التصنيفات
الصف الثاني عشر

تفسير سورة البقرة للصف الثاني عشر

2- تفسير سورة البقرة عدد آياتها 286 ( آية 1-25 )
وهي مدنية
{ 1 – 5 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
تقدم الكلام على البسملة. وأما الحروف المقطعة في أوائل السور, فالأسلم فيها, السكوت عن التعرض لمعناها [من غير مستند شرعي], مع الجزم بأن الله تعالى لم ينزلها عبثا بل لحكمة لا نعلمها.
وقوله { ذَلِكَ الْكِتَابُ } أي هذا الكتاب العظيم الذي هو الكتاب على الحقيقة, المشتمل على ما لم تشتمل عليه كتب المتقدمين والمتأخرين من العلم العظيم,
والحق المبين. فـ { لَا رَيْبَ فِيهِ } ولا شك بوجه من الوجوه، ونفي الريب عنه, يستلزم ضده, إذ ضد الريب والشك اليقين، فهذا الكتاب مشتمل على علم اليقين المزيل للشك والريب. وهذه قاعدة مفيدة, أن النفي المقصود به المدح, لا بد أن يكون متضمنا لضدة, وهو الكمال, لأن النفي عدم, والعدم المحض, لا مدح فيه.
فلما اشتمل على اليقين وكانت الهداية لا تحصل إلا باليقين قال: { هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } والهدى: ما تحصل به الهداية من الضلالة والشبه، وما به الهداية إلى سلوك الطرق النافعة. وقال { هُدًى } وحذف المعمول, فلم يقل هدى للمصلحة الفلانية, ولا للشيء الفلاني, لإرادة العموم, وأنه هدى لجميع مصالح الدارين، فهو مرشد للعباد في المسائل الأصولية والفروعية, ومبين للحق من الباطل, والصحيح من الضعيف, ومبين لهم كيف يسلكون الطرق النافعة لهم, في دنياهم وأخراهم.
وقال في موضع آخر: { هُدًى لِلنَّاسِ } فعمم. وفي هذا الموضع وغيره { هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } لأنه في نفسه هدى لجميع الخلق.فالأشقياء لم يرفعوا به رأسا. ولم يقبلوا هدى الله, فقامت عليهم به الحجة, ولم ينتفعوا به لشقائهم، وأما المتقون الذين أتوا بالسبب الأكبر, لحصول الهداية, وهو التقوى التي حقيقتها: اتخاذ ما يقي سخط الله وعذابه, بامتثال أوامره, واجتناب النواهي, فاهتدوا به, وانتفعوا غاية الانتفاع. قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا } فالمتقون هم المنتفعون بالآيات القرآنية, والآيات الكونية.
ولأن الهداية نوعان: هداية البيان, وهداية التوفيق. فالمتقون حصلت لهم الهدايتان, وغيرهم لم تحصل لهم هداية التوفيق. وهداية البيان بدون توفيق للعمل بها, ليست هداية حقيقية [تامة].
ثم وصف المتقين بالعقائد والأعمال الباطنة, والأعمال الظاهرة, لتضمن التقوى لذلك فقال: { الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ } حقيقة الإيمان: هو التصديق التام بما أخبرت به الرسل, المتضمن لانقياد الجوارح، وليس الشأن في الإيمان بالأشياء المشاهدة بالحس, فإنه لا يتميز بها المسلم من الكافر. إنما الشأن في الإيمان بالغيب, الذي لم نره ولم نشاهده, وإنما نؤمن به, لخبر الله وخبر رسوله. فهذا الإيمان الذي يميز به المسلم من الكافر, لأنه تصديق مجرد لله ورسله. فالمؤمن يؤمن بكل ما أخبر الله به, أو أخبر به رسوله, سواء شاهده, أو لم يشاهده وسواء فهمه وعقله, أو لم يهتد إليه عقله وفهمه. بخلاف الزنادقة والمكذبين بالأمور الغيبية, لأن عقولهم القاصرة المقصرة لم تهتد إليها فكذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ففسدت عقولهم, ومرجت أحلامهم. وزكت عقول المؤمنين المصدقين المهتدين بهدى الله.
ويدخل في الإيمان بالغيب, [الإيمان بـ] بجميع ما أخبر الله به من الغيوب الماضية والمستقبلة, وأحوال الآخرة, وحقائق أوصاف الله وكيفيتها, [وما أخبرت به الرسل من ذلك] فيؤمنون بصفات الله ووجودها, ويتيقنونها, وإن لم يفهموا كيفيتها.
ثم قال: { وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ } لم يقل: يفعلون الصلاة, أو يأتون بالصلاة, لأنه لا يكفي فيها مجرد الإتيان بصورتها الظاهرة. فإقامة الصلاة, إقامتها ظاهرا, بإتمام أركانها, وواجباتها, وشروطها. وإقامتها باطنا بإقامة روحها, وهو حضور القلب فيها, وتدبر ما يقوله ويفعله منها، فهذه الصلاة هي التي قال الله فيها: { إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } وهي التي يترتب عليها الثواب. فلا ثواب للإنسان من صلاته, إلا ما عقل منها، ويدخل في الصلاة فرائضها ونوافلها.
ثم قال: { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } يدخل فيه النفقات الواجبة كالزكاة, والنفقة على الزوجات والأقارب, والمماليك ونحو ذلك. والنفقات المستحبة بجميع طرق الخير. ولم يذكر المنفق عليهم, لكثرة أسبابه وتنوع أهله, ولأن النفقة من حيث هي, قربة إلى الله، وأتى بـ " من " الدالة على التبعيض, لينبههم أنه لم يرد منهم إلا جزءا يسيرا من أموالهم, غير ضار لهم ولا مثقل, بل ينتفعون هم بإنفاقه, وينتفع به إخوانهم.
وفي قوله: { رَزَقْنَاهُمْ } إشارة إلى أن هذه الأموال التي بين أيديكم, ليست حاصلة بقوتكم وملككم, وإنما هي رزق الله الذي خولكم, وأنعم به عليكم، فكما أنعم عليكم وفضلكم على كثير من عباده, فاشكروه بإخراج بعض ما أنعم به عليكم, وواسوا إخوانكم المعدمين.
وكثيرا ما يجمع تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن, لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود, والزكاة والنفقة متضمنة للإحسان على عبيده، فعنوان سعادة العبد إخلاصه للمعبود, وسعيه في نفع الخلق، كما أن عنوان شقاوة العبد عدم هذين الأمرين منه, فلا إخلاص ولا إحسان.
ثم قال: { وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ } وهو القرآن والسنة، قال تعالى: { وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } فالمتقون يؤمنون بجميع ما جاء به الرسول, ولا يفرقون بين بعض ما أنزل إليه, فيؤمنون ببعضه, ولا يؤمنون ببعضه, إما بجحده أو تأويله, على غير مراد الله ورسوله, كما يفعل ذلك من يفعله من المبتدعة, الذين يؤولون النصوص الدالة على خلاف قولهم, بما حاصله عدم التصديق بمعناها, وإن صدقوا بلفظها, فلم يؤمنوا بها إيمانا حقيقيا.
وقوله: { وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ } يشمل الإيمان بالكتب السابقة، ويتضمن الإيمان بالكتب الإيمان بالرسل وبما اشتملت عليه, خصوصا التوراة والإنجيل والزبور، وهذه خاصية المؤمنين يؤمنون بجميع الكتب السماوية وبجميع الرسل فلا يفرقون بين أحد منهم.
ثم قال: { وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } و " الآخرة " اسم لما يكون بعد الموت، وخصه [بالذكر] بعد العموم, لأن الإيمان باليوم الآخر, أحد أركان الإيمان؛ ولأنه أعظم باعث على الرغبة والرهبة والعمل، و " اليقين " هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك, الموجب للعمل.
{ أُولَئِكَ } أي: الموصوفون بتلك الصفات الحميدة { عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ } أي: على هدى عظيم, لأن التنكير للتعظيم، وأي هداية أعظم من تلك الصفات المذكورة المتضمنة للعقيدة الصحيحة والأعمال المستقيمة، وهل الهداية [الحقيقية] إلا هدايتهم، وما سواها [مما خالفها]، فهو ضلالة.
وأتى بـ " على " في هذا الموضع, الدالة على الاستعلاء, وفي الضلالة يأتي بـ " في " كما في قوله: { وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } لأن صاحب الهدى مستعل بالهدى, مرتفع به, وصاحب الضلال منغمس فيه محتقر.
ثم قال: { وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } والفلاح [هو] الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب، حصر الفلاح فيهم؛ لأنه لا سبيل إلى الفلاح إلا بسلوك سبيلهم, وما عدا تلك السبيل, فهي سبل الشقاء والهلاك والخسار التي تفضي بسالكها إلى الهلاك.

{ 6 – 7 } { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
فلهذا لما ذكر صفات المؤمنين حقا, ذكر صفات الكفار المظهرين لكفرهم، المعاندين للرسول فقال: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } يخبر تعالى أن الذين كفروا, أي: اتصفوا بالكفر, وانصبغوا به, وصار وصفا لهم لازما, لا يردعهم عنه رادع, ولا ينجع فيهم وعظ، إنهم مستمرون على كفرهم, فسواء عليهم أأنذرتهم, أم لم تنذرهم لا يؤمنون، وحقيقة الكفر: هو الجحود لما جاء به الرسول, أو جحد بعضه، فهؤلاء الكفار لا تفيدهم الدعوة إلا إقامة الحجة, وكأن في هذا قطعا لطمع الرسول صلى الله عليه وسلم في إيمانهم, وأنك لا تأس عليهم, ولا تذهب نفسك عليهم حسرات.
ثم ذكر الموانع المانعة لهم من الإيمان فقال: { خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ } أي: طبع عليها بطابع لا يدخلها الإيمان, ولا ينفذ فيها، فلا يعون ما ينفعهم, ولا يسمعون ما يفيدهم.
{ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ } أي: غشاء وغطاء وأكنة تمنعها عن النظر الذي ينفعهم, وهذه طرق العلم والخير, قد سدت عليهم, فلا مطمع فيهم, ولا خير يرجى عندهم، وإنما منعوا ذلك, وسدت عنهم أبواب الإيمان بسبب كفرهم وجحودهم ومعاندتهم بعد ما تبين لهم الحق, كما قال تعالى: { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } وهذا عقاب عاجل.
ثم ذكر العقاب الآجل، فقال: { وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } وهو عذاب النار, وسخط الجبار المستمر الدائم.
ثم قال تعالى في وصف المنافقين الذين ظاهرهم الإسلام وباطنهم الكفر فقال:
{ 8 – 10 } { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ }
واعلم أن النفاق هو: إظهار الخير وإبطان الشر، ويدخل في هذا التعريف النفاق الاعتقادي, والنفاق العملي، كالذي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: " آية المنافق ثلات: إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا اؤتمن خان " وفي رواية: " وإذا خاصم فجر "
وأما النفاق الاعتقادي المخرج عن دائرة الإسلام, فهو الذي وصف الله به المنافقين في هذه السورة وغيرها، ولم يكن النفاق موجودا قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم [من مكة] إلى المدينة, وبعد أن هاجر, فلما كانت وقعة " بدر " وأظهر الله المؤمنين وأعزهم، ذل من في المدينة ممن لم يسلم, فأظهر بعضهم الإسلام خوفا ومخادعة, ولتحقن دماؤهم, وتسلم أموالهم, فكانوا بين أظهر المسلمين في الظاهر أنهم منهم, وفي الحقيقة ليسوا منهم.
فمن لطف الله بالمؤمنين, أن جلا أحوالهم ووصفهم بأوصاف يتميزون بها, لئلا يغتر بهم المؤمنون, ولينقمعوا أيضا عن كثير من فجورهم [قال تعالى]: { يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ } فوصفهم الله بأصل النفاق فقال: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ } فإنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، فأكذبهم الله بقوله: { وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ } لأن الإيمان الحقيقي, ما تواطأ عليه القلب واللسان, وإنما هذا مخادعة لله ولعباده المؤمنين.
والمخادعة: أن يظهر المخادع لمن يخادعه شيئا, ويبطن خلافه لكي يتمكن من مقصوده ممن يخادع، فهؤلاء المنافقون, سلكوا مع الله وعباده هذا المسلك, فعاد خداعهم على أنفسهم، فإن هذا من العجائب؛ لأن المخادع, إما أن ينتج خداعه ويحصل له ما يريد أو يسلم, لا له ولا عليه، وهؤلاء عاد خداعهم عليهم, وكأنهم يعملون ما يعملون من المكر لإهلاك أنفسهم وإضرارها وكيدها؛ لأن الله تعالى لا يتضرر بخداعهم [شيئا] وعباده المؤمنون, لا يضرهم كيدهم شيئا، فلا يضر المؤمنين أن أظهر المنافقون الإيمان, فسلمت بذلك أموالهم وحقنت دماؤهم, وصار كيدهم في نحورهم, وحصل لهم بذلك الخزي والفضيحة في الدنيا, والحزن المستمر بسبب ما يحصل للمؤمنين من القوة والنصرة.
ثم في الآخرة لهم العذاب الأليم الموجع المفجع, بسبب كذبهم وكفرهم وفجورهم, والحال أنهم من جهلهم وحماقتهم لا يشعرون بذلك.
وقوله: { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } والمراد بالمرض هنا: مرض الشك والشبهات والنفاق، لأن القلب يعرض له مرضان يخرجانه عن صحته واعتداله: مرض الشبهات الباطلة, ومرض الشهوات المردية، فالكفر والنفاق والشكوك والبدع, كلها من مرض الشبهات، والزنا, ومحبة [الفواحش و]المعاصي وفعلها, من مرض الشهوات ، كما قال تعالى: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } وهي شهوة الزنا، والمعافى من عوفي من هذين المرضين, فحصل له اليقين والإيمان, والصبر عن كل معصية, فرفل في أثواب العافية.
وفي قوله عن المنافقين: { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا } بيان لحكمته تعالى في تقدير المعاصي على العاصين, وأنه بسبب ذنوبهم السابقة, يبتليهم بالمعاصي اللاحقة الموجبة لعقوباتها كما قال تعالى: { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } وقال تعالى: { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } وقال تعالى: { وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ } فعقوبة المعصية, المعصية بعدها, كما أن من ثواب الحسنة, الحسنة بعدها، قال تعالى: { وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى }

{ 11 – 12 } { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ }
أي: إذا نهي هؤلاء المنافقون عن الإفساد في الأرض, وهو العمل بالكفر والمعاصي, ومنه إظهار سرائر المؤمنين لعدوهم وموالاتهم للكافرين { قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } فجمعوا بين العمل بالفساد في الأرض, وإظهارهم أنه ليس بإفساد بل هو إصلاح, قلبا للحقائق, وجمعا بين فعل الباطل واعتقاده حقا، وهذا أعظم جناية ممن يعمل بالمعصية, مع اعتقاد أنها معصية فهذا أقرب للسلامة, وأرجى لرجوعه.
ولما كان في قولهم: { إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } حصر للإصلاح في جانبهم – وفي ضمنه أن المؤمنين ليسوا من أهل الإصلاح – قلب الله عليهم دعواهم بقوله: { ألا إنهم هم المفسدون } فإنه لا أعظم فسادا ممن كفر بآيات الله, وصد عن سبيل الله، وخادع الله وأولياءه, ووالى المحاربين لله ورسوله, وزعم مع ذلك أن هذا إصلاح, فهل بعد هذا الفساد فساد؟" ولكن لا يعلمون علما ينفعهم, وإن كانوا قد علموا بذلك علما تقوم به عليهم حجة الله، وإنما كان العمل بالمعاصي في الأرض إفسادا, لأنه يتضمن فساد ما على وجه الأرض من الحبوب والثمار والأشجار, والنبات, بما يحصل فيها من الآفات بسبب المعاصي، ولأن الإصلاح في الأرض أن تعمر بطاعة الله والإيمان به, لهذا خلق الله الخلق, وأسكنهم في الأرض, وأدر لهم الأرزاق, ليستعينوا بها على طاعته [وعبادته]، فإذا عمل فيها بضده, كان سعيا فيها بالفساد فيها, وإخرابا لها عما خلقت له.

{ 13 } { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ }
أي: إذا قيل للمنافقين آمنوا كما آمن الناس, أي: كإيمان الصحابة رضي الله عنهم، وهو الإيمان بالقلب واللسان, قالوا بزعمهم الباطل: أنؤمن كما آمن السفهاء؟ يعنون – قبحهم الله – الصحابة رضي الله عنهم, بزعمهم أن سفههم أوجب لهم الإيمان, وترك الأوطان, ومعاداة الكفار، والعقل عندهم يقتضي ضد ذلك, فنسبوهم إلى السفه; وفي ضمنه أنهم هم العقلاء أرباب الحجى والنهى.
فرد الله ذلك عليهم, وأخبر أنهم هم السفهاء على الحقيقة, لأن حقيقة السفه جهل الإنسان بمصالح نفسه, وسعيه فيما يضرها, وهذه الصفة منطبقة عليهم وصادقة عليهم، كما أن العقل والحجا, معرفة الإنسان بمصالح نفسه, والسعي فيما ينفعه, و[في] دفع ما يضره، وهذه الصفة منطبقة على [الصحابة و]المؤمنين وصادقة عليهم، فالعبرة بالأوصاف والبرهان, لا بالدعاوى المجردة, والأقوال الفارغة.

ثم قال تعالى: { 14 – 15 } { وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }
هذا من قولهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، و[ذلك] أنهم إذا اجتمعوا بالمؤمنين, أظهروا أنهم على طريقتهم وأنهم معهم, فإذا خلوا إلى شياطينهم – أي: رؤسائهم وكبرائهم في الشر – قالوا: إنا معكم في الحقيقة, وإنما نحن مستهزءون بالمؤمنين بإظهارنا لهم, أنا على طريقتهم، فهذه حالهم الباطنة والظاهرة, ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.
قال تعالى: { اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } وهذا جزاء لهم, على استهزائهم بعباده، فمن استهزائه بهم أن زين لهم ما كانوا فيه من الشقاء والحالة الخبيثة, حتى ظنوا أنهم مع المؤمنين, لما لم يسلط الله المؤمنين عليهم، ومن استهزائه بهم يوم القيامة, أنه يعطيهم مع المؤمنين نورا ظاهرا, فإذا مشي المؤمنون بنورهم, طفئ نور المنافقين, وبقوا في الظلمة بعد النور متحيرين, فما أعظم اليأس بعد الطمع، { يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ } الآية.
قوله: { وَيَمُدُّهُمْ } أي: يزيدهم { فِي طُغْيَانِهِمْ } أي: فجورهم وكفرهم، { يَعْمَهُونَ } أي: حائرون مترددون, وهذا من استهزائه تعالى بهم.
ثم قال تعالى كاشفا عن حقيقة أحوالهم:

{ 16 } { أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ }
أولئك, أي: المنافقون الموصوفون بتلك الصفات { الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى } أي: رغبوا في الضلالة, رغبة المشتري بالسلعة, التي من رغبته فيها يبذل فيها الأثمان النفيسة. وهذا من أحسن الأمثلة, فإنه جعل الضلالة, التي هي غاية الشر, كالسلعة، وجعل الهدى الذي هو غاية الصلاح بمنزلة الثمن، فبذلوا الهدى رغبة عنه بالضلالة رغبة فيها، فهذه تجارتهم, فبئس التجارة, وبئس الصفقة صفقتهم
وإذا كان من بذل دينارا في مقابلة درهم خاسرا, فكيف من بذل جوهرة وأخذ عنها درهما؟" فكيف من بذل الهدى في مقابلة الضلالة, واختار الشقاء على السعادة, ورغب في سافل الأمور عن عاليها ؟" فما ربحت تجارته, بل خسر فيها أعظم خسارة. { قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }
وقوله: { وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ } تحقيق لضلالهم, وأنهم لم يحصل لهم من الهداية شيء, فهذه أوصافهم القبيحة.
ثم ذكر مثلهم الكاشف لها غاية الكشف، فقال:
{ 17 – 20 } { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ * أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ * يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
أي: مثلهم المطابق لما كانوا عليه كمثل الذي استوقد نارا، أي: كان في ظلمة عظيمة, وحاجة إلى النار شديدة فاستوقدها من غيره, ولم تكن عنده معدة, بل هي خارجة عنه، فلما أضاءت النار ما حوله, ونظر المحل الذي هو فيه, وما فيه من المخاوف وأمنها, وانتفع بتلك النار, وقرت بها عينه, وظن أنه قادر عليها, فبينما هو كذلك, إذ ذهب الله بنوره, فذهب عنه النور, وذهب معه السرور, وبقي في الظلمة العظيمة والنار المحرقة, فذهب ما فيها من الإشراق, وبقي ما فيها من الإحراق، فبقي في ظلمات متعددة: ظلمة الليل, وظلمة السحاب, وظلمة المطر, والظلمة الحاصلة بعد النور, فكيف يكون حال هذا الموصوف؟ فكذلك هؤلاء المنافقون, استوقدوا نار الإيمان من المؤمنين, ولم تكن صفة لهم, فانتفعوا بها وحقنت بذلك دماؤهم, وسلمت أموالهم, وحصل لهم نوع من الأمن في الدنيا، فبينما هم على ذلك إذ هجم عليهم الموت, فسلبهم الانتفاع بذلك النور, وحصل لهم كل هم وغم وعذاب, وحصل لهم ظلمة القبر, وظلمة الكفر, وظلمة النفاق, وظلم المعاصي على اختلاف أنواعها, وبعد ذلك ظلمة النار [وبئس القرار].
فلهذا قال تعالى [عنهم]: { صُمٌّ } أي: عن سماع الخير، { بُكْمٌ } [أي]: عن النطق به، { عُمْيٌ } عن رؤية الحق، { فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ } لأنهم تركوا الحق بعد أن عرفوه, فلا يرجعون إليه، بخلاف من ترك الحق عن جهل وضلال, فإنه لا يعقل, وهو أقرب رجوعا منهم.
ثم قال تعالى: { أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ } يعني: أو مثلهم كصيب، أي: كصاحب صيب من السماء، وهو المطر الذي يصوب, أي: ينزل بكثرة، { فِيهِ ظُلُمَاتٌ } ظلمة الليل, وظلمة السحاب, وظلمات المطر، { وَرَعْدٌ } وهو الصوت الذي يسمع من السحاب، { وَبَرْقٌ } وهو الضوء [اللامع] المشاهد مع السحاب.
{ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ } البرق في تلك الظلمات { مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا } أي: وقفوا.
فهكذا حال المنافقين, إذا سمعوا القرآن وأوامره ونواهيه ووعده ووعيده, جعلوا أصابعهم في آذانهم, وأعرضوا عن أمره ونهيه ووعده ووعيده, فيروعهم وعيده وتزعجهم وعوده، فهم يعرضون عنها غاية ما يمكنهم, ويكرهونها كراهة صاحب الصيب الذي يسمع الرعد, ويجعل أصابعه في أذنيه خشية الموت, فهذا تمكن له السلامة. وأما المنافقون فأنى لهم السلامة, وهو تعالى محيط بهم, قدرة وعلما فلا يفوتونه ولا يعجزونه, بل يحفظ عليهم أعمالهم, ويجازيهم عليها أتم الجزاء.
ولما كانوا مبتلين بالصمم, والبكم, والعمى المعنوي, ومسدودة عليهم طرق الإيمان، قال تعالى: { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ } أي: الحسية, ففيه تحذير لهم وتخويف بالعقوبة الدنيوية, ليحذروا, فيرتدعوا عن بعض شرهم ونفاقهم، { إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فلا يعجزه شيء، ومن قدرته أنه إذا شاء شيئا فعله من غير ممانع ولا معارض.
وفي هذه الآية وما أشبهها, رد على القدرية القائلين بأن أفعالهم غير داخلة في قدرة الله تعالى, لأن أفعالهم من جملة الأشياء الداخلة في قوله: { إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
{ 21 – 22 } { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }
هذا أمر عام لكل الناس, بأمر عام, وهو العبادة الجامعة, لامتثال أوامر الله, واجتناب نواهيه, وتصديق خبره, فأمرهم تعالى بما خلقهم له، قال تعالى: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }
ثم استدل على وجوب عبادته وحده, بأنه ربكم الذي رباكم بأصناف النعم, فخلقكم بعد العدم, وخلق الذين من قبلكم, وأنعم عليكم بالنعم الظاهرة والباطنة, فجعل لكم الأرض فراشا تستقرون عليها, وتنتفعون بالأبنية, والزراعة, والحراثة, والسلوك من محل إلى محل, وغير ذلك من أنواع الانتفاع بها، وجعل السماء بناء لمسكنكم, وأودع فيها من المنافع ما هو من ضروراتكم وحاجاتكم, كالشمس, والقمر, والنجوم.
{ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً } والسماء: [هو] كل ما علا فوقك فهو سماء, ولهذا قال المفسرون: المراد بالسماء هاهنا: السحاب، فأنزل منه تعالى ماء، { فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ } كالحبوب, والثمار, من نخيل, وفواكه, [وزروع] وغيرها { رِزْقًا لَكُمْ } به ترتزقون, وتقوتون وتعيشون وتفكهون.
{ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا } أي: نظراء وأشباها من المخلوقين, فتعبدونهم كما تعبدون الله, وتحبونهم كما تحبون الله, وهم مثلكم, مخلوقون, مرزوقون مدبرون, لا يملكون مثقال ذرة في السماء ولا في الأرض، ولا ينفعونكم ولا يضرون، { وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } أن الله ليس له شريك, ولا نظير, لا في الخلق, والرزق, والتدبير, ولا في العبادة فكيف تعبدون معه آلهة أخرى مع علمكم بذلك؟ هذا من أعجب العجب, وأسفه السفه.
وهذه الآية جمعت بين الأمر بعبادة الله وحده, والنهي عن عبادة ما سواه, وبيان الدليل الباهر على وجوب عبادته, وبطلان عبادة من سواه, وهو [ذكر] توحيد الربوبية, المتضمن لانفراده بالخلق والرزق والتدبير، فإذا كان كل أحد مقرا بأنه ليس له شريك في ذلك, فكذلك فليكن إقراره بأن [الله] لا شريك له في العبادة, وهذا أوضح دليل عقلي على وحدانية الباري، وبطلان الشرك.
وقوله تعالى: { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } يحتمل أن المعنى: أنكم إذا عبدتم الله وحده, اتقيتم بذلك سخطه وعذابه, لأنكم أتيتم بالسبب الدافع لذلك، ويحتمل أن يكون المعنى: أنكم إذا عبدتم الله, صرتم من المتقين الموصوفين بالتقوى, وكلا المعنيين صحيح, وهما متلازمان، فمن أتى بالعبادة كاملة, كان من المتقين، ومن كان من المتقين, حصلت له النجاة من عذاب الله وسخطه. ثم قال تعالى:
{ 23 – 24 } { وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ }
وهذا دليل عقلي على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم, وصحة ما جاء به، فقال: { وإن كنتم } معشر المعاندين للرسول, الرادين دعوته, الزاعمين كذبه في شك واشتباه, مما نزلنا على عبدنا, هل هو حق أو غيره ؟ فهاهنا أمر نصف، فيه الفيصلة بينكم وبينه، وهو أنه بشر مثلكم, ليس بأفصحكم ولا بأعلمكم وأنتم تعرفونه منذ نشأ بينكم, لا يكتب ولا يقرأ، فأتاكم بكتاب زعم أنه من عند الله, وقلتم أنتم أنه تقوَّله وافتراه، فإن كان الأمر كما تقولون, فأتوا بسورة من مثله, واستعينوا بمن تقدرون عليه من أعوانكم وشهدائكم, فإن هذا أمر يسير عليكم، خصوصا وأنتم أهل الفصاحة والخطابة, والعداوة العظيمة للرسول، فإن جئتم بسورة من مثله, فهو كما زعمتم, وإن لم تأتوا بسورة من مثله وعجزتم غاية العجز, ولن تأتوا بسورة من مثله، ولكن هذا التقييم على وجه الإنصاف والتنزل معكم، فهذا آية كبرى, ودليل واضح [جلي] على صدقه وصدق ما جاء به, فيتعين عليكم اتباعه, واتقاء النار التي بلغت في الحرارة العظيمة [والشدة], أن كانت وقودها الناس والحجارة, ليست كنار الدنيا التي إنما تتقد بالحطب, وهذه النار الموصوفة معدة ومهيأة للكافرين بالله ورسله. فاحذروا الكفر برسوله, بعد ما تبين لكم أنه رسول الله.
وهذه الآية ونحوها يسمونها آيات التحدي, وهو تعجيز الخلق أن يأتوا بمثل هذا القرآن، قال تعالى { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا }
وكيف يقدر المخلوق من تراب, أن يكون كلامه ككلام رب الأرباب؟ أم كيف يقدر الناقص الفقير من كل الوجوه, أن يأتي بكلام ككلام الكامل, الذي له الكمال المطلق, والغنى الواسع من كل الوجوه؟ هذا ليس في الإمكان, ولا في قدرة الإنسان، وكل من له أدنى ذوق ومعرفة [بأنواع] الكلام, إذا وزن هذا القرآن العظيم بغيره من كلام البلغاء, ظهر له الفرق العظيم.
وفي قوله: { وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ } إلى آخره, دليل على أن الذي يرجى له الهداية من الضلالة: [هو] الشاك الحائر الذي لم يعرف الحق من الضلال، فهذا إذا بين له الحق فهو حري بالتوفيق إن كان صادقا في طلب الحق.
وأما المعاند الذي يعرف الحق ويتركه, فهذا لا يمكن رجوعه, لأنه ترك الحق بعد ما تبين له, لم يتركه عن جهل, فلا حيلة فيه.
وكذلك الشاك غير الصادق في طلب الحق, بل هو معرض غير مجتهد في طلبه, فهذا في الغالب أنه لا يوفق.
وفي وصف الرسول بالعبودية في هذا المقام العظيم, دليل على أن أعظم أوصافه صلى الله عليه وسلم, قيامه بالعبودية, التي لا يلحقه فيها أحد من الأولين والآخرين.
كما وصفه بالعبودية في مقام الإسراء، فقال: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ } وفي مقام الإنزال، فقال: { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ }
وفي قوله: { أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } ونحوها من الآيات, دليل لمذهب أهل السنة والجماعة, أن الجنة والنار مخلوقتان خلافا للمعتزلة، وفيها أيضا, أن الموحدين وإن ارتكبوا بعض الكبائر لا يخلدون في النار, لأنه قال: { أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } فلو كان [عصاة الموحدين] يخلدون فيها, لم تكن معدة للكافرين وحدهم، خلافا للخوارج والمعتزلة.
وفيها دلالة على أن العذاب مستحق بأسبابه, وهو الكفر, وأنواع المعاصي على اختلافها.
{ 25 } { وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

لما ذكر جزاء الكافرين, ذكر جزاء المؤمنين, أهل الأعمال الصالحات, على طريقته تعالى في القرآن يجمع بين الترغيب والترهيب, ليكون العبد راغبا راهبا, خائفا راجيا فقال: { وَبَشِّرِ } أي: [يا أيها الرسول ومن قام مقامه] { الَّذِينَ آمَنُوا } بقلوبهم { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } بجوارحهم, فصدقوا إيمانهم بأعمالهم الصالحة.
ووصفت أعمال الخير بالصالحات, لأن بها تصلح أحوال العبد, وأمور دينه ودنياه, وحياته الدنيوية والأخروية, ويزول بها عنه فساد الأحوال, فيكون بذلك من الصالحين, الذين يصلحون لمجاورة الرحمن في جنته.
فبشرهم { أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ } أي: بساتين جامعة من الأشجار العجيبة, والثمار الأنيقة, والظل المديد, [والأغصان والأفنان وبذلك] صارت جنة يجتن بها داخلها, وينعم فيها ساكنها.
{ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } أي: أنهار الماء, واللبن, والعسل, والخمر، يفجرونها كيف شاءوا, ويصرفونها أين أرادوا, وتشرب منها تلك الأشجار فتنبت أصناف الثمار.
{ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ } أي: هذا من جنسه, وعلى وصفه, كلها متشابهة في الحسن واللذة، ليس فيها ثمرة خاصة, وليس لهم وقت خال من اللذة, فهم دائما متلذذون بأكلها.
وقوله: { وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا } قيل: متشابها في الاسم, مختلف الطعوم وقيل: متشابها في اللون, مختلفا في الاسم، وقيل: يشبه بعضه بعضا, في الحسن, واللذة, والفكاهة, ولعل هذا الصحيح
ثم لما ذكر مسكنهم, وأقواتهم من الطعام والشراب وفواكههم, ذكر أزواجهم, فوصفهن بأكمل وصف وأوجزه, وأوضحه فقال: { وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ } فلم يقل " مطهرة من العيب الفلاني " ليشمل جميع أنواع التطهير، فهن مطهرات الأخلاق, مطهرات الخلق, مطهرات اللسان, مطهرات الأبصار، فأخلاقهن, أنهن عرب متحببات إلى أزواجهن بالخلق الحسن, وحسن التبعل, والأدب القولي والفعلي, ومطهر خلقهن من الحيض والنفاس والمني, والبول والغائط, والمخاط والبصاق, والرائحة الكريهة، ومطهرات الخلق أيضا, بكمال الجمال, فليس فيهن عيب, ولا دمامة خلق, بل هن خيرات حسان, مطهرات اللسان والطرف، قاصرات طرفهن على أزواجهن, وقاصرات ألسنتهن عن كل كلام قبيح.
ففي هذه الآية الكريمة, ذكر المبشِّر والمبشَّر, والمبشَّرُ به, والسبب الموصل لهذه البشارة، فالمبشِّر: هو الرسول صلى الله عليه وسلم ومن قام مقامه من أمته، والمبشَّر: هم المؤمنون العاملون الصالحات، والمبشَّر به: هي الجنات الموصوفات بتلك الصفات، والسبب الموصل لذلك, هو الإيمان والعمل الصالح، فلا سبيل إلى الوصول إلى هذه البشارة, إلا بهما، وهذا أعظم بشارة حاصلة, على يد أفضل الخلق, بأفضل الأسباب.
وفيه استحباب بشارة المؤمنين, وتنشيطهم على الأعمال بذكر جزائها [وثمراتها], فإنها بذلك تخف وتسهل، وأعظم بشرى حاصلة للإنسان, توفيقه للإيمان والعمل الصالح، فذلك أول البشارة وأصلها، ومن بعده البشرى عند الموت، ومن بعده الوصول إلى هذا النعيم المقيم، نسأل الله أن يجعلنا منهم.
( آية 1-25 )-( آية 26-57 )-( آية 58-78 )-( آية 79-100 )-( آية 101-125 )-( آية 126-150 )-( آية 151-176 )-( آية 177-202 )-( آية 203-225 )-( آية 226-252 )-( آية 253-286 )


❤ тнаиќ џоu ❤


سبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الثاني عشر

جميع احكام التجويد في بوربوينت للصف الثاني عشر

السلام عليكم ورحمة الله وبركآته ..ًٍَِ~
تفضلو في الرابط ^^:
http://www.4shared.com/file/100595570/e017e38f/__online.html

منقوول للفائدة ^^..ًٍَِ~

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكراً جزيييلاً في ميزان حسناتكِ يارب

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المطوعة مشاهدة المشاركة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكراً جزيييلاً في ميزان حسناتكِ يارب

العفو ^^ نورتي …ًٍَِ~

مَرحبَـــــــآ .,

شحَآلكَـــ (ْسوسوهًـ منَورهًـ آلمنتدى بشآركآتج ^^

يزآكيْ آلله آلفَ خير وبآرك آللهَ فيكي ويعلهَ ف ميزآن حسناتَجْ

انْ شاء اللهَ

موفجهًــ

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sosoh مشاهدة المشاركة
مَرحبَـــــــآ .,

شحَآلكَـــ (ْسوسوهًـ منَورهًـ آلمنتدى بشآركآتج ^^

يزآكيْ آلله آلفَ خير وبآرك آللهَ فيكي ويعلهَ ف ميزآن حسناتَجْ

انْ شاء اللهَ

موفجهًــ

هلا ,النور نورج , مشكوورة على المرور ^^ ..ًٍَِ~

آلعفو ~ْ>

لا الـــه الا الله

التصنيفات
الصف الثاني عشر

حل درس المدارس الفقهية ، جاهز ، حلول الصف الثاني عشر

المدارس الفقهية:

علّل : صفحة 90

· بسبب الاجتهاد وتفاوت الفهم.
· المبادرة والسرعة.
· الإجابة مفتوحة ( يعني رأي الطالب الشخصي).
· إقرار النبي عليه الصلاة والسلام.

ناقش: صفحة 91

· حال دون انعقاد الإجماع.
· لا
· لا
· اختلاف الفتوى والآراء الفقهية.
· التابعيين.

التقويم : صفحة 94

السؤال الأول:

· مال أبوبكر رضي الله عنه إلى الفداء بدل القتل ورأى عمر عكسه ، فشخصية عمر رضي الله عنه حازمة وشديدة في الحق أمّا أبو بكر فيميل إلى المسامحة والعفو.
· مثال ذلك الانتصار للمذهب الحنفي فقد وضع أحد الأفراد حديثا لمدح المذهب الحنفي والطعن في المذهب الشافعي ومثال ذلك : الحديث الذي أورده ( سيكون في أمتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي ) والحديث الثاني ( سيكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس ( يقصد به الإمام الشافعي ) فتنته أضر على أمتي من إبليس )

السؤال الثاني:

المدرسة
أسباب النشوء
المميزات

مدرسة المدينة

وفاة النبي عليه الصلاة والسلام

اعتمادها على الحديث النبوي وقلّة التفريعات والرأي

مدرسة العراق

نتيجة لهجرة الصحابة إلى العراق وانتقال الخلافة إليها بعد المدينة

اعتمادها على الرأي والقياس والفقه الافتراضي

منقول

بالتوفيق

دعواتكم


مششششششششششششششششششششششكوووورييييييييييييييييييييي يييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي يييييييييييييييييين

Thanks

أستــــغفر الله العظيم

التصنيفات
الصف الثاني عشر

حل الدرس السابع الفصل الثالث لماده التربيه الاسلاميه للصف الثاني عشر

حل الدرس السابع الفصل الثالث لماده التربيه الاسلاميه

الدرس السابع محمد إقبال (رحمه الله تعالى )
ص ( 145 ) أحلل:
الاتصال بحضارة الغرب ودراستها 2- الاستفادة من العلوم التي نشأت في بلاد الغرب
3-إظهار عظمة الإسلام وأنه دين العلم في كل زمان ومكان.
ص( 146- 147 )
أستنبط :1- إقباله على حفظ وتلاوة القران الكريم باستمرار منذ الصغر.
2- التبحر في فهم معاني آيات القرآن وأسراره .
3-حبه الكبير للرسول صلى الله عليه وسلم بزيارته للمدينة المنورة.
أنقد: هذه الصورة المثالية لا تنطبق على مسلمي اليوم إلا ما رحم الله وهم قلة نادرة.
ص ( 148 ) : أبين:
وصف الوجود الإسلامي : 1- هذا الوجود باقي في الكون ما بقي الزمان إلى قيام الساعة.
أثر وجود المسلم في كل مكان من هذه الأرض.
العوامل المؤثرة: 1- أخلاق المسلم والتزامه بدينه. 2-نشاط واجتهاد المؤمن ودعائه المخلص لله تعالى.
ص ( 149 ) أحلل واستنتج: أطراف المعادلة:
الدعوة إلى قيام وحدة إسلامية كبرى منبعها بيت الله الحرام.
دعوة المسلمين إلى العودة إلى منابع دينهم الأصلية والاعتزاز بنبيهم وتاريخهم.
الدعوة إلى صحوة إسلامية قائمة على النظرة الشمولية إلى الدين.
ص( 151 ):1- أستنبط: إدراك حقيقة الأمور المحيطة. 2- أن يفيض على المجتمع الحياة والحماس .
3-المساهمة بإثراء وتنمية المجتمع ورقيه وتقدمه
ص(152) أستنتج : أن الإنسان مخلوق كرمه الله تعالى ورفعه إلى أعلى المراتب وأنعم عليه بقدرات عظيمة تفوق كل المخلوقات الأخرى وحمله أمانة عظيمة وعهد إليه بإعمار الأرض فلا بد له أن يرقى لهذه المهمة الجليلة دونما تكاسل عنها.
أنشطة الطالب
ص( 154 ) السؤال الأول:
تتمثل المهمة في :إعادة التفكير في مجمل النظام الإسلامي دون أن ينقطع عن الماضي .
ويتمثل الشرط في : تناول العلوم الحديثة تناولاً نقديا والتعامل معها باحترام.
السؤال الثاني: حرصه على الاطلاع على العلوم العالمية الغربية والاستفادة مما فيها وإظهار الشخصية الإسلامية المتزنة المتمسكة بدينها
السؤال الثالث: تكوين عالم إسلامي فاضل مركزه البيت الحرام الذي يجمع الناس حوله.
وحذر من أن تفرقهم الحدود والأجناس بل يجب أن توحدهم العقيدة والأخوة الإسلامية.
السؤال الرابع:1- حياة عامرة بحب الرسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في جميع أفعاله وأقواله.
التواضع والرحمة في كل الأحوال ومع كل الناس.
نشر الخير والتفاؤل بين الناس.

يرجي التحميل من المرفقات

المصدر:-مدونة الشارقه

الملفات المرفقة

الحــــــــــــــــــــــمد لله

التصنيفات
الصف الثاني عشر

بحث كامل عن اداب الحوار للصف الثاني عشر

آڷمـٌقدمـٌهُ :
إن الأخذ بآداب الحوار يجعل للحوار قيمته العلمية ، وانعدامها يقلل من الفائدة المرجوة منه للمتحاورين . إن بعض الحوارات تنتهي قبل أن تبدأ ، وذلك لعدم التزام المتحاورين بآداب الحوار . والحوار الجيد لابد أن تكون له آداب عامة ، تكون مؤشرا لايجابية هذا الحوار أو سلبيته ، وإن لم تتوافر فيه فلا داعي للدخول فيه ، وهذه الآداب تكون ملازمة للحوار نفسه ، فانعدامها يجعل الحوار عديم الفائدة . وعند الحوار ينبغي أن تكون هناك آداب لضمان استمرارية الحوار كي لا ينحرف عن الهدف الذي من أجله كان الحوار ، وحتى بعد انتهاء الحوار لابد من توافر آداب من أجل ضمان تنفيذ النتائج التي كانت ثمرة الحوار ، فكم من حوار كان ناجحا ولكن لعدم الالتزام بالآداب التي تكون بعد الحوار كانت النتائج سلبية على المتحاورين .
لذا ستركز هذه المقالة على ثلاثة أقسام:
آداب عامة للحوار.
آداب خلال الحوار.
آداب بعد الحوار.

آڷمـٌۈضۈعَ :

آداب عامة للحوار:
يحتاج الحوار الى آداب عامة ينبغي للمتحاورين أن يلتزمو بها ، لأن الحوار سينهار من قبل أن يبدأ في حالة عدم الأخذ بهذه الآداب العامة ، وهذه الآداب تجعل الحوار مثمرا بإذن الله عز وجل ، وتكون كالمؤشر لايجابية هذا الحوار أو سلبيته ، وهذه الآداب هي من الأخلاق والأسس التي ينبغي أن تتوافر في كل مسلم وليس فقط في المتحاورين . وهذه الآداب العامة للحوار.

1- اخلاص المحاور النية لله تعالى:اخلاص النية لله عز وجل ، وابتغاء وجهه الكريم قبل الدخول في الحوار تجعل أطراف الحوار يحرصون على تحقيق أكبر فائدة منه .

2- توفر العلم في المحاور:قبل أن يدخل المحاور في الحوار لا بد أن يكون لديه العلم بموضوع المحاورة، حتى في الحوار التعليمي، فأحد الطرفين لديه العلم الكافي لدخوله في المحاورة .
3- صدق المحاور:إن توافر هذا الأدب في المتحاورين له قيمته الكبيرة في نجاح المحاور فوجود ضد هذه الصفة وهي الكذب يفقد طرفي المحاورة أمانتهم ويتطرق الشك في صدقهم .
4- الصبر والحلم:إن البعض يضيق صدره بسرعة في المحاورة حتى وإن كان الطرف الآخر لا يخالفه في الرأي ، وهذا أمر خطير لأنه لا يتمكن من شرح أو توضيح وجهة نظره، فضلا على أنه لن يستطيع الدفاع عنها عند المخالفة ، ولذا يجب أن يتصف المحاور بالصبر والحلم قبل دخوله في المحاورة.
والصبر في الحوار أنواع منها:
– الصبر على الحوار ومواصلته.
– الصبر على الخصم سيئ الخلق.
– الصبر عند سخرية الخصم واستهزائه.
– الصبر على شهوة النفس في الانتصار على الخصم.
– الصبر على النفس وضبطها.
5- الرحمة:إن من الصفات التي يتصف بها المحاور المسلم هي الرحمة ، وهي رقة القلب وعطفه، والرحمة في الحوار لها أهمية فالمحاور حين يتصف بها تجد فيه إشفاقا على من يتحاور معه وميلا إلى إقناعه بالحسنى فهو لا يعد على خصمه الأخطاء للتشفي منه.
6- الاحترام:
إن إختلاف وجهات النظر مهما بلغت بين المتحاورين فإن ذلك لا يمنعهم من الاحترام والتقدير ، إن الاحترام المتبادل يجعل الأطراف المتحاورة تتقبل الحق وتأخذ به
– 7-التواضع:
الانصاف والعدل لهما معنى واحد في هذا الأدب ، وأكثر المحاورات تفقد قيمتها عند إنعدام هذا الأدب ، فبعض المتحاورين يغفلون عن هذا الأمر ؛ بما يجعلهم لا يصلون الى ما يرجون من نتائج.

آداب خلال الحوار:
يبدأ الحوار في العادة دون مقدمات ، فتوافر آداب الحوار العامة في المتحاورين قد لا يضمن لهم نجاح الحوار ، فالحوار عندما يبدأ قد ينتهي إذا لم تكن هناك آداب يلتزم بها المتحاورون عند حواراتهم، ومن هذه الآداب:
1- الاتفاق على أصول ثابته يمكن الرجوع إليها:
قبل بداية الحوار على المتحاورين أن يتفقوا على أصل بينهم يمكن الرجوع إليه عند الاختلاف .
2- ضبط النفس:خلال المحاورة ولطبيعة الموضوع المتحاور فيه ، قد يحدث أن يضعف طرف رأي الطرف الآخر ، ويقوم بتخطئته .
3- البدء بنقاط الاتفاق وتأجيل نقاط الاختلاف مع تحديدها:
عند تحديد المتحاورين لنقاط الإلتقاء فإنهم بذلك قد وضعوا قاعدة مشتركة فيما بينهم تدفع الحوار للأمام .
4- تحديد المصطلحات بدقة: إن الحوار قد يحدث حول قضايا فيها بعض المصطلحات التي تحتاج الى تحديد وتوضيح، خاصة إذا كان استعمال المصطلح يدل على عدد من المعاني .
5- الأمانة العلمية في توثيق المعلومات:
خلال المحاورة يسعى طرفا الحوار لتأييد رأيه بالأدلة والأقوال، وهنا تظهر الأمانة العلمية لكل طرف ، فكل دليل يذكر في المحاورة يجب توثيقه وكل قول لا بد أن ينسب لصاحبه.
6- الالتزام بالأدلة : من حق كل متحاور أن يطلب من الطرف الآخر الدليل الذي يؤيد رأيه .
7- التدرج في الحوار : المحاور الذي يعرف ما يريد تجده في محاورته يتدرج في نقاط ، وحتى يصل إلى حقيقة يسعى إليها ، وتكون مقنعة ومفحمة لمن يحاوره.
8- التزام القول الحسن :
إن المحاور المنصف هو الذي يلتزم بالقول الحسن خلال محاوراته ، كما عليه أن يبتعد عن أسلوب الطعن والتجريح والهزء والسخرية ، وألوان الاحتقار والإثارة والاستفزاز .

9- حسن الاستماع وتجنب المقاطعة : يعد هذا الأدب من أكثر آداب الحوار أهمية ، لأنه يلحظ أن بعض الحوارات في هذه الأيام تخلو من هذا الأدب ، ويحق للمحاور أن ينهي الحوار إن لم يستمع له الطرف الآخر .
10- التركيز على الرأي لا على صاحبه : في الحوار تكون هناك قضية معينة يحاول طرفا الحوار إثبات صحتها ، أو أن أحد الطرفين يحاول تعريف الآخر بمعلومة معينة .
11- عدم السخرية من الخصم :يلجأ بعض المتحاورين إلى السخرية من الطرف الآخر ؛ بغية إحراجه ، وبيان ضعفة ، إن السخرية بالطرف الاخر ستجعله يخرج من طوره .
12- الإلتزام بوقت محدد:يدخل بعض المتحاورين في المحاورة وهو يرغب في أن يستأثر بالكلام وحده ، وهذا خطأ لأن في ذلك تضييعا للوقت ، وظلما للطرف الآخر .
آداب بعد الحوار:
بعد الإنتهاء من الحوار فهناك آداب ينبغي الأخذ بها لضمان الاستفادة من الحوار الذي حصل ، وهذه الآداب إن لم يؤخذ بها فإن الحوار قد انتهى بغير فائدة ، ومن هذه الآداب :

1- الرجوع إلى الحق والإعتراف بالخطأ:خلال الحوار أو في نهايته قد تتضح لأطراف الحوار بعض الحقائق والأمور الواضحة التي يتحتم على الطرف المخالف الرجوع إلى الحق عندها .
2- احترام الرأي المخالف :
يرى بعض الناس أن رأيه صواب لا يحتمل الخطأ وأن غيره لا يمكن أن يكون على صواب وهذا الأمر غير صحيح .
3- اجتناب الاعجاب بالنفس : بعد انتهاء المحاورة وخروج أحد الطرفين منتصرا فيها بقوة حجته وقدرته على اقناع خصمه فإن الشعور بالسعادة لهذه النتيجة أمر طبيعي .
4- تجنب الحسد : بعد انتهاء المحاورة قد يتأثر أحد أطراف الحوار بالطرف الآخر إما لقوة حجته أو لحسن عرضه أو لبلاغته أو لسعة علمه أو لغير ذلك من الأمور ، وهذا التأثر له احدى حالتين :
– الحسد ( وهو أن تكره تلك النعمة وتحب زوالها )
– الغبطة ( وهي أن لا تحب زوالها ولا تكره وجودها ودوامها ولكن تشتهي لنفسك مثلها ) وقد يطلق عليها المنافسة .
وفي الحوار قد يحدث نوع من التنافس ويرغب كل منهما في اظهار رأيه وبيان صحته وهذا غير الحسد .
5- عدم الغل والحقد :
ينتهي الحوار أحيانا بظهور أحد طرفي الحوار على الآخر وهذا الأمر طبيعي يعود إما إلى قوة حجته أو سلامة أسلوبه أو غير ذلك ، والمتوقع استفادة الطرف الثاني من هذا غير أن بعضهم قد ينتهي به الأمر إلى الحقد و الغل .
وقد يبدأ الحقد خلال الحوار ، فتجد المحاور لا يأخذ بكلام الطرف الآخر ويزداد الأمر سوءا إذا ظهر الطرف الآخر عليه فإنه بذلك يتربى الحقد في نفسه . والغل والحقد بعد انتهاء الحوار يهلك صاحبه فهو يغلي في داخل نفسه رغبه منه في الانتقام ، وهذا أمر يؤدي به إلى خطر عظيم فهو بهذا الأسلوب سيهلك نفسه ، وعلى المسلم توطين نفسه بتقبل الأمور فإن انتهى الحوار بعدم ظهوره فعليه تقبل الأمر ، والاستفادة من نتائج الحوار .
6- الابتعاد عن الغيبة :بعد انتهاء المحاورة ولم يقتنع أحد طرفي الحوار بوجهة نظر الآخر ، فإنك قد تجد أحدهما في هذه الحالة يلجأ إلى غيبة أخيه ويتكلم فيه في المجالس وهذا من الأمور المحرمة

آڷـפֿـآٺمـٌهُ :

اتمنى ان تكون فكرتي فالتقرير واضحه للقارئ واتمنى ان ينال اعجاب القارئ وان يستفيد منه

آڷٺۈصېآٺ ۈ آڷمـٌقٺرכـآٺ :

الحوار . آدابة وتطبيقاته في التربية الإسلامية .
خالد محمد الغماسي .
مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني .

والثموووووووووووووووووحه منكم

يسلموووو خيتوو

تسلمين

تسلمين الغاليه عالبحث..

مشكوره يالغلا

شكراااااااااااااااااااااااااااااااااااا

مشكووووورة ع البحث

وفي ميزان حسناتج ان شاء الله

تسلمووون

يعطيج العافيه خيتيه

شكرا لج ؛؛

الحــــــــــــــــــــــمد لله

التصنيفات
الصف الثاني عشر

ورقة عمل لدرس تزكية النفس الى مقام الاحسان للصف الثاني عشر

بغيت ورقة عمل لدرس تزكية النفس الى مقام الاحسان
ضروووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووري

الملفات المرفقة

أنا بعد ابغيه

وانا بعد اريد

انا بعد ابغيييييييييييييه ضروري ياناس

بليييييييييييييييييييز..><"

:(:(:(

وانا بعد ابغيييييه

دخيييييلكم ضرووووري

انا بعدارييييييييييييييييييييييييييييد

وأنا جبت لكم ورقة العمل ادعولي عاد بارك الله فيكم
وبالتوووفيق

يعطيج العافيه

الله يعافيج حبيبتي

أستغفرك يا رب من كل ذنب

التصنيفات
الصف الثاني عشر

سلامي عليكم للصف الثاني عشر

هلا اعلومكم؟عساكم طيبي

المهم

اذا ما عليكم امر

بغيت شرح قصيدة
طين للساعر

ايليا ابو ماضي

والسموحة منكم

بعدنا ما خذناها

صلى الله على محمد

التصنيفات
الصف الثاني عشر

تقرير عن أسلوب الشرط غير الجازمة بحيث تكون مقدمة والموضوع والخاتمة الصف الثاني عشر

أريد تقرير عن أسلوب الشرط غير الجازمة بحيث تكون مقدمة والموضوع والخاتمة

أريد تقرير عن أسلوب الشرط غير الجازمة بحيث تكون مع المقدمة والموضوع والخاتمة

أريد تقرير عن أسلوب الشرط غير الجازمة بحيث تكون مع المقدمة والموضوع والخاتمة

أريد تقرير عن أسلوب الشرط غير الجازمة مع المقدمة والموضوع والخاتمة والمصادر

أريد تقرير عن اسلوب الشرط غير الجازمة مع المقدمة والموضوع والخاتمة والمصادر

اللعم اعز الاسلام و المسلمين

التصنيفات
الصف الثاني عشر

ابي حل صفحة 51 من درس التطور العلمي والتقني للصف الثاني عشر

تكرم عينكم

أخوي هذا إنت لازم تبدع فيه ويا أصحابك تسوون ندوه عن التطور العلمي والتقني

بسيط ,, ما يباله غير إنك تزهب معلومات وافتتاح شائق وتخلي المشاهدين يتفاعلون معك ^^

السلام عليكم اشحالكم ربكم ابخير لو سمحتوا ابغي تقرير عن محمد درويش او ابراهيم محمد الله يخليكم ابليز ساعدوني الله لايحرمكم من شيء

أختي بنت الصباح طلبج تحصلينه في هالرابط

http://www.uae.ii5ii.com/showthread.php?p=247200

ابغي تقرير عن التطور العلمي والتقني عربي ص 51

لا الـــه الا الله

التصنيفات
الصف الثاني عشر

موضوع خاص دخلوه الصف الثاني عشر

فديتكم يالاعضاء بغيت تقرير عن واحد من هالمواضيع ويكون فيه مقدمه وموضوع وخاتمه ومصادر
محمد البساطي
محمود درويش
الحديث الاذاعي
لطيفه النجار
ملاحظه مهمة: بنات مدرسة المبادئ لحد يشله ولا بيكون حسابي عسير معاها
الي ينزل هني ما تاخذونه يا بنات المبادئ اوكي

مشكوووووووووووووره فديتج الله لايحرمني منج ومن مساعداتج الحلوه وانشالله دووووووووووووووم تتوفقين بحياتج يالغاليه

بنات مدرسة المبادئ لو سمحتو لا تاخذونه تراني خذيته وبسلمه ولا تقولون بعدين ماقلت اوووووووووكي

سبحــــــــــــــــــــان الله و بحمده