التصنيفات
الصف الحادي عشر

العولمة للصف الحادي عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

العولمة هي مصطلح يشير المعنى الحرفي له إلىتلك العملية التي يتم فيها تحويل الظواهر المحلية أو الإقليمية إلى ظواهر عالمية.ويمكن وصف العولمة أيضًا بأنها عملية يتم من خلالها تعزيز الترابط بين شعوب العالمفي إطار مجتمع واحد لكي تتضافر جهودهم معًا نحو الأفضل. تمثل هذه العملية مجموعالقوى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية.وغالبًا ما يستخدم مصطلح "العولمة" للإشارة إلى العولمة الاقتصادية؛ أيتكامل الاقتصاديات القومية وتحويله إلى اقتصاد عالمي من خلال مجالات مثل التجارةوالاستثمارات الأجنبية المباشرة وتدفق رؤوس الأموال وهجرة الأفرادوانتشار استخدام الوسائل التكنولوجية.كتبت "ساسكياساسن" أن "من مزايا العولمة أنها كظاهرة تشتمل في حد ذاتهاعلى تنوع كبير من مجموعة من العمليات الصغيرة التي تهدف إلى نزع سيطرة الدول علىكل ما أسس فيها ليكون قوميًا – سواء على مستوى السياسات أو رأس المال أو الأهدافالسياسية أو المناطق المدنية والحدود الزمنية المسموح بها أو أي مجموعة أخرىبالنسبة لمختلف الوسائل والمجالات". كذلك، فقد جاء عن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لدول غرب آسياالتابعة للأمم المتحدة والمعروفة باسم "الاسكوا"أن مصطلح العولمة أصبح واسع الانتشار والاستخدام الآن؛ حيث يمكن أن يتم تعريفهبالكثير من الطرق المختلفة. فعندما يتم استخدام مصطلح "العولمة" فيسياقه الاقتصادي، فإنه سيشير إلى تقليل وإزالة الحدود بين الدول بهدف تسهيل تدفقالسلع ورءوس الأموال والخدمات والعمالة وانتقالها بين الدول، على الرغم من أنه لاتزال هناك قيود كبيرة مفروضة على موضوع تدفق العمالة بين الدول. جدير بالذكر أنظاهرة العولمة لا تعد ظاهرة جديدة. فقد بدأت العولمة في الانتشار في أواخر القرنالتاسع عشر، ولكن كان انتشارها بطيئًا في أثناء الفترة الممتدة ما بين بداية الحربالعالمية الأولى وحتى الربع الثالث من القرن العشرين. ويمكن أن يرجع هذا البطء فيانتشار العولمة إلى اتباع عدد من الدول لسياسات التمركز حول الذات بهدف حمايةصناعاتها القومية الخاصة بها. ومع ذلك، فقد انتشرت ظاهرة العولمة بسرعة كبيرة فيالربع الرابع من القرن العشرين…". [3]من ناحية أخرى، يعرف "تومجي بالمر" (TomG. Palmer) في معهد كيتوCato Institute بواشنطنالعاصمة، العولمة بأنها عبارة عن "تقليل أو إلغاء القيود المفروضة من قبلالدولة على كل عمليات التبادل التي تتم عبر الحدود وازدياد ظهور النظم العالميةالمتكاملة والمتطورة للإنتاج والتبادل نتيجة لذلك". [4]أما "توماسإل فريدمان" (ThomasL. Friedman) فقد تناول تأثير انفتاح العالم على بعضه البعض في كتابه"العالم المسطح" وصرح بأن الكثير من العوامل مثل التجارة الدوليةولجوء الشركات إلىالمصادر والأموال الخارجية لتنفيذ بعض أعمالهاوهذا الكم الكبير من الإمدادات والقوى السياسية قد أدت إلى دواماستمرار تغير العالم من حولنا إلى لأفضل والأسوأ في الوقت نفسه. كذلك، فقد أضاف أنالعولمة أصبحت تخطو خطوات سريعة وستواصل تأثيرها المتزايد على أساليب ومؤسسات مجالالتجارة والأعمال.[5]ذكر العالم والمفكر "ناعوم تشومسكي" (Noam Chomsky) أن مصطلح العولمة قد أصبح مستخدمًاأيضًا في سياق العلاقات الدولية للإشارة إلى شكل الليبرالية الجديدة للعولمةالاقتصادية.[6] ذكر "هيرمانإيه دالي" (HermanE. Daly) أنه أحيانًا ما يتم استخدام مصطلحي "العولمة"و"التدويل" بالتبادل على الرغم من وجود فرق جوهري بين المصطلحين. فمصطلح"التدويل" يشير إلى أهمية التجارة والعلاقات والمعاهدات الدولية وغيرهامع افتراض عدم انتقال العمالة ورءوس الأموال بين الدول بعضها البعض.

الخلفية التاريخية للعولمة

لقد استخدمعلماء الاقتصاد مصطلح "العولمة" منذ ثمانينيات القرن العشرين علىالرغم من أنه كان مستخدمًا في العلوم الاجتماعية في ستينيات القرن العشرين. ومعذلك، فإن مبادئ وأفكار العولمة لم تنتشر حتى النصف الثاني من ثمانينيات وتسعينياتالقرن العشرين.

تم وضعالمبادئ والأفكار النظرية الأولى للعولمة على يد الأمريكي "تشارلز تيز راسيل" (CharlesTaze Russell) الذي أصبح قسًا بعد أن كان رأسماليًا وصاحب شركات، كما أنه يعدأول من توصل إلى مصطلح "الشركات العملاقة" في عام 1897. [7][8] تعتبر العولمة بمثابة عملية تمتد عبرالعديد من القرون وتتأثر بنمو السكانومعدلات ازدهار الحضارة والتي زادت بشكل كبير على مدار الخمسين سنة الماضية.

تمثلت أولىأشكال العولمة في أثناء وجود الإمبراطوريةالرومانيةوالإمبراطوريةالساسانيةوأسرة هان الحاكمة في الصين التي عملت علىتوحيد أقطار الصين والاهتمام بالآداب والفنون عندما بدأ البشر يعرفون طريق التجارةالمعروف باسم "سيلكرود" الذي يصل إلى حدود بلاد فارس ويستمر في اتجاه روما. كذلك،يعد العصرالذهبي الإسلامي مثالاً واضحًا على انتشار العولمة؛ وخاصةً عندما أسس المستكشفونوالتجار المسلمون أول نظام اقتصادي عالميفي العالمالقديم، مما ترتب عليه انتشار العولمة في الكثير من المجالات مثل المحاصيلالزراعية والتجارة والعلم والمعرفة والتكنولوجيا. كذلك، فإنه لاحقًا فيأثناء سيادة الإمبراطورية المغولية، حدث تكامل كبير بينالدول الواقعة على طول طريق التجارة "سيلكرود" الرابط بين الصين والإمبراطورية الرومانية. وقد بدأت العولمةفي الانتشار بشكل أكبر قبل أنقضاء القرن السادس عشر مباشرة عند تأسيس مملكتي شبه جزيرة أيبيريامملكةالبرتغالومملكة قشتالة. عملت الرحلات الاستكشافية للكثير مندول العالم والتي أشرفت عليها دولة البرتغال في القرن السادس عشر على ربط القارات والاقتصادياتوالحضارات بشكل كبير على وجه الخصوص. تعتبر رحلات التجارة والرحلات الاستكشافيةالتي أشرفت عليها البرتغال في معظم دول ساحل أفريقيا وجنوب شرق أمريكا وشرق وغرب آسيامن أولى صور رحلات التجارة الكبرى التي قامت على العولمة. وبعدها، استطاعتالبرتغال القيام بالعديد من رحلات التجارة عبر مختلف دول العالم واستعمار العديد من الدول ونشر ثقافتهابها. استمر هذا التكامل بين دول العالم من خلال ازدياد توسع التجارة الأوروبية فيالقرنين السادس عشر والسابع عشر عندما استطاعت كل من الإمبراطورية الإسبانية والبرتغاليةاستعمارأمريكا بعد استعمار فرنسا وإنجلترا لها.جدير بالذكر أن للعولمة تأثيرًا كبيرًا على الثقافاتوالحضارات وخاصة الحضارات المتأصلة في بلادها عبر أنحاء العالم. لقد كانت شركةغينيا Company of Guinea التي أنشأتها البرتغال في غينيا في القرن الخامس عشر من أولىالشركات التجارية بالمعنى القانوني المعروف اليوم والتي أسسها الأوروبيون في قارةأخرى في أثناء عصراستكشاف الدول والقارات؛ حيث تمثلت مهمتها في تجارة التوابل وتثبيت أسعار السلع والبضائع. أما في القرن السابع عشر،أصبحت العولمة ظاهرة تجارية عندما تم تأسيس شركة الهند الشرقية البريطانية (British East India Company) (عام 1600) -والتي غالبًا ما يتم وصفها بأنها من أولى الشركات متعددة الجنسيات – وكذلك عندما تمتأسيس شركة الهند الشرقية الهولندية (Dutch East India Company) (عام 1602) وشركة الهند الشرقية البرتغالية (Portuguese East India Company) (عام 1628).وبسبب الاحتياجات المالية والاستثمارية الكبيرة فضلاً عن المخاطر العالية التياكتنفت مجال التجارة الدولية، أصبحت شركة الهند الشرقية البريطانية الشركة الأولىفي العالم لمشاركة المخاطر وإتاحة الملكية المشتركة للشركات من خلال إصدار الأسهم،الأمر الذي مثل عاملاً مهمًا للتشجيع على انتشار العولمة. تحقق انتشار العولمة منجانب الإمبراطورية البريطانية (أكبر إمبراطوريةعرفها التاريخ) بفضل كبر مساحتها ونفوذها. وقد استطاعت بريطانيا فرض أفكارهاوثقافتها الخاصة بها على الدول الأخرى في أثناء تلك الفترة. أحيانًا ما يطلق علىالقرن التاسع عشر "العصر الأول للعولمة". فقد اتسم هذا القرن بتزايدازدهار التجارة الدولية والاستثمار بين القوى الاستعمارية الأوروبية ومستعمراتهاولاحقًا بين الولايات المتحدة الأمريكية. وفي أثناء تلك الفترة الزمنية برزت بعضالمناطق على خريطة العالم وأصبح لها دور في النظام العالمي؛ مثل تلك المناطقالواقعة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا وكذلك جزر المحيط الهادي. وقد بدأ"العصر الأول للعولمة" في الاضمحلال مع بداية القرن العشرين عند اندلاعالحرب العالمية الأولى. )

لقد انتهى"العصر الأول للعولمة" في أثناء حدوث أزمةقاعدة الذهب والكسادالكبير في الولايات المتحدة الأمريكية والذيكان في أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من القرن العشرين.

ومع حلولالقرن الحادي والعشرين، شهدت الكثير من الدول الصناعية في العالم فترة كساد وركود كبيرة.[10] وقد صرح بعض المحللين أن العالمسيشهد فترة لن يتم فيها السعي وراء تحقيق العولمة بعدالمرور بسنوات من ازدياد التكامل الاقتصادي بين مختلف الدول.

مع أنالأزمة المالية قد دمرت ما يقرب من 45 في المائة من الثروة العالمية فيمالا يزيدعن عام ونصف تقريبًا.

العولمة في العصر الحديث

تعدالعولمة منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية نتيجة بارزة لتخطيط القادة السياسيينالهادف إلى إزالة الحدود التي تعرقل التجارة بين الدول سعيًا وراء زيادة معدلاتالرخاء الاقتصادي واعتماد الدول على بعضها البعض؛ وبذلك تقل فرصة وقوع أي حروب فيالمستقبل. وقد أدت مساعي هؤلاء القادة السياسيين إلى عقد مؤتمربريتون وودز والتوصل إلى اتفاقية من قبل الساسة البارزين في العالملوضع إطار محدد بالنسبة للشئون المالية والتجارية الدولية وتأسيس العديد منالمؤسسات الدولية للإشراف على تطبيق العولمة كما يجب. وتتضمن هذه المؤسسات الدوليةالبنك الدولي للإنشاء والتعمير (المعروف اختصارًا باسم البنك الدولي) وصندوق النقد الدولي. وقد تم تسهيل تطبيق العولمةبالاستعانة بما تم التوصل إليه من تقدم تكنولوجي، والذي عمل على تقليل تكاليفالتجارة والجولات الخاصة بمفاوضات التجارة تحت رعاية الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة(الجات)، والتي أدت إلى التوصل إلى مجموعة من الاتفاقيات لإزالة الحواجز والمعوقاتالمفروضة على التجارةالحرة.

لقد تمتقليل الحواجز التي تعترض التجارة الدولية بشكل كبير منذ اندلاع الحرب العالميةالثانية من خلال العديد من الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية الجات. وقد تم تنفيذمبادرات خاصة كنتيجة للتوصل إلى اتفاقية الجات؛ حيث تم الاتفاق وقتئذٍ على إنشاء منظمةالتجارة الدولية، على أن تكون اتفاقية الجات هي الأساس لإنشائها في هذاالصدد. وقد تضمنت هذه المبادرات ما يلي:

تعزيز التجارة الحرة باتباع الآتي:
إلغاء التعريفات الجمركية وإقامة مناطق للتجارة الحرة بتعريفة بسيطة أو دون تعريفة على الإطلاق
تقليل تكاليف النقل وخاصة الناتجة عن تطور عمليات نقل البضائع بحاويات الشحن البحري
تخفيف أو إلغاء الضوابط والقيود المفروضة على رءوس الأموال
تقليل أو منع أو تنسيق صرف الإعانات المالية بالنسبة للشركات المحلية
تخصيص إعانات مالية للشركات العالمية
تنسيق القوانين الخاصة بالملكية الفكرية عبر معظم الدول مع فرض المزيد من الضوابط عليها
الاعتراف دوليًا بتطبيق الضوابط المفروضة على الملكية الفكرية بشكل يتخطى الحدود والسلطات القومية (على سبيل المثال، يتم الاعتراف في الولايات المتحدة الأمريكية بصلاحية براءات الاختراع التي تمنحها الصين.)
</ul>
إن العولمةالثقافية – التي سادت في العالم بفضل تكنولوجيا الاتصالات والتسويق العالمي لمختلفمجالات الثقافة الغربية – تم إدراكها في البداية كعملية تهدف إلى تحقيق التجانسبين الثقافات؛ حيث اتضح جليًا مدى هيمنة الثقافة الأمريكية في العالم على حسابالتنوع التقليدي للثقافات الأخرى. وعلى الرغم من ذلك، فإنه سرعان ما ظهر تيار مضادوأصبح واضحًا مع ظهور تلك الحركات المناهضة للعولمة والتي أعطت المزيد من الاهتمامإلى الدفاع عن مبادئ التميز المحلي والتأكيد على الفردية والهوية الذاتية ولكن دونجدوى.[14]

إن مفاوضاتجولةأوروجواي (المنعقدة من عام 1986 إلى عام 1994) [15]أدت إلى التوصل إلى اتفاقية بتأسيس منظمة التجارة الدولية لتهدئة الصراعاتالتجارية ووضع برنامج موحد للتجارة. أما عن الاتفاقات التجارية الثنائية ومتعددةالأطراف الأخرى – والتي تتضمن بنودًا من معاهدة ماستريخت واتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية – فقد تم توقيعها أيضًا بهدف تقليلالحواجز وخفض التعريفات الجمركية على الأنشطة التجارية. من ناحية أخرى، ترتبطالصراعات العالمية – مثل الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة الأمريكية فيالحادي عشر من سبتمبر – بمدى انتشار العولمة؛ نظرًا لأنها مثلت الدافعالأولي للحرب على الإرهاب في العالم، الأمر الذي أدى إلى تلك الزيادة المستمرة فيأسعار البترول والغاز بسبب أن معظم الدول الأعضاء في منظمةالأوبك من الدول الواقعة في شبه الجزيرة العربية. [16]جدير بالذكر أن نسبة الصادرات العالمية قد ارتفعت من 8.5 في المائة من إجماليالناتج العالمي في عام 1970 إلى 16.1 في المائة من إجمالي الناتجالعالمي في عام 2022.

معايير تحديد مستويات العولمة

يعد افتتاح سلسلة مطاعم ماكدونالدزللوجبات السريعة في اليابان دليلاً على التكامل العالمي.

إذا مانظرنا إلى العولمةالاقتصادية على وجه الخصوص، فإنه سيتضح لنا إمكانية تحديد مستويات لهابعدة طرق مختلفة. وهذه الطرق تتمركز حول أربعة تدفقات اقتصادية رئيسية تتسم بهاالعولمة وسيرد ذكرها فيما يلي:

السلع والخدمات: على سبيل المثال الصادرات والواردات التي تمثل نسبة من الدخل القومي بالنسبة لكل فرد من السكان
العمالة/الأفراد: على سبيل المثال معدلات الهجرة الصافية ومعدلات تدفق الهجرة الداخلية والخارجية وحسابها من جملة السكان
رءوس الأموال: على سبيل المثال، الاستثمارات المباشرة الداخلية والخارجية كنسبة من الدخل القومي بالنسبة لكل نسمة
التكنولوجيا: على سبيل المثال، جوانب البحوث والتطوير الدولية ومعدلات التغير المرتبطة بعدد السكان واستخدام اختراعات تكنولوجية معينة (وخاصة التكنولوجيا الحديثة وما صاحبها من تقدم هائل مثل التليفون والسيارة والشبكات عالية السرعات)

بما أنالعولمة لا تعد ظاهرة اقتصادية فحسب، فإن الأسلوب متعدد المتغيرات المستخدم لتحديدمستويات العولمة يتمثل في ذلك المؤشر الذي تم التوصل إليه من قبل المجموعاتوالمعاهد البحثية بسويسرا KOF. ويقوم هذاالمؤشر بتحديد ثلاثة أبعاد رئيسية للعولمة، ألا وهي البعد الاقتصادي والبعدالاجتماعي والبعد السياسي. بالإضافة إلى وجود هذه المؤشرات الثلاثة التي تعمل علىتحديد هذه الأبعاد، فإنه يتم حساب مؤشر كلي للعولمة وغيره من المؤشرات الفرعيةالمشيرة إلى التدفقات الاقتصادية الفعلية والقيود الاقتصادية والبيانات الخاصةبالاتصالات الشخصية وتدفقات المعلومات ومدى التقارب الثقافي. وفي هذا الصدد، تتوفرالبيانات على أساس سنوي بالنسبة لمائة واثنتين وعشرين دولة كما هو موضح في Dreher, Gaston and Martens (2017).[17]وطبقًا لهذا المؤشر، فإن أكثر الدول تأثرًا بالعولمة هي بلجيكا يليها النمسا والسويد والمملكة المتحدة وهولندا. أما أقل الدول تأثرًا بالعولمة – طبقًا لمؤشر KOF – فهي: هاييتي وميانمار وجمهورية أفريقيا الوسطى وبوروندي.[18] قامت مجلة Foreign Policy بالاشتراك مع فريق الخبراء الدولي A.T. Kearney بنشر مؤشر آخر للعولمة لتحديد مستوياتها ومدى تأثر الدول بها.وطبقًا لمؤشر عام 2022، اعتبرت كل من سنغافورة وأيرلندا وسويسرا وهولندا وكنداوالدانمارك من أكثر الدول تأثرًا بالعولمة، بينما جاءت كل من إندونيسيا والهند وإيرانلكي تكون أقل الدول تأثرًا بالعولمة بين هذه الدول.

آثار العولمة

للعولمةالعديد من الجوانب التي تؤثر على العالم بأكمله بعدة طرق مختلفة منها:

على المستوى الصناعي : إنشاء أسواق إنتاج عالمية وتوفير المزيد من السهولة بصدد الوصول إلى عدد كبير من المنتجات الأجنبية بالنسبة للمستهلكين والشركات، فضلاً عن سهولة انتقال الخامات والسلع داخل الحدود القومية وبين الدول بعضها البعض. [بحاجة لمصدر]
على المستوى المالي : إنشاء الأسواق المالية العالمية وإتاحة مزيد من السهولة واليسر بصدد حصول المقترضين على التمويل الخارجي. ولكن مع نمو وتطور هذه الهياكل العالمية بسرعة تفوق أي نظام رقابي انتقالي، زاد مستوى عدم استقرار البنية التحتية المالية العالمية بشكل كبير – وهو ما اتضح جليًا في الأزمة المالية التي حدثت في أواخر عام 2022. [بحاجة لمصدر]
على المستوى الاقتصادي : إنشاء سوق عالمية مشتركة تعتمد على حرية تبادل السلع ورءوس الأموال. وعلى الرغم من ذلك، فإن ترابط هذه الأسواق يعني أن حدوث أي انهيار اقتصادي في أية دولة قد لا يمكن احتواؤه. [بحاجة لمصدر]
على المستوى السياسي : استخدم بعض الأشخاص مصطلح "العولمة" للإشارة إلى تشكيل حكومة عالمية تعمل على تنظيم العلاقات بين الحكومات وتضمن الحقوق المترتبة على تطبيق العولمة الاقتصادية والاجتماعية. فمن الناحية السياسية، تتمتع الولايات المتحدة الأمريكية بمركز قوة كبير بين قوى العالم أجمع بسبب قوة اقتصادها وما لديها من ثروة وفيرة. ومع تأثير العولمة وبمساعدة اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، استطاعت جمهورية الصين الشعبية أن تشهد تطورًا ونموًا كبيرًا في غضون العقد الماضي. وإذا ما واصلت الصين هذا النمو بمعدل مخطط له لمواكبة الاتجاهات الاقتصادية، فإنه من المحتمل جدًا في غضون العشرين عامًا القادمة أن تحدث حركة كبرى لإعادة توزيع مراكز القوة بين قادة العالم. وسوف تتمكن الصين من امتلاك الثروة الكافية والتمتع بازدهار المجال الصناعي بها واستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية لكي تنافس الولايات المتحدة الأمريكية على زعامة العالم.[19]
على المستوى المعلوماتي : زيادة كم المعلومات الذي يمكن انتقاله بين المناطق البعيدة من الناحية الجغرافية. ومع أن هذا الأمر يعد مثار الجدل والنقاش، فإنه يعتبر بمثابة تغير تكنولوجي مصحوبًا بظهور وسائل الاتصال المعتمدة على الألياف البصرية والأقمار الصناعية وإتاحة التواصل عن طريق الهاتف والإنترنت بشكل كبير.
على المستوى اللغوي : تعتبر اللغة الإنجليزية هي الأكثر انتشارًا وتداولاً في العالم أجمع كما يلي:[20]
تتم كتابة حوالي 35 في المائة من رسائل البريد والتليكس والتلغراف باللغة الإنجليزية.
تتم إذاعة 40 في المائة تقريبًا من برامج الراديو في العالم باللغة الإنجليزية

الملفات المرفقة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته’’

يزاك ربي الف خير اخوي’’

وتسلم يمناك’’

ما قصرت,,موفق’’

هلا هلا اخوي

ما شاء الله ما قصرت بارك الله فيك

تفيد اخوانك
نتريا المزيد منك

مشكوووور ما تقصر

فميزان حسناتك ..

لا الـــه الا الله

التصنيفات
الارشيف الدراسي

بحث عن العولمة .وموقف الإسلام منها -للتعليم الاماراتي

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

لحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين… أما بعد:
فإن الدراسات المتعلقة بالمستقبل، أصبحت تشغل الجامعات ومراكز البحث في العالم أكثر من أي وقت مضى. ولم يعد القائمون على التخطيط للتنمية والاستثمار يقفون عند دراسة التاريخ في الماضي والتفكر في الحاضر، ولكنهم إضافة إلى هذا يستشرفون المستقبل باحثين عن بدائل احتمالاته وإعداد العدة للتعامل معها. ونتيجة لهذا، فإنهم يحسنون استثمار الزمن أولاً، كما يحسنون استثمار الطاقات البشرية والمادية، على السواء.
ومن أهم ما يطل على الساحة العالمية، ويشغل بال علماء الاقتصاد والاجتماع والتربية والسياسة في الوقت الحاضر ما يشار إليه ب "العولمة". وهي توجه جديد يبدو أنه سينضمّ إلى جملة المؤثرات المعاصرة على مستقبل العالم بعامة والعالم الإسلامي بخاصة.
لذلك، لا بد أن يكون الحديث عن "موقف الإسلام من العولمة في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والسلام والأمن". ويقتضي المنهاج العلمي أن أبدأ بتحديد مفهوم "العولمة"، وهو مفهوم لم يتفق عليه بعد بين العلماء والباحثين. ومن ثم فإنني سوف أجتهد في تحديد هذا المفهوم، مشيراً إلى أن اجتهادات المثقفين تختلف بالنسبة للعولمة المعاصرة.
فنجد فريقاً يراها – بما امتطت من تقانة متقدمة وإعلام غلاّب – تهدد هويتنا، ومن ثم ينبغي أن توصد الأبواب والنوافذ دونها، وأن نرفضها كلا وتفصيلاً.
ويرى فريق آخر أنها بشير تقدم ورقي. وكيف لا وهي آتية من مجتمعات متقدمة، وتمتطي أحدث ما وصل إليه العصر من أساليب الاتصال وتقانته، ومن ثم ينبغي أن نفتح لها الأبواب والنوافذ، وأن نغتنم الفرصة بالأخذ بمعطياتها لإفادة الأمة الإسلامية من ثمراتها.
وهناك فريق ثالث يرى أن نأخذ منها المفيد ونتقي شر ما تأتي به من مثالب. وأمام هذه الرؤى المختلفة والمتعارضة – أحياناً – نرى أهمية فتح حوار عن العولمة، لعلنا نصل فيها إلى كلمة سواء.
أولاً: مفهوم العولمة:
سوف نعرض هنا مفهومين للعولمة:
الأول: أشير إليه بمفهوم "العولمة كما ينبغي أن تكون" وهو تصور للعولمة التي يتكافأ فيها الشمال مع الجنوب.
الثاني: أسميه "المفهوم المعاصر للعولمة" وسوف أحاول استقراءه من واقع التطبيق الفعلي المعاصر للعولمة.
أ- مفهوم العولمة كما ينبغي أن يكون:
يمكن فهم "العولمة" – على وجه العموم – من الناحية الاصطلاحية بأنها حركة تهدف إلى تعميم تطبيق أمر ما على العالم كله.
فمثلاً عبارة "عولمة تنقية البيئة" تعني جعل البيئة في جميع أنحاء العالم، بيئة نظيفة ومناسبة، لأن تحيا الكائنات الحية فيها حياة صحية. وتعني عبارة "عولمة الاقتصاد" جعل الاقتصاد في جميع أنحاء العالم يتبع النظام نفسه، ويطبق الأساليب ذاتها، ويستخدم آليات بعينها، لصالح جميع الشعوب دون تمايز بينها. وتعني عبارة "عولمة السلام" أن تتعاون جميع الدول لحفظ السلام في العالم، كما تتعاون على قتال المعتدين. وهذا المفهوم يستتبع استفساراً مهما عن إجراءات الأخذ بهذه العولمة. فهل تتبنى مختلف دول العالم هذه "العولمة" اختيارًا، بمعنى أنها تستشار في صياغة أسسها، وتخطيط أساليبها، وتحديد آلياتها، وأنها تتمتع بالحرية المطلقة في قبولها أو رفضها في النهاية؟ إذا كانت إجابة الأسئلة السابقة "نعم" فإن العولمة حين تسود جميع دول العالم، فإنّ هذا يكون بناء على اختيار حر وإرادة مستقلة منها. وتكون العولمة بذلك ظاهرة صحية.
ويمكن تطوير مفهومها ليكون: حركة قامت على اختيار جميع دول العالم اختياراً حراً، لتعميم تطبيق أمر ما عليها جميعاً، دون تمايز بينها.
وحيث إن العلم الحديث والتقانة المتقدمة هما مطية العولمة، ومع مراعاة التعددية الثقافية والخصوصية الدينية والحضارية للشعوب، وسعياً إلى تحقيق الأمن والرفاه والسلام للجميع، يمكن أن ننتهي إلى تحديد مفهوم "العولمة كما ينبغي أن تكون" على النحو التالي:
توظيف التقدم العلمي التقاني المعاصر، لتحقيق الأمن والسلام العالميين، والسعي لتحقيق الرفاه لجميع دول العالم، وبناء علاقات هذه الدول على أساس التعامل مع التعددية الثقافية، والخصوصية الدينية والحضارية.
ب- مفهوم العولمة المعاصرة:
باستقراء التاريخ يتبين أن العولمة المعاصرة ليست جديدة، ولا هي وليدة وقتنا الحاضر. فهي ظاهرة نشأت مع ظهور الإمبراطوريات في القرون الماضية. ففي السابق حاولت الإمبراطوريات -مثل الإمبراطورية الرومانية والإمبراطورية الفارسية- أن تصبغ الشعوب التي تبسط نفوذها عليها بثقافتها، وتسعى لترسيخ هذه الثقافة في مختلف جوانب حياة هذه الشعوب. وقد عملت هذه الإمبراطوريات لتوجيه قيم هذه الشعوب وتقاليدها وحضارتها، وفق أنماط الحياة التي تريدها. فكانت هذه الخطوة نحو العولمة.
وقد لبست هذه العولمة عدة أثواب أخرى، منها الثوب العسكري ومنها الاستعمار، ومنها استنزاف الموارد، فقد قام الشمال باحتلال بلاد الجنوب متعللاً بشتى الأسباب، وعن طريق هذا الاحتلال تحكم في مقدرات البلاد واستنزاف مواردها، وغرس ثقافته فيها، وكانت هذه خطوة أخرى نحو العولمة. واليوم، وقد تفوق الشمال على الجنوب بما حاز من علم وتقانة، وبما امتلك من وسائل الدمار الشامل، أصبح الشمال مصدر الإنتاج في مختلف المجالات، وأصبح الجنوب مستهلكاً لهذا الإنتاج. ولكي يقنن الشمال هذه العلاقة، أطلق نداءه بالعولمة وأخذ بأسباب تحقيقها في مختلف الميادين. وينظر البعض إلى العولمة المعاصرة، بأنها:
آليات اقتصادية وأسواق عالمية، وجدت إطارها المقنن في اتفاقية التجارة العالمية، التي تضع الاقتصاد أمام الإنسان، وتهدر سيادة الدولة ومصلحة الفرد لحساب السيطرة الاقتصادية، ومن ثم فلابد من أن تتصادم مع التراث الثقافي لمختلف الشعوب، نظرا إلى أنها تنزع إلى صياغة ثقافة كونية تهدد الخصوصية الثقافية للمجتمعات.
وينظر آخرون إلى العولمة المعاصرة بأنها:
هيمنة المفهوم الغربي، الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي، على العالم. ومن ثم فإنها تفرض على الآخرين – ليس فقط ما يتعلق بتخطيط التنمية، وإنشاء البنى التحتية والخدمات الأساسية – ولكن تتعدى هذا إلى البنى الثقافية والحضارية.
ومن هنا يمكن أن يحدد مفهوم العولمة المعاصرة بأنه:
سعي الشمال عن طريق تفوقه العلمي والتقني للسيطرة على الجنوب تربوياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، بدعوى مساعدته على التنمية الشاملة وتحقيق العدالة في الاستثمار والرفاه للجميع.
وعلى الرغم من أن هذا التعريف يوضح النظرة الاستغلالية للشمال، إلا أن هناك أساليب كثيرة – لا يتسع المجال لذكرها – يمكن أن يستفيد بها الجنوب من العولمة. فعلى سبيل المثال يمكنه الاستفادة من معطيات التقدم العلمي التقاني الذي تستخدمه العولمة، في توسيع خطواته نحو التقدم. كما يمكنه أن يستنهض قدراته الذاتية، وأن تتضامن مجتمعاته في مواجهة تحدياتها، وفي توجيه القرارات الدولية الوجهة السليمة.

ثانياً: النظام السياسي بين الشورى والديمقراطية:
إن هدف العولمة المعاصرة، هو التمكين للنظام الديمقراطي على النمط الغربي، من حيث الأخذ بالتعددية، وإعطاء فرص لحرية التعبير، وإبداء الرأي من خلال قنواته. والنظام الديمقراطي كما يطبقه دعاة العولمة عليه مآخذ كثيرة، منها أنه في غالب الأحوال لا يمكن من الحكم إلا لفئة معينة، ويتحكم في الانتخابات فيه: رأس المال، والقبلية والنزعات العرقية والعنصرية والنفوذ، وتؤثر في مصداقيته الأمية والدعم الإعلامي.
ولإضفاء الشرعية على إقحام الديمقراطية الغربية في حياة الشعوب الأخرى، ادعى الغرب أن عدم تطبيقها فيه جور على حقوق الإنسان، وحقوق الأقليات. ولا شك أن "حقوق الإنسان" يمكن أن تقرب بين دول العالم، إذا طبقت بموضوعية وتجرد. ولكن حقوق الإنسان – كما يطبقها دعاة العولمة – لم تراع الخصوصية الدينية والثقافية والأعراف الصحيحة للمجتمعات، بل أصبحت وسيلة للتحيز المقيت. فعلى سبيل المثال، حقوق الإنسان – كما تطبق في العولمة – لا تساوي بين حقوق الإنسان الفلسطيني أو البوسني أو الألباني، وحقوق الإنسان اليهودي أو الصربي، كما تسمح في ظل العولمة بالتحيز ضد يهود الشرق في إسرائيل، ولكنها لا تسمح بمقاومة المنحرفين عن نظام المجتمع في الكثير من بلدان العالم.
وبالنسبة لنا نحن المسلمين، فإن لدينا الأفضل والأنسب لحياة البشر جميعاً، وهو نظام الإسلام الذي يقوم الحكم فيه على الشورى والعدل وتطبيق شرع الله. والشورى وسيلة للوصول إلى الرأي الأصوب لأنه رأي الجماعة. والجماعة هنا لا يقصد بها الأغلبية المطلقة، كما هو الحال في النظام الديمقراطي الذي يعتمد على الأغلبية العددية وحدها، ولكن المقصود بالجماعة هنا الجماعة المؤهلة للاستشارة. ومن أهم ما ينبغي أن يتوافر في هؤلاء أن يكونوا ممن يتقون الله في القول والعمل ولا يخشون أحداً إلا إياه، ويعملون على تحقيق منهاجه في الأرض، وأن يكونوا ممن لديهم العلم والخبرة الكافية، فيما يستشارون فيه.
وبناءًا عليه فإن المستشار في الإسلام يصدق الحاكم القول. أما عن مدى صواب ما يشير به، فعلمه وخبرته يؤهلانه – بعد توفيق الله – للوصول إلى الصواب. ومع ذلك فهو بشر يخطئ ويصيب، ولكنه يتحرى الصدق والصواب في كل حال. وجماعة الشورى يذكر بعضهم بعضا، ويتناصحون ويتحاورون ويرجعون إلى الكتاب الكريم والسنة المطهرة فيما استشكل عليهم من أمور. قال الله سبحانه وتعالى عن المسلمين: وأمرهم شورى بينهم (الشورى 38)، وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: وشاورهم في الأمر (آل عمران، 159).
وفي التاريخ الإسلامي صور من استعمال الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين للشورى في اتخاذ القرارات، كما في حفر الخندق في غزوة الخندق، وفي خروج المسلمين في غزوة بدر لمقابلة الكفار، وفي معاملة أسرى بدر.
ويعتمد العدل في الإسلام على المنهاج الشرعي وعلى تطبيق الحدود. أما المنهاج فهو شريعة الله… وقد قامت الشريعة على العدل مع النفس،وداخل الأسرة وفي ساحة القضاء، وعلى مستوى الرعية، وحتى مع المخالفين في العقيدة، ومع من نحبهم ومن نكرههم. قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون (المائدة ، 8) وقال تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون > (النحل،90). وقال تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل > (النساء، 58).
وتطبيق الحدود من الدعائم المهمة لتحقيق العدل في الإسلام، ومن أهم أسس استقرار الحياة في المجتمع المسلم. قال تعالى: " ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب (البقرة، 179). وقال تعالى: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له (المائدة، 45).
وبيّن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قواعد للعدل والمساواة ستظل نبراساً يستضيء به طلاب العدل ومريدوه على مر الأزمان. وذلك حين جاءه من يشفع في حد من حدود الله، فأقسم بالله أن لو سرقت ابنته فاطمة لقطع يدها. وقال عليه الصلاة والسلام: «كلكم لآدم وآدم من تراب، ولا فضل لعربي على أعجمي، ولا أبيض على أسود، ولا أسود على أحمر، إلا بالتقوى» (متفق عليه)
وقد ضرب الحكام المسلمون أمثلة للعدل مع النفس ومع أبناء الرعية المسلمين وغير المسلمين. فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحكم لنصراني من مصر بضرب ابن عمرو بن العاص واليه على مصر قصاصا منه. وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقاضي نصرانياً أخذ درعه – وهو أمير المؤمنين – فيحكم القاضي للنصراني بالدرع، لأن أمير المؤمنين ليس عنده بينة.
وولي الأمر الذي يحكم بشرع الله المؤسس على الشورى والعدل، له واجب الطاعة على المسلمين. قال تعالى: يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا (النساء، 59).
ويبين أبو بكر رضي الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصديقه قواعد العلاقة بين الحاكم المسلم والمحكومين في كلمات بالغة الدلالة بقوله: « إني وليت عليكم ولست بخيركم، فإن رأيتموني على حق فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فقوموني. أطيعوني ما أطعت الله ****، فإن عصيت فلا طاعة لي عليكم». وقال عن ذلك الإمام مالك: «لا يكون أحد إمامًا إلا على هذا الشرط».
وهكذا كانت مبادرة الرعية إلى إبداء النصح واجبة عليهم بمقتضى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومبادرة ولي الأمر إلى طلب المشورة من أهلها واجبة عليه، للاستدلال على حكم الله ورسوله من النصوص الشرعية المتعددة، وللاجتهاد فيما سكتت عنه النصوص.
ومع أن التطبيق الديمقراطي -الذي تبشر به العولمة – يستند كما نعلم إلى دساتير وقوانين وضعية، فإن من أهم سمات الشورى في الإسلام أنها تنبع من عقيدة الإسلام وشريعته. وهذا يعني أن الشورى لا يمكن أن يتغلب فيها حزب على حزب أو جماعة على جماعة لمجرد الكثرة العددية، ولكن يكون التقويم المبدئي للرأي من حيث التزامه بالعقيدة وانطلاقة من الشريعة، ثم يأتي بعد هذا الأغلبية العددية.
أما في الديمقراطية، فإن مرجعية الحرية والعدالة فيها تتأثر بعوامل سياسية وحزبية واقتصادية وإعلامية.
والشورى في الإسلام تتيح للجميع الحوار الحر ومناقشة الحجج والمبررات التي توضح أن قرارا ما أكثر التزاماً بمبادئ الحق والعدل، كما تبين مدى توافقه مع مقاصد الشريعة وأصولها ومبادئها. أما في الديمقراطية فإن الفرد ليس ملزماً بإبداء الرأي، وقد يتعمد الغياب عن التصويت أو حجب صوته لأن هذا يحقق مصلحة انتمائه السياسي أو مصلحة فردية.
ومحور الفكر السياسي الذي تبشر به العولمة هو تحكيم الأغلبية العددية، أي عدد الأفراد الذين ينحازون إلى رأي معين. أما الشورى الإسلامية فإنها تجعل الأولوية للعقل والفكر وليس للعدد وحده. فالأغلبية العددية يمكن الحصول عليها لأسباب كثيرة عارية من الشفافية كما سبق أن بيناه، ونشاهد أمثلة لهذه كثيرة في داخل العالم الإسلامي وفي خارجه.
ومع هذا كله وعلى الرغم من مزايا نظام الإسلام، فإن العولمة المعاصرة لا ترضى به بديلاً عن الديمقراطية، لأنهم يهدفون إلى صبغ العالم كله بصبغة معينة هم مخترعوها، وهم الذين يدعمونها لتحقيق أهدافهم.

ثالثاً: السلام بين الإسلام والعولمة :
إن الدعوة إلى السلام في العالم هي دعوة الإسلام، قبل أن يوجد نظام العولمة، وقبل أن تلتزم دول العالم بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة سنة 1948م بعدم الاعتداء وبحل المنازعات بينها بالطرق السلمية، فقد أمر الله المسلمين أن يتجهوا إلى السلم إذا رأوا من أعدائهم ميلا إليه، ودعا إلى الاستجابة لدعوة السلام إذا صدقت نية الطرف الآخر في التوصل إليه، يقول تعالى: وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله (الأنفال، 61) وينبه الله المؤمنين إلى الحذر من خديعة العدو: وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين (الأنفال، 62) فالإسلام بذاته دعوة للسلام، السلام داخل المجتمع الواحد، والسلام بين المجتمعات المتعددة والمختلفة الأعراق واللغات والثقافات والعقائد.
ولم يرد لفظ الحرب في القرآن الكريم مقرونا بالدعوة إليها أو تمجيدها، بل جاء ذكر الحرب بأوزارها حين تفرض على المسلمين: حتى تضع الحرب أوزارها (سورة محمد،4) وقال تعالى في وصف الخارجين على المجتمع والذين يروعون الناس بغير حق ويجترئون على أحكام الشرع بأنهم يحاربون الله ورسوله (المائدة، 33) وهكذا لم يجعل الإسلام الحرب – وهي ظاهرة اجتماعية قديمة في التاريخ – وسيلة لتحقيق الخير أو حتى النفع الحقيقي للإنسان، واستبدل الإسلام بالحرب مفهوماً أسمى وأرقى هو مفهوم الجهاد، وهو مفهوم يتسع لبذل الجهد في مقاومة كل شر وعدوان، بدءاً من شرور النفس وانتهاءً بدفع العدوان وطلب تحقيق العدل والإحسان على الأرض وعلى الناس والجهاد ليس حرباً يشنها المسلمون على غيرهم بدافع السيطرة ومد السلطان وإذلال الآخرين واكتساب المغانم، إن الجهاد في الإسلام له مفهوم ينفي العدوان وينكر التوسع والسيطرة للاستعلاء على الناس بالقوة، وهو لا يبيح للمسلم أن يعرض نفسه للهلاك أو يقصد إهلاك غيره إلا وفق قيود الشرع، التي تحدد أسباباً يكون فيها الجهاد ويكون فيها القتال مشروعاً، فالإسلام لا يعرف الحرب التي يكون الباعث عليها مجرد العدوان وطلب المغنم، والتي يحتكم فيها إلى القوة وحدها، وإنما يعرف القتال دفاعاً عن النفس وعن الدين وعن جماعة المسلمين إذا حيل بينهم وبين عبادة الله وحده والدعوة إليه.
إن مفهوم الجهاد في الإسلام يستلزم أن تكون الحرب مشروعة، ومشروعية الحرب لا تتأتى بحسب أحكام الشرع الإسلامي إلا في حالات محددة، ووفق ما يجيزه الشرع من إجراءات لإعلان الحرب، وتحديد مداها وأثرها وتقييده لشرورها.
إن الحرب قد تكون للدفاع عن النفس، يقول الله تعالى: " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين (البقرة، 109) ولنقض المعاهدات ونكث العهود، والكيد للإسلام والمسلمين. يقول سبحانه وتعالى: وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون (التوبة، 12) وإن فتنة المسلمين عن دينهم والسعي بالفساد بينهم وتهديد سلامة المجتمع والدولة الإسلامية مما يجيز القتال درءا للفتنة، يقول الله تعالى: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين (البقرة، 193).
ولم تخرج غزوات المسلمين والحروب التي خاضوها في العهد النبوي وعصر الخلفاء الراشدين عن هذه الحالات داخل شبه الجزيرة العربية أو خارجها: مع اليهود في داخل شبه الجزيرة أو الروم والفرس خارجها.
هذا هو مفهوم الجهاد في الإسلام، وهو مفهوم يختلف عن مفهوم الحرب بمعناها الواقعي قديماً وحديثاً، فمفهوم الجهاد يجعل السلام هو الحالة الدائمة والثابتة في علاقة المسلمين بغيرهم، ولا يكون القتال إلا الاستثناء الذي يجب أن يتوفر سببه وحكمته.
ويوجب الله حتى في حالة الجهاد والحرب المشروعة، أن تكون الحرب معلنة، وليست غدراً بالآمنين والمسالمين، وأن يقلل من شرورها، لقد نهى عن قتال من لا يقاتلون من الشيوخ والعجزة والنساء والأطفال والرهبان المنقطعين للعبادة، وحرم الله صور القسوة والوحشية التي لا مبرر لها، مثل التخريب الشامل للعمران، وحرم أن تنتهك حرمة الآدمي حياً أو ميتاً، كالاعتداء على الجرحى أو الأسرى أو التمثيل بجثث الأعداء، كل ذلك شرع الله مراعاته من قبل المجاهدين، فكان بذلك ما نسميه "آداب القتال" أو قانون الحرب.
إن الجهاد في الإسلام وما يتبعه من قتال، لا يصح أن ينال المدنيين المسالمين، ولا يجوز أن يكون فيه دمار شامل للإنسان أو الأشياء النافعة للإنسان، وهكذا كان الحال في الإسلام منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، مما لم تتوصل إلى بعضه المواثيق الدولية كمعاهدة جنيف، التي تحمي المدنيين من ويلات القتال، وتحدد حقوق الأسرى والمقاتلين والتي صدرت في عام 1949م.

رابعاً: حقوق الإنسان والعولمة:
لقد أثبتت الحروب الطاحنة التي نشبت في العصر الحديث – وخاصة في القرن الميلادي العشرين – أن إهمال حقوق الإنسان وإهدارها قد أفضى إلى أعمال همجية ووحشية انتهكت حياة ملايين الناس وحريتهم، وكان ذلك من الأسباب التي دعت إلى إصدار ميثاق عالمي لحقوق الإنسان سنة 1948م، وهو ما أشارت إليه ديباجة الميثاق، ومن أهم ما أفرزته "العولمة" في السنوات الأخيرة زيادة الاهتمام بقضية حقوق الإنسان، وخروج هذه القضية من الدائرة الوطنية والداخلية في دول العالم إلى الآفاق الدولية واعتبارها مسألة تهم المجتمع الدولي، ويستطيع أن يتخذ فيها عن طريق منظمة الأمم المتحدة أو الوكالات المتخصصة فيها إجراءات معينة لمراقبة الدول التي ينتشر فيها إهمال أو إهدار لحقوق الإنسان.
إن مفردات حقوق الإنسان التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو التي وردت في اتفاقيتي الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية الصادرتين سنة 1966م عن منظمة الأمم المتحدة، هي حقوق قديمة في الإسلام اكتسبت مصطلحاً جديداً في المواثيق الدولية المعاصرة.
إن الحقوق الاقتصادية التي أتاحتها الاتفاقيتان الصادرتان سنة 1966م (وقد عمل بهما اعتباراً من سنة 1977م) تقع غالب مفرداتهما ضمن الحقوق التي منحها الله للفرد في المجتمع المسلم، الذي يتكون وفق الولاية المتبادلة بين أفراده من الرجال والنساء: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض (التوبة، 71) ومن بين معاني الولاية النصرة والتعاون وتبادل الرأي والنصيحة، وهناك مبدأ عام في الإسلام يجعل التكافل الاجتماعي سمة ظاهرة فيه فيكون القادر مادياً أو علمياً مسؤولاً عن مساعدة غير القادر لسبب لا دخل له فيه.
في شأن المال تأتي فريضة الزكاة التي تجب على أغنياء المجتمع (وفق ضوابط مفصلة ودقيقة مبسوطة في كتب الفقه) لفقراء المجتمع.
لقد أمر الله تعالى بالزكاة وهي جزء يسير (2.5%) من بعض أنواع المال، يؤخذ من الأغنياء في المجتمع ويرد على الفقراء والمساكين فيه، كما يجري إنفاقه في الأوجه التي تسدّ حاجة من حاجات المجتمع المسلم، يقول الله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل .
فهؤلاء ثمانية أصناف يمثلون في مجموعهم حالات الضعف والحاجة حين تدهم الفرد أو طائفة من الناس في المجتمع.
ويحفظ الشرع الإسلامي حدًا كافياً للمعيشة لكل صاحب رأس مال أو دخل يكفي حاجاته طبقاً لنفقته ولظروفه، قبل أن يفرض عليه كفالة غيره، فما يؤخذ من زكاة إنما يؤخذ من الفائض الذي مضت عليه سنة كاملة دون أن يدخل في نفقات صاحبه، وذلك على النصاب الذي عينه الشرع حتى يجب أخذ الزكاة من المكلف بها. لقد حول الإسلام بتشريع الزكاة على هذا النحو اتجاه المال من أغنياء المجتمع، إلى سداد حاجات الفئات المحتاجة بجميع أنواعها، وقد كان ذلك تحولاً كبيراً عما كان سائداً في المجتمعات قبل الإسلام من اتجاه المال من الفقراء إلى السادة في المجتمع، قال تعالى: كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم (الحشر، 7).
فالإسلام يمنع أن يزداد الأغنياء غنىً -وقد يكونون قلة في المجتمع–، ويزداد الفقراء -وقد يكونون كثرة في المجتمع- فقراً وبؤساً.
وضمان حق العمل مكفول للفرد المسلم القادر عليه، لأن الإسلام ينهى عن البطالة، ويرفع من شأن العمل وxxxxxxxxxxxxب منه حلالاً طيباً، والفرد المسلم يعمل تحت رقابة المجتمع كله، قال تعالى: وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون (التوبة،105) ويعاون المجتمع الفرد على إيجاد العمل المناسب إذا تعسر ذلك على الفرد أو ضاقت سبله. وقد نصح الرسول صلى الله عليه وسلم شخصاً بالاحتطاب، ونصح شخصاً آخر بالاتجار وأسلفه مالاً لكي يبدأ **ب رزقه، وأعد بيده الشريفة آلة العمل لشخص شكا إليه قلة xxxxxxxxxxxxب. وفي أحاديث الرسول صلوات الله عليه وسلامه من العناية والرعاية بالعمل والعامل ما يعد الأساس الشرعي لكافة ما يعطى للعمل والعامل من ميزات بحكم القوانين المعاصرة.
إن العمل لاكتساب الرزق والنفقة على الأهل يكفر الذنوب، كما جاء في الحديث الشريف: «من بات كالاً من عمل يده بات مغفور الذنب» والوصية بالعامل من الهدي النبوي: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه».
وما ورد في الاتفاقيتين اللتين أصدرتهما الأمم المتحدة سنة 1966م بشأن الحقوق الاجتماعية والمدنية والسياسية هو القليل مما دعا إليه الإسلام.
إن أول ما نزل من القرآن الكريم يفتح أمام المسلم آفاق العلم والتفكير والوصول إلى الحق يقول تعالى: اقرأ باسم ربك الذي خلق (العلق، 1) وللعلم شأن كبير ومكانة عالية في الإسلام ومن قرأ القرآن الكريم والحديث الشريف عرف منزلة العلم في الإسلام، وعلو شأنه وحضه عليه، ومن ذلك: قول الله تعالى: شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم (آل عمران، 18).
وقوله سبحانه: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب (الرعد، 19) وقوله تعالى: وقل ربِ زدني علما (طه، 114) وقوله: إنما يخشى الله من عباده العلماء (فاطر، 28) وقوله تعالى: " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب (الزمر، 9) وقوله عزّ وجلّ: " يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير (المجادلة، 11).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» متفق عليه. وقال عليه الصلاة والسلام: "ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة" رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به، فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به" متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا" متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: " فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم" ثم قال عليه الصلاة والسلام: "إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير" رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وقال صلى الله عليه وسلم: «الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه وعالماً أو متعلماً» رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
وقال عليه الصلاة والسلام: «من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العمل فمن أخذه أخذ بحظ وافر» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه ابن حبان.
والمسلم مطالب ببذل النصح لغيره من أفراد المجتمع "الدين النصيحة" وعلى المسلم أن يشارك في الحياة العامة بقدر ما يسمح به علمه وقدرته، فأمور المسلمين في المجتمع شورى بينهم، يقول الله تعالى: وأمرهم شورى بينهم (الشورى، 38) وهكذا تتكامل قدرات الأفراد في المجتمع المسلم وتتجمع طاقاتهم، فيكفل الفرد للمجتمع طاقته وجهده بالعلم أو العمل، ويكفل المجتمع للفرد – حين يصيبه العجز أو الضعف – الحق في حياة كريمة، وبذلك يتحقق السلام الاجتماعي.

خامساً: الإرهاب بين الإسلام والعولمة:
وفي السنوات الأخيرة ظهرت قضية الإرهاب، واستأثرت باهتمام المجتمعات والحكومات، وتنبه العالم عن طريق منظماته السياسية والأمنية إلى مخاطر هذه الظاهرة التي شملت كثيرًا من بلاد العالم، ولم يسلم من شرورها سوى مجتمعات قليلة، ومع ذلك وبسبب ظروف سياسية وجهود إعلامية موجهة، حاولت بعض الجهات أن تصل ما بين ظاهرة الإرهاب وما بين صحوة إسلامية بدأت في العقود الأخيرة من هذا القرن الميلادي، ومن المحزن أن بلاداً إسلامية – أوقعتها ظروفها السياسية تحت سيطرة الأجنبي أو سادتها الفتن والقلاقل بسبب العجز الاقتصادي أو التخلف الثقافي أو الفتن الخارجية – تعاني وجود هذه الظاهرة مما ساعد أعداء الأمة الإسلامية على الادعاء بأن الإرهاب له أصل ديني وأنه نتاج الإحياء الإسلامي، مع أن الظاهرة ليست من الإسلام ولا صلة لها بالدين الصحيح، وليست خاصة بالمسلمين بل ربما كانت في بلادهم – مع خطئها وإدانتها إسلامياً – أقل من وجودها وظهورها في المجتمعات غير الإسلامية، كما دلت على ذلك إحصاءات دولية.
في الإسلام ووفق أصوله ومبادئه الكلية يعتبر الأمن من أجل النعم على الإنسان: أمن الفرد على نفسه ودينه وعرضه وماله، وانتفاء الخوف من العدوان على ضروريات حياته وحاجياتها. وفي القرآن الكريم بيان أهمية الأمن وأنه نعمة من الله تقرن بنعمة الطعام الذي يحفظ حياة الإنسان، وأن النعمتين معاً تستوجبان عبادته وحده لا شريك له. يقول الله تبارك وتعالى: فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف (قريش، 3) ويحرم الله العدوان على النفس الإنسانية، ويجعل القتل العمد من أشد الجرائم إثماً وبغياً، ويبين أن قتل فرد واحد بمثابة قتل للجنس البشري كله، يقول تعالى: أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً (المائدة، 32). ويحفظ الشرع الإسلامي حرمة الجسد الإنساني، فلا يجوز العدوان عليه ولا إتلافه ولا استخدامه في غير ما شرع له، وهو العبادة والسعي في الأرض بعمل الخير. ويحفظ الشرع الإسلامي نفس الإنسان وجسده ويكفل حماية عقله ودينه وعرضه وماله بما فيه من عقوبات زاجرة عن العدوان على هذه الضروريات في حياة الإنسان – جسداً وديناً وعقلاً ونفساً – في شريعة القصاص وفي الحدود التي تواجه جرائم الاعتداء على الدين والنفس والعرض والمال والشرف والاعتبار.
فالإرهاب إذًا عدو الأمن -أمن الفرد وأمن المجتمع- وعدوان على نعمة من نعم الله الجليلة على الإنسان، وهو إذا ظهر في مجتمع عطل طاقاته وأسلمه إلى التخلف، لأن الخائف لا يأمن إذا عمل أن يضيع عمله هباءًا فالأمن لازم لتقدم المجتمعالمسلم في دينه ودنياه.
لقد كانت الفتنة الكبرى في التاريخ الإسلامي بسبب الإرهاب، وأول المجتمعات التي عانت من الإرهاب هو المجتمع المسلم بالذات، قتل ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب غيلة وغدراً على يد مجوسي حاقد على الإسلام والمسلمين، وقتل الخليفة الثالث عثمان رضي الله عنه على يد فئة خرجت على الشرع الإسلامي وانتهكت محارمه بقتل إمام المسلمين وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد العشرة الذين بشرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، واقتتل المسلمون مع الخوارج الذين ناصبوا الخليفة علي بن أبي طالب العداء على الرغم من محاولته نصحهم وهدايتهم إلى الحق، وقتل هؤلاء الخوارج الإمام علياً وأوغلوا في دماء المسلمين، فكانت الفتنة الكبرى التي بدأت في القرن الأول الهجري ومازالت آثارها في العالم الإسلامي حتى اليوم، صنعها الخوارج وغذاها أعداء الإسلام والمسلمين خلال مسيرة التاريخ الإسلامي، حتى تفرقت الأمة الواحدة إلى شيع وأحزاب كلهم على ضلال إلا الفرقة الناجية التي تسير على ما كان عليه الرسول وأصحابه خيار السلف في هذه الأمة.
إن الإرهاب – وهو مرفوض في الإسلام رفضاً حاسماً – ينتسب من يمارسونه أحياناً إلى الإسلام، بل يتظاهرون بالغيرة على الدين وعلى حقوق المسلمين، وقد يتجاوزون الحد في اتهام المسلمين أفرادًا وجماعات بالمروق من الدين ويستحلون دماءهم وأموالهم وأعراضهم، وهكذا فعل أجدادهم من الخوارج حين اتهموا عليا رضي الله عنه بالخروج من الدين واستحلوا قتل إمام المسلمين بعد أن بايعه الناس، وبذلك وجهوا إرهابهم إلى المسلمين كافة وإلى أئمتهم خاصة. ولقد قاتلهم إمام المسلمين ليحفظ أمن المجتمع وحياة المسلمين حتى قضى على فلولهم، وهذا واجب كل إمام مسلم، لا سيما في هذا العصر الذي ينسب فيه غير المسلمين كل إرهاب وإخلال بأمن المجتمعات إلى فعل المسلمين أو توجيهات الإسلام، مع أن الشرع الإسلامي وتوجيهاته هي أقوم السبل في مواجهة جرائم الإرهاب.
لقد حفظ الإسلام أمن المجتمع المسلم إزاء المجتمعات الأخرى، فلم يشرع القتال إلا دفاعاً عن الدين والنفس وحفظ المجتمع من الفتنة، وأمر بطاعة أولي الأمر أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم (النساء، 59). ولا يجوز في الإسلام أن تخرج طائفة من الناس على أمن المجتمع وتهدد استقراره أو تنزع يدها من بيعة توجب الطاعة، بل لقد أمر الرسول صلوات الله عليه وسلامه بالطاعة حتى ولو ظهر في المجتمع ما يعد منكراً، ما دام يجري التصدي له بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من العلماء والأمراء، أو بإنكار عامة الناس، وما دام المجتمع المسلم يتمتع بحقه في عبادة الله وحده، وتظهر فيه شعائر الإسلام، ويوجد فيه الحاكم المسلم الذي يحفظ الدين ويحمي أرض الإسلام ومصالح المسلمين، فلا خروج عن الطاعة من الفرد أو طائفة من الناس تروع الآمنين وتنشر الخوف والفزع بين المؤمنين. لقد ذكر الله الخارجين عن الطاعة، وجعلهم محاربين لله ورسوله، وحدد عقوبتهم بخسرانهم في دينهم ودنياهم. يقول تعالى: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم (المائدة، 33).
وهكذا وضع الإسلام الإرهاب في عداد أعظم الجرائم: محاربة الله ورسوله والسعي في الأرض فساداً، وأوجب على ولي الأمر أن يتصدى له حفاظاً على الدين وعلى حياة المسلمين، ولا حق لفرد أو جماعة أن تدعي على الأفراد أو على المجتمع ولاية لا حق لها فيها ، وأن تكفر غيرها أو تقيم حدًا من حدود الله مع وجود الولاية الشرعية للحاكم المسلم، فالإسلام يقيم مجتمعاً آمناً مستقرًا بعيدًا عن كل ما يهدد الناس ويروعهم، ويصلح المجتمع إذا ظهر ما يعد منكرًا من فرد أو طائفة من الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبإقامة حدود الله على يد الحاكم المسلم، وطبقاً لحكم الشرع، ولا مجال في الإسلام للخروج على المجتمع أو التسلط على الناس والإخلال بالأمن بحجة الغيرة على الدين أو الرغبة في الإصلاح، وهو ما يدعيه الإرهاب في هذا العصر، وأصحابه هم شر خلف لشر سلف في تاريخ الأمة الإسلامية.

م/ن

تسلمين خيتوووو
تقبلي مروري

السسلام عليكم
بارك الله فيج
جهود طيبة
اششكرج

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,

يعطيج العافية,,

وتسلم يمناج,,

موفقة..

الحــــــــــــــــــــــمد لله

التصنيفات
الصف الحادي عشر

تقرير بعنوان العولمة للصف الحادي عشر

اريد تقرير بعنوان العولمة

الحــــــــــــــــــــــمد لله

التصنيفات
الصف الحادي عشر

حل درس العولمة للصف الحادي عشر

السلام عليكم…
أخباركم يالربع
لو ما عليكم امر بغيت حل نشاط ص42 درس العولمة اللي يقول
اربط بين العولمة السياسية والاوضاع السياسية لبعض دول العالم حاليا
مثلا فلسطين -العراق0كشمير-أفغانستان -الجزر الإماراتية
بليز يكون مختصر ……..
والسموحة….

المعذرة منك بحت ولم أجد

أرجو من طلاب وطالبات الحادي عشرالمساهمة

مشكورة أختي على مجهودج
واتمنى اللي عنده ما يبخل علينا

العراق: اضعافها وتقليص احترام السيادة والحكم فيها
مقاطعة ايران اقتصاديا
الاضطرابات في دارفور
الأزمة الكورية
(هادول نحنا حليناهم مع الابلة )

أستغفرك يا رب من كل ذنب

التصنيفات
الصف الحادي عشر

ملخص درس العولمة للصف الحادي عشر

ارجوكم ان تساعدوني في كتابة تلخيص لدرس العولمة امتحاني قرييب والسموحة

مي موو
أبا بعد ..بلييييز

مي تووووو

مي 2 ابااااااااااااااا

مـــــــــــــــــــــي تووووووووووووووووووووووووو

بالتوفييق للجميع اامتحان اليوم الاربعااء

الحــــــــــــــــــــــمد لله

التصنيفات
الصف الحادي عشر

طلب تقرير عن ايجابيات العولمة -للتعليم الاماراتي

أبا تقرير عن إيجابيات العولمة .. بس إيجيبيات مابا سلبيات .. و فييه مقدمة و موضوع و خاتمة .. و السموحة

افااااا.. مافي حد له خاطر يساعدني .. ):

مشكورين و ما قصرتوا ):

السلام عليكم,,

هذا اللي حصلت عليه..مع بعض التعديلات والترتيبات,,

المقدمة:

كلمة متداوله بلا دولة بلا هوية أو جنس ونوع
"

العولمة كلمة غير قديمة، لهذا لا نجد لها تعريفاً في قواميس اللغة أو السياسة أو الاقتصاد، "ولذلك عندما تطرح فكرة العولمة لا يقصد بها مفهوم مجرد فقط، بل يُلتفت إلى عملياتها الأساسية، وهي: المنافسة بين القوى العظمى، والابتكار التكنولوجي، وانتشار عولمة الإنتاج والتبادل الاقتصادي والتحديث.

وفي الحقيقة إن مفهوم العولمة يعيدنا إلى العالَم، أي الكون، وليس إلى العلم، لذلك أطلق بعضهم عبارات تدل عليها: كالنظام العالمي الجديد، والإمبراطورية الجديدة، والقرية الكونية، وكل ذلك يعني شمول هذا التعبير للأمور الاقتصادية والسياسية والثقافية والتربوية والاجتماعية، بل وحتى التقاليد والأعراف…

وللعولمة العديد من الايجابيات والسلبيات..وسنكتفي بذكر الايجابيات..


الموضوع:

ايجابيات العولمة
يرى الاقتصاديون ان العولمة تشجع التنافس الاقتصادي وان هذا التنافس يؤدي ليس فقط الى تحسين كفاءة المتفوقين في الانتاج وتطوير من هم بمستوى ادنى، بل انه يصب ايضا في مصلحة المواطن، بان يقدم له السلعة بافضل نوعية وباقل ثمن، وانها ستؤدي الى تطوير الانتاج الصناعي والزراعي والصحي والخدمي في مجالات الحياة كافة، تفضي بالنتيجة الى ان تجعل الانسان يعيش حياة مريحة او مرفهة وصحة جيدة وعمرا اطول.
ويرى آخرون ان العولمة تؤدي الى تسريع تطبيقات جديدة في الثقافة الحديثة، وتعمل على ان تجعل العالم يعيش ولادة شيء جديد في كل دقيقة، يفضي بالضرورة الى خدمة الانسان، وربما كانت افضل ايجابية للعولمة انها تقضي على الشمولية والسلطوية التي تعاني منها الشعوب النامية، وتعمل على اشعاعة الديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الانسان، وانها تجعل العلم والمعرفة والثقافة والفن والادب في متناول الجميع، وتمكن الناس من الحصول عليها بأيسر السبل واسهلها، وان العولمة توفر الفرصة لتحرير الانسانية بما ينتجة من تفاعل بين الثقافات، وتمنح كل انسان الخيار الذي يناسبه في استثمار قدراته وقابلياته في الميدان الذي يرغب فيه، وتقضي بذلك على هدر الطاقات البشرية التي تموت مع اصحابها من دون ان ينتفعوا بها.
وفي الجاتب النفسي، ستعمل العولمة على تحويل الشعور، بالانتماء من حالة خاصة (تعصب لقبيلة، مجتمع، وطن….) الى حالة عامة، وهي الانسانية، الذي يفضي بالنتيجة الى خفض العداء بين المجتمعات، وتهدئة النزاعات نحو الحروب بين الدول، وتجعل من الارض مدينة انسانية تسمى المجتمع المدني العالمي.
سلبيات العولمة
ابرز ثلاثة مواقف مضادة للعولمة هي تلك التي يتبناها الاشتراكيون والاصوليون والقوميون، فالاشتراكيون يرون في العولمة انها خدعة امبريالية من صنع الولايات المتحدة الامريكية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى.
فيما يرى الاصوليون انها تسلخ الانسان (المسلم بشكل خاص) من قيمه الدينية والاخلاقية، او تهجينة بالقيم الغربية او ابعاده عن قيمه الاصلية، وعن الدين الاسلامي تحديدا.
أما القوميون فيرون في العولمة انها ستعمل على الغاء الهوية القومية والوطنية والخصوصية المحلية، وفرض انموذج ثقافي غربي على شعوب الارض قاطبة، ويتفق الثلاثة على ان العولمة في جوهرها، لاتحترم الانسان ولاتحافظ على جذوره وحضارته وتجاربه وثقافته.
ويرى المعتدلون ان تخوفات الاشتراكيين والاصوليين والقوميين مبالغ فيها، وان رفضهم للعولمة سيكون كمن يسبح ضد تيار شلال، او كناطح صخرة بقرون من طين.
على ان الواقع الاقتصادي للعالم يواجهنا بحقيقة ان هناك دولاً غنية يصل فيها الدخل السنوي للفرد الى اربعين الف دولارً، ودولا فقيرة لا يتعدى فيها الدخل السنوي للفرد ثلاثمائة دولار.
وان الدول الصناعية الكبرى (أمريكا، اليابان، انكلترا، فرنسا، المانيا، كندا، وايطاليا) تتحكم الان باقتصاد العالم عن طريق مؤسسات اقتصادية عملاقة مثل البنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية، ونادي باريس، والمنتدى الاقتصادي العالمي، وغيرها من التشكيلات التي تزيد من ثراء هذه الدول، فيما تتعامل مع الدول الاخرى باسلوب (القطارة) في العطاء و (المضخة الماصة) في الاخذ.
هذا يعني ان الدول الصناعية الكبرى السبع، هي المهيمنة على اقتصاد العالم، وانها تتحكم فيه عن طريق اصدار مشاريع وقوانين استثمار على وفق شروطها هي، فعلى سبيل المثال، يشترط البنك الدولى في منح القروض للدول الفقيرة الغاء الضرائب الجمركية الموضوعة لحماية الاقتصاد المحلي، وخصصة المؤسسات العامة، ورفض سيطرة الحكومات على الاسعار والاجور.
ومن سلبيات العولمة انها تعمل على اشاعة انماط حياة وسلوكيات غريبة، تتعارض او لاتتماشى مع انماط الحياة والسلوكيات التقليدية الشائعة في المجتمعات الاخرى، وانها ستتجاوز القيم القابلة للتغيير، لتستهدف الثوابت في القيم الاجتماعية للشعوب الاخرى، لاسيما العربية والاسلامية، وانها ستعمل على عولمة ثقافة معينة من خلال سيطرتها على وسائل اعلام مؤثرة تحتكر الاداة الاحدث والمعلومة المطلوبة، وستعتمد اسلوب الابهار والتشويق لا سيما الموجهة للشباب بهدف فرض ثقافة عالمية تفضي بالنتيجة الى تراجع او انحسار الثقافة الوطنية والقومية، فتتعدى بذلك على حق الشعوب في الاحتفاظ بهويتها الثقافية.

امممم..والخاتمة يفضل تكون من عندك..

السموحة والله..



بالتوفيق..

مشكووووووووورة !! اختي…. والله ما قصرتي ., مشكورة بعد مرة

العفو اخوي…

اي طلب احنا حاضرين..

حياك الله..

صلى الله على محمد

التصنيفات
الصف الحادي عشر

طلب تقرير عن العولمة للصف الحادي عشر

بغيت تقرير ضرووووووووووري عن العولمه … دخيييييلكم يكوون مختصر وجيد …

الله يخليييييييييييييييييييييييكم …..

و هآج بعَد ..

ما هي العولمة

أغلب التعريفات التي قدمت لمفهوم العولمة ركزت على البعد الاقتصادي ولعل هذا نابع من كونها نتاج لتطور النظام الرأسمالي وحاجته إلى التوسع المستمر في الأسواق. إلا أن دلالة المصطلح استقرت على أن العولمة هي ظاهرة تتداخل فيها أمور السياسة والاقتصاد والثقافة والاجتماع والسلوك، وتحدث تحولات تؤثر على حياة الانسان في كوكب الأرض أينما كان وتبرز بفعل هذه التحولات قضايا لها صفة (العالمية) مثل قضايا البيئة، وتشابك أدوار المنظمات الأهلية والمحلية والمنظمات الأهلية متعددة الجنسيات، فضلا عن دور منظمة الأمم المتحدة والمنظمات المتخصصة المنبثقة عنها. وكما يقول أحد المتخصصين: "إذا أردنا أن نقترب من صياغة تعريف شامل للعولمة، فلابد من أن نضع في الاعتبار ثلاث عمليات تكشف عن جوهرها:
العملية الأولى، تتعلق بانتشار المعلومات بحيث تصبح مشاعة لدى الناس جميعا.
العملية الثانية، تتعلق بتذويب الحدود بين الدول.
العملية الثالثة، هي زيادة معدلات التشابه بين الجماعات والمجتمعات والمؤسسات"[1].
ومن العجيب واللافت للنظر " في أقل من عشر سنوات أن يغزو العالم كله –وليس فقط مجتمعاتنا- مطاعم الوجبات السريعة، وبالأخص الشركات الأمريكية مثل ماكدونالدز وأخواتها، وإقبال الناس عليها بشكل عجيب، وطرح كل البدائل الأخرى. إنها حقيقة تعاني منها حتى أوروبا نفسها.. الجناح الثاني للغرب. ولعل من أوضح الأمثلة على هذا أن فرنسا من أكثر الدول الأوروبية مناهضة للعولمة الأمريكية بهذا الشكل، منها الرفض بشدة فتح مطعم ماكدونالدز في برج إيفل الذي يعتبره تراثا يخص الفرنسيين. لماذا يراد لنا نحن المسلمين أن نقبل بعضوية نادي العولمة، دون أن نسأل عن شروط هذه العضوية"[2]
الهدف الحقيقي للعولمة :
ترتدي العولمة ثوب الحرية، والسلام، وحقوق الإنسان، مع تركيز واضح على حقوق المرأة.. ولعل البعض يتساءل .. هل هذه هي الاهداف الحقيقية للعولمة ؟
وإذا كانت هذه هي الأهداف الحقيقية، فأين هذه الأهداف النبيلة من حرمان المرأة المسلمة والطفل المسلم من أبسط الحقوق، وأهمها.. حق الحياة .. هل يخفى عليهم مايلاقياه من قتل وتشريد في شتى بقاع الأرض التي تئن تحت وطأة الاحتلال، ويتعرض فيها كل من المرأة والطفل المسلمين للقتل والتشريد والفناء؟
إن الهدف الحقيقي للعولمة هو الهيمنة وإن تغيرت الأشكال والألوان لكن الجوهر واحد والحجة واحدة وهي تفوق الإنسان الغربي وتمجيد اختياراته وعظمة ثقافته وقيمه وضرورة إخضاع الناس له مهما كان الثمن فادحاً .
قال تعالى: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ}، إنها خطة قديمة يأخذهاالطاغوت اللاحق عن الطاغوت السابق، حتى تصل الى فرعون.
وكما يقول شوقي جلال: من السذاجة بمكان أن نتصور أن العولمة مجرد تفوق تكنولوجي، أو سيطرة البورصات والتنافس الاقتصادي. إنها في الحقيقة عملية سياسية تقودها الدولة الأمريكية بالاعتماد على قدراتها العسكرية ونفوذها السياسي.
"ولننظر كيف عبر الغربي قديما عن هيمنته وسيطرته بأسماء مثل (الاستعمار) أي إعمار الأرض، وقالوا أن الشعوب الأخرى الملونة ليست قادرة على حكم نفسها، ولا بد لنا –أي المستعمر- أن نقوم برسالتنا التاريخية في نقل المدنية والعلم والتقدم اليها".[3]
"لقد قام الاستعمار بالتخطيط المدروس لإضعاف العالم الإسلامي وإبعاده عن مقوماته الإسلامية، ووجد الاستعمار من بين أبناء العالم الإسلامي أناساً ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا أدوات لتحقيق أهدافه. ونحن لا نلقي هنا القول على عواهنه، وإنما هذا ما تنطق به الوثائق السرية الاستعمارية نفسها. فقد جاء في تقرير وزير المستعمرات البريطاني (أورمسبي غو) لرئيس حكومته بتاريخ 9 يناير (كانون الثاني) 1938م ما يأتي: (إن الحرب علمتنا أن الوحدة الإسلامية هي الخطر الأعظم الذي ينبغي على الامبراطورية أن تحذره وتحاربه، وليس الامبراطورية وحدها، بل فرنسا أيضاً، ولفرحتنا فقد ذهبت الخلافة، وأتمنى أن تكون إلى غير رجعة. إن سياستنا الموالية للعرب في الحرب العظمى (يعني الأولى) لم تكن مجرد نتائج لمتطلبات (تكتيكية) ضد القوات التركية، بل كانت مخططة أيضاً لفصل السيطرة على المدينتين المقدستين مكة والمدينة عن الخلافة العثمانية التي كانت قائمة آنذاك.ولسعادتنا فإن كمال أتاتورك لم يضع تركيا في مسار قومي علماني فقط، بل أدخل إصلاحات بعيدة الأثر، أدت بالفعل إلى نقض معالم تركيا الإسلامية)." [4]
"ويأتي المهيمن الحالي ليشرح نواياه الامبريالية الجديدة رافعا شعارات براقة حيث يقول ريتشارد جاردنر في كتابه (نحو نظام عالمي جديد): " لقد كان توماس جيفرسون يعبر عن إيمان آبائنا -الذين أقاموا دعائم بلادنا- العميق عندما تنبأ بأن نيران الحرية وحقوق الإنسان سوف تنتقل من أمريكا لكي تنير مناطق أخرى من الأرض"[5]
"وقال جيفرسون هذا في موضع آخر "الأميريكيون شعب الله المختار، لهم الحكم والهيمنة اختيارا أو قوة أو قسرا" [6]
"وقد ربط بعض الباحثين مثل جندزاير بين نمط نظريات التنمية وبين اهتمامات أمريكا بإحكام السيطرة بخاصة على العالم الثالث في دراسة شجاعة بعنوان (إرادة التغيير السياسي والعالم الثالث) وقد كشفت هذه الدراسة أنه خلال الخمسينيات والستينيات كان هناك تعاون كبير بين المشتغلين بعلوم الاجتماع وبين وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين، وتمخضت عن دراسات رفعت للحكومة. ومن المشاريع المذكورة في هذا المجال (مشروع كاميلوت) الذي تبنته وزارة الدفاع الأمريكية لدراسة الظروف المختلفة داخل العالم الثالث من أجل تحديد عوامل التفكك الاجتماعي وصياغة برامج في مجالات التنمية توجه التغييرات داخل هذه الدول وجهة محددة، أو بمعنى آخر لضبط اتجاهات التغيير في مسارات تخدم أهداف الغرب".[7]

[1] – السيد يس، في مفهوم العولمة، مجلة المستقبل العربي، العدد 228، 1998 ص7

[2] – العولمة في ميزان الإسلام، جمعية الإصلاح الاجتماعي، من رسائل الجمعية، ص 22

[3] د.مثنى أمين، كتاب حركات تحرير المرأة من المساواة إلى الجندر، دار القلم، 2022، ص261.

[4] – د. محمود حمدي زقزوق،خطورة القرآن ،http://www.balagh.com/mosoa/tablg/ug0wx65y.htm

[5] د.مثنى أمين، مرجع سبق ذكره، ص261.

[6] مصطفى الطحان، مرجع سبق ذكره، ص16

[7] د.مثني أمين، مرجع سبق ذكره وبتصرف ص264

العَوْلَمَة
مقدمة
مصطلح العولمة مصطلح جديد ظهر في العالم الغربي في بداية عقد التسعينيات، وقد سبقه حدثان ضخمان أثرا في حركة العلاقات الدولية واتجاهاتها وعلى موازين القوى في العالم:
الأول: سقوط المعسكر الشرقي الذي اتخذ من سقوط جدار برلين رمزاً له في عام 1989م، والذي أنهى فترة من الحرب الباردة بين المعسكرين ( وارسو / الأطلسي ) بدأت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وصاحبها حالات من الاستقطاب والمد والجزر في علاقات هذين المعسكرين؛ بحيث وصلت في الجَزْر إلى التهديد بحرب عالمية ثالثة مباشرة أثناء أزمة الصواريخ الكوبية، وفي المد وصلت إلى الاتفاق على تقسيم مناطق نفوذ في بعض بقاع العالم، وبين ذلك حصلت حروب بالوكالة كما حصل في فيتنام و أفغانستان.
وقد أتاحت حالة الحرب الباردة والصراع والتنافس العالمي على مناطق النفوذ وجود هامش من الحرية لما سمي بـ (دول عدم الانحياز) مكّن كثيراً من الدول من الاستقلال عن الدولتين الكبيرتين أو إحداهما.
ثم جاء الحدث الآخر الكبير وهو حرب الخليج الثانية في عام 1991م، وهي حرب شبه عالمية لكن من طرف واحد ودون تكافؤ في القوى. وانتهت هذه الحرب بانتصار أمريكي غربي أضيف إلى ذلك النصر التاريخي على المعسكر الشرقي.
وهذان الانتصاران أتاحا لأمريكا نوعاً من السيادة العالمية مستغلة تقدمها التقني والاقتصادي وقوتها العسكرية في تكريس هذه السيادة . فبدأ في هذا الظرف التاريخي ظهور مصطلحات جديدة مثل « العالم الجديد » ومثل « العولمة ». وهذا المصطلح الأخير أخذ حظه من الانتشار باعتبار أنه يمثل حركة الهيمنة والسيادة الغربية بأسلوبها الحضاري الجديد، وظهرت أعمال وكتابات كثيرة لدى الغربيين تؤكد هذه الفكرة مثل فكرة «نهاية التاريخ»، وكذلك فكرة «صراع الحضارات» وإن كانت سابقة لفكرة نهاية التاريخ إلا أنها شُهرت أخيرا .
إن الصراع الذي يميز التاريخ الإنساني وما يزال هو الصراع بين ضروب العولمة، أو بين الصور النموذجية للإنسان في الحضارات المختلفة. والمتأمل في الحِقَب أو الفترات المهمة في التاريخ الإنساني يلحظ أنها كانت عالمية، وتعود إلى من بيدهم الأدوات التي تمكنهم من فرض خواصهم على الآخرين.
وبهذا المعنى؛ فالعولمة فعل تاريخي متواصل، وهو حصيلة المعركة الجارية بين العالميات أو النماذج الحضارية المختلفة التي يؤمن أصحابها بأن لهم رسالة تحدد المثال الإنساني الأعلى. وفي هذا الإطار فإن (العولمة ) صفة لفعل الإنسان الصانع للتاريخ.
من أبرز الظواهر المؤثرة على الأنظمة السياسة المعاصرة العولمة وسيادة القطب الواحد. ومع أن للعولمة جوانب متعددة إلا أن العولمة السياسية ذراع قوي جدا يستخدمه الأقوياء لخدمة أهدافهم.
تعريف العولمة ومهفومها
العولمة مصطلح معرّب لم ينشأ أساسا فى البيئة العربية المسلمة. ولا بد لفهم معناه من الرجوع إلى من أطلقه وأشاعه والتعرف على مقصوده به قبل النظر فى الأصل اللغوي لكلمة العولمة فى اللغة العربية.
بالرجوع إلى قاموس وبستر "websters" نجد أن تعريف العولمة (GLOBALIZATION) هو: إكساب الشيئ طابع العالمية وبخاصة جعل نطاق الشيئ أو تطبيقه عالميا.
وثمة إشكالية يواجهها كل باحث عن تعريف العولمة تتعلق بالتباين وعدم وجود تعريف متفق عليه بين الباحثين. واختلاف التعريف باختلاف توجهات المعرفين ومفهومهم الشخصي للعولمة.
وعلى الرغم من كون هذا المصطلح جديدا حيث أشار قاموس أكسفورد للكلمات الإنجليزية الجديدة التى ظهرت خلال التسعينات إلا أن لكل باحث لهذا الموضوع تعريفا خاصا به.
من هذه التعريفات للعولمة, ما يلي:
1. تبادل الثقافي والتجاري وغيرها للتقارب والاستفادة المتبادلة.
2. التداخل الواضح لأمور الاقتصاد والاجتماع والسياسة والسلوك دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية.
3. مرحلة جديدة من مراحل بروز وتطور الحداثة تتكثف فيها العلاقات الاجتماعية على الصعيد العالمي.
4. إخضاع العالم لقوانين مشتركة تضع حدا فيه لكل أنواع السيادة.
5. سيادة النمط الغربي فى الثقافة والاقتصاد والحكم والسياسة فى المجتمعات البشرية كلها.
6. توجه ودعوة إلى صياغة حياة الناس لدى جميع الأمم ومختلف الدول وفق أساليب ومناهج موحدة بين البشر وإضعاف الأساليب والمناهج الخاصة.
ونستطيع أن نلخص أهم توصيفات العولمة وملامحها بما يلي :
هي التوجه الأيديولوجي لليبرالية الجديدة التي تركز على قوانين السوق، والحرية المطلقة في انتقال البضائع والأموال والأشخاص والمعلومات في الاقتصاد، وعلى فكرة الديمقراطية في البعد السياسي، وعلى مفهوم الحرية والمساواة المطلقة في البعد الاجتماعي والأخلاقي.
فهي نظام عالمي يشمل المجالات السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية، كما يشمل مجال التسويق والمبادلات والاتصال.
ويرى بعضهم أنها فكرة تعبر بصورة غير مباشرة عن إرادة الهيمنة على العالم وتغريبه أو أمركته مستغلة مظاهر وآليات التطور الحضاري الذي يشهده العصر: فالهيمنة العسكرية بواسطة الأحلاف العسكرية ومنها حلف الأطلسي، والسياسية بواسطة الهيمنة على مجلس الأمن، والاقتصادية من خلال المنظمات الدولية الاقتصادية مثل منظمة التجارة العالمية، والاجتماعية من خلال مؤتمرات دولية وإقليمية، والفكرية من خلال القوانين والاتفاقيات والصكوك الدولية في هذا المجال؛ مدعومة بقوة دفع ضخمة بواسطة إمبراطوريات إعلامية وشبكة معلومات دولية (إنترنت) يسيطر الغربيون على معظمها؛ حيث اعتبر بعضهم ( جارودي ) العولمة هي الاسم الجديد للاستعمار.
وفي المقابل يرى بعض آخر أن العولمة هي اتجاه فطري للإنسان يتسارع أثره مع تطور آليات الاتصال بين المجتمعات وتركيز الصناعات وتجاوز المجتمع التقليدي، وأنها مظهر من مظاهر التطور الطبيعي الحضاري المعاصر، وأن المجتمعات الأكثر حضارة تفيض على المجتمعات الأقل حضارة بشكل تلقائي عبر قنوات تصل بين المنبع والمصب. فهو نظام رأسمالي أكثر تكاملاً وليس رسملة للعالم بالمفهوم الغربي أو الأمريكي. وقد يعبر عن ذلك بطريقة أخرى فيقال: إن ما يحدث هو إفراز من إفرازات الدولة الحضارية في لحظة تضخم قوتها في المجالات المختلفة على العالم من حولها.
ويتفق عدد من المفكرين بأنها آلية يمكن أن تؤدي بشكل متسارع إلى نشوء نظام عالمي جديد بواسطة ثلاثية التكنولوجيا ورأس المال والإدارة، وتشمل السياسة والاقتصاد والثقافة والاجتماع والأعراف، ليؤسس القرية الكونية الجديدة التي تقوم على ثورة الكمبيوتر والاتصالات والثورة المعلوماتية والأسواق المفتوحة والشركات متعددة الجنسيات لتوحيد مصير الإنسانية.
هذه أهم الأدبيات في توصيف واقع العولمة ومستقبلها؛ على أن الساحة الفكرية المنظِّرة لفكر العولمة لا تخلو من اتهام لمثل هذه الأطروحات موجه إلى بعض نقاد العولمة وإلى بعض مؤيديها بالمبالغة.
مجالات العولمة
تظهر العولمة في مجالات عديدة من مجالات الحياة التي تشكل شبكة العلاقات الدولية المعاصرة، وأهم هذه المجالات:
1. العولمة الاقتصادية
2. العولمة الاجتماعية
3. العولمة السياسية
4. العولمة الثقافية

1. العولمة الاقتصادية
قبل أن تضع الحرب العالمية الثانية أوزارها دعت الولايات المتحدة حلفاءها لمؤتمر عقد في مدينة (بريتون وودز ) عام 1944م، للتفكير في الأسس التي سيدار على أساسها النظام الاقتصادي العالمي.
وقد سيطرت على سير أعمال المؤتمر توازنات القوى التي نجمت عن الحرب، فكان من البدهي أن تصوغ أمريكا للعالم هذا النظام بما يحقق مصالحها.
وقد تمخص هذا المؤتمر عن ميلاد عدد من المؤسسات تشكل في مجملها الركائز التي يقوم عليها النظام الاقتصادي الدولي وهي:
– صندوق النقد الدولي، ويقوم بدور الحارس على النظام النقدي العالمي.
– البنك الدولي: ويعمل على تخطيط التدفقات المالية طويلة المدى.
– الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة والتي تعرف اختصاراً باسم: (الجات: Gate)، التي تمخضت عن إنشاء المنظمة العالمية للتجارة ، وهي الشريك الثالث لصندوق النقد الدولي ، والبنك الدولي في وضع السياسات العالمية ، كما عبّر عن ذلك مدير عام الاتفاقية (بيتر سذرلاند) .
ويعتبر الهدف الرئيس من الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة تمكين الدولة العضو من النفاذ إلى الأسواق لباقي الدول أعضاء الاتفاقية، وقيام كل دولة بتثبيت بنود تعريفاتها الجمركية إلى حدود مقبولة من باقي الأطراف المتعاقدة بالاتفاقية، بحيث لا يتم تغيير هذا الربط (التثبيت) إلا بعد الرجوع إلى بقية الأطراف وتعويض المتضررين منها بهذا التغيير .
لكن التفاوت الكبير في القوة السياسية والمنافسة الاقتصادية يجعل بنود الاتفاقية تصبّ في مصلحة الدول الكبرى؛ فقد أعلنت الولايات المتحدة عزمها على استغلال حق المطالبة بالتعويض أو فرض العقوبات التجارية في حالة الإخفاق في الوصول إلى حلّ مع المخالفين.
بل والأخطر من ذلك: أنه لأول مرّة في التاريخ الاقتصادي للأمم تصبح السياسة التجارية للدول المستقلة شأناً دولياً وليس عملاً من أعمال السيادة الوطنية؛ إذ أصبحت مقيدة بمجموعة من القواعد الملزمة وآليات التحكم الإجبارية؛ حيث إن منظمة التجارة العالمية تحدّ من قدرة دول الجنوب على التصرف المطلق ضمن حدودها الوطنية، وتملك حق تشريع قوانين دولية وسلطة قضائية تلاحق الحكومات التي لا تنصاع لقراراتها، وقوة شرطية تمارس حق التفتيش داخل الدول .
ومن جهة أخرى، فقد وضع الغرب آليات التحكم في الاقتصاد العالمي بناءً على ثلاثة محاور:
أولها : النظام النقدي العالمي:
من خلال هيمنة الدولار الأمريكي على وسائل الدفع العالمية؛ حيث يمثل وسيلة الدفع العالمية المقبولة التي حلّت محل الذهب لتغطية إصدارات معظم عملات الدول، وبخاصة دول العالم الثالث. وتتحكم في هذا النظام المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بوضع السياسات النقدية التي تخدم هيمنة رؤوس الأموال الغربية على اقتصاديات دول الجنوب والكتلة الشرقية بعد انهيار المنظومة الاشتراكية في شرق أوروبا بزعامة الاتحاد السوفييتي .
ثانيهما: التحكم في حركة رؤوس الأموال:
من خلال أسواق المال العالمية التي تتركز في الولايات المتحدة بالدرجة الأولى، وأوروبا بالدرجة الثانية ، واليابان بالدرجة الثالثة، وهذه الحركة لرؤوس الأموال تتم السيطرة عليها من خلال السياسات التي تضعها المؤسسات المالية الأمريكية التي تتحكم بدورها في المؤسسات المالية الأوروبية واليابانية من خلال تملّكها لمعظم أسهم تلك المؤسسات.
ومن أجل ذلك نجد الدعوة التي تتبناها المؤسسات المالية الدولية بتشجيع التخصيص، وبالسماح لرؤوس الأموال الأجنبية بتملك أسهم الشركات والسندات التي تصدرها الحكومات المحلية، ما هي إلا وسيلة لتحقيق الهيمنة الاقتصادية الغربية على اقتصاديات تلك الدول .
وقد أخذ البنك الدولي بتوجيه من الولايات المتحدة بإجبار دول العالم الإسلامي على إعادة هيكلة اقتصادياتها وفقاً لهذه السياسة الليبرالية، فاتجهت هذه الدول إلى الخارج لجذب رأس المال الأجنبي، وتبني مفهوم القطاع الخاص من خلال استخدام آليات السوق الحرة، وما يتطلبه ذلك من تحجيم واضح للملكية العامة وزيادة الفوارق الاجتماعية، ورهن أجيال المستقبل بالديون الخارجية.
ثالثها: الشركات متعددة الجنسيات:
وهي تمثل أهـم مظاهر عولمة الاقتصاد، والإحصاءات الآتية توضح مدى خطورة تمركزها الرأسمالي:
– إن إيرادات أكبر خمسمائة شركة في العالم بلغ في عام 1994م نحو (10) تريليون و(254) مليار دولار، أي ما يقارب نصف الناتج المحلي الإجمالي لدول العالم في سنة 1993م .
– إن مبيعات أكبر 200 شركة تجاوزت مداخيل اقتصاديات (182) دولة ما عدا أكبر 9 دول؛ فقد وصل دخل (182) دولة إلى مستوى (6 . 9) تريليون دولار، بينما وصلت مبيعات أكبر (200) شركة إلى (7 . 1) تريليون دولار.
– إن حجم المبيعات لأكبر ثلاث شركات متعددة الجنسيات (إكسون، شل، موبيل) عام 1980م فاق حجم الإنتاج الوطني الإجمالي لكل دول العالم الثالث عدا سبع دول: ( الصين، البرازيل، الهند، المكسيك، نيجيريا، الأرجنتين، إندونيسيا).
– في عام (1996م) تعدى حجم المبيعات السنوية لأكبر (20) شركة (67) مليار دولار.
أما بالنسبة لكل شركة على حدة:
– فليب مورس التي احتلت المركز (69) ؛ فإن حجم مبيعاتها تجاوز حجم اقتصاد نيوزيلندا، ولها فروع في (170 دولة).
– متسوبيشي: المركز (22): حجم نشاطاتها الاقتصادية أكبر من حجم النشاط الاقتصادي لأندونيسيا التي تحتل المركز الرابع على المستوى العالمي من حيث تعداد السكان.
– جنرال موتورز: المركز (26): أكبر من الدانمارك في حجمها الاقتصادي.
– فورد: المركز (31) أكبر من جنوب إفريقيا اقتصادياً.
– تويوتا: المركز (36): أكبر من النرويج في نشاطها الاقتصادي.
وجدير بالإشارة أن مجال عمل هذه الشركات تجاوز الميدان الاقتصادي إلى العمل على التأثير في القرارات السياسية وثقافة الناس وطرائق عملهم ، مما جعل كثيراً من الاقتصاديين والمهتمين بظاهرة هذه الشركات يخلُص إلى أنها نوع من الاستعمار بأسلوب يناسب وعي الشعوب وتطورها .
وكانت طموحاتها التجارية محفوفة بالنتائج الدبلوماسية العالمية في عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات ، ونذكر على سبيل المثال: الدور الذي قامت به الشركة الأمريكية في أحداث 1972م في الشيلي التي أدت إلى سقوط نظام (سلفادور إلَّندي) ذي التوجه الماركسي ، أو العمل الذي قامت به (British feroling) عام 1953م في إسقاط حكومة (مصدق) في إيران حين أمّم مصافي النفط وآباره.
وفي عام 1997م شاركت (إلف الفرنسية) التي تسيطر على ثلثي إنتاج النفط في الكونغو في الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المنتخب (باسكال ليسوبا) ؛ لأنه أراد كسر عملية الاحتكار التي تقوم بها (إلف) بالتفاوض مع شركات النفط الأمريكية.
بل في بعض البلدان كنيجيريا ، فإن شركة النفط (شل) هي الحكومة الفعلية ؛ ففي مقابلة مع (د . أوين سراويو) شقيق (كن سراويو) الذي أعدمته السلطات النيجيرية بسبب انتقاده لشركة (شل)، سألته مجلة (ملتنشيونال مونتر) في عددها الصادر في يوليو 1996م السؤال الآتي: إذن (شل) هي التي تحكم وليست الحكومة؟ فأجاب: نعم (شل) بطبيعة الحال هي التي تحكم فعلياً ، هذا معروف جداً (أي في نيجيريا) .
ويقول (بيير أوجين) رئيس منظمة الشفافية العالمية، وهي منظمة تهتم بمراقبة الفساد المالي والإداري على المستوى العالمي: (إن نسبة كبيرة من الفساد المنتشر في دول العالم الثالث هي من صنع الشركات المتعددة الجنسيات التي تتركز مقارها في الدول الصناعية ، وتعمل على تقديم رشاوى كبيرة لمسؤولي الدول المختلفة من أجل الفوز بالصفقات) .
العولمة الإعلامية والثقافية:
لقد تطور الإعلام بدرجة أدت إلى غزو جميع ميادين الأنشطة البشرية؛ حيث وُجدت بنيً أساسية عالمية تنتشر وكأنها نسيج عنكبوتي يمتد عبر العالم أجمع، مستفيداً من التقدم الحاصل في تقنية الرقميات وثورة المعلومات، ومن التداخل الحاصل بين قطاعات الاتصال والهاتف والتلفاز والحاسوب وشبكة المعلومات الدولية (إنترنت).
ونظراً للترابط القوي بين عولمة الثقافة ووسائل الإعلام ، فإن الإحصاءات تشير إلى أن الاتصالات اللاسلكية تمثل سوقاً تُدرّ (525) مليار دولار سنوياً، وأن هذه السوق تزداد بنسبة 8 إلى 12% سنوياً.
ففي عام 1985م بلغ الوقت الذي استهلكه مستخدمو الاتصالات في العالم على شكل إرسال معلومات أو حديث أو فاكس(15) مليار دقيقة. وفي عام 1995م بلغ (60) مليار دقيقة .
ولأهمية قطاعات الاتصال في نشر وترويج أنماط معينة من الثقافة ، قامت الولايات المتحدة بوضع ثقلها كله في معركة تحطيم الحواجز لتصبح الاتصالات قادرة على الانتقال دون عوائق تُذكر عبر العالم كلّه، كالريح فوق صفحة المحيطات.
ومن أجل ذلك انعقدت أربع مؤتمرات دولية (جنيف 1992م، بيونس أيرس 1994م ، بروكسل 1995م ، جوهانسبورج 1996) نجح خلالها الأمريكان من تسويق فكرتهم حول: (مجتمع المعلومات العالمي) والضغط لفتح حدود أكبر عدد ممكن من البلدان أمام التدفق الحرّ للمعلومات .
ولعل هذا هو ما حدا بباحث من وزن (نعوم تشومسكي) الأكاديمي الأمريكي المعروف أن يقول: ( إن العولمة الثقافية ليست سوى نقلة نوعية في تاريخ الإعلام تعزز سيطرة المركز الأمريكي على الأطراف أي على العالم كله) .
ونلاحظ هذا من خلال قطاع الاتصالات الثقافية للنظام العالمي الذي أخذ يتطور طبقاً لتدفق المعلومات من منطقة المركز – الولايات المتحدة ؛ أول منتج للتقنية الحديثة – إلى الأطراف – دول العالم الثالث خاصة – وهو ما يؤيده انتشار لغة بمفردها هي اللغة الإنجليزية.
وفي هذا الإطار عبّرت دول متقدمة داخل المنظومة الحضارية الغربية نفسها مثل: فرنسا، وكندا (مقاطعة كيبيك) عبرت عن التوجس الشديد من المخاطر الناجمة عن الهيمنة الأمريكية على الإعلام والثقافة تحت ستار العولمة؛ إذ إن وسائل الإعلام الأمريكية تسيطر في الواقع على 65% من مجمل المواد والمنتجات الإعلامية والإعلانية والثقافية والترفيهية، بل إن فرنسا تقاوم سيطرة اللغة الإنجليزية على شبكة الإنترنت؛ وذلك لأن 95% من حجم تداول المعلومات والاتصالات على الإنترنت باللغة الإنجليزية ، في حين أن 2% فقط باللغة الفرنسية.
وفي هذا الصدد يقول وزير العدل الفرنسي (Jack tobon): (إن الإنترنت بالوضع الحالي شكْل جديد من أشكال الاستعمار، وإذا لم نتحرك فأسلوب حياتنا في خطر ) .
ولذلك رفعت فرنسا خلال مناقشات ثقافة (الجات) الأخيرة شعار: (الاستثناء الثقافي) .
وفي المقاطعات الكندية بلغت الهيمنة الأمريكية في مجال تدفق البرامج الإعلامية والتلفاز إلى حدّ دعا بعض الخبراء إلى التنبيه إلى أن الأطفال الكنديين أصبحوا لا يدركون أنهم كنديون لكثرة ما يشاهدون من برامج أمريكية .
ولعل تمكُّن الولايات المتحدة من تدعيم هيمنتها على العالم عبر قدرتها على التحكم في المنظومات المعلوماتية وتقنيات الاتصال هو ما دفع الباحثين إلى التعبير عن العولمة أنها: (أمركة)؛ إذ تستهدف بشكل خاص إشاعة وتعميم وتسييد أسلوب الحياة الأمريكية وقيمها من خلال:
1 – قرية المواصلات الأمريكية.
2 – وحدة السوق الأمريكية.
3 – حضارة الاستهلاك الأمريكي.
4 – وحدة النمط المعيشي.
5 – الديمقراطية الأمريكية .
وهذا التصور يعبر عنه بوضوح الرئيس الأمريكي بيل كلينتون بقوله: (إن أمريكا تؤمن بأن قيمها صالحة لكل الجنس البشري، وإننا نستشعر أن علينا التزاماً مقدساً لتحويل العالم إلى صورتنا) .
وتنبع خطورة عولمة الإعلام من كونها وسيلة للسيطرة على الإدراك وتسطيح الوعي وتنميط الأذواق وقولبة السلوك، وهدف ذلك كلّه هو تكريس نوع من الاستهلاك لنوع معين من المعارف والأفكار والسلع تشكل في مجموعها ما يطلق عليه د. محمد عابد الجابري: ثقافة الاختراق.
ونختم هذا الحديث عن العولمة الإعلامية والثقافية بكلام أحد الباحثين الغربيين في كتابه: (تغريب العالم) ينقل لنا فيه كيف تتم عملية الغزو الثقافي في بلدان العالم، يقول: ( ينطلق فيض ثقافي من بلدان المركز، ليجتاح الكرة الأرضية، يتدفق على شكل صورة.. كلمات… قيم أخلاقية، قواعد قانونية… مصطلحات سياسية… معايير… كفاءة… ينطلق كل ذلك ليجتاح بلدان العالم الثالث من خلال وسائل الإعلام، المتمثل في إذاعات وتلفزيونات ، وأفلام وكتب، وأسطوانات فيديو، وأطباق استقبال فضائية، ينطلق عبر سوق المعلومات التي تحتكرها الوكالات العالمية الأربع: أسوشيتدبريس ويونايتدبريس (الولايات المتحدة)، رويتر (بريطانيا)، وفرانس بريس (فرنسا)، وتسيطر الولايات المتحدة على (65%) من تدفق هذه المعلومات.
هذا الفيض من المعلومات يشكل رغبات وحاجات المستهلكين – أو بتعبير أخر: الأسرى السلبيين- يشكل أنواع سلوكهم، عقلياتهم، مناهج تعليمهم، أنماط حياتهم، وبذلك تذوب الهويات الذاتية في هذا الخضمِّ من الغزو؛ لأن مواد الغزو تُصنع في معامل الغرب وفق معاييره ومواصفاته المعينة ) . ومن المؤكد أن المستهدَف خاصة بهذا الغزو الثقافي هم المسلمون: العرب منهم خاصةً، والمسلمون عامة، وذلك لعاملين اثنين:
أولهما: ما تملكه بلادهم من مواد أولية هائلة يأتي على رأسها النفط والغاز وثروات طبيعية أخرى.
ثانيهما: ما ثبت لهم عبر مراكز بحوثهم وجامعاتهم ومستشرقيهم أن هذه الأمة مستعصية على الهزيمة إذا حافظت على هويتها الإسلامية، ومن ثم فالطريق الوحيد هو القضاء على تفرد شخصيتها وإلغاء دينها الذي يبعث فيها الثورة والرفض لكل أشكال الاحتلال والسيطرة .
2. العولمة الاجتماعية:
تتحدد معالم هذه العولمة ومظاهرها من خلال مؤتمرات دولية كان الغرض منها تأطير الأنماط السلوكية الشاذة التي تتعارض مع الفطرة الإنسانية ونشرها، والتسلُّل لاحتواء موارد الدول الفقيرة واستغلالها لصالح المؤسسات المالية الغربية.
ففي شهر سبتمبر (أيلول) لعام 1994م عُقد في القاهرة المؤتمر العالمي للسكان والتنمية ، وفي شهر سبتمبر (أيلول) لعام 1995م عقد في بكين مؤتمر المرأة، وفي شهر يونيو (حزيران) 1996م انعقد في إستانبول مؤتمر الإيواء البشري.
وهذه المؤتمرات أطَّرتها منظمة الأمم المتحدة، وهي الذراع التنفيذي لمخططات الولايات المتحدة وحليفاتها في أوروبا.
وإن كانت الشعارات التي دأبت الأمم المتحدة على رفعها وفق دعايتها هي تحسين أوضاع العالم الاقتصادية والتجارية والعمرانية والاجتماعية، لكن حقيقة الأمر بخلاف ذلك ؛ بل إن هذه المؤتمرات أداة ووسيلة تستخدمها الليبرالية الجديدة للسيطرة على العالم فكرياً واقتصادياً من خلال تأطير السلوك الاجتماعي، واستبعاد الجوانب الأخلاقية في السلوك الاقتصادي وفق منظور خاص يخدم مصالحها الأيديولوجية والاقتصادية.
على أن الإجراءات التنفيذية التي رسمتها هذه المؤتمرات تدل دلالة واضحة على ذلك؛ ففي مؤتمر الإيواء البشري في إستانبول تم الاتفاق على مجموعة من الالتزامات تتضمنها وثيقة المؤتمر منها:
أ – التأكيد في البنود رقم: 140 ، 147 ، 150 من الوثيقة على ربط (السلطات المحلية) بالسوق المالي الدولي، ومؤسسات الإقراض الخاصة بالشؤون البلدية، مع العمل على توفير البنية التي تسمح للاقتصاد الدولي بالنمو والمساهمة في بناء البنية التحتية لمشاريع الإيواء وتكوين المراكز الحضارية .
ب – تغيير قوانين الملكية الخاصة بالأراضي: سواء الزراعية أو السكنية، وقوانين الإسكان والإيجارات، وفتح باب سوق شراء وبيع العقارات، وإزالة جميع العوائق الخاصة بتوفير المناخ الملائم لحرية السوق العقاري (البند رقم 56 من الوثيقة) .
ج – توسيع نظام الإقراض، وتمكين المؤسسات المالية العالمية من التغلغل في دول العالم الثالث من خلال عمل شبكة من البنوك، وربط تمويل توفير المباني والبنية التحية لمشاريع الإسكان بالإقراض الخارجي (البند رقم 30) .
ويتضح من خلال هذه البنود أن ما يحصل من أساليب إجرائية متعددة الأشكال لحل مشاكل اجتماعية واقتصادية هو تمكين لمراكز النظام الرأسمالي من إعادة احتواء دول العالم المتخلفة وإعادة امتصاص قواها طبقاً لمنطق تراكم رأس المال في تلك المراكز. والأخطر من ذلك أن هذه الإجراءات تؤدي حتماً إلى تآكل السيادة الوطنية التي تعدّ عاملاً كبيراً من عوامل تميز الهوية القومية للشعوب والأمم.
والحقيقة التي يجب أن تُذكر هنا هي أن هذه الأوضاع الجديدة ستعمق الهوة بين الفئات الاجتماعية وتزيد من معاناة الفقراء والمعوزين في مجتمعاتنا، ذلك أن آليات السوق التي تقوم عليها الفكرة الأساس للرأسمالية أو الليبرالية هي: أن من لا يستطيع كسب قوته يجب أن يموت؛ فهناك أصوات في الغرب تنادي بأن المليار من فقراء العالم الثالث زائدون عن الحاجة؛ وعليه فلا مسوِّغ لوجودهم ولا حاجة إليهم ضمن مفهوم فلسفة : البقاء للأقوى.
ولذا نجد الدعوة المستمرة لتغيير مفهوم الأسرة، والدعوة إلى الإجهاض، وقتل العَجَزة، وغير ذلك من الدعوات غير الأخلاقية وغير الإنسانية التي ما هي إلا نتيجة العبثية الرأسمالية العلمانية .
أما في مجال الأسرة التي تعدّ النواة الرئيسة لبناء المجتمع فنجد أنفسنا في مؤتمر بكين للمرأة أمام توصيات تدعو إلى نشر التعليم الجنسي ، وإدماج كل أشكال الانحراف من الزنا إلى الشذوذ لتصبح أوضاعاً طبيعية .
وقد تم تعبيد الطريق لهذه التوصيات لتتحول إلى قرارات ملزمة في مؤتمر الإيواء البشري الذي انعقد بعد ذلك بسنة في إستانبول؛ حيث ينص البند رقم 18.
من وثيقة المؤتمر على شمول الإيواء لمختلف أشكال الأُسَر؛ والمقصود من ذلك منح الشاذين جنسياً الذين يكوِّنون فيما بينهم أُسَراً، وتلك الأشكال من العلاقات بين الرجال والنساء الذين لا يرتبطون بعلاقات شرعية منحهم جميعاً مساكن للإيواء .
إن أخطر أنواع العولمة هي تلك (العولمة الطوعية) التي يدخل فيها الفرد باختياره وبملء إرادته؛ إذ توجد عولمة لا شعورية تلقائية يصل فيها المرء باختياره إلى الانهزامية والاستلاب في مواجهة النموذج الغازي، ولعل ذلك هو ما يقرره ابن خلدون في (مقدمته) أن المغلوب مولَع بتقليد الغالب.
لذلك ينبغي أن نفرِّق بين هزيمة الجيوش في ساحة المعارك ، وانكسار الأمم والشعوب في مجال الأفكار والقيم؛ إذ إنّ الأولى في بُعدها العسكري هي تعبير عن طبيعة الحروب؛ فالمعارك ما هي إلا كرّ وفرّ وفقاً للسنة الإلهية:  وتلك الأيام نداولها بين الناس [آل عمران: 140]. أما انكسار الأمم وهزيمة الشعوب النفسية فهي قاصمة الظهر.
ولعلّ ذلك ما علمتنا إياه تجربة التاريخ في حروب الفرنجة: (الحروب الصليبية)؛ فعلى الرغم مما حققته تلك الحروب خلال غزواتها المتعددة ومكوثها في بلادنا بين القرنين السابع والتاسع للهجرة الموافق للقرنين الثاني عشر والثالث عشر للميلاد، فقد استطاعت تلك الحملات الهمجية أن تُعمِلَ السيف في رقاب مئات الألوف، واستطاعت أن تمزق وتجزِّئ وتفسد في الأرض الإسلامية، ولكن الشيء الذي لم تستطع أن تفعله هو تخريب النمط العقدي والفكري والاجتماعي والحضاري ذي الطابع الإسلامي للبلاد؛ وهو الأمر الذي أبقى السلطة الفرنجية خارج المجتمع، على الرغم من أن حربها وسيوفها تغلغلت في داخل المجتمع الإسلامي.
لقتد أثبتت تلك التجربة أن الإسلام حين يبقى في قلوب الناس وفي شرايين حياتهم يشكل حالة مقاومة مستمرة تجعل الاحتلال أمراً مرفوضاً ومؤقتاً مهما بلغت سطوته ووصلت درجة قوته.
ولعل هذا ما يفسر موقف نابليون حين اجتاح مصر بجيوشه؛ فقد وجد نفسه في وجه (صَدَفَة مغلقة) لم يستطع أن ينفذ إلى داخلها، ولهذا تظاهر بإعلان إسلامه كذباً حتى يجد له مكاناً في الداخل ليجعل حكمه أمراً قابلاً للاستثمار.
وهكذا كل محتل في ظل العولمة لا بد له من تحطيم مقومات المجتمع الأصلي (ثوابت، مبادئ، قيم) ثم استحداث مجتمع آخر مكانه يحمل الرؤى الحضارية نفسها؛ وذلك لأن الهمينة الكاملة غير ممكنة ما لم تُحطَّم المقومات العقدية والحضارية، وتحلّ محلها مقومات التبعية من خلال إقامة المجتمع الاستهلاكي التابع، وبذلك تدخل الشعوب في مضمار العولمة الطوعية، وهي أخطر أنواع العولمة .
3. العولمة السياسية
وذلك من خلال استخدام الأمم المتحدة بعد الهيمنة عليها وعلى مؤسساتها السياسية المؤثرة خاصة مجلس الأمن الذي تعتبر قرارته ملزمة عالمياً، واستخدام حق النقض ( الفيتو ) المجحف عند الضرورة أو التلويح باستخدامه لمنع أي قرار لا يريده الغرب وخاصة أمريكا. ولعل ما يجري الآن من تعسف أمريكي بدعم بريطاني ومجاملة من بقية الأعضاء الدائمين في استعمال هذه المنظمة العالمية لتكريس هيمنة أمريكا دليل على ذلك. وما كشفه بطرس غالي الأمين العام السابق للأمم المتحدة في كتابه: «بيت من زجاج» بعد خلافه مع أمريكا هو غيض من فيض .
4. العولمة الثقافية
بعض الباحثين يعدون الثقافة مجرد مجال من مجالات العولمة. إلا أن نظرة فاحصة لأهداف العولمة وبرامج من يسعون فى صبغ العالم بها تؤكدعدم دقة هذه النظرة. ذلك أن العولمة الثقافية هي الهدف النهائي. والعولمة الاقتصادية والسياسية إلا وسائل للوصول إلى هذا الهدف. ومن الشواهد الواضحة على ذلك السعي إلى فرض القيم التى تحملها الثقافة الأمريكية اليوم على الأمم الأخرى. فمنزلة الثقافة من العولمة يمنزلة الرأس من الجسد.
والعولمة الثقافية تكون بترويج الأيديولوجيات الفكرية الغربية، وفرضها في الواقع من خلال الضغوط السياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية أيضاً؛ وذلك في مجالات عدة كحقوق الإنسان، والديمقراطية، وحقوق الأقليات، وحرية الرأي. وتستخدم في ذلك آليات ووسائل منها:
أ – إصدار الصكوك والاتفاقيات الدولية المصاغة بوجهة نظر غربية والضغط من أجل التوقيع عليها، مثل (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مكافحة التمييز ضد المرأة .. إلخ ). وهذه الاتفاقيات وإن كان فيها بعض الحق إلا أن فيها الباطل، ويكفي أنها مصاغة بوجهة نظر غربية صرفة .
ب – إصدار القوانين من أجل استخدامها ضد دول العالم الثالث باسم حماية الأقليات ، مثل قانون التحرر من الاضطهاد الديني الصادر عن الكونجرس الأمريكي .
ج – إصدار التقارير الدورية للضغط الإعلامي والسياسي والاقتصادي على المجتمعات الأخرى ، مثل إصدارات الكونجرس الأمريكي ووزارة الخارجية الأمريكية الدورية، وإصدارات المنظمات العالمية الكبرى الدورية، بل حتى الشركات التي تعنى بالتصنيف الائتماني (أي الملاءة المالية) للدول؛ حيث تستغل لصالح الدول والبنوك والمؤسسات المالية الغربية .

مخاطر العولمة:
للعولمة مخاطر ضخمة ومفاسد جمة من خلال تحوُّل العالم إلى غابة إلكترونية يستعلي فيها الكبار على الصغار؛ وتظهر هذه المخاطر داخل المجتمع للدولة الواحدة ، وكذلك داخل المجتمع العالمي.
ومن أهم المخاطر:
1. الخطر المجتمعي:
يحذر علماء الإصلاح الاجتماعي من أن أسوأ ما يقع على الأمم هو انقسام مجتمعها إلى طبقات الأغنياء والفقراء، وأن الآثار السيئة لتكدس الأموال في أيدي قلة من الناس تسبب تسلطهم وتحكمهم في مصير الكثرة، وتسخرهم لخدمتهم بغير حق . وكمثال لذلك أمريكا ذات النظام الديمقراطي، وكيف يؤثر المال على امتلاك وسائل الإعلام ومن ثم التأثير على العملية الانتخابية؛ بحيث لا تعبر في النهاية عن رأي الأغلبية. ولهذا كان منهج الإسلام هو وجود تشريعات تمنع أن يبقى المال دُولة بين الأغنياء؛ وقد ظهرت الطبقية والاحتكار من خلال إيجاد آليات وهياكل ومؤسسات اجتماعية، سواء كانت اقتصادية أو قانونية أو تشريعية، يتم من خلالها توجيه المال والسلطة والتأثير للأغنياء دون الفقراء، وتكرس انعدام الفرص أمام الفقراء في مزاحمة الأغنياء. بل ويكون المال والغنى معياراً لكثير من المناصب والمهام. ومن ذلك التشريعات الخاصة ببعض الأسواق التجارية والبورصات والتشريعات القانونية (غير المكتوبة) في أمريكا والمنحازة إلى فئة دون أخرى، ومن ذلك ما يظهر في طبيعة هيكلة الأحزاب السياسية. وقد حذرت مجلة Foreign Affairs الأمريكية في عدد سابق من نشوب ثورة اجتماعية عالمية بعد نقدها لفكرة العولمة؛ لأنها تترك وراءها الملايين من العمال الساخطين، وحالات اللامساواة، والبطالة، والفقر المستوطن، واختلال التوازن الاجتماعي، بالإضافة إلى تخلي الدولة عن مواطنيها، ونشوء الطبقية الفاحشة داخل مجتمع الدولة الواحدة كذلك تسبب تكريس الهوة بين الدول النامية والدول المتقدمة وبين أغنياء العالم وفقرائه.
ومن مظاهر الخطر الاجتماعي:
– ثلاثة أغنى أغنياء أمريكا ثروتهم أكثر من ثروة قارة إفريقيا كلها التي فيها 600 مليون نسمة.
– 30% من سكان العالم دخلهم اليومي يقل عن دولارين، و20% من سكان العالم يقل دخلهم اليومي عن دولار واحد، وكلهم من الدول النامية.
– 20% من سكان العالم يملكون 80% من ثروته ، والباقي من السكان يملكون الباقي من الثروة.
– حركة المال العالمي اليومي تزيد على 10 تريليون دولار يملك معظمه عدد محدود من الشركات والأشخاص في هذا العالم، معظمهم في العالم الغربي.
– التجارة الإلكترونية (السوق الإلكتروني) شبه محتكرة للغربيين خاصة أمريكا التي تحصل على نصيب الأسد من هذه التجارة، حيث بلغت حصتها من هذه السوق نسبة قريبة من النصف والباقي لبقية العالم وخاصة الدول الغربية الأخرى، بينما الدول النامية لا تحصل إلا على واحد بالألف.
– خمس دول غربية فيها 172 شركة من أصل 200 شركة كبرى في العالم، وهي أمريكا، و اليابان، و فرنسا، وألمانيا، و بريطانيا.
– في العالم 358 شخصاً يملكون ما يملك 45% من سكان العالم أي 6,2 مليار شخصاً.
– هناك توقعات بازدياد البطالة والفقر مستقبلاً؛ فحوالي 30% من طاقات العمل تكفي عندما تدخل التقنية الإلكترونية في الإدارة وفي سوق العمل.
– الأرباح المتوقعة من اتفاقيات منظمة التجارة العالمية قد تصل إلى 200 مليار دولار، معظمها يذهب إلى الشركات الغربية بينما لن يحصل العالم العربي إلا على 1% منها .
– كل خمس دولارات في العالم يملك الغرب أربعة منها ويترك دولاراً واحداً فقط لبقية المناطق .
– وفي مجال التكنولوجيا نجد أن 40% من كمبيوترات العالم توجد في أمريكا؛ بينما نجد واحداً من كل ثلاثمائة أفريقي يملك خطاً هاتفياً واحداً، ونجد أن 80 % من مالكي الهواتف الخلوية هم من العالم الغني بينما توصف بنغلادش بأنها صحراء هاتفية.

2.الخطر الثقافي :
محاولة صهر الثقافات الموجودة في ثقافة واحدة هي الثقافة الغربية وبالذات الأمريكية ، وجعلها النموذج العالمي مستغلة التقدم التكنولوجي في مجال الاتصالات، وما ترسله عبر الفضائيات من سيل جارف من المواد الإعلامية، وتفريغ العالم من الهوية الوطنية والقومية والدينية.
ومن مظاهر ذلك أيضاً:
– يوجد في العالم 6000 لغة، لكن 90% من برامج الإنترنت تبث باللغة الإنجليزية مما يسبب تهميشاً للغات الأخرى حتى الحية منها؛ مما دعا الرئيس الفرنسي شيراك إلى الدعوة إلى إقامة تحالف بين الدول التي تعتمد لغات من أصل لاتيني للتصدي بشكل أفضل لهيمنة اللغة الإنجليزية لدى افتتاحه منتدى حول تحديات العولمة في 20/3/2001م . ومن المعلوم أن الوكالة الفرنكفونية والمنظمة الدولية للفرنكفونية أُنشئتا لهذا السبب. كما أفادت دراسة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة نشرت في 8/2/2001م أن نصف اللغات المحلية في العالم في طريقها للزوال، وحذرت الدراسة من أن 90% من اللغات المحلية سوف تختفي في القرن الحادي والعشرين.
– استخدام بعض الصكوك الدولية والقوانين عند بعض الدول للضغط من أجل تغيير الهويات وصهر الثقافات، وكمثال على ذلك قانون (التحرر من الاضطهاد الديني) الأمريكي الذي تستخدمه في التدخل بشؤون العالم الإسلامي بدعوى حماية الأقليات، وإتاحة حرية ممارسة العبادة وإقامة دور لها.
– الآثار الثقافية السلبية التي يمكن أن تنشأ من السير في فلك منظمة التجارة العالمية؛ حيث تتيح تفسيرات قوانينها الاعتداء على الخصوصيات الثقافية بدعوى تسهيل انسياب حركة التجارة العالمية.
3. الخطر الأخلاقي:
– وذلك بما يبث عبر شبكات التلفزة والإنترنت من أفلام جنسية ومواد إعلامية تروج الفاحشة والرذيلة. وقد بلغ هذا النوع من المواد والأفلام من الكثرة لدرجة أن ألمانيا التي يسمح قانونها بعرض العملية الجنسية على المسرح مباشرة أمام المشاهدين قامت بإغلاق 200 موقع إباحي عام 1996م . وبلغت تلك البرامج رواجاً كبيراً لدرجة أن استفتاءً في بريطانيا أظهر أن نسبة 1 : 3 من طلاب المدارس الثانوية يشاهدون أفلاماً إباحية.
– هناك نصف مليون موقع على الإنترنت تتعامل مع الصور المخلة بالآداب، وتشرح طرق استعمال المخدرات ، ووسائل استخدام العنف ( 1997م ).
– استخدام جسد المرأة أداة نفعية مادية؛ وذلك بتضخيم الجانب الشهواني ؛ حيث تعتبر المرأة سلعة يمكن تسويقها من خلال العروض التلفزيونية والإعلانات.
وكذلك تعتبر المرأة آلة لتسويق السلع الاستهلاكية لمستحضرات التجميل والأزياء، ويظهر ذلك من خلال عروض الأزياء، ومسابقات ملكات الجمال، وقد توسعت مسابقات ملكات الجمال لتشمل ملكات جمال الإنترنت.
4. الخطر الاجتماعي:
ويتمثل ذلك بمحاولات الدول الغربية تحت مظلة الأمم المتحدة أن تفرض أنموذجها الاجتماعي، وأن تفرض على العالم قيم المجتمع الغربي المختلة في مجال الأسرة والمرأة من خلال المؤتمرات الدولية في المجالات الاجتماعية المختلفة، ومن خلال المؤتمرات الإقليمية ولجان المتابعة لتوصيات هذه المؤتمرات المتعددة والمنتشرة، والتي تدعو إلى اعتماد النموذج الغربي في الحياة الاجتماعية والسكان ، كما أن توصيات هذه المؤتمرات قد تصل إلى ما يشبه القرارات الملزمة.
ومن أبرز توصيات هذه المؤتمرات:
– الحرية الجنسية وإباحة العلاقات الجنسية خارج إطار الأسرة، وتقليل قيمة الزواج.
– تكريس المفهوم الغربي للأسرة، وهو أنها تتكون من شخصين فأكثر ولوكانا من نوع واحد.
– إباحة الشذوذ الجنسي بكل أنواعه، ومن المعلوم أنه مُقَرٌّ في بعض القوانين الغربية.
– فرض مفهوم المساواة الشكلي بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات والحياة العامة.
ومن مظاهر الاستجابة لهذه العولمة الاجتماعية في العالم العربي نلاحظ:
– تزايد النشاط النسوي الوافد بما يحمله من فكر تغريبي، ومثاله: الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية في المغرب ( 2000م ).
– الاتجاه لإعادة النظر في قوانين الأسرة في العالم الإسلامي، كما حصل في مصر أخيراً.
– تزايد التمويل الأجنبي المشبوه لمنظمات وهيئات نسوية أو معنية بشؤون الأسرة والمرأة.
– طرح مناقشات وبرامج حول المرأة في المجتمعات المحافظة، كما حصل في بعض دول الخليج أخيراً.
5. خطر الفوضى العالمية وعدم السيطرة:
تتيح التقنية وسائل جديدة للمجرمين واللصوص وتجار المخدرات؛ حيث إن توحد السوق وضخامة ما يضخ فيه من مال يغطي عمليات السرقة وغسيل الأموال، فتكثر عصابات المافيا وأساليب الاحتيال، وقد تغري بدخول أجهزة استخبارات لبعض الدول وسط معمعة الفوضى لتحقيق أغراض مالية أو سياسية. ومن مظاهر ذلك:
– مواقع على الإنترنت فيها إرشادات للإرهابيين؛ حتى وصل الأمر إلى أن يناقش هذا الموضوع في الكونجرس الأمريكي تحت عنوان : « الإنترنت وعلاقته بالإرهاب » .
– عشرات الألوف من المواقع على الإنترنت تشرح طرق استعمال المخدرات ووسائل استخدام العنف.
– سرقة البرامج؛ حيث قدرت قيمة البرامج المسروقة في عام 1993م ببليوني دولار.
– سرقة أرقام بطاقات الائتمان؛ حيث قامت عصابة واحدة بسرقة 000 . 140 بطاقة عام 1994م ، وتم نشرها على لوائح .
– إفساد البرامج داخل أنظمة الكمبيوتر. وبحكم ترابط شبكات الكمبيوتر والمعلومات يعظم الإفساد. وكمثال قريب لذلك فيروس «الحب». وما زالت محاولات نشر الفيروسيات عبر الإنترنت والبريد الإلكتروني مستمرة .
هذه جوانب من المخاطر، وهناك جوانب أخرى لم نتطرق إليها لوضوحها للمراقب والمتابع، ومنها خطر العولمة الاقتصادية ذلك الغول الخطير الذي يهدد دول الجنوب عامة ، ويمكن أن يحولها إلى شبه ملكية خاصة للشركات الغرببة العملاقة المتعددة الجنسيات.

كيف نستثمر آليات العولمة ؟
كما أن للعولمة أخطارها الضخمة فإن هناك كثيراً من المكاسب والفرص التي هي جزء من الحركة الفاعلة والإيقاع السريع لمعطيات العصر. فالموقف العقلاني الرشيد ليس فقط المقاومة، وإنما نضيف إلى ذلك ما ينبغي أن يكون عليه موقفنا من استثمار الفرص السانحة باستخدام آليات العولمة بما يخدم المسلمين ويحافظ على هويتهم ويبرز موقفهم ويحمي كيانهم . ومن أمثلة هذا الاستثمار:
1. الاستثمار في مجال الإعلام والاتصالات:
– إن سهولة الاتصالات ونقل المعلومات ستُحدِث نقلة نوعية في أساليب الإدارة والعمل، فيستطيع الأفراد العمل من منازلهم في بعض الوظائف. وقد بدأت عدد من الشركات الأمريكية والأوروبية بتخصيص أوقات معينة لكي ينجز الموظفون أعمالهم الموكلة بهم من منازلهم دون الحاجة للحضور، وأغلب الذين يعملون بهذا الأسلوب من النساء. فهذا الأسلوب سيتيح الفرصة أمام الأسر المحافظة والمجتمعات المحافظة لإنجاز أعمال كثيرة عن طريق الإنترنت دون الحاجة لخروج المرأة من منزلها وترك بيتها وأطفالها، وخاصة إذا علمنا أن نسبة استخدام النساء للإنترنت في مجتمع محافظ كالسعودية نسبة عالية بحسب إحصائية أخيرة.
– تحرير وسائل الإعلام وتطورها وسهولة امتلاكها وإنشاء القرى الإلكترونية الحرة سيتيح مجالاً لأي فرد أو مجموعة أو منظمة تريد أن تقيم محطات فضائية أو وسائل إعلام أخرى لنشر الإسلام والدعوة إلى الله، ونشر العلم، والدفاع عن المسلمين، والرد على الشبهات بحرية دون وصاية أو رقابة رسمية أو الخضوع لأنظمة مقيدة، ومن أمثلة ذلك الجهود الحثيثة في أكثر من جهة لإنشاء قنوات فضائية إسلامية مستقلة داخل القرى الإعلامية الحرة المقامة في بعض الدول.
– التغطيه الإعلامية الواسعة للأحداث من خلال الفضائيات أتاحت تغطية واسعة لقضايا المسلمين، وقلل من فرصة الإعلام الغربي أن يعتم إعلامياً على قضايا المسلمين أو يعرضها من وجهة نظره المنحازة في أغلب الأحيان، وكمثال على ذلك التغطية الواسعة لما يجري في فلسطين المحتلة بحيث وضع العالم في صورة ما يحدث لحظة لحظة، وكشف ممارسات الصهاينة هناك، ولا شك أن الإعلام له تاثير مباشر على صنع الرأي العام الذي يؤثر على الأنظمة السياسية في سبيل تعديل مواقفها، ومما هو جدير بالذكر أن صورة مقتل (محمد الدرة) التي أثرت بشكل ملحوظ على الرأي العام العالمي كانت لقطة لمصور وكالة الصحافة الفرنسية، وهذا أمر أغضب اليهود، وأغضبهم أكثر أن تكون من مصور وكالة غربية.
2. الاستثمار في المجال الاقتصادي:
مع التسليم بخطورة العولمة الاقتصادية على اقتصاديات الدول الضعيفة ، وخطورة فتح الأسواق وتحرير التجارة في هذه الدول والذي سيكون لصالح الشركات الكبرى الغربية إلا أن كثيراً من هذه الدول إذا أحسنت استخدام إمكاناتها وما تتميز فيه من موارد على غيرها من الدول الغربية، ورشدت سياساتها الاقتصادية، وحاربت الفساد المالي والإداري المستشري، فإنه يمكنها أن توظف جانباً من هذه العولمة الاقتصادية لصالحها فمثلاً:
– الانضمام لمنظمة التجارة العالمية يمنع أوروبا من وضع رسم 12% على المستوردات البتروكيمائية من بعض الدول الإسلامية البترولية؛ فمثلاً الإنتاج السعودي من البتروكيمائيات يزيد على 5% من الإنتاج العالمي ؛ فكم ستكون الفائدة إذا أزيلت الحواجز الجمركية أمام هذه السلعة المتوفرة لدى الدول المنتجة للنفط ومعظمها دول إسلامية؟
– يتيح انضمام الدول المنتجة للنفط إلى المنظمة الفرصة للضغط بمعاملته باعتباره سلعة صناعية من سلع المنظمة، فتزول الضرائب المفروضة عليه في الدول المستوردة. ففي تقرير لمنظمة الأوبك مؤخراً أظهر أن أكثر من 70% من سعر النفط المصدر إلى دول الاتحاد الأوروبي يذهب إلى الخزائن الحكومية بينما يحصل منتجو النفط على أقل من 30% . كما أوضحت تقارير أخرى أن عائدات أربع دول أوروبية من ضرائب النفط في عام 1998م يفوق عائدات كل دول أوبك من تصدير النفط في ذلك العام. فإذا علمنا أن معظم الدول المنتجة هي دول إسلامية، ومنها السعودية التي يعادل إنتاجها 13% من الإنتاج العالمي يتبين مدى الفائدة المرجوة .
– كذلك فالانضمام إلى المنظمة سيدفع إلى إزالة معوقات كثيرة تقف في وجه التنمية، وإلى تحديث الأنظمة وإلى وجود الشفافية لتصحيح مسارات التنمية، وإلى تحديث الإجراءات القضائية، وتخليص الأنظمة الحمائية التي لا تتمشى مع روح النظام الاقتصادي الإسلامي وتضعف هياكل الإنتاج .
– انفتاح السوق مع ما يجلبه من سلبيات إلا أنه سيدفع إلى التنافس الذي سيحكم طبيعة السوق الحر المفتوح، وهذا سيدفع إلى تخصيص مؤسسات عامة كثيرة؛ وخاصة قطاع الخدمات الذي يعاني من سوء في الإدارة وضعف في الإنتاجية في معظم دول العالم الثالث، لتكون أقدر على المنافسة وأوضح للمحاسبة، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى الخدمات وتحسين مستوى المعيشة والرفاهية، وسيخلق بيئة عمل حيوية وفعالية أكثر للمجتمع.
– انفتاح السوق وإزالة العوائق النظامية سيتيح طرح البدائل الإسلامية في الخدمات، كالبنوك الإسلامية التي قيد انتشارها في عدد من البلدان مع نجاح التجربة، بحيث ستجد فرصتها في سوق الخدمات الحر، كذلك بدائل التأمين التعاوني الشرعي في مواجهة التأمين التجاري بصورته الرأسمالية.
– تتيح التقنية الحديثة للاستثمار ( التجارة الإلكترونية ) لمشاركة عدد من مستثمري دول العالم الثالث عبر القنوات المفتوحة، خاصة إذا استحدثت قنوات آمنة للاستثمار من الناحية الشرعية في أسواق البورصات العالمية، مثل محاولة عدد من المتخصصين في الاقتصاد الإسلامي إيجاد مؤشر إسلامي على «مؤشر داوجونز» باسم ‘ Islamic Index Dowjones.
3. الاستثمار وفي مجال الإنترنت:
– الإنترنت ثمرة من ثمار التقنية كسرت احتكار الغرب للمعلومات، وأتاحت فرصة الوصول إلى المعلومات في المجالات المختلفة بنفس السرعة المتاحة للغربيين سواء كانت معلومات علمية أو إخبارية. وإذا كانت مقولة أن العصر هو عصر المعلومات، وأن هيمنة الغرب هي بالمعلومات وذلك باستخدامه الفاعل لها؛ فإن هذه الفرصة أصبحت متاحة لغيرهم، فإذا أحسنا استخدام المعلومة، وعرفنا طرق الوصول إليها فسنستطيع أن نقلل الهوة بيننا وبين الغربيين في مجالات عدة.
– كذلك فالإنترنت منبر حر دون رقيب، وميدان فسيح دون قيود لكل من يحسن استثماره واستغلاله، ويستطيع أي مفكر مسلم أو داعية مسلم أن يطرح ما يريد من خلال صفحات لا حصر لها ، ويمكن نشر الإسلام والعلم الشرعي وإتاحته لكل من يطلبه دون عناء. ويمكن أن تصدر صحف ومجلات دورية دون قيد أو شرط. وكمثال على ذلك موقع القوقاز الذي يغطي أخبار المجاهدين الشيشان على شبكة الإنترنت؛ فلقد استطاع أن يحطم حاجز التعتيم الإعلامي عليهم، وأن يضع العالم في صورة ما يحدث هناك بشكل شبه يومي، وشكَّل مصدراً مهماً لأخبار المجاهدين الشيشان لوكالات الأنباء العالمية .
– كذلك نستطيع استخدام هذه الشبكة في مجال الاحتساب العام من خلال توسيع مجاله وتطوير مفهومه ليتلاءم مع الآليات المتطورة. وبذلك نستطيع رفع فعالية المصلحين والمحتسبين على المنكرات العامة الدولية منها والإقليمية .
ومن أمثلة هذه المحاولات: إصدار وثيقة تستنكر أفعال الصهاينة بالفلسطينيين في بداية الانتفاضة الثانية والتي وقعها مئات العلماء والدعاة والمفكرين والمثقفين في أنحاء العالم عن طريق الإنترنت. كذلك ما تجريه بعض القنوات الفضائية من التصويت على قضية من القضايا وموقف من المواقف الهامة تجاه مستقبل الأمة ومصيرها ، وما تطرحه بعض المواقع على هذه الشبكة من حشد التواقيع ضد قضية ظلم تجاه المسلمين وإرسالها إلى الظالمين. وكذلك ما تقوم به المنظمات الإسلامية في أمريكا والمدافعة عن حقوق المسلمين مثل منظمة «كير» CAIR في واشنطن واستخدامها الفعال للإنترنت في الاحتساب على منتهكي حقوق الإسلام والمسلمين . ومن أبرز الأمثلة في هذا الجانب كيفية توظيف معارضي العولمة أثناء قمة سياتل عام 1999م أدوات العولمة لمواجهتها، حيث نظم المعارضون جهودهم ونسقوها عبر شبكة الإنترنت مما أربك المؤتمر وساعد على هزيمته.
– استثمار تقنيات نقل المحاضرات، مثل تقنية غرف PALTALK في نظام هذه الشبكة، حيث تستطيع أن تلقي دروساً وتقدم محاضرات وتجري حوارات وتدفع بردود على الهواء مباشرة بشكل مرئي ومسموع، ويُستمع إليك من كل أنحاء العالم. وإذا علمت أن المشتركين في هذا النظام بلغ حتى الآن خمسة ملايين مشترك ويزيدون باطراد؛ فلك أن تتصور مقدار المصالح التي يمكن أن تتحقق في باب الدعوة ونشر العلم وإزالة الشبهات وترسيخ المنهج. وقد استخدم هذا النظام في نقل بعض دروس الحلقات العلمية الصيفية بالرياض فكان المستمعون لها من كل أنحاء العالم يتابعون دروسها في الوقت نفسه الذي يستمع لها المشاركون في المسجد نفسه، ويطرح البعيدون أسئلتهم كما يطرحها القريبون.
4. الاستثمارفي المجال الثقافي والفكري والاجتماعي:
– نستطيع أن نوظف المشاركة في هذا النوع من المؤتمرات واللجان في طرح الرؤى الإسلامية في المجالات الفكرية والثقافية الاجتماعية ، ونبين مخاطر قيادة الغرب للعالم في هذه المجالات، ببيان الآثار في الواقع وأن ذلك ثمرة لحَيْدة البشرية عن مصدر الهدى والرشاد وهو الوحي . كما أن منتديات حوار الحضارات ستكون ميداناً فسيحاً للغزو الفكري المضاد، وسنجد أننا استطعنا القيام بواجب الدعوة إلى الله والشهادة على الناس من خلال هذه المنتديات والفعاليات. وسنجد أننا نملك ما لا يملكه الآخر، وأنه أتيحت الفرصة لنا لإبراز جوانب القوة التي نملكها أمام قوة الغرب المادية والتقنية. ولعله أن يهتدي من أراد الهدى من خلال الدعوة إلى المنهج الحق وبيان محاسنه ومقارنته بفساد مناهج الآخرين في هذه المجالات .
والملاحظ أنه رغم تأثيرات الإعلام الغربي والأمريكي بالذات في نشر نمط الثقافة والحياة الأمريكية في العالم عبر الفضائيات والأفلام والمجلات والإنترنت فإن الدعوات الدينية والأخلاقية المضادة ما تزال تكسب أنصاراً جدداً في غير مكان من العالم وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية؛ وهذا يجعلنا نتفق مع تأكيد صاحب كتاب: «توالد العولمة: التحولات والممانعة » بتلازم التحولات العولمية مع ازدياد تحولات الممانعة والمقاومة لها، وأن المنظومات الدينية تعتبر من أكبر المنتفعين من العولمة لا سيما من جهة استثمار وسائل الاتصال الحديثة وتوظيفها لنشر رسالتها الدينية.
– كذلك يستطيع العرب المسلمون أن يحدثوا عولمة للغة العربية خاصة في أوساط المسلمين، وذلك بما يضخونه من مواد علمية وفكرية وشرعية وقرآنية مكتوبة أو مسموعة بحيث يعتاد المسلمون من غير العرب قراءة هذه المواد وسماعها مما ينعش حيوية اللغة العربية؛ خاصة إذا استحضرنا العلاقة الوثيقة بين اللغة العربية والدين الإسلامي . ومن جهة أخرى يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقليل شأن اللهجات المحلية والقطرية لصالح الفصحى.
وخلاصة القول:
هناك فرص أخرى كثيرة يمكن للمتأمل أن يجدها فيما تتيحه المعطيات الجديدة المشكِّلة لبيئة العولمة، ولكن لا نعقلها وندرك كيفية استثمارها إلا بفهم عميق وإدراك ذكي لقوانين هذا العالم وطبيعة هذه العولمة ، ومعرفة جوانب القوة وجوانب الضعف في مراكز القوى، وكيف ينشأ القرار العالمي ، واستيعاب استخدام التقنية وتعميمها بحيث لا تبقى في محيط النخبة فقط.
الموقف:
إذا استثنينا اتجاه فريق يرى المقاومة بالانعزال عن هذا العالم لضعف تأثيره وقلة مؤيديه وعدم قدرته على الصمود الطويل ؛ فهناك اتجاهان بارزان يحددان مواقف النخب الفكرية من تيار العولمة:
الأول: اتجاه الذوبان، وهو الذي ينطلق من أن العولمة محتوى وآليات هي خيار وحيد وحتمي لهذا العالم ولا بد من الذوبان فيها والانصهار الحتمي معها؛ ويمثله طائفة من المفكرين العلمانيين .
الثاني: اتجاه نقدي عقلاني رشيد يحاول تفهم قوانين العولمة دون التسليم بحتمية القيم التي تجلبها، ويعرف كيفية مواجهة تحدي المحافظة على الهوية الإسلامية والثوابت العقدية والثقافية مع معايشة العصر بفكر متفتح ورأي مستنير وسلوك رشيد. وهذا الموقف الصحيح يقوم على مقاومتها موضوعًا ومحتوى ، واستثماره وسائل وآليات. ولذا نحتاج إلى ما يلي:
أ- تعميق الوعي العقدي والديني والخلقي؛ ذلك أن العولمة تحمل روحًا علمانية مادية ، وتؤسس حياة استهلاكية دنيوية تختزل الإنسان في بعده المادي والاستهلاكي ، وتهون من شأن القيم والمعايير الأخلاقية والثوابت الدينية. والتركيز على التربية الدينية والأخلاقية للحماية من تيار الشهوات الجارف الذي تغذيه وتدفع به فكرة العولمة من جهة الآليات والمحتوى.
ب- إنعاش قيم التفوق الثقافي والفكري والأدبيات الحضارية المكافئة والملائمة لقيم العولمة الثقافية والحضارية، مثل الشورى والعدل وحقوق الإنسان بأصولها الشرعية بدلاً عمَّا يقابلها من القيم الغربية بأصولها العلمانية.
ج- المحافظة على الخصوصية الثقافية مع الانفتاح الفكري الذي يجعلنا نستوعب ما عند الآخرين من علوم وفهوم ومنجزات حضارية ، ونمتنع عن التأثر السلبي لهذا الانفتاح.
د- قيام حركة تأصيلية نشطة لبعض قضايا المنهج، وتحرير بعض المواقف العلمية، والتفريق بين قضايا الاجتهاد وقضايا الافتراق، ومواجهة النوازل المستجدة التي تفرضها طبيعة العصر، والردود العلمية على الشبهات التي تنشرها بعض وسائل الإعلام .
هـ – الحذر من ظهور تيارات عقلانية ومدارس منحرفة متأثرة بالاكتساح الحضاري تفسر الإسلام وأحكامه وقيمه تفسيرًا يتلاءم ويتوافق مع قيم وفلسفة الحضارة الغربية، ويستجيب للروح المنهزمة التي يعيشها كثير من المسلمين.
و- الانفتاح والحوار الفكري والحضاري ؛ بحيث تمتد أيدي الحوار، والصراع الحضاري حيث تشرئب أعناق الهيمنة الحضارية.
ز- الاستعلاء بالإيمان، والثقة بأن المستقبل لهذا الدين ولهذه الأمة، وتحرير العقل من ثقافة الغرب والولع به، واعتبار ذلك من الثوابت الدينية التي لا بد من الإيمان بها، وأنها من مقتضيات الدين الصحيح، وهي من لب الرسالات وكلام المرسلين ، وقد توصل لهذه الحقيقة من أراد أن يحرر شعبه من هذه التبعية عندما قال (مانديلا): "حرروا عقولكم من ثقافة الرجل الأبيض تحرروا أرضكم من هيمنته" .
ح- استخدام وسائل التقنية وآليات العولمة بكفاءة من أجل عولمة مضادة ، وذلك في معركة المشروع الغربي (التغريبي) بكل مفرداته وبين المشروع الإسلامي الشامل بكل مفرداته، وذلك من خلال عولمة الرؤى والمواقف الإسلامية، وتجاوز الروح والنظرة الإقليمية الضيقة في النظر إلى مستقبل الإسلام في أتون الصراع العالمي.

معلومات عن العولمة و ان شاء الله تستفيدون منها …

مصطلح العولمة من أكثر المصطلحات المعاصرة انتشارا وغموضا في الوقت نفسه . ولذلك يتساءل كثير من الناس عن معنى هذا المصطلح، هل هو جعل الأنظمة السياسية الموجودة في العالم على نمط سياسي واحد؟ أم فتح الأسواق وإلغاء القيود والحواجز الاقتصادية بين الدول ؟ أم تصدير ثقافة معينة ينبغي لها أن تسيطر وتفوق غيرها من الثقافات ؟ أم أن العولمة هي كل ما تقدم ، بل وربما أكثر ؟

ثم يأتي السؤال الأهم وهو : ما حكم العولمة في الإسلام ؟ وما موقف المسلمين منها ؟

للإجابة عن هذه الأسئلة ، عُقدت كثير من المؤتمرات والندوات والمحاضرات، بغية تجلية هذا الأمر وبيان الموقف منه . إلا أن ما قدم فيها ـ وبخاصة العولمة الاقتصادية ـ كان يعاني أمرين : إما طرح الموضوع والتعمق فيه من الناحية الاقتصادية دون بيان الحكم الشرعي، أو طرح إسلامي عام لا يضع النقاط على الحروف ؛ فلا يبين الحكم الشرعي بعد دراسة الظاهرة دراسة وافية ، ولا يطرح حلولا تفصيلية وسياسات شرعية يمكن تطبيقها في الواقع. فمعظم الكتابات الإسلامية التي صدرت اتسمت بالعمومية وعدم التعمق ، حيث اشتملت على أحكام متعجلة وتوصيات أقرب إلى التمنيات منها إلى الحلول والسياسات ، باستثناء بعض الرسائل العلمية القليلة جدا التي تناولت أجزاء يسيرة من هذا الموضوع الضخم . ولا شك أن تشعب الموضوع وتعقيده قد حال دون الوصول إلى المقصود .

وإسهاما مني في تجلية هذا الأمر ، فقد بحثت هذا الموضوع ، من ناحية معنى العولمة بعامة والعولمة الاقتصادية بخاصة ، وأهدافها ، وأدواتها ، وأسباب بروزها ، وآثارها الاقتصادية في الدول الإسلامية ، ومنظماتها التي تخطط لها وتطبقها على شكل سياسات في الدول النامية وهي : البنك الدولي للتعمير والتنمية ، وصندوق النقد الدولي ، ومنظمة التجارة العالمية . وقد بينت حكم تلك السياسات في الشريعة الإسلامية وطرحت سياسات شرعية يمكن أن يستغنى بها عن سياسات تلك المنظمات في حالة معارضتها للشريعة الإسلامية ، أما سياساتها الموافقة للشريعة فيمكن الأخذ بها إذا اقتضى الأمر.

والعولمة "Globalization" لفظة إنجليزية حديثة المنشأ ، لا يجدي البحث عنها في المعاجم العربية . بل لا بد من الرجوع إلى المعاجم والقواميس الأجنبية لمعرفة المقصود بها . وبالرجوع إلى بعض تلك المعاجم وجدت أن أصل اللفظة هو " Globe " ويعني : كرة، أو الكرة الأرضية ، أو كرة يعلوها صليب ترمز إلى سلطة الملك وعدالته. والصفة منها " Global " وتعني : كروي ، أو عالمي ، أو شامل. أما الاسم وهو " Globalization " فيعني ما يلي:

"worldwide in scope or application To make global ;esb.to make "

أي أن العولمة هي إكساب الشيء طابع العالمية ، وبخاصة جعل نطاق الشيء أو تطبيقه عالميا. ويلاحظ على صيغة " zation ـ " في لفظة "Globalization" أنها تفيد وجود فاعل يفعل ، فليس الأمر عفويا.

وقد ترجمت اللفظة الإنجليزية "Globalization " إلى ثلاثة ألفاظ عربية هي: " العولمة " و"الكوكبة "و" الكونية ". وقد انتشرت اللفظة الأولى على لسان كثير من الكتاب والمفكرين، وإن كان بعضهم يعترف بأن لفظة " الكوكبة " أدق من لفظة " العولمة " ؛ لأن لفظة العولمة اشتقاق من "عالم " الذي يقابل " World " وليس من " الكوكب " الذي يقابل "Globe" .

وقد اختلفت التعريفات الاصطلاحية للعولمة ، باختلاف توجهات وأفكار من يعرَّفونها ، قبولا أو رفضا . فبينما يعرفها الغربيون بتعريفات تبدو محايدة وبراقة ، يعرفها بقية المفكرين في الدول النامية وبخاصة المسلمين منهم، بتعريفات تصورها على أنها خطر داهم يجب التنبه له ومواجهته . كما أن تعريفاتهم للعولمة قد اختلفت أيضا من شخص لآخر، بسبب تعقيدها وتشعبها وتعدد جوانبها، بل رأى بعضهم ، عدم جدوى البحث عن تعريف جامع مانع ، واكتفى بتحديد المعنى ومعرفة أبعاده ومضامينه.

فمن الفريق الأول ـ وهو المؤيد للعولمة ـ عرفها صندوق النقد الدولي بأنها " تزايد الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين بلدان العالم ، بوسائل منها: زيادة حجم وتنوع معاملات السلع والخدمات عبر الحدود والمتدفقات الرأسمالية الدولية ، وكذلك من خلال سرعة ومدى انتشار التكنولوجيا ".

ويؤخذ على هذا التعريف ، أنه يحصر العولمة في المجال الاقتصادي ويهمل المجالين : السياسي ، والثقافي . كما أنه يصور العولمة وكأنها ظاهرة تلقائية تحدث عفويا بين الدول ، وليس خلفها جهات توجهها وتسيرها . وكما أن هذا هو المعنى المعلن للعولمة ، أما المعنى الخفي فشيء غير ذلك .

ومن الفريق الآخر ـ وهو المعارض للعولمة ـ عرفها الأطرش بأنها " اندماج أسواق العالم في حقول التجارة، والاستثمارات المباشرة ، وانتقال الأموال ، والقوى العاملة، والثقافات ، والتقانة ، ضمن إطار من رأسمالية حرية الأسواق، وتاليا خضوع العالم لقوى السوق العالمية ، مما يؤدي إلى اختراق الحدود القومية، وإلى الانحسار الكبير في سيادة الدولة، وأن العنصر الأساسي في هذه الظاهرة، هي الشركات الرأسمالية الضخمة متخطية القوميات ".

وعرفها الدكتور الزنيدي بأنها : " ذلك التوجه وتلك الدعوة التي تسعى إلى صياغة حياة البشر في مختلف الأمم ، وفق القيم والمسالك والأنماط الغربية ـ وبالدرجة الأولى الأمريكية ـ وتحطيم خصوصيات الأمم المختلفة ، إما بالترغيب أو بالترهيب ". ثم ذكر أن هذا التعريف تلتقي فيه عامة التعريفات وإن اختلفت صياغاتها، وأن هذه الفكرة ليست جديدة، فإشاعة قيم الغرب ، تدرجت من التغريب، إلى الحداثة ، ثم إلى العولمة، فليس في الأمر شيء جديد .

والراجح في معنى العولمة في نظري هو ما ذكره المعارضون . وهو المعنى الخفي للعولمة . وملخص هذا المعنى أن العولمة هي نشر القيم الغربية الرأسمالية في العالم، وجعل العالم كله يسير وفقا للنموذج الغربي الرأسمالي في مجالات السياسة ، والاقتصاد، والثقافة .

أنواع العولمة والفرق بينها وبين العالمية :

ربما كان من أسباب اختلاف تعريفات العولمة وصعوبتها ، تعدد أنواع العولمة نفسها . فمن الطبيعي أن تختلف تعريفات العولمة باختلاف أبعادها وتجلياتها ومؤشراتها على أرض الواقع، ويمكن حصر العناصر الأساسية لظاهرة العولمة الراهنة في مستويات ثلاثة متداخلة ومترابطة هي: الاقتصاد ، والسياسة، والثقافة . فالعولمة إذن ، تنقسم إلى أقسام متعددة أهمها ما يلي :

1ـ العولمة السياسية وتعني نشر القيم الغربية في مجال السياسة بالدعوة إلى الأخذ بالديمقراطية الغربية بوصفها نظاما للحكم ، مع ما يتطلبه ذلك من تعددية سياسية ، وأحزاب ، وحرية في التعبير ، ومجالس تشريعية ، ودساتير ، ورأي عام ، وغير ذلك . وهذا النوع وإن كان قد تغلغل في مجتمعاتنا منذ الاستعمار العسكري الغربي في القرنين الماضيين، إلا أنه تزايد وانتشر بعد إطلاق مصطلح العولمة انتشارا ملحوظا .

2ـ العولمة الفكرية والثقافية والاجتماعية وتعني نشر الفكر الغربي في النظر إلى الكون والحياة والإنسان ، بوسائل منها : الأدب الغربي الذي أخذ يتسلل إلى مجتمعاتنا باسم الحداثة ، وشبكة المعلومات الدولية والفضائيات التي أصبح انتشارها في العالم ممكنا ، بعد أن غزا الغرب الفضاء وثبت فيه عددا كبيرا من الأقمار الصناعية .

3ـ العولمة الاقتصادية وتعني نشر القيم الغربية في مجال الاقتصاد مثل: الحرية الاقتصادية ، وفتح الأسواق ، وترك الأسعار للعرض والطلب ، وعدم تدخل الحكومات في النشاط الاقتصادي ، وربط اقتصاد الدول النامية بالاقتصاد العالمي ، بحيث يصبح العالم مقسما إلى قسمين لا ثالث لهما ؛ قسم ينتج ويطور ويبدع ويصدر وهو الدول الغربية ، وقسم يستهلك ويستورد فقط وهو الدول النامية ومنها الدول الإسلامية. وهذا هو مغزى الاستعمار قديما وحديثا ، أعني امتصاص خيرات الشعوب الضعيفة وجعلها دائما تابعة للدول الصناعية الغربية .

وقد لا أجافي الحقيقة إذا قلت إن الاقتصاد هو المحرك أو السبب الرئيس لكثير من الأحداث العالمية ، لأننا نعيش في عالم يقدس المال ويسعى إلى الحصول عليه بطرق شتى وفقا لمبدأ الإيطالي ميكيافيلي : " الغاية تبرر الوسيلة " . ومع التسليم بخطر النوعين السابقين من العولمة : السياسية والثقافية ، فإن العولمة الاقتصادية هي أشد هذه الأنواع خطرا وهي المحرك الحقيقي للعالم الغربي.

أما العالمية " Globalism" فقد عرفتها الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة الصادرة عن الندوة العالمية للشباب الإسلامي بأنها " مذهب يدعو إلى البحث عن الحقيقة الواحدة التي تكمن وراء المظاهر المتعددة في الخلافات المذهبية المتباينة " . ويزعم أصحاب هذه الدعوة أن ذلك هو السبيل إلى جمع الناس على مذهب واحد، تزول معه خلافاتهم الدينية والعنصرية ، لإحلال السلام في العالم محل الخلاف.

وبناء عليه ، يتبين أن العالمية تمثل مجالا واسعا من مجالات العولمة وهو المجال الثقافي وأن العلاقة بينهما علاقة جزء بكل .

ويرى الشيخ بكر أبو زيد في كتابه معجم المناهي اللفظية أن العالمية مذهب باطل ينسف دين الإسلام ، بجمعه بين الحق والباطل ، أي بين الإسلام والأديان كافة ، وحقيقته هجمة شرسة على الإسلام . وأنه لا ينبغي أن نقول "عالمية الإسلام " فنخضع الإسلام لهذا المذهب الفكري، ولنقل :" الإسلام والعالمية " لنظهر فضل الإسلام ، ونحط إلى القاع ما دونه من مذاهب ونِحَل محاها الإسلام.

إلا أن معظم الباحثين المسلمين ومنهم الأستاذ ماجد الزميع يرون عدم المانع من استعمال عبارة " عالمية الإسلام " ؛ لأن الشريعة الإسلامية عالمية في أصلها وتفاصيلها، وهي نقطة الفرق الجوهرية بين الإسلام والديانات السماوية السابقة. فجملة "عالمية الإسلام " يمكن أن تجمع ثلاثة عناصر هي أن الإسلام رسالة موجهة إلى الخلق جميعهم ، وهم مطالبون باعتناقه جميعا. وأنه يشتمل على أصول الديانات السابقة جميعها ، فهو اللبنة الأخيرة في صرحها الشامخ . وأن مبادئ الإسلام صالحة للتطبيق في كل مكان وزمان . ثم إن الفروق بين العولمة والعالمية بمعناها الجائز كثيرة منها ما يلي:

1ـ أن العولمة مسح للثقافات الأخر وإحلال الاختراق الثقافي محل الصراع الأيديولوجي . أما العالمية فهي تفتح على العالم وعلى الثقافات الأخر ، واحتفاظ بالخلاف الأيديولوجي .

2ـ أن العولمة إرادة للهيمنة ، فهي قمع وإقصاء للخصوصية واحتواء للعالم . أما العالمية فهي طموح إلى الارتفاع بالخصوصية إلى مستوى عالمي ، وانفتاح على ما هو عالمي وكوني .

3ـ أن طلب العالمية في المجال الثقافي ـ كما في غيره من المجالات ـ طموح مشروع ، ورغبة في الأخذ والعطاء ، وفي التعارف والحوار والتلاقح . أما العولمة فهي إرادة لاختراق الآخرين ، وسلبهم خصوصيتهم.

4ـ أن عالمية الإسلام لا إكراه فيها ، ومشروعية الجهاد إنما هي لإزالة العوائق التي تحول بين الناس وبين سماع الحق . أما العولمة فهي أن يجبر القوي الضعيف ، ويرغمه على ما لا يريد .

والذي أراه أن عبارة "عالمية الإسلام " إن كان يقصد بها صهر الإسلام في الأديان الأخر ، وإزالة الفروق بينه وبينها ، والتخلي عن أحكامه ، فإن تلك العبارة لا تجوز، وإن كان يقصد بها الانفتاح على العالم ، ومحاورته ومجادلته بالتي هي أحسن ، ودعوته إلى هذا الدين، ومبادلة المصالح الدنيوية معه ، فلا أرى بأسا من إطلاقها على الإسلام .

بالتوفيق ………

السلام عليكم..

ما قصرن خواتي..

بارك الله فيهن..

ويعلهن ذخر للمعهد..

بالتوفيق..

لا الـــه الا الله

التصنيفات
الصف الحادي عشر

بحث العولمة : جذورها، وفروعها، وكيفية التعامل معها للصف الحادي عشر

· بحث للدكتور : عبد الخالق عبد الله
· جامعة الإمارات العربية المتحدة قسم العلوم السياسية
· المنشور في مجلة عالم الفكر
· الصادرة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – دولة
الكويت العدد 28 عام 1999 م

العولمة : جذورها، وفروعها، وكيفية التعامل معها
بقلم : صالح سليمان العامر

جذور العولمة والتعامل معها:
في القرن الحادي والعشرين أصبح من الواضح أن معظم التحولات الاقتصادية والسياسية والعلمية والثقافية المذهلة والمتسارعة التي يشهدها العالم هي إما سبب من أسباب العولمة أوانها مجرد نتيجة من نتائجها الضخمة والعميقة . لقد كانت حركة دمج العالم موجودة باستمرار وعبر كل العصور التاريخية، بيد أن هذه الحركة أخذت تتسارع خلال التسعينيات بشكل خاص مستمدة صورتها من الثورة العلمية والتكنولوجيا الراهنة والتطورات المدهشة في وسائل الاتصالات والمعلومات التي تقود الطريق إلى المستقبل .والعالم – الآن – يعيش لحظة بدايات العولمة ومازال يتعرف على مقدماتها ولكن العالم لا يعرف – على الإطلاق – إلى أين تتجه العولمة وما هي نهاياتها ؟وهناك محاولات فكرية عديدة لفهم طبيعة التحولات والتغيرات في جميع الاتجاهات والمجالات واستيعاب هذا العالم الجديد وفهم سماته الأساسية ومساراته المستقبلية منها على سبيل المثال و أبرزها :
1 –المؤلف "صموئيل هانتغتون" بعنوان صدام الحضارات : الذي أشار فيه إلى أن البشرية – وهي في طريقها نحو عالم جديد – كانت مقبلة على الحرب الدامية بين مناطق الحضارة الكبرى .
2 –المؤلف "فرانسيس فوكوياما" في كتابه "نهاية التاريخ" الذي شخص فيه المرحلة الراهنة من التاريخ وكأنها مرحلة انتصار نهائي للنموذج السياسي والفكري الليبرالي الذي يحظى بالقبول الواسع من أكبر قدر من الدول والمجتمعات في العالم.
3 –"بول كيندي" مؤلف كتاب "صعود وهبوط الامبراطوريات" والذي توقع فيه انهيار الاتحاد السوفيتي، وتنبأ باحتمال تراجع هيمنة الولايات المتحدة على الشأن العالمي في المستقبل إذا ظل الإنفاق العسكري الأمريكي على مستوياته العالية والتي لا تتناسب مع نصيبها من الإنتاج الإجمالي العالمي .
4 –"رونالد روبرتسون" مؤلف كتاب "العولمة" الذي يؤكد على أن العولمة هي تطور نوعي جديد في التاريخ الإنساني بعد أن أصبح العالم أكثر ترابطاً وأكثر تماسكاً والوعي بهذا الارتباط هو من أهم سمات هذه اللحظة .
5 –"جون بسبيت" مؤلف كتاب "ملة العولمة" وتحدث فيه عن القوى التكنولوجية والتكتلات الاقتصادية الجديدة التي ستلعب الدور الحاسم في تشكيل مستقبل البشرية خلال القرن المقبل .
6 –"والفين توفللر" مؤلف الكتب التالية : أ – ( الموجة الثالثة ب – صدمة المستقبل ج – تحولات القوة ) وهو الذي سبق الجميع من حيث التعمق في فهم طبيعة الفصل الجديد في التاريخ وتجديد سماته المميزة عن العصور السابقة . * اللحظة الحضارية الجديدة كغيرها من اللحظات التاريخية السابقة واللاحقة مليئة بالفرص والمخاطر

الاحتمالات وإن فرص العولمة كثيرة ومتنوعة وبالإمكان استغلالها لتحقيق أهداف محلية ووطنية وغايات إنسانية وعالمية مثل: الفرص العلمية المصاحبة للثورة العلمية والتكنولوجية والاتصالية وتقنية المعلومات .
أما مخاطر العولمة التي تحملها في طياتها من سياسية وثقافية واقتصادية والمرتبطة بحركة العالم عن طريق الولايات المتحدة ونتيجة تداخل هذه الفرص مع المخاطر كان من غير الممكن اختزال العولمة وتبسيطها فلا يمكن اختزالها في الفرص والمخاطر أو العكس، ولا يمكن تجاهل إيجابيات العولمة الواضحة كل الوضوح كما لا يمكن استبعاد سلبياتها البارزة كل البروز ولا يمكن التغافل عن المستجدات الحياتية والفكرية المعاصرة والاعتقاد بأن العالم يتغير والاستمرار بالقوالب الحياتية والفكرية السابقة نفسها والتي ربما لا تناسب الفصل الجديد من التاريخ وافتعال المواجهة والمعارك غير الضرورية مع العولمة . والمهم تشخيص العولمة تشخيصًا متوازنًا بكل مالها وما عليها .

ماهي العولمة ؟

يقول "بول هيرست" و"غراهام توميسون" : إن أوهام العولمة هي الأكثر بكثير من حقائقها، و مالا يـعرف عنها أكثر بكثير مما يـعرف، ومع ذلك فإن العولمة مازالت من أكثر الظواهر الاقتصادية والسياسة والثقافية غموضاً وإثارة للجدل .وبعض الناس اتخذ منها موقفا أيدلوجيًا وعقائدياً مسبقًا قبل أن يفهمها وأخذ يسابق الجميع لمعاداتها والبعض ركز تركيزًا أحاديًا على مخاطرها دون فرصها، وبالغ في تضخيم المخاطر، ويمثل هذا الموقف صاحب كتاب ( فخ العولمة ) والبعض الآخر تعرف على فرصها دون المخاطر، وجعل يبالغ في إفراز محاسنها الاستثمارية والمعرفية، وقام يبشر الجميع بنعيمها الموعود في ظل النظام الرأسمالي الليبرالي وأما البعض الآخر فإنه أساء كل الإساءة في فهم العولمة واعتقد واهمًا أن العالم قد تم عولمته عولمة كاملة وهو الأمر الذي لم يتم بعد .
وهناك قطاعات أخرى من المثقفين والعمال والجماعات الدينية تنظر إلى العولمة نظرة شك، وتعبر عن رفضها لها كل الرفض، وكل هذه التصورات والأحاسيس والمواقف تعبر عن سعة انتشار العولمة .
· ولمعرفة حقيقتها لابد من :
أولاً : معرفة أن العولمة ليست شعاراً من الشعارات السياسية أو
الفكرية الجديدة التي تبرز ثم سرعان ما تختفي بعد أن تؤدي غايتها
.
ثانياً : العولمة ليست موضة فكرية عابرة لا جذور لها في الواقع أو بدعة أنتجتها عقول المفكرين والمنظرين لإلهاء الشعوب .ثالثاً : العولمة ليست كلمة سحرية تفتح أبواب الثروة والمعرفة للشعوب المحتاجة وتفتح أبواب الحاضر والمستقبل التي مازالت موصدة أمام الكثير من المجتمعات في كل أنحاء العالم .رابعاً : إن العولمة ليست بالمسار المحتوم الذي يحدد مصير البشرية في جميع الاتجاهات المفرحة أو المحزنة .خامساً : العولمة لا تعد بعالم أكثر أمناً واستقرارا وعدالة وديمقراطية، فالعولمة لا تسعى بالضرورة إلى خلق عالم أكثر إنصافًا للمجتمعات والتي لا تشعر- حاليا-ً بالإنصاف فليس ذلك من اختصاصها؛ فإن سلبيات العالم الكثيرة من جميع النواحي موجودة قبل مجيء العولمة وربما تستمر حتى بعدها، فليست العولمة معجزة القرن القادم .

سادسا : إن العولمة لا تعني اجتماع العالم على منهج اقتصادي واحد مهما بلغ التأكيد على صلاحيته العالمية أو الاجتماع تحت لواء مذهب سياسي واحد مهما اتضحت فوائد

هذا المذهب، أو اتباع نموذج ثقافي واحد مهما بدا هذا النموذج جذاباً ومغريًا وناجحًا؛ لأن العولمة لا تضمن اختفاء التنوع الحضاري أو القضاء على التعدد الثقافي أو نزع الذاتية الحضارية أو إلغاء الاختلافات بين الشعوب والمجتمعات والحضارات بل إن العالم سوف يزداد تنوعا في جميع الجوانب الثقافية الحضارية .
سابعا : العولمة ليست حركة استعمارية أو إمبريالية جديدة لأن ذلك موجود قبلها .
ثامنا : وأخيرًا ، العولمة ليست أمركة فإن ذلك أسوأ ما في العولمة، وهو الهدف الذي يسعى إليه الأمريكان ومع ذلك فلم تتمكن أمريكا من ذلك . إذاً المطلوب قبل حقيقة العولمة هو تحرير العولمة من الأوهام والمبالغات والتصورات المغلوطة وسوف نقترب بعدها إلى حقيقة العولمة.
حقيقة العولمة :
عدم وضوح حقيقة العولمة هو سبب تلك الأوهام السابقة وينبغي أن يعلم أن تعريف العولمة هو أمر شائك وتوجد صعوبات أمام الاتفاق على تعريف واحد.
ومن الطبيعي أن يتفاوت فهم الأفراد للعولمة ومضامينها المختلفة ولذلك فأن من الضروري التمييز بين العولمة الاقتصادية و العولمة الثقافية والعولمة السياسية والعولمة العلمية، والعولمة الاجتماعية إذ لا توجد عولمة واحدة . هذه أولى الحقائق المهمة .والحقيقة الثانية : إن مفهوم العولمة لم يكن موجودًا من قبل بل إن قاموس أكسفورد للكلمات الإنجليزية الجديدة أشار لمفهوم العولمة للمرة الأولى عام 1991 م وبأنه من المفاهيم الجديدة التي برزت خلال التسعينيات وهو اليوم من أكثر المصطلحات تداولا في الشرق والغرب ولقد تعددت معاني مفهوم العولمة وكثرت استخداماته وأصبح من الصعب حصر جميع استعمالاته المتفاوتة .ثالث الحقائق : إن الحديث عن العولمة تزامن مع بروز مجموعة من الظواهر الحياتية والمستجدات الفكرية والتطورات التكنولوجية والعلمية والتي تدفع في اتجاه زيادة ترابط العالم وزيادة تقاربه وانكماشه .
والأمر الذي يعني إلغاء الحدود والفواصل الراهنة القائمة بين الأفراد و المجتمعات والثقافات والدول وزامن ذلك زيادة الوعي بتكوين مجتمع أو عالم بلا حدود .
التعريفات :
أولاً أقدم التعاريف : تعريف "رونالد روبرتسون" الذي يؤكد على أن العولمة هي اتجاه تاريخي نحو انكماش العالم وزيادة وعي الأفراد و المجتمعات بهذا الانكماشولهذا التعريف شقان مهمان:
1 –تركيزه الشديد على فكرة انكماش العالم وتتضمن أموراً كثيرة، كتقارب المسافات والثقافات وترابط المجتمعات والدول.
2 –الوعي بهذا الانكماش وهذا ما حدث فعلاً ثانيا أنتوني جيدنز : عرف العولمة بأنها: مرحلة جديدة من مراحل وتطور الحداثة تتكاثف فيها العلاقات الاجتماعية على الصعيد العلمي وحدوث تلاحم بين الداخل والخارج و الربط بين المحلي والعالمي بروابط اقتصادية وثقافية وسياسية وإنسانية، ولا يعني هذا إلغاء المحلي والداخلي ولكن أن يصبح العالم الخارجي له حضور نفس العالم الداخلي في تأثيره على سلوكيات وقناعات وأفكار الأفراد ، والنتيجة هي بروز وتقوية العامل الداخلي. فمن الخطأ الاعتقاد بأن العولمة هي إلغاء للمحلي .ثالثاً " مالكون و أنزز" في كتابه ( العولمة ) عرّفها بأنها: كل المستجدات والتطورات التي تسعى بقصد أو من دون قصد إلى دمج سكان العالم في مجتمع عالمي واحد .

ونأخذ من كل هذه التعاريف :

إن العولمة تتضمن بروز عالم بلا حدود: جغرافية، أو اقتصادية، أو ثقافية، أو سياسية وأن هناك عولمات كثيرة، أما العولمة الكاملة فإنها لم ولن تحدث إلى الآن، لأنها تحتاج إلى ثقافة عالمية واحدة وقيام حكومة موحدة . * من القضايا المهمة سؤال :

ـ هل للعولمة علاقة بالحداثة ؟ وهل هي امتداد لها ؟ و متى ولدت

وبرزت العولمة ؟ وهل هي مولودة أو بارزة فعلا ؟ فيقول البعض : إن العولمة حقيقة حياتية جديدة ولم تبرز خلال عقد التسعينيات ويقول آخرون : إن العولمة قديمة وموجودة ، فمثلاً : الديانات مثل الإسلام لها نظرة شاملة بلا حدود بين الشعوب والقبائل وهذا من أهم مضامين العولمة .
· اقترح " رونالد روبرتسون" جدولا يؤرخ لولادة العولمة يتضمن خمس مراحل :
1 –بداية القرن الخامس متزامنة مع التوسع الكنسي وبروز مجموعة من النظريات التي تتحدث عن وحدة العالم البشرية .
2 –في منتصف القرن الثامن عشر انتعش مفهوم العلاقات الدولية والذي يركز على الأبعاد القانونية .
3 –مرحلة الانطلاق من القرن التاسع عشر وحتى العقد الثاني من القرن العشرين وفيها برزت اتجاهات كونية واضحة تركز على المجتمع العالمي الواحد واندلعت فيها الحروب العالمية الأولى .
4 –إلى بداية التسعينيات وفيها برزت ( الأمم المتحدة ) وتفاقم الصراع من أجل الهيمنة العالمية و الكونية والدخول إلى القمر وتطوير شبكة المواصلات والاتصالات والاهتمام بحقوق الإنسان وحريته .
5 –من بداية السبعينيات إلى بداية التسعينيات تميزت بإدراك الأفراد بعالمية العالم بعد انتهاء الحرب الباردة وبروز المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لإدارة القضايا العالمية المعاصرة .
· إذاً عالم العولمة يختلف عن عالم الحداثة الذي أصبحت فيه حركة الأفراد و السلع والمعلومات و رأس المال أسرع وأسهل من أي وقت آخر وقد تقلصت فيه المسافات وأصبح عالما بلا حدود بخلاف الحداثة القائمة على الحدود الجغرافية .
· أسئلة مهمة :

ـ ما هي القوى التي أدت إلى حدوث هذا التداخل بين العالمي

والمحلي ؟ وما هي العوامل التي تعمل على إلغاء الحدود بين الداخل والخارج ؟ وما هي التطورات التي جعلت من عالم التسعينيات عالماً بلا حدود ؟ وماهي المستجدات التي ساهمت في تقليص المسافات واختزال الزمان والمكان وانكماش العالم وزيادة الوعي بعالمية العالم ؟ أسئلة مهمة لابد من الإجابة عنها :
قوى العولمة :
الثروة العلمية والمعلوماتية والاتصالية الجديدة التي اكتسحت العالم منذ بداية التسعينيات وهي القوة الأساسية، ولكنها ليست الوحيدة، والذي يملك هذه القوة و الثروة هو الذي يملك مصير العالم ويعرف كيف يدير شؤونه ويتمكن من التأثير في الآخرين بما في ذلك القدرة على إدارة شؤون العالم سياسيًا واقتصاديًا .وهذه الحركة تكون بسرعة بمعدل اختراع أو اكتشاف جديد في كل دقيقتين من دقائق الساعة الواحدة على مدار السنة ومن دون توقف .ولها مراحل وتحولات سبق الحديث عنها أثناء الحديث عن حرب المعلومات أو الثروة المعلوماتية .

· العولمة الاقتصادية :

العولمة أساساً هي مفهوم اقتصادي قبل أن تكون مفهوماً علمياً و سياسياً أو ثقافياً أو اجتماعيا،ً وأيضا مظاهر وكليات العولمة الاقتصادية هي الأكثر تكاملا وتحققًا على أرض الواقع من العولمات الأخرى .
وتعنى العولمة الاقتصادية أن الأسواق التجارية والمالية والعالمية أصبحت موحدة وخارجة عن نطاق كل دول العالم وتنتقل السلع والخدمات ورأس المال على النظام العالمي بلا حدود . ونعني انتقال الثقل الاقتصادي العالمي من الوطني إلى العالمي و من الدولة إلى الشركات والمؤسسات و التكتلات الاقتصادية مما أدى إلى بروز منظمة التجارة العالمية و الشركات ذات النشاط .
العولمة الاقتصادية هي الرأسمالية :
من وجه آخر يمكن أن يقال إن هدف العولمة الاقتصادية هو تحويل العالم إلى عالم مهتم بالاقتصاد أكثر من اهتمامه بأي أمر آخر في حياته بما في ذلك الأخلاق والقيم الإنسانية التي تتراجع تدريجياً وتستبدل بالعلاقات السليمة و الزكية والنقية .
وقد تركزت الشركات في ثلاث مناطق اقتصادية رئيسة هي :
1 –اليورو ( الوحدة النقدية الجديدة لدول الوحدة والسوق الأوروبية المشتركة )
2 –منطقة التجارة الحرة لدول أمريكا الشمالية والمعروفة بالنافتا ( تضم الولايات المتحدة ـ كندا ـ المكسيك ) .
3 –محيط ( الين ) ويضم اليابان والصين ودول جنوب شرق آسيا .
هذه الشركات هي وقود العولمة الاقتصادية وتحمل معها كل الفرص
والمخاطر المصاحبة للعولمة
· منظمة الجات :
تم توقيع منظمة الجات وقيام منظمة التجارة العالمية عام 1996 م وضمت هذه المنظمة في عضويتها أكثر من مائة وأربعين (140) دولة بالإضافة إلى ثلاثين (30) دولة في طريقها للانضمام .وهذه المنظمة هي اليوم أهم مؤسسة من مؤسسات العولمة الاقتصادية ويعتبر إنشاؤها منعطفا في التاريخ الاقتصادي العالمي .
· العولمة الثقافية :
العولمة الثقافية ليست واضحة بعكس العولمة الاقتصادية وليست مكتملة أيضا وإمكانية استبعاد قيام عولمة ثقافية ممكن.وهي تعتبر ظاهرة جديدة عكس الاقتصادية والتي تعتبر محصلة لتاريخ طويل من التطورات الاقتصادية والتجارية والمالية .
والمؤلف ذكر التخوف من الناس حول العولمة الثقافية ثم قال :
فإن الثقافة وعناصرها: كالفكر، والأدب، والفن ومن ثم الحياة الثقافية عمومًا تظهر ميلاً واستعداداً واضحاً للعولمة و لو تركت الثقافة لطبيعتها .
ولبروز العولمة الثقافية مقدمات وتطورات من أهمها :
· الانفتاح الثقافي العالمي إذ يتميز هذا العصر بالانفتاح .
وهذا الأمر سيسمح ببروز مفاهيم وقيم وقناعات ومواقف وسلوكيات إنسانية مشتركة وعابرة لكل المناطق الحضارية والثقافية والهدف النهائي للعولمة الثقافية هو ليس خلق ثقافة عالمية واحدة بل خلق عالم بلا حدود ثقافية وهذا لم يتحقق ولا يتوقع له أن يتحقق قريباً .

ـ ومن ناحية أخرى : تتضمن العولمة الثقافية بلوغ البشرية مرحلة

الحرية الكاملة لانتقال الأفكار و المعلومات والبيانات والاتجاهات والقيم والأذواق على الصعيد العالمي .ولقد أصبح ملايين من البشر موحدين تلفزيونيًا وتلفونيًا ومن خلال البريد الإلكتروني وشبكات الإنترنت فلم يحدث في التاريخ أن تمكن أكثر من ثلاثة مليارات فرد حوالي 50 % من عدد سكان الأرض أن يتابعوا معا بالصوت والصورة الحية وفي وقت واحد حدثًا عالميًا كمباريات كأس العالم أو توقيع اتفاقية للسَّلام في العاصمة الأمريكية أو مراسم دفن الأميرة ديانا .

ـ سماع ومعرفة عدد هائل من سكان الأرض عما يجري في باقي أنحاء

العالم كما هو الأمر اليوم الذي تم حاليًا من خلال حوالي ألف (1000) قمر صناعي سيزداد قريبًا إلى ألفي (2000) قمر صناعي تقوم بربط العالم ونقل الأخبار و الأحداث والأفكار والمعلومات والقيم إلى كل أرجاء المعمورة .

ـ السياحة أصبحت حركة السياحة أسرع وأرخص من أي وقت من الأوقات

ولم تعد حكرًا على طبقة معينة فأسقطت السياحة الحدود وقربت الأماكن البعيدة.
والنتيجة هي : بروز اهتمامات وعادات وأذواق وآمال وأهداف وربما لمعطيات مشتركة لا تعبر عن ثقافة محدودة بل عن ثقافات متنوعة .

ـ بعد أن تمكنت الثقافة الاستهلاكية من توصير شباب العالم كما لم

تتمكن أية قوة أو مؤسسة أخرى من توصيرهم في التاريخ فالشباب الذي أخذ يبرز كقوة شرائية مهمة وصاعدة بالأكل من الوجبات السريعة نفسها كالهامبرجر والبيتزا ودجاج الكنتاكي وماكدونالدز و البيبسي والكاكولا .والأغاني الشبابية الراقصة والملابس العالمية و الأفلام المثيرة هكذا حققت الثقافة الاستهلاكية انتصارًا كبيراً خلال هذا العقد وهذا يؤرق المجتمعات، ويقلق الدول التي فقدت السيطرة على الوضع الاقتصادي، وهاهي – الآن – تفقد السيطرة على الوضع الثقافي .
· العولمة السياسية :
السياسة دائماً محصورة ضمن النطاق المحلي ومعزولة عن التطورات والتأثيرات الخارجية، لأن ذلك من أبرز اختصاصات الدولة القومية ومرتبط جداً بمفهوم السيادة ،وممارسة صلاحيتها وسلطاتها على أرضها و شعبها وبرز هذا منذ حوالي ثلاثمائة ( 300) سنة .وهذا الوضع مضاد للعولمة وسوف يعمل على مقاومة العولمة ومع ذلك كأن بروز عالم بلا حدود اقتصادية قد قطع شوطا مهما في الإنجاز على أرض الواقع. ومثله عالماً بلا حدود ثقافياً وكلها ستخلق عالم بلا حدود سياسياً وهو جوهر العولمة السياسية وإن كانت سرعة العولمة السياسية أبطأ سرعة من الثقافية والاقتصادية .ونهاية السيادة والدولة وبروز الحكومة العالمية ممكنة أكثر من أي وقت آخر في ظل العولمة ولكنه لن يحدث بصيغة قريبة، والعولمة السياسية لا تعني بالضرورة القضاء على الدولة إنما تعني دخول البشرية إلى مرحلة سياسية جديدة يتم خلالها الانتقال الحر للقرارات والتشريعات والسياسات والقناعات والخيارات عبر المجتمعات والقارات وبأقل قدر من القيود و الضوابط متجاوزة بذلك الدول والحدود الجغرافية .

والعولمة السياسية تتضمن حدوث زيادة غير مسبوقة في الروابط السياسية بين دول العالم مثل : الثقافية والاقتصادية .
ومن المؤشرات :
1 –إن القرارات التي تتخذ في عاصمة من العواصم العالمية سرعان ما تنتشر انتشارًا سريعًا إلى كل العواصم و الاهتمامات بها مترابطة ومتبادلة بكل الدول والعواصم .
2 –المؤسسات المالية والتجارية والاقتصادية العالمية وفي مقدمتها منظمة التجارة العالمية التي تأسست عام 1996 م لتشرف إشرافاً كاملاً على النشاط التجاري العالمي .
3 –الشركات العابرة للقارات والتي تسمى متعددة أو متعدية الجنسيات .
4 –بروز المنظمات الأهلية غير الحكومية على الساحة السياسية العالمية في الآونة الأخيرة كقوة فاعلة ومؤثرة كمؤتمر قمة الأرض، ومؤتمر قمة المرأة في بكين، ومؤتمر السكان في القاهرة ، وحقوق الإنسان في فيينا وغيرها كثير . ويقول المؤلف : أن الهدف العام الذي تسعى المنظمات غير الحكومية إلى تحقيقه هو خلق المجتمع المدني العالمي الذي يراقب نشاطات وسياسات الدول في مجالات حقوق الإنسان والبيئة والقضايا الاجتماعية والإنسانية .
5 –بروز مشاكل وقضايا عالمية جديدة تتطلب استجابات دولية وجماعية وليست استجابات فردية مثل : التلوث البيئي ، والمشاكل البيئية كالنفايات النووية والسامة وغيرها كثير .
6 –الاهتمام الكبير المتزايد بقضية حقوق الإنسان من قبل كثير من الشعوب بسبب عمليات القمع للحريات والاضطهاد والظلم التي يتعرضون لها .
· التعامل مع العولمة :
إن العولمة هي لحظة تاريخية فاصلة وشبيهة في بداياتها وتداعياتها النهائية بحركة الحداثة التي برزت قبل حوالي ثلثمائة 300 سنة وانتشرت في أوروبا.
وانكماش العالم أصبح ممكناً بسبب الثورة العلمية والتكنولوجية الراهنة وقد سبق أن العولمة في بعدها الاقتصادي أسرع وأكثر وجوداً من العولمات الأخرى ، العولمة ، لها اتجاهات إيجابية والتي منها الآفاق المعرفية المرتبطة في الثورة العلمية والمعلوماتية والتدفق الحر للسلع والخدمات عبر الاتصالات المفتوحة والتي يمكن الاستفادة منها، وكذلك الاهتمام الكبير في القضايا البيئية وحقوق الإنسان وقضايا الانفجار السكاني وتزايد الفقر في العالم وإيجاد الحلول للاختلالات الاجتماعية وانتهاء صراع الشرق والغرب واختفاء التوتر النووي بين الدول العظمى. فإذا كانت العولمة هي تجسيد لمثل هذه الإيجابيات فإنها ستجد الترحيب من قبل الدول والجماعات أما بالنسبة للاحتمالات المقلقة مثل : المزيد من التطورات في الهندسة الوراثية، وهندسة الجينات، وتوظيف ذلك توظيفاً تجارياً وعنصرياً وعسكريا فإنه يستفز القيم الإنسانية العميقة .
وكذلك توظيف الشركات الاحتكارية لقدراتها المالية والتنظيمية من أجل استغلال ثروات الشعوب وكذلك تكون مقلقة إذا كانت تتضمّن هيمنةً ثقافية واحدة وإذا كانت تتضمن احتمال صدام الحضارات، وصدام المناطق الحضارية ودخولها في حروب دامية عنيفة .أو كانت تعني الأمركة للعالم واستفراد الولايات المتحدة بالشأن العالمي . باختصار العولمة تتضمن الكثير من الفرص والمخاطر المتداخلة وهذا التداخل أدى إلى تفاوت المشاعر والأحاسيس والمواقف تجاه العولمة على ثلاثة مواقف:
1-موافق

للثورة العلمية والتكنولوجية والاتصالية وتقنية المعلومات .
أما مخاطر العولمة التي تحملها في طياتها من سياسية وثقافية واقتصادية والمرتبطة بحركة العالم عن طريق الولايات المتحدة ونتيجة تداخل هذه الفرص مع المخاطر كان من غير الممكن اختزال العولمة وتبسيطها فلا يمكن اختزالها في الفرص والمخاطر أو العكس، ولا يمكن تجاهل إيجابيات العولمة الواضحة كل الوضوح كما لا يمكن استبعاد سلبياتها البارزة كل البروز ولا يمكن التغافل عن المستجدات الحياتية والفكرية المعاصرة والاعتقاد بأن العالم يتغير والاستمرار بالقوالب الحياتية والفكرية السابقة نفسها والتي ربما لا تناسب الفصل الجديد من التاريخ وافتعال المواجهة والمعارك غير الضرورية مع العولمة . والمهم تشخيص العولمة تشخيصًا متوازنًا بكل مالها وما عليها . ماهي العولمة ؟

يقول "بول هيرست" و"غراهام توميسون" : إن أوهام العولمة هي الأكثر بكثير من حقائقها، و مالا يعرف عنها أكثر بكثير مما يعرف، ومع ذلك فإن العولمة مازالت من أكثر الظواهر الاقتصادية والسياسة والثقافية غموضاً وإثارة للجدل .وبعض الناس اتخذ منها موقفا أيدلوجيًا وعقائدياً مسبقًا قبل أن يفهمها وأخذ يسابق الجميع لمعاداتها والبعض ركز تركيزًا أحاديًا على مخاطرها دون فرصها، وبالغ في تضخيم المخاطر، ويمثل هذا الموقف صاحب كتاب ( فخ العولمة ) والبعض الآخر تعرف على فرصها دون المخاطر، وجعل يبالغ في إفراز محاسنها الاستثمارية والمعرفية، وقام يبشر الجميع بنعيمها الموعود في ظل النظام الرأسمالي الليبرالي وأما البعض الآخر فإنه أساء كل الإساءة في فهم العولمة واعتقد واهمًا أن العالم قد تم عولمته عولمة كاملة وهو الأمر الذي لم يتم بعد .
وهناك قطاعات أخرى من المثقفين والعمال والجماعات الدينية تنظر إلى العولمة نظرة شك، وتعبر عن رفضها لها كل الرفض، وكل هذه التصورات والأحاسيس والمواقف تعبر عن سعة انتشار العولمة .
· ولمعرفة حقيقتها لابد من :
أولاً : معرفة أن العولمة ليست شعاراً من الشعارات السياسية أو
الفكرية الجديدة التي تبرز ثم سرعان ما تختفي بعد أن تؤدي غايتها
.
ثانياً : العولمة ليست موضة فكرية عابرة لا جذور لها في الواقع أو بدعة أنتجتها عقول

! منقول ,

وفقكم آلله ..

بارك الله فيج

مجهود رائع ..

ربي يحفظج

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,

ما شاء الله عليج..

يعطيج الف عافية..

تم+++

أستــــغفر الله العظيم

التصنيفات
الصف الحادي عشر

بحث ، تقرير ، العولمة ، مع المصادر والمراجع ، العولمة ، ما هي للصف الحادي عشر

بحث ، تقرير ، العولمة ، مع المصادر والمراجع ، العولمة ، ما هي

مجموعة من المعلومات والتقارير

تاابعونا

^^

يتبع

=============

ما هي العولمة

أغلب التعريفات التي قدمت لمفهوم العولمة ركزت على البعد الاقتصادي ولعل هذا نابع من كونها نتاج لتطور النظام الرأسمالي وحاجته إلى التوسع المستمر في الأسواق. إلا أن دلالة المصطلح استقرت على أن العولمة هي ظاهرة تتداخل فيها أمور السياسة والاقتصاد والثقافة والاجتماع والسلوك، وتحدث تحولات تؤثر على حياة الانسان في كوكب الأرض أينما كان وتبرز بفعل هذه التحولات قضايا لها صفة (العالمية) مثل قضايا البيئة، وتشابك أدوار المنظمات الأهلية والمحلية والمنظمات الأهلية متعددة الجنسيات، فضلا عن دور منظمة الأمم المتحدة والمنظمات المتخصصة المنبثقة عنها. وكما يقول أحد المتخصصين: "إذا أردنا أن نقترب من صياغة تعريف شامل للعولمة، فلابد من أن نضع في الاعتبار ثلاث عمليات تكشف عن جوهرها:
العملية الأولى، تتعلق بانتشار المعلومات بحيث تصبح مشاعة لدى الناس جميعا.
العملية الثانية، تتعلق بتذويب الحدود بين الدول.
العملية الثالثة، هي زيادة معدلات التشابه بين الجماعات والمجتمعات والمؤسسات"[1].
ومن العجيب واللافت للنظر " في أقل من عشر سنوات أن يغزو العالم كله –وليس فقط مجتمعاتنا- مطاعم الوجبات السريعة، وبالأخص الشركات الأمريكية مثل ماكدونالدز وأخواتها، وإقبال الناس عليها بشكل عجيب، وطرح كل البدائل الأخرى. إنها حقيقة تعاني منها حتى أوروبا نفسها.. الجناح الثاني للغرب. ولعل من أوضح الأمثلة على هذا أن فرنسا من أكثر الدول الأوروبية مناهضة للعولمة الأمريكية بهذا الشكل، منها الرفض بشدة فتح مطعم ماكدونالدز في برج إيفل الذي يعتبره تراثا يخص الفرنسيين. لماذا يراد لنا نحن المسلمين أن نقبل بعضوية نادي العولمة، دون أن نسأل عن شروط هذه العضوية"[2]
الهدف الحقيقي للعولمة :
ترتدي العولمة ثوب الحرية، والسلام، وحقوق الإنسان، مع تركيز واضح على حقوق المرأة.. ولعل البعض يتساءل .. هل هذه هي الاهداف الحقيقية للعولمة ؟
وإذا كانت هذه هي الأهداف الحقيقية، فأين هذه الأهداف النبيلة من حرمان المرأة المسلمة والطفل المسلم من أبسط الحقوق، وأهمها.. حق الحياة .. هل يخفى عليهم مايلاقياه من قتل وتشريد في شتى بقاع الأرض التي تئن تحت وطأة الاحتلال، ويتعرض فيها كل من المرأة والطفل المسلمين للقتل والتشريد والفناء؟
إن الهدف الحقيقي للعولمة هو الهيمنة وإن تغيرت الأشكال والألوان لكن الجوهر واحد والحجة واحدة وهي تفوق الإنسان الغربي وتمجيد اختياراته وعظمة ثقافته وقيمه وضرورة إخضاع الناس له مهما كان الثمن فادحاً .
قال تعالى: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ}، إنها خطة قديمة يأخذهاالطاغوت اللاحق عن الطاغوت السابق، حتى تصل الى فرعون.
وكما يقول شوقي جلال: من السذاجة بمكان أن نتصور أن العولمة مجرد تفوق تكنولوجي، أو سيطرة البورصات والتنافس الاقتصادي. إنها في الحقيقة عملية سياسية تقودها الدولة الأمريكية بالاعتماد على قدراتها العسكرية ونفوذها السياسي.
"ولننظر كيف عبر الغربي قديما عن هيمنته وسيطرته بأسماء مثل (الاستعمار) أي إعمار الأرض، وقالوا أن الشعوب الأخرى الملونة ليست قادرة على حكم نفسها، ولا بد لنا –أي المستعمر- أن نقوم برسالتنا التاريخية في نقل المدنية والعلم والتقدم اليها".[3]
"لقد قام الاستعمار بالتخطيط المدروس لإضعاف العالم الإسلامي وإبعاده عن مقوماته الإسلامية، ووجد الاستعمار من بين أبناء العالم الإسلامي أناساً ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا أدوات لتحقيق أهدافه. ونحن لا نلقي هنا القول على عواهنه، وإنما هذا ما تنطق به الوثائق السرية الاستعمارية نفسها. فقد جاء في تقرير وزير المستعمرات البريطاني (أورمسبي غو) لرئيس حكومته بتاريخ 9 يناير (كانون الثاني) 1938م ما يأتي: (إن الحرب علمتنا أن الوحدة الإسلامية هي الخطر الأعظم الذي ينبغي على الامبراطورية أن تحذره وتحاربه، وليس الامبراطورية وحدها، بل فرنسا أيضاً، ولفرحتنا فقد ذهبت الخلافة، وأتمنى أن تكون إلى غير رجعة. إن سياستنا الموالية للعرب في الحرب العظمى (يعني الأولى) لم تكن مجرد نتائج لمتطلبات (تكتيكية) ضد القوات التركية، بل كانت مخططة أيضاً لفصل السيطرة على المدينتين المقدستين مكة والمدينة عن الخلافة العثمانية التي كانت قائمة آنذاك.ولسعادتنا فإن كمال أتاتورك لم يضع تركيا في مسار قومي علماني فقط، بل أدخل إصلاحات بعيدة الأثر، أدت بالفعل إلى نقض معالم تركيا الإسلامية)." [4]
"ويأتي المهيمن الحالي ليشرح نواياه الامبريالية الجديدة رافعا شعارات براقة حيث يقول ريتشارد جاردنر في كتابه (نحو نظام عالمي جديد): " لقد كان توماس جيفرسون يعبر عن إيمان آبائنا -الذين أقاموا دعائم بلادنا- العميق عندما تنبأ بأن نيران الحرية وحقوق الإنسان سوف تنتقل من أمريكا لكي تنير مناطق أخرى من الأرض"[5]
"وقال جيفرسون هذا في موضع آخر "الأميريكيون شعب الله المختار، لهم الحكم والهيمنة اختيارا أو قوة أو قسرا" [6]
"وقد ربط بعض الباحثين مثل جندزاير بين نمط نظريات التنمية وبين اهتمامات أمريكا بإحكام السيطرة بخاصة على العالم الثالث في دراسة شجاعة بعنوان (إرادة التغيير السياسي والعالم الثالث) وقد كشفت هذه الدراسة أنه خلال الخمسينيات والستينيات كان هناك تعاون كبير بين المشتغلين بعلوم الاجتماع وبين وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين، وتمخضت عن دراسات رفعت للحكومة. ومن المشاريع المذكورة في هذا المجال (مشروع كاميلوت) الذي تبنته وزارة الدفاع الأمريكية لدراسة الظروف المختلفة داخل العالم الثالث من أجل تحديد عوامل التفكك الاجتماعي وصياغة برامج في مجالات التنمية توجه التغييرات داخل هذه الدول وجهة محددة، أو بمعنى آخر لضبط اتجاهات التغيير في مسارات تخدم أهداف الغرب".[7]

[1] – السيد يس، في مفهوم العولمة، مجلة المستقبل العربي، العدد 228، 1998 ص7

[2] – العولمة في ميزان الإسلام، جمعية الإصلاح الاجتماعي، من رسائل الجمعية، ص 22

[3] د.مثنى أمين، كتاب حركات تحرير المرأة من المساواة إلى الجندر، دار القلم، 2022، ص261.

[4] – د. محمود حمدي زقزوق،خطورة القرآن ،http://www.balagh.com/mosoa/tablg/ug0wx65y.htm

[5] د.مثنى أمين، مرجع سبق ذكره، ص261.

[6] مصطفى الطحان، مرجع سبق ذكره، ص16

[7] د.مثني أمين، مرجع سبق ذكره وبتصرف ص264

منقول

بحث للدكتور : عبد الخالق عبد الله
· جامعة الإمارات العربية المتحدة قسم العلوم السياسية
· المنشور في مجلة عالم الفكر
· الصادرة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – دولة
الكويت العدد 28 عام 1999 م
العولمة : جذورها، وفروعها، وكيفية التعامل معها
بقلم : صالح سليمان العامر

جذور العولمة والتعامل معها:
في القرن الحادي والعشرين أصبح من الواضح أن معظم التحولات الاقتصادية والسياسية والعلمية والثقافية المذهلة والمتسارعة التي يشهدها العالم هي إما سبب من أسباب العولمة أوانها مجرد نتيجة من نتائجها الضخمة والعميقة . لقد كانت حركة دمج العالم موجودة باستمرار وعبر كل العصور التاريخية، بيد أن هذه الحركة أخذت تتسارع خلال التسعينيات بشكل خاص مستمدة صورتها من الثورة العلمية والتكنولوجيا الراهنة والتطورات المدهشة في وسائل الاتصالات والمعلومات التي تقود الطريق إلى المستقبل .والعالم – الآن – يعيش لحظة بدايات العولمة ومازال يتعرف على مقدماتها ولكن العالم لا يعرف – على الإطلاق – إلى أين تتجه العولمة وما هي نهاياتها ؟وهناك محاولات فكرية عديدة لفهم طبيعة التحولات والتغيرات في جميع الاتجاهات والمجالات واستيعاب هذا العالم الجديد وفهم سماته الأساسية ومساراته المستقبلية منها على سبيل المثال و أبرزها :
1 -المؤلف "صموئيل هانتغتون" بعنوان صدام الحضارات : الذي أشار فيه إلى أن البشرية – وهي في طريقها نحو عالم جديد – كانت مقبلة على الحرب الدامية بين مناطق الحضارة الكبرى .
2 –المؤلف "فرانسيس فوكوياما" في كتابه "نهاية التاريخ" الذي شخص فيه المرحلة الراهنة من التاريخ وكأنها مرحلة انتصار نهائي للنموذج السياسي والفكري الليبرالي الذي يحظى بالقبول الواسع من أكبر قدر من الدول والمجتمعات في العالم.
3 –"بول كيندي" مؤلف كتاب "صعود وهبوط الامبراطوريات" والذي توقع فيه انهيار الاتحاد السوفيتي، وتنبأ باحتمال تراجع هيمنة الولايات المتحدة على الشأن العالمي في المستقبل إذا ظل الإنفاق العسكري الأمريكي على مستوياته العالية والتي لا تتناسب مع نصيبها من الإنتاج الإجمالي العالمي .
4 –"رونالد روبرتسون" مؤلف كتاب "العولمة" الذي يؤكد على أن العولمة هي تطور نوعي جديد في التاريخ الإنساني بعد أن أصبح العالم أكثر ترابطاً وأكثر تماسكاً والوعي بهذا الارتباط هو من أهم سمات هذه اللحظة .
5 –"جون بسبيت" مؤلف كتاب "ملة العولمة" وتحدث فيه عن القوى التكنولوجية والتكتلات الاقتصادية الجديدة التي ستلعب الدور الحاسم في تشكيل مستقبل البشرية خلال القرن المقبل .
6 –"والفين توفللر" مؤلف الكتب التالية : أ – ( الموجة الثالثة ب – صدمة المستقبل ج – تحولات القوة ) وهو الذي سبق الجميع من حيث التعمق في فهم طبيعة الفصل الجديد في التاريخ وتجديد سماته المميزة عن العصور السابقة . * اللحظة الحضارية الجديدة كغيرها من اللحظات التاريخية السابقة واللاحقة مليئة بالفرص والمخاطر

http://www.ibtesama.com/vb/showthread-t_7076.html

مفهوم العولمة

انتشر استخدام مصطلح العولمة في كتابات سياسية واقتصادية عديدة (بعيدة عن الإنتاج الفكري العلمي الأكاديمي في البداية) في العقد الأخير، وذلك قبل أن يكتسب المصطلح دلالات استراتيجية وثقافية مهمة من خلال تطورات واقعية عديدة في العالم منذ أوائل التسعينات.
يُستخدم مفهوم العولمة لوصف كل العمليات التي بها تكتسب العلاقات الاجتماعية نوعًا من عدم الفصل (سقوط الحدود) وتلاشي المسافة؛ حيث تجري الحياة في العالم كمكان واحد -قرية واحدة صغيرة- ومن ثم فالعلاقات الاجتماعية التي لا تحصى عددًا أصبحت أكثر اتصالاً وأكثر تنظيمًا على أساس تزايد سرعة ومعدل تفاعل البشر وتأثرهم ببعضهم البعض. وفي الواقع يعبر مصطلح العولمة عن تطورين هامين هما: التحديث Modernity، والاعتماد المتبادلInter-dependence ، ويرتكز مفهوم العولمة على التقدم الهائل في التكنولوجيا والمعلوماتية، بالإضافة إلى الروابط المتزايدة على كافة الأصعدة على الساحة الدولية المعاصرة. وبناء على ذلك، فالمفهوم يحتوي على مساحة من التناقض بين وجهة النظر الليبرالية الداعية للاحتفال بالاعتماد المتبادل بين الدول، مقابل وجهة النظر الراديكالية التي لا ترى في ذلك إلا مزيدًا من السيطرة العالمية للرأسمالية والنظام الاقتصادي المرتكز على حرية السوق.
وتاريخيًا، فإن مفهوم العولمة لا يتجزأ عن التطور العام للنظام الرأسمالي، حيث تعد العولمة حلقة من حلقات تطوره التي بدأت مع ظهور الدولة القومية في القرن الثامن عشر، وهيمنة القوى الأوروبية على أنحاء كثيرة من العالم مع المد الاستعماري.
بين رأس المال والتكنولوجيا والثقافة:
ومؤخرًا، ساهمت ثلاثة عوامل في الاهتمام بمفهوم العولمة في الفكر والنظرية، وفي الخطاب السياسي الدولي:

1 – عولمة رأس المال أي تزايد الترابط والاتصال بين الأسواق المختلفة حتى وصلت إلى حالة أقرب إلى السوق العالمي الكبير، خاصة مع نمو البورصات العالمية.

2- التطور الهائل في تكنولوجيا الاتصال والانتقال والذي قلل -إلى حد كبير- من أثر المسافة، وانتشار أدوات جديدة للتواصل بين أعداد أكبر من الناس كما في شبكة الإنترنت.
3 – عولمة الثقافة وتزايد الصلات غير الحكومية والتنسيق بين المصالح المختلفة للأفراد والجماعات، فيما يسمى الشبكات الدولية Networking حيث برز التعاون استنادًا للمصالح المشتركة بين الجماعات عبر القومية، مما أفرز تحالفات بين القوى الاجتماعية على المستوى الدولي، خاصة في المجالات النافعة مثل: الحفاظ على البيئة، أو في المجالات غير القانونية كتنظيف الأموال والمافيا الدولية للسلاح.

وفي الواقع، فإنه على الرغم من ترحيب دعاة العولمة بزوال الحدود القومية ودعوتهم لإنهاء الدولة القومية، والحد من الإغراق في الخصوصية الثقافية والمحلية، لكن الواقع الحالي يثبت وجود قوتين متعارضتين: التوحد والتجزؤ.
التوحد والتجزؤ:
فبينما يتجه الاقتصاد لمزيد من الوحدة على الصعيد الدولي، تخطو السياسة نحو المزيد من التفتت مع نمو الوعي العرقي والنزاعات الإثنية، في حين تتراوح الثقافة بين انتشار الثقافات الغربية في الحياة اليومية وبين إحياء الثقافات والتراث في أنحاء المعمورة.
وعلى الرغم من عولمة رأس المال فإن الهوية تتجه نحو المحلية. على سبيل المثال: فإن اختفاء الحدود بين شطري ألمانيا ونشأة كيانات موحدة والسير نحو الوحدة الأوروبية الغربية واكبه تفتت يوجوسلافيا وإحياء الروح الانفصالية في أفريقيا وآسيا.
وعلى صعيد عمليات الاتصال بين أرجاء المعمورة، فإن تكنولوجيا الاتصال قد قللت إلى حد كبير من تأثير المسافات بين الدول، وازدياد التفاعل بين الأشخاص والثقافات – بعبارة أخرى: حوار الحضارات، مما قاد إلى تكوين ثقافة عالمية جديدة يستغربها الذين اعتادوا على ثنائية "الذات والآخر"، فهناك دعوة للاندماج تبرز في مدارس الفن والفلسفة، وحوارات على كافة الأصعدة الحضارية والدينية. ويركز المتوجسون من العولمة على الروح الاستهلاكية العالية التي تواكب هذه المرحلة، والتي تتضح فيما يُسمى ثورة التطلعات، وانتشار النمط الاستهلاكي الترفي بين الأغنياء، أو الحلم به وتمنيه بين الفقراء.
وتنطوي العولمة على درجة عالية من العلمنة -أي تغليب المادية والحياة العاجلة على أية قيم مطلقة، واختزال الإنسان في بعده المادي الاستهلاكي، وأحيانًا الشهواني، فعلى سبيل المثال: تتعامل ثقافة الإعلام في ظل العولمة مع المرأة طبقًا لرؤية نفعية، يكون فيها جسد المرأة أداة لتعظيم المنفعة المادية، فمن ناحية تعتبر المرأة سلعة يمكن تسويقها – من خلال العروض التلفزيونية والإعلانات – عالميًا، ومن ناحية أخرى تعتبر هدفًا لتسويق سلع استهلاكية كمستحضرات التجميل والأزياء – وتتجلى هذه الرؤية في أشكال شتى منها مسابقات ملكات الجمال.
وعلى الرغم من انتشار مفهوم العولمة، فإن العالم يفتقر إلى وجود وعي عالمي أي إدراك الأفراد لهويتهم الكونية أكثر من الهويات المحلية. فواقعيًا، لا زالت الهويات المحلية تتصارع مع تلك الهوية العالمية التي تهيمن عليها القوى الكبرى اقتصاديًّا ونموذجًا حياتيًّا (الأمركة)، فعلى سبيل المثال بينما تتحد الدول في وحدات إقليمية كبيرة فإن التواصل بينها مفتقد، وبينما تتسارع العولمة الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية سعيًا وراء تقليل فوارق المسافة، تخلق السياسة العديد من الفجوات بين الدول. وتعبر هذه السلوكيات عن جدلية إدراك الإنسان لدوره ككائن اجتماعي من ناحية، وكفرد يتصارع عالميًا سعيًا وراء مكانة خاصة.
ويرى بعض الباحثين أن الإشكالية في العلاقة بين العالمي والمحلي تتفاقم حين تحاول القوى العالمية الكبرى مثل: الولايات المتحدة أن تُعطي الطابع العالمي لما هو محلي لديها من أجل تحقيق مصالحها الخاصة. ويرجع انتشار هذا النموذج الأمريكي إلى امتلاك الولايات المتحدة لمنافذ إعلامية عديدة وعالمية.
ويطلق الباحثون على تلك العملية، "عولمة المصالح المحلية"، ومن المهم إدراك أن مفهوم "العولمة" يرتكز على عملية ثنائية الأبعاد: كونية الارتباط – ومحلية التركيز، وهذا التضاد هو طبيعة كل واقع جديد، لذلك يصح أن نطلق عليها لفظ "العولمة المحلية" Globalization and localization .
الإسلام والعولمة:
ويلاحظ أن الإسلام وإن كانت دعوته عالمية الهدف والغاية والوسيلة، ويرتكز الخطاب القرآني على توجيه رسالة عالمية للناس جميعًا، ووصف الخالق – عز وجل- نفسه بأنه "رب العالمين" ، وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم مقترنًا بالناس والبشر جميعًا. فإن حضارة الإسلام قامت على القاسم المشترك بين حضارات العالم، فقبلت الآخر وتفاعلت معه أخذًا وعطاءً، بل إن حضارة الإسلام تعاملت مع الاختلاف بين البشر باعتباره من حقائق الكون. لذلك دعا الخطاب القرآني إلى اعتبار فوارق الجنس والدين واللغة من عوامل التعارف بين البشر. اتساقًا مع نفس المبادئ، يوحد الإسلام بين البشر جميعًا رجالاً ونساءً، في جزئيات محددة: أصل الخلق والنشأة، والكرامة الإنسانية والحقوق الإنسانية العامة، ووحدة الألوهية، وحرية الاختيار وعدم الإكراه، ووحدة القيم والمثل الإنسانية العليا.
وتبدو الاختلافات جلية بين عالمية الإسلام ومفهوم "العولمة" المعاصر، فبينما تقوم الأولى على رد العالمية لعالمية الجنس البشري والقيم المطلقة، وتحترم خصوصيته وتفرد الشعوب والثقافات المحلية، ترتكز الثانية: على عملية "نفي" و "استبعاد" لثقافات الأمم والشعوب ومحاولة فرض ثقافة واحدة لدول تمتلك القوة المادية وتهدف عبر العولمة لتحقيق مكاسب السوق لا منافع البشر.
ورغم هذه السيطرة الغربية على العولمة ومسارها إلا أن القوى المختلفة الداعية إلى حق الاختلاف والخصوصية الدينية والثقافية يمكنها توظيف أدوات العولمة ذاتها لمواجهتها، ففي قمة "سياتل" التي انعقدت في الولايات المتحدة الأمريكية ديسمبر 1999 نظم ونسق المعارضون لاتفاقية الجات جهودهم عبر شبكة الإنترنت، مما يدل على أن الإنسان يستطيع توظيف كل جديد في الدفاع عن هويته وذاته… وإنسانيته

http://www.islamonline.net/servlet/S…=1179664424141

مفهوم العولمة ونشأتها

مبارك عامر بقنه

يعتبر انهيار سور برلين ، وتفكك الاتحاد السوفيتي وسقوط النظام الاشتراكي والذي كان يتقاسم الهيمنة مع الولايات المتحدة انتصاراً للنظام الرأسمالي الليبرالي والتي أظهرت ما يسمى بالنظام العالمي الجديد الذي يدعو إلى النظام الرأسمالي وتبني أيدلوجية النظام العالمي الاستعماري ــ تحت ستار …

العولمة [1]ـ والتي تمثل مرحلة متطورة للهيمنة الرأسمالية الغربية على العالم .

إن سقوط النظام الاشتراكي أدى إلى تحول العالم من " نظام الحرب الباردة " المتمركز حول الانقسام والأسوار إلى نظام العولمة المتمركز حول الاندماج وشبكات الإنترنت " تتبادل فيه المعلومات والأفكار والرساميل بكل يسر وسهولة" . وانتصار الرأسمالية على الاشتراكية أدى إلى تحول كثير من الاشتراكيين إلى الرأسمالية والديمقراطية باعتبارها أعلى صورة ـ بزعمهم ـ وصل إليها الفكر الإنساني وأنتجه العقل الحديث حتى عده بعضهم أنه نهاية التاريخ.

تعريف العولمة :

لفظة العولمة هي ترجمة للمصطلح الإنجليزي (Globalization) وبعضهم يترجمها بالكونية[2]، وبعضهم يترجمه بالكوكبة، وبعضهم بالشوملة[3] ، إلا إنه في الآونة الأخيرة أشتهر بين الباحثين مصطلح العولمة وأصبح هو أكثر الترجمات شيوعاً بين أهل الساسة والاقتصاد والإعلام . وتحليل الكلمة بالمعنى اللغوي يعني تعميم الشيء وإكسابه الصبغة العالمية وتوسيع دائرته ليشمل العالم كله [4]. يقول "عبد الصبور شاهين " عضو مجمع اللغة العربية :" فأما العولمة مصدراً فقد جاءت توليداً من كلمة عالم ونفترض لها فعلاً هو عولم يعولم عولمة بطريقة التوليد القياسي … وأما صيغة الفعللة التي تأتي منها العولمة فإنما تستعمل للتعبير عن مفهوم الأحداث والإضافة ، وهي مماثلة في هذه الوظيفة لصيغة التفعيل[5]"

وكثرت الأقوال حول تعريف معنى العولمة حتى أنك لا تجد تعريفاً جامعاً مانعاً يحوي جميع التعريفات وذلك لغموض مفهوم العولمة ، ولاختلافات وجهة الباحثين فتجد للاقتصاديين تعريف ، وللسياسيين تعريف ، وللاجتماعيين تعريف وهكذا ، ويمكن تقسيم هذه التعريفات إلى ثلاثة أنواع : ظاهرة اقتصادية ، وهيمنة أمريكية ، وثورة تكنولوجية واجتماعية.

النوع الأول : أن العولمة ظاهرة اقتصادية:

عرفها الصندوق الدولي بأنها :" التعاون الاقتصادي المتنامي لمجموع دول العالم والذي يحتّمه ازدياد حجم التعامل بالسلع والخدمات وتنوعها عبر الحدود إضافة إلى رؤوس الأموال الدولية والانتشار المتسارع للتقنية في أرجاء العالم كله [6]" .

وعرفها "روبنز ريكابيرو" الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والنمو ـ بأنها :"العملية التي تملي على المنتجين والمستثمرين التصرف وكأن الاقتصاد العالمي يتكون من سوق واحدة ومنطقة إنتاج واحدة مقسمة إلى مناطق اقتصادية وليس إلى اقتصاديات وطنية مرتبطة بعلاقات تجارية واستثمارية [7]".

وقال محمد الأطرش :" تعني بشكل عام اندماج أسواق العالم في حقول التجارة والاستثمارات المباشرة ، وانتقال الأموال والقوى العاملة والثقافات والتقانة ضمن إطار من رأسمالية حرية الأسواق ، وتاليا خضوع العالم لقوى السوق العالمية ، مما يؤدي إلى اختراق الحدود القومية وإلى الانحسار الكبير في سيادة الدولة ، وأن العنصر الأساسي في هذه الظاهرة هي الشركات الرأسمالية الضخمة متخطية القوميات.[8]" بهذا التعريف للعولمة ركز على أن العولمة تكون في النواحي التجارية والاقتصادية التي تجاوزت حدود الدولة مما يتضمن زوال سيادة الدولة ؛ حيث أن كل عامل من عوامل الإنتاج تقريباً ينتقل بدون جهد من إجراءات تصدير واستيراد أو حواجز جمركية ، فهي سوق عولمة واحدة لا أحد يسيطر عليها كشبكة الإنترنت العالمية .
وعند صادق العظم هي :" حقبة التحول الرأسمالي العميق للإنسانية جمعاء في ظل هيمنة دول المركز وبقيادتها وتحت سيطرتها ، وفي ظل سيادة نظام عالمي للتبادل غير المتكافئ[9]".

التعريف الثاني : إنها الهيمنة الأمريكية :

قال محمد الجابري :" العمل على تعميم نمط حضاري يخص بلداً بعينه ، وهو الولايات المتحدة الأمريكية بالذات ، على بلدان العالم أجمع [10]".فهي بهذا التعريف تكون العولمة دعوة إلى تبنى إيديولوجية معينة تعبر عن إرادة الهيمنة الأمريكية على العالم . ولعل المفكر الأمريكي " فرانسيس فوكوياما " صاحب كتاب " نهاية التاريخ "يعبر عن هذا الاتجاه فهو يرى أن نهاية الحرب الباردة تمثل المحصلة النهائية للمعركة الإيديولوجية التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية وهي الحقبة التي تم فيها هيمنة التكنولوجيا الأمريكية .

التعريف الثالث : إنها ثورة تكنولوجية واجتماعية :

يقول الاجتماعي "جيمس روزناو" في تعريفها قائلاً :" العلومة علاقة بين مستويات متعددة للتحليل : الاقتصاد، السياسة ، الثقافة ، الايديولوجيا ، وتشمل إعادة تنظيم الإنتاج ، تداخل الصناعات عبر الحدود ، انتشار أسواق التويل ، تماثل السلع المستهلكة لمختلف الدول ، نتائج الصراع بين المجموعات المهاجرة والمجموعات المقيمة[11]".وعرفها بعضهم بأنها : "الاتجاه المتنامي الذي يصبح به العالم نسبياً كرة اجتماعية بلا حدود . أي أن الحدود الجغرافية لا يعتبر بها حيث يصبح العالم أكثر اتصالاً مما يجعل الحياة الاجتماعية متداخلة بين الأمم" .
فهو يرى أن العولمة شكل جديد من أشكال النشاط ، فهي امتداد طبيعي لانسياب المعارف ويسر تداولها تم فيه الانتقال بشكل حاسم من الرأسمالية الصناعية إلى المفهوم ما بعد الصناعي للعلاقات الصناعية .
وهناك من يعرفها بأنها:" زيادة درجة الارتباط المتبادل بين المجتمعات الإنسانية من خلال عمليات انتقال السلع ورؤوس الأموال وتقنيات الإنتاج والأشخاص والمعلومات".وعرفها إسماعيل صبري تعريفاً شاملاً فقال :" هي التداخل الواضح لأمور الاقتصاد والسياسة والثقافة والسلوك دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة أو انتماء إلى وطن محدد أو لدولة معينة ودون الحاجة إلى إجراءات حكومية .[12]"

وبعد قراءة هذه التعريفات ، يمكن أن يقال في تعريف العولمة : أنها صياغة إيديولوجية للحضارة الغربية من فكر وثقافة واقتصاد وسياسة للسيطرة على العالم أجمع باستخدام الوسائل الإعلامية ، والشركات الرأسمالية الكبرى لتطبيق هذه الحضارة وتعميمها على العالم.

الفرق بين العولمة والعالمية :

إن التقابل بين العالمية والعولمة وإيجاد الفرق بينهما فيه نوع من الصعوبة وخصوصاً أن كلمة العولمة مأخوذة أصلاً من العالم ولهذا نجد بعض المفكرين يذهبون إلى أن العولمة والعالمية تعني معنى واحدا وليس بينهما فرق . ولكن الحقيقة أن هذين المصطلحين يختلفان في المعنى فهما مقابلة بين الشر والخير .

العالمية : انفتاح على العالم ، واحتكاك بالثقافات العالمية مع الاحتفاظ بخصوصية الأمة وفكرها وثقافتها وقيمها ومبادئها . فالعالمية إثراء للفكر وتبادل للمعرفة مع الاعتراف المتبادل بالآخر دون فقدان الهوية الذاتية . وخاصية العالمية هي من خصائص الدين الإسلامي ، فهو دين يخاطب جميع البشر ، دين عالمي يصلح في كل زمان ومكان ، فهو لا يعرف الإقليمية أو القومية أو الجنس جاء لجميع الفئات والطبقات ، فلا تحده الحدود . ولهذا تجد الخطاب القرآني موجه للناس جميعا وليس لفئة خاصة فكم آية في القرآن تقول " يا أيها الناس" فمن ذلك قوله تعالى :" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى " وقوله تعالى :"يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا " وقوله تعالى :" يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة " إلى غير ذلك من الآيات التي ورد فيها لفظة الناس وقد تجاوزت المأتيين آية ؛ بل إن الأنبياء السابقين عليهم صلوات الله وسلامه تنسب أقومهم إليهم " قوم نوح " " قوم صالح " وهكذا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فإنه لم يرد الخطاب القرآني بنسبة قومه إليه صلى الله عليه وسلم وهذا يدل على عالمية رسالته صلى الله عليه وسلم فهو عالمي بطبعه، " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"

ومن أسباب تخلفنا عن الركب الحضاري هو إقصاء الإسلام عن عالميته ، وعدم زجه في كثير من حقول الحياة بزعم المحافظة على قداسته وطهوريته، وهذا نوع من الصد والهجران للدين ، وعدم فهم لطبيعة هذا الدين والذي من طبيعته وكينونته التفاعل مع قضايا الناس والاندماج معهم في جميع شؤون الحياة ، وإيجاد الحلول لكل قضاياهم وهذا من كمال هذا الدين وإعجازه . فهو دين تفاعلي حضاري منذ نشأته . فمنذ فجر الرسالة النبوية نزل قوله تعالى :" ألم ، غلبت الروم في أدنى الأرض ، وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين " فيذكر الخطاب القرآني الكريم المتغيرات العالمية ، لإدراك أبعاد التوازنات بين القوتين العظميين في ذلك الزمان ، وذلك " أن المسلم يحمل رسالة عالمية ، ومن يحمل رسالة عالمية عليه أن يدرك الوقائع والأوضاع العالمية كلها وخاصة طبيعة وعلاقات القوى الكبرى المؤثرة في هذه الأوضاع.[13]"

أما العولمة : فهي انسلاخ عن قيم ومبادئ وتقاليد وعادات الأمة وإلغاء شخصيتها وكيانها وذوبانها في الآخر. فالعولمة تنفذ من خلال رغبات الأفراد والجماعات بحيث تقضي على الخصوصيات تدريجياً من غير صراع إيديولوجي . فهي " تقوم على تكريس إيديولوجيا " الفردية المستسلمة" وهو اعتقاد المرء في أن حقيقة وجوده محصورة في فرديته ، وأن كل ما عداه أجنبي عنه لا يعنيه ، فتقوم بإلغاء كل ما هو جماعي ، ليبقى الإطار " العولمي" هو وحده الموجود . فهي تقوم بتكريس النزعة الأنانية وطمس الروح الجماعية ، وتعمل على تكريس الحياد وهو التحلل من كل التزام أو ارتباط بأية قضية ، وهي بهذا تقوم بوهم غياب الصراع الحضاري أي التطبيع والاستسلام لعملية الاستتباع الحضاري. وبالتالي يحدث فقدان الشعور بالانتماء لوطن أو أمة أو دولة ، مما يفقد الهوية الثقافية من كل محتوى ، فالعولمة عالم بدون دولة ، بدون أمة ، بدون وطن إنه عالم المؤسسات والشبكات العالمية .[14]" يقول عمرو عبد الكريم :" العولمة ليست مفهوماً مجرداً ؛ بل هو يتحول كلية إلى سياسات وإجراءات عملية ملموسة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والإعلام ؛ بل وأخطر من ذلك كله هو أن العولمة أضحت عملية تطرح ـ في جوهرها ـ هيكلاً للقيم تتفاعل كثير من الاتجاهات والأوضاع على فرضه وتثبيته وقسر مختلف شعوب المعمورة على تبني تلك القيم وهيكلها ونظرتها للإنسان والكون والحياة [15]".

نشأة العولمة :

يذهب بعض الباحثين إلى أن العولمة ليست وليدة اليوم ليس لها علاقة بالماضي؛ بل هي عملية تاريخية قديمة مرت عبر الزمن بمراحل ترجع إلى بداية القرن الخامس عشر إلى زمن النهضة الأوروبية الحديثة حيث نشأت المجتمعات القومية .. فبدأت العولمة ببزوغ ظاهرة الدولة القومية عندما حلت الدولة محل الإقطاعية، مما زاد في توسيع نطاق السوق ليشمل الأمة بأسرها بعد أن كان محدوداً بحدود المقاطعة .

وذهب بعض الباحثين إلى أن نشأة العولمة كان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين ، إلا أنها في السنوات الأخيرة شهدت تنامياً سريعاً . يقول إسماعيل صبري :" نشأت ظاهرة الكوكبة (العولمة) وتنامت في النصف الثاني من القرن العشرين ، وهي حالياً في أوج الحركة فلا يكاد يمر يوم واحد دون أن نسمع أو نقرأ عن اندماج شركات كبرى ، أو انتزاع شركة السيطرة على شركة ثانية ..[16]."

إن الدعوة إلى إقامة حكومة عالمية، ونظام مالي عالمي موحد والتخلص من السيادة القومية بدأت في الخطاب السياسي الغربي منذ فترة طويلة فهذا هتلر يقول في خطابه أمام الرايخ الثالث :" سوف تستخدم الاشتراكية الدولية ثورتها لإقامة نظام عالمي جديد" وفي كتابات الطبقة المستنيرة عام 1780:" من الضروري أن نقيم إمبراطورية عالمية تحكم العالم كله "

وجاء في إعلان حقوق الإنسان الثاني عام 1973 :" إننا نأسف بشدة لتقسيم الجنس البشري على أسس قومية . لقد وصلنا إلى نقطة تحول في التاريخ البشري حيث يكون أحسن اختيار هو تجاوز حدود السياسة القومية ، والتحرك نحو بناء نظام عالمي مبني على أساس إقامة حكومة فيدرالية تتخطى الحدود القومية "

وقال بنيامين كريم أحد قادة حركة العصر الجديد عام 1982 :" ما هي الخطة ؟ أنها تشمل إحلال حكومة عالمية جديدة ، وديانة جديدة ."

وكانت ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر قد اقترحت فكرة العولمة يرافقها في ذلك الرئيس الأمريكي السابق رولاند ريغن. ووجهة نظر تاتشر الاقتصادية ـ والتي عُرفت بالتاتشرية ـ انبثقت من الاستحواذ اليهودي للمال والعتاد … حيث أن فكرتها الاقتصادية والتي صاغها اليهودي جوزيف وهي تهدف بجعل الغني أغنى والفقير أفقر.
ويذكر "بات روبرتسون[17] " إن النظام العالمي الجديد نظام ماسوني عالمي ، ويعلل على ما يقول : " بأن على وجهي الدولار مطبوع علامة الولايات المتحدة ، وهي عبارة عن النسر الأمريكي ممسكاً بغصن الزيتون رمز السلام بأحد مخالبه ، وفي المخلب الآخر يوجد 13 سهماً رمز الحرب . وعلى الوجه الآخر هرم غير كامل ، فوقه عين لها بريق المجد ، وتحت الهرم كلمات لاتينيه (Novus Order Seclorum) وهي شطرة من شعر فرجيل الشاعر الروماني القديم معناها " نظام جديد لكل العصور ". إن الذي صمم علامة الولايات المتحدة هذه هو تشارلز طومسون ، وهو عضو في النظام الماسوني وكان يعمل سكرتير للكونجرس . وهذا الهرم الناقص له معنى خاص بالنسبة للماسونيين ، وهو اليوم العلامة المميزة لأتباع حركة العصر الجديد ." وبعد تحليل ليس بطويل يصل المؤلف إلى وجود علاقة واضحة تربط بين النظام الماسوني والنظام العالمي الجديد .

وقد جاء في مجلة المجتمع بحثاً عن منظمة "بلدربرج" والذي أسسها رجل الأعمال السويدي " جوزيف هـ. ريتنجر" ـ والذي سعى إلى تحقيق الوحدة الأوروبية ، وتكوين المجتمع الأطلسي ـ وهي منظمة سرية تختار أعضاءها بدقة متناهية من رجال السياسة والمال ، وتعقد اجتماعاتها في داخل ستار حديدي من السرية ، وفي حراسة المخابرات المركزية الأمريكية وبعض الدول الأوروبية ، ولا تسمح لأي عضو بالبوح بكلمة واحدة عن مناقشاتها ، ولا يحق للأعضاء الاعتراض أو تقديم أي اقتراح حول مواضيع الجلسات ، ويمول هذه المنظمة مؤسسة روكفلور اليهودية وبنك الملياردير اليهودي روتشيلد ، ومعظم الشخصيات في هذه المنظمة هم من الماسونيين الكبار ، وكثير من رؤساء الولايات المتحدة نجحوا في الانتخابات بعد عضويتهم في هذه المنظمة مثل : ريجان ، وكارتر ، وبوش ، وكلينتون ، وبعد اشتراك تاتشر في المنظمة بسنتين أصبحت رئيسة وزراء إنجلترا ، وكذلك بيلر أصبح رئيساً للوزراء بعد مضي أربع سنوات من اشتراكه في المنظمة ، وهي تسعى للسيطرة على العالم وإدارته وفق رؤيتها ، فقرارتها تؤثر على التجارة الدولية وعلى كثير من الحكومات [18].

فالعولمة نشأت مع العصر الحديث وتكونت بما أحدثه العلم من تطور في مجال الاتصالات وخصوصاً بعد بروز الإنترنت والتي أتاحت مجال واسع في التبادل المعرفي والمالي ، وارتباط نشأة الدولة القومية بالعولمة في العصر الحاضر فيه بعد عن مفهوم العولمة والذي يدعو أساساً إلى نهاية سيادة الدولة والقضاء على الحدود الجغرافية ، وتعميم مفهوم النظام الرأسمالي واعتماد الديموقراطية كنظام سياسي عام للدول. ولكن هناك أحداث ظهرت ساعدت على بلورة مفهوم العولمة وتكوينه بهذه الصيغة العالمية فانهيار سور برلين ، وسقوط الاشتراكية كقوة سياسية وإيديولوجية وتفرد القطب الأوحد بالسيطرة والتقدم التكنولوجي وزيادة الإنتاج ليشمل الأسواق العالمية أدت إلى تكوين هذا المفهوم .

وخلاصة البحث أن مصطلح العولمة منشأه غربي، وطبيعته غربية، والقصد منه تعميم فكره وثقافته ومنتوجاته على العالم، فهي ليست نتيجة تفاعلات حضارات غربية وشرقية، قد انصهرت في بوتقة واحدة ؛ بل هي سيطرة قطب واحد على العالم ينشر فكره وثقافته مستخدمة قوة الرأسمالي الغربي لخدمة مصالحه. فهو من مورثات الصليبية فروح الاستيلاء على العالم هي أساسه ولبه ولكن بطريقة نموذجيه يرضى بها المستعمر ويهلل لها ؛ بل ويتخذ هذه الصليبية الغربية المتلفعة بلباس العولمة مطلب للتقدم . يقول "بات روبرتسون[19]":" لم يعد النظام العالمي الجديد مجرد نظرية ، لقد أصبح وكأنه إنجيل."

———————————-
الهوامش:
[1] أشتهر في العقد التاسع مصطلح العولمة مع استخدام مصطلح النظام العالمي الجديد وذلك عند إعلان الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش من على منصة قاعة اجتماع الهيئة التشريعية لمجلس النواب الأمريكي في 17 يناير 1991 بداية النظام العالمي الجديد New World ويلاحظ استخدام كلمة Order ولم يستخدم كلمة System مثلاً وذلك لأن في كلمة Order من القسر والتوجيه والأمر ما ليس في غيره [1]
[2] كالسيد يسين وقد أظهر هذه الترجمة على كتابين من كتبه: الأول:" الوعي التاريخي والثورة الكونية ". والثاني:" الكونية والأصولية وما بعد الحداثة" .
[3] حراسة الفضيلة لبكر أبو زيد
[4] "العولمة والهوية الثقافية" من مجلة "فكر ونقد" العدد السادس .
[5] " العولمة جريمة تذويب الأصالة" عبدالصبور شاهين ، المعرفة العدد(48)
[6] " العولمة عالم ثالث على أبواب قرن جديد " ، عمرو عبد الكريم ، المنار الجديد العدد الثالث .
[7] " العولمة بوابة للرفاه أم الفقر ؟ " ، عبد اللطيف جابر ، الشرق الأوسط العدد (7460) .
[8] العرب والعولمة : ما العمل ؟ من مجلة "فكر ونقد" العدد السابع .
[9] "في مفهوم العولمة" ، لسيد يسين.
[10] المرجع السابق .
[11] "في مفهوم العولمة" ، لسيد يسين.
[12] " العولمة عالم ثالث على أبواب قرن جديد " ، عمرو عبد الكريم ، المنار الجديد العدد الثالث .
[13] " رؤية قرآنية للمتغيرات الدولية " ، محمد جابر الأنصاري .
[14]"العولمة والهوية الثقافية" من مجلة "فكر ونقد" العدد السادس . بتصرف
[15]" العولمة عالم ثالث على أبواب قرن جديد " ، عمرو عبد الكريم ، المنار الجديد العدد الثالث .
[16] " العولمة والاقتصاد والتنمية العربية " من مجلة " فكر ونقد" العدد السابع .
[17] المرجع السابق ، الفصل الثالث .
[18] " انظر مجلة "المجتمع" العدد ( 1368)
[19] " النظام العالمي الجديد هل هو مقدمة للنظام العالمي الإلهي؟" ،مات روبرتسون. وهو مؤسس شبكة الإذاعة النصرانية ، ورئيس مؤسسة الإعلام الأمريكية ، ورئيس برنامج "قناة الأسرة".

http://www.saaid.net/Doat/mubarak/5.htm

أنواع العولمة والفرق بينها وبين العالميةربما كان من أسباب اختلاف تعريفات العولمة وصعوبتها ، تعدد أنواع العولمة نفسها . فمن الطبيعي أن تختلف تعريفات العولمة باختلاف أبعادها وتجلياتها ومؤشراتها على أرض الواقع، ويمكن حصر العناصر الأساسية لظاهرة العولمة الراهنة في مستويات ثلاثة متداخلة ومترابطة هي: الاقتصاد ، والسياسة، والثقافة . فالعولمة إذن ، تنقسم إلى أقسام متعددة أهمها ما يلي :

1ـ العولمة السياسية وتعني نشر القيم الغربية في مجال السياسة بالدعوة إلى الأخذ بالديمقراطية الغربية بوصفها نظاما للحكم ، مع ما يتطلبه ذلك من تعددية سياسية ، وأحزاب ، وحرية في التعبير ، ومجالس تشريعية ، ودساتير ، ورأي عام ، وغير ذلك . وهذا النوع وإن كان قد تغلغل في مجتمعاتنا منذ الاستعمار العسكري الغربي في القرنين الماضيين، إلا أنه تزايد وانتشر بعد إطلاق مصطلح العولمة انتشارا ملحوظا .

2ـ العولمة الفكرية والثقافية والاجتماعية وتعني نشر الفكر الغربي في النظر إلى الكون والحياة والإنسان ، بوسائل منها : الأدب الغربي الذي أخذ يتسلل إلى مجتمعاتنا باسم الحداثة ، وشبكة المعلومات الدولية والفضائيات التي أصبح انتشارها في العالم ممكنا ، بعد أن غزا الغرب الفضاء وثبت فيه عددا كبيرا من الأقمار الصناعية .

3ـ العولمة الاقتصادية وتعني نشر القيم الغربية في مجال الاقتصاد مثل: الحرية الاقتصادية ، وفتح الأسواق ، وترك الأسعار للعرض والطلب ، وعدم تدخل الحكومات في النشاط الاقتصادي ، وربط اقتصاد الدول النامية بالاقتصاد العالمي ، بحيث يصبح العالم مقسما إلى قسمين لا ثالث لهما ؛ قسم ينتج ويطور ويبدع ويصدر وهو الدول الغربية ، وقسم يستهلك ويستورد فقط وهو الدول النامية ومنها الدول الإسلامية. وهذا هو مغزى الاستعمار قديما وحديثا ، أعني امتصاص خيرات الشعوب الضعيفة وجعلها دائما تابعة للدول الصناعية الغربية .

وقد لا أجافي الحقيقة إذا قلت إن الاقتصاد هو المحرك أو السبب الرئيس لكثير من الأحداث العالمية ، لأننا نعيش في عالم يقدس المال ويسعى إلى الحصول عليه بطرق شتى وفقا لمبدأ الإيطالي ميكيافيلي : " الغاية تبرر الوسيلة " . ومع التسليم بخطر النوعين السابقين من العولمة : السياسية والثقافية ، فإن العولمة الاقتصادية هي أشد هذه الأنواع خطرا وهي المحرك الحقيقي للعالم الغربي.

أما العالمية " Globalism" فقد عرفتها الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة الصادرة عن الندوة العالمية للشباب الإسلامي بأنها " مذهب يدعو إلى البحث عن الحقيقة الواحدة التي تكمن وراء المظاهر المتعددة في الخلافات المذهبية المتباينة " . ويزعم أصحاب هذه الدعوة أن ذلك هو السبيل إلى جمع الناس على مذهب واحد، تزول معه خلافاتهم الدينية والعنصرية ، لإحلال السلام في العالم محل الخلاف.

وبناء عليه ، يتبين أن العالمية تمثل مجالا واسعا من مجالات العولمة " Globalization" وهو المجال الثقافي وأن العلاقة بينهما علاقة جزء بكل .

ويرى الشيخ بكر أبو زيد في كتابه معجم المناهي اللفظية أن العالمية مذهب باطل ينسف دين الإسلام ، بجمعه بين الحق والباطل ، أي بين الإسلام والأديان كافة ، وحقيقته هجمة شرسة على الإسلام . وأنه لا ينبغي أن نقول "عالمية الإسلام " فنخضع الإسلام لهذا المذهب الفكري، ولنقل :" الإسلام والعالمية " لنظهر فضل الإسلام ، ونحط إلى القاع ما دونه من مذاهب ونِحَل محاها الإسلام.

إلا أن معظم الباحثين المسلمين ومنهم الأستاذ ماجد الزميع يرون عدم المانع من استعمال عبارة " عالمية الإسلام " ؛ لأن الشريعة الإسلامية عالمية في أصلها وتفاصيلها، وهي نقطة الفرق الجوهرية بين الإسلام والديانات السماوية السابقة. فجملة "عالمية الإسلام " يمكن أن تجمع ثلاثة عناصر هي أن الإسلام رسالة موجهة إلى الخلق جميعهم ، وهم مطالبون باعتناقه جميعا. وأنه يشتمل على أصول الديانات السابقة جميعها ، فهو اللبنة الأخيرة في صرحها الشامخ . وأن مبادئ الإسلام صالحة للتطبيق في كل مكان وزمان . ثم إن الفروق بين العولمة والعالمية بمعناها الجائز كثيرة منها ما يلي:

1ـ أن العولمة مسح للثقافات الأخر وإحلال الاختراق الثقافي محل الصراع الأيديولوجي . أما العالمية فهي تفتح على العالم وعلى الثقافات الأخر ، واحتفاظ بالخلاف الأيديولوجي .

2ـ أن العولمة إرادة للهيمنة ، فهي قمع وإقصاء للخصوصية واحتواء للعالم . أما العالمية فهي طموح إلى الارتفاع بالخصوصية إلى مستوى عالمي ، وانفتاح على ما هو عالمي وكوني .

3ـ أن طلب العالمية في المجال الثقافي ـ كما في غيره من المجالات ـ طموح مشروع ، ورغبة في الأخذ والعطاء ، وفي التعارف والحوار والتلاقح . أما العولمة فهي إرادة لاختراق الآخرين ، وسلبهم خصوصيتهم.

4ـ أن عالمية الإسلام لا إكراه فيها ، ومشروعية الجهاد إنما هي لإزالة العوائق التي تحول بين الناس وبين سماع الحق . أما العولمة فهي أن يجبر القوي الضعيف ، ويرغمه على ما لا يريد .

والذي أراه أن عبارة "عالمية الإسلام " إن كان يقصد بها صهر الإسلام في الأديان الأخر ، وإزالة الفروق بينه وبينها ، والتخلي عن أحكامه ، فإن تلك العبارة لا تجوز، وإن كان يقصد بها الانفتاح على العالم ، ومحاورته ومجادلته بالتي هي أحسن ، ودعوته إلى هذا الدين، ومبادلة المصالح الدنيوية معه ، فلا أرى بأسا من إطلاقها على الإسلام .

http://www.islamecon.com/publish/article_74.shtml

أتمنى أكون كفيت ووفيت ^^

بالتوفيق

كفيييييييييييييييييييييييييييتي و وفيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ييييييتي…..^^
مشششششششششششششششششششششششششششكوووووووووورة
بسس ما في نتــائج العولمة..؟؟؟
؟؟؟
=)

مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووره خيتو
يسلمووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو

سبحان الله و بحمده