وإنّ من أشهر القصائد هي التي سميت بالمعلقات، وقد ارتبط بأذهاننا ارتباطا وثيقا بأنّ شعر المعلقات وأصل تسميتها بهذا الاسم بأنها علقت على أستار الكعبة ، وأنّ العرب في العصر الجاهلي كانوا يعقدون في سوق عكاظ مهرجانا شعريا كبيرا يحضره كبار الشعراء وكانت تنصب خيمة للنابغة «الذبياني» ويأتي الشعراء؛ ليلقوا أفضل ما كتبوا من أشعارهم؛ ليتم بعد ذلك اختيار أفضل القصائد وأبلغها ومن ثم تكتب هذه القصيدة بماء الذهب على الحرير وتعلق على أستار الكعبة تكريما وإجلالا لتلك القصيدة ،حتى وصل عدد قصائد المعلقات إلى سبع والبعض يذهب إلى تسع وإلى عشر، وقد تمت هذه العملية قبل بزوغ فجر الإسلام في شبه الجزيرة العربية. ووصلت إلينا بعد أنْ كان العرب يحفظونها عن ظاهر قلب وتعلق بأذهانهم في ذلك الوقت وتمت عملية التدوين بعد فترة؛ ليخلق لنا هنا حالة التشكيك من الطريقة التي وصلت الينا فيها القصيدة من مدى صحتها وترتيب أبياتها أو حتى نسبها لشاعر ما.
و يذهب أرباب السير والمفسرون إلى تفنيد هذه الإدعاءات وتكذيبها وذلك لاستنادهم إلى عدّة أدلة تؤكّد ما يقولون إنّ التسمية جاءت من المغرب؛ أي شمال إفريقيا ولم تأتِ من محل نشوئها، وأنّ المتقدمين لم يذكروه وذكّره المتأخرون، وإشارة أخرى إلى أنّ علماء السيرة لم يذكروا معلقة على أستار الكعبة حينما ذكروا الفتح، والكثير من كتب السير التي كتبت عن الجزيرة العربية بالتفاصيل الدقيقة وعن كل حجر ومدر لم يشيروا إلى المعلقات بالرغم من أهمية موقعها وأهميتها أيضا فهل يعقل أنْ يمر على علماء السير مثل هذا الحدث المهم كوجودها معلّقة على الكعبة .
وترجع أصل التسمية إلى أنّ مجموعة من الأدباء القدامى أطلقوا على بعض القصائد المعلقات ومنها المذهبات والمسمطات كنوع من التكريم لهذه القصائد، وأنّ المعلقات مأخوذة من اللغة بعلوقها وأنّها شديدة العلوق في الذهن والثبات بحيث لاتنسى. وأنّ المعلقات جمع علق والعلق هو القلادة النفيسة التي تعلق على جياد النساء، وقد شبهت بذلك لنفاستها. وأنّ من مؤرّخي الأدب مَنْ قسّموا الأشعار السابقة إلى مجاميع أطلقوا عليها مسمّيات كما فعل «محمد القرشي» في كتابه (جمهرة أشعار العرب ).
تسلمين