التصنيفات
الصف التاسع

قصة السيدة أم عمارة.. الصحابية المجاهدة الصابرة -التعليم الاماراتي

مقال او قصيده قصه اريدهم اليوم لازم يكونون عن المراه والتضحيه
مثل ام عماره
او الخنساء
اريد نساء ثانيات بسرعه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



السيدة أم عمارة.. الصحابية المجاهدة الصابرة

امتلأتْ قلوبُ الرَّعيل الأوَّل من رِجالات الإسلام بحبِّ الله – تعالى – وحبِّ نبيِّه – صلَّى الله عليه وسلَّم – فبذل المسلمون لذلك في سبيل الدَّعوة ونشْر الدِّين في أنحاء المعمورة كلَّ ما هو غالٍ ونفيس، وسجَّلوا في ذلك أعظمَ البطولات التي خلَّد التاريخُ ذِكْرَها، وسطَّرها بمداد من نور، وتناقلتْها الأجيالُ جيلاً بعدَ جيل، وهي تفخر بسيرة أجدادها من المسلمين الأوائل، وفاضتْ لذلك صفحاتُ السِّيرة الكريمة، بصورٍ مضيئة من حياة الصحابة – رضوان الله عليهم أجمعين.

ومِن رعيل الصحابيات اللَّواتي قدَّمنَ لدعوة الحقِّ صفوةَ الأوقات، وعظيمَ الجهد، وصادقَ البذل، نرى السيِّدة الفاضلة أمَّ عمارة – رضي الله عنها – وسنُلقي هنا بعضَ الضوء على حياة هذه الصحابيَّة الجليلة، التي عرفتْ واجبَها حقَّ المعرفة، فبذلتْ وضحَّتْ وقدَّمتْ للنِّساء في كلِّ عصر دروسًا وضَّاءة فيما يجب أن تكون عليه حياةُ المرأة المسلمة وواقعها.

وشأنُ أمِّ عمارة هنا شأنُ كثيرات غيرها ممَّن أحببنَ الله ورسوله، فزهدنَ في نعيم الدنيا، وتاقتْ أنفسُهنَّ إلى لقاء الله وما أعدَّه لهنَّ في جنان النعيم، وقد ضربتْ هذه السيِّدة المجاهدة أعظمَ الأمثلة في حبِّ الدِّين الحنيف، وفي الأمومة الحقَّة، وكانت أنموذجًا فريدًا لمدرسة الأمِّ التربويَّة التي بذلتْ تُجاهَ أولادها كبيرَ الجهد، حين عكفتْ تُلقِّنهم مفاهيمَ الإسلام، وتغرس فيهم حبَّ الجهاد والاستشهاد.

الأسرة المؤمنة المجاهدة:

قبلَ أن نخوض في الحديث عن أمِّ عمارة، وما تركتْ وراءَها من صفحات مضيئات من البذل والتضحية والجِهاد، نذكر جانبًا سريعًا عنها، وعن أُسرتها، فاسمُ تلك السيِّدة الفاضلة هو: نَسيبة بنت كعْب بن عمرو بن عوف بن مبذول الخزرجيَّة، المازنيَّة، المدنيَّة، الصحابيَّة، ذات الأصلِ العريق، والنَّسب الرفيع، وينتمي نَسبُها إلى فخذ بني النَّجار الذين شَهِد لهم الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – بالخير في أحاديثَ شريفة كثيرة[1].

وأمُّها هي الرَّباب بنت عبدالله بن حبيب الخزرجيَّة، وتذكر بعضُ المراجع أنَّها أسلمتْ وشهدتْ يوم أحد، وساهمتْ في تضميدِ جراح ابنتها أمِّ عمارة[2].

أمَّا إِخوة السيِّدة أمِّ عمارة، الذين ذُكرتْ أسماؤهم في كتب تاريخ الجِهاد، فأوَّلهم: عبدالله بن كعْب المازنيُّ الذي شهد بدرًا، وكان عاملاً للنبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – على الغنائم، وقد شَهِد – رضي الله عنه – أحدًا والخندق، وباقيَ المشاهد الحافلة مع رسول الله – عليه الصلاة والسلام[3].

وثانيهم هو عبدالرحمن بن كعْب المازني، الذي عُرف بأنَّه أحدُ البكَّائين الذين لم يقدروا على المسير إلى غزوة تبوك، لقلَّة الزاد والراحلة يومَها، وفيه وفي إخوانه نزل قوله – تعالى –: {تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} [التوبة: 92]، وقد شهد – رضي الله عنه – أحدًا والخندق، وما بعدهما[4].

أمَّا أزواج السيِّدة أمُّ عمارة، فأولهم: زيد بن عاصم بن كعْب، وكان ممَّن شهد العقبةَ وبدرًا وأحدًا، وتزوَّج بأمِّ عمارة قبلَ الإسلام، فأنجبتْ له حبيبًا وعبدالله؛ وهما من صَحْب رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وزوجها الثاني؛ هو غزيَّة بن عمرو بن عطيةَ، الذي شهد أحدًا مع رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – كما شهد العقبة[5].

أنجبتْ أمُّ عمارة عبدَالله بن زيد بن عاصم المازني، وهو أوَّل أولادها، وكان من فضلاء الصحابة، وقد شهد بدرًا، وشارك مع وحشيٍ في قتْل مُسيلمة الكذَّاب بسيفه يومَ اليمامة، وقد تربَّى عبدالله في بيت والدته، وكان مجاهدًا في المواقف، طالبًا للشهادة في سبيل الله، حتى استُشهد يومَ الحرَّة، لَمَّا اندلعتْ نارُ الفِتنة، واستبيحتِ المدينة من قبل جيش الشام سنة 63 من الهجرة[6].

أمَّا وَلد أمِّ عمارة الثاني، فهو حبيبُ بن زيد بن عاصم المازني، الذي شَهِد العقبةَ وأُحدًا، والخندق، وغيرها، وقد بعثه الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – إلى مُسيلمةَ الكذَّاب يومَ اليمامة، فأصابه مسيلمة في الحادثة المشهورة، حين قال له: أتشهدُ أنِّي رسول الله، فقال حبيب: لا أسمع، فقطَّعه عضوًا عضوًا، حتى قطع يديه من المنكبين، ورِجلَيه من الوركين، ثمَّ أمر به فحُرِّق بالنار، وهو على حاله ثابتٌ لا يرجع عن قوله، ولا ينزع عن دِينه، إلى أن فاضتْ رُوحُه إلى بارئها، ونال بذلك ما تمنَّاه من الشهادة في سبيل الله، وكان ذلك غرسًا يانعًا آخرَ من غِراس أمِّ عمارة، حينما نشأ وقد تمثَّل حبُّ الجهاد في رُوحُه، فملك عليه كلَّ جوارحه ومكنوناتِه[7].

وثالث وَلد أمِّ عمارة، هو ضمرةُ بن غزيَّة بن عمرو، الذي شَهِد أُحدًا مع أبيه، ونشد الشهادة؛ ليلحقَ بركْب أخويه مِن قَبله، فأكرمه الله بها يومَ أن الْتحم المسلمون مع الفُرس في معركةٍ ضارية عُرفتْ بيوم جسر أبي عُبيد[8].


بدايات النور وبواكير الدعوة:

سمعتْ أمُّ عمارةَ بالدِّين الجديد الذي ذاع صِيتُه على استحياء في جنبات مكَّة، فراحتْ ترقب أخبارَه جادَّةً باحثةً عن الحقِّ المبين، حتى أشرق نور اليقين في قلبها، وملأ عليها جنباتِها، فلم تلبثْ إلاَّ يسيرًا حتى أسلمتْ، وكانتْ بذلك من السابقين الأوَّلين إلى الإسلام، وكان ذلك حين بايعتْ رسولَ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – في بيعة العَقبة الثانية[9].

ومضتْ أمُّ عمارة قُدمًا تهبُ طاقاتِها لخدمة هذا الدِّين منذُ لحظاتها الأولى في الإسلام، فكان شغلُها الشاغل وهمُّها الكبير أن تثْبت للمرأة المسلمة دَورَها الواضح في خِدمة الدَّعوة، كما أظهرتْ طاقاتٍ عظيمةً سخَّرتها في بناء جيلٍ مسلم بالتربية القويمة والتنشئة الطيِّبة، فغذتْ أولادَها بمعاني الجِهاد، وطلب الشهادة في سبيل نصرة دِين الله، فأخذوا ينهلون من إيمان والدتهم العظيم، وضربوا أروعَ الأمثلة في البطولة والجِهاد.

حضرتْ نسيبة – رضي الله عنها – معظمَ المشاهد مع رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وكانت تهبُ نفسَها ورُوحَها، وكلَّ طاقاتها في سبيل بقاء الإسلام عزيزًا شامخًا، فقد شاركتْ في مُجمل أحداث الدَّعوة الأولى التي خطَّتِ المعالِمَ الرئيسة للدِّين الجديد، فقد شهدتْ بالإضافة إلى بَيعةِ العقبة الثانية كُلاًّ من بيعة الرِّضوان، وصلح الحُديبية، وعمرة القضاء[10].

لم تكن هذه المشاعر والعواطف النبيلة التي ملأتْ على أمِّ عمارة فؤادَها، نتيجة نزعة عابرة تزول على مرِّ الأيَّام؛ بل كان مصدرُها إيمانًا عميقًا، ويقينًا بالله ورسوله، وهو إيمانٌ ثابت لا يزول، أو يتزحزح أمامَ أيِّ قوَّة من قوى الظُّلم، واستطاعتْ بذلك أن تُسجِّل على أوراق الدَّهر من الأعمال والفضائل التي قلَّ نظيرها.


المزيد من العطاء والجهاد:

لم تَرتَوِ أمُّ عمارةَ بما كان منها حتى الآن؛ بل أخذتْ تُقدِّم – رضي الله عنها – المثلَ الأعلى في التضحية والفِداء، فكثُرتْ صورُ عطائها المشرق، وبان ثباتُها في الملمَّات الصِّعاب، وفاقتْ قوَّتُها وشجاعتها قوَّةَ الرجال، ومن ذلك ما قامتْ به يومَ أُحد سَنةَ ثلاث من الهجرة، وكانتْ تشارك في سقاية الجُند، وتحمل بيدها الماء في قِربةٍ صغيرة، وتدور به على الجرحَى والعطشى.

لم تقتصرْ تلك المرأة العظيمة، على تقديم المساعدة إلى الجيش الإسلاميِّ فحسبُ؛ بل نراها تشارك أيضًا في القِتال، وها هي تُخبرنا عن ذلك فتقول: "خرجتُ أوَّلَ النهار إلى أُحد، وأنا أنظر ما يصنع النَّاسُ، ومعي سِقاءٌ فيه ماء، فانتهيتُ إلى رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وهو في أصحابه، والدَّولة والرِّيح للمسلمين، فلمَّا انهزم المسلمون، انحزتُ إلى رسول الله، فجعلتُ أُباشِر القِتال، وأدافع عنه بالسَّيف، وأرمي بالقوْس حتَّى خلصتْ إليَّ الجراح"، تقول راوية الحديث – وهي جميلة بنت سعد بن الرَّبيع -: "فرأيتُ على كَتفِها جرحًا له غَورٌ أجوفُ"[11].

وقد شوهدتْ – رضي الله عنها – في ذلك اليوم المشهود، وهي تُقاتل أشدَّ القِتال، وكانتْ تحجز ثوبَها على وسطها، حتى جُرحتْ ثلاثةَ عشر جرحًا، وكان أعظمُ هذه الجراح ناشئًا من ضربةِ الفارس المشرك ابن قميئة، لَمَّا ضربها الشقيُّ وهي تدافع بجسدها عن رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وجلستْ تُداوي جُرحَها ذلك سَنة كاملة.

وتَمضي أمُّ عمارة في سبيل الجِهاد يومَ أُحد قُدمًا، وقد شعرتْ بدقَّة الموقف، ورسول الله مستهدفٌ فمضتْ تَقِيه وتفديه، وتُناجِز العدوَّ، فلا تعبأ بما يُصيب جسدَها من جراح، وما ينال صدرَها مِن سِهام، ويعجب حينها – صلَّى الله عليه وسلَّم – بصنيعها، فيقول: ((لَمَقام نسيبةَ بنت كعب خيرٌ من مقام فلان وفلان))، وعنها يقول أيضًا: ((ومَن يُطيق ما تُطيقين يا أمَّ عمارة))، ويقرُّ رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – لأمِّ عمارة فضلَها وبلاءَها في ذلك اليوم المشهود، فيقول: ((ما التفتُّ يمينًا ولا شِمالا ًإلاَّ رأيتُها تقاتل دوني))، وفي ذلك إقرارٌ بالاستبسال، ومقاتلة العدوِّ قتالاً مباشرًا، بالإضافة إلى خِفَّة الحركة بالذود عن رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – حتى نهاية المعركة[12].

ويُصاب ابنُها عبدالله، فتجرح عضدُه اليُسرى، وغدتْ تنزف نزفًا غزيرًا، فراحتْ أمُّه تُمرِّضه وتضمِّده، حتى إذا اطمأنَّتْ عليه قالتْ له: "انهض بُنيَّ فضاربِ القوم"، ولم يملكْ حينَها رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – إلاَّ أن يدعوَ لهذه الأُسرة المجاهدة مِن سويداء قلبه قائلاً: ((بارك الله عليكم مِن أهل بيت، ورَحِمكم الله أهلَ بيت، اللهمَّ اجعلهم رُفقائي في الجنَّة))، فبوركتْ حينَها أمُّ عمارة ببركة هذا الدُّعاء، وبورك لها مقامُها الطيِّب، وتفرُّ من مُقلَتيها دموعُ الفرح الباكي، وهي تقول: "ما أُبالي بعدَها ما أصابني من الدنيا"[13].

حاولتْ أمُّ عمارة بعدَ أُحد المشاركةَ في غزوة حمراء الأسد، وشدَّتْ عليها ثيابَ الجِهاد رغمَ ما نزل بها من شدَّة البلاء يومَ أُحد، إلاَّ أنَّ إلحاح نزيف جرحِها الطريِّ الذي لم يبرأْ بعد، منعها من الخروج وصدَّها عن متابعة المسير، فرجعتْ وعينُها تَفيض من الدَّمع حزنًا من عدم تمكُّنِها من تلبية نداء الجِهاد، وانكبَّ عليها أهلُها وذووها يمرِّضونها ويضمِّدون عليها جراحها النازفة[14].

وتمرُّ الأيَّام، فإذا بالسيِّدة أمِّ عمارة تشهد مع رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – غزوةَ بني قريظةَ في السَّنة الرابعة للهجرة، وممَّا يدلُّ على دورها الفاعل في تلك الغزوة ما خُصِّص لها من قِسمة الغنائم.

وفي سنة ستٍّ للهجرة، تخرج أمُّ عمارة – رضي الله عنها – ثانية مع رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وقد يَمَّموا وجوهَهم صوبَ خيبر، وكان في الجيش عشرون امرأةً كانت أمُّ عمارة على رأسهنَّ، تداوي الجرحى، وتناول السِّهام، وتَسقي السَّويق، وضربتْ بذلك مثلاً آخرَ في جاهزيَّة المجتمع المسلم إذا نزلتْ به النوازلُ وقْتَ الحرْب والنفير[15].

وها هي غزوة حنينٍ تقدم في السَّنة الثامنة بعد الفتح، وها هي أمُّ عمارةَ تضرب أروعَ الأمثلة الأخرى في دِفاعها عن المبدأ والعقيدة، وتشتركُ بصورة مباشرة في أحداث قلْب المعركة، ونتركها وهي تروي لنا طرفًا عن دَورِها في ذلك اليوم المشهود، فتقول: "لَمَّا كان يومُ حنين، والناس منهزمون في كلِّ وجه، وأنا وأربعُ نسوة في يدي سَيف صارم، وأمُّ سُليم قد حزمتْ وسطَها، وهي يومئذٍ حامل، وأمُّ سليط، وأمُّ الحارث، فجعلتُ أسلُّ السيف، وأصيح بالأنصار: أيَّة عادة هذه؟! ما لكم وللفِرار؟! وأنظر إلى رجل مشركٍ من هوازن على جمل، معه لِواء، يريد أن يوضع جمله في أثر المسلمين، فأعترض له فأضربُ عُرقوبَ الجمل، فوقع على عَجُزِه، وأشُدُّ عليه، فلم أزلْ أضربُه حتى أثبتُّه، وأخذتُ سيفًا له، ورسول الله قائمٌ مصلِّت السيفَ بيده، قد طرح غِمدَه، ينادي: يا أصحابَ سورة البقرة"[16].

وفي سَنة اثنتي عشرةَ للهجرة، يُعلن الصِّدِّيق – رضي الله عنه – عن نيِّته في حرب المرتدين، ويتجدَّد حَنينُ أمِّ عمارة للجِهاد، فتذكر ما كان من سابق عهدها مع رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – وتتوق نفسُها إلى ذلك، ويصحُّ عزمُها على المشاركة، وها هي تستلم سيفَها المصلت، تُهاجِم به أعداءَ الله، فجُرحتْ في ذلك اليوم أَحدَ عشرَ جرحًا، وقُطعتْ يدُها لَمَّا حاولتِ النيلَ من مُسيلمة، فكانتْ بذلك معركةُ اليمامة صفحةً جديدة، أضيفتْ إلى صفحاتِ السيِّدة العظيمة، وكانت تلك آخِرَ ما شهدتْه أمُّ عمارة من المعارك، بعد أن شربتْ هنيئًا من كأس الجِهاد، وتشرفتْ بخِدمة الدعوة بالنفس والمال والولد[17].



إلى الرفيق الأعلى:

وتمرُّ السِّنون وأمُّ عمارة في خِدرها عابدةً ساجدةً زاهدة، تتذكَّر وتحنُّ إلى ما خلا من أعوام ماضيات، حافلات بالجِهاد والتضحيات، وظلَّتِ السيِّدة المؤمنة تعبد ربَّها حتى أتاها اليقين، حين صَعدتِ النفس المطمئِنَّة إلى بارئها، وكان ذلك نحوَ سنة 13 من الهجرة، وعُدَّتْ جراحُها أثناءَ تغسيلها جرحًا جرحًا، فإذا بها ثلاثةَ عشرَ جرحًا.

ورقد الجثمانُ الطاهر في البقيع، إلى جوارِ مَن سبقه من الصِّدِّيقين والشُّهداء والصالحين، وارتفع مَقامُ أمِّ عمارة في الأرض إلى مقامٍ أعلى وأسمى في دار الخُلود، بعد حياة قَضتْها وهي تُجاهد في سبيل الله جنبًا إلى جنب مع أُسرتها المؤمنة الصابرة [18].

ختامًا:


فرضي الله عنكِ أيُّتها السيِّدة الفاضلة، كما قدَّمتِ للدعوة المباركة مِن عصارة الوقت والجهد والبذل، وأَرضاكِ وأنتِ تُعطين نِساءَ كلِّ زمان ومكان دُروسًا عظيمة، فيما ينبغي أن تكونَ عليه المرأة المسلمة، وما أحوجَ جيلَنا المعاصر إلى الاقتباس من هدي هؤلاء النُّجوم الزاهرات، من نِساء الصحابة، وهنَّ يُعطينَ المَثلَ العظيم، والبرهانَ الساطع لِمَن عَرَف واجبَه خيرَ المعرفة، فبذل وضحَّى بالكثير في سبيل الدَّعوة، حين صَدَق ما عاهد اللهَ عليه، عسى أن نُعيدَ للأمَّة ما كانتْ عليه مِن مَجْدٍ غابر تليد، وعسى أن تكون سِيرةٌ كتلك نبراسًا يُضيء لنا درب الحياة.

المصادر:

– أسد الغابة في معرفة الصحابة، لابن الأثير، دار إحياء التراث، بيروت.
– الإصابة، لابن حجر، الطبعة الأولى، مطبعة السعادة.
– الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البر، مطبعة السعادة.
– سير أعلام النبلاء، للذهبي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية.
– السيرة الحلبية، لعلي بن برهان الحلبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
– صفة الصفوة، لابن الجوزي، الطبعة الثانية، حيدر أباد.
– الطبقات الكبرى، لابن سعد، بيروت.
– المغازي، للواقدي، عالم الكتب، بيروت.


ـ
ـــــــــــــــــــ
[1] الطبقات الكبرى (8/412)، الإصابة (4/479).
[2] صفة الصفوة (2/34).
[3] الطبقات الكبرى (3/518).
[4] المرجع السابق.
[5] الاستيعاب (1/555).
[6] سير أعلام النبلاء (2/378).
[7] الإصابة (1/306).
[8] أُسد الغابة (3/46).
[9] الطبقات الكبرى (8/412).
[10] المغازي (2/731).
[11] السيرة الحلبية (2/230).
[12] الطبقات (8/415).
[13] المغازي (1/273).
[14] الطبقات الكبرى (8/413).
[15] المغازي (2/634).
[16] المغازي (3/902).
[17] السيرة الحلبية (2/230).
[18] المغازي (1/270).

منقول

ما قصرت الرمش
كفتيتي و وفيتي
ثااااانكس
موفقة

شكرا وماقصرتي رمش الذبوحي كنت ابا

قصة رائعة جدا جدا جدا وشكرا على المعلومات

مشكوورة وماتقصرييييين
يزاج ربي ألف خير
موفقة ياربي ^^

الحــــــــــــــــــــــمد لله

التصنيفات
الصف العاشر

تقريرعن الصحابية خولة بنت الازور [ الفصل الاول ] للصف العاشر

مقدمـة
خولة بنت الأزور امرأة ليست ككل النساء، تميزت عنهن بالكثير من الصفات والمواصفات، تربت في البادية العربية مع أبناء قبيلتها بني أسد، ولازمت أخاها ضراراً ، فكانا دوماً معاً ، ودخلت الإسلام مع من دخل من أبناء العروبة في ذلك الزمن الأول للإسلام، وشاء الله أن تكون وأخوها ضرار مع الكتائب الطلائعية المتقدمة للجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة الحق والدين…فشاركت بكل قوة وببسالة نادرة بين الرجال وبين النساء وعلى مر العصور في الكر والفر ،في حمل الرماح ورمي السهام ، وضربت بالحسام خاصة عندما وقع أخوها ضرار في الأسر بعد أن أبلى بلاءً منقطع النظير .
خولة بنت الأزور مضت في زمن قديم لنا ، تستحق منا نظرة دراسة ، نظرة مراجعة ، نظرة إعزاز وإكبار وتعظيم… إنها قدوة لبنات العرب والمسلمين في زماننا وعلى مر العصور، قدوة للرجال وقدوة للنساء صغاراً وكباراً ، قدوة في الشجاعة والبسالة وفي التعاون والتآزر مع الأهل والأخوة.
ما عرض عنها هو أهم ما ذكرته المراجع المتوفرة ، وهو نزر يسير ، رويت فيه بعض أشعارها وأخبارها بعدما كبرت واشتهرت، والسبب معروف… فهي بنت من البادية العربية التي لم تعرف الكتابة ولا التدوين في أيامها الأولى، لذا قل التنوع والتنويع لدى الكتاب والباحثين القدامى والمحدثين عنها وعن غيرها .إنها نموذج رائع للنساء المسلمات تستحق منا الإكبار وتستحق منا الدراسة.

من مواقفها البطولية لإنقاذ أخيها
وهي من ربات الشجاعة والفروسية ، خرجت مع أخيها ضرار بن الأزور إلى الشام وأظهرت في المواقع التي دارت رحاها بين المسلمين الروم بسالة فائقة خلد التاريخ اسمها في سجل الأبطال البواسل، فأسر أخوها ضرار في إحدى الموقعات فحزنت لأسره حزناً شديداً.

ومن موقعاتها( في أجنادين وهي قرية تقع شرقي القدس في فلسطين ) أن خالد بن الوليد نظر إلى فارس طويل وهو لا يبين منه إلا الحدق والفروسية ، تلوح من شمائله، وعليه ثياب سود وقد تظاهر بها من فوق لامته ، وقد حزم وسطه بعمامة خضراء وسحبها على صدره، وقد سبق أمام الناس كأنه نار. فقال خالد: ليت شعري من هذا الفارس؟ وأيم الله إنه لفارس شجاع. ثم لحقه والناس وكان هذا الفارس أسبق إلى المشركين .فحمل على عساكر الروم كأنه النار المحرقة، فزعزع كتائبهم وحطم مواكبهم ثم غاب في وسطهم فما كانت إلا جولة الجائل حتى خرج وسنانه ملطخ بالدماء من الروم وقد قتل رجالاً وجندل أبطالاً وقد عرّض نفسه للهلاك ثم اخترق القوم غير مكترث بهم ولا خائف وعطف على كراديس الروم.

فقلق عليه المسلمون وقال رافع بن عميرة: ليس هذا الفارس إلاّ خالد بن الوليد ، ثم أشرف عليهم خالد ، فقال رافع : من الفارس الذي تقدم أمامك فلقد بذل نفسه ومهجته ؟ ، فقال خالد: والله أنني أشد إنكاراً منكم له، ولقد أعجبني ما ظهر منه ومن شمائله، فقال رافع : أيها الأمير إنه منغمس في عسكر الروم يطعن يميناً وشمالاً ، فقال خالد: معاشر المسلمين احملوا بأجمعكم وساعدوا المحامي عن دين الله، فأطلقوا الأعنة وقوموا الأسنة والتصق بعضهم ببعض وخالد أمامهم ونظر إلى الفارس فوجده كأنه شعلة من نار والخيل في إثره، وكلما لحقت به الروم لوى عليهم وجندل فحمل خالد ومن معه ، ووصل الفارس المذكور إلى جيش المسلمين ، فتأملوه فرأوه وقد تخضب بالدماء، فصاح خالد والمسلمون: لله درك من فارس .. بذل مهجته في سبيل الله وأظهر شجاعته على الأعداء .. اكشف لنا عن لثامك، فمال عنهم ولم يخاطبهم وانغمس في الروم ، فتصايحت به الروم من كل جانب وكذلك المسلمون وقالوا: أيها الرجل الكريم أميرك يخاطبك وأنت تعرض عنه، اكشف عن اسمك وحسبك لتزداد تعظيماً . فلم يرد عليهم جواباً ، فلما بعد عن خالد سار إليه بنفسه وقال له: ويحك لقد شغلت قلوب الناس وقلبي بفعلك ، من أنت ؟

فلما ألح خالد خاطبه الفارس من تحت لثامه بلسان التأنيث وقال: إنني يا أمير لم أعرض عنك إلاّ حياءً منك لأنك أمير جليل وأنا من ذوات الخدور وبنات الستور، فقال لها: من أنت ؟ فقالت: خولة بنت الأزور وإني كنت مع بنات العرب وقد أتاني الساعي بأن ضراراً أسير فركبت وفعلت ما فعلت، قال خالد: نحمل بأجمعنا ونرجو من الله أن نصل إلى أخيك فنفكه.

قال عامر بن الطفيل: كنت عن يمين خالد بن الوليد حين حملوا وحملت خولة أمامه وحمل المسلمون وعظم على الروم ما نزل بهم من خولة بنت الأزور ، وقالوا: إن كان القوم كلهم مثل هذا الفارس فما لنا بهم طاقة.

وجعلت خولة تجول يميناً وشمالاً وهي لا تطلب إلاّ أخاها وهي لا ترى له أثراً، ولا وقفت له على خبر إلى وقت الظهر. وافترق القوم بعضهم عن بعض وقد أظهر الله المسلمين على أعدائهم وقتلوا منهم عدداً عظيماً.

أسر النساء

ومن مواقفها الرائعة موقفها يوم أسر النساء في موقعة صحورا( بالقرب من مدينة حمص السورية ) . فقد وقفت فيهن ، وكانت قد أسرت معهن، فأخذت تثير نخوتهن، وتضرم نار الحمية في قلوبهن، ولم يكن من السلاح شيء معهن. فقالت: خذن أعمدة الخيام، وأوتاد الأطناب، ونحمل على هؤلاء اللئام، فلعل الله ينصرنا عليهم ، فقالت عفراء بنت عفار: والله ما دعوت إلاّ إلى ما هو أحب إلينا مما ذكرت. ثم تناولت كل واحدة منهن عموداً من عمد الخيام، وصحن صيحة واحدة. وألقت خولة على عاتقها عمودها، وتتابعن وراءها، فقالت لهن خولة: لا ينفك بعضكن عن بعض ومن كالحلقة الدائرة. ولا تتفرقن فتملكن ، فيقع بكن التشتيت، واحطمن رماح القوم، واكسرن سيوفهم. وهجمت خولة وهجمت النساء من ورائها، وقاتلت بهن قتال المستيئس المستميت، حتى استنقذتهن من أيدي الروم، وخرجت وهي تقول:

نحن بنـات تبـع وحمير وضربنا في القوم ليس ينـكر

لأننا في الحرب نار تستعر اليوم تسقون العذاب الأكبر

الخاتمة

في هذه السيرة البطولية عرضت نماذج مشهورة ومذكورة في الكتب عن خولة بنت الأزور وكيف شاركت في المعارك الإسلامية الكبيرة في فتوح بلاد الشام .والحقيقة تقال أن المعلومات المتوفرة عنها قليلة ، ولعل السبب واضح ،حيث عاشت مثل غيرها من بنات البادية العربية عيشة متواضعة وبسيطة لم تتيسر لها وسائل التدوين والتسجيل المتناسق والمتكامل مثلما قد يتيسر لغيرها من المشاهير.

ونخلص من هذا البحث القصير إلى أن خولة بنت الأزور تعد نموذجاً إنسانياً رائعاً يحتذى به في الدفاع عن النفس والوطن والعقيدة فرضت نفسها بقوة وبصلابة على كل شخص حضر صولاتها وجولاتها في ميادين الفروسية .

المراجع

1. عبد البديع صقر، نساء فاضلات ، دار الاعتصام ، القاهرة.

2. د. علي إبراهيم حسن ، نساء لهن في التاريخ الإسلامي نصيب، مكتبة النهضة المصرية ، القاهرة ، 1981.

3. عمر رضا كحالة، أعلام النساء في عالمي العرب والمسلمين،ج 1،مؤسسة الرسالة ، بيروت ، 1959.

4. كرم البستاني ، النساء العربيات ، دار نظير عبود ، بيروت ، 1988.

5. الواقدي ، فتوح الشام ، ج 1-2 ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، 1954.


الحــــــــــــــــــــــمد لله