وزارة التربيـــة و التـــعــلــيــــــم
دولة الإمارات العربية المتحـــــدة
مدرسة ابن القيم للتعليم الأساســي
منطقة رأس الخيمة التعلميـــــــــة
عنوان الموضوع : أسباب نزول سورة الحجرات 5
عمل الطـــالبه حليمة علي
الـــــصــــــف 7-1
المـــــــــــــادة التربية الإسلامية
إشـــــــــراف المعلمة نورة الحمادي
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)
( يَا أَيُّهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى ) الآية. قال ابن عباس: نـزلت في ثابت بن قيس, وقوله للرجل الذي لم يفسح له: ابن فلانة, يعيره بأمه, قال النبي صلى الله عليه وسلم: من الذاكر فلانة؟ فقال ثابت: أنا يا رسول الله, فقال: انظر في وجوه القوم فنظر فقال: ما رأيت يا ثابت؟ قال: رأيت أبيض وأحمر وأسود, قال: فإنك لا تفضلهم إلا في الدين والتقوى, فنـزلت في ثابت هذه الآية, وفي الذي لم يتفسح: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا ( المجادلة-11) .
وقال مقاتل: لما كان يوم فتح مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا حتى علا ظهر الكعبة وأذن, فقال عتاب بن أسيد بن أبي العيص: الحمد لله الذي قبض أبي حتى لم ير هذا اليوم, وقال الحارث بن هشام: أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذنًا, وقال سهيل بن عمرو: إن يرد الله شيئًا يعيره. وقال أبو سفيان: إني لا أقول شيئًا أخاف أن يخبرَ به رب السماء, فأتى جبريل فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قالوا, فدعاهم وسألهم عما قالوا فأقروا فأنـزل الله تعالى هذه الآية وزجرهم عن التفاخر بالأنساب والتكاثر بالأموال والإزراء بالفقراء فقال:
( يَا أَيُّهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى ) يعني آدم وحواء أي إنكم متساوون في النسب. ( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا ) جمع شعب بفتح الشين, وهي رؤوس القبائل مثل ربيعة ومضر والأوس والخزرج, سموا شعوبًا لتشعبهم واجتماعهم, كشعب أغصان الشجر, والشعب من الأضداد يقال: شَعَبَ, أي: جمع, وشعب أي: فرق. ( وَقَبَائِلَ ) وهي دون الشعوب, واحدتها قبيلة وهي كبكر من ربيعة وتميم من مضر, ودون القبائل العمائر, واحدتها عمارة, بفتح العين, وهم كشيبان من بكر, ودارم من تميم, ودون العمائر البطون, واحدتها بطن, وهم كبني غالب ولؤي من قريش < 7-348 > ودون البطون الأفخاذ واحدتها فخذ، وهم كبني هاشم وأمية من بني لؤي, ثم الفصائل, والعشائر واحدتها فصيلة وعشيرة, وليس بعد العشيرة حي يوصف به.
وقيل: الشعوب من العجم, والقبائل من العرب, والأسباط من بني إسرائيل.
وقال أبو روق: "الشعوب" الذين لا يعتزون إلى أحد, بل ينتسبون إلى المدائن والقرى, "والقبائل": العرب الذين ينتسبون إلى آبائهم.
( لِتَعَارَفُوا ) ليعرف بعضكم بعضًا في قرب النسب وبعده, لا ليتفاخروا. ثم أخبر أن أرفعهم منـزلة عند الله أتقاهم فقال:
( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) قال قتادة في هذه الآية: إن أكرم الكرم التقوى, وألأم اللؤم الفجور.
أخبرنا أبو بكر بن أبي الهيثم الترابي, أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه, أخبرنا إبراهيم بن خزيم الشاشي, حدثنا عبد بن حميد, حدثنا يونس بن محمد, حدثنا سلام بن أبي مطيع, عن قتادة, عن الحسن, عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحسب المال, والكرم التقوى" .
وقال ابن عباس: كرم الدنيا الغنى, وكرم الآخرة التقوى.
أخبرنا أبو بكر بن أبي الهيثم, أنا عبد الله بن أحمد بن حمويه, أخبرنا إبراهيم بن خزيم, حدثنا عبد بن حميد, أخبرنا الضحاك بن مخلد, عن موسى بن عبيدة, عن عبد الله بن دينار, عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف يوم الفتح على راحلته يستلم الأركان بمحجنه, فلما خرج لم يجد مَنَاخًا, فنـزل على أيدي الرجال, ثم قام فخطبهم فحمد الله وأثنى عليه, وقال: "الحمد لله الذي أذهب عنكم عبية الجاهلية وتكبرها [بآبائها] ، الناس رجلان بَرٌّ تقي كريم على الله, وفاجر شقيٌّ هين على الله" < 7-349 > ثم تلا "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى", ثم قال: أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم" .
أخبرنا عبد الواحد المليحي, أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي, أخبرنا محمد بن يوسف, حدثنا محمد بن إسماعيل, حدثنا محمد هو ابن سلام حدثنا عبدة عن عبيد الله, عن سعيد بن أبي سعيد, عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أكرم؟ قال: أكرمهم عند الله أتقاهم, قالوا: ليس عن هذا نسألك, قال: فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله. قالوا: ليس عن هذا نسألك, قال: فعن معادن العرب تسألوني؟ قالوا: نعم, قال: "فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا" .
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر, أخبرنا عبد الغافر بن محمد, أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي, حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان, حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا عمرو الناقد, حدثنا كثير بن هشام, حدثنا جعفر بن برقان, عن يزيد بن الأصم, عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم, ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"
قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)
قوله عز وجل: ( قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا ) الآية, نـزلت في نفر من بني أسد بن خزيمة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة جدبة فأظهروا الإسلام ولم يكونوا مؤمنين في السر, فأفسدوا طرق المدينة بالعذرات وأغلوا أسعارها وكانوا يغدون ويروحون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون: أتتك العرب بأنفسها على ظهور رواحلها, وجئناك بالأثقال والعيال والذراري, ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان, يمنون على النبي صلى الله عليه وسلم, ويريدون الصدقة, ويقولون: أعطنا, فأنـزل الله فيهم هذه الآية . < 7-350 >
وقال السدي: نـزلت في الأعراب الذين ذكرهم الله في سورة الفتح, وهم أعراب جهينة ومزينة وأسلم وأشجع وغفار, كانوا يقولون: آمنا ليأمنوا على أنفسهم وأموالهم, فلما استنفروا إلى الحديبية تخلفوا, فأنـزل الله عز وجل "قالت الأعراب آمنا" صدقنا.
( قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ) انقدنا واستسلمنا مخافة القتل والسبي, ( وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَان فِي قُلُوبِكُمْ ) فأخبر أن حقيقة الإيمان التصديق بالقلب, وأن الإقرار باللسان وإظهار شرائعه بالأبدان لا يكون إيمانا دون التصديق بالقلب والإخلاص.
أخبرنا عبد الواحد المليحي, أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي, أخبرنا محمد بن يوسف, حدثنا محمد بن إسماعيل, حدثنا محمد بن غُرَيْرٍ الزهري, حدثنا يعقوب بن إبراهيم, عن أبيه, عن صالح, عن ابن شهاب, أخبرني عامر بن سعد, عن أبيه قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطًا وأنا جالس فيهم, قال: فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم رجلا لم يعطه وهو أعجبهم إليّ, فقمت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم [فساررته] ، فقلت: مالك عن فلان؟ والله إني لأراه مؤمنًا, قال: أو مسلمًا, قال: فسكت قليلا ثم غلبني ما أعلم منه, فقلت: يا رسول الله مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنًا؟ قال: أو مسلمًا, قال: "إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يُكَبّ في النار على وجهه" .
فالإسلام هو الدخول في السلم وهو الانقياد والطاعة, يقال: أسلم الرجل إذا دخل في السلم كما يقال: أشتى الرجل إذا دخل في الشتاء, وأصاف إذا دخل في الصيف, وأربع إذا دخل في الربيع, فمن الإسلام ما هو طاعة على الحقيقة باللسان, والأبدان والجنان, كقوله عز وجل لإبراهيم عليه السلام: أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (البقرة-131) , ومنه ما هو انقياد باللسان دون القلب, وذلك قوله: ( وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ) .
( وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) ظاهرًا وباطنًا سرًا وعلانية. قال ابن عباس تخلصوا الإيمان, ( لا يَلِتْكُمْ ) قرأ أبو عمرو "يالتكم" بالألف لقوله تعالى: وَمَا أَلَتْنَاهُمْ ( الطور-21) والآخرون بغير ألف, وهما لغتان, معناهما: لا ينقصكم, يقال: ألت يَألِت ألتًا ولات يليت ليتًا إذا نقص, < 7-351 > ( مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ) أي لا ينقص من ثواب أعمالكم شيئا, ( إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)
ثم بين حقيقة الإيمان, فقال: ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ) لم يشكوا في دينهم, ( وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُم الصَّادِقُونَ ) في إيمانهم.
فلما نـزلت هاتان الآيتان أتت الأعراب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحلفون بالله إنهم مؤمنون صادقون, وعرف الله غير ذلك منهم, فأنـزل الله عز وجل:
( قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ ) ، والتعليم هاهنا بمعنى الإعلام, ولذلك قال: "بدينكم" وأدخل الباء فيه, يقول: أتخبرون الله بدينكم الذي أنتم عليه, ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) لا يحتاج إلى إخباركم.
( يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ ) أي بإسلامكم, ( بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإيمَانِ ) وفي مصحف عبد الله "إذ هداكم للإيمان" ( إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) إنكم مؤمنون.
( إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) قرأ ابن كثير "يعملون" بالياء, وقرأ الآخرون بالتاء