العوامل التي تؤثر على
المراهقين
مقدمه:-
كثيرا ما يشكو الآباء من أبنائهم وبناتهم في سن
المراهقة ويكون مصدر الشكوي وجود مظاهر معينة في سلوك هؤلاء الأبناء والبنات وتعتبر
في نظر الأهل اضطرابات سلوكية وهي في الحقيقة مظاهر للنمو الطبيعي في هذه المرحلة
من العمر.
ولقد نالت مرحلة المراهقه كثير من الاهتمام من قبل الباحثين
والدارسين باعتبار أنها الميلاد الثاني للكائن البشري وتحدث فيها كثير من التغيرات
التي تحتاج إلي صبر للكشف عن طبيعتها للتعرف علي أفضل الشروط الواجب توافرها لكي
تحدث هذه التغيرات بصورة سوية وتجنب الفرد كثير من الاضطرابات والنمو غير السوي
.
ما هي المراهقه :-
تعد مرحلة المراهقة مرحلة من مراحل النمو تقع في
العقد الثاني من حياة الفرد بين الطفولة والرشد , وتشمل السنوات التي تمتد من11 إلي
سن 20 تقريبا غير أنه توجد فروق فردية في سن بلوغ ونهاية هذه المرحلة وتجدر الإشارة
إلي أنه من السهل تحديد بداية المراهقة حيث تتحدد بالبلوغ الجنسي ولكن من الصعب
تحديدا نهايتها حيث تتحدد هذه النهاية بالوصول إلي النضج في مظاهر النمو المختلفة
.
وقد يفيد ما أوضحناه أن نحدد الخصائص التي تصف فترة المراهقة .
خصائص
المراهقة :-
تتميز فترة المراهقة بأن يكون النمو فيها طفري حيث تتميز
التغييرات التي تحدث في مظاهر النمو المختلفة بالسرعة والشدة والعمق والجذرية بصورة
تجعل المراهق يفاجأ ويصعب عليه استيعابها ومن أهم خصائص هذه المرحلة:-
1)
البلوغ الجنسي :
ويدل علي الفترة التي يحدث فيها تغييرات فسيولوجية يتم
بواسطتها نضج الغدد الجنسية ( التناسلية ) وظهور المعالم الجنسية ويصبح الفرد قادر
علي المحافظه علي نوعه واستمرار سلالته .
ويمر البلوغ الجنسي عند كلا الجنسين في
مراحل تبدأ بظهور المظاهر الثانوية مثل خشونة الصوت عند الذكور وبروز الثديين عند
الإناث ثم تبدأ إفرازات الغدد الجنسية وأخيرا تصل المظاهر الثانوية والأعضاء
التناسلية إلي تمام وظيفتها وعندئذ قد يشعر المراهق بالخجل الأمر الذي يدفعه إلي
الانطواء وإذا صاحب ذلك إحساس بالذنب فربما أدي ذلك إلي شعوره بالاكتئاب وبعدها
يدور في دوامه من الأحاسيس ويحتاج إلي علاج نفسي وإلي رعاية خاصة من الأهل .
ويختلف المدي الزمني لمرحلة البلوغ هذه عند الأفراد – تبعا لعوامل أهمها :-
(أ*) اختلاف الجنس :
فنوع الجنس يحدد البداية لمرحلة البلوغ فهي تبدأ عند
الإناث مبكرا عن الذكور .
(ب) العوامل الوراثيه :
فالوراثة أيضا من
العوامل التي تحدد بداية مرحلة البلوغ فالأبناء الذين ينحدرون من أباء أقوياء أشداء
ويتمتعون بصحة جيده يكون البلوغ الجنسي عندهم مبكرا عن هؤلاء الذين ينحدرون من أباء
أو سلالات ضعيفة .
(ج) نوع وكمية الغذاء :
فالغذاء الذي يكون مكتملا
بجميع العناصر الغذائية المتناسق من حيث التنوع يؤدي إلي التبكير في الوصول إلي
البلوغ الجنسي .
(د) البيئة الجغرافية :
فيبلغ الأفراد النضج الجنسي في
المدن قبل القري وفي المناطق المعتدلة أسرع من سكان المناطق الحارة والباردة
.
ويرتبط بالبلوغ الجنسي من الناحية النفسية كثير من مشاعر الحيرة والتناقض
والقلق والخجل وقد تنتاب البالغ الزهو الاستعراض والاعتزاز إذا كان هذا البلوغ
مقترنا بنمو جسمي طبيا ونمو في الميول والقدرات .
2) النمو الجسمي السريع :
ويظهر في ازدياد الطول ونمو – العضلات وزيادة الوزن بصورة قد تجعل المراهق
يستغرب هذه التغيرات فيشعر بالحرج بين أخوته وزملائه كما قد يكون مفعما بالحيوية
والنشاط والزهو من كونه يسعي حثيثا نحو عالم الكبار . أما إذا اقترنت المراهقة بنمو
جسمي ضعيف ومختلف عن الأفراد العاديين فإن هذا يقترن لدي المراهق بمشاعر النقص
.
3) التغير الواضح في التفكير :
حيث يميل المراهق إلي التفكير الخيالي
ولعل من أبرز سمات المراهق اتجاهه إلي الخيال مما قد يؤدي إلي وجود ظاهرة أحلام
اليقظة في حياته وربما اختلاق القصص الوهمية وتلفيق الأكاذيب ويصحب هذا الميل إلي
الخيال والتفكير الخرافي والاتجاه إلي الأفكار الفلسفية والنواحي الفنية
وتتنوع
القدرات والميول وينمو الذكاء وتتفجر طاقات لم تكن موجودة من قبل وينقل تفكير
المراهق من الحدود الضيقة إلي أفاق أرحب وتزداد الأحلام والرؤى فيتطلع المراهق إلي
الابتكار والإبداع ومن الناحية الاجتماعية فإن شبكة العلاقات التي يعيش فيها
ينتابها كثير من التغيرات نتيجة تغيير مفاهيم وصور كثيرة لديه .
4) تأرجح
الانفعالات :
فالمراهق لا يثبت علي حال أو يقف معتذرا كما معينا أو فكرة بذاتها
ومن يحدث ما يمكن أن نسمية بالانفعالات العاطفية أو الاضطرابات العاطفية التي تظهر
لأسباب بسيطة أو تافهه كما تظهر الحساسية المفرطة في كل تصرفاته .
5) السعي
إلي الاستقلال :
وهنا يرفض المراهق أي اقتراح يقدم إليه ويعاند بشدة في أمور لا
تحتمل العناد كما أنه يميل إلي أن يحدد لنفسه وللآخرين الأشياء التي تخصه ويمتلكها
تميزا له عن ملكيات الآخرين .
6) محاولة إثبات الذات :
وذلك عن طريق أن
يتحدث بصوت مرتفع وثقة ورفع الكلفة بينه وبين الكبار ومحاولة اتخاذ مظهر الكبير في
الملبس والتصرفات وفرض رأيه علي الآخرين .
7) محاولة إشباع الرغبات الجنسية
:
وهناك وبعد أن يشعر المراهق باكتمال نموه الجسمي والجنسي فإنه يحاول مدفوعا
بهذه القوة الجديدة والنشاط الواضح أن يمارس حياته كما يحب فيصطدم بالتقاليد والقيم
والعادات الاجتماعية وكذلك فقد لا يلجأ في هذه الناحية إلي الوسائل غير الطبيعية
.
8) الحركة الزائدة :
فالمراهق من فرط نشاطه وحيويته الناتجين من نموه
يصبح لديه الرغبة العارمة في التحول الزائد لا يستقر في مكان واحد والذهاب إلي هنا
وهناك وربما أدت هذه الحركة الزائدة إلي الاشتباك مع الأخرين والشجار والاعتداء
عليهم .
9) إشباع الدوافع الاجتماعية :
وتظهر هذه الرغبة لديه في محاولة
أن يكون لديه عدد كبير من الأصدقاء وانضمامه إلي بعض الجماعات سواء كانت موجودة
سابقة التكوين أو يسعي إلي تكوينها مع غيره من الأصدقاء أو في محاولة ممارسة بعض
الأنشطة الاجتماعية والرياضية والواقع أن كل هذه المظاهر هي علامات في طريق النمو
وتظل في دائرة السواء ما لم يتخطاها إلي محاولة تعطيل إنتاجية المراهق أو عدم رضائه
علي نفسة أو عدم رضاء المجتمع عنه ومن الأفضل أن يتسم تقدير المجتمع له وتصرفاته
معه باتساع الأفق وسعة الصدر فقد يحدث ما لم يكن في الحسبان وتنقلب هذه المظاهر
السابقه إلي عكسها بفعل عدة عوامل عامة أهمها : –
1- عدم تناسب سرعة النمو
النفسي للمراهق مع النمو الفكري والاجتماعي .
2- تعارض الميول والانفعالات
الجديدة مع قيود المجتمع وظروفه فالميل نحو الجانب الآخر يقابل باعتراض شديد ونفور
وتأنيب وبخاصة في المجتمعات الشرقية مثل مجتمعنا مما يشعر المراهق بأنه ارتكب ذنبا
لا يغتفر وقد يدفعه إلي الانطواء والاكتئاب والعزلة .
3- الاستهانة بقيمته كشخص
مستقل له أفكاره ونزعاته وميوله الخاصة ومحاولة الحط من آرائه ومن كيانه والتدخل في
استقلاله .
4- محاولة فرض أسلوب محدد ينظم حياته ووقته والتدخل في اختيار
أصدقائه وهواياته مما يثير الكثير من المتاعب والصعوبات وحتى إذا رضي الشباب بذلك
فإنه يلجأ إلي الخضوع والانطواء أو يرفض فقد يلجأ إلي الثورة والانحراف وكلا
الاتجاهين ضار وخطير .
5- عدم إتاحة الفرصة أمامه للاطلاع وتوسيع مداركه
وممارسته وهوايته واختيار قدراته في حدود الظروف المتاحة .
6- الإصرار علي
معاملته كطفل لم ينضج بعد مما يؤذي شعوره أو إهماله تماما وترك الحبل علي الغارب
باعتباره ناضجا مسئولا الأمر الذي يعرضه للشعور بفقدان الدعم وعدم الإحساس بالأمان
كما يهيئ له ذلك فرص الانحراف والشذوذ .
إن تجنب هذه التصرفات السابقة من جانب
الوالدين يمنع وقوع الشباب في مرحلة المراهقة في مشاكل واضطرابات نفسية عديدة ولذلك
يجب علي الوالدين والعاملين مع المراهقين أن يكون تعاملهم مع الأبناء والبنات
تعاملا حذرا واعيا فاهما لطبيعة هذه المرحلة حتى يجنبوهم التعرض للمشاكل والأزمات
ويقونهم شر الوقوع في أضرار ومتاعب لاحدود لها .
طبيعة مرحلة المراهقه :-
إن المراهق مشكلة ومضطرب قلق بسبب التغيرات الجسمية والعقلية والمعرفية
والاجتماعية والوجدانية والعاطفية التي تحدث له وفترة المراهقة هي فترة عواطف وشدة
وهي مرحلة ارتقاء ونضوج ففيها تكتمل شخصية الإنسان وينضج جسمه وذهنه وتنمو ثقته
بنفسه ويزداد تحصيله الدراسي ويكتسب كثير من الخبرات والمهارات والمعلومات وأن
الأزمة التي تنتاب المراهق فإن مردها إلي الظروف الاجتماعية والتربوية المحيطة
.
والفرد هو جزء من المجال الذي يعيش فيه وأن القوي الاجتماعية والحضارية لا
تؤثر في المرهق لمجرد وجودها الموضوعي وإنما تؤثر هذه القوي عندما تصبح جزء من
مجاله النفسي بالوعي أو اللا وعي وأن مشكلة المراهق أنه لا يعرف بوضوح كاف من هو
وما هو المطلوب منه وما المسموح له به وما يعمل فيه ,وهناك مجالات توقع المراهق في
حيرة من أمره وتسبب له القلق وهي التي تكون المجال الحيوي بالنسبة له وهي التغيرات
الفسيولوجية التي يأتي بها البلوغ , الزمن الذي يجعل المراهق يحسب أهدافه بالسنين
بعد أن كان يحسبها بالأيام والأسابيع في طفولته وأخيرا بعد الانفصال عن جماعات
الأطفال والانتماء إلي جماعات الكبار .
أهداف مرحلة المراهقة :
1- النضج
الجنسي :
فيتحول اهتمام الطفل من الاهتمام بأبناء جنسه إلي الجنس الآخر , ويتطور
وعيه الجنسي إلي التقبل والنضج الجنسي .
2- النضج الانفعالي العام :
حيث
يتطور نمو الطفل من التعبير الانفعالي غير الناضج إلي التعبير الانفعالي الناضج ومن
التفسير الذاتي للمواقف إلي التفسير الموضوعي ومن الهروب من المشكلات إلي مواجهتها
.
3- النضج الاجتماعي العام :
فتمثل التقبل بدلا من مشاعر الشك والريبة
وتأخذ مظاهر الارتباك وعدم التسامح الاجتماعي في الزوال ليحل محلها التسامح
الاجتماعي كما يتحرر المراهق من التقليد الاجتماعي , ومن حيث الإشراف المنزلي
فيتحرر المراهق من الإشراف المنزلي الدقيق ويتجه المراهق نحو ضبط سلوكه ذاتيا
والحصول علي الأمن والاستقرار . وبالنسبة لشغل أوقات الفراغ يتطور النمو بالاهتمام
بالألعاب العنيفه غير المنظمة إلي الاهتمام بنجاح الفريق وتتركز الهوايات عند
المراهق في هواية أو اثنين بعد أن كانت متعددة في مرحلة الطفولة .
4- فلسفة
المراهق في الحياة :
فيتطور منظور عدم اللامبالاة بالمبادئ العامة التي كان
يحكمه سلوكه طفلا إلي فهم للمبادئ العامة وأن سلوكه أصبح يعتمد علي الضمير والواجب
بعد أن كان يعتمد علي العادات .
5- مفهوم ذات المراهق :
يتطور النمو في
هذا الجانب من عدم إدراكه الذات أو الإدراك البسيط لها إلي إدراك علي شئ من الدقة
للذات وتكوين مفهوم للذات لدي المراهق ومن فكرة بسيطة عن إدراك الاخرين لذاته إلي
فكرة جيدة عن إدراك الآخرين لذاته وبعد أن كان الطفل يتوحد مع أهداف مستحيلة أصبح
يتوحد مع أهداف يري أنه يمكن تحقيقها .
وتعد المراهقة إذا مفهوم يتلازم فيه
الزمن ويتوافق مع تغيرات تكوينية واجتماعيه وسيكولوجية فمن أجل مثل هذه التغيرات
لابد أن يصل الطفل إلي مرحلة سنية محددة وتوجد فروق فردية بين الأطفال في بداية هذه
المرحلة ونهايتها وتتميز هذه المرحلة بخصائص محددة ومعينه تجعلها متمايزة عن غيرها
من المراحل العمرية الأخرى كما أن مرحلة المراهقة ذات طبيعة تمايزت واختلف فيها
الآراء , وتحقق المراهقة أهدافا ترتبط بها دون غيره من مراحل العمر .
طبيعة
المرحلة قبل التناسلية التي تلي المرحلة التناسلية لمرحلة المراهقه :-
تعبر
المرحلة قبل التناسلية مرحله ذات طبيعة نرجسية ويعني هذا أن الشخص يحصل علي اللذة
من تنبيه واستخدام نفس جسمه أو شحناته تستهدف الآخرين لأنهم يتيحون له أشكالا
إضافيه لا من اللذة الجسمية , وأثناء المراهقة يتجه بعض هذا الحب الذاتي أو
النرجسية ملتمسا مسارات تعود إلي اختيارات موضوعات أصيلة فالمراهق يشرع في حب
الآخرين تحدوه دوافع الإيثار وليس لمجرد أسباب أنانية . نرجسية – فالجاذبية الجنسية
, التنشئة الاجتماعية والنشاطات الجماعية والتخطيط المهني والتأهب للزواج وتكوين
أسرة وتبدأ جميعها في الظهور وعند نهاية المراهقة تصبح هذه الشحنات الغيرية
المتطوعة للأهداف الاجتماعية علي قدر طيب من الثبات والاستقرار في صورة الأشكال
المعتادة من الإزاحة والتعالي والتعايش الذاتي وبذلك يتحول الشخص من طلب اللذة
والنرجسية الطفلية إلي راشد يستهدف الواقع ويتمثل المجتمع .
ولكي نفهم طبيعة
تميز مرحلة المراهقة لابد أن نعرف صفات المرحلة السابقة عليها حيث أنها تبني عليها
.
فتتميز فترة ما قبل المراهقه بأنها قصيرة نسبيا وبالحاجة إلي علاقة حميمة مع
رفيق من نفس الجنس إلي صديق حميم يستطيع أن يثق فيه وأن يتعاون معه في مواجهة أعباء
الحياة وحل مشاكلهما وهذه الفترة بالغة الأهمية فهي تحدد بداية العلاقات الإنسانية
الأصلية بالآخرين ويبدأ الطفل في مرحلة ما قبل المراهقة في تكوين علاقات بالأقران
والأصدقاء تقوم علي التساوي والتكافؤ , والتبادل بين الأعضاء .
مظاهر النمو
في مرحلة المراهقة :
تعتبر فترة المراهقة مليئة بكثير من التغيرات التي تطرأ
علي الكائن البشري والتي تحوله إلي كائن يحافظ علي استمراره وبقاءه , وتعتمد هذه
التغيرات وتكون أوضح ما يكون في التغيرات العضوية والتي ينبني عليها كل التغيرات
بعد ذلك مثل النضج الانفعالي والاجتماعي والعقلي والمعرفي .
فإذا لم يزد طول
الطفل ووزنه وحجمه وإن لم تقوي عضلاته ويصل المخ إلي الحجم الطبيعي وأن لم ينمو
الجهاز الغدي وتأخذ الصفات الداخلية حجمها وكفايتها حتى تواجه وتفي باحتياجات هذا
الهدوء والاستقرار والأمن والاسترخاء والانشراح والانبساط والرفاهة والحساسية …
الخ وكذالك فإنه لم يتشرب عناصر التراث الاجتماعي والثقافي القائمة مثل العادات
والتقاليد والأعراف وقوالب السلوك العامة أي ينمو اجتماعيا فباختصار فإن النمو
العضوي هو العامل المؤثر في كل هذه النماءت والتطورات وعلي هذا فإننا سوف نتناول
مظاهر النمو العضوي أولا :-
أولا – النمو العضوي :
للنمو العضوي مظهرين
أساسين هما ( النمو الفيزيقي الخارجي ) وهي تلك التغييرات التي تطرأ علي الجسم من
الناحية الظاهرة أو البادية للعين مثل الطول والوزن والحجم والعرض والنسب المختلفة
لأعضاء الجسم , و ( النمو الفسيولوجي ) وهو يتمثل في نمو الأجهزة الداخلية غير
الظاهرة والتي يطرأ عليها التغير وقت البلوغ وسوف نتناول هذين المظهرين بمزيد من
التفصيل .
أولا :- النمو الفيزيقي :
فيمر المراهق بكثير من التغيرات
الفيزيقية حيث يزيد الوزن والطول بأعلى معدل بين الثانية عشر والسادسة عشر وتنخفض
هذه المعدلات من السادسة وحتى الثامنه وعند البنات فإن طفرة النمو تحدث قبل البلوغ
ويبطئ النمو أثناء فترة المراهقة ويزيد الطول والوزن لدي البنات عن البنين فيما بين
الحادية عشر والرابعة عشر وعند الثامنه عشر فأنهن يصلن إلي الحجم النهائي أما
الأولاد فيستمر النمو لديهم بعد الثامنه عشر .
ومن المعروف أن النمو في الطول
والعرض يرتبط بالنمو العظمي ويتفوق البنين علي البنات في النمو العظمي بعد سن
الرابعة شعر . كما توجد فروق أخري في النمو العظمي بين البنين والبنات حيث تأخذ
عظام الحوض لدي الفتاة في الاتساع بشكل واضح وذلك تمهيدا لوظيفة الحمل والأمومة
.
أما النمو الوزني فيرتبط بنسبة تراكم الدهن في الأماكن المختلفة في حجم الكائن
البشري وتوجد فروق بين الذكور والإناث أيضا في هذا النوع من النمو حيث تبلغ سرعة
النمو الوزني أقصاها عند البنات فيما بين 11.5 , 14.5 ثم تقترب من نهايتها في 16
وتستمر في الزيادة حتى الرشد كما يتراكم الدهن في أماكن خاصة مثل منطقة الثدي
والأرداف .
ويرتبط النمو الجسمي ( التبكير أو التأخير فيه )لا بمشكلات اجتماعية
ونفسية تختلف إيجابا وسلبا باختلاف الجنسين . فكثير من البنات المراهقات المبكرات
في النضج يتعرضن لسوء التكيف لفرط حساسيتهن التي تؤدي بهن إلي الانطواء أو كراهية
الذات , وكذلك فئة الذكور المراهقين المتأخرين في النمو الجسمي فإنهم أيضا كثيرا ما
يعانون من شعور بالنقص وسوء التكيف الاجتماعي وذلك بعكس الذكور الذين يبكرون في
النمو الجسمي فإن هذا يحقق لهم تقدما في المنزلة الاجتماعية بين أقرابهم وتسلم
مواضع الريادة والقيادة وخاصة في الانشطه التي تحتاج إلي البيئة والقوة البدنية ,
ومن جهة أخري فإن هذا النمو المبكر للجسم لدي المراهق يجعله يبدو وفي صورة رجل
مكتمل البنية في الوقت الذي لم تخرج فيه تصرفاته من منطقة الطفولة مما يعرضه لسوء
التكيف .
ثانيا :- النمو الفسيولوجي :-
يعتبر أهم مظاهر هذا النمو هو
النضج الجنسي وإلي جانب ذلك تحدث تغيرات في الجهاز الدوري والتنفسي والهضمي والغدد
الصماء تصل بها إلي مرحلة النضج .
وأهم مظاهر هذا النمو هو :
– الدورة
الدموية :
يتضاعف وزن القلب خلال مرحلة المراهقة وقلب الذكور ينمو بسرعة أكبر من
قلب الأنثي في الطفولة المبكرة ومن سن العاشرة حتي الثالثة عشر تتفوق الأنثي علي
الذكور في الحجم وبعد الثالثة عشر تزداد السرعة عند الذكور أما الشرايين والأوردة
فإنها لا تنمو بسرعة القلب فهي تكون بطيئة .
– الجهاز التنفسي :
تنمو
الرئتان ببطئ خلال سنوات الطفولة ويزداد حجمها خلال فترة المراهقة المبكرة خاصة لدي
البنين . ويزيد الذكور عن البنات في فترة المراهقة في كمية ونوع النشاط البدني مما
يزيد حاجتهم إلي الهواء أكثر .
– الجهاز الهضمي :
ينمو الجهاز الهضمي
خلال فترة المراهقة فيزداد حجم المعدة وتزداد قدرتها علي قدرتها علي الهضم وذلك
لحاجة المراهق إلي كمية أكبر من الغذاء .
– الجهاز العصبي :
لا ينمو
الجهاز من حيث الحجم إلا قليلا ويقتصر النمو علي الألياف في الطول والسمك كما أن
الوصلات العصبية تزداد زيادة كبيرة خلال فترة المراهقة ومن المعروف أن هذه الألياف
وعدد الوصلات العصبية هي الأساس الفسيولوجي لأشكال من التفكير أكثر تعقيدا وتطورا
لدي المراهق .
– الغدد :
يتعرض الجهاز الغدي لدي المراهق للتغيرات نحو
النضج والكمال في القيام بالوظيفة الخاصة به والمعروف أن لهذا الجهاز أثر كبير علي
حالة الفرد النفسية والصحة والسواء وعدم السواء النفسي ولهما تأثير أيضا علي النمو
الجسمي فمثلا تعتبر الغدة النخامية هي المسئولة عن النمو بصفة عامة فإذا نقص إفراز
هذه الغدة لوحظ تأخر النمو الجسمي إلي أن يصبح الفرد من القزام أما إذا زاد إفراز
هذه الغدة فقد يصل الإنسان في النمو إلي أن يصبح عملاق . ويؤثر هرمون هذه الغدة علي
تأخير وتبكير البلوغ لدي الجنسين , وكذلك فإن هرمون الغدة الكظرية ينشط المراكز
العصبية ويجعل الجسم أكثر قابلية لمواجهة المواقف الفجائية .
وهناك من الغدد ما
ينشط ويقوم بإفرازاته إلا بعد الوصول إلي مرحلة المراهقة مثل الغدد الجنسية فمن أهم
مظاهر النمو الفسيولوجي في المراهقة هي ظاهرة النضج الجنسي . ويرتبط بالنمو العضوي
في مرحلة المراهقة النمو الحركي فبعد أن كان الكائن البشري في مرحلة الطفولة نشطا
كثير الحركة يريد بحركته أن يسيطر علي البيئة المحيطة فإنه يلاحظ في مرحلة المراهقة
ميل المراهقين نحو التراخي والخمول نتيجة للنمو الجسماني السريع في السنوات الأولي
من مرحلة البلوغ كما تتميز هذه المرحلة بعدم الدقة في الحركة ويختلف البنين عن
البنات في النمو الحركي هذا , ففترة عدم الدقة الحركية هذه لا تدوم عند البنات بذات
القدر الذي نجده عند البنين نظرا لأن نمو البنات أقل وأبطأ ومن المعروف أن المراهق
من كلا الجنسين يحتاجون إلي بعض الوقت حتي يتغلبون علي سوء التوافق وحتى يتكيفوا مع
التغيرات الجسمية والتشريحية والحركية التي تنتابهم أثناء فترة المراهقة
.
واجب الآباء نحو أبنائهم المراهقين والمراهقات في رعاية النمو الجنسي
:
– إن واجب الآباء نحو أبنائهم المراهقين والمراهقات يحتم عليهم أن يهيئوهم
لمرحلة النمو الجديدة وهي المراهقة لتزويدهم بالمعلومات الصحيحة من غير أن يستشعروا
في ذلك أيا حرج
– وكثيرا ما تصاب الفتيات لأول مرة يحدث عندهن فيها الحيض
بالهلع والارتياع , كما انه كثيرا ما يخبر الفتيان في أول مرة يحدث فيها لهم
الاحتلام بالإثم والخطيئة , وعلي الآباء حين يقومون بهذا أن يبينوا لفيتاتهم
وفتيانهم أن الأمر لايعدوا أن يكون ظاهرة من ظواهر النمو المتصل الذي يتعرض له
الفرد من مولده إلي أخر حياته .
– وفي رأينا أن المراهق لن يتردد في
الاسترشاد بالكبار المسئولين من أبوية وأساتذته إذ هم طمأنوه إلي ذلك بأن يتخذوا
حيال الأمور الجنسية اتجاها بيولوجيا هادئا لا يشوبه الحرج أو الاستفزاز .
ومن
الناحية السيكولوجية :
فإنه يرتبط أيضا بالنمو العضوي فهو مفهوم الذات الجسمية
ويرتبط هذا المفهوم بخصائص النمو الجسمي في كل مرحلة من مراحل النمو ويتغير هذا
المفهوم أيضا كلما تقدم الإنسان في العمر وزاد اكتسابه للخبرات والتجارب والصورة
الذهنية التي يكونها المراهق عن شكله وجسمه هي نتيجة لما تجمع لديه من خبرات ففي
بداية المراهقة يجد المراهق صعوبة في تقبل التغيرات التي طرأت علي بدنه وقد يشعر
بالقلق الشديد إذا وجد أن ذاته الجسمية الواقعية تنحرف كثيرا عن تصوره لها ومن
المفيد مساعدة المراهق علي أن يكون مفهومه إيجابيا عن ذاته الجسمية وهذا ينقلنا إلي
نقطة أخيرة في النمو الجسمي وهي رعاية هذا النمو .
رعاية النمو الجسمي :
–
فيجب أن يوجه المراهق إلي أن يلم بالعادات الصحيحة في غذائه ونومه وعمله حتي
يساعده ذلك علي النمو السليم وأن – يتجنب المراهق الأعمال العنيفة والمراهقة التي
قد تجهد القلب والجهاز الدموي وأن تقوم المدرسة والأسرة بإعداد الأنشطة التي تلائم
طبيعة المرحلة التي يمر بها المراهق من الناحية الجسمية فتيسر له الهوايات التي
تناسب مظاهر نموه وأن تحول بينه وبين العادات السيئة كالتدخين . كما يجب أن تقوم
المدرسة والأسرة بتأهل المراهق نحو تقبل ذاته الجسمية وتهيئة الجو النفسي الذي
يساعده علي تقبل التغيرات التي تطرأ عليه .
وتوجد بعض البنود التي يلزم تطبيقها
تربويا :-
1- العناية بالغذاء للأبناء المراهقين وتكون هذه العناية من ناحية
الكيف والكم .
2- إعطاء المراهق القدر الكافي من الراحه والاهتمام بالألعاب
الرياضية التي تناسب مرحلة النمو .
3- مراعاة الفروق الفردية بين الجنسين في
الأنشطة الرياضية
4- إتاحة الفرصة المناسبة للأبناء في مناقشة المشكلات التي
تتعلق بالنمو البدني والذي تتعلق بأسباب الطول والقصر والسمنة والنحافة وظهور حب
الشباب وبعض مظاهر الجسم الأخرى .
5- تهيئة المناخ لكي يحصل المراهق علي المعرفة
الدقيقة والعملية عن بعض الاستفسارات التي تنشأ في هذه المرحلة وخاصة فيما يتعلق
بالنضج الجنسي .
ثانيا : النمو الانفعالي في المراهقة :-
إن الجانب
الانفعالي هو الذي يعطي للسلوك الإنساني الطابع المميز والفارق الذي يرتبط بسلوك كل
فرد فالأفراد يتعرضون لمثيرات واحدة ويمكن أن تستدعي استجابات متشابهة غير أن الذي
يميز استجابة عن أخري هو الجانب الانفعالي .
ويعبر الجانب الانفعالي عن الحالة
المزاجية التي يكون عليها الفرد مثل الهدوء والاستقرار والانشراح والفرح والزعل
والاكتئاب والقلق والراحة والتوجس والخوف واستثارة والتبلد والاسترخاء والرضي وعدم
الرضي وغيرها من الصفات المزاجية .
ومن أهم الصفات الانفعالية التي تميز
مرحلة المراهقة : –
1- حساسية المراهق للنقد
2- يهتم بالتطلع إلي داخل
نفسه
3- اجتماعي ولطيف
4- مستعد لتحمل المسئولية
5- يهتم بمعرفة مظهره
الخارجي علي الآخرين
6- ينزع إلي الاستقلال ويقاوم من يحاول فرض السلطة علية
7- يعتريه الخجل ويبدو حساسا
8- يظهر عليه الخمول والكسل
9- يهتم
بالتفاصيل
10-يلجأ إلى الوحده
11- رغبة المراهق في لعب دور الرجل والبطل
12- رغبة المراهقة في لعب دور الأنثى
13- دائما يبحث عن الميول
المهنية
وتوجد مجموعه من الحقائق التي تتصل بالنمو الانفعالي في مرحلة
المراهقة يجب أن نشير إليها وهي :-
1- نتيجة للتناقض والمواجهة القائمة بين
الطاقة المتزايدة والمتولدة عن النضج الجنسي والفسيولوجي وبين الواقع الاجتماعي
بوضعياته من عادات وتقاليد وأعراف واتجاهات فإنه تقوي لدي المراهق نزعة العدوان
والعناد وما إلي ذلك من الانفعالات الحادة وخاصة في المرحله الأولي من المراهقة .
2- أن نزعة العدوان تدعم الانطلاق نحو الاستقلال فمن المعروف أن المراهقة هي
الفطام الثاني للفرد والتخلص من الاتكالية .
3- تقلب المزاج في هذه المرحله
فالمراهق هو فرد متقلب المزاج مثلا الفرح والحزن والأمل والانقباض .
4- تكثر
أحلام اليقظة في هذه المرحلة وتكون عادة حول خواطر القوة والثروة والجمال والتجارب
العاطفية وتصل القوة التخيلية إلي أقصاها فتتلمس مخرجا لها في التعبير الأدبي
.
5- تتميز أيضا هذه المرحله بتكوين بعض العواطف نحو النفس وتتخذ مظاهر الاعتداد
بالذات والعناية بالملبس والحساسية لآراء الغير .
6- ترتبط العواطف في نهاية
المراهقة بالمعاني المجردة مثل الوطنية والتضحية والوفاء والإخلاص كما تتوجه
العواطف نحو الطبيعة والأشياء الجميلة والاتجاه نحو الرومانسية
ومن العوامل
التي تتأثر بها الحالة العاطفية والانفعالية في مرحلة المراهقة :-
1-
التغيرات الجسمية :
فالجسم الإنساني هو الوعاء الذي تخرج منه الانفعالات
والعواطف ولاشك أن التفاعل قائم ودائم بين الانفعالات والتكوين العضوي للكائن
البشري وكذلك فان هذا التفاعل قائم بين العواطف والتغيرات التي تطرأ علي هذا
البنيان العضوي سواء كان داخليا أو خارجيا .
2- الجوانب المعرفية
:
وترتبط هذه الجوانب بمستوي الذكاء وقدرة الفرد علي التحليل والاستنباط
والاستنتاج وفي فترة المراهقة يسرع النمو في هذه العمليات الذي يترتب عليه تغيير
فإدراك المتغيرات وعناصر البيئة المحيطة ويؤثر هذا التغير في الإدراك بدوره في
انفعالات المراهق وعواطفه .
3- الجوانب الثقافية والحضارية :
تخلق
الثقافة والقوالب والأوضاع التي يعبر عنها الأفراد عن انفعالاتهم وعواطفهم ومشاعرهم
, وأكثر من ذلك فإن الثقافة تعمل علي كف إشباع الحاجات والعواطف التي تعبر عنها
وإتاحة الفرصة لإشباع الأخري والتعبير انفعاليا عن هذا الإشباع من التبرم والرضي
والامتنان .
ويتأثر النمو الانفعالي لدي المراهق بهذه الأوضاع والقوالب الثقافية
والحضارية ويعمل علي أن يكون ضمن معايير الجماعة في التعبير عن انفعالاته وعواطفه
فكثير يشعر المراهق بالحرج والخجل لاختلاف سلوكه عن سلوك الزمرة المحيطة
.
4- الشعور الديني :
وكذلك يؤثر الشعور الديني في النمو الانفعالي من
حيث أن هذا الشعور يتصل بالإيمان بالله وقبولا لقضاء والقدر والتزمت والشدة في
تطبيق القواعد والنواحي الدينية أو التسمح في تطبيقها . وبعد أن كان الفرد ملتزما
بأداء الشعائر الدينية التي تعلمها وبصورة آلية فإنه أثناء فترة صراع الشك في بعض
القضايا التي قد أمن بها من قبل مما يتلاعب عليه الشعور بالإثم لشكه في بعض الطقوس
.
ومن الطبيعي أن يعيد رؤية القضايا والأمور الدينية في ضوء متغيرات عقله النامي
والدين من العوامل الهامة في التأثير علي النمو الانفعالي والعاطفي لدي الفرد
المراهق ويدلل علي ذلك كثير من الشواهد والوقائع .
ويعيش المراهق صراعا نفسيا
ضمن منظومة التغيرات الجسمية والعقلية والاجتماعية التي يعيشها خلال هذه المرحله
ولذلك توجد علاقة بين هذه الصراعات النفسية وبين النمو الانفعالي من حيث أنها تتصل
بالنواحي الانفعالية والمزاجية ومن أهم هذه الصراعات :
1- الصراع بين
الحاجه إلي الاستقلال والحاجة إلي الاعتماد علي الوالدين والأسرة: من مقتضيات النمو
الجسمي والنمو العقلي والانفعالي يشعر المراهق بأنه أصبح ناضجا ويمل إلي الاستقلال
بنفسه في الآراء والمعتقدات والأفعال والسلوكيات وفي نفس الوقت فإنه لا يكون قادرا
علي ذلك وحده ويحتاج إلي معونة الوالدين والاسره لتحقيق السند المادي والمعنوي وهذا
التعارض والصراع يؤدي إلي خلل في النمو النفسي والتوازن الانفعالي ومما يزيد من حدة
الصراع أن تسوء العلاقة بين الأسره والمراهق ويختلف المراهقون في مواجهتهم لهذا
الصراع فمنهم من يفشل في تحقيق الاستقلال ويستسلم للأبوين حصولا علي الدفء العاطفي
والأمان النفسي وينشأ علي تقديس الأبوين ويشعر بالذنب لمجرد التفكير في الخروج عن
طاعتهما أو مخالفة أو أمرهما ومثل هؤلاء يعجزون من تحقيق النضج الانفعالي والانفطام
النفسي ومن هؤلاء المراهقين وهم الغالبية العظمي فإنه تتم لديهم عملية الانتقال من
الاعتماد علي الوالدين إلي الاستقلال والاعتماد علي الذات بطريقة تدريجية وناجحة .
2- الصراع بين الحاجه إلي تهذيب الذات وبين الحاجه إلي التحرر
والاستقلال:
فمن الحاجات النفسية التي يحتاجها المراهق حاجة التقبل الاجتماعي
واحترام الآخرين وثقتهم فيه وهي حاجات تحتاج إلي من يرشده ويوجهه إليها ويديره
عليها ولكنه في الجانب الآخر فإنه يحتاج إلي الشعور بالاستقلال وأن يؤكد أنه كبير
وناضج وقد يؤدي هذا الصراع إلي الخلل في النمو الانفعالي .
3- الصراع بين
الحاجه إلي الإشباع الجنسي وبين الشعور الديني والأوضاع الاجتماعية :
يفرض النضج
الجنسي الذي يبلغ قمته في مرحلة المراهقه الحاجة إلي إشباع الدافع الجنسي الملح
ولكن تحول دون ذلك القيم الدينية والاجتماعية اللهم إلا عن طريق الأوضاع والشرائع
المحددة من قبل الدين والمجتمع وهذا الأمر يحتاج إلي وقت طويل ومجهود شاق مما يعمق
هذا الصراع .
5- الصراع القيمي:
وهو صراع بين ما تعلمه وتربي عليه المراهق
في فترة الطفولة وما أمن به من مبادئ وقيم وأفكاره بين ما يمارسه الكبار من أفعال
وتصرفات قد تنافض هذه القيم الأمر الذي يؤدي إلي الشك والخلط بين الصواب والخطأ
والوقوع في الحيرة التي تدفعه إلي الهروب إلي جماعة خاصة وفلسفات جديدة ومن
المراهقين من سيسلم لعالم الكبار ويعتبر أن ما يمارسه الكبار هو المعيار وليس ما
يلقونه في الطفولة , ومنهم أيضا من تؤدي به أساليب التربية الدينية والتنشئة
الاجتماعية إلي التمسك بالمبادئ أو القيم التي تلقونها في الطفولة ويشعرون بالذنب
في مجرد الخروج عليها وهؤلاء يعانون من عذابات ووخز الضمير فينعزل عن المجتمع ويعيش
في المثالية والطهر المثالي ويكره الناس ويكره التعامل معهم وهؤلاء يكونون أقرب إلي
المرض النفسي والاضطراب العقلي .
ومن هؤلاء المراهقين من يضع الأمور والقضايا
للمناقشة والحوار مع من حولهم للتخفف منها .
6- صراع المستقبل :
المستقبل من
الأمور الهامة التي تشغل بال المراهق وهذا الصراع تسببه الحاجة إلي تحديد المستقبل
والتخطيط له واختيار العمل أو الوظيفة أو المهنة والإعداد لتحقيق ذلك وفي هذا الشأن
فإن المراهق ينقصه الكثير ولا يمكنه أن يدرك ملامح المستقبل وأبعاده فمثلا فإنه
يواجه مشكلة التعليم العام أو الاتجاه إلي ممارسة مهنة دون معرفة كافية لقدراته
واتجاهاته وإمكانياته العقلية مما يوقعه في الحيرة والإصابة بسوء التوافق النفسي .
وأسباب هذه الصراعات :-
1- عدم القدرة علي التكيف مع البيئة :
فينشأ
لدي المراهق من التغيرات الفسيولوجية التي تطرأ عليه فضلا عن أن البيئة لم تتجاوب
معه في سرعة هذه التغيرات وأن المعاملة الوالدية والمحيطين به لم تناسب معاملتهم له
بقدر تغير فكرته عن نفسه ومفهوم ذاته مما ينشأ عنه سوء التكيف مع البيئة وكذلك
الصراعات النفسية .
2- عدم تحقيق الآمال والطموحات للقصور المادي :
مما
يشعر المراهق بالنقص وزيادة الإحساس بالتبرم والضيق وعد الراحة وانعدام الأمن
والطمأنينة .
3- جموح الدافع الجنسي وعدم تلبية الإشباع :
ويزداد ذلك
عندما يوجد المراهق في بيئة مغلقة ومتزمتة مما يدفع بالمراهق إلي أن يعيش في أحلام
اليقظة والبعد عن الحياة الواقعية أو ممارسة السلوك المنحرف .
4- سوء تقدير
الأباء ومعاملتهم :
فكثيرا ما يسوء الآباء لسلوك المراهق فهم يتوقعون منه سلوك
الرجال في الوقت الذي يأتي أحيانا سلوكا طفوليا ولا يتواءم مع ما هو متوقع منه مما
يعرضه للنقد اللاذع والتعدي عليه من قبل الأباء والمحيطين وذلك يشعره بالعجز والنقص
ويؤدي إلي الصراع النفسي .
ثانيا :- دور كل من الأسرة في بعض الصراعات
النفسية :
رأينا أن الصراعات النفسية لدي المراهق قد نشأت من عوامل تتصل به
شخصيا وعوامل أخري أسريه وثالثة مجتمعية ولهذا فإنه من الواجب أن تتكامل هذه
الحلقات الثلاث في التغلب علي الصراعات النفسية التي تنتاب المراهق وفضها فضا
سويا
ومن أهم النقاط التي يمكن إتباعها في ذلك هي :-
1- الإقلال من الأمور
والنواهي التي توجه للمراهق من قبل الأسرة والمجتمع .
2- تفهم المربون لحاجة
المراهق للاعتماد علي النفس والفطام النفسي والاستقلال الذاتي
3- تشجيع
المراهقين علي الإفصاح عن آرائهم ومساعدتهم علي أن يأتي التغير من داخلهم ذاتها .
4- توفير الفرص للتعبير عن الدوافع الجنسية بطريقة مقبولة من المجتمع فيتيح
المربون للمراهقين ضروبا من النشاط المنتج وإيجاد فرص لإعلاء الميول الغريزية مثل
الاتجاه إلي النشاط الرياضي والاشتراك في المعسكرات والجمعيات الثقافية .
5-
العمل علي زيادة الثقة بالنفس في مواجهة الشعور بالنقص .
ومن العوامل التي
تؤثر علي النمو المعرفي والعقلي للمراهق :-
1- الوراثة :-
وهي الصفات
الجسمية والتشريحية المنحدرة إلي المراهق من آبائه وأجداده , وتورث الاستعداد
والتهيؤ التكويني لوجود ظاهرة الفروق الفردية ووجود صفة خلقية أو أحداث سلوك معين
وقد ثبت أن الأبناء مرتفعي الذكاء والقدرات العقلية هم منحدرون من أباء مرتفعي
الذكاء أيضا , وأن الأبناء متوسطي ومنخفض الذكاء يكون آبائهم أومن هم من سلالاتهم
كذلك .
2- البيئة :-
تعد البيئة من العوامل المؤثرة في النمو المعرفي
والعقلي من حيث أن البيئة هي مجموعة العناصر الثقافية والحضارية المحيطة بالفرد
ويطلق عليها البيئة الاجتماعية وكذلك يعد من مكوناتها العناصر المادية والوسط
التكنولوجي الذي يكشف المراهق , ويأتي تأثير البيئة في النمو المعرفي والعقلي من
حيث ثراء وفقر عناصرها فلاشك أن البيئة الثرية بعناصرها الثقافية والحضارية أقدر
علي تنمية التفكير والقدرات العقلية من البيئة الفقيرة في هذه العناصر , وأن البيئة
التي تيسر استخدام المراهق لهذه العناصر غير تلك الفترة والشحيحة .
3-
التعليم :
فيعد التعليم من العناصر الهامة في تنمية وصقل القدرات العقلية
والذكاء العام من حيث أن التعليم يقدم للمراهق القوالب التي يضع فيها تفكيره ويمكنه
من استخدام الاستدلال والاستنتاج والتحليل .
4- المدرسون :
ويعتبر المدرس
من العناصر الهامة جدا في تنمية وتطور الجوانب المعرفية والعقلية فالمراهق يتطابق
ويتوحد مع المدرس الذي يعجب ويحاول أن يتأسي به ويأتي سلوكياته ومن بينها طريقته في
التفكير .
5- وسائل الأعلام :
وتعد من العناصر القافية المؤثرة في النمو
المعرفي والعقلي ويأتي تأثيرها أيضا من خلال القوالب الفكرية وأعمال التفكير وحسن
التصرف في المواقف التي تحتويها الكتب والمجلات والإذاعة والتلفزيون وقد ثبت أن
الحرمان الثقافي من العوامل التي تعوق النمو العقلي والمعرفي كما ثبت أن الأبناء
المراهقين الذين يستمتعون وتتوفر لديهم وسائل الأعلام المختلفة الإذاعة , التلفزيون
, السينما , الصحف – هم الذين يتحسن لديهم الذكاء العام ويستخدمون قدراتهم العقلية
بصورة أفضل كما أنهم يستطيعون تشغيل عملياتهم العقلية العليا .
ويبقي سؤال
هنا ماذا يمكن أن نقدمه لمساعدة المراهق في النمو المعرفي والعقلي ؟
والإجابة
:
يجب أن تقدم هذه الخدمه من خلال برنامج متكامل متفاعل في كل جوانبه يكون
للمجتمع فيه دور ولوسائل الأعلام والمدرسة والأسرة وأهم النقاط التي يجب أن يرتكز
عليها مثل هذا البرنامج ما يأتي :-
1- إكساب المراهقين المفاهيم العلمية
السليمة .
2- تزويد الشباب بالمهارات العقلية اللازمة للإسهام في بناء شخصية
متكاملة .
3- صقل استعدادات المراهقين بتنوع أساليب الدراسة .
4- تبسيط
عناصر البيئة المحيطة وتقديمها بصورة تضمن تفاعل المراهق معها .
5- تيسير
الخبرات التي تسمح بنمو التفكير والعمليات العقلية العليا .
6- تشجيع الهوايات
الابتكارية .
والذكاء والقدرات لدي المراهق :-
يدل الذكاء علي محصلة
النشاط العقلي كله , وتدل كل قدرة طائفية علي نوع ما من أنواع هذا النشاط العقلي
كما يبدو عند بعض الأفراد فالقدرة العددية مثلا تبدو بوضوح في قدرة بعض الأفراد علي
إجراء العمليات الحسابية الأساسية في سهولة بسرعة ودقة , والقدرة المكانية بتشمل
قدرة الفرد علي تصور حركة الأشكال الهندسية علي سطح الورقة .
1- عمليات
الإدراك :
يختلف إدراك الطفل عن إدراك المراهق أختلافا يتجه بالفرد نحو التطور
الذي يرقي به من المستوي الحاسي المباشر إلى المستوي المعنوي المجرد .
فإدراك
الطفل مثلا للحروب يتلخص في الآثار المباشرة للغارات الجوية وما يراه فيها من تخريب
مباشر , وأن إدراك المراهق يستطرد ليري في هذه الغارات الجوية نذير خراب مقبل يهدد
حياة الناس ما دامت الحرب قائمة أي أن إدراك المراهق يمتد عقليا نحو المستقبل
القريب والبعيد , بينما يتمركز إدراك الطفل إلى حد كبير في حاضره الراهن .
هذا
بالاضافه إلى أن المراهق أقوي انتباها من الطفل لما يدرك ويفهم وأكثر ثباتا
واستقرار في حالته العقلية , وترتبط هذه الناحية من قريب بتطور قدرة الفرد علي
التركيز العقلي والانتباه الطويل .
هكذا نجد أن إدراك الفرد يتطور من الطفولة
إلي المراهقة , فيمتد في المستقبل , ويتسع في المدي ويعلو في المستوي , ويهدأ بعد
تحول وتقلب ويستقر بعد تذبذب , وتشتت , ويسفر في هذا كله عن مظاهر النمو المختلفة
ويتفاعل معها متأثرا بها ومؤثرا فيها .
2- التذكر :-
تنمو قدرة المراهق
علي التذكر أفضل كثيرا من قدرة الأطفال , فنجد أن الأطفال يميلون للتذكر الآلي كما
يحدث في الأناشيد والأغاني بينما يختلف الحال في حالة المراهقة حيث يميل المراهق
لان يتذكر الموضوعات المنطقية أي يصل للتذكر عن طريق اتباع خطوات منطقية حتى يصل
إلى النهاية المرغوبة , ولذلك تزداد قدرة المراهق علي التعليم أكثر من الأطفال
.
وترتبط عملية التذكر في آفاقها المختلفة بنمو قدرة الفرد علي الانتباه ولهذا
يتأثر مدي تذكر الطفل تأثيرا مباشرا بالنشاط العقلي الذي يعقب حفظه مباشرة وأن
الانتقال المفاجئ من عملية تعليمية لأخرى يعوق حفظ العملية الأولى وتقل شدة هذه
الإعاقة في المراهقة لنمو مقدرة الفرد علي الفهم العميق من موضوع أخر بعد إجادته
للموضوع الأول .
3- التفكير :-
إن للبيئة أهمية كبيرة في نمو التفكير
ذلك بأنها تسفر في جوهرها عن نوع ومدي وشدة المشكلة التي يعالجها المراهق
.
وعموما نجد أن تفكير المراهق يتأثر بالبيئة تأثيرا يحفزه إلي ألوان مختلفة من
الاستدلال , وحل المشاكل حتى يستطيع الفرد أن يكيف نفسه تكيفا صحيحا لبيئته المعقدة
المتشابكة المتطورة مع نموه .
والتفكير الابتكاري يتسع كذلك خلال فترة المراهقة
حيث أن المراهقين المبتكرين يتميزون بحب الاستطلاع والبحث عن المثيرات الجديدة
.
ونقول في نهاية هذه النقطة أن العالم الفكري للمراهق أكثر تناسقا وانتظاما من
عالم الطفل وأكثر معنوية وتجريدا , ولهذا يستمتع المراهق بالنشاط العقلي ويلذ له أن
يمضي وقتا طويلا في فهمه الفكري العميق لكل ما يحيط به .
4- التخيل :-
تنمو القدرة علي التخيل ويتضح ذلك في موضوعات الإنشاء علي وجه الخصوص وفي الرسم
والانشغال حيث يصف المراهق أفكاره ويعبر عن مشاعره وانفعالاته ويميل المراهق لأن
يعيش في جو رومانتيكي ويميل لتنمية جوانب فنية – كالموسيقي والرسم والشعر وخلافه ,
ويتميز أسلوب المراهق بطابع فني جمالي .
وهناك مجموعة من التطبيقات يمكن
مراعاتها أن شئبا أن نوفر البيئة النفسية الملائمة لنمو مراهقينا انفعاليا , ويمكن
إيجازها فيما يلي :-
1- الثقة بالنفس :-
وهي خير وسيلة للتغلب علي
المخاوف التي تنشأ من شعور المراهق بضعفه وعجزه تجاه النواحي العلمية والاجتماعية ,
ومن الوسائل الناجحة لبناء ثقة المراهق بنفسه احترام الاخرين لارائه , وتدريبه علي
القيام بتدبير امورة الهامة وتنظيم خططه بنفسه , وتهيئته لرؤية الأخطاء علي أنها
خطوات إيجابية في سبيل الهدف وهي ليست عوائق تحول بينه وبين تحقيق غاياته
.
2- الانتصار علي مخاوف الطفولة :-
ويكون ذلك عن طريق الرعاية الرشيدة
الحكيمة التي تأخذ بيده في مسالك حياته وتفتح أمام ناظريه الآفاق المتعددة للحياة
.
3- الفكاهة المرحة :-
الفكاهة في جوهرها حالة انفعالية تهدف إلى تخفيف
حدة التوتر النفسي الذي يبدو في الكآبة والملل والأزمات المختلفة وغالبا ما يعقبها
اتزان هادئ جميل وراحة متسعة .
4- الاستمتاع الفني :-
الاستمتاع بالجمال
في أي صورة في الطبيعة والشعر والأدب بالرسم والتصوير والنحت الموسيقي , هو خير ما
تسمو إليه انفعالاتنا المختلفة , وعلي المدرسة أن تراعي نمو هذه المشاعر وأن تهيئ
الجو المناسب للمراهق للتعبير عن ذاته .
5- صحة المدرس والأب النفسية
:-
عموما المدرس الشاذ في سلوكه المريض , وبنفسه المضطربة في مسالكه ولا ينشيء
إلا جهلا مضطربا ضعيفا , وعموما فخير رعاية لنمو المراهق الانفعالي تدور حول تهيئة
البيئة الانفعالية المدرسية والمنزلية التي تهيمن من قريب وبعيد علي حياة المراهق
.
6- المرونة والضبط :
المرونة خير علاج للكآبة وخير وسيلة للتخفف من
الأزمات الانفعالية الحادة وتعتمد هذه المرونة الانفعالية علي مستوي النضج واتساع
الخبرة الانفعالية وتعدد مناحيها وجوانبها .
7- إيثار الاخرين :
المغالاة
في حب الذات والانانيه تؤدي كلها إلى النفور والتباعد النفسي وتدل علي تأخر النمو
الانفعالي والرعاية التي تهدي المراهق إلى الغيرة إنما تساعده علي التخفف من
أنانيته الضيقة وترقي به نحو أهدافه المثلي .
النمو الاجتماعي :-
يقصد بالنمو الاجتماعي في مرحلة المراهقة مجموعة التغيرات التي تطرأ علي
المراهق من حيث اكتسابه لآداب السلوك وتشربه للعادات والتقاليد والأعراف السائدة في
ثقافته , قولبة سلوكه بمقتضيات الأوضاع والقوالب الاجتماعية والاتجاهات المنتشرة في
بيئته وكذلك مجموعة الخبرات والمهارات الاجتماعية التي تتبدى في سلوك المراهق نتيجة
لعملية التطبيع والتنشئة الاجتماعية .
وتشير الدراسات العملية إلي أن من أهم
مظاهر النمو الاجتماعي لدي المراهق :
هي أن فترة المراهقة تعد مرحلة هامة في
عملية التطبيع والتنشئة الاجتماعية حيث تظهر الفروق بين المراهقين في الأفعال
والسلوكيات بتأثير البيئة المادية والثقافية التي يعيش فيها بعد أن تشرب قدرا كافيا
من عناصر الثقافة والحضارة القائمة يمكنه من أن يعيش بين الناس وفقا لمقتضيات
أحوالهم وسننهم وعاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم وتكون فترة المراهقة إنما هي زيادة في
اكتساب بعمق عناصر التراث الثقافي والحضاري والاجتماعي ومعرفة فلسفتها والسعي وراء
معناها هذا فضلا عن أن مرحلة المراهقة هي مرحلة اتساع نطاق الاتصال الشخصي للمراهق
فبعد أن كانت بيئة محدودة بأسرته والحي الذي يقطن فيه الاتساع ثراء المتغيرات وتعد
المثيرات وكثرة الخبرات فتكون هناك جماعة الرفاق زمرة النادي والمسجد ومجموعات
النشاط التي يشترك فيها .
ومن أهم مظاهر النمو مظاهر النمو الاجتماعي في مرحلة
المراهقة أيضا معرفة تأثير المظهر الشخصي للمراهق علي الآخرين حيث أن المراهق يكون
قد خرج من أيسار النرجسية وهي الإعجاب بالذات والانشغال بها إلي نطاق الاهتمام
بالآخرين والتأثيرات المتبادلة بينه وبينهم واكتساب الخبرات والمهارات الاجتماعية
وأول هذه التأثيرات هو تأثير المظهر الشخصي علي الآخرين ويبدو بوضوح في اختيار
الملابس والموديلات الحديثة وطلب تعليق الآخرين علي هذا المظهر .
كما تظهر بعض
العمليات الاجتماعية مثل المنافسة والتعاون والتسامح والتعاضد في علاقة المراهق
بالآخرين وكلها عمليات ذات منشأ اجتماعي فيلاحظ ميل المراهق إلي الزعامة والسيطرة ,
والتذبذب بين الأنانية والإيثار واستمرار التكتل في جماعات الأصدقاء والخضوع لها ,
كما يلاحظ النفور والتمرد والتعصب والسخرية والمنافسة وتعتبر المنافسة من مظاهر
العلاقات الاجتماعية في مرحلة المراهقة , وتأخذ المنافسة مظهرين مظهر سوي عندما
تكون من أجل تحقيق التفوق والتقدم والنجاح وغير سوية عندما تأخذ مظهر الصراع
.
وتعد المسايرة من العمليات الاجتماعية التي تأخذ أبعادا مغامرة لما كانت عليه
في الطفولة فبعد أن كانت آلية ميكانيكية في الطفولة فإن المراهق يلجأ إليها
كميكانيزم يحقق له أهدافه ويشبع حاجاته ويفرط المراهق في الإعجاب ومسايرة أقرانه
الأذكياء والأقوياء , كما يساير من هم أكبر منه ويحاول تقليدهم والتوحد معهم ثم
تأخذ المسايرة في الاختفاء تدريجيا من سلوك المراهق ويحل محلها تأكيد المراهق لذاته
وزيادة ثقته بنفسه وتزيد هذه الأخيرة زادت الخبرات الاجتماعية وزاد الوعي الاجتماعي
لدي المراهق .
ويتأثر النمو الاجتماعي لدي المراهق بمجموعة من العوامل هي :-
أولا :- الأسرة
تعد الأسرة هي المتغير المستقل بالنسبة لصحة
المراهق النفسية وتوافقه النفسي والعامل المحدد الهام لمستقبله التعليمي والمهني –
وتحدد الأسرة أيضا للمراهق الخبرات الاجتماعية التي يكتسبها من بيئة والآداب العامة
التي يأتيها سلوكا في المناسبات والمواقف المختلفة .
ويكون المناخ السائد في
المنزل مسئولا عن مدي تأثر المراهق بالأسرة وعن مدي فعالية الأنماط والقوالب وآداب
– السلوك والخبرات الاجتماعية التي تقدمها الأسرة . ويتوقف المناخ السائد في الأسرة
علي شكل القيادة والسلطة في داخل الأسرة ذاتها ويمكن تصنيف هذا المناخ إلي :-
1- المنزل الديمقراطي :
فشكل القيادة والسلطه هنا تكون للأبوين مع عدم إهمال
حاجات ورغبات وميول أفراد الأسرة الأبناء فالأباء يتمتعون بالنضج الوجداني ويؤمنان
باستقلال أبنائها وقدرتهم علي اتخاذ القرارات وأنهم شخصيات لها كينونتها وقدرتها
ويؤخذ رأيهم فيما يخصهم من أعمال في بعض الموضوعات العامة داخل الأسرة , ومثل هذا
المناخ يؤدي إلي النمو المتوازن للمراهق وتدريبه علي أن يكون رجلا يتحمل المسئوليات
متزنا انفعاليا ناضج قادر علي اتخاذ القرارات وإدارة شئونه وشئون غيره ممن يلوذون
به ويكون لديه رصيد من الخبرات الاجتماعية وقوالب للسلوك تمكنه من التصرف في
المواقف المختلفة والتمتع بقدر كاف من التكيف للأوضاع الاجتماعية يكون له أثر علي
صحته النفسية .
2- المنزل المستبد :
فتكون السلطة هنا أما في يد الأب أو
يد الأم أو مع كليهما مع إهمال حاجات ورغبات وميول واتجاهات الأبناء مما يؤثر علي
شخصياتهم ونضجهم الاجتماعي فالأبناء في مثل هذا المناخ ينشئون خجولين خضوعين غير
قادرين علي اتخاذ قراراتهم وشخصياتهم اعتمادية لا يستطيعون أن يديروا شئونهم
وعدوانهم يكون عدوانا كامنا تنقصهم كثير من الخبرات الاجتماعية حيث ينقصهم التدريب
عليها كما تعوزهم قوالب وآداب السلوك العامة ويكون أثر كبير علي نضجهم الاجتماعي
وفعاليتهم في البيئة المحيطة .
3- المنزل المتسامح :
وتكون السلطة هنا
غير واضحة المعالم وسمة هذا المنزل في هي أن الآباء يتسابقون إلي إشباع حاجات وميول
ورغبات أبنائهم دون محددات ثابته أو سياسية تربوية مرسومة وقد يصل هذا الإشباع إلي
التدليل والحماية الزائدة مما يكون له تأثيرا علي نمو المراهق اجتماعيا واكتسابه
للعادات – والتقاليد ومعايير السلوك والآداب العامة .
كما يكون له تأثير علي نمو
شخصية المراهق بصفة عامة فصحيح أن المراهق في مناخ المنزل المتساهل يشعر بالأمن
والطمأنينة والاستقرار وإشباع الحاجات النفسية إلا أنهم ينشئون أنانيون ميالون إلي
السيطرة والتمركز حول الذات لا يعرفون إلا رغباتهم وشهواتهم ولهذا تكون إرادتهم
ضعيفة اعتماديين .
4- المنزل النابذ :
حيث يكون مناخ العلاقات السائد في
الأسرة هو النبذ وعدم الرضا واعتبارا الأولاد عبئا زائدا ويتسم هذا المناخ أيضا
بالبرود والتكبر ويكون هذا راجعا أما إلي الشقاق القائم بين الوالدين وعدم التوافق
بينهما وكثرة الشجار وعدم التناغم العاطفي والثقة المتبادلة والتبرم المتبادل
بينهما .
ويكون لهذا المناخ السائد من العلاقات إثارة علي النضج والنمو
الاجتماعي للمراهقين فحاجات الأمن والاستقرار والدفء العاطفي والتعاضد غير مشبعة
مما يؤدي إلي زيادة التوتر وعدوانهم يكون باديا ظاهرا كما تتسم علاقاتهم بالآخرين
بالبرود والتبلد والخضوع وعدم الثقة بالنفس وعدم الثقة المتبادلة .
ثانيا :-
المدرسة
تعد المدرسة من المؤسسات الهامة التي تؤثر في النمو الاجتماعي
للمراهق وذلك لمناخ العلاقات الذي يسود في المدارس ووجود قوي ووضعيات جديدة تحتاج
من المراهق جهدا وسعيا لاكتساب المهارات وقوالب السلوك طبقا لمقتضياتها لمحاولة
التكيف معها فالمدرسة هي مشروع حياة تحت شروط معينة وتدريب للمراهق لأن يكون كائنا
اجتماعيا فعالا ومؤثرا في البيئة المحيطة .
وتؤثر المدرسة في النمو
الاجتماعي للمراهق عن طريق :-
1- المدرس :
فيعد المدرس إلي جانب أن له وظيفة
تعليمية له وظيفة اجتماعية وهي مندوب المجتمع في نقل التراث الثقافي والحضاري
للناشئة ومنهم المراهقين وأيضا فإن دورة فعال في خلق مناخ التقبل والرضا والمحبة
والتعاون والمشاركة الوجدانية بين التلاميذ كما يشبع لديهم من الحاجات النفسية التي
لم تكن قد أشبعت بعد .
2- التنظيم الإدراي والأدراة المدرسية :
وهي شكل
بنائي ووظيفي حيث يجد التلميذ ( المراهق ) نفسه أمام محددات رسمية وأنه لا مندوحة
من التوافق والتكيف معها فالمدرسة بناء ومجموعة من اللوائح والقوانين فضلا عن تنظيم
يكون علي قمته الناظر في نهايته العمال والوظائف المعاونة وهذا البناء التنظيمي
والهيكل الإدراي له وظيفة محددة هي التعليم والتدريب علي الحياة المستقبلية ونقل
التراث الثقافي والحضاري والتدريب علي الحياة المستقبلية ونقل التراث الثقافي
والحضاري للناشئة وهذه قوي ومثيرات تتطلب من المراهق تعلمه أساليب التكيف معها
واكتساب الخبرات التي تمكنه من مواجهة المواقف الحياتية التي تواجهه فضلا عن شبكة
العلاقات الاجتماعية التي تزيد من رصيد خبراته الاجتماعية ونموه الاجتماعي
.
3- النشاط المدرسي :
ينتمي المراهق في المدرسة إلي جماعات النشاط
المختلفة في داخل المدرسة ووفقا لخطة مرسومة ومضمون محدد وهدف جماعات النشاط هو
تحقيق النمو والنضج الاجتماعي وتكوين رصيد خبرات اجتماعية يساعد المراهق علي التصرف
في المواقف المختلفة وإتيان سلوك التكيف معها , كما أن هذا النشاط يساعد علي النمو
المتوازن لشخصية المراهق وإشباع حاجاته النفسية مثل الانتماء والتعاضد والتعاطف
والتسامح والإيثار , وتحقيق النشاط المدرسي للمراهق أيضا الوفاء بمطالب النمو
الاجتماعي الجيد في المدرسة .
4- جماعة الرفاق :
جماعة الرفاق (
الأقران) إحدى الأبنية الاجتماعية المتميزة وتتدرج من حيث التركيب من البسيط إلي
المعقد . فجماعة اللعب من الجماعات البسيطة التي تجتمع لإشباع حاجة عاجلة هي اللعب
وتكون بين النظراء ولهدف محدد ولذا فإنها تتفكك بمجرد انتهاء الهدف أو لأتفه
الأسباب الأخري ومن أمثلة الجماعات المعقدة هي الشلة حيث يبدأ التشكيل الاجتماعي
للمكان والدور المتوقع والمشاركة الحميمة بين أفراد الشلة وتعتبر العصابة أشد
تعقيدا من الشلة وأهم ما يميز العصابة هو الصراع بين عصابة أخري والصراع هو الذي
يعطي للعصابة النمو والحركه والازدهار ومن مميزات العصابة أيضا الخبرات المتراكمة
بين أفرادها ووجود رموز مشتركة وشعارات وإشارات يلتف حولها أفراد العصابة وجماعة
الرفاق سواء البسيط منها أو المعقد أثر واضح في سلوك أفرادها .