كيف تميز بين المعلومات والأبواب المتشابهة في مادة اللغة العربية ؟
يجب أن ندرك أن اللغة وحدة واحدة ، وهي وسيلة اتصال الفرد بالآخرين ، كما أنها وسيلة التعبير عما يجول في النفس البشرية من أفكار وعواطف . واللغة عملية فكرية متكاملة ، ومن هنا فإنه من الصعب الفصل بين فروع اللغة المختلفة ؛ وذلك لأنها تكمل بعضها ، وتعتمد على بعضها ، فالقارئ لا يستطيع أن يغفل قواعد اللغة في القراءة ، كما أنة لا يستطيع أن يغفل فنون البلاغة وأساليبها في الكتابة ، أوفي الحكم على النصوص الأدبية وتقديرها .
وبناء على ما تقدم ، فإن الطالب الجيد هو الذي يدرك هذه العلاقات ، ويوظفها في المذاكرة لأي فرع من فروع اللغة ، ولنتذكر دائما أن ثمة أمور مشتركة في المادة الواحدة ، ويندرج تحت هذه الأمور المشتركة جزئيات المادة التي ترتبط بشكل أو بآخر بأساسيات تلك المادة .
فلو أخذنا مثلا مادة الأدب،لوجدنا أن مؤرخي الأدب قد درجوا على تقسيم عصور الأدب منذ العصر الجاهلي وحتى العصر الحديث ، وقد اتفقوا على أن هناك سمات بارزة لكل عصر من هذه العصور ، كما أن هناك عوامل تترك بصمات واضحة على الأدب في كل عصر ؛ سواء أكانت هذه العوامل سياسية أم اجتماعية أم ثقافية . وعلى هذا فلا بد من معرفة سمات كل عصر من العصور الأدبية ، كما أنه لا بد من معرفة العوامل السياسية والاجتماعية والثقافية لذلك العصر ، فالأدب كما يقال هو " انعكاس للبيئة " يتأثر بكل العوامل ، ومهمة الأديب أن يرصد تلك العوامل ويسجلها في أدبه ؛ سواء أكان ذلك شعرا أم نثرا .
أما إذا انتقلنا إلى النصوص الأدبية ، فلا بد من معرفة الملامح العامة للعصر ، فذلك ييسر على الطالب فهم النص وتحليله ، على أنه يجب ألا نغفل بعض الأمور الخاصة بصاحب النص ؛ من مثل السيرة الذاتية ، والمناسبة التي قيل فيها النص ، ثم ننظر إلى النص من الداخل أي أسلوب الأديب ، والمعاني التي تناولها ، والألفاظ التي استعملها ، والأفكار التي أراد الأديب التعبير عنها ، ثم ننظر إلى العواطف هل هي صادقة تنطلق من تجربة واقعيةعاشها الأديب ؟ وهل الصور البيانية أو الألوان البديعية ( المحسنات اللفظية ) ، مناسبة ، وسهلة التناول ؟ .
وهكذا تتدرج الطالبة من الأمور العامة إلى الجزئيات ؛ بحيث تصبح لديها صورة متكاملة عن أي نص من النصوص ، يستطيع معها أن يحلل هذا النص ، ويستوعبه ، ويتذوقه ، ثم يصدر حكما عليه .
أما مادة النحو ، فمن المعروف أن هناك أبوابا رئيسة يندرج تحتها فروع لها ، أو جزئيات ترتبط بها . فالكلام في اللغة هو اسم وفعل وحرف . فالاسم إما أن يكون مذكرا ، أو مؤنثا ، أو مفردا ، أو مثنى ، أو جمعا ، وإما أن يكون مرفوعا ، أو منصوبا ، أو مجرورا . والاسم المرفوع إما أن يكون مبتدأ ، أو خبرا ، أو اسما لكان ، أو خبرا لإن ، أو فاعلا ، أو نائب فاعل ، أو تابعا لاسم مرفوع … وهكذا في أبواب الأسماء المنصوبة أو المجرورة . أما الفعل ؛ فيندرج تحت هذا الباب أقسام الفعل الثلاثة : الماضي والمضارع والأمر ، وأحوال كل قسم من هذه الأقسام . وأما الحروف والأدوات التي تربط بين أجزاء الكلام ، فمنها ما هو خاص بالأسماء كحروف الجر مثلا ، ومنها ما هو خاص بالأفعال كحروف النصب والجزم . وعلى الطالب أن يستوعب جيدا خصائص كل باب من هذه الأبواب ؛ لأن ذلك يسهل عليه استيعاب الجزئيات التي تندرج تحت هذه الأبواب الكلية .
أما البلاغة ، فمعروف أنها تضم ثلاثة علوم رئيسة ، هي :
علم البيان : ويندرج تحته التشبيه بأنواعه ، والاستعارة بأقسامها ، والكناية . ومن المهم أن يدرك الطالب العلاقات التي تربط هذه الأقسام ببعضها ؛ ليسهل عليه استخراج أو إجراء اللون البياني في أي نص .
وعلم المعاني : الذي يتناول الإنشاء والخبر ، وأنواع الإنشاء : الطلبي وغير الطلبي ، وأساليب الإنشاء الطلبي ، والمعاني البلاغية التي تؤديها هذه الأساليب .
وعلم البديع ( المحسنات اللفظية ) : ويضم الجناس ، والسجع ، والتورية ، والطباق ، والالتفات ، والاقتباس ، والتضمين .
ولا بد من أن نذكر أن فهم النص بشكل جيد ، يساعد على معرفة اللون البلاغي في ذلك النص .
أما النقد الأدبي ، الذي يهدف إلى الحكم على النصوص الأدبية لإعطائها قيمة معينة من الناحية الفنية ، فلا بد من التعرف إلى بعض الأمور الأساسية كالمذاهب الأدبية ، وخصائص كل منها ، وأنواع الأدب وفنون الشعر ، وفنون النثر . فإذا أدركنا هذه الخصائص أصبح من السهل فهم النص ، ثم إصدار حكما عليه ، آخذين بعين الاعتبار بعض الأمور الفنية التي تميز النصوص عن بعضها ، من مثل : القضية التي يعالجها النص ، والأسلوب الذي يتبعه الكاتب ، وصدق التجربة التي ينطلق منها ، وقدرته على فهم القضايا الإنسانية العامة ، وامتلاكه لأدوات التعبير .
وأخيرا لا بد أن نتذكر أن فهم الموضوع واستيعابه بعيدا عن الحفظ الآلي يفتح الباب على مصراعيه لاستيعاب كل الجزئيات ، كما أن المقارنة ، وإيجاد العلاقات المتشابهة ، والقياس ؛ كلها عوامل ذات أثر فعال في إكساب الطالب القدرة على تحقيق ما يسعى إليه ، على أن يقترن ذلك بالجد والاجتهاد .
2 ) أساليب مقترحة لمراجعة كل فرع من فروع مادة اللغة العربية :
أ) المطالعة:
اقرأ الدرس قراءة واعية متأنية ، وقسمه إلى وحدات صغيرة بحسب الأفكار الرئيسة ، ودون هذه الأفكار على شكل نقاط ، وبعد الانتهاء من الدرس حاول أن تستذكر هذه الأفكار ، فإذا شعرت أنك قد استوعبتها وفهمتها انتقل إلى الدرس الثاني ، وهكذا . دوّن الكلمات الصعبة الواردة في الدرس ومعانيها ، وحاول أن تستعمل هذه الكلمات في جمل من إنشائك .
ب) النصوص :
اقرأ النص الأدبي قراءة متأنية ، وحاول فهم المعاني ، ثم قسم النص إلى وحدات صغيرة بحسب المعنى ، ثم احفظ البيت الأول وكرره أكثر من مرة حتى تطمئن على أنك حفظته بشكل جيد ، انتقل إلى البيت الثاني وكرر العملية نفسها ، ثم أعد قراءة البيتين معا _ الأول والثاني _ وبعدها انتقل إلى البيت الثالث ، وهكذا حتى تنتهي من النص ، بعد ذلك حاول كتابة النص من الذاكرة ؛ لتتأكد من أنك قد حفظته جيدا .
بعد حفظ النص ، قم بتحليله تحليلا أدبيا مركزا على الأفكار الرئيسة ، وجمال الألفاظ ، ومدى مناسبتها للمعاني ، والعاطفة ومدى صدقها ، والصور البيانية ومدى توافقها مع المعاني ، مع تدوين ذلك في ورقة جانبية ، فذلك يعمق فهمك واستيعابك للنصوص .
ج) القواعد والبلاغة :
اقرأ الأمثلة والشرح ، وطبق ذلك على القاعدة ، ثم أعد القراءة مرة أخرى للتأكد من استيعابك للموضوع ، ثم انتقل إلى حل التمارين التطبيقية ، وحاول مناقشتها ، وفهمها ، وحاول أن تأتي بأمثلة من إنشائك الخاص ، ووظف نصوص المطالعة والنصوص والأدب في قواعد اللغة والبلاغة. وعليك أن تستوعب جيدا الأساسيات في قواعد اللغة ، وكذلك الأمر بالنسبة للبلاغة .
وأخيرا نود أن نؤكد أن اللغة العربية كل متكامل يعتمد بعضها على بعض ، ولا تستطيع أن تفهم أي فرع من فروعها بمعزل عن غيره .
3) الأسلوب الأمثل للمراجعة :
يكمن الأسلوب الأمثل لمراجعة مادة اللغة العربية فيما يلي :
أ) ممارسة البعد التطبيقي أثناء العام الدراسي ، ونقصد به تطبيق الطالب للقواعد النحوية والبلاغية والصرفية ، وتوظيفه المعلومات الأدبية العلمية على نصوص حيّة غير تلك التي يحتوى عليها المقرر الدراسي ، يقوم باختيارها بعناية بمساعدة معلمه أو والديه ، ويكون مهمة هذه الممارسة تأكيد المعلومة ، واكتشاف مواطن الضعف عند التلميذ . على أنه يجب أن تسبق هذه الممارسة مراجعة شاملة للمعلومات التي تحتوى عليها المقررات .
وننصح الطالبة أثناء المراجعة الشاملة الحرص على عملية الربط بين المعلومات التي يتوفر بينها عنصر التكامل ؛ ليسهل عليك إدراكها ، واستدعائها عند الحاجة إليها ، إما بعملية التذكر أو المقارنة ، ولعله من مقتضيات هذا الربط الطبيعة البنائية لمادة اللغة العربية ، وذلك أن الطالب لا يستطيع تحليل النص الشعري دون رصيد من معلومات وافية من علمي النقد والبلاغة تساعده على ذلك . كما انه من مقتضيات هذا الربط الكيفية التي تصمم بها الورقة الامتحانية فى مادة اللغة العربية والمعتمدة على قياس مدى تحصيل الطالب اللغوي من خلال نص متكامل .
أما فيما يتعلق بفرع التطبيقات اللغوية فننصح أعزائنا طلاب الثانوية العامة ربط القاعدة النحوية والصرفية والدلالية بأكثر من شاهد ، وعدم الاعتماد على الشواهد المباشرة السهلة . أما النصوص الأدبية فينبغي فهمها ، والتعرف على معانيها ، وعلاقة الألفاظ فيما بينها . كما أن استيعاب الترتيب المنطقي للموضوع ومعانيه وترابط أجزائه يساعد على حفظ الطالب للنص وتمثله له ؛ لاستحضار الشواهد من النص إذا ما طلب إليه ذلك.
ب ) مراجعة الأمور المتشابهة : تزخر مادة اللغة العربية بكثير من القضايا المتشابهة ، وذلك راجع لطبيعتها كلغة . وتحديد هذه القضايا يعود في أحد عوامله إلى قدرات الطالب الذهنية ، فما يشعر به طالب أنه متشابه مقلق قد لا يشعر به طالب أخر كذلك ، فالأمر نسبى جدا ، وهنا ننصح الطالب بتأخير مثل هذه القضايا أثناء المراجعة ؛ حتى لا تستنزف طاقته ؛ فيأثر على استيعابه للقضايا الواضحة.
بعد ذلك يعمد الطالب إلى جمع اكبر قدر من الأمثلة على كل قضية ، ويقوم بدراستها ، وتصنيف هذه الأمثلة بما يضمن له الإحاطة بأوجه الاختلاف بين كل قضيتين متشابهتين ؛ سواء أكان ذلك في النحو ، أم الصرف ، أم البلاغة ، ولكي يطمئن الطالب إلى حصيلة سليمة لمراجعته ننصحه بحل بعض الأسئلة التي تتناول هذه القضايا معتمدا على الاختبارات .
ج ) التأكد من حسن المراجعة : تعتبر تغطية المادة الدراسية أثناء المراجعة إحدى العوامل النفسية المساعدة على ثقة الطالب في نتيجة مراجعته ، والاطمئنان إليها ، بالإضافة إلى ذلك ننصح بالآتي :
بعد أن تتم دراسة المادة بشكل كامل يأخذ الطالب قسطا من الراحة ، يعمد بعد ذلك إلى حل أسئلة شاملة للمادة جميعها ، أو أسئلة الكتاب ، أو امتحانات سابقة ، وعلى ضوء النتيجة يتم الثبت مما لم يتم استيعابه من المادة .
مناقشة فيما تمت مراجعته من المادة أولا بأول.