التصنيفات
الصف العاشر

ورقة عمل درس التفسير بالرأي للصف العاشر

ورقة عمل تربية إسلامية لدرس التفسير بالرأي للصف العاشر الفصل الدراسي الثاني ,,

تجدونهـــا بالمرفقــات وبالتوفيـــــق ..

{ منقول وتم التعديل عليها للفائدة }

الملفات المرفقة

شكرا على جهودكم

الشـكر للـه ..

صلى الله على محمد

التصنيفات
الصف العاشر

تقرير التاريخ عن الحضارة و تطورها المقدمة و الموضوع و الخاتمة و الرأي -تعليم الامارات

ممكن اتساعدوني في تقري التاريخ
عن الخضارة و نطورها و يكون فيه المقدمة و الموضوع و الخاتمة و الرأي
و المصدر فيه محدد في التقرير.

الملفات المرفقة

السلام عليكم اشحالج عساج ابخير

ياسر جاسم قاسم… الحضارة الانسانية وقدرتها على اختراق التاريخ
التاريخ: Thursday, April 20
الموضوع: مقالات

الحضارة هي ثمرة كل جهد يقوم به الإنسان لتحسين ظروف حياته سواء أكان المجهود المبذول للوصول إلى تلك الثمرة مقصوداً أم غير مقصود وسواء أكانت الثمرة مادية أم معنوية ( دراسة في أصول وعوامل قيام الحضارة وتطورها د. حسين مؤنس)

وهذا المفهوم للحضارة مرتبط أشد الارتباط بالتاريخ لأن التاريخ هو الزمن والثمرات الحضارية تحتاج إلى زمن لكي تزدهر ولا تتبين القيمة الحقيقية لأي ثمرة حضارية إلا إذا جربها الإنسان في الاستعمال مرة بعد أخرى وعرف فائدتها وتعلم كيف يصنعها كما أراد وهذا يحتاج إلى وقت أي زمن وتاريخ ولا بد أن يتكاثر صنع الشيء ويتراكم حتى يكون له أثر في حياة الإنسان ويصبح جزءاً من هذه الحياة ومن المؤكد عند العلماء أن كل اكتشاف من الاكتشافات المبكرة التي كونت الخطوات الأولى في المسيرة الحضارية اكتشفت وأهملت أو نسيت أكثر من مرة في نفس الجماعة حتى اتضحت قيمتها العملية فحمل الناس على الإكثار منها واستعمالها ومع الإكثار بتحسين النوع وزادت الكمية أن الأسس الحضارية هي أسس الأزدهار بشرط التنوير أي أن الأساس الحضاري هو أساس مرن قابل للتبادل والتوافق والتحاور وصنع الأساس إنما يعتمد على الأسس التنويرية التي ارتبطت بمفاهيم الحضارات وأصبحت أداة من أدوات الحياة اليومية وهذا هو ما يسمى بالقيمة التراكمية.

(Cumulative value) وهذا أيضاً يحتاج إلى زمن وتاريخ وقد وجد تاريخياً ما يثبت وجود وأسس الحضارات التي قامت والتي يجب معرفة ماهياتها فقد وجدت أقراص الخبز في قبور الفراعنة فهذا حتماً يتبين أن وراء هذه الأقراص تاريخ طويل فمن هذه الحضارات استلهمنا أنهم يعرفون القيمة الغذائية لسنابل القمح في حين أن بعض القبائل كانت تأخذ القمح على شاكلته وتأكله ولا تعرف كيفية تحويله إلى القيم الغذائية الخالصة وما هذا إلا مثل بسيط على أسس الحضارة القديمة وهنا ومرة أخرى تتجلى لنا الصلة بين الحضارة والتاريخ والحضارة والتاريخ مرتبطان أحدهما بالآخر أشد الارتباط ولا يستطيع الإنسان أن يتحدث عن الحضارة حديثاً معقولاً إلا إذا عرف ماهية التاريخ معرفة معقولة.

ونشير هنا إلى مقولة أبو محمد علي بن أحمد بن حزم الذي أيد هذا الرأي في كتابه المسمى ( مراتب العلوم )) كذلك نستدل من هذا الارتباط أن للعقل وجوداً محورياً مهماً فهو الذي يصنع الحضارة وبمزيات تتراتب وتقدم الزمن وعندما يذكر العقل يزيد به النشاط الذي يقوم به عضو في كيان الإنسان وهو المخ وهناك فرق بين المخ والعقل فالمخ عضو يشترك فيه الإنسان مع بقية الحيوانات والطيور ولكن مخ الإنسان أكبر من المخ عند غيره من الحيوان وأكثر تعقيداً وخلاياه أكثر تنوعاً وقد احتاج الإنسان إلى عشرات الألوف من السنين لينصقل ذهنه وثم صف ملكاته ويصبح قادراً على عقل الأشياء أي ربطها بعضها ببعض وملاحظة الأشياء والظواهر واختزان نتائج هذه الملاحظات.

وعندما تنبه الإنسان إلى أن له عقلاً أي قدرة ادراك الأشياء وفهمها والربط بين الظواهر بعضها ببعض خطا الخطوة الأولى في طريق الحضارة ومن هنا يقول بعض العلماء أن العقل نفسه أول مخترعات الإنسان ولنذكر أن اللفظ العربي (عقل) بمعنى القدرة على عقل الأشياء أي القبض والسيطرة عليها أدل على مفهوم العقل من اللفظة الإنكليزية وهي mind وأصلها هو جعل to mind ومعناه الأول يتذكر وهي قدرة واحدة من قدرات العقل ولفظ reason ومعناه الدقيق السبب ثم فرعوا عليه المعاني الأخرى التي تتصل بالعقل وكذلك يقال عن لفظها raison & esprit الفرنسيين ولفظي vernunft و geist الألمانيين وهذا ما ذكره الدكتور حسين مؤنس في تحليله للفظ (عقل) ومن الواضح أن قدرة الذهن على (العقل) أو عقل الأشياء كانت قليلة أول الأمر ثم ازدادت القدرة مع الاستعمال لأن للذهن عضلات تقوى وتتعدد قدراتها واستعمالاتها بالاستعمال والمران شأنه في ذلك شأن الذراع واليد.

وعندما ترى طفلاً يحاول استخدام كفه أو أصابعه في إمساك الأشياء والتصرف فيها فأعلم أن ذهنه أيضاً يقوم بعمله على هذا النحو من الضعف وقلة الضبط والإحكام ومع الزمن تقوى اليد إذ نستنتج أن أسس الحضارة إنما تدرج في طرف التفكير باعتبار أن التفكير هو جزء من العقلانية التي يمتاز بها عضو البشر والتفكير هو استخدام الذهن استخداماً منظماً وهو عملية حضارية احتاجت إلى زمن طويل حتى أصبح هذا التفكير عنصراً أساسياً وفعالاً في توجيه أعمال الإنسان وصنع الحضارة.

والعملية ما زالت مستمرة ولذلك فإن البشر الذين تخلو عن عقولهم من أساليب التفكير ما زالوا يعيشون في أوهامهم وحواضرهم التي ابتنوها لأنفسهم وبالتالي فهم غير قادرين على استلهام أي أساس حضاري يبنونه لأنفسهم أو يشيدونه لدولهم فلا تزال هناك قبائل في استراليا وغينيا وغابات أفريقيا وغابات الأمازون لا يدخل العقل أو التفكير في تصرفاتها أفراداً وجماعات إلا بقدر محدود جداً وما زالت أعمالها ردود أفعال غريزية لا أفعالاً معقولة وليس معنى ذلك أنها غير متحضرة أو عارية عن الحضارة أصلاً بل معناه أنها متحضرة بالقدر الذي يستطيع أن تستخدم به أذهانها ومن الخطأ أن نقول بأن هناك جماعات بشرية متحضرة وأخرى وحشية أو همجية فليست هناك جماعات كاملة التحضر وكذلك لا توجد جماعات إنسانية على الفطرة تماماً فلكل جماعة حضاراتها والفرق في المستوى.

إلى هنا نكون قد تبينا عنصرين أساسيين من عناصر صنع الحضارة وهما الزمن أو التاريخ وبالعقل أو التفكير ويبقى العنصر الأساسي الذي صنع الحضارة ألا وهو الإنسان فعمره على هذا الكوكب أي عنصر الزمن وبمزايا التفكير التي لديه استطاع أن يمتشق أساليباً حضارية غاية في الدقة واستعملت بشكل أساسي لقيام الحضارات فعمر الإنسان على هذا الكوكب كما يقول آرنولد توينبي (( أقدم آثار للإنسان عثرنا عليها ترجع إلى ثلاثمائة ألف سنة ولكن أكمل الهياكل العظيمة الكاملة التي وجدناها يرجع إلى تسع وأربعين ألف سنة أي في الوقت الذي وصل فيه العصر الثلجي الأخير في ذروته وهذا حسب تعبير آرنولد أن تكون الحضارة أساساً هو بالقدرات التي تتمتع بها الإنسان فالتفكير أكثرها بنياناً للحضارات ولكن قدرات الإنسان الجسمانية أيضاً ساعدت على تكون الحضارات حيث أشاد حضاراته وأسسها بتعبيراته البدنية وقرته على البناء والعطاء )) .

تبقى مسألة مناقشة الأسس الحضارية مسألة مهمة فلقد ورثت البشرية حضارات كثيرة ولكن بنبعي الإشارة إليها بنوع من النقد البناء حيث أن نستلهم الماضي بأسس التنوير الحاضرة لا أن نأخذ الأساليب التي وردت على عواهنها فالخط الفكري مهم جداً وهو أسلوب من أساليب مناقشة الحضارات فهو أسلوب لكل تحرك حضاري في الأثر البعيد المدى وعلى سبيل المثال الخط الفكري الذي كان ( لهربرت سبنسر 1820 –1953) وهو من الجيل الذي خلف ميل الفلاسفة من أهل عصر الأنوار وتمكنوا من مواصلة آرائهم والسير بها بالطريق الذي رسمه لها أصحابها وكان سبنسر من أتباع داروين فيما يتصل بالعلوم الطبيعية وهو الذي نقل أفكاره في النشوء والارتقاء من ميدان العلوم الطبيعية إلا ميدان الاجتماع أي أنه أول من حاول تطبيقه على الجماعة البشرية.

وكان يقول: إن التقدم لا يتمثل في المزيد من الثروات أو المزيد من العلم والوصول إلى مستوى أخلاقي رفيع فهذه كلها ظواهر أو أعراض أما التقدم فهو التغير في البناء الداخلي للمجتمع ويتجلى ذلك باتساع نطاق تقسيم العمل بين أفراد الجماعة وقال: إن التحول الحضاري لا يتم على يد بطل أو ملك ولكنه يتم بما سماه الحكمة الجماعية ويتحول الناس إلى منتجين وموزعين كبار وصغار وكان سبنسر لا يؤمن بأهمية الإنسان الفرد في التاريخ وذلك لإيمانه بأن العمل الصالح ايجابي لا يمكن أن يكون إلا جماعي ومن أقواله في ذلك (( إن أولئك الذين يرون أن تاريخ الجماعة الإنسانية هو تاريخ عظمائها ويحسبون أن أولئك العظماء يحددون أقدار جماعاتهم ينسون أن هؤلاء الرجال أنفسهم هم من صنع جماعاتهم إن الجماعات تنمو ولا تصنع))

وكان سبنسر ومثله في ذلك مثل أوجست كومت يرى أن الكون يسير وفق قوانين من بينها قوانين اجتماعية تحكم تطور المجتمع وعمله وكان يرى أن تطور النظم السياسية والاجتماعية ينبغي أن يصل بالإنسان إلى درجة تتلاشى معه الحكومة إذ لا يصبح هناك دور لها فالناس ينظمون أمورهم بالاحساس وحسن التقدير وسلامة الحس والذكاء وهذه الفكرة الأخيرة تناولها كارل ماركس وتوسع فيها وجعل من تلاشي الحكومات نتيجة طبيعية لرقي الإنسان والجماعات.

وأنا في اعتقادي أن هذه الفكرة الحضارية المهمة لهي غاية الصعوبة في التطبيق وذلك لأن تلاشي الحكومات معناه تحضر الإنسان إلى أبعد الحدود العقلانية ورقيه فوق القوانين المجتمعة المهمة وهذا مما يصعب تحقيقه على مدى حياة البشرية والعودة إلى سبنسر وهو ممن تأثروا تأثيراً عميقاً بداروين وكان يرى أن البقاء للأصلح وأنه يراد به فيما يتصل بالإنسان اجتهاد الفرد في أن يطابق بين نفسه وجماعته أي يسعى لتكييف نفسه ليستطيع البقاء فيها والإسهام في نشاطها البناء وينتج عن هذا تقدم الإنسان والجماعة معاً وكان يرى كذلك أن رخاء حياة الإنسان يتحقق بإرادة الله وإن الهدف الأخير من الخلق هو وصول المخلوق إلى أعظم قدر من السعادة أي إلى أعظم قدر من التحضر لأن التحضر هو السبب الأساسي والرئيس لمفاهيم السعادة وكان يعتقد كذلك بأن الإنسان ينبغي أن يصل إلى درجة الكمال وهذا مما يصعب تحقيقه وبالغاية المطلقة ولكن هذه الأفكار التي طرحها سبنسر إنما هي نتيجة تأثره بالنظام السياسي والاقتصادي الانكليزي أي أنه في الحقيقة كان يفكر على أساس رأسمالي.

وفي اعتقاده أن هذا النظام بقي وسيبقى لأنه أصلح من غيره ولقد راقت هذه الأفكار له ولمفكري عصره فسبنسر ورجال آخرين من عصر الأنوار والقرن التاسع عشر من بعده جعلوا فكرة التقدم أشبه بالقانون الذي يسير التاريخ وقضوا على نظرية الدورة المغلقة وبجهدهم هذا تمكن أولئك الرجال من إخراج أهل الغرب من الطريق المسدود وفتح الأبواب واسعة بمسيرة التاريخ. والمراد بمسيرة التاريخ هنا هو تقدم الحضارة لأن الإنسان لا يتقدم أو يتحسن في خلقه ولكنه يتقدم ويتحسن في خلقه ومستواه الحضاري وقدراته على العمل المثمر والإنتاج الذي يعود عليه وعلى جماعته بالخير وكان لا بد من هذه الوقفة التي وقفناها هنا حتى نرى كيف تفتحت سبل الرقي والتطور أمام الحضارة الإنسانية عن طريق أولئك المفكرين الذين توصلوا بالتفكير المنطقي الهادئ إلى مفتاح التقدم وهو العلم العملي الذي يخدم معايش الناس ويتيح لهم نصيباً أكثر من الراحة والرخاء والأمن ولولا هؤلاء لظلت الحضارة تتعثر في سيرها كما كان الحال في الماضي.

نعم كان هناك تقدم وخروج من الطريق المسدود الذي وقعت فيه الإنسانية قروناً طويلة أثناء العصور الوسطى ولكن هذا التقدم كان يسير من غير خطة أو غاية محدودة بل غير محسوس بالنسبة إلى من عاشوا في تلك العصور فجاء أولئك المفكرون وقرروا في أذهان الناس أن التقدم ضرورة وأن الحياة لا تجري عبثاً بل تسير على قوانين حقاً إنهم لم يصلوا ولا وصلنا نحن إلى قوانين تحكم تصرف البشر بشكل أكثر دقة وحزم ولكن التفكير في ذلك الأمر في ذاته أمر مهم ولم يحدث في تاريخ الغرب الأوربي إن اندفعت الحضارة إلى الأمام بتأثير المفكرين والعلماء بالمقدار الذي حصل في هذا العصر واعتقد إننا أطلعنا القارئ بهذه النظرة العجلى إلى سبيل الحضارة كيف أن الفكر الحر هو أساس التقدم الحضاري كله.

وشيء آخر ننبه له هنا وهو أن أولئك الرجال كانوا معنيين بالمستقبل والسؤال الذي كان يتردد في أذهانهم هو ماذا نعمل لكي يكون مستقبل الحضارة الإنسانية خيراً من حاضرها وأمسها وهذا شيء جديد جداً في التفكير الفلسفي التاريخي والحضاري ويصطلح عليه بعلم استشراف المستقبل فإلى ذلك الحين كان الناس يرون أن المستقبل هو الحياة الأخرى بعد الموت ولم يذكروا قط أن للحياة مستقبلاً على هذه الأرض قبل الموت وأن هذا المستقبل ينبغي أن يكون أفضل من الحاضر والماضي معاً ففي النصف الأول من القرن التاسع عشر سارت الحضارة المادية في الغرب شوطاً جعل أهلها يشعرون بأنهم بلغوا قمة التقدم وأنهم شادوا حضارة فاقت كل ما عرفه هذا الكوكب والحق أن الإنسان عندما يتصور أوربا في بدايات النصف الثاني من القرن التسع عشر يدرك لماذا فكر أولئك الناس على هذا النحو ويلتمس العذر لهم فيه.

فقد قطعوا أشواطاً مهمة على المستوى التكنولوجي والعلمي والفني والتنويري الثقافي وهكذا أصبحت فكرة التقدم في أواخر القرن التاسع عشر أساسية بالنسبة للمؤرخ ولم يعد معظم المؤرخين يقولون بالحركة الرجوعية السلفية للتاريخ أو بالحركة الدائرية له وإنما بالخط المستقيم الصاعد من حسن إلى أحسن دائماً ولم يخل الأمر من مؤرخين كبار ظلوا يتمسكون بالحركة الدائرية للتاريخ ومن هؤلاء اوزفالد شبنجلرالذي طبق نظرية أعمار الأمم والحضارات وشيخوختها ثم موتها في كتابه ( تدهور الغرب أو غروب شمسه ، 1918 – 1922) الذي قال فيه أن حضارة الغرب ققد جاوزت مرحلة الشباب والقوة ودخلت في مرحلة التدهور والشيخوخة وأنا أقول أنه يقصد أن يستلهم الإنسان مرحلة ما بعد الحداثة ومنهاجها كي يستطيع أن يعبر عن مستقبله برؤى واضحة مستلهمة بمناهج بنيوية تعتمد الحاضر دليلاً واضحا عليه إن مفاهيم الأنسنة والاهتمام بإنسانية البشر لهو دليل واضح على تقدم الأمم وتطورها فأثر الشخصية الإنسانية مهم جداً في اعتناء مسيرة الحضارات إلى جانب التاريخ والزمن على امتدادهما الحضاري الواسع.

مصادر :
معهد الامارات التعليمي www.uae.ii5ii.com
قوقل

مصادر الحضارة

إن الكتابة أهم وسيلة لحضارة الإنسان ، وحيثما وجدت الحضارة وجدت القراءة والكتابة ، وأصبحت اللغة المكتوبة وسيلة الحضارة والعلم والتربية ، فالكتابة تعطي المعرفة البشرية صفة الدوام ، والبراهين عن حضارة الإنسان القديم قليلة حتى نصل إلى عصر الكتاب ، ووضع الوثائق المكتوبة ، ولهذا السبب احترم القدماء الكتابة ، ونسبها المصريون القدماء إلى الإله توت Thoth ، فهو – في رأيهم – مخترع وسائل الثقافة جميعها ، وفي بابل كان الإله نبو (Nebo) بن مردوخ إله الكتابة ، والصينيون القدماء ، والهنود وغيرهم ، اعتقدوا بأصل إلهي للكتابة ، والأساطير اليونانية نسبتها إلى هرمس.

وبوجه الإجمال كان للكتابة مفعول سحري على الناس ، فاختراع الكتابة أهم من اللغة ، لأن اللغة ليست اختراعاً بشرياً كالكتابة ، وإنما هي ميزة بشرية.

الكتابة: وسيلة لنقل الكلام ، تسجل أصواتاً آتية من الفم ، أو فكراً آتية من الدماغ ، برموز منظورة على الورق ، أو الحجر ، أو الخشب ، أو غيرها.

ومن الصعب تحديد دقيق لوقت معين لبدء الكتابة ، ولكن لا برهان على وجود كتابة منظمة قبل منتصف الألف الرابع قبل الميلاد ، وكانت كتابة تصويرية Pictography ، حيث الصورة تمثل الشيء الذي يراد ذكره ، فالدائرة تمثل الشمس ، وصورة الحيوان تدل عليه.

ثم جاءت الكتابة الفكرية (أو الرمزية) Ideographic ، وهي أرقى من التصويرية ، لأنها تصور الأفكار التي يراد نقلها من شخص إلى آخر ، فالدائرة لا تمثل الشمس فقط ، بل تمثل النهار ، أو النور ، والحيوان لا يمثل بصورة الحيوان وإنما برأسه فقط ، وفكرة الذهاب تمثل بقدمين ، أو بخطين يمثلان قدميه ، والرموز المستعملة هنا تسمى صوراً فكرية Ideographic ، ويمكن قراءة الرموز في أية لغة في هاتين المرحلتين – التصويرية والفكرية ، إذ لا علاقة بين الرمز وبين اسم الشيء الذي يمثله.

ثم جاءت مرحلة الكتابة ذات المقاطع ، وهي صوتية ، بمعنى أن كل رمز أو صورة لها صوت في اللغة الخاصة التي تكتب بها ، والرموز التي لها أصوات معينة ، يمكن جمعها بأشكال مختلفة لإخراج كلمات وفكر مختلفة ، وهي لا تمثل الأشياء والفكر فقط ، وإنما الأصوات ، وتصبح الكتابة صوتية تماماً عندما تصبح الأشكال المكتوبة ثانوية بالنسبة للكلمات التي تلفظ ، وتفقد تلك الأشكال مدلولها الأصلي حينما تجتمع لتشكيل كلمة أو فكرة جديدة ، بمعنى أنها تصبح قسماً أو مقطعاً من كلمة ، فكلمة (درفيل) مثلاً ، مكونة من مقطعين (در) و (فيل) ، ولكل منهما معناه ورمزه ، فإذا اجتمعا لتكوين كلمة واحدة يفقد عند ذلك المقطعان مدلولهما الأصلي، ويصبح كل منهما صوتاً أو مقطعاً في كلمة جديدة.

أما الكتابة الأبجدية ، وهي أرقى أنواع الكتابة وأنسبها وأسهلها ، فهي آخر المراحل في تطور الكتابة ، وفيها توجد حروف تمثل أصواتاً مفردة ، لا مقاطع وفكراً ، والأبجدية التي اكتشفت في سيناء ، وأبجدية رأس شمرا (أوغاريت) ، هما أقدم الأبجديات في العالم ، وترقى أبجدية رأس شمرا إلى القرن الرابع عشر الميلاد، ومنها اقتبست الأبجديات التي تستعملها معظم شعوب العالم في أيامنا هذه.

ويعد اختراع الأبجدية بالنسبة للبشرية موازياً لأهمية اختراع المطبعة ، بعد ثلاثة آلاف سنة ، إن لم أكثر أهمية.

يقول الجاحظ : ( لولا الكتب المدونة ، والأخبار المخلدة ، والحكم المخطوطة التي تحصّن الحساب وغير الحساب ، لبطل أكثر العلم ، ولغلب سلطان النسيان سلطان الذكر ، ولما كان للناس مفزع إلى موضع استذكار ، ولو تم ذلك لحرمنا أكثر النفع)، ويقول : ( وليس في الأرض أمة بها طِرق – قوة – أو لها مُسكة ، ولا جيل لهم قبض وبسط ، إلا ولهم خط).

والوثائق المكتوبة ، وهي تجمع السجلات الصكوك والمراسلات .. مع الآثار المادية كالأبنية والبقايا الفنية ، والأواني ، والأدوات ، والأسلحة ، هي مصادر الحضارة.

ويزداد شأن الآثار في التاريخ كلما أوغلنا رجوعاً في الزمن ، لتصبح في بعض الأحوال ، وفي العصور القديمة خاصة ، مصادر التاريخ الوحيدة ، فالشعوب كلها بدافع من العقائد الدينية في الغالب ، أو من رغبات الملوك ، أو من الحاجات الحياتية الأخرى ، تركت آثارها على الأرض التي عرفتها ، وعلى هذه الآثار نبني معارفاً عن الحضارات القديمة.

والكتابات الأثرية هي وثائق العصور القديمة ، فمعظم الحضارات السالفة سجلت على آثارها ما تريد قوله بكتابات شتى ، فحين حل شمبليون (Jean – Francois champolion) رموز الهيروغليفية ، أضاف إلى التاريخ ثلاثة آلاف سنة ، والكتابات التي استعصت على الحل – مثل كتابة كريت – ما تزال تحتفظ بأسرار التاريخ.

وهكذا عصور ما قبل التاريخ وحتى سنة 3200 ق.م حيث اختراع الكتابة في مصر، فإن مصادرنا عن الحضارة هي الأدوات ، والبقايا المادية فقط ، لعدم وجود كتابة ، ومن هنا تظهر أهمية علم الآثار ، والحفريات الأثرية التي أصبحت اليوم تستهدف الفوائد العلمية ، والاستنتاجات التاريخية ، وليس مجرد البحث عن العاديات – المكتشفات الأثرية – ، إذ العاديات لم تعد غاية في ذاتها ، وإنما وسيلة لمعرفة الحضارات وتطورها.

فالكتابة تروي لنا التاريخ السياسي والعسكري ، والحياة الاجتماعية والفكرية ، والاقتصادية والدينية ، وهذا ما كان بعد اكتشاف مكتبة إيبلا – تقع إيبلا جنوبي حلب ، قامت في الألف الثالث قبل الميلاد-.

ومع هذا كله ، يستفيد التاريخ اليوم من كشوف الانتروبولوجيا ، وعلم الاجتماع ، واللغويات وعلوم الاقتصاد والإحصاء والتقاليد والطب وغيرها من العلوم ، إن التاريخ يحاول بذلك ، كله أن يحتضن الإنسان بكل أبعاده ، شريطة أن يعرف المؤرخ كيف يستنطق تلك الوسائل ، وهذه العلوم.


مصادر :
معهد الامارات التعليمي www.uae.ii5ii.com
قوقل

الحضارة العربية الإسلامية وموجز عن الحضارات القديمة ، للدكتور شوقي أبو خليل ، ص 27

يعطيكم الله العاافيه ع التقارير الحلووه

مشكور بس ما مرتب

مشكور

تقرير عن الرازي

مشكور

مشكور

يسلمووووو على التقرير الفيد

أستغفرك يا رب من كل ذنب

التصنيفات
الارشيف الدراسي

تقرير / بحث / عن التفسير بالرأي مفهومه حكمه أنواعه -تعليم الامارات

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

مفهوم الرأي:
الرأي: مصدر رأى رأياً. مهموز، ويُجمع على آراء وأرءاءٍ.
والرأي: التفكّرُ في مبادئ الأمور،ونظر عواقبها،وعلم ما تؤول إليه من الخطأ والصواب(1).
والتفسير بالرأي: أن يُعْمِلَ المفسر عقله في فَهْمِ القرآن، والاستنباط منه، مستخدمــــاً آلات الاجتهاد. ويَرِدُ للرأي مصطلحاتٌ مرادفةٌ في التفسير، وهي: التفسير العقلي، والتـفـسـيـر الاجتهادي. ومصدر الرأيِ: العقلُ، ولذا جُعِلَ التفسيرُ العقليُ مرادفاً للتفسير بالرأي.
والـقـول بالـــــرأي: اجتهادٌ من القائل به، ولذا جُعِلَ التفسيرُ بالاجتهادِ مرادفاً للتفسير بالرأي.
ونتيجة الرأي: اسـتـنـبــــاط حكم أو فائدةٍ، ولذا فإن استنباطات المفسرين من قَبِيلِ القول بالرأي.
أَنْوَاعُ الرّأي، وموقف السـلـف مـنـهـــــا: يحمل مصطلح (الرأي) حساسية خاصة، تجعل بعضهم يقف منه موقف المتردِّد؛ ذلك أنه ورد عن السلف، آثارٌ في ذمِّه.
بَيْدَ أنّ المستقرئ ما ورد عنهم في هذا الـبـــاب (أي: الرأي) يجد إعمالاً منهم للرأي، فما موقف السلف في ذلك؟
لنعرض بعض أقوالهم في ذلك، ثمّ نتبيّن موقفهم منه.
أقوالٌ في ذمِّ الرأي:
1- ورد عـــــن فـــاروق الأمة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قوله: (اتقوا الرأي في دينكم)(2).
وقال: (إياكم وأصحاب الرأي؛ فإنهم أعداء السنن. أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، فقالوا برأيهم، فضلّوا وأضلوا)(3).
2- وورد عن الحـســن البصري (ت: 110) قوله: (اتهموا أهواءكم ورأيكم على دين الله، وانتصحوا كتاب الله على أنفسكم ودينكم)(4).
أقوالٌ في إعمالِ الرأي:
ورد عن عمر بن الخطـــاب والحسن البصري – اللذين نقلت قولاً لهما بذمِّ الرأي ما يدلّ على إجازتهما إعمال الرأي، وهذه الأقوال:
1- أما ما ورد عن عمر فقـولـــه لشريح – لما بعثه على قضاء الكوفة: (انظر ما تبين لك في كتاب الله؛ فلا تسأل عنه أحـــــداً، وما لم يتبيّن لك في كتاب الله، فاتبع فيه سنة رسول الله لله، وما لم يتبيّن لك فيه سنة، فاجتهد رأيك)(5).
2- أمّا ما ورد عن الحسن، فإن أبا سلمة بن عبد الرحمن سأله: أريت ما يفتى به الناس، أشيءٌ سمعته أم برأيك؟
فقال الحسن: ما كل ما يفتى به الناس سمعناه، ولـكـــــنّ رَاًيـَـنــــــا لهم خيرٌ من رأيهم لأنفسهم)(6).
هذان عَلَمان من أعلام السلف ورد عنهما قولان مختلفان في الظاهر، غير أنك إذا تدبّرت قولهم، تبيّن لك أن الرأي عندهم نوعان:
* رأي مذموم، وهو الذي وقع عليه نهيهم.
* ورأي محمود، وهو الذي عليه عملهم.
وإذا لم تَقُلْ بهذا أوقعت التناقض في أقوالهم، كما قال ابن عبد البَرِّ (ت: 463هـ) – لما ذكر من حُفِظ عنه أنه قال وأفتى مجتهداً: (ومن أهل البصرة: الحسن وابن سيرين، وقد جــــــــاء – عنهما وعن الشعبي – ذمّ القياس، ومعناه عندنا قياسٌ على غيرِ أصلٍ؛ لئلا يتناقض ما جاء عنهم)(7). والقياس: نوع من الرأي؛ كما سيأتي.
العلوم التي يدخلها الرأي:
يدخـــــل الـرأي فـي كـثـير من العلوم الدينية، غير أنه يبرز في ثلاثة علوم، وهي: علم التوحيد، وعلم الفقه، وعلم التفسير.
أما علم التوحيد، فيدخله الرأي المذموم، ويسمى الرأي فيه: (هوىً وبدعة). ولذا تجد في كثير من كتب السلف مصطلح: (أهل الأهواء والبدع)، وهم الذين قالوا برأيهم في ذات الله – سبحانه.
وأما علم الفقه، فيدخله الرأيان: المحمود والمذموم، ويسمى الرأي فيه: (قياساً)، كما يسمى رأياً، ولذا تجد بعض عباراتٍ للسلف تنهى عن القياس أو الرأي في فروع الأحكام، والمراد به القياس والرأي المذموم.
وأما علم التفسير، فيدخله الرأيان: المحمود والمذموم، ويسمى فيه: (رأياً)، ولم يرد له مرادفٌ عند السلف، وإنما ورد مؤخراً مصطلح: (التفسير العقلي).
وبهذا يظهر أن ما ورد من نهي السلف عن الرأي فإنه يلحق أهل الأهواء والبدع، وأهل القياس الفاسد، والرأي المذموم؛ إذ ليس كلّ قياسٍ أو رأيٍ فاسداً أو مذموماً.
حُكْمُ القَوْلِ بالرّأي:
سيكون الحديث في حكم الرأي المتعلق بالعلوم الشرعية عموماً – وإن كان يغلب عليه الرأي والقياس في الأحكام – وقد سبق أن الرأي نوعان: رأي مذموم، ورأي محمود.
أولاً: الرّاًيُ المَذْمُومُ:
ورد النهي عن هذا النوع في كتاب الله – تعالى – وسنة نبيِّه لله، كما ورد نهي السلف عنه.
وحَدّ الرأي المذموم: أن يـكون قولاً بغير عـلمٍ وهـو نوعـان: علم فاسد ينشأ عنه الهوى، أو علم غير تام وينشأ عنه الجهـل، ويكون منشؤه الجهـل أو الهوى.
وهذا الحدّ مستنبط من كتاب الله وسنة رسوله لله.
أمّا من كتاب الله فما يلي:
1- قوله – تعالى: ((قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)) [الأعراف: 33].
2- وقوله – تعالى: ((وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (168) إنَّمَا يَاًمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأََن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)) [البقرة: 168، 169].
3- وقوله – تعالى: ((وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْـئُـولاً)) [الإسراء: 36].
في هذه الآيات نهي وتشنيع على القول على الله بغير علم؛ ففي الآية الأولى جعله من المحرّمات، وفي الآية الثانية جعله من اتباع خطوات الشيطان، وفي الآية الثالثة جعله منهياً عنه. وفي هذا كلِّه دليلٌ على عدم جواز القول على الله بغير علم.
وأما في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم :
فإن من أصرح ما ورد فيها قوله: (إن الله – عز وجل – لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلماء، فيقبض العلم، حتى إذا لم يترك عالماً، اتخذ الناس رؤساء جُهّالاً، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا) رواه البخاري في كتاب الاعتصام، وترجم له بقوله: (بابُ ما يذكر من ذمِّ الرأي وتكلف القياس)(8).
وأمّا ما ورد عن السلف، فمنها:
1- ما سبق ذكره عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – والحسن البصري – رحمه الله – من نهيهما عن الرأي.
2- عن مسروق (ت: 63هـ) قال: (من يرغب برأيه عن أمر الله يضلّ)(9).
3- وقال الزهري (ت: 124هـ): (إياكم وأصحاب الرأي، أعيتهم الأحاديث أن يعوها)(10).
وممن نُقِل عنه ذم الرأي أو القياس ابن مسعود (ت: 33هـ) من الصحابة، وابن سيرين (ت: 110هـ) من تابعي الكوفة، وعامر الشعبي (ت: 104هـ) من تابعي الكوفة، وغيرهم(11).
صور الرأي المذموم:
ذكر العلماء صوراً للرأي المذموم، ويطغى على هذه الصّوَر الجانب الفقهي؛ لكثرة حاجة الناس له، حيث يتعلّق بحياتهم ومعاملاتهم. ومن هذه الصور ما يلي:
1- القياس على غير أصل(12).
2- قياس الفروع على الفروع(13).
3- الاشتغال بالمعضلات(14).
4- الحكم على ما لم يقع من النّوازل(15).
5- ترك النظر في السنن اقتصاراً على الرأي، والإكثار منه(16).
6- من عارض النصّ بالرأي، وتكلف لردِّ النص بالتأويل(17).
7- ضُروب البدع العقدية المخالفة للسنن(18).
هذه بعض الصور التي ذكرها العلماء في الرأي المذموم، وسيأتي صور أخرى تخصّ التفسير.
ثانياً: الرأي المحمود:
هذا النوع من الرأي هو الذي عَمِلَ به الصحابة والتابعون ومن بعدهم من علماء الأمّة، وحدّه أن يكون مستنداً إلى علمٍ(19)، وما كان كذلك فإنه خارج عن معنى الذمِّ الذي ذكره السلف في الرأي.
ومن أدلة جواز إعمال الرأي المحمود ما يلي:
1- مفهوم الآيات السابقة والحديث المذكور في أدلة النهي عن الرأي المذموم؛ لأنها كلها تدل على أن القول بغير علم لا يجوز، ويفهم من ذلك أن القول بعلم يجوز.
2- فعل السلف وأقوالهم، ومنها:
أ – عن عبد الرحمن بن يزيد قال: أكثرَ الناس على عبد الله (يعني: ابن مسعود) يسألونه، فقال: أيها الناس إنه قد أتى علينا زمان نقضي ولسنا هناك، فمن ابتلي بقضاءٍ بعد اليوم فليقض بما في كتاب الله، فإن أتاه ما ليس في كتاب الله – ولم يَقُلْهُ نبيّه – فليقض بما قضى به الصالحون، فإن أتاه أمر لم يقض به الصالحون – وليس في كتاب الله، ولم يقل فيه نبيّه – فليجتهد رأيه، ولا يقول: أخاف وأرى، فإن الحلال بَيِّنٌ، والحرام بَيِّنٌ، وبَيْنَ ذلك أمورٌ مشتبهات، فدعوا ما يريبكم إلى ما لا يريبكم)(20).
قال ابن عبد البر (ت: 463هـ) معلقاً على هذا القول: (هذا يوضح لك أن الاجتهاد لا يكون إلا على أصولٍ يضاف إليها التحليل والتحريم، وأنه لا يجتهد إلا عالم بها، ومن أشكل عليه شيءٌ لزمه الوقوف، ولم يَجُز له أن يُحيلَ على الله قولاً في دينه لا نظير له من أصلٍ ولا هو في معنى أصلٍ. وهذا لا خلاف فيه بين أئمة الأمصار قديماً وحديثاً؛ فتدبّره)(21).
ب – وعن الشعبي (ت: 104هـ) قال: لما بعث عمرُ شريحاً على قضاء الكوفة قال له: انظر ما تبيّن لك في كتاب الله فلا تسأل عنه أحداً، وما لم يتبيّن لك في كتاب الله فاتّبع فيه سنة رسول الله -، وما لم يتبين لك فيه السنة فاجتهد رأيك)(22).
ج – وعن مسروق (ت: 63هـ) قال: سألت أُبَيّ بن كعب عن شيءٍ؛ فقال: أكان هذا؟
قلت: لا.
قال: فأجمّنا (أي: اتركنا أو أرحنا) حتى يكون؛ فإذا كان اجتهدنا لك رأينا)(23).
الرّأيُ فِي التّفْسِير:
اعلم أن ما سبق كان مقدمة للدخول في الموضوع الأساس، وهو التفسيـر بالـرأي، وكان لا بدّ لهذا البحث من هذا المدخل، وإن كان الموضوع متشابكاً يصعب تفكيك بعضه عن بعض، ولذا سأحرص على عدم تكرار ما سبق، وسأكتفي بالإحالة عليه، إن احتاج الأمر إلى ذلك.
وسأطرح في هذا ثلاثة موضوعات:
الأول: موقف السلف من القول في التفسير.
الثاني: أنواع الرأي في التفسير.
الثالث: التفسير بين المأثور والرأي.
وسيتخلّل هذه الموضوعات مسائل عِدّة؛ كشروط القول بالرأي، وأدلة جواز الرأي في التفسير، وصور الرأي المذموم…. إلخ، وإليك الآن تفصيل هذه الموضوعات:
أولاً: موقف السلف من القول في التفسير:
التفسير: بيان لمراد الله – سبحانه – بكلامه، ولما كان كذلك، فإن المتصدي للتفسير عرضة لأن يقول: معنى قول الله كذا.
ثم قد يكون الأمر بخلاف ما قال. ولذا قال مسروق بن الأجدع (ت: 63هـ): (اتقوا التفسير؛ فإنما هو الرواية عن الله – عز وجل).
وقد اتخذ هذا العلم طابعاً خاصاً من حيث توقِّي بعض السلف وتحرجهم من القول في التفسير، حتى كان بعضهم إذا سئل عن الحلال والحرام أفتى، فإذا سئل عن آية من كتاب الله سكت كأن لم يسمع.
ومن هنا يمكن القول: إن السلف – من حيث التصدي للتفسير – فريقان: فريق تكلّم في التفسير واجتهد فيه رأيه، وفريق تورّع فقلّ أو نَدُرَ عنه القول في التفسير.
وممن تكلم في التفسير ونُقِلَ رأيه فيه عمر بن الخطاب (ت: 23هـ) وعلي بن أبي طالب (ت:40هـ) وابن مسعود (ت: 33هـ) وابن عباس (ت: 67هـ) وغيرهم من الصحابة.
ومن التابعين وأتباعهم: مجاهد بن جبر (ت: 103هـ) وسعيد بن جبير (ت: 95هـ) وعكرمة مولى ابن عباس (ت: 107هـ) والحسن البصري (ت: 110هـ) وقتادة (ت: 117هـ) وأبو العالية (ت: 93هـ) وزيد بن أسلم (ت: 136هـ) وإبراهيم النخعي (ت: 96هـ) ومحمد ابن كعب القرظي (ت: 117هـ) وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم (ت: 182هـ) وعبد الملك بن جريج (ت: 150هـ) ومقاتل بن سليمان (ت: 150هـ) ومقاتل بن حيان (ت: 150هـ) وإسماعيل السدي (ت: 127هـ) والضحاك بن مزاحم (ت: 105هـ) ويحيى بن سلام (ت: 200هـ)، وغيرهم.
وأما من تورّع في التفسير فجمعٌ من التابعين (24) من أهل المدينة والكوفة.
أما أهل المدينة، فقال عنهم عبيد الله بن عمر: لقد أدركت فقهاء المدينة، وإنهم ليغلظون القول في التفسير؛ منهم: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع(25).
وقال يزيد بن أبي يزيد: (كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام – وكان أعلم الناس – فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع)(26).
وقال هشام بن عروة بن الزبير: (ما سمعت أبي يتأوّل آية من كتاب الله قطّ)(27).
وأمّا أهل الكوفة فقد أسند إبراهيم النخعي إليهم قَولَه: (كان أصحابنا – يعني: علماء الكوفة – يتّقون التفسير ويهابونه)(28).
هذا.. ولقد سلك مسلك الحذر وبالغ فيه إمام اللغة الأصمعي (ت: 215هـ)، حيث نقل عنه أنه كان يتوقّى تبيين معنى لفظة وردت في القرآن(29).
فما ورد عن هؤلاء الكرام من التوقي في التفسير إنما كان تورّعاً منهم، وخشية ألاّ يصيبوا في القول.
ثانياً: أنواع الرأي في التفسير:
الرأي في التفسير نوعان: محمود، ومذموم.
النوع الأول: الرأي المحمود.
إنما يحمد الرأي إذا كان مستنداً إلى علم يقي صاحبه الوقوع في الخطأ. ويمكن استنباط أدلةٍ تدلّ على جواز القول بالرأي المحمود.
ومن هذه الأدلّة ما يلي:
1- الآيات الآمرة بالتدبّر:
وردت عدّة آيات تحثّ على التدبّر؛ كقوله – تعالى: ((أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)) [محمد: 24]، وقوله: ((كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)) [ص: 29]. وغيرها من الآيات.
وفي حثِّ الله على التدبر ما يدلّ على أن علينا معرفة تأويل ما لم يُحجب عنا تأويله؛ لأنه محالٌ أن يقال لمن لا يفهم ما يقال له: اعتبر بما لا فهم لك به(30).
والتدبّر: التفكّر والتأمّل الذي يبلغ به صاحبه معرفة المراد من المعاني، وإنما يكون ذلك في كلامٍ قليل اللفظ كثير المعاني التي أودعت فيه، بحيث كلما ازداد المتدبِّر تدبّراً انكشف له معانٍ لم تكن له بادئ النظر(31).
والتدبّر: عملية عقلية يجريها المتدبـر من أجل فهـم معاني الخطـاب القرآني ومراداتـه، ولا شك أن ما يظهر له من الفهم إنما هو اجتهاده الذي بلغه، ورأيه الذي وصل إليه.
2- إقرارُ الرسول – اجتهادَ الصحابة في التفسير: لا يبعد أن يقال: إن تفسير القرآن بالرأي نشأ في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وفي ذلك وقائع يمكن استنباط هذه المسألة منها، ومن هذه الوقائع ما يلي:
أ – قال عمرو بن العاص: – بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام ذات السّلاسِلِ، فاحتلمت في ليلة باردةٍ شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيمّمت به، ثمّ صليت بأصحابي صلاة الصبح، فلما قدمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكرت ذلك له، فقال: يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جُنُبٌ؟
قلت: نعم يا رسول الله، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أَهْلَكَ، وذكرتُ قول الله: ((وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ))[النساء: 29] فتيمّمْتُ، ثم صليت، فضحك – ولم يقل شيئاً)(32).
في هذا الأثر ترى أن عَمْراً اجتهد رأيه في فهم هذه الآية، وطبّقها على نفسه، فصلى بالقوم بعد التيمم، وهو جنب، ولم ينكر عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذا الاجتهاد والرأي.
ب – وفي حديث ابن مسعود، لما نزلت آية: ((الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ)) [الأنعام: 82] قلنا يا رسول الله: وأينا لم يظلم نفسه، فقال: إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح ((يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)) [لقمان: 13])(33)، ترى أن الصحابة فهموا الآية على العموم، وما كان ذلك إلا رأياً واجتهاداً منهم في الفهم، فلما استشكلوا ذلك سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأرشدهم إلى المعنى المراد، ولم ينههم عن تفهّم القرآن والقول فيه بما فهموه. كما يدل على أنهم إذا لم يستشكلوا شيئاً لم يحتاجوا إلى سؤال الرسول. والله أعلم.
3- دعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس: دعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس بقوله: (اللهم فقِّهه في الدين، وعلِّمه التأويل) وفي إحدى روايات البخاري: (اللهم علمه الكتاب)(34).
والتأويل: التفسير، ولو كان المراد المسموع من التفسير عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما كان لابن عباس مَزِيّةٌ بهذا الدعاء؛ لأنه يشاركه فيه غيره(35)، وهذا يدلّ على أن التأويل المراد: الفهم في القرآن(36)، وهذا الفهم إنما هو رأيٌ لصاحبه.
4- عمل الصـحــابة: مما يدل على أن الصحابة قالوا بالرأي وعملوا به ما ورد عنهم من اختلافٍ في تفسير القرآن؛ إذ لو كان التفسير مسموعاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما وقع بينهم هذا الاختلاف.
ومما ورد عنهم نـصــــاً في ذلك قولُ صدِّيق الأمة أبي بكر – رضي الله عنه – لما سئل عن الكلالة، قال: (أقول فـيـهــــــا برأيي؛ فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأً فمني ومن الشيطان)(37).
وكذا ما ورد عن علي – رضي الله عـنـه – لما سئل: هل عندكم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيءٌ سوى القرآن؟ قـال: (لا، والذي فلق الحبّة، وبرأ النسمة، إلا أن يُعطِي الله عبداً فهماً في كتابه)(38).
والفهم إما هو رأي يتولّد للمرء عند تفهّم القرآن؛ ولذا يختلف في معنى الآية فهم فلان عن غيره.

م/ن

السلام عليكم

يزاج الله خير

بوركت جهودج
=)

الحــــــــــــــــــــــمد لله