التصنيفات
الصف الاول الابتدائي

تقرير بحث أخلاق المؤمنين والمؤمنات

لام عليكم و رحمه الله و بركاته

شحالكم ..
تقرير عن اخلاق المؤمنين

——————————————————————————–

هذا تقرير عن اخلاق المؤمنين وارجوا انه يعجبكم.

المقدمة:
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله الحمد الله الذي بعث فينا رسول المحبة وبعثا فينا رسولا يعلم مكارم الأخلاق فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق) اما بعد:

أيها الإخوة في الله والأخوات في الله

عنوان كلمتي : ( أخلاق المؤمنين والمؤمنات )

بين الله سبحانه في كتابه الكريم في مواضع كثيرة من القرآن أخلاق المؤمنين وأخلاق المؤمنات ، وكررها كثيرا ليعلمها المؤمن فيأخذ بها ويستقيم عليها ولتعلمها المؤمنة فتأخذ بها وتستقيم عليها ، ولا فرق في ذلك بين الأمراء والأطباء والعلماء وعامة المؤمنين من الذكور والإناث كلهم مطالبون بهذه الأخلاق ، مطالبون بالتحلي بالأخلاق الإيمانية التي شرعها الله لعباده وأمرهم بها وجعلها طريقا للسعادة في الدنيا والآخرة ، وسبيلا لمصلحة الجميع في هذه الدار وطريقا للنجاة يوم القيامة ، ومن جملة الآيات وأجمعها في ذلك قول الله سبحانه وتعالى في سورة التوبة : {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[1] ثم ذكر بعد ذلك جزاءهم في الآخرة فقال : {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[2] هذا جزاؤهم في الآخرة فجدير بكل مسلم ومسلمة وبكل مؤمن ومؤمنة أن يتدبر هذه الآية وما جاء في معناها من الآيات ويتفقه في ذلك ، وأن يعمل بمقتضاها حتى يكون من المستحقين لرحمة الله في الدنيا والآخرة ومن الفائزين بالجنة والكرامة يوم القيامة فجميع المؤمنين والمؤمنات من جميع الطبقات من عرب وعجم وجن وإنس وأمراء وعلماء ومديرين وآباء وطبيبات وباعة وممرضين وممرضات وغير ذلك ، جميع هذه الطبقات كلهم إذا آمنوا بالله ورسوله كلهم داخلون في هذه الآية وهي قوله سبحانه : {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} يعني كل واحد ولي أخيه وأخته في الله وكل مؤمنة ولية أخيها في الله وأختها في الله بالتناصح والتواصي بالحق وأداء الأمانة وصدق الحديث وعدم الغش فيالمعاملة إلى غير ذلك ، كلهم أولياء كل واحد ينصح للآخر ويؤدي حقه ولا يغتابه ولا ينم عليه ولا يخونه ولا يشهد عليه بالزور ولا يظلمه لا في نفسه ولا في ماله ولا في عرضه وبذلك يفوز بما وعد الله به المؤمنين إذا استكمل هذه الصفات العظيمة ، وعلى المؤمن والمؤمنة أن يعتنيا بهذا الواجب ، وأن يجاهدا أنفسهما في التطبيق حتى يكونا ممن شملتهم هذه الآية ، فالطبيب ينصح في عمله ويؤدي الواجب في حق المريض من جميع الوجوه ويتقي الله فيه في وصفه للدواء وكيفية العلاج وفي جميع الشئون التي يعتقد أنها تنفع المريض ، والطبيبة كذلك وموظفو المستشفى والممرض والممرضة كذلك ولهذا قال سبحانه :

{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} على كل منهم واجبه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح لله ولعباده مع الصدق والإخلاص والاستقامة ، فالأمير والمدير والطبيب كل واحد منهم عليه واجبه إذا رأى منكرا أنكره ونهى عنه ، وإذا رأى المعروف الذي قد أضاعه مؤمن نهاه عن إضاعته وأمره به قال سبحانه : {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[3] وبهذا يصلح المجتمع وتستقيم أحواله إذا كان كل واحد ينصح لأخيه ويؤدي الحق الذي عليه ولا يخون أخاه في شيء ، وهكذا سائر المجتمع في أعماله كلها في البيع والشراء وفي الزراعة وفي رعاية الإبل والغنم يؤدي الأمانة وينصح لله ولعباده كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((الدين النصيحة)) قيل لمن يا رسول الله قال ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) وقال جرير بن عبد الله البجلي أحد الصحابة رضي الله عنهم : ( بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم ) .

ثم ذكر الله بعد ذلك الصلاة والزكاة فقال سبحانه : {وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} يعني أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويحافظون عليها كما أمرهم الله في أوقاتها هكذا يجب على المؤمن والمؤمنة العناية بالصلاة والمحافظة عليها وإقامتها كما شرعها الله ، الرجل يؤديها في الجماعة ، والمرأة تؤديها في وقتها في بيتها وفي محل عملها بإخلاص وطمأنينة وخشوع ، كما قال سبحانه : {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}[4] وقال جل وعلا : {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى}[5] وقال تعالى : {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}[6] فالصلاة عمود الإسلام وركنه الأعظم بعد الشهادتين ، يجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يعتنيا بها بالطم%u

بسم الله الرحمن الرحيم

يؤمن المسلم بقضاء الله وقدره وحكمته ومشيئته ، وأنه لا يقع شيء في الوجود حتى أفعال العباد الإختيارية إلا بعد علم الله به وتقديره ، وأنه تعالى عدل في قضائه وقدره ، حكيم في تصرفه وتدبيره ، وأن حكمته تابعة لمشيئته ، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، ولا حول ولا قوة إلا به تعالى ، وذلك للأدلة النقلية والعقلية التالية :

الأدلة النقلية :

1 _ إخباره تعالى عن ذلك في قوله : ( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) وقوله عز وجل : ( وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم ) وفي قوله : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير ) وفي قوله : ( ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ) وقوله : ( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ) وقوله : ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ، هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) وفي قوله عز وجل : ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ، ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ) وقوله : ( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين ) وقوله : ( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ) وفي قوله : ( ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) وفي قوله : ( وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ) .

2 _ إخبار رسوله صلى الله عليه وسلم عن ذلك في قوله : ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفةً ، ثم يكون علقةً مثل ذلك ، ثم يكون مضغةً مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه ، وأجله وعمله وشقيٍ أو سعيد ، فوالذي لا إله غيره ، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) ، وفي قوله عليه السلام لعبد الله بن عباس : ( يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك ، إحفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) ، وفي قوله : ( إن اول ما خلق الله تعالى القلم فقال له أُكتب ، فقال : رب ، وماذا أكتب ؟ قال : أُكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة ) ، وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( احتج آدم وموسى ، قال موسى : يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة فقال آدم : أنت موسى اصطفاك الله بكلامه ، وخط لك التوراة بيده تلومني على أمرٍ قدره الله على قبل أن يخلقني بأربعين عاماً فحج آدم موسى ) وفي قوله عليه السلام في تعريف الإيمان : ( أن تؤمن بالله وملائكته ، وكتبه ورسله ، واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) ، وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن النذر لا يرد قضاءً ) وفي قوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن قيس : ( يا عبد الله بن قيس ألا أعلمك كلمةً هي من كنوز الجنة ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله ) وفي قوله صلى الله عليه وسلم لمن قال : ما شاء الله وشئت ( قل ما شاء الله وحده ) .

3 _ إيمان مئات الملايين من أمة محمدصلى الله عليه وسلم من علماء وحكماء وصالحين وغيرهم بقضاء الله تعالى وقدره ، وحكمته ومشيئته ، وأن كل شيء سبق به علمه ، وجرى به قدره ، وأنه لا يكون في ملكه إلا ما يريد ، وأن ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وأن القلم جرى بمقادير كل شيء إلى قيام الساعة .

الأدلة العقلية :

1 _ إن العقل لا يحيل شيئاً من شأن القضاء والقدر ، والمشيئة ، والحكمة ، والإرادة ، والتدبير ، بل العقل يوجب كل ذلك ويحتمه ، لما له من مظاهر بارزة في هذا الكون .

2 _ الإيمان به تعالى وبقدرته يستلزم الإيمان بقضائه وقدره وحكمته ومشيئته .

3 _ إذا كان المهندس المعماري يرسم على ورقة صغيرة رسماً لقصر من القصور ، ويحدد له زمن إنجازه ، ثم يعمل على بنائه فلا تنتهي المدة التي حددها حتى يخرج القصر من الورقة إلى حيز الوجود ، وطبق ما رسم على الورقة بحيث لا ينقص شيء وإن قل ، ولا يزيد ، فكيف ينكر على الله أن يكون قد كتب مقادير العالم إلى قيام الساعة ، ثم لكمال قدرته وعلمه يخرج ذلك المقدر طبق ما قدره في كميته وكيفيته ، وزمانه ومكانه ومع العلم بأن الله تعالى على كل شيء قدير .

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلامضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله r .

أما بعد:

فإن للإيمان بالقدر في دين الإسلام مكانة عليا، وأهمية كبرى، فالإيمان به قطب رحى التوحيد ونظامه، ومبدأ الدين القويم وختامه ، فهو أحد أركان الإيمان وقاعدة أساس الإحسان ([1]).

والقدر هو قدرة الله ، فالمؤمن به مؤمن بقدرة الله ، والمكذب به ، مكذب بقدرة الله عزوجل.

والإيمان بالقدر أمر فطري ، والعرب في جاهليتها وإسلامها لم تكن تنكر القدر ، كما صرح بذلك أحد أئمة اللغة وهو أحمد بن يحيى ثعلب بقوله:"مافي العرب إلا مثبت القدر خيره وشره ، أهل الجاهلية وأهل الإسلام "([2]).

ومما يدل على أهميته كثرة وروده في نصوص الشرع ، التي بينت حقيقته ، وجلت أمره ، وأوجبت الإيمان به ومايترتب على ذلك من عظيم الثمرات في الدنيا والعقبى ، على الأفراد والمجتمعات ، ومايترتب على الكفر به والضلال في فهمه من الشقاء والعذاب في الآخرة والأولى.

ومن هذه النصوص ماورد في الكتاب الكريم من آيات منها قوله تعالى : { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} ([3]).

ومن السنة ما جاء عن النبي r أنه قال : " لايؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وأن ما أخطاه لم يكن ليصيبه " ([4]).

فالإعتقاد بالقضاء والقدر تبعا لما أمر به الدين الإسلامي الحنيف وما نزع الشرع به ليس هو مبعث انحطاط وتخلف ، كما زعم المغفلون الحاقدون ، بل على العكس إنما هو مبعث قوة وجرأة وإقدام وبه تنطلق قوى الإنسان ومداركه وطاقاته في سبيل البناء والتقدم للإعمار ولتشييد حضارة إنسانية تنفع الناس عامة ، دون خوف أو تخاذل طالما أن الإنسان المسلم بالقضاء والقدر يعلم أن قوى البشر عامة في هذا الوجود ، وأن جميع مافيه من عوالم ومن طاقات وقوى وقوانين بيد مدبر الكائنات ومنظمها ومصرف حوادثها ، فهو يسير وفق حكمة عليا قضاها الله وقدرها لذلك فإن سلوك الإنسان في حياته واستقامته، وأعماله وتصرفاته من خير أو شر ماهي إلا مظهرا من مظاهر عقيدته وإيمانه ، فإن صحت العقيدة والإيمان صح السلوك ، وصح العمل ، واستقام السعي ، وتحققت المثل والأهداف التي ترمي إليها هذه العقيدة التي بها تنطبع سلوكية الإنسان وشخصيته .

فعقيدة التوحيد والإيمان بقضاء الله وقدره تهذب الحياة وتحقق المدنية فتسود المثل العليا ، وتثمر الفضائل ويعم الخير وينتشر الرخاء، ويتحقق العدل ويسعد الفرد والجماعة.

ولما كان للإيمان بالقضاء والقدر أهمية عظمى، وثمرات جمّا كتبت هذا البحث في ثمراته والذي اشتمل على مبحثين :

المبحث الأول : تعريف القضاء والقدر والفرق بينهما.

المبحث الثاني: ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر.

وأسأل الله أن يبارك عملي ، ويتقبله خلاصاً لوجهه الكريم ، وأن ينفع به القارئين والحمد لله رب العالمين.

المبحث الأول:تعريف القضاء والقدر والفرق بينهما([5]).:

القضاء في اللغة:

هو بالمد ، ويقصر ، أصله قضاي ؛لإنه من قضيت إلا أن الياء لما جاءت بعد الألف همزت.

يقول ابن فارس:"القاف والضاد والحرف المعتل ، أصل صحيح يدل على إحكام أمر واتقانه وانفاذه".

ويطلق القضاء على معان عدة منها:

الأمر والأداء والحكم ، والفراغ والإعلام والموت.

والقدر في اللغة:

مصدر قدر يقدر قدراً.

يقول ابن فارس:" القاف والدال والراء أصل صحيح يدل على مبلغ الشئ ، وكنهه ونهايته".

ويطلق القدر على معان عدة منها:

الحكم والقضاء والطاقة، والتضييق والتقدير.

والمراد بالقضاء والقدر في الشرع:

علم الله بالأشياء قبل كونها وكتابته لها في اللوح المحفوظ ، ومشيئته سبحانه لوقوعها ، وخلقه عزوجل لها على ماسبق به علمه ، وكتابته ومشيئته.

الفرق بين القضاء والقدر([6]). :

ولهذا نقول: إن القضاء والقدرمتباينان إن اجتمعا ومترادفان إن تفرقا على حد قول العلماء:

هما كلمتان إن اجتمعا افترقا ، وإن افترقتا اجتمعتا ، فإذا قيل : هذا قدر الله فهو شامل للقضاء ، أما إذا ذكرا جميعا فلكل واحد منهما معنى.

فالتقدير: هو ماقدره الله تعالى في الأزل أن يكون في خلقه.

أو تغيير وعلى هذا يكون التقدير سابقا.

والإيمان بالقدر معترك عظيم من زمن الصحابة إلى زماننا هذا ،

وله مراتب أربعة وهي :

1/ العلم

2/الكتابة

3/ والمشيئة

4/الخلق .

المبحث الثاني: ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر :

1/أنه من تمام الإيمان ولايتم الإيمان إلا بذلك ([7]).

2/أنه من تمام الإيمان بالربوبية لأنه قدر الله من أفعاله ([8])..

3/ رد الإنسان أموره إلى ربه لأنه إذا علم أن كل شئ بقضائه وقدره فإنه سيرجع إلى الله في دفع الضراء ورفعها ويضيف السراء إلى الله ويعرف أنها من فضل الله عليه([9])..

4/إضافة النعم إلى مسديها ، لأنك إذا لم تؤمن بالقدر، أضفت النعم إلى من باشر الإنعام ، وهذا يوجد كثيراً في الذين يتزلقون إلى الملوك والأمراء والوزراء، فإذا أصابوا منهم ما يريدون ، جعلوا الفضل إليهم، ونسوا فضل الخالق سبحانه([10]).

5/ أداء عبادة الله –عزوجل-

[11]).

فالقدر مما تعبدنا الله سبحانه وتعالى به.

6/ الإيمان بالقدر طريق الخلاص من الشرك: ([12]).

فالمجوس زعموا :أن النور خالق الخير ،والظلمة خالقة الشر ، والقدرية قالوا: إن الله لم يخلق أفعال العباد ، فهم أثبتوا خالقين مع الله وهذا شرك، والإيمان بالقدر على الوجه الصحيح توحيد لله.

7/ الشجاعة والإقدام: ([13]).

فالذي يؤمن بالقدر يعلم أنه لن يموت إلا إذا جاء أجله، وأنه لن يناله إلا ماكتب له، فيقدم غير هياب ولامبال بما يناله من الأذى والمصائب في سبيل الله ، لأنه يستمد قوته من الله العلي القدير الذي يؤمن به ويتوكل عليه، ويعتقد أنه معه حيثما كان ، والتوكل على الله معنى حافز وشحنة نفسية موجهه تغمر المؤمن بقوة المقاومة وتملؤه بروح الإصرار والتحدي وتقوي من عزيمته .

8/قوة الإيمان: ([14]).

فالذي يؤمن بالقدر يقوى إيمانه، فلايتخلى عنه ولايتزعزع أو يتضعضع مهما ناله في ذلك السبيل.

9/الصبر والإحتساب ومواجهة الأخطار والصعاب: ([15]).

فالذي لايؤمنون بالقدر ربما يؤدي الجزع ببعضهم بالله وبعضهم يجن ، وبضهم يصبح موسوساً.

10/ الهداية: ([16]).

كما في قوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } ([17]).

وقال علقمه: هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من قبل الله فيسلم ويرضى .

11/ الكرم: ([18]).

الذي يؤمن بالقدر وأن الفقر والغنى بيد الله وأنه لايفتقر إلا إذا قدر الله له ذلك ، فإنه ينفق ولايبالي.

12/التوكل واليقين والاستسلام لله ، والاعتماد عليه: ([19]).

كما في قوله تعالى : { قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}([20]).

13/الإخلاص: ([21]).

فالذي يؤمن بالقدر لايعمل لأجل الناس ، لعلمه أنهم لن ينفعوه إلا بما كتبه الله له.

14/إحسان الظن بالله وقوة الرجاء: ([22]).

فالمؤمن بالقدر حسنُ الظن بالله ، قوي الرجاء به في كل أحواله .

15/ الخوف من الله والحذر من سوء الخاتمة: ([23]).

فالمؤمن بالقدر دائماً على خوف من الله، وحذر من سوء الخاتمة ، إذ لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ، فلا يغتر بعمله مهما كثر، فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها حيث يشاء، والخواتيم علمها عند الله.

16/ الإيمان بالقدر يقضي على كثير من الأمراض التي تفتك بالمجتمعات، وتزرع الأحقاد بينها ، وذلك مثل رذيلة الحسد فالمؤمن لايحسد الناس على ما آتاهم الله من فضه ، لإيمانه بأن الله هو الذي رزقهم وقدر لهم ذلك ، فأعطى من شاء ، ومنع من شاء ابتلاءً وامتحاناً منه ، وإنه حين يحسد غيره إنما يعترض على القدر ([24])..

17/تحرير العقل من الخرافات والأباطيل: ([25]).

فمن بديهات الإيمان بالقدر ، الإيمان بأن ماجرى ومايجري وماسيجري في هذا الكون إنما هو بقدر الله، وأن قدر الله سر مكتوم، لايعلمه إلا هو، ولا يطلع عليه أحد إلا من ارتضى من رسول.

ومن هذا المنطلق تجد أن المؤمن بالقدر حقيقة لايعتمد على الدجالين والمشعوذين ، ولايذهب إلى الكهان والمنجمين والعرافين، فلا يصدق أقوالهم ، ويعيش سالما من زيف هذه الأقاويل ، متحرراً من جميع تلك الخرافات والأباطيل.

18/التواضع: ([26]).

فالمؤمن بالقدر إذا رزقه الله مالاً، أو جاهاً أو علماً أو غير ذلك تواضع لله، علمه أن هذا من الله وبقدر الله ، ولو شاء لانتزعه منه، إنه على كل شئ قدير.

19/ السلامة من الإعتراض على أحكام الله الشرعية وأقداره الكونية ، والتسليم له في ذلك كله. ([27]).

20/ الجد والحزم في الأمور والحرص على كل خير ديني أو دنيوي ([28]):

فإن الإيمان بالقضاء والقدر يوفر الإنتاج والثراء؛ لأن المؤمن إذا علم أن الناس لا يضرونه إلا بشيء قد كتبه الله عليه، ولا ينفعونه إلا بشيء قد كتبه الله له؛ فإنه لن يتواكل، ولا يهاب المخلوقين، ولا يعتمد عليهم، وإنما يتوكل على الله، ويمضي في طريق الكسب، وإذا أصيب بنكسة، ولم يتوفر له مطلوبه؛ فإن ذلك لا يثنيه عن مواصلة الجهود، ولا يقطع منه باب الأمل، ولا يقول: لو أنني فعلت كذا؛ كان كذا وكذا! ولكنه يقول: قدر الله وما شاء فعل. ويمضي في طريقه متوكلا على الله، مع تصحيح خطئه، ومحاسبته لنفسه، وبهذا يقوم كيان المجتمع، وتنتظم مصالحه، وصدق الله حيث يقول: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} ([29]).

21/ الشكر: ([30]).

فالمؤمن بالقدر يعلم أن مابه من نعمة فمن الله وحده، وأن الله هو الدافع لكل مكروه ونقمه، فينبعث بسبب ذلك إلى الشكر لله ، إذ هو المنعم المتفضل الذي قدر له ذلك، وهو المستحق للشكر، وهذا لايعني ألا يشكر الناس.
قال عكرمة –رحمه الله- "ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن ، ولكن اجعلوا الفرح شكراً ، والحزن صبراً".

22/ الرضا: ([31]).

فيرضى بالله ربا مدبرا مشرعا، فتمتلئ نفسه بالرضا عن ربه ، فإذا رضي بالله أرضاه الله .

23/الفرح: ([32])

فيفرح المؤمن بالقدر بذلك الإيمان الذي حرم منه أمم كثيرة ، كما في قوله تعالى : قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون. ، وكما أنه آمن بالقدر فلا سبيل لمشاعر القلق والتوتر لكي تتسرب إلى نفسه وتصبحه هاجسه الملازم، ذلك أنه على يقين بأن الله سوف يختار له ماهو في صالحه ، حتى وإن كان يبدو على النقيض تماما مما كان يأمله ويرجوه ، واضعا نصب عينيه قوله سبحانه وتعالى: { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } ([33]).

قال ابن القيم رحمه الله في تفسير هذه الآية :"في هذه الآيه عدة حكم وأسرار ومصالح للعبد ـ، فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب والمحبوب قد يأتي بلمكروه ، لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة ، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة ، لعدع علمه بالعواقب ، فإن الله يعلم منها مالا يعلمه العبد ، وا أنفع للعبد من الامتثال لأوامر الله ، وإن شق عليه ذلك في الإبتداء ، لأن عواقبه كلها خيرات ومسرات، وكذلك لاشئ أضر عليه من ارتكاب النهي وإن هوته نفسه ومالت إليه ، لأن عواقبه كلها آلام وأحزان وشرور ومصاب "([34])..

ومن أسرار هذه الآية أنها تقتضي من العبد التفويض إلى من يعلم عواقب الأمور ، والرضا بما يختاره له ويقضيه له لما يرجو فيه من حسن العاقبة ، إنه لايقترح على ربه ولايختار عليه ، ولايسأله ماليس له به علم ، فلعل مضرته وهلاكه فيه ، وهو لايعلم فلا يختار على ربه شئ بل و يسأله حسن الإختيار له وأن يرضيه بما يختاره فلا شئ أنفع له من ذلك .

24/ الإستقامة على منهج سواء في السراء والضراء: ([35]).

فالعباد فيهم قصور وضعف ونقص لايستقيمون على منهج سواء إلا من آمن بالقدر ، فإن النعمة لاتبطره ، والمصيبة لاتقنطه .

25/عدم اليأس من انتصار الحق:فالمؤمن بالقدر يعلم علم اليقين أن العاقبة للمتقين ، وأن قدر الله في ذلك نافذ لامحالة، فلا يدب اليأس إلى روعه ، ولايعرف إليه طريقا مهما احلولكت ظلمة الباطل([36]).

26/ علو الهمة وكبر النفس: ([37]).

فالمؤمن بالقدر عالي الهمة كبير النفس لايرضى بالدون، ولابالواقع المر الأليم، ولايستسلم له محتجاً بالقدر، إذ أن هذا ليس مجال الاحتجاج بالقدر ، لأنه من المعائب ، والاحتجاج بالقدر إنما يسوغ عند المصائب دون المعائب، بل إن إيمانه بالقدر يحتم عليه أن يسعى سعياً حثيثاً لتغير هذا الواقع حسب قدرته واستطاعته وذلك وفق الضوابط الشرعية.

27/ الإيمان بالقدر على وجه الحقيقة يكشف للإنسان حكمة الله فيما يقدره من خير أو شر : ([38]).

فيعرف الإنسان بذلك أن وراء تفكيره ، وتخيلاته من هو أعظم وأعلم ، ولهذا كثيراً مايقع الشئ فنكرهه وهو خير لنا ، فكم من الناس من يتبرم ويضيق صدره لفوات محبوب أو نزول مكروب ، وما أن ينكشف الأمر ويستبين سر القدر إلا وتجده جذلاً مسروراً ؛ لأن العاقبة كانت حميدة بالنسبة له ،وصدق تعالى إذ يقول: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} ([39]).

28/ عزة النفس والقناعة والتحرر من رق المخلوقين: ([40]).

فالمؤمن بالقدر يعلم أن رزقه مكتوب ، وأنه لن يموت حتى يستوفي رزقه، ويدرك كذلك ان الله حسبه وكافيه ورازقه ، وأن العباد مهما حاولوا إيصال الرزق له، أو منعه عنه فلن يستطيعوا إلا بشئ قد كتبه الله، فينبعث بذلك إلى القناعة وعزة النفس، والإجمال في اطلب، وترك التكالب على الدنيا، والتحرر من رق المخلوقين،وقطع الطمع مما في أيديهم، والتوجه بالقلب إلى رب العالمين ، وهذا أساس فلاحه ورأس نجاحه.

29/سكون القلب وطمأنينة النفس وراحة البال: ([41]).

فلايدرك هذه الأمور ، ولايجد حلاوتها ولايعلم ثمراتها إلا من آمن بالله وقضائه وقدره، كما أنه وسيلة لمواجهة القلق النفسي فالمؤمن الحق إذا أصابته مصيبة مقدرة فعليه ألا يتحسر ، بل عليه أن يقول : قدر الله وماشاء فعل ، ولاعليه أن يتمنى حدوث عكس ماوقع ، لأن ذلك يورث حسرة وحزنا لايفيد، والتسليم للقدر هو الذي يشيع الأمن والإطمئنان ويقضي على مشاعر القلق والتوتر ، وكما قال بعضهم الأمر أمران :

– أمر فيه حيلة فلا تعجز عنه.

– أمر لاحيلة فيه فلا تجزع منه .

وأن كل مايعترض المؤمن من مشاق لايقابلها بغير الرضا والتسليم ، وذلك من منطلق قوله عليه الصلاة والسلام "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير ، أحرص على ماينفعك ، واستعن بالله ولاتعجز ، وإن أصابك شئ فلا تقل : لو أني فعلت كذا لكان كذا ولكن قل قدر الله وماشاء فعل ، فإن لو تفتح عمل الشيطان" ([42]).

والمؤمن يعلم إن ابتلاء الله له إنما هو دليل على حبه له ، وامتحانه لإيمانه وصبره ، فمن رضي بهذا الإمتحان وصبر فله الرضا من الله ، ومن سخط من هذا الإبتلاء وجزع واستسلم للقلق واليأس فله السخط من الله ، ومصداق ذلك من كلام الرسول r "إن عظم الجزاء من عظم البلاء ،وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط " ([43]).

ولقد أدهش جانب الرضا بالقضاء والقدر من حيث أثره البالغ في نفس المسلم واستقباله لصعوبات الحياة بعزيمة قوية وإرادة لاتجزع ، أدهش هذا الركن من أركان الإيمان الكثير من غير المسلمين ، وقد كتبوا في هذا الشأن معبرين عن دهشتهم ومن هؤلاء ر.ن . س بودلي الذي قال عن تجربته " لقد تعلمت من عرب الصحراء التغلب على القلق فهم-بوصفهم- يؤمنون بالقضاء والقدر وقد ساعدهم هذا الإيمان على العيش في أمان وأخذ الحياة مأخذا سهلا هينا ،فهم لايلقون أنفسهم بين براثن الهم والقلق على أمر ، إنهم يؤمنون بأن ماقدر يكون، وأنه لايصيب الفرد منهم إلا ماكتب الله له ، وليس معنى ذلك أنهم يتواكلون أو يقفون في وجه الكارثة ، مكتوفي الأيدي……." وبعد أن استعرض (بودلي ) تجربته مع عرب الصحراء علق بقوله :" وخلاصة القول إنني بعد إنقضاء سبعة عشر عاما على مغادرتي الصحراء ، مازلت اتخذ موقف العرب حيال قضاء الله ، فأقابل الحوادث التي لاحيلة لي فيها بالهدوء ، والامتثال ، والسكينة ، ولقد أفلحت هذه الطباع التي اكتسبتها من العرب في تهدئة أعصابي أكثر مما تفلح آلاف المسكنات والعقاقير".([44])

وما أحسن ما قاله الحربي –رحمه الله- " من لم يؤمن بالقدر لم يتهن بعيشه"([45]).

وهذا صحيح فما تعاظمت المصائب في القلوب ، وضاقت بها الأنفس وحرجت بها الصدور إلا من ضعف الإيمان .

30/ القدر من أكبر الدواعي التي تدعو إلى العمل والنشاط والسعي بما يرضي الله في هذه الحياة، والإيمان بالقدر من أقوى الحوافز للمؤمن لكي يعمل ويقدم على عظائم الأمور بثبات وعزم ويقين . ([46]).

31/ومن ثمراته أن الداعي إلى الله يصدع بدعوته ، ويجهر بها أمام الكافرين والظالمين، لايخاف في الله لومة لائم ، يبين للناس حقيقة الإيمان ويوضح لهم مقتضياته، وواجباتهم تجاه ربهم كما يبين لهم حقائق الكفر الشرك والنفاق ويحذرهم منها، ويكشف الباطل وزيفه، ودعاته وحماته، ويقول كلمة الحق أمام الظالمين ، ويفضح ماهم فيه من كفر وظلم، وما يقومن به من إفساد وتضليل، يفعل المؤمن كل ذلك وهو راسخ الإيمان واثق بالله، متوكل عليه، صابر على كل مايحصل له في سبيله([47]).

32/ تحويل المحن إلى منح، والمصائب إلى أجر؛ كما قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } ([48]).
ومعنى الآية الكريمة: من أصابته مصيبة، فعلم أنها من قدر الله، فصبر واحتسب واستسلم لقضاء الله؛ هدى الله قلبه، وعوضه عما فاته من الدنيا هدًى في قلبه ويقينا صادقا، وقد يخلف الله عليه ما كان أخذ منه أو خيرا منه، وهذا في نزول المصائب التي هي من قضاء الله وقدره، لا دخل للعبد في إيجادها إلا من ناحية أنه تسبب في نزولها به، حيث قصر في حق الله عليه بفعل أمره وترك نهيه؛ فعليه أن يؤمن بقضاء الله وقدره، ويصحح خطأه الذي أصيب بسببه.

وبعض الناس يخطئون خطأ فاحشا عندما يحتجون بالقضاء والقدر على فعلهم للمعاصي وتركهم للواجبات، ويقولون: هذا مقدر علينا! ولا يتوبون من ذنوبهم؛ كما قال المشركون: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ}([49]). وهذا فهم سيئ للقضاء والقدر؛ لأنه لا يحتج بهما على فعل المعاصي والمصائب، وإنما يحتج بهما على نزول المصائب؛ فالاحتجاج بهما على فعل المعاصي قبيح؛ لأنه ترك للتوبة وترك للعمل الصالح المأمور بهما، والاحتجاج بهما على المصائب حسن؛ لأنه يحمل على الصبر والاحتساب([50]).

الخـاتمــــة

· أن الإيمان بالقدر هو سر الله في خلقه.

· الإيمان بالقضاء والقدر يورث في النفس الرضا والطمأنينة.

· لأهمية الإيمان بالقضاء والقدر فقد لُفت نظر المسلم إليه من خلال نصوص الشرع.

· الإيمان بالقدر فيه دافعية للجد والعمل دون النظر للنتائج.

· إن إنكار القدر لم يكن معروفا عند العرب لافي جاهليتها ولافي إسلامها ، وإنما أتاهم ذلك من الأمم الأخرى.

· الإيمان بالقضاء والقدر له ثمرات جليلة ينتفع بها الفرد والمجتمع في الدارين.

والحمد لله أولا وأخرا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فهـرس المراجـع

1/ الإيمان بالقضاء والقدر -محمد إبراهيم الحمد-دار الوطن-الرياض-ط2(1416).

2/ الإيمان بالقضاء والقدرلـ د عبدالسلام التونجي-جمعية الدعوة الاسلامية-ليبيا-ط2(1426).

3/الإيمان بالقضاء والقدر وأثره على القلق النفسي -طريفة الشويعر-دار البيان العربي-جدة.

4/آراء ابن حجر الهيتمي الاعتقادية -محمد الشايع-دار المنهاج-الرياض-ط1(1427).

5/شرح العقيدة الواسطية للشيخ ابن عثيمين-ت سعد الصميل- ابن الجوزي –الدمام-ط4(1417).

6/ شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي- ت أحمد بن حمدان-دار طيبة الرياض.

7/ شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل – لابن القيم الجوزية-ت الحساني حسن عبد الله-دار التراث القاهرة.

8/القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة ومذاهب الناس فيه- د عبدالرحمن المحمود-دار الوطن الرياض-ط2(1418).

9/معجم التعريفات والضوابط والتقسيمات والفوائد في المصنفات الإعتقادية ..ابن عثيمين-جمع أبو الأشبال المصري-مكتبة ابن تيمية- الامارات-ط1(1427).

——————————————————————————–

([1])انظر شفاء العليل لابن القيم ص/3

([2])شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي، ج/2، ص/704-705.

([3])سورة القمر ، أية 49-50.

([4])رواه الترمذي ، باب ماجاء أن الإيمان بالقدر خيره وشره (ح2144).

([5]) آراء ابن حجر الهيتمي الاعتقادية لمحمد الشايع ،ص 572.

([6]) معجم التعريفات والضوابط والتقسيمات والفوائد لابن عثيمين ص338-339

([7]) شرح العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام، شرح/ ابن عثيمين ، ص189.

([8]) المصدر السابق، ص189

([9])المصدر السابق، ص189

([10]) المصدر السابق، ص190 .

([11]) الإيمان بالقضاء والقدر لمحمد الحمد ، تقديم الشيخ ابن باز ، ص31.

([12]) المصدر السابق ، ص31.

([13]) المصدر السابق ، ص32.

([14]) المصدر السابق ، ص32.

([15]) المصدر السابق ، ص32.

([16]) المصدر السابق ، ص33.

([17])سورة التغابن ، آية 11.

([18]) المصدر السابق ، ص33.

([19]) المصدر السابق ، ص33.

([20])سورة التوبة ، آية 51.

([21]) المصدر السابق ، ص34.

([22]) المصدر السابق ، ص34.

([23]) المصدر السابق ، ص 34.

([24]) المصدرالسابق، ص 34.

([25]) المصدر السابق ، ص35

([26]) المصدر السابق ، ص 35

([27]) المصدر السابق ، ص 35.

([28])انظر المصدر السابق ص 36، و الموقع الرسمي للشيخ الدكتور صالح الفوزان.

([29]) سورة الطلاق ،آيه 3.

([30]) الإيمان بالقضاء والقدر لمحمد الحمد ، ص36.

([31]) المصدر السابق ، ص 36.

([32])انظر الإيمان بالقضاء والقدر لمحمد الحمد ، ص36 والإيمان بالقضاء والقدر لطريفة الشويعر،ص73.

([33]) سورة البقرة ،آيه 216.

([34]) الفوائد (136).

([35]) الإيمان بالقضاء والقدر لمحمد الحمد ، ص37.

([36]) المصدر السابق ، ص 37

([37]) المصدر السابق ، ص 37.

([38]) المصدر السابق ، ص37.

([39]) سورة البقرة ، آيه 216.

([40]) الإيمان بالقضاء والقدر لمحمد الحمد ، ص38.

([41]) انظر المصدر السابق ص 39، والإيمان بالقضاء والقدر لطريفة الشويعر ، ص 71.

([42]) أخرجه مسلم –كتاب القدر-باب اإيمان بالقدر والاذعان له(ح6774).

([43]) أخرجه الترمذي – أبواب الزهد- باب ماجاء في الصبر على البلاء(ح2396).

([44])انظر دع القلق وأبدأ الحياة لديل كارنجي مقالة بعنوان "عشت في جنة الله"نقلا عن –الايمان بالقضاء والقدر وأثره على القلق النفسي- طريفة الشويعر(74-75).

([45])هو إبراهيم بن اسحاق الحربي ، كان إماما زاهدا ولد سنة 198هـ وتوفي ببغداد سنة 285هـ

([46])انظر القضاء والقدر في ضوء الكتاب والسنة ومذاهب الناس فيه للدكتور عبدالرحمن المحمود ،ص 474

([47])انظر المصدر السابق ، ص457.

([48]) سورة التغابن ، آية 11.

([49])سورة الأنعام،آية (148).

بالتوفيق إنشاء الله


❤ тнаиќ џоu ❤



يسلموووو

لا الـــه الا الله