عادة ما يربط الحديث في مجتمعنا الأحسائي عن الوقف وأهميته في الإسلام، بحجم الأصول الموقوفة في المنطقة وعدم التناسب مع الإيرادات المتحققة من استثمار تلك الموارد، والتي تمثل العائد على رأس المال المستثمر.
ويسجل بعض المحللين مجموعة من الانتقادات على إدارة تلك الأوقاف من أبرزها:
• عدم التزام البعض بتنفيذ أحكام الوقف الشرعية.
• أحادية الصرف أو معظم الإيراد يصرف في إعداد الولائم.
• انخفاض أسعار تأجير الأصول الموقوفة أو جعلها بسعر رمزي.
• سوء الإدارة.
• إهمال البعض منها.
• عدم الاستثمار الصحيح للمنفعة، والبعض منها يكاد يغطي مصروفاته.
وتجدر الإشارة إلى أن الأيدلوجية التي يدار بها الوقف بالمنطقة لا تتناسب مع التطور التقني والفني والإداري للمجتمع، كما أنها لا تتناسب مع ما تترقبه النخب الواعية بالمجتمع من توظيف صحيح لمواردها بحسب الضوابط الشرعية.
فواقع الحال يحتم علينا إعادة حساباتنا وبتفكير جدي لحلحلة ما يمكن معالجته من إدارتها واستثمار إيراداتها في حل مشاكلنا المتعددة والمتزايدة والتي من أبرزها: تأزم في الأوضاع المعيشية، قلة توفير متطلبات الحياة الأساسية، تخبط في التصرف في الموارد المتاحة، تضاعف أعداد العاطلين عن العمل، توسع في زيادة العلل والأمراض التي يشكو منها أفراد المجتمع، تكاثر من يعيش تحت خط الفقر.
فيتطلب من متخذ القرار البحث عن الإستراتيجية المناسبة التي تساهم في نمو إيرادات الوقف وفق منهجية حضارية، وذلك باختيار أفضل البدائل التي تساهم في استغلال موارده أحسن استغلال، مع إعطاء أهمية لتقديم الأهم على المهم تماشياً مع سياسة التوظيف السليم للموارد، وأن يكون الصرف وفق تحديد الأولويات بدلاً من الاهتمام بمنهجية قديمة كانت تتناسب تطبيقها مع الأجيال الماضية وهي حكر أو تقييد صرف معظم موارد الوقف في إعداد ولائم في مناسبات أهل البيت المفرحة والمحزنة.
فالأجيال آنذاك كانت تشكو من صعوبة الحصول على لقمة العيش، وكان ذلك الأسلوب راقياً وسليماً في تلك الحقبة من ناحية تشخيص أولويات الصرف، أما الآن فبطوننا مشبعة بل خلفت مبالغتنا في سوء مراقبتها إصابتنا بإمراض العصر كالسمنة والسكري والضغط وغيره بسبب قلة الوعي الصحي، والاندفاع القوي والشرس تجاه إشباع المعدة مهما كانت النتائج.
وما نريد تسطيره كعلاج حضاري للأوقاف الأخذ بمجموعة من المقترحات الجادة لعلها تساهم في حل مشاكل الأوقاف من بينها:
1- فتح أفق واسع للأوقاف الجديدة.
2- إعادة التشخيص الفقهي للأوقاف السابقة بواسطة استفتاء المراجع العظام أو بحث ذلك عن طريق مجتهدي وفضلاء المنطقة حفظهم الله جميعاً.
3- تأسيس لجنة إدارة الوقف تضم نخبة من المختصين معترف بها في المنطقة وحبذا لو كانت تحت إشراف المحكمة ويكون من ابرز وظائفها:
• تطبيق النظام الإسلامي والمحاسبي للتعامل مع الأصول الموقوفة.
• رقابة قنوات صرف الأوقاف.
• تحديد أولويات الصرف.
• تحديد سعر للأصل الموقوف يكون قابلا للتغير بين فترة وأخرى بحسب سعر السوق.
• البحث عن آلية لعلاج الأوقاف المهملة.
• توعية أفراد المجتمع بأهمية الوقف ودعم مشاريعه.
كما أن قرار الأوقاف المستحدثة ينبغي أن تخضع لدراسات مستفيضة، وأن تكون بأفق واسع، ورؤى شاملة، كالمشروع الرائد الذي أعلنه سماحة العلامة الشيخ حسين العايش، وهو «مشروع مدد» لخدمة المجتمع بكافة حاجاته الأساسية.
ونجاح هذا المشروع يمثل نقلة نوعية راقية، مرسومة خططها بما يتفق مع التوظيف الصحيح للأصل.. لتحقيق الاستفادة القصوى، والاستغلال الكامل لأفضل البدائل المقترحة في قنوات صرف الوقف.
هذا للي حصلته