامي، فإِنه ليس كعامة الناس بل هو رسول الله، ومن واجب المؤمنين أن يتأدبوا معه في الخطاب مع التعظيم والإِجلال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ..}.

* ومن الأدب الخاص إِلى الأدب العام تنتقل السورة لتقرير دعائم المجتمع الفاضل، فتأمر المؤمنين بعدم السماع للإِشاعات، وتأمر بالتثبت من الأنباء والأخبار، لا سيما إن كان الخبر صادراً عن شخص غير عدل أو شخص متَّهم، فكم من كلمةٍ نقلها فاجر فاسق سبَّبت كارثةً من الكوارث، وكم من خبرٍ لم يتثبَّت منه سامعه جرَّ وبالاً، وأحدث انقساماً {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا..}.

* ودَعَت السورة إِلى الإِصلاح بين المتخاصمين، ودفع عدوان الباغين {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا..} الآيات.

* وحذَّرت السورة من السخرية والهمز واللمز، ونفَّرت من الغيبة والتجسس والظن السيء بالمؤمنين، ودعت إِلى مكارم الأخلاق، والفضائل الاجتماعية، وحين حذَّرت من الغيبة جاء النهي في تعبير رائع عجيب، أبدعه القرآن غاية الإِبداع، صورة رجل يجلس إِلى جنب أخٍ له ميت ينهش منه ويأكل لحمه {وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ..} ويا له من تنفير عجيب!!

* وختمت السورة بالحديث عن الأعراب الذين ظنوا الإِيمان كلمةً تقال باللسان، وجاءوا يمنُّون على الرسول إِيمانهم، فبينت حقيقة الإِيمان، وحقيقة الإِسلام، وشروط المؤمن الكامل وهو الذي جمع الإِيمان والإِخلاص والجهاد والعمل الصالح {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ..} إِلى آخر السورة الكريمة.

التسميَــة:

سميت "سورة الحجرات" لأن الله تعالى ذكر فيها حرمة بيوت النبي صلى الله عليه وسلم وهي الحجرات التي كان يسكنها أُمهات المؤمنين الطاهرات رضوان الله عليهن.

طاعة الله تعالى والرسول، والأدب في الخطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(1)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ(2)إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ(3)إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ(4)وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(5)}.

سبب النزول:

نزول الآية (1):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا..}: أخرج البخاري والترمذي وغيرهما عن ابن أبي مُلَيكة أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أخبره أنه قدم ركب من بني تميم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أَمِّر القعقاع بن معبد، وقال عمر: بل أَمِّر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر: ما أردتَ إلا خلافي، وقال عمر: ما أردتُ خلافَك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فنزل في ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} إلى قوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا} أي أن الآيات نزلت في مجادلة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما عند النبي صلى الله عليه وسلم في تأمير القعقاع بن معبد أو الأقرع بن حابس.

نزول الآية (2):

{لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ}: أخرج ابن جرير عن قتادة قال: كانوا يجهرون له بالكلام، ويرفعون أصواتهم، فأنزل الله: {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} الآية.

نزول الآية (3):

{ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ}: أخرج ابن جرير عن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس قال: لما نزلت هذه الآية: {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} قعد ثابت بن قيس في الطريق يبكي، فمرّ به عاصم بن عدي بن العجلان، فقال: ما يبكيك؟ قال: هذه الآية أتخوف أن تكون نزلت فيّ، وأنا صيِّت رفيع الصوت، فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا به، فقال: أما ترضى أن تعيش حميداً، وتقتل شهيداً، وتدخل الجنة؟ قال: رضيت، ولا أرفع صوتي أبداً على صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: { إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ} الآية. والقصة مروية أيضاً في الصحيحين عن أنس بن مالك.

نزول الآية (4):

{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ..}: أخرج الطبراني وأبو يعلى بسند حسن عن زيد بن أرْقَم قال: جاء ناس من العرب إلى حُجَر النبي صلى الله عليه وسلمن فجعلوا ينادون: يا محمد، يا محمد، فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} الآية.

وقال محمد بن إسحاق وغيره: نزلت في جفاة بني تميم، قدم وفد منهم على النبي صلى الله عليه وسلم، فدخلوا المسجد، فنادوا النبي صلى الله عليه وسلم من وراء حجرته أن اخرج إلينا يا محمد، فإن مدحنا زين، وإن ذمنا شين، فآذى ذلك من صياحهم النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم، فقالوا: إنا جئناك يا محمد نفاخرك، ونزل فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ}. وكان فيهم الأقرع بن حابس، وعُييْنة بن حصن، والزِّبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} أي يا أيها المؤمنون، يا من اتصفتم بالإِيمان، وصدَّقتم بكتاب الله، لا تُقدموا أمراً أو فعلاً بين يدي الله ورسوله، وحُذِف المفعول للتعميم ليذهب ذهن السامع إِلى كل ما يمكن تقديمه من قولٍ أو فعل، كما إِذا عرضت مسألة في مجلسه صلى الله عليه وسلم لا يسبقونه بالجواب، وإِذا حضر الطعام لا يبتدئون بالأكل، وإِذا ذهبوا معه إِلى مكان لا يمشون أمامه ونحو ذلك، قال ابن عباس: نُهُوا أن يتكلموا بين يدي كلامه صلى الله عليه وسلم، وقال الضحاك: لا تقضوا أمراً دون الله ورسوله من شرائع دينكم، وقال البيضاوي: المعنى لا تقطعوا أمراً قبل أن يحكم الله ورسوله به، وقيل: المراد بين يدي رسول الله، وذُكر اللهُ تعظيماً له وإِشعاراً بأنه من الله بمكان يوجب إجلاله {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} أي واتقوا الله فيما أمركم به، إِن الله سميعٌ لأقوالكم، عليمٌ بنياتكم وأحوالكم، وإِظهار الاسم الجليل لتربية المهابة والروعة في النفس ..

ثم أرشد تعالى المؤمنين إِلى وجوب توقير الرسول وإِجلاله واحترامه فقال يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} أي إِذا كلمتم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فاخفضوا أصواتكم ولا ترفعوها على صوتِ النبي {وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} أي ولا تبلغوا حدَّ الجهر عند مخاطبته صلى الله عليه وسلم كما يجهر بعضكم في الحديث مع البعض، ولا تخاطبوه باسمه وكنيته كما يخاطب بعضكم بعضاً فتقولوا: يا محمد، ولكنْ قولوا يا نبيَّ الله، ويا رسول الله، تعظيماً لقدره، ومراعاةً للأدب، قال المفسرون: نزلت في بعض الأعراب الجفاة الذين كانوا ينادون رسول الله باسمه، ولا يعرفون توقير الرسول الكريم.

{أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} أي خشية أن تبطل أعمالكم من حيث لا تشعرون ولا تدرون، فإِن في رفع الصوت والجهر بالكلام في حضرته صلى الله عليه وسلم استخفافاً قد يؤدي إِلى الكفر المحبط للعمل، قال ابن كثير: روي أن ثابت بن قيس كان رفيع الصوت، فلما نزلت الآية قال: أنا الذي كنتُ أرفع صوتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا من أهل النار، حبط عملي، وجلس في أهله حزيناً، فافتقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق بعض القوم إِليه فقالوا له: تفقَّدك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لك؟ فقال: أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم حبط عملي أنا من أهل النار، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه بما قال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا بل هو من أهل الجنة، وفي رواية "أترضى أن تعيش حميداً، وتقتل شهيداً،وتدخل الجنة؟فقال: رضيتُ ببشرى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ولا أرفع صوتي أبداً على صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

{إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} أي إِن الذين يخفضون أصواتهم في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم أولئك الذين أخلص الله قلوبهم للتقوى ومرَّنها عليها وجعلها صفة راسخةً فيها، قال ابن كثير: أي أخلصها للتقوى وجعلها أهلاً ومحلاً {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} أي لهم في الآخرة صفحٌ عن ذنوبهم، وثواب عظيم في جنات النعيم .. ثم ذمَّ تعالى الأعراب الجفاة الذين ما كانوا يتأدبون في ندائهم للرسول صلى الله عليه وسلم فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} أي يدعونك من وراء الحجرات، منازِل أزواجك الطاهرات {أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} أي أكثر هؤلاء غير عقلاء، إذ العقل يقتضي حسن الأدب، ومراعاة العظماء عند خطابهم، سيّما لمن كان بهذا المنصب الخطير، قال البيضاوي: قيل إِن الذي ناداه "عُيينة بن حُصن" و "الأقرع بن حابس" وَفَدَا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعين رجلاً من بني تميم وقت الظهيرة وهو راقد فقالا يا محمد اخرج إِلينا.

{وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} أي ولو أنَّ هؤلاء المنادين لم يزعجوا الرسول صلى الله عليه وسلم بمناداتهم وصبروا حتى يخرج إليهم لكان ذلك الصبر خيراً لهم وأفضل عند الله وعند الناس، لما فيه من مراعاة الأدب في مقام النبوة {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي الغفور لذنوب العباد، الرحيم بالمؤمنين حيث اقتصر على نصحهم وتقريعهم، ولم يُنزل العقاب بهم.

وجوب التثبت عند نقل الأخبار

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ(6)وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمْ الرَّاشِدُونَ(7)فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(8)}.

سبب النزول:

نزول الآية (6):

{يا أيُّها الذين آمَنُوا إِنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ}: ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عُقْبة. أخرج ابن جرير وأحمد وابن حاتم والطبراني وابن أبي الدنيا وابن مردويه بسند جيد عن ابن عباس: أن الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيْط، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني الْمُصْطَلِق مُصَدِّقاً، وكان بينهما إحنة، فلما سمعوا به ركبوا إليه، فلما سمع بهم خافهم، فرجع فقال: إن القوم همّوا بقتلي، ومنعوا صدقاتهم، فهمَّ النبي صلى الله عليه وسلم بغزوهم، فبينا هم في ذلك إذ قَدِم وفدهم، وقالوا: يا رسول الله، سمعنا برسولك، فخرجنا نكرمه، ونؤدي إليه ما قبلنا من الصدقة، يقاتل مقاتلتكم، ويسبي ذراريكم" ثم ضرب بيده على كَتِف علي رضي الله عنه، فقالوا: نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله صلى الله عليه وسلم.

وقيل: بعث إليهم خالد بن الوليد، فوجدهم منادين بالصلاة، متهجدين، فسلموا إليه الصدقات، فرجع.

ولا خلاف في أن الشخص الذي جاء بالنبأ هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط. والآية وإن وردت لسبب خاص فهي عامة لبيان التثبت، وترك الاعتماد على قول الفاسق.

ثم حذَّر تعالى من الاستماع للأخبار بغير تثبت فقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} أي إِذا أتاكم رجل فاسق – غير موثوق بصدقه وعدالته – بخبرٍ من الأخبار {فَتَبَيَّنُوا} أي فتثبتوا من صحة الخبر {أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} أي لئلا تصيبوا قوماً وأنتم جاهلون حقيقة الأمر {فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلتُمْ نَادِمِينَ} أي فتصيروا نادمين أشد الندم على صنيعكم {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ} أي واعلموا – أيها المؤمنون – أنَّ بينكم الرسول المعظَّم، والنبيَّ المكرم، المعصوم عن اتباع الهوى {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} أي لو يسمع وشاياتكم، ويصغي بسمعه لإِرادتكم، ويطيعكم في غالب ما تشيرون عليه من الأمور، لوقعتم في الجهد والهلاك، قال ابن كثير: أي اعلموا أنَّ بين أظهركم رسول الله فعظّموه ووقروه، فإِنه أعلم بمصالحكم وأشفق عليكم منكم، ولو أطاعكم في جميع ما تختارونه لأدَّى ذلك إلى عنتكم وحرجكم {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ} أي ولكنه تعالى – بمنّه وفضله – نوَّر بصائركم فحبَّب إِلى نفوسكم الإِيمان {وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} أي وحسَّنه في قلوبكم، حتى أصبح أغلى عندكم من كل شيء {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} أي وبغَّض إِلى نفوسكم أنواع الضلال، من الكفر والمعاصي والخروج عن طاعة الله، قال ابن كثير: والمراد بالفسوق الذنوبُ الكبار، وبالعصيان جميع المعاصي {أُوْلَئِكَ هُمْ الرَّاشِدُونَ} أي أولئك المتصفون بالنعوت الجليلة هم المهتدون، الراشدون في سيرتهم وسلوكهم، والجملة تفيد الحصر أي هم الراشدون لا غيرهم {فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً} أي هذا العطاء تفضلٌ منه تعالى عليكم وإِنعام {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} أي عليمٌ بمن يستحق الهداية، حكيم في خلقه وصنعه وتدبيره.

حكم البغاة

{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ(9)إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(10)}.

سبب النزول:

نزول الآية (9):

{وَإِنْ طَائِفَتَانِ..}: أخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن جرير وغيرهم عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا نبي الله، لو أتيتَ عبد الله بن أُبَيّ، فانطلَقَ إليه على حمار، وانطلق المسلمون يمشون، وهي أرض سَبِخَةُ، فبال الحمار فقال: إليك عني، فوالله لقد آذاني نَتْنُ حِمَارك، فقال عبد الله بن رَوَاحة: والله، إن بول حماره أطيب ريحاً منك، فغضِب لعبد الله رجل من قومه، وغضب لكل واحد منهما أصحابه، فوقع بينهم حرب بالجريد والأيدي والنعِّال، فأنزل الله فيهم: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا..}".

ثم عقَّب تعالى على ما يترتب على سماع الأنباء المكذوبة من تخاصم وتباغضٍ وتقاتل فقال {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} أي وإِنْ حدث أنَّ فئتين وجماعتين من إِخوانكم المؤمنين جنحوا إِلى القتال فأصلحوا بينهما، واسعوا جهدكم للإِصلاح بينهما، والجمعُ في {اقْتَتَلُوا} باعتبار المعنى، والتثنية في {بَيْنَهُمَا} باعتبار اللفظ {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى} أي فإِن بغت إحداهما على الأخرى، وتجاوزت حدَّها بالظلم والطغيان، ولم تقبل الصلح وصمَّمت على البغي {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} أي فقاتلوا الفئة الباغية حتى ترجع إِلى حكم الله وشرعه، وتُقلع عن البغي والعدوان، وتعمل بمقتضى أخوة الإِسلام {فَإِنْ فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا} أي فإِن رجعت وكفَّت عن القتال فأصلحوا بينهما بالعدل، دون حيفٍ على إِحدى الفئتين، واعدلوا في جميع أموركم {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} أي يحبُّ العادلين الذين لا يجورون في أحكامهم، قال البيضاوي: والآية نزلت في قتالٍ حدث بين "الأوس" و "الخزرج" في عهده صلى الله عليه وسلم كان فيه ضرب بالسَّعف والنعال، وهي تدلُّ على أن الباغي مؤمن، وأنه إِذا كفَّ عن الحرب تُرِك، وأنه يجب تقديم النصح والسعي في المصالحة.

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} أي ليسوا إِلا إِخوة، جمعتهم رابطة الإِيمان، فلا ينبغي أن تكون بينهم عداوة ولا شحناء، ولا تباغضٌ ولا تقاتل، قال المفسرون: {إِنَّمَا} للحصر فكأنه يقول: لا أخوَّة إِلا بين المؤمنين، ولا أخوة بين مؤمن وكافر، وفي الآية إشارة إِلى أنَّ أخوة الإِسلام أقوى من أخوَّة النسب، بحيث لا تعتبر أخوَّة النسب إِذا خلت عن أخوة الإِسلام {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} أي فأصلحوا بين إِخوانكم المؤمنين، ولا تتركوا الفرقة تدبُّ، والبغضاء تعمل عملها {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} أي اتقوا الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، لتنالكم رحمته، وتسعدوا بجنته ومرضاته.

الآداب فيما بين المسلمين الناس كافة

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ(11)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ(12) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(13)}.

سبب النزول:

نزول الآية (11):

{لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ}: قال الضحاك: نزلت في وفد بني تميم الذين تقدم ذكرهم في بيان سبب نزول الآية الأولى من هذه السورة، استهزؤوا بفقراء الصحابة، مثل عمَّار وخَبَّاب وابن فُهَيْرة وبِلال وصُهْيَب وسلمان وسالم مَوْلى أبي حذيفة وغيرهم، لِمَا رأوا من رثاثة حالهم، فنزلت في الذين آمنوا منهم.

نزول الآية (11) أيضاً:

{وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ}: قال ابن عباس: إن صفيّة بنت حُيَيّ بن أخْطب أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن النساء يُعَيِّرنني، ويقلُنَ لي: يا يهودية بنت يهوديّين! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هلا قلتِ: إن أبي هارون، وإن عمي موسى، وإن زوجي محمد" فأنزل الله هذه الآية.

نزول الآية (11) كذلك:

{وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ}: أخرج أصحاب السنن الأربعة عن أبي جبيرة بن الضحاك قال: كان الرجل منا يكون له الاسمان والثلاثة، فيدعى ببعضها، فعسى أن يكرهه، فنزلت: {وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ} قال الترمذي: حسن.

نزول الآية (12):

{وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}: أخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: زعموا أنها نزلت في سلمان الفارسي أكل ثم رقد، فذكر رجل أكله ورقاده، فنزلت.

نزول الآية (13):

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ }: أخرج ابن أبي حاتم عن ابن أبي مُلَيْكة قال: لما كان يوم الفتح، رَقِيَ بلال على ظهر الكعبة، فأذّن، فقال بعض الناس: أهذا العبد الأسود يؤذّن على ظهر الكعبة؟ فقال بعضهم: إن يَسْخَطِ اللهُ هذا يغيّره أو إن يرد الله شيئاً يغيره، فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى} الآية، فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم وزجرهم على التفاخر بالأنساب والتكاثر بالأموال والازدراء بالفقراء.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ} أي يا معشر المؤمنين، يا من اتصفتم بالإِيمان، وصدَّقتم بكتاب الله وبرسوله، لا يهزأ جماعة بجماعة، ولا يسخر أحد من أحد، فقد يكون المسخور منه خيراً عند الله من الساخر، "وربَّ أشعث أغبر ذو طمرين لو أقسم على الله لأبرَّه" {وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} أي ولا يسخر نساء من نساء فعسى أن تكون المحتقر منها خيراً عند الله وأفضل من الساخرة.

{وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ} أي ولا يعب بعضكم بعضاً، ولا يدع بعضكم بعضاً بلقب السوء، وإِنما قال {أنفسكم} لأن المسلمين كأنهم نفسٌ واحدة {بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ} أي بئس أن يسمى الإِنسان فاسقاً بعد أن صار مؤمناً، قال البيضاوي: وفي الآية دلالة على أن التنابز فسقٌ، والجمع بينه وبين الإِيمان مستقبح {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ} أي ومن لم يتبْ عن اللَّمز والتنابز فأولئك هم الظالمون بتعريض أنفسهم للعذاب.

{يَا يُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} أي ابتعدوا عن التهمة والتخون وإِساءة الظنِّ بالأهل والناس، وعبَّر بالكثير ليحتاط الإِنسان في كل ظنٍّ ولا يسارع فيه بل يتأملُ ويتحقَّق {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} أي إِنَّ في بعض الظنَِّ إِثم وذنب يستحق صاحبه العقوبة عليه قال عمر رضي الله عنه: "لا تظُنَّنَّ بكلمةٍ خرجت من أخيكَ المؤمنِ إِلا خيراً، وأنت تجدُ لها في الخير محملاً" {وَلا تَجَسَّسُوا} أي لا تبحثوا عن عورات المسلمين ولا تتبعوا معايبهم {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} أي لا يذكر بعضكم بعضاً بالسوء في غيبته بما يكرهه {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} تمثيلٌ لشناعة الغيبة وقبحها بما لا مزيد عليه من التقبيح أي هل يحب الواحد منكم أن يأكل لحم أخيه المسلم وهو ميت؟ {فَكَرِهْتُمُوهُ} أي فكما تكرهون هذا طبعاً فاكرهوا الغيبة شرعاً، فإِن عقوبتها أشدُّ من هذا .. شبَّه تعالى الغيبة بأكل لحم الأخ حال كونه ميتاً، وإِذا كان الإِنسان يكره لحم الإِنسان – فضلاً عن كونه أخاً، وفضلاً عن كونه ميتاً وجب عليه أن يكره الغيبة بمثل هذه الكراهة أو أشد.

{وَاتَّقُوا اللَّهَ} أي خافوا الله واحذروا عقابه، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه {إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} أي إِنه تعالى كثير التوبة، عظيم الرحمة، لمن اتقى اللهَ وتاب وأناب، وفيه حثٌ على التوبة، وترغيبٌ بالمسارعة إِلى الندم والاعتراف بالخطأ لئلا يقنط الإِنسان من رحمة الله.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى} الخطاب لجميع البشر أي نحن بقدرتنا خلقناكم من أصلٍ واحد، وأوجدناكم من أب وأم فلا تفاخر بالآباء والأجداد، ولا اعتداد بالحسب والنسب، كلكم لآدم وآدمُ من تراب {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} أي وجعلناكم شعوباً شتى وقبائل متعددة، ليحصل بينكم التعارف والتآلف، لا التناحر والتخالف، قال مجاهد: ليعرف الإِنسان نسبه فيقال فلان بن فلان من قبيلة كذا، وأصل تعارفوا تتعارفوا حذفت إِحدى التاءين تخفيفاً. قال شيخ زاده: والمعنى أن الحكمة التي من أجلها جعلكم على شعوب وقبائل هي أن يعرف بعضكم نسب بعض ولا ينسبه إِلى غير آبائه، لا أن يتفاخر بالآباء والأجداد، والنسبُ وإِن كان يُعتبر عرفاً وشرعاً، حتى لا تُزوج الشريفة بالنبطيّ، إلا أنه لا عبرة به عند ظهور ما هو أعظم قدراً منه وأعز، وهو الإِيمان والتقوى، كما لا تظهر الكواكب عند طلوع الشمس.

{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} أي إِنما يتفاضل الناس بالتقوى لا بالأحساب والأنساب، فمن أراد شرفاً في الدنيا ومنزلةً في الآخرة فليتق الله كما قال صلى الله عليه وسلم: (من سرَّه أن يكون أكرم الناس فليتَّق الله) وفي الحديث (الناسُ رجلان: رجل بَرٌّ تقي كريم على الله تعالى، ورجل فاجر شقي هيّن على الله تعالى) {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} أي عليمٌ بالعباد، مطلع على ظواهرهم وبواطنهم، يعلم التقي والشقي، والصالح والطالح {فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى} [النجم: 32].

حقيقة الإيمان الصحيح

{قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(14)}

سبب النزول:

نزول الآية (14) :

{قَالَتْ الأَعْرَابُ}: نزلت في نفر من بني أسد بن خزيمة، قدموا المدينة في سنة جدبة، وأظهروا الشهادتين، ولم يكونوا مؤمنين في السرّ، وكانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتيناك بالأثقال والعيال، ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان، فأعطنا من الصدقة، وجعلوا يمنون عليه، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية.

{قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} أي زعم الأعراب أنهم آمنوا. قل لهم يا محمد: إِنكم لم تؤمنوا بعد، لأن الإِيمان تصديقٌ مع ثقة واطمئنان قلب، ولم يحصل لكم، وإِلا لما مننتم على الرسول بالإِسلام وترك المقاتلة، ولكنْ قولوا استسلمنا خوف القتل والسبي، وقد دلت الآية على أن الإِيمان مرتبةٌ أعلى من الإِسلام، الذي هو الاستسلام والانقياد بالظاهر ولهذا قال تعالى: {وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} أي ولم يدخل الإِيمان إِلى قلوبكم ولم تَصِلوا إِلى حقيقته بعد، ولفظةُ "لمَّا" تفيد التوقع كأنه يقول: وسيحصل لكم الإِيمان عند اطلاعكم على محاسن الإِسلام، وتذوقكم لحلاوة الإِيمان، قال ابن كثير: وهؤلاء الأعراب المذكورون في هذه الآية ليسوا منافقين، وإِنما هم مسلمون لم يستحكم الإِيمان في قلوبهم، فادَّعوا لأنفسهم مقاماً أعلى مما وصلوا إِليه فُأدِّبوا في ذلك، ولو كانوا منافقين – كما ذهب إليه البخاري – لعُنفوا وفُضِحوا.

{وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا} أي وإِن أطعتم الله ورسوله بالإِخلاص الصادق، والإِيمان الكامل، وعدم المنِّ على الرسول لا ينقصكم من أجوركم شيئاً {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي عظيم المغفرة، واسع الرحمة، لأن صيغة "فعول" و "فعيل" تفيد المبالغة.

صفة المؤمنين الكُمَّل

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ(15)قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(16)يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(17)إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(18)}.

ثم ذكر تعالى صفات المؤمنين الكُمَّل الصادقين في إِيمانهم فقال {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} أي إِنما المؤمنون الصادقون في دعوى الإِيمان، الذين صدَّقوا الله ورسوله، فأقروا للهَ بالوَحدانية، ولرسوله بالرسالة، عن يقين راسخ وإِيمان كامل {ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} أي ثم لم يشكوا ويتزلزلوا في إِيمانهم بل ثبتوا على التصديق واليقين {وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي وبذلوا أموالهم ومهجهم في سبيل الله وابتغاء رضوانه {أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ} أي أولئك الذين صدقوا في ادعاء الإِيمان.

وصف تعالى المؤمنين الكاملين بثلاثة أوصاف: الأول: التصديق الجازم بالله ورسوله. الثاني: عدم الشك والارتياب. الثالث:الجهاد بالمال والنفس، فمن جمع هذه الأوصاف فهو المؤمن الصادق

{قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ} الاستفهام للإِنكار والتوبيخ أي قل لهم يا محمد: أتخبرون الله بما في ضمائركم وقلوبكم؟ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} أي وهو جل وعلا العليم بأحوال جميع العباد، لا تخفى عليه خافية لا في السماوات ولا في الأرض {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أي واسع العلم رقيب على كل شيء، لا يعزب عنه مثقال ذرة، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر.

{يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} أي يعدُّون إِسلامهم عليك يا محمد منَّة، يستوجبون عليها الحمد والثناء {قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ} أي قل لهم لا تمتنوا عليَّ بإِسلامكم، فإِن نفع ذلك عائد عليكم {بَلْ اللَّهُ يمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} أي بل للهِ المنةُ العظمى عليكم، بالهداية للإِيمان والتثبيت عليه، إِن كنتم صادقين في دعوى الإِيمان {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} أي يعلم ما غاب عن الأبصار في السماوات والأرض {وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} أي مطلَّع على أعمال العباد، لا تخفى عليه خافية .. كرَّر تعالى الإِخبار بعلمه بجميع الكائنات، وإِحاطته بجميع المخلوقات، ليدل على سعة علمه، وشموله لكل صغيرة وكبيرة، في السر والعلن، والظاهر والباطن.

وين الردود

أستغفرك يا رب من كل ذنب

التصنيفات
الصف السابع

كيف تنتصر على الشيطان للصف السابع

حتى تنتصر على الشيطان

حتى تنتصر على الشيطان بإذن الله :

1- التوكل على الله وهو صدق الاعتماد على الله وتفويض الأمور إليه . والتعلق به ، مع الأخذ بالأسباب دون التعلق بها .

2- ترك المعاصي ومفسدات القلب من كثرة النظر المباح ، وفضول الكلام ، والأكل الكثير ، والنوم الكثير .. فضلاً عن ترك المعاصي ، التي هي شؤم على العبد وحاجز عن نور الله .

3 – قراءة القرآن :
أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو أن يقرأ القرآن في شهر ، فالسنة أن تختم القرآن في شهر ومقتضى ذلك أن يكون كل يوم جزء ، ولكن هذا ليس يشرط ولكن شرط السنية أن تختم في شهر ولو تفاوت القراءة في يوم عن يوم .
والمهم أن يقرأ الإنسان من القرآن كل يوم ، يجعله ورداً وهذا على كل مسلم ينبغي له ذلك لأنه هو شفاء القلوب وهو جلاء الهموم وهو مثبت عظيم على الإيمان وله تأثير قوي في دفع كيد الشيطان .

2- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم : بقول (( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه )) وهذا جاءت به السنة . والهمز جنونه ، والنفخ كبره ، والنفث شعره .
وكذلك بقول (( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم )) .

ولا حظ أن الاستعاذة بالله ذكر سببي منوط بمسببه ، ففي أي وقت جاز لك هذا الذكر ما دام تشتكي كيد الشيطان .

3- الدعاء : وخاصة في أوقات الإجابة كعند السجود بعد قول سبحان الله ، وفي التشهد الأخير ، وفي الثلث الآخر من الليل ، وعند الفطر في الصيام ، وفي السفر ، وعند نزول المطر ، ودعاء الوالدين لك ، وبين الأذان والإقامة ….
وآخر ساعة من اليوم الجمعة وأرجح ما قيل فيها :

أ – أنها من صعود الإمام حتى ينصرف الإمام من الصلاة
( فتدعو بين الخطيتين وبعد انتهاء الخطبة وأثناء نزول الإمام وفي أثناء الصلاة ) .

ب – آخر ساعة من يوم الجمعة : فإذا صليت الجمعة اشتغل بالذكر وقراءة القرآن فإذا أدركت آخر ساعة من يوم الجمعة قبل غروب شمس يوم الجمعة اشتغل بالدعاء . وقال ابن باز رحمه الله لعل ساعة الجمعة كليلة القدر لا تثبت في ليلة معينة بل تتنقل من ليلة إلى أخرى .
فأنت إذا دعوت في هذين الوقت أدركت ساعة الإجابة بإذن الله .
ولا تتعجل ولا تقنط وأعلم أنك على خير ومجرد الدعاء عبادة وأنك مثاب عليها بكل حال كما صح في ذلك الخبر .
4- مع القيام بالواجبات ؛ الاشتغال بنوافل الطاعات مثل صيام الأيام الفاضلة ، قيام الليل ، صلاة الضحى ، التبكير للصلاة ، إجابة المؤذن ، الصدقة فإنها تطفي غضب الرب …..

5- لزوم الاستغفار فإن من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم مخرجا .

6- طلب العلم وهذا ما يخشاه الشيطان ويخافه فهو سلاح المسلم وطريق عبادة الله على بصيرة .

7- أذكار اليوم والليلة وأذكار الأحوال والمناسبات : وخير مرجع مناسب هو حصن المسلم لشموله وسهولة تبويبه وخفة حمله .

قال صلى الله عليه وسلم سبق المفردون ، فقالوا من يا رسول الله ، قال : الذاكرين الله كثيراً والذاكرات . فالذكر حصن حصين من الله ضد الشيطان ..

أذكار الأحوال والمناسبات ، وقد تقدم ذكرها ، ولكن لمزيد اهتمام بها أوردها هنا . وركزت على مايحفظ الله به المسلم من كيد الشيطان
فمن ذلك :
دعاء الدخول إلى الخلاء :
" بسم الله ، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث " ، قال صلى الله عليه وسلم : (( ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول : بسم الله ))
********
عند الدخول إلى المنزل
" إذا دخل الرجل بيته ، فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه ، قال الشيطان : لامبيت لكم ولاعشاء ، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان أدركتم المبيت …" رواه مسلم
********
عند الخروج من المنزل
" اللهم إني أعوذ بك أن أضِل أو أُضَل أو أزل أو أُزل ، أو أظلِم أو أُضلم ، أو أجهَلَ أو يُجهل علي ". صحيح ( صحيح سنن أبي داود 959/3 )
من قال حين يخرج من بيته :" بسم الله ، توكلت على الله ، لاحول ولاقوة إلا بالله ، يُقال لهُ : كفيت ووفيت ، وتنحى عنه الشيطان ". صحيح ( صحيح الترمذي 151/3 ( والخير أن يجمع بينهما . .
********
بعد صلاة الصبح والمغرب:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين ينصرف من صلاة الغداة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير"، عشر مرات أعطي بهن سبعاً: كتب الله له بهن عشر حسنات، ومحا عنه بهن عشر سيئات، ورفع له بهن عشر درجات، وكان له عدل عشر نسمات، وكان له حفظاً من الشيطان وحرزاً من المكروه، ولم يلحقه في ذلك اليوم ذنب إلا الشرك بالله. ومن قالهن حين ينصرف من صلاة المغرب أعطي مثل ذلك ليلته. [قال المنذري رواه ابن أبي الدنيا والطبراني بإسناد حسن واللفظ له].
ملاحظة :
وبدل – بيده الخير – تقول : يحي ويموت ويستحب التنويع مرة بهذا ومرة بهذا
وهذا الذكر يقال بعد الصلاة من الفجر والمغرب بعد الفريضة وقبل أن يثني رجليه وأن يكلم أحداً كما جاء بذلك الخبر المثبت .
************
" أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة " ثلاث مرات في الصباح وثلاثاً في المساء

********
عند الخروج من المسجد
" بسم الله [ والصلاة ] والسلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي " صحيح ( صحيح ابن ماجه 128/1) الزيادة لابن السني وحسنه الألباني " اللهم إني أسالك من فضلك " (رواه مسلم 494/1)" اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم " صحيح ( صحيح ابن ماجه
********
قراءة قل هو الله أحد " ، " قل أعوذ برب الفلق " ، " قل أعوذ برب الناس " ثلاث مرات حين تصبح وحين تمسي تكفيك في كل شئ . حسن صحيح الترمذي
(( لاحظ تكفيك من كل شيء )) .

********
مامن عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة :" بسم الله الذي لايضر مع اسمه شئ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم " . ثلاث مرات فيضره شئ . حسن ( صحيح الترمذي 141/3 ) وفي رواية أبي داود " لم يصبه فجأةُ بلاءٍ . (( لا حظ أخي لم يضره شيء وهذا عام ضرر الشيطان وكل ذي ضرر ))

********
" أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق " ( كذكر مسائي ثلاث مرات وكذكر عند المكان المخوف مرة واحدة ولا يقال هذا الذكر في الصباح بمقتضى الدليل )

********
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏من قال حين يصبح وحين يمسي ‏: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة‏.‏
(( لا حظ أخي كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة ))

********

من قال حين يصبح : " لاإله إلاالله وحده لاشريك له ،له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " كان له عدل رقبة من ولد إسماعيل ، وحط عنه عشر خطيئا ت ، ورفع له عشر درجات وكان في حرز من الشيطان حتى يمسي وإذا أمسى حتى يصبح . صحيح ( صحيح سنن ابن ماجه 331/2 )

وفي رواية لمسلم من قال ذلك عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل . وفي رواية أخرى لمسلم من قال ذلك مئة مرة كانت له عدل عشر رقاب . وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة . وكانت له حرزاً من الشيطان ، يومه ذلك حتى يمسي ، ولم يأت أحد أفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك . مسلم

********
قال صلى الله عليه وسلم: " من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه "

(( لا حظ كفتاه يعني من كل شيء كما قال بذلك بعض أهل العلم ))

********
• قراءة آية الكرسي عند النوم يكون قائلها في حرز من الشيطان حتى يصبح

********
إذا رأى مايكره في منامه فيفعل مايأتي :
– " ينفث عن يسارهِ ثلاثاً ".
– " يستعيذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى ثلاث مرات ".
– " لايُحدثُ بها أحداً ".
– " يتحول عن جنبه الذي كان عليه ". (رواه مسلم

*********

عند إتيان الأهل
" لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان مارزقتنا ، فإنه يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً ". ( متفق عليه .

وين ردودكم

صلى الله على محمد

التصنيفات
الصف السابع

تعريف ادغام المتماثلين الادغام الصغير الادغام الشفوي للصف السابع

السلام عهليكم
لو سمحتوا ابي معنى :
ادغام المتماثلين:………………………………… …..
الادغام الصغير:……………………………………. …
الادغام الشفوي:……………………………….
بليز اللي عنده لا يبخل

-2الإدغام الشفوي: هو أن تأتي آخر الكلمة ميم ساكنة وتأتي بعدها ميما متحركة، فعندئذ تدغم الميم الساكنة بالمتحركة لتصبحا ميما واحدة مشددة تظهر عليها الغنة.
مثاله: {في قلوبهم مرض} تقرأ: " في قلوبهمّرض."
{جاءكم من}، تقرأ: " جاءكمِّن" .
{أزواجهم مثل} تقرأ: " أزواجهمّثل."

-2 الإدغام: هو دمج النون الساكنة أو التنوين بحرف من حروف الإدغام بحيث يصيران حرفاً واحداً مشدداً، هو حرف الإدغام. حروف إدغام النون ستة: تجمعها كلمة (يرملون).

-1إدغام المتماثلين: إذا التقى حرفان متماثلان أولهما ساكن والثاني متحرك أدغم الأول في الثاني.
مثاله: {ما لكم من}، {من نزّل}، {بل لا}، {ما كانت تعبد}، {اضرب بعصاك}.
{اذهب بكتابي}، {يدرككم}، {إذْ ذَهَبَ}.

-2 إدغام المتجانسين: ويكون عندما يتفق الحرفان مخرجا (1) ويختلفان صفة،

-3 إدغام المتقاربين: إذا تقارب الحرفان مخرجاً وصفة، وكان الأول منهما ساكناً، وجب إدغامه في الثاني – بلا غنة –

مشكورررررر اخوي
بارك الله فيك

الحــــــــــــــــــــــمد لله

التصنيفات
الصف السابع

ولادة سيدنا عيسى المسيح عليه السلام للصف السابع

ولادة سيدنا عيسى المسيح عليه السلام

إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونشكره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضدَ ولا ندَّ له، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرّة أعيننا محمدا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه، صلى الله وسلم عليه وعلى كل رسول أرسله.

أما بعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العليّ القدير القائل في محكم كتابه : ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ ءال عمران 45- 46 .

إخوة الإيمان، حدثناكم في الخطبة الماضية عن نبي من أنبياء الله وهو سيدنا لوط عليه السلام، ويطيب لنا اليوم أن نتكلم عن نبي كريم زاهد خلقه الله تعالى من غير أبٍ فقد جاء في القرءان العظيم: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ ءال عمران 59.

وأمه مريم التي وصفها الله تعالى في القرءان الكريم بالصدّيقة والتي نَشأت نَشْأة طُهر وعفاف وتربّت على التقوى تؤدّي الواجبات وتكثر من نوافل الطاعات والتي بشّرتها الملائكة باصطفاء الله تعالى لها من بين سائر النساء وبتطهيرها من الأدناس والرذائل.

﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ﴾ ءال عمران 42.

وذات يوم خرجت مريم الصدِّيقة من محرابها الذي كانت تعبد الله تعالى فيه فأرسل الله إليها جبريل عليه السلام متشكِّلاً بشكل شابٍّ أبيضَ الوجه.

وللملاحظة إخوة الإيمان، الملائكة ليسوا ذكورًا ولا إناثًا إنما يتشكَّلون بهيئة الذكر من دون ءالة الذكورية ولا يأكلون ولا يشربون لا يتناكحون ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.

مريم لَمّا رأت جبريل عليه السلام متشكِّلاً في صورة شابٍّ أبيض الوجه لم تعرفه ففزعت منه واضطربت وخافت على نفسها منه وقالت ما أخبر الله به: ﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً﴾ سورة مريم/18. أي إن كنت تقيا مطيعًا فلا تتعرض لي بسوء.

فقال لها أن الله أرسله إليها ليهبها ولدًا صالحًا طاهرًا من الذنوب. فقالت مريم: أنى يكون لي غلام ولم يقربني زوج ولم أكن فاجرة زانية؟ فأجابها جبريل عليه السلام عن تعجّبها بأنّ خَلْقَ ولد من غير أبٍ سهلٌ هيِّنٌ على الله تعالى، وجعله علامة للناس ودليلاً على كمال قدرته سبحانه وتعالى وليجعله رحمة ونعمة لمن ابتعه وصدّقه وءامن به .

يقول رب العزّة في القرءان العظيم: ﴿فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً﴾ سورة مريم 22-23-24-25-26.

نفخ جبريل عليه السلام في جيب درعها فحملت بعيسى عليه السلام ثم تنحت بحملها بعيدًا خوف أن يعيّرها الناس بولادتها من غير زوج، ثم ألجأها وجع الولادة إلى ساق نخلة يابسة وتمنّت الموت خوفًا من أذى الناس، وناداها جبريل من عليه السلام من مكان من تحتها من أسفل الجبل يطمئنها ويخبرها أنّ الله تبارك وتعالى جعل تحتها نهرًا صغيرا ويطلب منها أن تهزّ جذع النخلة ليتساقط عليها الرطب الجنيّ الطريّ وأن تأكل وتشرب مما رزقها الله وأن تقرّ عينها وأن تقول لمن رءاها وسألها عن ولدها إني نذرت للرحمن أن لا أكلّم أحدًا.

أتت السيدة مريم عليها السلام قومها تحمل مولودها عيسى عليه السلام على يدها في بيت لحم. ﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً﴾ مريم/27.

قالوا لها: لقد فعلتِ فعلة منكرة عظيمة، ظنوا بها السوء وصاروا يوبخونها ويؤذونها وهي ساكتة لا تجيب لأنها أخبرتهم أنها نذرت للرحمن صومًا، ولما ضاق بها الحال أشارت إلى عيسى عليه السلام. عندها قالوا لها ما أخبر الله به بقوله: ﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً﴾ مريم/29 .

عند ذلك أنطق الله تعالى بقدرته سيّدنا عيسى وكان رضيعًا. ﴿قَالَ إِنِِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً﴾ مريم 30-31. اعتراف بالعبودية لله العزيز القهار، هذا أول ما نطق به عليه السلام وهو في المهد قال: ﴿إِنِِّي عَبْدُ اللَّهِ﴾ وقوله: ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً﴾ أي جعلني نفاعًا معلّمًا للخير حيثما توجهت.

إخوة الإيمان، يقول الله تعالى في القرءان العظيم: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ سورة الصف/6 .

دعا عيسى قومه إلى الإسلام إلى عبادة الله وحده وعدم الإشراك به شيئًا ولكنهم كذّبوه وحسدوه وقالوا عنه ساحر ولم يؤمن به إلا القليل .

والله نسأل الثبات على دين الأنبياء دين الإسلام العظيم .

هذا وأستغفر الله لي ولكم

الخطبة الثانية: التحذير من قول بعض الناس "يا عبدي إسعَ لأسعى معك"

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى كل رسول أرسله.

أما بعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العليّ القدير القائل في محكم كتابه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ الشورى/11 .

فلما كانت هذه الآية هي أصرح ءاية في القرءان في تنْزيه الله تعالى عن مشابهة خلقه، ولَمّا انتشر التشبيه والكلام الذي مؤدّاه تشبيه لله بخلقه والعياذ بالله كان لا بد من التذكير بها وبما احتوت عليه من المعاني العظيمة. فربنا لا يوصف بأنه جسم ولا بصفات الجسم، ربنا ليس جسمًا كثيفا كالبشر والحجر والشجر، وليس جسمًا لطيفًا كالنور والظلام والهواء، والله لا يوصف بصفات الجسم كالحركة والسكون والاتصال والانفصال "مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك" . أي لا يشبه ذلك.

فاحذروا عباد الله وحذّروا من عبارة يقولها بعض الناس وهي "إسعَ يا عبدي لأسعى معك". العبد هو الذي يسعى، نعم، أما الله تعالى لا يوصف بصفات خلقه. أما من قال هذه الكلمة ولا يفهم منها نسبة الحركة إلى الله، لا يفهم منها أنّ الله يسعى كالبشر بل يفهم منها أنت اعمل في الأسباب أساعدك في الحصول على الرزق فلا يكفر، ولكن طبعًا يُنهى عن هذه الكلمة.

إخوة الإيمان، من الناس من صار ينتظر بشوق سماع الخطبة الثانية ليحذر من مثل هذه العبارات، ومن الناس من يدوّن هذه العبارات للتحذير منها، ومن الناس من يتشهّد لأنه يعرف من نفسه أنه صدر منه ما أخرجه عن دين الله. فجزى الله عنا خيرًا من علّمنا وأرشدنا وحثّنا على وضع هذه العبارات للتحذير منها في الخطبة الثانية .

واعلَموا أنَّ اللهَ أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيِهِ الكريمِ فقالَ:﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ اللّـهُمَّ صَلِّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدَنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ، يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾، اللّهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا فاغفرِ اللّهُمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا اللّهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ اللّهُمَّ اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ اللّهُمَّ استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنا شَرَّ ما نتخوَّفُ. عبادَ اللهِ ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، يعظُكُمْ لعلَّكُمْ تذَكَّرون. اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ، واستغفروه يغفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا، وَأَقِمِ الصلاةَ.

ولادة سيدنا عيسى المسيح عليه السلام

ولادة سيدنا عيسى المسيح عليه السلام

يقول الله تعالى في القرءان الكريم: {مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ (75)} الآية، [سورة المائدة] هو عبد الله ورسوله عيسى ابن مريم بنت عمران خلقه الله تعالى من غير أب كما خلق ءادم من غير أب وأم، قال الله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59)} [سورة ءال عمران].

وأم نبي الله عيسى هي مريم بنت عمران الصديقة الولية العذراء الطاهرة التي تربت في بيت الفضيلة وعاشت عيشة الطهر والتقوى وقد أثنى الله تبارك وتعالى عليها في القرءان الكريم في مواطن عديدة، قال الله تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)} [سورة التحريم].

ومما جاء في قصة حملها ووضعها أنها ذهبت ذات يوم إلى مكان لتقضي أمرا فأرسل الله إليها جبريل عليه السلام متشكلا بشكل شاب أبيض الوجه {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19)} [سورة مريم]، أي فقال لها إن الله أرسله إليها ليهبها ولدا صالحا طاهرا من الذنوب. {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20)} [سورة مريم]. أي قالت مريم: أنى يكون لي غلام ولم يقربنيِ زوج ولم أكن فاجرة زانية.

{قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا (21)} [سورة مريم] أي فأجابها جبريل عن تعجبها بأن خلق ولد من غير أب سهل هين على الله تعالى، وليجعله علامة للناس ودليلا على كمال قدرته سبحانه وتعالى وليجعله رحمة ونعمة لمن اتبعه وصدقه وءامن به.

بقول الله تعالى في القرءان الكريم: {فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا} [سورة مريم].

نفخ جبريل عليه السلام في جيب درعها فحملت بعيسى عليه السلام ثم تنحت بحملها بعيدا خوف أن يعيرها الناس بولادتها من غير زوج ثم ألجأها وجع الولادة إلى ساق نخلة يابسة وتمنت الموت خوفا من أذى الناس، فناداها جبريل يطمئنها ويخبرها أن الله جعل تحتها نهرا صغيرا ويطلب منها أن تهز جذع النخلة ليتساقط عليها الرطب الجني وأن تأكل وتشرب مما رزقها الله وأن تقر عينها وأن تقول لمن رءاها وسألها عن ولدها إني نذرت للرحمن أن لا أكلم أحدا.

ثم إن مريم عليها السلام أتت قومها تحمل مولودها عيسى عليه السلام على يدها في بيت لحم فقالوا لها: لقد فعلت فعلة منكرة عظيمة، فإن أباك لم يكن رجل سوء ولم تكون أمك زانية وظنوا بها السوء وصاروا يوبخونها ويؤنبونها وهي ساكتة لا تجيب لأنها أخبرتهم أنها نذرت للرحمن صوما ولما ضاق بها الحال أشارت إلى عيسى عليه السلام، عندها قالوا لها ما أخبر الله به بقوله {فَأَشَاَرَت إِلَيه قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29)} [سورة مريم]، عند ذلك أنطق الله تبارك وتعالى بقدرته سيدنا عيسى عليه السلام وكان رضيعا {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31)} [سورة مريم] اعتراف بالعبودية لله عز وجل هذا أول مانطق به عليه السلام وهو في المهد {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} [سورة مريم] إقرار منه بالعبودية لله رب العالمين.

وقوله {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا} [سورة مريم] أي جعلني نفاعا معلما للخير حيث ما توجهت.

دعا عيسى عليه السلام قومه إلى عبادة الله وحده وعدم الإشراك به شيئا ولكنهم كذبوه وحسدوه وقالوا عنه ساحر ولم يؤمن به إلا القليل فعيسى عليه السلام نبي ورسول جاء بدين الحق والهدى دين الإسلام العظيم الذي جاء به كل الأنبياء من ءادم إلى محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

http://www.uae.ii5ii.com/images/avatars/ii5ii.com%
ولادة سيدنا عيسى المسيح عليه السلام

ولادة سيدنا عيسى المسيح عليه السلام

يقول الله تعالى في القرءان الكريم: {مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ (75)} الآية، [سورة المائدة] هو عبد الله ورسوله عيسى ابن مريم بنت عمران خلقه الله تعالى من غير أب كما خلق ءادم من غير أب وأم، قال الله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59)} [سورة ءال عمران].

وأم نبي الله عيسى هي مريم بنت عمران الصديقة الولية العذراء الطاهرة التي تربت في بيت الفضيلة وعاشت عيشة الطهر والتقوى وقد أثنى الله تبارك وتعالى عليها في القرءان الكريم في مواطن عديدة، قال الله تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)} [سورة التحريم].

ومما جاء في قصة حملها ووضعها أنها ذهبت ذات يوم إلى مكان لتقضي أمرا فأرسل الله إليها جبريل عليه السلام متشكلا بشكل شاب أبيض الوجه {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19)} [سورة مريم]، أي فقال لها إن الله أرسله إليها ليهبها ولدا صالحا طاهرا من الذنوب. {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20)} [سورة مريم]. أي قالت مريم: أنى يكون لي غلام ولم يقربنيِ زوج ولم أكن فاجرة زانية.

{قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا (21)} [سورة مريم] أي فأجابها جبريل عن تعجبها بأن خلق ولد من غير أب سهل هين على الله تعالى، وليجعله علامة للناس ودليلا على كمال قدرته سبحانه وتعالى وليجعله رحمة ونعمة لمن اتبعه وصدقه وءامن به.

بقول الله تعالى في القرءان الكريم: {فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا} [سورة مريم].

نفخ جبريل عليه السلام في جيب درعها فحملت بعيسى عليه السلام ثم تنحت بحملها بعيدا خوف أن يعيرها الناس بولادتها من غير زوج ثم ألجأها وجع الولادة إلى ساق نخلة يابسة وتمنت الموت خوفا من أذى الناس، فناداها جبريل يطمئنها ويخبرها أن الله جعل تحتها نهرا صغيرا ويطلب منها أن تهز جذع النخلة ليتساقط عليها الرطب الجني وأن تأكل وتشرب مما رزقها الله وأن تقر عينها وأن تقول لمن رءاها وسألها عن ولدها إني نذرت للرحمن أن لا أكلم أحدا.

ثم إن مريم عليها السلام أتت قومها تحمل مولودها عيسى عليه السلام على يدها في بيت لحم فقالوا لها: لقد فعلت فعلة منكرة عظيمة، فإن أباك لم يكن رجل سوء ولم تكون أمك زانية وظنوا بها السوء وصاروا يوبخونها ويؤنبونها وهي ساكتة لا تجيب لأنها أخبرتهم أنها نذرت للرحمن صوما ولما ضاق بها الحال أشارت إلى عيسى عليه السلام، عندها قالوا لها ما أخبر الله به بقوله {فَأَشَاَرَت إِلَيه قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29)} [سورة مريم]، عند ذلك أنطق الله تبارك وتعالى بقدرته سيدنا عيسى عليه السلام وكان رضيعا {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31)} [سورة مريم] اعتراف بالعبودية لله عز وجل هذا أول مانطق به عليه السلام وهو في المهد {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} [سورة مريم] إقرار منه بالعبودية لله رب العالمين.

وقوله {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا} [سورة مريم] أي جعلني نفاعا معلما للخير حيث ما توجهت.

دعا عيسى عليه السلام قومه إلى عبادة الله وحده وعدم الإشراك به شيئا ولكنهم كذبوه وحسدوه وقالوا عنه ساحر ولم يؤمن به إلا القليل فعيسى عليه السلام نبي ورسول جاء بدين الحق والهدى دين الإسلام العظيم الذي جاء به كل الأنبياء من ءادم إلى محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين

شكرا

شششششششششششششششششكككككككككككككككككككككككككرررررررر ررررررررررررررررررراااااااااااااا

سبحــــــــــــــــــــان الله و بحمده

التصنيفات
الصف السابع

الحجرات ((3 )) للصف السابع

ضروري ابي الاجابات اليوووووووووووووم بليز اللي عنده ما يبخل علينا

والله انا محتاجاه اليوم ضروري

وينكم .؟؟؟

انا بعد اببه ضروري اليووم

نحن ما وصلناله

واللة ان مو حل بس اذا حلول بعطيكم من عيوني

واللة ان مو حل درس بس الحل بعطيكم من عيرني

م[FONT="Arial Narrow"][/FONT]ن عيوني واللة تحياتي لجميع

من عيوني بس ان عندي الحل سوره الحجرات (2) بس

هيه والله ابي الحل

الحــــــــــــــــــــــمد لله

التصنيفات
الصف السابع

الخلافة للصف السابع

الخلافة

1) مصطلح خلافة في الدولة الإسلامية :
من الفعل "خلف" أي جاء بعد . ويقصد بها تولي شؤون المسلمين بعد وفاة الرسول . فهي رئاسة الدولة الإسلامية نيابة عن الرسول (ص) وكان الخليفة مسؤولا عن أمور المسلمين الدينية والدنيوية (صلاحيات سياسية ودينية ) .

2) واجبات الخليفة في الدولة الإسلامية :

• حفظ الدين : أن يقوم المسلم بالأركان الخمسة , تسير الحجيج , محاربة المبتدعين والفئات الهدامة (كالزنادقة وغيرهم ) , معاقبة المرتدين .
• إقامة حدود الله والقضاء : إنزال العقوبات عمن يتعدى حدود الله كشرب الخمرة , الزنا وغيرها . والجلوس في القضاء لحل الخلافات في القضايا المدنية .
• الأمن والدفاع : نشر الشرطة للمحافظة على الأمن الداخلي , والدفاع عن حدود الدولة من الخارج . واعلان الحرب فهو القائد الأعلى للقوات .
• جباية الضرائب بأنواعها وانفاقها (صرفها ) .
• تعيين موظفي الدولة : يحق له تعيين الموظفين وأقالتهم .
كالوزراء والولاة والقضاة . والقواد.
• الأشراف على أعمال الدولة : وذلك عن طريق الاستعانة بعامل البريد الذي يطلعه ما يجري في ألامصار (الولايات)

3) الطريقة التي تم بها اختيار كل من الخلفاء الراشدين للحكم:

1) أبو بكر الصديق : اختير للخلافة بطريق الانتخاب حيث اختير في أعقاب بيعة السقيفة والنقاش الذي دار بين الأنصار والمهاجرين وسميت هذه الطريقة بطريقة الاختيار واطلق عليها البعض الانتخاب الاستشاري وكانت على مرحلتين : البيعه الخاصة وهي بيعة السقيفة ثم البيعة العامة التي تلتها فيما بعد في المسجد .

2) عمر بن الخطاب : اختير على يد أبي بكر الصديق وسميت هذه الطريقة بالعهد . إذ عهد إلية أبو بكر بالخلافة من يعده وذلك بعد أن استشار أبو بكر كبار الصحابة ( أصحاب الحل والعقد ) .

3) عثمان بن عفان : حسب طريقة الشورى . إذ عين الخليفة عمر وهو على فراش الموت مجلسا استشاريا مكونا من ستة أشخاص وابنه عبد الله سابعهم شرط ألا يكون مرشحا (عثمان بن عفان , علي بن أبي طالب ,عبد الرحمان بن عوف , سعد بن أبي وقاص , طلحة بن عبيد الله , الزبير بن العوام ) وعهد إلى المجلس باختيار الخليفة وبهذه الطريقة اختير عثمان ثالث الخلفاء الراشدين .
4) علي بن أبي طالب : اصبح خليفة بطريقة الاختيار حيث بايعه قتلة عثمان بعد مقتل عثمان مبايعة
(اشرح القصة)

4) الصفات التي يجب توفرها بالخليفة :

العدالة , سلامة الحواس والإغضاء , مسلم ,حر , ذكر , العلم , الكفاية (شرح كل واحدة ) . النسب (وهذا مختلف علية ).

5) متى ظهرت مؤسسة الخلافة في الإسلام:

ظهرت مؤسسة الخلافة على اثر وفاة الرسول مباشرة وكان أبو بكر أول خليفة .

6) موقف كل من المهاجرين والأنصار من مسالة الخلافة بعد وفاة الرسول :

برز موقف المهاجرين والأنصار من الخلافة في سقيفة بني ساعدة وكان كالتالي :
موقف المهاجرين :
* هم أول من صدق الرسول (ص) من العرب
* تحملوا وصبروا على شدة أذى قومهم لهم وتكذبيهم إياهم واحتقارهم لهم .
* هم أولياء الرسول(ص) وعشيرته .
* تقديم القران لهم بقوله تعالى :" والسابقون الأولون من المهاجرين والانصار
* قول الرسول (ص) : الائمه من قريش .
* رضي الرسول (ص) أن يؤم أبو بكر المسلمين بالصلاة عند مرضه .

على ضوء ذلك فالخلافة يجب أن تخصص فقط في قريش ( المهاجرين ) حسب رأيهم .

موقف الأنصار:
*دفاع الأنصار عن الرسول (ص) بينما لم يستطع قومه فعل ذلك
*محاربة أعداء الرسول (ص) حتى اطاعوه كرها أو طوعا .
*مات الرسول (ص) وهو راض عن الانصار .

على ضوء ذلك يجب أن تكون الخلافة في الأنصار ورفضوا تخصيصها في قريش وتطور موقفهم هذا لتجعل من حق كافة المسلمين .

7) التغير الذي طرا على طريق اختيار الخليفة في العهد الأموي والعباسي بالمقارنة مع العهد الراشدي :

بدا التغير باستلاء معاوية على الخلافة بالقهر والغلبة ثم أصبحت بعده بالوراثة إلى الابناء والاخوة , فقد عين معاوية ابنه يزيداً وليا للعهد واصبحت الخلافة محصورة في البيت الأموي . واصبحت الخلافة اقرب إلى النظام الملكي الوراثي .
بقيت المبايعة للخليفة المورث أساساً في مزاولة صلاحياته وإضفاء صفة الشرعية عليه , فأنها أصبحت تؤخذ لولي العهد عن طريق الولاة في أقطار الدولة الإسلامية لبعدها عن المركز نيابة عن الخليفة استمرت هذه الطريقة الوراثية في تسلم الخلافة على مر عصور الدولة الإسلامية (العصر العباسي أيضا ) ففي العهد العباسي كثرت الوصاية بالخلافة لاكثر من وريث (أعط مثال)
أن طريقة الوراثة هذه التي ظهرت في العهد الأموي والعباسي جاءت لتحل محل الطرق التي تم اختيار الخلفاء الراشدين بها : الانتخاب الاستشاري ,العهد, الشورى والاختيار .
ففي كلا العهدين توجب على الخليفة أن ينال البيعة الخاصة والبيعة العامة .

8) مدى تأثير التغيير الذي طرأ على طريق اختيار الخليفة حسب طريقة التوريث على مكانه الخليفة بن المسلمين :

اصبح الخليفة بمقام ملوك الفرس والروم مما وسع من صلاحياته وزاد من مركزية السلطة وجعله ممثلا للبيت الحاكم بشكل خاص مما اضعف ولاء المسلمين له . وخاصة عندما كانت تؤخذ البيعة بالقوة سبب ذلك إلى وجود غليان أدي في كثير من الأحيان إلى ثورات خارجه عن طاعة الخليفة .
فمثلا رفض الحسين بن علي مبايعة يزيد بن معاوية . الأمر الذي أدى إلى غليان الشيعة في العراق التي سببت في النهاية إلى مقتل الحسين في كربلاء سنة 680م . وكذلك بايع أهل الحجاز عبد الله بن الزبير بالخلافة في فترة يزيد .
أدت هذه الطريقة (التوريث ) إلى ضعف الدولة ووهنها وانغمس بعض الخلفاء في حياة اللهو وشرب الخمر وسماع الغناء . أمثال يزيد بن معاوية حيث ابتعد الخلفاء عن الدين.
ابتعدت الخلافة عن البساطة والسذاجة التي تحلت في خلافة الراشدين واخذ خلفاء بني أمية يظهرون بمظاهر الأبهة التي تمتع بها الملوك والقياصرة فمثلا اتخذوا السرير للملك, واتخذوا الشرطة لحراستهم, واتخذوا المقصورة في المساجد خوفاً على حياتهم.
احتجب الخليفة عن الرعية إذ اتخذ الحاجب على بابه يأذن بالدخول لمن يرغب فيه الخليفة.
وإذا نظرنا إلى العصر العباسي الثاني نرى ضعف سلطة الخلفاء بشكل عام ففقدوا السلطة التنفيذية التي سيطر عليها القادة العسكريين. واصبح حكمهم اسمياً. واصبح هناك ثلاثة خلفاء يتنازعون على السيادة في العالم الإسلامي وهم: الخليفة العباسي في بغداد , والخليفة الفاطمي الشيعي في القاهرة والخليفة الأموي في الأندلس.
أن هذه الطريقة وخاصة توليه العهد لاكثر من واحد والمغالاة في هذه البدعة (ذكر حادثة توليه الرشيد لأولاده الثلاثة) مما كان له ابلغ الأثر في انهيار الخلافة وبالتالي تحطيم كيان الدولة السياسي والجغرافي.

9) رأي كل من الشيعة والسنّة والخوارج من مسألة الخلافة :
والرأي الذي بقي مسيطراً حتي اواخر العهد العباسي:

* رات السنه ان تكون الخلافه في قريش .
* رات الشيعه تخصيصها في القرابه القريبه من الرسول أي ال هاشم وبالذات بيت علي .
* راى الخوارج عدم تخصيصها بل يمكن للخليفه ان يكون من أي بيت من بيوت المسلمين اذا توفرت له شروط الخلافه وذلك استنادا للحديث النبوي الشريف: ( لا فضل لعربي على اعجمي الا بالتقوى) .
بقي السنيّون مسيطرون على الدولة الإسلامية لأنهم شكلوا الأكثرية . فالخوارج لم يصلوا الى السلطه بتاتا وكذلك الشيعه الا انهم اقاموا الخلافه الفاطميه في مصر وليس بكل الدوله.

10) الفرق بين مكانه الخليفة ومهامه في العهد الأموي والراشدي :

كان الخليفة في العهد الراشدي اقرب الى كونه حاكما دينيا . في حين ان الخليفة في العهد الاموي كان اقرب إلى منزله الملوك والى كونه حاكما دنيويا.
كانت مهام الخليفه الراشدي إمامة المسلمين وقيادة الجيش والقضاء بين الناس والإشراف على بيت المال .
أما في العهد الأموي فقد اصبح الخليفة يدير شؤون الدولة من خلال أجهزه إدارية وقضائية وعسكرية ومالية وذات مهام محدده ( ألا جهزه هي الدواوين ) ويمكن تعليل هذا التغيير باتساع رقعه الدولة أولا ثم التأثر بنظم الحكم التي كانت سائدة خارج شبه جزيرة العرب ثانياً.

( الوزارة )

1- تتبع نشأت الوزارة في الدولة الإسلامية حتى العهد العباسي الأول ؟

لم تظهر الوزارة كمنصب رسمي في عهد الرسول (ص) ولا في الدولة الأموية إذ اتخذ الخلفاء الأمويين المستشارين لأنهم قالوا : الوزارة من الأزر أي المساعدة والخليفة أجلّ من يؤازر ( يُساعد ) أما في الدولة العباسية فأصبحت الوزارة منصبا رسميا منذ عهد الخليفة الأول عبد الله السفاح كما قال ابن الطقطقي : – …والوزارة لم تتمهد قواعدها إلا في دولة بني العباس …. فأصبحت الوزارة مؤسسة هامة ومركزية في الدولة وارتفعت مكانة الوزير واصبح في المرتبة الثانية بعد الخلفية وتطورت الوزارة وأصبحت نوعين التفويض والتنفيذ .

العلاقة بين الخليفة ووزير التفويض :
يعهد الخليفة بالوزارة إلى رجل يفوض إليه النظر في أمور الدولة والتصرف في شؤونها دون الرجوع إليه .
العلاقة بين الخليفة ووزير التنفيذ :
يعتمد الوزير في وظيفته على تنفيذ أوامر الخليفة .
2- بين التطورات التي طرأت على الوزارة في العهد العباسي من حيث نوعيها وشروط وصلاحيات كل نوع؟

الوزارة نوعان :

• وزارة التفويض :
أحد نوعي الوزارة التي نشأت في العصر العباسي ، يعهد فيها الخليفة بالوزارة إلى رجل يفوض إليه النظر في أمور الدولة والتصرف في شؤونها دون الرجوع للخليفة مثل ( النظر في المظالم وتعيين الولاة وتسيير الجيوش وتدبير الحروب والتصرف بأموال بيت المال ) ولكن عليه أن يطلع الخليفة فيما بعد على كل قرار اتخذه فيقبله أو يبطله ويسمى هذا النوع من الوزارة بوزارة السيف . مثال على ذلك وزارة آل برمك في عهد الخليفة هارون الرشيد .

• وزارة التنفيذ : يتولى فيها الوزير تنفيذ ما يطلبه منه الخليفة وهو بمثابة واسطة بين الخليفة والرعية أو الولاة ويسمى هذا النوع من الوزارة بوزارة القلم .

شروط الوزارة :
• الحرية مطلوبة في وزارة التفويض وغير مطلوبة في وزارة التنفيذ .
• الإسلام مطلوب في وزارة التفويض وغير مطلوب في وزارة التنفيذ .
• العلم بالأحكام الشرعية مطلوب في وزارة التفويض وغير مطلوب في وزارة التنفيذ .
• المعرفة بأمري الحرب والخراج ( الضرائب ) مطلوبة في وزارة التفويض وغير مطلوبة في وزارة التنفيذ .

صلاحيات ومهمات الوزارة :
• يجوز لوزير التفويض النظر في المظالم ولا يجوز لوزير التنفيذ .
• يجوز لوزير التفويض تعيين الولاة ولا يجوز لوزير التنفيذ .
• يجوز لوزير التفويض تسيير الجيوش وتدبير الحروب ولا يجوز لوزير التنفيذ .
• يجوز لوزير التفويض التصرف بأموال بيت المال ولا يجوز لوزير التنفيذ .
كمل يحق للخليفة أمور دون وزير التفويض منها :
– عزل ولاة الوزير .
– قبول وإبطال عمل الوزير .

– إقالة الوزير .
ولا يحق لوزير التفويض مخالفة أمر الخليفة أو ولاية العهد .

الدواوين

ماذا نعني بالديوان وضح !
كلمه فارسيه تعني السجل أو الدفتر.أطلقت مجازاً على مكان حفظ السجّل, والديوان شبيه بالوزارة في عصرنا. نشأت الدواوين في العهد الراشدي وبالتحديد في عهد عمر بن الخطاب بسبب الحاجة لضبط أموال بين المال وتنظيم الجيش ,واتساع رقعة الدولة والحاجة لتنظيمها والحاجة لمراقبة العمّال والولاة. لقد تعددت وزاد عدد الدواوين كلّما كان بحاجة لذلك في العصر الأموي والعباسي أيضا.

الأسباب التي أدت إلى إنشاء الدواوين في الدولة الإسلامية .
1. اتساع وقعه الدولة والحاجة إلى تنظيمها .
2. كثره المدخولات والمصروفات والحاجة إلى ضبط الأموال العامة .
3. الحاجة لتنظيم الجيش ومعرفة التفاصيل الخاصة بأفراده .
4. الحاجة إلى مراقبة أعمال العمّال والولاة .

أما بالنسبة للظروف التي أدت إلى إنشاء الدواوين في الدولة الإسلامية.
نقول إن الدولة الإسلامية اتسعت على اثر فتوحات عمر بن الخطاب، ومعها تعقدت إدارة الدولة وأصبحت هناك حاجه لإيجاد سبيل لضبط أمور الدولة فاتبع عمر أساليب إدارية فارسية وهي الدواوين.

*يقال أن أبا هريرة عامله في البحرين جاء ومعه كثير من المال فسأله إذا كان المال حلالا فأجابه بالإيجاب . فوقف أمام الناس وحمد ربه واخبرهم عن المال فنصحه أحدهم بإقامة الدواوين فقالوا : دونوا الدواوين .

*ويقال أن الذي أشار على عمر بإنشاء الدواوين أحد زعماء الفرس الذي اسلم وذلك عندما رآه يرسل جيشا فقال: ربما تغيب أحد عن الحرب دون إن يعلم القائد فلذلك أشار عمر بوضع ديوان الجند بعد أن فسره وشرحه له الفارسي.

الدواوين التي استحدثت في الدولة الأموية : ودوافع استحداث كل منها .

ديوان البريد : أنشأه معاوية لخدمة أغراض الدولة ونقل الأوامر والأخبار والسلطة المركزية إلى الولايات وبالعكس وكانت مهمته الأساسية التجسس على الولاة .
ديوان الرسائل : للإشراف على مراسلات الخليفة مع الولايات والأمصار وفي بعض الأحيان مع الدول الأخرى .
ديوان المستغلات : ديوان الإيرادات من أملاك غير منقولة, كالأراضي والأبنية الحكومية .
ديوان الصدقات: أي الزكاة. ويتم توزيعها على أصحاب الحقوق كما ورد في القرآن ( الفقراء , المساكين العاملين عليها …..)
ديوان الطرّاز: هي تحديث ورسم أسماء الخلفاء والأمراء أو تطرز على ملابسهم علامات تخصهم .
ديوان الخاتم : أنشأه الخليفة معاوية منعاً للتزوير, فأصبحت الرسائل تختم ويوضع عليها الشمع .

أما الدواوين التي استحدثت في العهد العباسي .
ديوان الأزمّة : (أنشأه المهدي وكان عبارة عن جهاز لمراقبه باقي الدواوين وخاصة التدقيق في الحسابات والشؤون المالية ).
ديوان العزيز (مجلس الخليفة )
ديوان المصادرات النظر في المظالم (مصادرات أملاك وأموال الوزراء)
ديوان الصوافي : (أراضى الدولة)
ديوان الضياع (ضياع الخليفة وأراضيه)
ديوان الموالي
ديوان الغلمان (أسماء من يشتريهم الخليفة من الأتراك والمماليك)
ديوان النفقات على البلاط-(كل ما يحتاجه سكان القصر) .
ديوان الجهبذة – (الحفاظ على مصالح غير المسلمين

تعاريف

ديوان الخراج: أنشأه عمر بن الخطاب وجرى فيه تسجيل مصروفات الدولة ومدخولاتها ( وارداتها) من الزكاة والخراج والجزية والعُشور, ثم ما يُفرض لكل مسلم من العطاء ( لقد جعل عمر العطاء للمسلمين على أساس , القرابة من الرسول, ثم السابقة في الإسلام ونصرة الرسول.
تمكن عمر بن الخطاب بواسطة هذا الديوان تقسيم المدخولات على المسلمين والتدقيق في توزيعها وجباية المبالغ المستحقة من جزية وخراج وغيرها. أما سبب إنشائه , فيعود إلى كثرة الأموال التي وصلت بيت مال المسلمين من عامل البحرين أبي هريرة.

ديوان الجند: أنشأه عمر بن الخطاب,عندما أشار عليه أحد زعماء الفرس ( الذين اسلموا ) أن يضع الديوان بعد أن شرحه له. من أعمال هذا الديوان : تسجيل أسماء الجند حتى ملامحهم ,أوصافهم, ونسبهم وقبائلهم وسائر ما يميزهم. ثم عيّن ووزع مقدارا من العطاء لكل واحد منهم.
ويتولى الديوان الإنفاق على تسليح الجند, وإعداد المعدات الحربية وتموين الجيوش.
وبإنشاء هذا الديوان , وضع عمر بن الخطاب أساس التجنيد الإلزامي في الإسلام.

ديوان الخاتم: أنشأه معاوية بن أبي سفيان منعا للتزوير( عليك ذكر حادثة التزوير زمن عثمان بن عفان … والحادثة بين معاوية وعامله على العراق زياد بن أبيه) فأصبحت الرسائل تختم وتشمّع , فإذا كسر الشمع عنها فقدت قانونيتها. اصبح فيما بعد يحتفظ ديوان الخاتم بنسخة أصلية عن كل ما يُوقّع من رسائل وحسابات , وكذلك عمل الولاة , وذلك للرجوع إليها والمطابقة والمقارنة فيما بينها.
يعتبر هذا الديوان بمثابة أرشيف في أيامنا.

ديوان ألأزمّة: أنشأه المهدي وكان عبارة عن دوائر صغيرة تشرف وتراقب أعمال الدواوين الكبيرة
وتدقق في الحسابات والشؤون المالية التي يتصرف بها كل ديوان من الدواوين.عمل هذا الديوان في العاصمة , أما في الولايات فسُمّي بالزمام. كما أنشأ المهدي ديوان زمام ألأزمّة, الذي ينظم في آن واحد جميع دواوين ألأزمّة, ويوازن ما بين المدخولات والمصروفات.
وكان صاحبه يشبه وزير المالية في أيامنا

النظام المالي في الإسلام

بيت مال المسلمين ونشأته:
هو بمثابة وزاره المالية في عهدنا حيث تجمع فيه واردات الدولة الإسلامية لتصرف على مرافقها المختلفة, وهو بيت مال كافة المسلمين لا لفرد واحد, وكان عمر بن الخطاب أول من أنشأ بيت المال بشكل رسمي. أما نشأته فتعود إلى قصة عمر بن الخطاب مع عاملة على البحرين أبي هريرة حيث قدم ومعه مال كثير. فعندما سئل كم هو قال خمسمائة ألف درهم. فسأله عمر: أهو حلال ؟ فرد بالإيجاب. فتحير عمر بالطريقة التي يمكن أن يوزع هذا المال وفي إي الطرق يوزعه. فأشاروا عليه بإنشاء الديوان ليوازن بين المدخولات( الواردات) والمصروفات. فعمل بذلك.

واردات بيت المال والتي نصت عليها الشريعة الإسلامية. وطريقة صرفها.

الزكاة: ضريبة مفروضة على كل مسلم, وبالأساس تؤخذ من الذي يملك وتعطي للذي لا يملك. وهي ركن من أركان الإسلام الخمسة, ومصادرها خمسة فتؤخذ الزكاة بنسبة 2.5% من الأموال التي مضى عليها حول ( سنة) وكذلك من (الإبل والمواشي ) و(التجارة)
و(الذهب, المعادن والكنوز) و( المزروعات ).
طريقة صرفها: لقد ورد في قولة تعالى:إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وأبن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم.( عليك شرح كل ما تحته خط وتوضيحه)

الفيء: هي الأرض أو المال الغير منقول( العقارات) التي استولى عليها المسلمون من غير المسلمون دون قتال. وليس لهذه الأرض مالك (مال غائب) . عند ذلك تقوم الدولة بتأجير هذه الأرض إلى المسلمين, والمال الذي تحصل عليه يسمى مال الفيء ويرسل إلى بيت المال.
أما طريقة صرف الفيء فكان يقسم إلى خمسة أقسام, فالقسم الأول (الخُمس) يُقسّم إلى خمسة أوجه كما نص عليه القرآن الكريم في الآية الكريمة:(ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولدى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل…)أما الأخماس الأربعة الباقية ذهبت لبيت المال وصرفت في الشؤون العامة

الغنيمة: هي الأموال المنقولة التي حصل عليها المسلمون من عساكر أهل الذمة والمشتركين بالقتال, كالأسرى والأموال والسبايا, فكانت الغنيمة تُصرف في عدة اوجه: فتُقسّم إلى خمسة أقسام ( كالفيء) فقسم واحد من الخمسة( الخمس) يقسّم في خمسة أوجه كالفيء وعملا يقوله تعالى:( واعلموا إنما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولدى القربى واليتامى والمساكين ولأبن السبيل…) أما الأربع أقسام الأخرى توزع على المحاربين.

الجزية: ضريبة شخصية فرضها السلام على أهل الذمة مقابل بقائهم على دينهم وحماية الدولة الإسلامية لهم. وإذا ما أسلم الذمي تسقط عنه هذه الضريبة ويحل محلها الزكاة. لقد فرضت الجزية على كل الأشخاص الذين لو كانوا مسلمين لوجب عليهم الجهاد والقتال. وهي ضريبة تدفع مرة واحدة في السنة. لقد حدد عمر بن الخطاب مقدار الجزية وممن تجبى. فدفع الأغنياء 48 درهما ومتوسطي المال دفعوا 24 درهما أما الفقراء 12 درهما. لا تجبى الجزية من النساء والأطفال وكبيري السن ولا من المقعدين. أما مجالات صرفها: لم تحدد الشريعة الإسلامية طريقة لصرفها. فكانت من واردات بيت المال وصرفها في الشؤون العامة للدولة.

واردات بيت المال الأخرى:
العشور: ضرائب خاصة بأرض المسلمين, أو التي أحتلها المسلمين واسلم أهلها دون حرب وتسمى أرض العشر, ومقدارها أقل من الضريبة المفروضة على أرض أهل الذمة.
وكذلك كانت الضريبة التي تجبى من سلع التجار الكفار إذا انتقلوا من بلاد الحرب( دار الحرب) إلى الدولة الإسلامية ( دار الإسلام) تسمى عُشرا( ما يقابل الجمرك اليوم).

الخراج: ضريبة يدفعها الذمي من أهالي البلاد المفتوحة نقدا أو محصولا, وقد فرضت على الأرض
التي ظلت تحت تصرف أصحابها وعلى تجاره أهل الذمة. وكانت تصل هذه الضريبة إلى
ثلث الإنتاج على وجه التقريب. فاعتبرت مصدرا هاما من مصادر بيت المال.

الجمارك أو المكوس:
عندما كان التاجر المسلم يخرج من دار الإسلام إلى دار الحرب (أي يخرج من الدولة الإسلامية إلى دولة أخرى)عليه أن يدفع مكوسا (جمارك)على بضاعته.
لذلك فرض عمر بن الخطاب على تجار أهل بلاد الحرب(الدولة الأخرى) مكوسا وهي تساوي عُشر البضاعة ويدفعها التاجر مرة واحدة في السنة, وإذا كان هذا التاجر من أهل الذمة, فرض عليه نصف العشر وإذا كان مسلما فرض عليه ربع العشر. كانت هذه الجمارك والمكوس تزداد نسبتها أو تبقى كما هي, حسب وضع الدولة الاقتصادي, وكذلك التشدد في جبايتها أو التساهل مرتبط أيضا بأحوال الدولة الاقتصادية.

مصروفات بيت المال:
هناك واردات لبيت المال فيها نص واضح في القران يشير إلى كيفية صرفها , مثل الزكاة والغنيمة والفيء وهناك واردات أخرى صرفت أموالها على أمور مختلفة منها:
1) رواتب الولاة والعمال والقضاة وموظفي الدولة.
2) استصلاح الأراضي , فتح القنوات , شق الترع (قنوات مياه صغيرة) وبناء الجسور.
3) شق الطرق وبناء الأبنية وخاصة إذا كانت هذه الأبنية تعود للدولة .
4) رواتب الجند وشراء الأسلحة والمعدات حربية وكل ما يلزم الجيش .
5) صرف الأموال على السجون والمساجين من مأكل وملبس ومشروب وحتى المدفن.
6) منح هبات وعطايا للأدباء والشعراء والعلماء.

النظام القضائي

الحسبة ونشأتها :- هي وظيفة دينية واجتماعية واقتصادية وأخلاقية. كانت طبيعة وظيفة المحتسب النظر فيما يتعلق بالنظام العام والجنايات والفصل السريع والحازم بالأمور. فالمحتسب يسمى أيضا "صاحب السوق" لان عمله تركز في الأسواق وتهدف إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي وظيفة مكملة للقضاء .

نشأتها :- اختلف المؤرخون حول نشوء الحسبة لأول مرة في تاريخ الدولة الإسلامية فهناك من يؤكد بأنها نشأت زمن الرسول , وبان الرسول كان أول محتسب. ويقول آخرون بان أول محتسب في الإسلام كان الخليفة الراشد عمر بن الخطاب, إلا أن الحسبة كمؤسسة محدده المعالم اكتسبت أهميتها في الفترة العباسية .

صلاحيات المحتسب :-
• في المجال الديني :- مراقبه أداء العبادات مثل الصوم والصلاة .
• المجال الأخلاقي-الاجتماعي :- مراقبه التصرفات والأخلاق العامة مثل : شرب الخمر,السحر,مضايقه النساء , معامله السادة لعبيدهم معامله جيده,
الرفق بالحيوان, مساعده اللقطاء, مراقبه الطرقات.
• المجال الاقتصادي : مراقبه التجار والأسواق والأسعار والموازين والغش مثل التقليل أو زيادة في الميزان, الغش وكتمان عيب السلعة عن المشتري, المماطلة في دفع الديّن.
يباشر المحتسب عمله لتنفيذ ذلك أولا إلى التوبيخ والتغريم والتجريح إذا عاود المخالف فعلته .
ومن العقوبات التي يفرضها المحتسب على المخالف :إتلاف البضاعة الفاسدة ومنع التاجر الغشاش من ممارسة عمله,الضرب والحبس والتوبيخ والتجريح والتجريس وما إلى ذلك .

محكمة المظالم :- أنشأها الخليفة عبد الملك بن مران (الفترة الأموية ) للنظر في الظلم الذي يلحق الرعية من جانب موظفي الدولة الإسلامية أو من ذوي الحسب والنسب وهي بمثابة محكمه استئناف عليا يترأسها الخليفة أو وزير التفويض أو الولاة . وفي العهد العباسي انشأ الخليفة المهدي ديواناً دعي بديوان النظر في المظالم .
يشترط في انعقاد محكمه النظر في المظالم بوجود العناصر التالية : الحماة والأعوان (لتنفيذ الأمر ) والقضاة والحكام والفقهاء والكتّاب والشهود .

صلاحيات محكمه المظالم :-
• مراقبة عمل الولاة وعمال الخراج وكتّاب الدواوين .
• الحماية من ظلم الأقوياء والحكام .
• الفصل في الخلاف حول الوقف .
• تنفيذ ما يعجز عنة المحتسب ومقاضاة من يعجز القاضي عن مقاضاتهم.
• تظلم الموظفين من نقص أرزاقهم.
• مراقبه القيام بالعبادات كالجُمَع والأعياد والحج والجهاد.

أن قاضي المظالم أعلى قدرا من القاضي العادي.
يظهر لنا من خلال هاتين المؤسستين تحقيقا عاما للعدالة الاجتماعية من خلال صلاحيات كل من هؤلاء القضاة( المحتسب وقاضي محكمة المظالم)
أمثلة على ذلك: في الحسبة:إجبار السادة على معاملة عبيدهم وإمائهم معامله حسنة. منع المعلين من ضرب الصبيان ضربا مبرحا. منع الحمّالين من الإكثار في الحمل على الدواب
جمع وحفظ الأشياء الضائعة وأعادتها إلى أصحابها.
أما بخصوص قاضي محكمة المظالم: يكفي أن نركز على كون الوظيفة مرتكزة على إعادة ظلاّمات الرعية. والنظر في شكاواهم ضد تعسف الولاة وحتى ضد عدم إنصافهم أمام القضاة العاديين.

تطور مؤسسة القضاة منذ الرسول وحتى أواخر العهد العباسي الأول
كان الرسول ( صلى الله علية وسلم) أول قاض في الإسلام بالإضافة إلى المهام الأخرى التي قام بها ولم يكن للمسلمين في عهده قاض سواه. كان يحكم بما ينزله الله من أحكام. وبعد وفاته وعندما تولى أبو بكر الخلافة , عهد بالقضاء إلى عمر بن الخطاب, وعند اتساع الدولة الإسلامية وتقسيمها إلى ولايات عين الخلفاء الراشدين قضاة مستقلين وخاصة في الولايات. ففي هذه الفترة كان القاضي مستقلا محترم الجانب, وكان يعتمد في قضائه على الكتاب ( القرآن) والسنة أو يجتهد برأيه. وكان يعقد جلسات القضاء في بيته في البداية ثم انتقل إلى المسجد.

في عهد الأمويين تميز القضاة بميزتين: كان القاضي يحكم حسب اجتهاده ولم يكن القاضي متأثرا بالسياسة. وكذلك استمروا في استنباط أحكامهم الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع والقياس. وفي عهد العباسيين اختلف نظام القضاء كثيرا مما كان علية فقد خضع القضاء لأهواء السياسة. ونشأت في هذا العصر المذاهب السنيّة الأربعة, ثم اتخذ العباسيون نظام قاضي القضاة والحسبة وابقوا على محكمة المظالم التي أنشأها عبد الملك بن مروان.

الشروط التي كان يجب توفرها في القاضي:
اتصف القاضي بالورع وغزارة العلم والفقه والعدل والحلم والنزاهة والإسلام والبلوغ والحرية وسلامه الحواس والذكورة.
مكانته الاجتماعية: تمتع القاضي بمكانة اجتماعية مرموقة تناسبت مع صلاحياته التي كانت تتسع وتضيق. وتقاضي أجرا مرتفعا ومُنع من تلقي الهدايا. أما في العصر العباسي الثاني فقدَ القاضي كرامته واصبح يقدم مبلغا من المال لقاء بقائه أو تسلمه وظيفة القاضي.
أنواع القضايا التي كان يبت بها:الأحوال الشخصية, حقوقية وجنائية. فمثلا في العصر العباسي اتسعت سلطته وصلاحياته, فبعد أن كان ينظر في الخلافات المدنية والخصومات الجنائية, أصبح يفصل في الدعاوى والأوقاف وتنصيب الأوصياء وتضاف إلية الشرطة, والمظالم, والحسبة, ودار الضرب وبيت المال.

مصادر وأسس التشريع الإسلامي التي يستند إليها القاضي في إصدار أحكامه

1) القران الكريم: هو المصدر الأول للتشريع الإسلامي لأنه كلام الله المنزّل على رسوله محمد رسول الله علية وسلم عن طريق الملاك جبريل وكانت بداية
نزوله في الليل السابع والعشرون من رمضان والمعروفة بليلة القدر, واستمر نزوله على فترات تقرب 23 سنة , وبلغت عدد سوره (114) سورة قسمت إلى قسمين: السور المكيّة والسور المدنيّة . لقد تناول القرآن الأمور مجملة ولم يتطرق إلى التفاصيل فجاءت السنة النبوية لتملا هذا الفراغ الذي تركه القرآن الكريم.

2) السنة النبوية: هي المصدر الثاني في التشريع الإسلامي وهي كل قول أو فعل أو تقرير أو صفة للرسول صلى الله علية وسلم ( الحديث) فجاء ليملأ الفراغ الذي تركة القرآن الذي تناول الأمور بدون توضيحها مثلا: ( الصلاة- ذكرت بالقرآن, ولكن جاء الرسول ليوضح كيف نصلي)

3) القياس: وهو قياس حالة وأمر معين بآخر في الحكم الشرعي, للتشابه بينما في السبب والقرب من الحق .
اعتُمد على القياس بعد وفاه الرسول نظراً لاتساع مصالح الدولة وتشعبها. فالقاضي ينظر إلى الحالة التي علية القضاء فيها , فإذا لم يجد نصاً لها لا في القرآن ولا في السنّة يحاول أن يبحث عن حاله مشابهة لها في القرآن والسنة ويحكّم رأيه ويصدر قراره.

4) الإجماع: هو إجماع رأي المجتهدين العلماء على حكم شرعي في عصر غير عهد الرسول ويستند إلى دليل شرعي. ظهر الإجماع زمن الخلفاء الراشدين وهو المصدر الثالث من مصادر التشريع الإسلامي, فاستشار الخلفاء الناس في القضايا التي لم يجدوا جواباً لها في القرآن أو السنة النبوية.
5) الإجتهاد: ( الرأي) العمل في اجتهاد الرأي, عندما يتعذر وجود نص في القرآن الكريم.
ولم يعتمدوا كثيرا على الحديث إلا ما صح منه لخوفهم من الوقوع في الأحاديث الموضوعة
( المزيفة).
عندما ترعرعت المذاهب السنية الأربعة( الحنفي, المالكي, الشافعي, الحنبلي) في العصر العباسي أدى ذلك إلى ضعف روح الاجتهاد , فاصبح القاضي ملزماً بان يصدر أحكامه وفق أحد هذه المذاهب. ففي العصر العباسي اصبح لكل ولاية أربعة قضاة يمثلون المذاهب السنية الأربعة, ينظر كل منهم في النزاع الذي يقوم بين من يدينون بعقائد مذهبه, بعد أن كان قاض واحد لكل ولاية حتى العهد الأموي.

المذاهب السنية الأربعة ومؤسس كل منها.

1) المذهب الحنفي: مؤسسه أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي (699- 767) ولد في الكوفة وتعلم فيها واشتهر بعلم الفقه. وهو يعتقد بوجوب العمل بالرأي والاستنباط. وكتابه المشهور
( الفقه الأكبر). تولى رئاسة مدرسة الكوفة وهي المعروفة مدرسة الرأي عرض عليه تولي القضاء في العصر الأموي والعباسي, فرفضه. أدى ذلك إلى اضطهاده وسجنه على يد الخليفة أبو جعفر المنصور حتى مات في سجنه. يعتبر مذهبة أكثر مذاهب أهل السنة تساهلاًً, ويدين به نصف أهل السنة , خاصة في الهند وباكستان.

2) المذهب المالكي: مؤسسه مالك بن أنس ( 715- 795م) عربي الأصل ولد ونشأ في المدينة المنورة. كان جده أبو عُمير من أصحاب رسول الله. كان مالك أحد كبار أئمة الرأي من التابعين. أعتمد في فتاواه على القرآن والسنة ثم أعتمد على القياس وإذا لم يكن نص في الكتاب أو السنة. ( ولم يعمل بالرأي كابي حنيفة) كما أخذ بإجماع أهل المدينة لان أهل المدينة أعرف المسلمين بالتنزيل. كما وأخذ بقول الصحابي , إذا لم يعلم له مخالف.
أن كتابه المشهور( موطأ الإمام مالك). انتشر مذهبة في مصر والمغرب والأندلس.

3) المذهب الشافعي: مؤسسه محمد بن أدرس الشافعي( 767- 819م) ولد في غزة وترعرع في مكة وتتلمذ على يد علماء الحديث والفقه, وانتقل إلى المدينة, درس الموطأ حتى مات مالك وتأثر به كثيرا. تنقل بين الحجاز والعراق ومصر أتخذ الشافعي طريقا وسطا بين الحنفية المتساهلة والمالكية المحافظة وأعتمد في أحكامه بعد القرآن على الحديث أن صحت روايته عن النبي. وإذا لم يجد فيها, لجأ إلى إجماع كافة علماء المسلمين وليس علماء المدينة فقط كالمالكي. أمتنع عن العمل بالاجتهاد ورفض العمل بالاستحسان ( استنباط الرأي الحسن)
كابي حنيفة. كان للشافعي دور هام في تطور الفقه الإسلامي . ينسب له كتاب( ألام) أنتشر مذهبة في مصر السفلى وشرق أفريقيا وفلسطين.

4) المذهب الحنبلي: مؤسسه أحمد بن حنبل ( 780-855م) ولد ببغداد أخذ عن الشافعي الحديث والفقه. رحل في طلب الحديث فزار الكوفة والبصرة ومكة والمدينة واليمن والشام, حيث سمع عن كبار علماء وفقهاء المسلمين. سجنه المأمون( خليفة عباسي) لأنه لم يأخذ برأي المعتزلة( بخلق القرآن).
سار في أحكامه على نفس طريقة الشافعي فاعتمد على كتابه الله ( القرآن) والعمل بالحديث متى صح سنده, وكذلك عمل برأي الصحابة ففضله على الرأي والقياس.
كتابه المشهور (المسند) وهو كتاب حديث دُوّن به إسناد الأحاديث. أعتنق الوهابيون في الجزيرة العربية مذهبه, ولا يزال مذهب الدولة السعودية.

مدى اعتماد المذاهب السنية الأربعة على كل واحد من مصادر التشريع الإسلامي:

المذهب الحنفي:
1) يستعمل القرآن أولا ويستعمل ما صحّ لديه من الحديث ( خوفا من أن يكون موضوعاً) .
2) فاخذ بتحكيم الرأي (الاجتهاد).
3) القياس.
أنتشر هذا المذهب لدى الأتراك العثمانيين والهند والصين وما وراء النهر وبلاد العجم.

المذهب المالكي:
1) أستعمل القرآن وإذا لم يجد حلا أستعمل 2) السنة النبوية وأخذ 3) بإجماع أهل المدينة
لم يأخذ بالرأي وإنما رأى بإجماع كافة علماء المسلمين.( وليس كما رأي المالكي بإجماع أهل المدينة).
أنتشر مذهبة في مصر السفلى وشرق أفريقيا وفلسطين وغرب الجزيرة العربية وجنوبها.

المذهب الشافعي:
وسط بين المذهب الحنفي والمالكي.اعتمد على القرآن والسنة لان مصدرها هو الله. لم يأخذ بالاجتهاد وإنما رأى بإجماع كافة علماء المسلمين.( وليس كما رأى المالكي بإجماع أهل الذمة)

المذهب الحنبلي:
1) أعتمد على القرآن .
2) الحديث النبوي الصحيح.
3) ثم الفتاوى ( رأي العلماء) فاختار منها ما كان أقربها إلى الكتاب والسنة.
4) ثم أخذ بالقياس وأعتبر الحديث أفضل من الرأي فتشدد في الاعتماد عليه

الموالي

1) الموالي: هم المسلمون من غير عرب, ومعظمهم من الفرس, ومنهم الأتراك و… ونقصد أحيانا بالموالي المسلمون من الفرس.

2) تسلم الموالي في العهد الأموي العديد من المناصب العامة وخاصة في مجال الإدارة والمال. مثلا: في عهد زياد بن أبية تسلم رئاسة الشؤون المالية في العراق زادان خروخ وهو من أصل فارسي. وفي زمن الحجاج تسلم عطاء الجند مولى يدعى سعيد بن جُبير.
أما مكانتهم الاجتماعية في العصر الأموي فاعتبر الموالي أدنى مكانة من العرب مثلا: لم تدرج أسماؤهم في ديوان الجند, كما استخدموا في الحروب كمشاه وأحيانا منعوا من الزواج من العربيات. وحتى فُرضت عليهم أحيانا الجزية.
علينا التطرق إلى وضعهم ومكانتهم في العصر الأموي حيث اشغلوا مناصب إدارية كثيرة ولكنهم حرموا من المناصب العليا الخاصة.
أما في العهد العباسي فقد وصلوا إلى أعلى المناصب وتمتعوا بنفوذ واسع فارتفعت مكانتهم الاجتماعية وتزايد نفوذهم في مجال الإدارة والسلطة ( سياسيا) مثلا: في العصر العباسي الأول, أصبحت حاشية الخليفة ورجال دولته من الموالي الفرس, كما عين الوزراء والقواد منهم حتى أصبحت الوظائف تنتقل بالوراثة عند الموالي, كآل برمك,وآل سهل,وآل ظاهر وفي العصور اللاحقة من الحكم العباسي( الثاني) ظهرت عناصر جديدة من الموالي وخاصة الترك, وأصبحت السلطة الفعلية في عصر الانحطاط بأيدي هؤلاء الموالي.
ان ارتفاع مكانتهم ومركزهم في هذا العصر يعود ل:-
o دورهم الفعال في نشر الدعوة العباسية.
o مساهمتهم في إقامة الدولة العباسية.
o تعاطف العباسيين معهم.
o الكفاءات الإدارية التي تمتع بها الموالي.
o ضعف الخلفاء.
o كون أمهات بعض الخلفاء العباسيين من الموالي مثل المأمون والمعتصم.
o كون الشرع الإسلامي يشجع المساواة بين المسلمين.
o ظهور شخصيات ذات كفاءات عسكرية وإدارية من الموالي مثل أبي مسلم الخرساني والبرامكة.

5) عوامل نكبتهم.
1) اتهامهم بالتشريع والزندقة.
2) الشكوك حول علاقة جعفر البرمكي مع العباسة أخت الرشيد.
3) إطلاقهم سراح أحد العلويين
4) استبدادهم بالأمور السياسية دون غيرهم.
5) كثرة حسّادهم في قصر الخليفة وخاصة من العرب مما أدى إلى صراع قوي.
6) غناهم الفاحش وتقديس الشعراء لهم.

الرق في الإسلام
عوامل انتشار الرفيق:
1) الانتعاش الاقتصادي وظهور طبقة من الأغنياء وارتفاع مستوى المعيشة
2) كثره الحروب وتزايد عدد الأسرى الذين أسرهم المسلمون.
3) تكاثر طبقة الرقيق (أولاد الرقيق وكثرتهم).
4) شراء الرقيق من الأسواق الخارجية.
5) تأثر العباسيين بالحضارتين الفارسية والبيزنطية.

موقف الشريعة الإسلامية:
لم يلغ الإسلام الرق وإنما دعا إلى معاملتهم معاملة حسنة وتشجيع عتقهم وحرم الإسلام استرقاق المسلمين والرجال من العرب غير المسلمين والمعاهدين والرجل لأولاده من أمة.

حقوقهم:
حق الحياة, والزواج وإقامة أسرة والحصانة الجسدية والعائلية والنفقة والإعالة والتعلم وعدم التحقير.

من واجباتهم:
الطاعة والإخلاص, خدمة السيد, المحافظة على أملاك السيد وعرضه, التصرف بشكل لائق.
طرق تحريرهم وعتقهم:
*المكاتبة: أي أن يكتب العبد مع سيده عهداً, يلتزم فيه العبد دفع مبلغ معين خلال مده معينة.
*التدبير: وهي بان يوصي السيد بأن يكون عبده حرا بعد موته.
*زواج الأمة من حر.
كما أوجب الإسلام تحرير العبيد في الحالات التالية:
التفكير عن قتل الخطأ= فك رقبة.
الإفطار في رمضان= فك رقبه
عدم الإيفاء بيمين أو عدم الوفاء بنذر= فك رقبة.

طبقات المجتمع الإسلامي

مع أن الإسلام لا يعترف بالطبقات لأن الجميع سواسية كأسنان المشط , إلاّ أنّ الواقع العباسي خلق طبقات مختلفة, هي:
• طبقة الحكام: تشمل الخليفة, الأمراء, الوزراء, الولاة , وكانوا في البداية من العرب ثم انضم إليهم غير العرب . اعتبرت هذه الطبقة طبقة قيادية وأرستقراطية.
• طبقة رجال الدين : القائمين على المساجد والقرّاء والفقهاء والخطباء . وكان لهم سلطة كبيره.
• طبقة أرباب السيوف : تكونت في البداية من العرب وفيما بعد من اصل غير عربي (الموالي) , سيطرت هذه الطبقة في حالة ضعف الطبقة الحاكمة.
• طبقة أرباب الأقلام: وهم الكتاب من فئات مختلفة الأصل تأثرت مكانتهم تبعا لموقف الخليفة.
• طبقة ذوي المهن من سكان المدن: معظمهم من أهالي البلاد المفتوحة أو حتى الرقيق لان العرب احتقروا أصحاب المدن .

• طبقة الفلاحين أو الزرّاع : من غالبية سكان البلاد المفتوحة, سكان القرى, عملوا في الأرض بالسخرة أو باجر قليل عند أصحاب الأراضي والحكام, وفي العصر العباسي ظهرت طبقة كبار المزارعين نتيجة لنظام الالتزام وعلى اثر ذلك ساء وضع الفلاحين وتحولوا إلى أقنان.
• طبقة الرق: وهي الطبقة الأخيرة في سلم الطبقات , اغلبهم من غير العرب . تمتعوا بحقوق أساسية حددها الشرع الإسلامي, مثل: حق الحياة والحصانة الجسدية.

المرأة في الإسلام

قارن بين مكانة المرأة وحقوقها في الجاهلية والإسلام؟

لقد شهدت الفترة السابقة للإسلام والمعروفة باسم "الجاهلية" مظاهر ومواقف أيجابه وسلبية تجاه المرأة فمن المظاهر السلبية والأكثر شهرة عادة " وأد البنات" , التي كانت منتشرة في بعض القبائل العربية في
الجزيرة لأسباب الفقر والشرف والحروب.
ولقد شاركت المرأة في هذه الفترة الرجل في شؤون وأمور الحياة العامة فكانت تقف إلى جانب الرجل في الحروب مثل إعداد الطعام ومداواة الجرحى والمرضى منهم ومن النساء من كن يمارسن التجارة ومنهن من نظمن الشعر , وككان بيدهن قرار الزواج والطلاق إذا فرضت هذا الشرط مسبقا .
ورغم هذا فلقد تعرضت كما أسلفنا للوأد (أي الدفن وهي حيه) وذلك في بعض القبائل فقط – ولزواج المقت أي أن يتزوج الولد زوجة أبيه غير أمه بعد وفاة والده كجزء من الميراث ,وهذا ما حرمه الإسلام بعد ذلك.
ولما جاء الإسلام حرر المرأة من العادات السلبية والذميمة التي كانت منتشرة في الفترة الجاهلية وقام بتحديد حقوقها , منها:
1. حق المساواة بالرجل
2. حق الحياة إذ حرم وأدها نهائيا لان في ذلك خطأ كبير.
3. منحها حق في الميراث. إذ منحها نصيبا من الميراث هو نصف نصيب الرجل وللذكر مثل حظ الأنثيين"
4. حقها في المهر .
5. حقها في اختيار شريك حياتها , أي أن لها الحق في الامتناع عن التزوج من رجل لا ترضى به ليكون شريكها.
6. حقها في الطلاق إذ اشترطته مسبقا, مع حق في نيل النفقة لتحافظ على كرامتها.
7. لها الحق في حسن المعاملة من قبل الزوج والأولاد.
8. منحها الإسلام الحق في كسب العلم والعلم وشدد على دورها في التربية الحسنه للأولاد وادارة وتدبير منزلها.

ما هو الدور الذي لعبته المرأه في تقدم وتطور المجتمع الإسلامي؟

لقد كرم الإسلام المرأة ووضعها في مكانة لائقة من مجتمعنا . ورأينا كيف أن الدين الإسلامي قد منح المرأة حقوقا كثيرة , واقر لها مشاركة الرجل في المحافظة على بقاء الجنس البشري وتدبير شؤون الأسرة . وهي تشترك في بناء الأسرة وتربية النشىء.
وتفيدنا المصادر التاريخية أن المرأة قد ساهمت في بناء المجتمع وتطوره عبر العصور المتنوعة للدولة الإسلامية. فمشاركتها في بعض المعارك التي خاضها الإسلام ابتداء من عصر الرسول(ص)وحتى العصور التي تلت . فمنهن الشاعرات اللواتي ساهمن في عملية بناء الأدب العربي . ومنهن من اظهرن اهتماما بالموسيقى والغناء ومنهن من لعبن دورا في إدارة شؤون البلاد سياسيا واجتماعيا كالخيزران زوج المهدي فكانت هذه المرأة تتدخل في الشؤون والقضايا السياسية للدولة ,وكذلك زبيدة زوج الرشيد التي لعبت دورا بارزا في تحديد الوراثة لخلافة زوجها . وقائمة النساء طويلة في هذا المجال .
بقي أن نقول أن المرأة التي لعبت الدور الاجتماعي والسياسي كانت من الطبقة الخاصة للمجتمع الإسلامي وعملت في بيئة متقدمة ومتحضرة , خاصة في الفترتين الأموية والعباسية.

تعاريف
ديوان الجند :
أنشأه عمر بن الخطاب, حيث سجل فيه أسماء الجند ونسبهم وقبائلهم وحتى ألوانهم وملامحهم
واوصافهم, وسائر ما يميز الجندي عن غيره ليسهل استدعاؤهم, ثم عين مقدار العطاء لكل واحد منهم حتى إذا أراد القائد الإعداد للقتال احضر دفاتر الديوان واختار منها المقاتلين .
الديوان الإنفاق على تسليح الجند, وبإنشاء هذا الديوان وضع عمر أساس التجنيد الإلزامي في الإسلام.

ديوان الخراج :
أنشأه عمر بن الخطاب, وجرى فيه تسجيل جميع واردات الدولة المالية من الزكاة الخراج , الجزية والعشور, وتسجيل مصروفات الدولة, ثم ما يفرض لكل مسلم من العطاء, فجعل عمر العطاء للمسلمين على أساس القرابة من الرسول (صلعم) ثم السابقة في الإسلام و نصرة الرسول (صلعم).تمكن عمر بواسطة هذا الديوان تقسيم المدخولات على المسلمين والتدقيق في توزيعها, وجباية المبالغ المستحقة من جزية وخراج وغيرهما.

ديوان البريد :
ظهر في زمن الدولة الأموية وقد سمي ديوان الرسائل وغلب عليه اسم ديوان الإنشاء وهو الدائرة الرسمية التي كانت تشرف على مراسلات الخليفة في أول الأمر مع الولايات والأمصار وفي بعض الأحيان مع الدول الأخرى التي تفاوض في بعض الشؤون الصيغة الساسة تارة والاقتصادية تارة أخرى .
كان كاتب الرسائل من أقرباء الخليفة لأنه بحكم مهنته يطلع على أسرار الخليفة والبريد 3 أنواع:
• بريد بري: وطرقه من عاصمة الدولة إلى أطراف الدولة وهناك محطات للبريد تتألف كل محطة من خان ومسجد وساقية وفيها دواب البريد بغال وخيل
• بريد بحري: تقتصر على البلاد البحرية وصاحب البريد يزود بمراكب خفيفة سريعة وكان الاعتماد عليه ضعيف كان يستعمل إذا تعثرت الطرق البرية
• بريد جوي : بواسطة الحمام الزاجل وبرز ذلك في العصر الفاطمي

ديوان الخاتم :
كانت الرسائل تطوى ويلصق طرفها بالشمع أو الطين الأحمر الذي يطبع عليه وهو طري خاتم الخلافة ،ويترك حتى يجف فإذا فتحت الرسالة قبل أن تصل إلى مرجعها عرف ذلك

ديوان الأزمّة:
سمي ديوان الأزمّة في العاصمة وديوان الزمام في الولايات أنشأه الخليفة المهدي وهو عبارة عن دوائر صغيرة تشرف على أعمال الدواوين الكبيرة حتى كأنها دواوين محاسبة وكانت تعني بالتدقيق في الحسابات والشؤون المالية التي يتصرف بها كل ديوان من الدواوين وفي عهد المهدي أنشئ ديوان زمام الأزمة وصاحبه يشبه في يومنا هذا وزير المالية فيجمع أنواع الواردات كلها وأنواع النفقات كلها ويقيم الموازنة بينها .

ديوان المظالم :
أنشأه المهدي للنظر في ما ترفعه الرعية من شكاوى لظلم لحق بهم من ولاة الدولة .
وزارة التفويض:
هي أن يعهد الخليفة بالوزارة إلى رجل يفوض إليه النظر في أمور الدولة في شؤونها دون الرجوع إليه لكن يطلع الخليفة فيما بعد على كل قرار اتخذ فيقبله الخليفة أو يبطله وتسمى أيضا وزارة السيف

وزارة التنفيذ:(او وزارة القلم)
والتي تكون فيها مهمة الوزير تنفيذ أمر الخليفة وعدم التصرف في شؤون الدولة من تلقاء نفسه بل يقوم بعرض أمور الدولة على الخليفة ويتلقى أوامره فيها ولم يكن سوى واسطة بين الخليفة ورعيته

القران الكريم : هو كلام الله المنزل على رسول الله (صلعم) عن طريق جبريل وبدا نزوله في ليلة القدر في رمضان واستمر نزوله على فترات خلال 23 سنة عدد صورة 114 سورة وقسمت إلى قسمين مدنية ومكية مكية نزلت على الرسول (صلعم) في مكة قبل الهجرة- ومدنية نزلت على الرسول (صلعم) في المدينة بعد الهجرة.

السنة: تعني في اللغة السيرة أو الطريق وعرفها علماء المسلمين على أنها كل قول أو فعل أو تقرير أو صفة للرسول (صلعم)
الحديث هو كل قول قاله الرسول (صلعم) في حياته.

القياس :
معناه إلحاق أمر بآخر في الحكم الشرعي باتحاد بينهما في السبب ولكل مجتهد مسلم ان يقيس بنظره الخاص وبإسناد إلى القران والسنة في كل حادثة لم يرد نص صريح فيها لا في القران ولا في السنة ولا حدث إجماع حولها.

الحاجب:
هو موظف كبير يقف على باب الخليفة يسمح أو يمنع دخول الناس على الخليفة بعد مشاورته . لم يتخذ الخلفاء الراشدون حجابا لهم . لكن بسبب محاولة اغتيال معاوية الفاشلة قرر اتخاذ حاجب ليكون أول من يفعل ذلك في الإسلام . وفي عهد عبد الملك سمح بدخول عناصر معينه عليه دون إذن وهم : المؤذن للصلاة , صاحب الخبر ,صاحب الطعام .
استمرت وظيفة الحاجب في العصر العباسي أيضا, عندها اصبح حاجبان أحدهما لدار الخاصة والثاني لدار العامة, وتطور ذلك إلى حجابة ثالثة وهي حجر ولي العهد في إحدى غرف القصر في عهد سيطرة القادة العسكريين على السلطة العباسية في العصر العباسي الثاني , أما في الأندلس فكانت وظيفة الحاجب بمثابة رئيس الوزراء.

الكاتب:
هو الذي يكتب الرسائل التي كان يريد الخليفة إرسالها إلى الولاة أو الدول الأخرى لذا كانت من أهم الوظائف لآن الكاتب بحكم مهنته يطلع على إسرار الخليفة وهو أول الداخلين وآخر الخارجين. لهذا حرص الخلفاء أن يولوا هذا المنصب لأقربائهم وخاصتهم .

المحتسب:
هو الرجل الذي يمنع ويردع المنكر والظلم وقد جاء من حسبة وهي تعني باللغة أنكر وردع , يقال أول محتسب في الإسلام هو الرسول( صلعم) نهى عن الغش فقال: من غشنا ليس منا .
من أعمال المحتسب مراقبة التجار وأرباب الحرف ومراقبة الأسعار والموازين ومراقبة الأخلاق العامة قبل شرب الخمر ومراقبة الناس في الطريق ومراقبة العبادات مثل الإفطار في رمضان .
فوظيفته النظر فيما تتعلق بالنظام العام والجنايات والفصل فيها بسرعة بقول ابن خلدون , وظيفة المحتسب خادمة لمنصب القضاء.

الحسبة:
الحسبة عند اللغويين تعني الإنكار والردع فنقول احتسب علية الشيء أي أنكره عليه أو كفه عنه. أو من الاحتساب في الآخرة عند الله لعمل يقوم به الإنسان على الأرض وعرفها ابن خلدون فقال (هي وظيفة دينية من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وقد تركز عمل المحتسب في السوق ولهذا عرف أيضا باسم (صاحب السوق)

طبقة الخاصة في المجتمع العباسي:
هم أصحاب الخليفة من ذوي قراءة ومن رجالات الدولة البارزين كالوزراء والقواد والأشراف والقضاة والشهود علاوة على بعض المقربين من أهل الفن الموهوبين والعلماء وأهل الأدب وكانوا يتمتعون بالقوة حسب الخليفة الذي كان في عصرهم .

طبقة العامة :
هم السواد الأعظم من سكان المدينة بغداد وكانوا من أصول بشرية متعددة فهم خليط من العرب والفرس والأتراك والأكراد والبربر وغيرهم لم يختلفوا عن خاصة بغداد بكثرة عددهم فحسب بل أنهم ليسوا من أصحاب السلطة فيها أيضا وسموا بالسوقة
أن الذين ينتمون إلى العامة هم أهل المهن والصناع والتجار والخدم والفلاحون والجند واللصوص والشطار والغيارون .

الشطار والغيارون :
هم فئات من المجتمع البغدادي ظهروا على المسرح السياسي في فئة الأمين والمأمون كانوا من الفقراء الذين تجمعوا حول زعيم منهم كالبرجعي وقاموا بالسطو على بيوت الأغنياء من الخاصة وقطعوا الطريق على التجار والأغنياء القادمين أو الخارجين من بغداد, زاد نشاطهم عندما ضعفت السلطة المركزية وفي بعض الأحيان اضطرت السلطة إلى مهادنتهم . تميزوا بعدم مهاجمة التجار التي تقل بضاعتهم عن ألف درهم وعدم التعرض للنساء والمحافظة على شرف الكلمة وكتم السر ومنهم من تخلق بأخلاق الصوفية .

أهل الذمة:
هم اليهود النصارى ويطلق عليهم أهل الكتاب أضيف لهم المجوس لوجود كتاب مقدس لهم . فضل أهل الذمة دفع الجزية للدولة الإسلامية لقاء حمايتهم وبقائهم على دينهم واعفي منهم النساء والشيوخ والمرضى فرضت عليهم شروط مستحبة ومستحقة واختلفت مكانتهم في الدولة الإسلامية من فترة إلى أخرى حسب الحاكم والفترة الزمنية .

الموالي:
تعني المولى في اللغة الرب والمالك وأيضا ابن والعصبة وأيضا الناصر والحليف والصاحب والجار والشريك.
معنى الكلمة بعد الفتوحات الإسلامية "المسلمون من غير العرب" حيث كانوا في الأصل أسرى حرب واصبحوا في منزلة العبيد ثم اسلموا واصبحوا موالي اختصت كلمة مولى في الشرح الإسلامي بمعنيين: الأول مولى معنى عتق والثاني مولى معناها موالاة.

طبقة أرباب السيف:
يظهر من تسميتهم انهم الذين يشتغلون بالحرب , في أول الأمر كان معظمهم من العرب لان أهالي البلاد المفتوحة لا يحاربون, لكن عندما اسلموا واصبحوا يعرفون بالموالي أي مسلمون من غير عرب انضموا للجيش الإسلامي واصبح لهم مكانة خاصة مثل ركوب الخيل في حين أن المدنيين لا يسمح لهم إلا بركوب الحمير كانت هذه الطبقة تسيطر على مقاليد الحكم في حالة ضعف الطبقة .

الكوفة
بناها سعد بن أبي وقاص عام 638م . غربي نهر الفرات وقد بنيت بيوتها في البداية من القصب وعندما التهمتها النيران أمر الخليفة عمر بن الخطاب باتخاذ من اللبن وبنى فيها مسجدا جامعا ودارا للإمارة ثم ازدهرت بالمباني التي أنشأها بناؤون من الفرس والعرب وحتى غدت قصبة العراق ولقد اتخذها الخليفة علي بن أبي طالب مقرا لملكة بعد أن نقلة من المدينة في الحجاز لكثرة إشاعة في الكوفة , ولتوسطها في الأراضي الإسلامية الجديدة . إلا أن نجاح معاوية في تأسيس الدولة الأموية حرمها من هذا المركز السياسي الجديد لتحل محلها دمشق عاصمة للدولة الأموية ثم اتخذت الكوفة مقرا للخلافة العباسية أول نشأتها حتى بنى الخليفة العباسي الأول مدينة الهاشمية .

البصرة
هي أول مدينة بنيت في الإسلام . بناها عتيب بن غزوان سنة 636م لتكون مركزا عسكريا لجيوش المسلمين على اثر موقعة القادسية سنة 637م. مبنى أولا المسجد ثم دار الأمارة بنى أولا المسجد ثم دار الأمارة بجانبه وأمر ببناء الخطط بحيث يكون لكل قبيلة خطة خاص, أي حي قائم بذاته لها مسجدها وأسواقها ومقبرتها, فظهر فيها خمسة أحياء ولم يمض عشرون عاما على تأسيسها حتى أصبحت مركزا هاما من مراكز العالم الإسلامي تجاريا وثقافيا وسياسيا.

مدينة سامراء
مدينة إسلامية أقامها المعتصم في شمال العراق بعد إن تقدم إلية أهل بغداد بالشكوى من ازدياد تدخل الجنود الأتراك في شؤونهم ويذكر أنها لما بينت أطلق عليها اسم (سرور من رأى) ثم اختصر فقيل (سر من رأى) وقال آخر عن خرابها (ساء من رأى) فأختصر الاسم فقيل (سامرا) وجعلها المعتصم عند توليه الخلافة مقر خلافته الجديد. فيها من البنايات الفخمة والأسواق والحركة التجارية المزدهرة جدا. ولقد خربت بعد خلافة المعضد العباسي.

المدينة الإسلامية

الغاية من بناء المدينة الإسلامية:
• العسكرية: معسكرات للجيش الإسلامي الفاتح, مثل: القيروان, البصرة, الفسطاط.
• أمنية : لاتخاذها مكانا أمينا من الأعداء, مثل : واسط, بغداد وغيرها.
• اقتصادية : مركزا تجاريا , مثل : بغداد

معالم المدينة الإسلامية:
• المسجد يدل على طابعها الإسلامي في وسط المدينة
• دار الأمارة وقد أقيم في المدينة التي كانت تتخذ مقر للولاية
• السوق قريب من المسجد وحوله
• القطائع وهي عبارة عم ثكنات يقيم فيها الجند
• الحمامات وهي قسمان خاصة وشعبيه

بارك الله فيك ..

صلى الله على محمد

التصنيفات
الصف السابع

التربيه الإسلاميه للصف السابع

كل عضو يكب لين وين وصلو في الكتاب ..

نحن وصلنا ل من بشائر المصلين

وشكراً

la;,v

صفحة 79

نحن وصلنا بشا~ر المصلين

اها زين زين

نحن الحين واليوم ل درس اركان الصلاه وواجباتها وسننها

اب بسرعة لو سمحتو

السلام عليكم احناوصلنا درس سجده السهو

احنا وصلنا درس اركان الصلاه وواجباتها وسننها

نفسج كرااااااسه ..^_^..

شكرا ع ردودكم

نحن الحين ل سورة الجحرات

سبحان الله و بحمده