التصنيفات
الصف الحادي عشر

بغيت بوربوينت عن التفسير الفقهي.. -تعليم الامارات

بغيت بوربوينت عن التفسير الفقهي..اذا امكن

وبسرعة

وييينكم ابغي ضرووووووووووري

وييييييييييينكم

سبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف العاشر

أريد تقرير عن التفسير بالراي والعلم الحديث. -تعليم اماراتي

أريد التقرير بليز ….

التقرير بليز………….

وين التقرير أمانه أباة ضروري

ليش تسووووووووووووووووووون طااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااف

انا اسف تكتبوا عن الرسول كلام ولا واحد سمعه (في تقرير الرسول زوجا) والمصادر غير صحيحة(اسم الكتاب ) على اسم المصدر

لا أنااااااااااااااااااااا أبى التفسير بالراي والعلم الحديث

يغلق لعدم تلبية الطلب

أستغفرك يا رب من كل ذنب

التصنيفات
الصف الحادي عشر

التفسير الفقهي -تعليم الامارات

بسم الله الرحمن الرحيم

التفسير الفقهي: النشأة والخصائص

المقدمة:
يعتبر المقصد التشريعي في القرآن الكريم من أهم المقاصد التي نزل من أجلها،و هو أمر أجمعت عليه الأمة فاتخذت من القرآن الكريم المصدر الأول للتشريع فكان قطب الرحى الذي تدور عليه أحكام الشريعة و ينبوع ينابيعها و المأخذ الذي اشتقت منه أصولها و فروعها.وهذا المعنى تؤكده نصوص قرآنية و حديثية كثيرة.
العرض:
فمن ذلك قوله تعالى :" و نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء" قال مجاهد في معنى كل شيء :كل حلال وكل حرام .وقد قال الشافعي :"فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سيبل الهدى فيها قال الله تبارك وتعالى:"كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد" ولقد عد القرطبي من وجوه الإعجاز " ما تضمنه القرآن من العلم الذي هو قوام جميع الأنام في الحلال والحرام وفي سائر الأحكام" .
و من ذلك قوله تعالى:"إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم" يقول الشاطبي:"أي الطريقة المستقيمة و لو لم يكمل فيه جميع معانيها (أي معاني الشريعة ) لما صح إطلاق هذا المعنى عليه حقيقة و أشباه ذلك من الآيات الدالة على أنه هدى و شفاء لما في الصدور ،و لا يكون شفاء لجميع ما في الصدور الا وفيه تبيان كل شئ "
ومن الأحاديث التي استدل بها الشاطبي في هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم :" يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله " و بين وجه الاستدلال بالحديث بقوله: "وما ذاك إلا أنه أعلم بأحكام الله فالعالم بالقرآن عالم بجملة الشريعة" .
ومما يؤكد أهمية القرآن الكريم من الناحية التشريعية ما يسميه الشاطبي"التجرية" انطلاقا من واقع تعامل العلماء المسلمين مع القرآن الكريم :"وهو أنه لا أحد من العلماء لجأ إلى القرآن في مسألة إلا وجد لها فيه أصلا وعلى رأس هؤلاء أهل الظاهر ولم يثبت عنهم أنهم عجزوا عن الدليل في مسألة من المسائل وقال ابن حزم الظاهري كل أبواب الفقه ليس منها باب إلا وله أصل في الكتاب والسنة"
هذا الجانب التشريعي من القرآن الكريم هو الذي اهتم به علماء التفسير في ما يعرف بالتفسير الفقهي أو تفاسير الأحكام.
التفسير الفقهي و تنوع أحكام القرآن:
التفسير الفقهي مركب من التفسير والفقه ، أما التفسير فمن أجمع ما قيل في تعريفه أنه "علم يفهم به كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه" وأما الفقه فأجمع تعريف له أنه" العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية" وعليه فالتفسير الفقهي هو تفسير ماله صلة بالأحكام الشرعية العملية في القرآن الكريم وهو ما يسمى تارة آيات الأحكام و تارة فقه الكتاب .
أما أحكام القرآن فتنقسم إلى أنواع ثلاثة تمثل الأحكام الفقهية أو العملية نوعا واحدا منها، أما الأنواع الثلاثة فهي على التفصيل:
أولا : الأحكام الاعتقادية التي تتعلق بما يجب على المكلف اعتقاده في الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وهو ما يدرس ضمن مباحث العقيدة .
ثانيا : الأحكام الخلقية التي تتعلق بما يجب على المكلف أن يتحلى به من الفضائل ويتخلى عنه من الرذائل . وهو ما يتعلق بالجوانب التربوية من القرآن الكريم.
ثالثا: الأحكام العملية وهي التي تتعلق بما يصدر عن المكلف من أقوال و أفعال وعقود وتصرفات . وهدا النوع هو فقه القرآن وهو الذي اهتم به المفسرون ضمن ما عرف بالتفسير الفقهي وهو يتضمن نوعين أساسيين :
1. أحكام العبادات : من صلاة وصيام وزكاة وحج ونذر ويمين ونحو دلك من العبادات التي يقصد بها تنظيم العلاقة بين الإنسان وربه .
2. أحكام المعاملات : من عقود وتصرفات وعقوبات وجنايات وغيرها مما يقصد به تنظيم علاقات الناس بعضهم ببعض سواء كانوا أفرادا أم جماعات .
وإذا كانت هذه الأمور من المسلمات فإن أنصار الاتجاه العلماني يبذلون جهدا استثنائيا لنفي المقصد التشريعي في القرآن إما كليا أو جزئيا ليفصل بين القرآن والحياة فلا يعطي للقرآن أكثر من أثر أخلاقي ، ومن ذلك ما يقوله أحدهم و هو يلخص دراسته للجانب التشريعي في القرآن الكريم:"إذا نظرنا إلى الحصيلة النهائية لدارستنا للأحكام القرآنية …فإن الاستنتاج الأول الذي يبرز بكل وضوح هو أن القرآن لم يشرع بالأساس للمعاملات بين الناس" وهو هنا ينفي جانب المعاملات ككل فلا يجعل التشريع للمعاملات مقصدا من مقاصد القرآن الكريم ،وفي موضع آخر يخص من ذلك الجانب السياسي فينفي وجود أي تصور سياسي في القرآن يقول :"كل هذا يدل على أن القرآن الكريم لم يأت بأي تصور سياسي … كما أن مراجعة الكتاب العزيز وخاصة آيات الأحكام منه تدل على أن القرآن الكريم لم يعتن عموما بالتنظيم السياسي" أما التبرير الذي يقدمه لما يظنه نتيجة علمية فيلخصه في قوله :"ذلك أن الإسلام والقرآن الكريم دعوة إلى قيم روحانية" وهكذا يتحول الإسلام والقرآن في نظره إلى قيم روحانية خالية من الجانب التشريعي الملزم .مما لا يمكن معه الحديث عن الشريعة الإسلامية لتحل محلها القوانين الوضعية ما دام الجانب التشريعي على حد زعمه ليس مقصدا من مقاصد القرآن!!
ومما يكشف إصرار أمثال هؤلاء على آرائهم المسبقة أن هذا الباحث اعتمد في مصادره على كتاب فجر الإسلام لأحمد أمين لكنه في هذه النقطة خالفه ، لأنه لا يدعم توجهه العلماني .أما أحمد أمين فيؤكد ما قرره العلماء من اشتمال أحكام القرآن على كل مجالات النشاط الإنساني بقوله:"تعرض القرآن في آيات الأحكام إلى جميع ما يصدر عن الإنسان من أعمال :إلى العبادات من صلاة وصوم وزكاة وحج ، إلى الأمور المدنية كبيع وإجارة وربا، إلى الأمور الجنائية من قتل وسرقة وزنا وقطع طريق ، إلى نظام الأسرة من زواج وطلاق وميراث ،إلى الشؤون الدولية كالقتال وعلاقة المسلمين بالمحاربين وما بينهم من عهود وغنائم الحرب". والذي ذكره أحمد أمين هنا هو عين ما يجحده كثير من العلمانيين فقد جهلوا أو تجاهلوا أن القرآن تعرض لكل ما يصدر عن الإنسان من أعمال .
التفسير الفقهي بين الأثر و الرأي:
يميز العلماء عادة بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي وهو تمييز يقوم على التقريب والتغليب ذلك أنه عند التحقيق لا تكاد تجد تفسيرا قام على الأثر وحده ولا تجد تفسيرا قام على الرأي وحده. و التفسير الفقهي ليس استثناء من هذه القاعدة وإن كان إلى الرأي أقرب لما فيه من إعمال للعقل وبذل للجهد لاستنباط الدلالات البعيدة والقريبة للآية على الحكم. ولعل مما يستدل به في هذا الباب استثناء ابن عطية التفسير الفقهي من التفسير بالرأي الذي ورد النهي عنه في حديث جندب ابن عبد الله البجلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ " قال ابن عطية :" و ليس يدخل في هذا الحديث أن يفسر اللغويون لغته والنحاة نحوه و الفقهاء معانيه و يقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم و نظر فإن القائل على هذه الصفة ليس قائلا بمجرد رأيه." واستثناء تفسيرالفقهاء و اللغويين والنحاة إنما كان منه لأنه يعد كل ذلك من التفسير بالرأي إلا أن التحذير الوارد في الحديث لا يشمله لأنه رأي مبني على قوانين علم ونظر.
ولقد عد محمد الطاهر ابن عاشور مشروعية التفسير الفقهي دليلا على جواز التفسير بغير المأثور قال :"وهل استنباط الأحكام التشريعية من القرآن خلال القرون الثلاثة الأولى من قرون الإسلام الا من قبيل التفسير لآيات القرآن بما لم يسبق تفسيرها قبل ذلك"
وإذا كان التفسير الفقهي من التفسير بالرأي فهناك من عده لأجل ذلك من الاجتهاد في الشريعة الإسلامية يقول :" التفسير الفقهي كما نراه يعد لونا من ألوان الاجتهاد في الشريعة الإسلامية يهدف إلى تفهم النصوص ومعرفة مراميها ودلا لتها على الأحكام في كافة حالاتها وفق قواعد وضوابط تحفظ المجتهد من الخطأ."
التفسير الفقهي من تفاسير الاختصاص:
يعد التفسير الفقهي من بين ما يمكن تسميته بتفاسير الاختصاص ، وهو التحول الذي عرفه علم التفسير بالانتقال من الإحاطة والشمول إلى الاختصاص ولقد انعكس ذلك على العناوين التي عرفت بها هذه التفاسير .وهكذا وجدت كتب معاني القرآن و إعراب القرآن وغريب القرآن وأحكام القرآن… وهي كتب اختص كل واحد منها بجانب من جوانب القرآن في مقابل الكتب الجامعة مثل جامع البيان للطبري ونحوه. و هذا التطور يشير إليه السيوطي و هو يتحدث عن اهتمام كل ذي علم من العلوم الإسلامية بالتفسير و سعيه إلى إيجاد الحجة من القرآن الكريم لما يذهب إليه يقول :"ثم صنف بعد ذلك قوم برعوا في علوم فكان كل منهم يقتصر في تفسيره على الفن الذي يغلب عليه: فالنحوي ليس له هم إلا الإعراب و تكثير الأوجه المحتملة فيه و نقل قواعد النحو ومسائله و فروعه وخلافياته كالزجاج و الواحدي في البسيط و أبى حيان في البحر و النهر. و الإخباري ليس له شغل إلا القصص و استيفاؤها و الإخبار عمن سلف، سواء كانت صحيحة أو باطلة كالثعلبي. والفقيه يكاد يسرد فيه الفقه من باب الطهارة إلى أمهات الأولاد ،وربما استطرد إلى إقامة أدلة الفروع الفقهية التي لا تعلق لها بالآية، والجواب على أدلة المخالفين كالقرطبي " ومع ما يلاحظ على قول السيوطي من مبالغة إلا أنه يبقى مع ذلك محددا لخاصية من خصائص التفسير الفقهي وهي تناول القرآن الكريم من زاوية فقهية محضة على غرار تناول علماء آخرين القرآن من زاوية اختصاصاتهم العلمية ضمن ما أسميناه تفاسير الاختصاص.
الاختلاف في عدد آيات الأحكام
يختص التفسير الفقهي كما تقدم بآيات الأحكام وقد اختلف العلماء في تحديد عددها ، وتأتي إشارتهم لهذا الموضوع عند الحديث عن شروط المجتهد ومن ذلك ما قاله الغزالي في المستصفى :"لا يشترط معرفة جميع الكتاب بل ما تتعلق به الأحكام منه وهو مقدار خمسمائة آية" وتابع الغزالي في هذا العدد الرازي وابن العربي .
في حين ذكر غيرهم أنها لا تتعدى المائة والخمسين أو المائتين ومن أولئك صديق بن حسن القنوجي الذي يقول :" وقد قيل إنها خمسمائة آية وما صح ذلك و إنما هي مائتا آية أو قريب من ذلك وإن عدلنا عنه وجعلنا الآية كل جملة مفيدة يصح عن أن تسمى كلاما في عرف النحاة كانت أكثر من خمسمائة آية "
وممن تعرض لعدد آيات الأحكام وحددها في مائتين أحمد أمين الذي يسميها الآيات القانونية فيقول :"هذه الآيات القانونية أو كما يسميها الفقهاء آيات الأحكام ليست كثيرة في القرآن ، ففي القرآن نحو ستة آلاف آية ليس منها مما يتعلق بالأحكام إلا نحو مائتين وحتى بعض ما عده الفقهاء آيات أحكام لا يظهر أنها كذلك "
وفي مقابل الاتجاه إلى تحديد عدد آيات الأحكام إتجه فريق آخر من العلماء إلى عدم حصرها بعدد محدد ومن هؤلاء الشوكاني الذي يقول :" ودعوى الانحصار في هذا المقدار إنما هي باعتبار الظاهر للقطع بأن في الكتاب العزيز من الآيات التي تستخرج منها الأحكام الشرعية لأضعاف أضعاف ذلك بل من له فهم صحيح وتدبر كامل يستخرج الأحكام من الآيات الواردة لمجرى القصص والأمثال ، قيل ولعلهم قصدوا بذلك الآيات الدالة على الأحكام دلالة أولية بالذات، لا بطريق التضمن والالتزام"
ويؤكد نفس المعنى العز بن عبد السلام بقوله إن معظم آي القرآن لا تخلو من أحكام مشتملة على آداب حسنة و أخلاق جليلة وان الله جلت قدرته إنما ضرب الأمثال تذكيرا ووعظا فما اشتمل منها على تفاوت في ثواب أو على إحباط عمل ،أو على مدح أو ذم أو نحو ذلك فإنه يدل على الأحكام.
هذا ولعل السبب في الاختلاف في تعداد آيات الأحكام يرجع إلى نقطتين رئيسيتين :
الأولى :ما هو المراد بالحكم الفقهي ؟ إن كان المراد به كل شيء مأمور به أو منهي عنه يقرب من الله أو يبعد عنه فان عدد آيات الأحكام يكون كثيرا جدا مثلا قوله تعالى :"ولا تلبسوا الحق بالباطل " فمن نظر إلى التعميم في الحكم بأن جعله يشمل كل المأمورات وكل المنهيات جعل هذه الآية من آيات الأحكام . و بهذا المقياس تعتبر آيات القصص والأمثال وما يتعلق بالنفس الإنسانية وغيرها من آيات الأحكام .أما إذا استثني ما عدا ما هو صريح باشتماله على أحكام فقهية خالصة فإن عددا مهما من الآيات لا يلتفت إليها في التفسير الفقهي . فتضيق دائرة آيات الأحكام .
الثانية :اختلاف العصور وتعاقب المذاهب والنظرات المختلفة للفقه وللأصول وللأحكام جعل الأنظار تختلف والمقاييس تتعدد ، حيث إن كثيرا من الآيات التي يظن أنها مجرد قصة ربما أخذها فقيه وجعلها من آيات الأحكام . وذلك مثلا قوله تعالى في قصة شعيب مع موسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام :" قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج ،فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين " استدل بها الفقيه على أن المهر يمكن أن يكون منفعة .
والذي أراه راجحا في هذه المسألة قول من قال بعدم حصر آيات الأحكام بعدد معين ما دام الأمر يرجع إلى ملكة العالم وطاقته وقدرته على الاستنباط،في ارتباط مع متطلبات كل عصر وما يجد فيه من القضايا والنوازل.
وهذه المسألة وإن بدت ثانوية فإن لها أهمية خاصة ، ويتأكد ذلك كلما استحضرنا من يحاول جاهدا نفي المقصد التشريعي من القرآن الكريم معتمدا في ذلك على عدد آيات الأحكام. التي يتجه إلى التقليل منها مستعينا بكل ما يخدم غرضه ومقصده مثل توظيف الناسخ والمنسوخ لتقليل العدد ما أمكن ! وهكذا وجدنا أحدهم يقول مثلا:"يجب اعتبار منظومة الناسخ والمنسوخ فمفعولها لا يكون إلا بالتخفيض في عدد آيات الأحكام…إن الآيات التشريعية …تبلغ 200 آية فقط نسخ (ألغي ) منها حوالي مائة وعشرين آية والباقي من الآيات التشريعية السارية حتى الآن مجرد ثمانين آية" وهكذا بحسب هذا الزعم ليس في القرآن أكثر من ثمانين آية تشريعية ! وهو قول بعيد كل البعد عن الصواب.
نشأة التفسير الفقهي:
تعود نشأة التفسير الفقهي إلى بداية الفقه وهو الذي بدأ مع هذه الأمة منذ نشأتها و ظل يوجهها حتى في أحلك فترات التخلف و التردي العلمي و ذلك راجع إلى الحاجة الملحة إليه إذ هو الضابط لسير الحياة .و بداية التفسير الفقهي كانت مع نزول القرآن الكريم وفي هذا المعنى يقول الدكتور محمد قاسم المنسي:"ومما لاشك فيه أن الاتجاه إلى فهم نصوص التشريع في القرآن و التعرف على مراد الشارع من المكلفين قد وجد مع بدء نزول هذه النصوص ذاتها " .ويمكن القول بأن أول من فسر القرآن فقهيا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك من البيان الذي دل عليه قوله تعالى:" وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم" ثم كان عصر الصحابة رضوان الله عليهم والذين اجتهدوا في استنباط الأحكام الشرعية من القرآن الكريم للقضايا التي جدت في عصرهم و الكتب التي تؤرخ للتشريع الإسلامي تحفظ الكثير من المسائل التي اختلف فيها الصحابة،مثال ذلك قول عمر بن الخطاب إن الحامل المتوفى عنها : عدتها وضع الحمل و قال علي تعتد بأبعد الأجلين وضع الحمل أو أربعة أشهر و عشرا .و سبب الخلاف أن الله جعل عدة المطلقة الحامل وضع الحمل و جعل عدة المتوفى عنها أربعة أشهر و عشرا من غير تفصيل ،فعلي في فتواه عمل في المتوفى عنها بالآيتين جميعا و عمر جعل آية الطلاق حكما على آية الوفاة يعني مخصصة "
والصحابة كانوا القدوة لغيرهم في بدل الجهد في استنباط الأحكام من القرآن الكريم فعن أبي عبد الرحمن السلمي وهو من كبار التابعين قال :"كنا إذا تعلمنا عشر آيات من القرآن لم نتعلم العشر بعدها حتى نعرف حلالها من حرامها وأمرها ونهيها "
ومع الاتساع الذي عرفته الرقعة الإسلامية و ما استجد من قضايا ونوازل ازدادت الحاجة إلى استنباط الأحكام من القرآن الكريم باعتباره أول ما يرجع إليه المجتهد في عملية البحث عن أي حكم فكثرت آيات الأحكام ولم يعد الحديث عن آية وآيتين و إنما عن آيات للأحكام جمعت في مؤلفات مستقلة تحت عنوان تفاسير الأحكام .
يغلب عنوان أحكام القرآن على المصنفات الخاصة بالأحكام الفقهية في القرآن الكريم وهذه المصنفات متأخرة بالنسبة لتدوين المذاهب الفقهية المتبعة وأول كتاب عرف في هذا الشأن هو " أحكام القرآن " لأبى النصر محمد بن السائب بن بشر بن عمرو بن الحارث الكلبي الشيعي ت146هـ حسب ما أثبته عبد الله عبد الحميد في رسالة الماجستير (أحكام القرآن من سورة الفاتحة إلى الآية العاشرة بعد المائتين من سورة البقرة لابن فرس ) تحت إشراف الدكتور عبد العزيز الدر دير موسى .
و بالنسبة لحاجي خليفة فإن أول من وضع مؤلفا في هذا الفن هو الإمام الشافعي ،وفاته أن أحكام القرآن للإمام الشافعي إنما هو من جمع البيهقي المتوفى سنة 485هـ.وجاء في مقدمة كتاب أحكام القرآن للكيا الهراسي أن أول كتاب عرف في هذا الشأن هو (أحكام القرآن) للشيخ أبى الحسن علي ابن حجر السعدي المتوفى سنة 244هـ .وهو بهذا لاحق لأبي النصر محمد بن السائب المتوفى سنة 146هـ وليس سابقا عليه.
المؤلفات في التفسير الفقهي :
قبل الحديث عن أهم كتب التفسير الفقهي تحسن الإشارة إلى أن هذه الكتب لم تكن وحدها مهتمة بجانب الأحكام فبي القرآن بل شاركتها في ذلك كل كتب التفسير تقريبا ، فالفرق إذن بينها وبين غيرها أنها اختصت بالأحكام أساسا و شاركها فيها غيرها . وإذا أخذنا تفسير الطبري مثلا فهو لا يخلو من أحكام فقهية لذلك قال عنه خليل محيي الدين الميس:" للطبري كتاب اختلاف الفقهاء … فهو فقيه دارس للمذاهب كلها بل مجتهد صاحب مذهب اختاره لنفسه ومن البداهة أن يعرض للآراء الفقهية ويناقشها في مناسباتها من آيات الأحكام" .ومن ذلك ما قاله القنوجي عن كتابه فتح البيان ، فهو وإن كان أفرد أحكام القرآن بالتأليف في كتابه نيل المرام فقد أشار إلى انه تناولها أيضا في فتح البيان قال:" وألفت بعد ذلك تفسيرا لمقاصد القرآن المسمى فتح البيان جامعا للرواية والدراية والاستنباط والأحكام."
ومن جهة أخرى فإن كتب أحكام القرآن لم تخل من الإشارة إلى جوانب في التفسير غير الأحكام فلقد احتوت على مباحث لغوية وعقدية وغيرها وإذا أخذنا مثالا على ذلك أحكام القرآن لابن العربي المعافري فإن المسائل التي يتناولها تتجاوز الجانب الفقهي،بل في كتابه الأحكام الصغرى رغم اختصاره تناول بعض ذلك وهو مما أشار إليه محققه بقوله :"ضمنه نحوا من خمسمائة آية من آيات الأحكام ونحو ألف حديث من الأحاديث الصحيحة… فهو كتاب فقه القرآن وفقه السنة معا"
ومن ذلك أيضا ما فعله محمد علي الصابوني الذي يشير إلى عشرة وجوه يتناول بها آيات الأحكام التي فسرها لا تمثل الأحكام الشرعية إلا وجها منها يقول :"فتناولت الآيات التي كتبت عنها من عشرة وجوه على الشكل الآتي: أولا التحليل اللفظي …ثانيا المعنى الإجمالي …ثالثا سبب النزول …رابعا وجه الارتباط بين الآيات السابقة واللاحقة،خامسا البحث عن وجوه القراءات…"إلى أن يذكر الوجه الثامن وهو " الأحكام الشرعية وأدلة الفقهاء مع الترجيح بين الأدلة" وعليه فما يذكر من كتب أحكام القرآن إنما هو ما اختص بالأحكام حتى عرف بها.
وإذا كان التمييز يتم عادة بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي فإن تفاسير الأحكام تتنوع بتنوع المذاهب الفقهية المعروفة فأحكام القرآن للجصاص يعبر عن اختيار الأحناف و أحكام القرآن لابن العربي يعبر عن اختيار المالكية و أحكام القرآن للهراسي يعبر عن اختيار الشافعية …و هذا التنوع عند محمد حسين الذهبي مما طرأ على التفسير الفقهي الذي سبق المذاهب ونشأ مستقلا عنها ثم أصبح كما يقول: "يسير تبعا للمذاهب ويتنوع بتنوعها …وكل فريق من هؤلاء يجتهد في تأويل النصوص القرآنية حتى تشهد له أو لا تعارضه على الأقل مما أدى ببعضهم إلى التعسف في التأويل والخروج بالألفاظ القرآنية عن معانيها ومدلولاتها" وإذا كان التنوع مسلما فإن تعميم القول بتأويل النصوص لتشهد للمذهب فيه نظر و التسليم به يفقد كتب التفسير الفقهي علميتها والأمر تابع لشخصية المفسر وقدرته الاجتهادية ثم إن الاختلاف الفقهي كانت له مبرراته العلمية .
أما عن أهم ما كتب في التفسير الفقهي ففي ما يلي عرض لطائفة من هذه الكتب مرتبة حسب المذاهب الفقهية الأربعة المشهورة:
فعلى مذهب المالكية نذكر من ذلك:
• أحكام القرآن : لأبي عبد الله محمد بن سحنون القيرواني المتوفى 255 هـ.
• أحكام القرآن : القاضي أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل المالكي المتوفى282 هـ
• أحكام القرآن : القاضي أبو بكر بن محمد بن بكير البغدادي المالكي المتوفى305 هـ
• أحكام القرآن : لأبي الحكم منذر بن سعيد بن عبد الله بن نجيح القاضي البلوطي المالكي المتوفى355 هـ
• أحكام القرآن : لأبي بكر محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي المتوفى 543 هـ
• الجامع لأحكام القرآن : لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي المتوفى 671 هـ
أما على مذهب الحنفية فنذكر:
• أحكام القرآن في ألف ورقة : لأبي جعفر احمد بن محمد بن سلمة الازدي الطحاوي الحنفي المتوفى 321هـ
• أحكام القرآن : لأبي الحسن علي بن موسى بن يزداد القمي الحنفي المتوفى 350هـ
• أحكام القرآن : لأحمد بن علي الرازي ، المشهور بالجصاص الحنفي المتوفى 370هـ
• تخليص أحكام القرآن،تهذيب أحكام القرآن : جمال الدين محمود بن مسعود المعروف بابن سراج القونوي الحنفي المتوفى 770 هـ
• التفسيرات الأحمدية في بيان الآيات الشرعية : احمد بن أبى سعيد بن عبيد الله الحنفي الميهوي المعروف بملاجيون المتوفى1130 هـ
أما على مذهب الشافعية فنذكر:
• أحكام القرآن : للإمام الشافعي المتوفى204 جمعه الإمام أبو بكر احمد بن الحسن البيهقي النيسابوري المتوفى458
• أحكام القرآن : لأبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي الشافعي المتوفى240
• أحكام القرآن : لعماد الدين أبى الحسين علي بن محمد الطبري المعروف بالكيا الهراسي الشافعي المتوفى 504
• الإكليل في استنباط التنزيل :جلال الدين السيوطي الشافعي المتوفى المتوفى911 هـ
• أحكام الكتاب المبين : علي بن عبد الله بن محمود الشنفكي الشافعي المتوفى890 هـ
• هداية الحيران في بعض أحكام تتعلق بالقرآن عبد الله بن محمد المغربي ثم القاهري الشافعي المعروف بالطبلاوي المتوفى1027 هـ
أما على مذهب الحنابلة فنذكر :
• أحكام القرآن : لأبي يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفراء الحنبلي المتوفى 458هـ
• أحكام الراي في أحكام الآي : شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن الصائغ الحنبلي المتوفى776 هـ
• أزهار الفلاة في آية قصر الصلاة : مرعي بن يوسف بن ابي بكر الكرمي المقدسي الحنبلي المتوفى 1033هـ

خـــــاتمة:
إن الحاجة إلى التفسير الفقهي لا تبرز إلا بدرجة احتكامنا للقرآن الكريم ونظرا لكون أحكام الشريعة معطلة في أغلب الدول الإسلامية فإن ذلك انعكس على المباحث الفقهية ومنها التفسير الفقهي . وفي الوقت الذي يتزايد فيه إقبال الناس على ما يسمى بالتفسير العلمي وهو الذي يعنى بتتبع الآيات الكونية وتفسيرها على ضوء ما تنتجه المختبرات ومراكز البحث في العلوم الدقيقة من معارف وحقائق علمية فإن لفت الانتباه إلى الجانب التشريعي في القرآن الكريم يعتبر خطوة منهجية لا يمكن تجاوزها .خاصة وقد وجدنا من يحاول لي أعناق الآيات ليبرر مواقفه المسبقة في كثير من القضايا ومن ذلك قضية تعدد الزوجات حيث يستدل بقوله تعالى:"ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم " لإثبات استحالة العدل المشروط في قوله تعالى :" وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة" مع أن كتب التفسير الفقهي تبين بجلاء العدل المقصود في الآيتين مع التمييز بين العدل المأمور به الذي هو في مقدور الإنسان ويكون في المبيت والنفقة ونحوهما، و العدل المنفي الذي لا يطيقه أحد وهو العدل في المحبة القلبية. وقل نفس الشيء عن آيات الربا التي يحاول البعض التحايل عليها لتبرير واقع فاسد نشأ بعيدا عن تعاليم القرآن الكريم،والتفسير الفقهي هو المؤهل من بين اتجاهات التفسير لحسم النزاع في هذه القضايا وغيرها .

لائحة المصادر والمراجع:
1. الإتقان في علوم القرآن ، جلال الدين السيوطي ، الطبعة الثانية ، دار ابن كثير دمشق 1993م
2. الأحكام الصغرى ، أبو بكر بن العربي المعافري ، تحقيق سعيد أحمد أعراب منشورات الإيسيسكو 1412هـ 1991م
3. أحكام القرآن ، الكيا الهراسي ، الطبعة الأولى ،دار الكتب العليمة بيروت 1983م
4. أصول الفقه الإسلامي وهبة الزحيلي الطبعة الأولى دار الفكر 1986م
5. تاريخ التشريع الإسلامي ، محمد الخضري ، الطبعة التاسعة ، المكتبة التجارية مصر 1390هـ1970م
6. التحرير والتنوير للشيخ محمد الطاهر بن عاشور الدار التونسية للنشر 1984م
7. تفسير القرآن العظيم ، أبو الفداء إسماعيل بن كثير ، الطبعة الأولى 1406هـ 1986م دار الكتب العلمية بيروت
8. التفسير والمفسرون لمحمد حسين الذهبي دار القلم بيروت لبنان
9. جامع البيان عن تأويل آي القرآن لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري دار الفكر1988م
10. الجامع لأحكام القرآن لأبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي دار الفكر 1443ه 2022م
11. الرسالة للإمام محمد بن إدريس الشافعي تحقيق محمد أحمد شاكر ، دار الفكر
12. روائع البيان تفسير آيات الأحكام ، محمد علي الصابوني الطبعة الثالثة ، دار إحياء الترث العربي 1400هـ 1980م
13. سنن أبي داود ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت
14. سنن الترمذي و هو الجامع الصحيح لأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي ، الطبعة الثانية دار الفكر 1403هـ 1983م
15. صحيح البخاري ، دار الفكر 1401هـ 1981م
16. صحيح مسلم ، الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري تحقيق وترقيم محمد فؤاد عبد الباقي ، دار الفكر 1403هـ1983م .
17. فجر الإسلام ، أحمد أمين، الطبعة السابعة مكتبة النهضة، القاهرة ،1374هـ 1955م.
18. فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت عبد العلي محمد بن نظام الدين الأنصاري مطبوع على هامش المستصفى للغزالي ، الطبعة الأولى المطبعة الأميرية ببولاق بمصر 1324هـ.
19. في التفسير الفقهي ، الدكتور محمد قاسم المنسي الطبعة الأولى مكتبة الشباب مصر 1416هـ 1996م.
20. القرآن والتشريع ( قراءة جديدة في آيات الأحكام) الصادق بلعيد ، مركز النشر الجامعي تونس 2022م.
21. كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ، مصطفى بن عبد الله الشهير بحاجي خليفة ، مكتبة المثنى بيروت.
22. المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للقاضي أبي محمد عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي 546 تحقيق المجالس العلمية بالمغرب طبعة وزارة الأوقاف 1975م.
23. مدخل إلى علوم القرآن والتفسير ، الدكتور فاروق حمادة ،الطبعة الأولى ، مكتبة المعرف الرباط 1399هـ 1979م.
24. المستصفى من علم الأصول ، أبو حامد الغزالي ، الطبعة الأولى المطبعة الأميرية ببولاق بمصر 1324هـ.
25. الموافقات في أصول الشريعة لأبي إسحاق الشاطيبي المكتبة التجارية مصر.
26. نيل المرام من تفسير آيات الأحكام ، محمد صديق حسن خان ، دار المعرفة بيروت.

تسلم اخوي وجزاك الله ألف خير

شكرا لك وجعلها الله في ميزان حسناتك

مشكور خيو ^^
اللهـ يوفقك

تسلم ايدك عشان البحث

اللعم اعز الاسلام و المسلمين

التصنيفات
الصف العاشر

تقرير التفسير بالراي والعلم الحديث >>>>الفزعه يا اخوان شمه للصف العاشر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الفزعه بليييييييز

ابا منكم حد يعملي تقرير دين عن التفسير بالراي والعلم الحديث

والله دورت وااايد بس مالقي ي اكتبه حتى اني رحت المجمع الثقافي بعد مالقيت عن العلم الحديث بس التفسير بالراي

وانا درسي عن التفسير بالراي والعلم الحديث

فيه مقدمه وموضوع وخاتمه ومصادر بعد *_^

اللي يقدر يسويه لي يزاااه الله كل خير ويعله في ميزان حسناته

لان اخر يوم لتسليم التقارير يوم الاثنين الياي … يعني مافي وقت واايد

لااااااا والله حرام

جي باخذ 0 من 20

بليييييييز حد يساعدني بلييييييييييييييييييييييييز

sory

أختي هالي حصلته …

تقرير التفسير بالرأي ..مفهومه.. حكمه.. أنواعه

التفسير بالرأي

مفهومه.. حكمه.. أنواعه

مفهوم الرأي:
الرأي: مصدر رأى رأياً. مهموز، ويُجمع على آراء وأرءاءٍ.
والرأي: التفكّرُ في مبادئ الأمور،ونظر عواقبها،وعلم ما تؤول إليه من الخطأ والصواب(1).
والتفسير بالرأي: أن يُعْمِلَ المفسر عقله في فَهْمِ القرآن، والاستنباط منه، مستخدمــــاً آلات الاجتهاد. ويَرِدُ للرأي مصطلحاتٌ مرادفةٌ في التفسير، وهي: التفسير العقلي، والتـفـسـيـر الاجتهادي. ومصدر الرأيِ: العقلُ، ولذا جُعِلَ التفسيرُ العقليُ مرادفاً للتفسير بالرأي.
والـقـول بالـــــرأي: اجتهادٌ من القائل به، ولذا جُعِلَ التفسيرُ بالاجتهادِ مرادفاً للتفسير بالرأي.
ونتيجة الرأي: اسـتـنـبــــاط حكم أو فائدةٍ، ولذا فإن استنباطات المفسرين من قَبِيلِ القول بالرأي.
أَنْوَاعُ الرّأي، وموقف السـلـف مـنـهـــــا: يحمل مصطلح (الرأي) حساسية خاصة، تجعل بعضهم يقف منه موقف المتردِّد؛ ذلك أنه ورد عن السلف، آثارٌ في ذمِّه.
بَيْدَ أنّ المستقرئ ما ورد عنهم في هذا الـبـــاب (أي: الرأي) يجد إعمالاً منهم للرأي، فما موقف السلف في ذلك؟
لنعرض بعض أقوالهم في ذلك، ثمّ نتبيّن موقفهم منه.
أقوالٌ في ذمِّ الرأي:
1- ورد عـــــن فـــاروق الأمة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قوله: (اتقوا الرأي في دينكم)(2).
وقال: (إياكم وأصحاب الرأي؛ فإنهم أعداء السنن. أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، فقالوا برأيهم، فضلّوا وأضلوا)(3).
2- وورد عن الحـســن البصري (ت: 110) قوله: (اتهموا أهواءكم ورأيكم على دين الله، وانتصحوا كتاب الله على أنفسكم ودينكم)(4).
أقوالٌ في إعمالِ الرأي:
ورد عن عمر بن الخطـــاب والحسن البصري – اللذين نقلت قولاً لهما بذمِّ الرأي ما يدلّ على إجازتهما إعمال الرأي، وهذه الأقوال:
1- أما ما ورد عن عمر فقـولـــه لشريح – لما بعثه على قضاء الكوفة: (انظر ما تبين لك في كتاب الله؛ فلا تسأل عنه أحـــــداً، وما لم يتبيّن لك في كتاب الله، فاتبع فيه سنة رسول الله لله، وما لم يتبيّن لك فيه سنة، فاجتهد رأيك)(5).
2- أمّا ما ورد عن الحسن، فإن أبا سلمة بن عبد الرحمن سأله: أريت ما يفتى به الناس، أشيءٌ سمعته أم برأيك؟
فقال الحسن: ما كل ما يفتى به الناس سمعناه، ولـكـــــنّ رَاًيـَـنــــــا لهم خيرٌ من رأيهم لأنفسهم)(6).
هذان عَلَمان من أعلام السلف ورد عنهما قولان مختلفان في الظاهر، غير أنك إذا تدبّرت قولهم، تبيّن لك أن الرأي عندهم نوعان:
* رأي مذموم، وهو الذي وقع عليه نهيهم.
* ورأي محمود، وهو الذي عليه عملهم.
وإذا لم تَقُلْ بهذا أوقعت التناقض في أقوالهم، كما قال ابن عبد البَرِّ (ت: 463هـ) – لما ذكر من حُفِظ عنه أنه قال وأفتى مجتهداً: (ومن أهل البصرة: الحسن وابن سيرين، وقد جــــــــاء – عنهما وعن الشعبي – ذمّ القياس، ومعناه عندنا قياسٌ على غيرِ أصلٍ؛ لئلا يتناقض ما جاء عنهم)(7). والقياس: نوع من الرأي؛ كما سيأتي.

العلوم التي يدخلها الرأي:

يدخـــــل الـرأي فـي كـثـير من العلوم الدينية، غير أنه يبرز في ثلاثة علوم، وهي: علم التوحيد، وعلم الفقه، وعلم التفسير.
أما علم التوحيد، فيدخله الرأي المذموم، ويسمى الرأي فيه: (هوىً وبدعة). ولذا تجد في كثير من كتب السلف مصطلح: (أهل الأهواء والبدع)، وهم الذين قالوا برأيهم في ذات الله – سبحانه.
وأما علم الفقه، فيدخله الرأيان: المحمود والمذموم، ويسمى الرأي فيه: (قياساً)، كما يسمى رأياً، ولذا تجد بعض عباراتٍ للسلف تنهى عن القياس أو الرأي في فروع الأحكام، والمراد به القياس والرأي المذموم.
وأما علم التفسير، فيدخله الرأيان: المحمود والمذموم، ويسمى فيه: (رأياً)، ولم يرد له مرادفٌ عند السلف، وإنما ورد مؤخراً مصطلح: (التفسير العقلي).
وبهذا يظهر أن ما ورد من نهي السلف عن الرأي فإنه يلحق أهل الأهواء والبدع، وأهل القياس الفاسد، والرأي المذموم؛ إذ ليس كلّ قياسٍ أو رأيٍ فاسداً أو مذموماً.

حُكْمُ القَوْلِ بالرّأي:

سيكون الحديث في حكم الرأي المتعلق بالعلوم الشرعية عموماً – وإن كان يغلب عليه الرأي والقياس في الأحكام – وقد سبق أن الرأي نوعان: رأي مذموم، ورأي محمود.

أولاً: الرّاًيُ المَذْمُومُ:

ورد النهي عن هذا النوع في كتاب الله – تعالى – وسنة نبيِّه لله، كما ورد نهي السلف عنه.
وحَدّ الرأي المذموم: أن يـكون قولاً بغير عـلمٍ وهـو نوعـان: علم فاسد ينشأ عنه الهوى، أو علم غير تام وينشأ عنه الجهـل، ويكون منشؤه الجهـل أو الهوى.
وهذا الحدّ مستنبط من كتاب الله وسنة رسوله لله.
أمّا من كتاب الله فما يلي:
1- قوله – تعالى: ((قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)) [الأعراف: 33].
2- وقوله – تعالى: ((وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (168) إنَّمَا يَاًمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأََن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)) [البقرة: 168، 169].
3- وقوله – تعالى: ((وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْـئُـولاً)) [الإسراء: 36].
في هذه الآيات نهي وتشنيع على القول على الله بغير علم؛ ففي الآية الأولى جعله من المحرّمات، وفي الآية الثانية جعله من اتباع خطوات الشيطان، وفي الآية الثالثة جعله منهياً عنه. وفي هذا كلِّه دليلٌ على عدم جواز القول على الله بغير علم.
وأما في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم :
فإن من أصرح ما ورد فيها قوله: (إن الله – عز وجل – لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلماء، فيقبض العلم، حتى إذا لم يترك عالماً، اتخذ الناس رؤساء جُهّالاً، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا) رواه البخاري في كتاب الاعتصام، وترجم له بقوله: (بابُ ما يذكر من ذمِّ الرأي وتكلف القياس)(8).
وأمّا ما ورد عن السلف، فمنها:
1- ما سبق ذكره عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – والحسن البصري – رحمه الله – من نهيهما عن الرأي.
2- عن مسروق (ت: 63هـ) قال: (من يرغب برأيه عن أمر الله يضلّ)(9).
3- وقال الزهري (ت: 124هـ): (إياكم وأصحاب الرأي، أعيتهم الأحاديث أن يعوها)(10).
وممن نُقِل عنه ذم الرأي أو القياس ابن مسعود (ت: 33هـ) من الصحابة، وابن سيرين (ت: 110هـ) من تابعي الكوفة، وعامر الشعبي (ت: 104هـ) من تابعي الكوفة، وغيرهم(11).

صور الرأي المذموم:

ذكر العلماء صوراً للرأي المذموم، ويطغى على هذه الصّوَر الجانب الفقهي؛ لكثرة حاجة الناس له، حيث يتعلّق بحياتهم ومعاملاتهم. ومن هذه الصور ما يلي:
1- القياس على غير أصل(12).
2- قياس الفروع على الفروع(13).
3- الاشتغال بالمعضلات(14).
4- الحكم على ما لم يقع من النّوازل(15).
5- ترك النظر في السنن اقتصاراً على الرأي، والإكثار منه(16).
6- من عارض النصّ بالرأي، وتكلف لردِّ النص بالتأويل(17).
7- ضُروب البدع العقدية المخالفة للسنن(18).
هذه بعض الصور التي ذكرها العلماء في الرأي المذموم، وسيأتي صور أخرى تخصّ التفسير.

ثانياً: الرأي المحمود:

هذا النوع من الرأي هو الذي عَمِلَ به الصحابة والتابعون ومن بعدهم من علماء الأمّة، وحدّه أن يكون مستنداً إلى علمٍ(19)، وما كان كذلك فإنه خارج عن معنى الذمِّ الذي ذكره السلف في الرأي.
ومن أدلة جواز إعمال الرأي المحمود ما يلي:
1- مفهوم الآيات السابقة والحديث المذكور في أدلة النهي عن الرأي المذموم؛ لأنها كلها تدل على أن القول بغير علم لا يجوز، ويفهم من ذلك أن القول بعلم يجوز.
2- فعل السلف وأقوالهم، ومنها:
أ – عن عبد الرحمن بن يزيد قال: أكثرَ الناس على عبد الله (يعني: ابن مسعود) يسألونه، فقال: أيها الناس إنه قد أتى علينا زمان نقضي ولسنا هناك، فمن ابتلي بقضاءٍ بعد اليوم فليقض بما في كتاب الله، فإن أتاه ما ليس في كتاب الله – ولم يَقُلْهُ نبيّه – فليقض بما قضى به الصالحون، فإن أتاه أمر لم يقض به الصالحون – وليس في كتاب الله، ولم يقل فيه نبيّه – فليجتهد رأيه، ولا يقول: أخاف وأرى، فإن الحلال بَيِّنٌ، والحرام بَيِّنٌ، وبَيْنَ ذلك أمورٌ مشتبهات، فدعوا ما يريبكم إلى ما لا يريبكم)(20).
قال ابن عبد البر (ت: 463هـ) معلقاً على هذا القول: (هذا يوضح لك أن الاجتهاد لا يكون إلا على أصولٍ يضاف إليها التحليل والتحريم، وأنه لا يجتهد إلا عالم بها، ومن أشكل عليه شيءٌ لزمه الوقوف، ولم يَجُز له أن يُحيلَ على الله قولاً في دينه لا نظير له من أصلٍ ولا هو في معنى أصلٍ. وهذا لا خلاف فيه بين أئمة الأمصار قديماً وحديثاً؛ فتدبّره)(21).
ب – وعن الشعبي (ت: 104هـ) قال: لما بعث عمرُ شريحاً على قضاء الكوفة قال له: انظر ما تبيّن لك في كتاب الله فلا تسأل عنه أحداً، وما لم يتبيّن لك في كتاب الله فاتّبع فيه سنة رسول الله -، وما لم يتبين لك فيه السنة فاجتهد رأيك)(22).
ج – وعن مسروق (ت: 63هـ) قال: سألت أُبَيّ بن كعب عن شيءٍ؛ فقال: أكان هذا؟
قلت: لا.
قال: فأجمّنا (أي: اتركنا أو أرحنا) حتى يكون؛ فإذا كان اجتهدنا لك رأينا)(23).
الرّأيُ فِي التّفْسِير:
اعلم أن ما سبق كان مقدمة للدخول في الموضوع الأساس، وهو التفسيـر بالـرأي، وكان لا بدّ لهذا البحث من هذا المدخل، وإن كان الموضوع متشابكاً يصعب تفكيك بعضه عن بعض، ولذا سأحرص على عدم تكرار ما سبق، وسأكتفي بالإحالة عليه، إن احتاج الأمر إلى ذلك.
وسأطرح في هذا ثلاثة موضوعات:
الأول: موقف السلف من القول في التفسير.
الثاني: أنواع الرأي في التفسير.
الثالث: التفسير بين المأثور والرأي.
وسيتخلّل هذه الموضوعات مسائل عِدّة؛ كشروط القول بالرأي، وأدلة جواز الرأي في التفسير، وصور الرأي المذموم…. إلخ، وإليك الآن تفصيل هذه الموضوعات:
أولاً: موقف السلف من القول في التفسير:
التفسير: بيان لمراد الله – سبحانه – بكلامه، ولما كان كذلك، فإن المتصدي للتفسير عرضة لأن يقول: معنى قول الله كذا.
ثم قد يكون الأمر بخلاف ما قال. ولذا قال مسروق بن الأجدع (ت: 63هـ): (اتقوا التفسير؛ فإنما هو الرواية عن الله – عز وجل).
وقد اتخذ هذا العلم طابعاً خاصاً من حيث توقِّي بعض السلف وتحرجهم من القول في التفسير، حتى كان بعضهم إذا سئل عن الحلال والحرام أفتى، فإذا سئل عن آية من كتاب الله سكت كأن لم يسمع.
ومن هنا يمكن القول: إن السلف – من حيث التصدي للتفسير – فريقان: فريق تكلّم في التفسير واجتهد فيه رأيه، وفريق تورّع فقلّ أو نَدُرَ عنه القول في التفسير.
وممن تكلم في التفسير ونُقِلَ رأيه فيه عمر بن الخطاب (ت: 23هـ) وعلي بن أبي طالب (ت:40هـ) وابن مسعود (ت: 33هـ) وابن عباس (ت: 67هـ) وغيرهم من الصحابة.
ومن التابعين وأتباعهم: مجاهد بن جبر (ت: 103هـ) وسعيد بن جبير (ت: 95هـ) وعكرمة مولى ابن عباس (ت: 107هـ) والحسن البصري (ت: 110هـ) وقتادة (ت: 117هـ) وأبو العالية (ت: 93هـ) وزيد بن أسلم (ت: 136هـ) وإبراهيم النخعي (ت: 96هـ) ومحمد ابن كعب القرظي (ت: 117هـ) وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم (ت: 182هـ) وعبد الملك بن جريج (ت: 150هـ) ومقاتل بن سليمان (ت: 150هـ) ومقاتل بن حيان (ت: 150هـ) وإسماعيل السدي (ت: 127هـ) والضحاك بن مزاحم (ت: 105هـ) ويحيى بن سلام (ت: 200هـ)، وغيرهم.
وأما من تورّع في التفسير فجمعٌ من التابعين (24) من أهل المدينة والكوفة.
أما أهل المدينة، فقال عنهم عبيد الله بن عمر: لقد أدركت فقهاء المدينة، وإنهم ليغلظون القول في التفسير؛ منهم: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع(25).
وقال يزيد بن أبي يزيد: (كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام – وكان أعلم الناس – فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع)(26).
وقال هشام بن عروة بن الزبير: (ما سمعت أبي يتأوّل آية من كتاب الله قطّ)(27).
وأمّا أهل الكوفة فقد أسند إبراهيم النخعي إليهم قَولَه: (كان أصحابنا – يعني: علماء الكوفة – يتّقون التفسير ويهابونه)(28).
هذا.. ولقد سلك مسلك الحذر وبالغ فيه إمام اللغة الأصمعي (ت: 215هـ)، حيث نقل عنه أنه كان يتوقّى تبيين معنى لفظة وردت في القرآن(29).
فما ورد عن هؤلاء الكرام من التوقي في التفسير إنما كان تورّعاً منهم، وخشية ألاّ يصيبوا في القول.

ثانياً: أنواع الرأي في التفسير:

الرأي في التفسير نوعان: محمود، ومذموم.
النوع الأول: الرأي المحمود.
إنما يحمد الرأي إذا كان مستنداً إلى علم يقي صاحبه الوقوع في الخطأ. ويمكن استنباط أدلةٍ تدلّ على جواز القول بالرأي المحمود.
ومن هذه الأدلّة ما يلي:
1- الآيات الآمرة بالتدبّر:
وردت عدّة آيات تحثّ على التدبّر؛ كقوله – تعالى: ((أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)) [محمد: 24]، وقوله: ((كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)) [ص: 29]. وغيرها من الآيات.
وفي حثِّ الله على التدبر ما يدلّ على أن علينا معرفة تأويل ما لم يُحجب عنا تأويله؛ لأنه محالٌ أن يقال لمن لا يفهم ما يقال له: اعتبر بما لا فهم لك به(30).
والتدبّر: التفكّر والتأمّل الذي يبلغ به صاحبه معرفة المراد من المعاني، وإنما يكون ذلك في كلامٍ قليل اللفظ كثير المعاني التي أودعت فيه، بحيث كلما ازداد المتدبِّر تدبّراً انكشف له معانٍ لم تكن له بادئ النظر(31).
والتدبّر: عملية عقلية يجريها المتدبـر من أجل فهـم معاني الخطـاب القرآني ومراداتـه، ولا شك أن ما يظهر له من الفهم إنما هو اجتهاده الذي بلغه، ورأيه الذي وصل إليه.
2- إقرارُ الرسول – اجتهادَ الصحابة في التفسير: لا يبعد أن يقال: إن تفسير القرآن بالرأي نشأ في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وفي ذلك وقائع يمكن استنباط هذه المسألة منها، ومن هذه الوقائع ما يلي:
أ – قال عمرو بن العاص: – بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام ذات السّلاسِلِ، فاحتلمت في ليلة باردةٍ شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيمّمت به، ثمّ صليت بأصحابي صلاة الصبح، فلما قدمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكرت ذلك له، فقال: يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جُنُبٌ؟
قلت: نعم يا رسول الله، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أَهْلَكَ، وذكرتُ قول الله: ((وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ)) [النساء: 29] فتيمّمْتُ، ثم صليت، فضحك – ولم يقل شيئاً)(32).
في هذا الأثر ترى أن عَمْراً اجتهد رأيه في فهم هذه الآية، وطبّقها على نفسه، فصلى بالقوم بعد التيمم، وهو جنب، ولم ينكر عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذا الاجتهاد والرأي.
ب – وفي حديث ابن مسعود، لما نزلت آية: ((الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ)) [الأنعام: 82] قلنا يا رسول الله: وأينا لم يظلم نفسه، فقال: إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح ((يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)) [لقمان: 13])(33)، ترى أن الصحابة فهموا الآية على العموم، وما كان ذلك إلا رأياً واجتهاداً منهم في الفهم، فلما استشكلوا ذلك سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأرشدهم إلى المعنى المراد، ولم ينههم عن تفهّم القرآن والقول فيه بما فهموه. كما يدل على أنهم إذا لم يستشكلوا شيئاً لم يحتاجوا إلى سؤال الرسول. والله أعلم.
3- دعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس: دعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس بقوله: (اللهم فقِّهه في الدين، وعلِّمه التأويل) وفي إحدى روايات البخاري: (اللهم علمه الكتاب)(34).
والتأويل: التفسير، ولو كان المراد المسموع من التفسير عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما كان لابن عباس مَزِيّةٌ بهذا الدعاء؛ لأنه يشاركه فيه غيره(35)، وهذا يدلّ على أن التأويل المراد: الفهم في القرآن(36)، وهذا الفهم إنما هو رأيٌ لصاحبه.
4- عمل الصـحــابة: مما يدل على أن الصحابة قالوا بالرأي وعملوا به ما ورد عنهم من اختلافٍ في تفسير القرآن؛ إذ لو كان التفسير مسموعاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما وقع بينهم هذا الاختلاف.
ومما ورد عنهم نـصــــاً في ذلك قولُ صدِّيق الأمة أبي بكر – رضي الله عنه – لما سئل عن الكلالة، قال: (أقول فـيـهــــــا برأيي؛ فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأً فمني ومن الشيطان)(37).
وكذا ما ورد عن علي – رضي الله عـنـه – لما سئل: هل عندكم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيءٌ سوى القرآن؟ قـال: (لا، والذي فلق الحبّة، وبرأ النسمة، إلا أن يُعطِي الله عبداً فهماً في كتابه)(38).
والفهم إما هو رأي يتولّد للمرء عند تفهّم القرآن؛ ولذا يختلف في معنى الآية فهم فلان عن غيره.
الهوامش :
(1) الغيث المسجم في شرح لامية العجم للصفدي، 1/63.
(2) المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي، 190، وانظر، ص 192، الأثر رقم 217.
(3) المدخل إلى السنن الكبرى، 191، وانظر قولاً لمسروق في جامع بيان العلم، 2/168، وقولاً للزهري، 2/169.
(4) المدخل إلى السنن الكبرى، 196. معهد الامارات التعليمي uae.ii5ii.com

(5) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، 2/71، وانظر، ص 74.
(6) جامع بيان العلم، 2/75.
(7) جامع بيان العلم، 2/77، وانظر كلام ابن بطال في هذا الموضوع في فتح الباري، 13/301.
(8) انظر الحديث في فتح الباري، (13/295).
(9) جامع بيان العلم، 2/168.
(10) جامع بيان العلم 2/169.
(11) انظر: جامع بيان العلم، 2/77، وفتح الباري، 13/310.
(12) جامع بيان العلم، 2/70، 71، 77.
(13، 14، 15) جامع بيان العلم، 2/170.
(16) الاعتصام للشاطبي، 1/104.
(17) فتح الباري، 13/303.
(18) جامع بيان العلم، 2/169.
(19) العلم يقابل الجهل المذكور في حدِّ الرأي المذموم، أما الهوى، فيقابله الورع؛ لأنّ الوَرَعَ يقي صاحبه من مخالفة الحقِّ.
(20) جامع بيان العلم، 2/70 ـ 71.
(21، 22) جامع بيان العلم، 2/71.
(23) جامع بيان العلم، 2/72، وانظر غيرها من الآثار، ص 69 ـ 79.
(24) لم أجد نقلاً عن أحد من الصحابة يدل على أن مذهبه كهذا المذهب الذي برز عند التابعين.
(25) تفسير الطبري (ط شاكر)، 1/85.
(26) تفسير الطبري (ط شاكر)، 1/86.
(27، 28) فضائل القرآن لأبي عبيد، 229.
(29) انظر في ذلك: الكامل للمبرد (تحقيق: الدالي) 2/928، 4135، تهذيب اللغة 1/14، إعجـاز القـرآن للخطابـي (تحقـيق: عبد الله الصديق) 42.
(30) انظر: تفسير الطبري (ط شاكر)، 1/82 ـ 83.
(31) التحرير والتنوير، 23/252.
(32) مسند الإمام أحمد، 4/203، 204، وأبو داود برقم 335، وانظر تفسير ابن كثير، 2/480، والدر المنثور، 2/497.
(33) أخرجه البخاري في أكثر من موضع، كتاب الإيمان ح/32، أحاديث الأنبياء/3360، 3428.
(34) انظر: فتح الباري، 1/204، وانظر شرح ابن حجر، 1/204 ـ 205.
(35) انظر: تفسير القرطبي، 1/33، وجامع الأصول، 2/4.
(36) انظر: فتح الباري، 1/205.
(37) انظر قوله في تفسير الطبري، (ط شاكر)، 8/53، 54.

كما يمكن الاستفادة من الفقرات التالية

التفسير بالرأى : تعريفه "هو الاجتهاد" مناهل العرقان – الزرقاني .. او .. " أصحاب القياس لأنهم يقولون برأيهم فيما لم يجدوا فيه حديثاً أو أثراً" القاموس المحيط – الفيروزآبادي
فمما نرى ان هذا التفسير يعتمد على الاجتهاد والنظر والقياس .. والترجيح بين احتمالات اللفظ وما شابه ذلك .. ولكى يفسر المفسر بجب عليه ان يلتزم بضوابط ومنهج معين .. حتى لا يعتقد احد ان الامر متروك على الغارب لكل من هب ودب .. فاذا التزم المفسر بذلك اعتبر تفسيره وقتها مقبولاً .. أما من لم يلتزم بالاسس والضوابط فمصير كلامه الرفض والذم .. كما قال الشيخ الزرقاني :"فإن كان الاجتهاد موفقاً أي مستنداً إلى ما يجب الاستناد إليه بعيداً عن الجهالة والضلالة فالتفسير به محمود وإلا فمذموم" مناهل العرفان .

الضوابط التى على المفسر ان يلتزم بها :

1- البحث عن تفسير الآية في القرآن الكريم أولاً والسنة الصحيحة ثانياً فإن وجده فيهما فلا يعدل إلى رأيه البتة.
2- فإن لم يجد بحث في أقوال الصحابة فإن صحت فلها حكم المرفوع إذا كانت مما لا مجال للرأي فيه – كأسباب النزول – ولها حكم الموقوف على الصحابي فيما عدا ذلك ولكنها أيضاً حجة لقوة احتمال سماعها من الرسول صلى الله عليه وسلم ولوفرة ما تهيأ للصحابة رضوان الله تعالى عليهم من أسباب فهم كتاب الله تعالى كشهود تنزيله وبيان النبي صلى الله عليه وسلم لهم إياه وسلامة لغتهم ومعايشة ملابسات الوحي وغير ذلك.
3- مراعاة ما تقتضيه اللغة العربية خصوصاً معاني الألفاظ والتراكيب عند العرب وقت التنزيل، وعدم الخروج عن قواعد اللغة عند التفسير بالرأي.
4- مراعاة ما يقتضيه الشرع وما تدل عليه أصول الشريعة فلا يحكم بمجرد المعنى اللغوي بل يراعي ما يناسب مقاصد وأصول الشريعة، وأن هذا القرآن الكريم كلام الله تعالى أوحاه إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ليأمر الناس وينهاهم به وليخبرهم عن ربهم جل في علاه، فينبغي مراعاة ذلك.
5- ألا يخوض في ما استأثر الله تعالى بعلمه كالمشتبهات التي ليس إلى تحديد مرادها من سبيل سوى النقل ولا نقل.
6- ألا يقطع بأن ما توصل إليه بالرأي والتدبر والنظر هو مراد الله تعالى.
7- ألا يعتقد رأياً ويحمل آيات القرآن عليه، فلا يجعل هواه حكماً على القرآن بل العكس.
فهذه لمحة موجزة عن التفسير بالرأي، وخلاصة أمره أنه تفسير قائم على الدراية، وهو – في نظري – جزء متمم للنوع الأول من التفسير القائم على الرواية، وباجتماعهما تكتمل حلة التفسير ما بين رواية قائمة على النقل الصحيح ودراية قائمة على تدبر العقل الصريح.

المصدر : الاختلاف في التفسير حقيقته وأسبابه د.وسيم فتح الله
……………………. ……………………. ……………………. ……………….


تفسير القرآن بالرأي

فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام ، حدثنا مؤمَل، قال حدثنا سفيان قال حدثنا عبد الأعلى،عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (( من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار(88).
حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن عبد الأعلى الثعلبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (( من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار)) وبه إلى الترمذي قال حدثنا عبد بن حميد قال حدثني حبان بن هلال قال: حدثنا سهيل أخو حزم القطعي قال: حدثنا أبو عمران الجوني عن جندب قال:قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (( من قال في القرآن برأية فأصاب فقد أخطأ ))(89) ، قال الترمذي هذا حديث غريب، وقد تكلم بعض أهل الحديث في سهيل بن أبي حزم,وهكذا روي عن بعض أهل العلم عن أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم وغيرهم أنهم شددوا في أن يفسر القرآن بغير علم.وأما الذي روي عن مجاهد وقتادة وغيرهما من أهل العلم أنهم فسروا القرآن فليس الظن بهم أنهم قالوا في القرآن أو فسروه بغير علم أو من قبل أنفسهم . وقد روي عنهم ما يدل على ما قلنا أنهم لم يقولوا من قبل أنفسهم بغير علم، فمن قال في القرآن برأية فقد تكلف ما لا علم به، وسلك غير ما أمر به فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس عن جهل فهو في النار وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر، لكن يكون أخف جرما ممن أخطأ، والله أعلم.

الشرح
ولهذا كان من اجتهد فأخطأ فله أجر، كذلك من لم يجتهد ولو أصاب فقد أخطأ إذا كان ما تكلم فيه ليس محلا للاجتهاد.
وتفسير القرآن بالرأي تارة يفسره الإنسان بحسب مذهبه كما يفعله أهل الأهواء . فيقول المراد بكذا وكذا. كذا: وكذا مما ينطبق على مذهبه ، وكذلك هؤلاء المتاخرون الذين فسروا القرآن بما وصلوا إليه من الأمور العلمية الفلكية أو الأرضية والقرآن لا يدل عليها، فإنهم يكونون قد فسروا القرآن بآرائهم ، إذا كان القرآن لا يدل عليها، لا بمقتضى النص ولا بمقتضى اللغة، فهذا هو رأيهم ولا يجوز أن يفسر القرآن بهذا.
وكذلك أيضاً لو لم يكن عند الإنسان فهم للمعنى اللغوي ولا للمعنى الشرعي الذي تفسر به الآية فإنه إذا قال قولا بلا علم، فيكون آثما، كما لو أن أحداً من العامة فسر آية من القرآن الكريم على حسب فهمه من إلي مستند- لا لغوي ولا شرعي-فإنه يكون حراماً عليه ذلك؛ لأن مفسر القرآن يشهد على الله بأنه أراد كذا، وهذا أمر خطير، لأن الله حرم علينا أن نقول عليه ما لا نعلم (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (لأعراف:33) ، فأي إنسان يقول على الله ما لا يعلم في معني كلامه أو في شيء من أحكامه فقد أخطأ خطأ عظيماً.
وهكذا سمي الله تعالى القذفة كاذبين فقال: (َفَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ)(النور: 13) فالقاذف كاذب ولو كان قد قذف من زنى في نفس الأمر؛ لأنه أخبر بما لا يحل له الإخبار به وتكلف ما لا علم به، والله أعلم.
ولهذا تحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به، كما روى شعبة عن سليمان عن عبد الله بن مرة عن أبي معمر قال: قال أبو بكر الصديق: (( أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله ما لم أعلم ))(90) وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: حدثنا محمد بن يزيد عن العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي أن ابا بكر الصديق سئل عن قوله: (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) (عبس:31) ، فقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم ، إسناده منقطع.

الشرح
فلو أن رجلاً قيل له ما معني قوله تعالى: (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) قال (َأَبّاً) يعني أب أي: الوالد، فيكون قد فسر القرآن برأيه وجهله؛ لأنه صار يسمع الناس يقولون الأب ويشددون الباء ، وهي ليست مشددة فظن أن قوله تعالي : (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) يعني فاكهة وأبَا يعني وأبا فيكون هذا قال في القرآن برأية.
وكذلك من ينزل القرآن على غير ما أراد الله مثل قول بعضهم إذا سئل عن شيء قال: ( لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)(المائدة:101) ، هذا أيضاً من تنزيل القرآن على غير ما أراد الله.
ومنه نعرف خطأ ما نقل مدحاً لامرأة يسمونها المتكلمة بالقرآن.
ذكرها في جواهر الأدب ، امرأة لا تتكلم إلا بالقرآن ، وقيل إنها منذ أربعين سنة لم تتكلم إلا بالقرآن مخافة أن تزل فيغضب عليها الرحمن، وأظن فعلها هذا زلًة لأنها بهذا تنزل القرآن على غير ما أراد الله.

***

وقال أبو عبيد أيضاً: حدثنا يزيد ،عن حميد عن أنس: أن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر: (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) فقال: ما الأب؟ فقال: هذه الفاكهة قد عرفناها، فما الأب ؟ ثم رجع إلى نفسه فقال: إن هذا لهو التكلف يا عمر!
وقال عبد بن حميد: حدثنا سليمان بن صرب، قال حدثنا بن زيد، عن ثابت ، عن أنس،قال: كنا عند عمر بن الخطاب، وفي ظهر قميصه أربع رقاع، فقرأ: (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) (عبس:31) فقال : ما الأب؟ ثم قال: إن هذا لهو التكلف، فما عليك ألا تدريه؟!

الشرح

في قوله: (( وفي ظهر قميصه أربع رقاع)) الفائدة فيه من حيث مصطلح الحديث أنه أدل على ضبط الرواي، يعني أن الراوي قد ضبط هذه القصة أو هذه القضية بحيث إنه أدل على ضيط الراوى يعنى أن الرلوى قد ضبط هذه القصة أو هذه القضية بحي إنه لم يخف عليه ما في ثوبه من الرقاع، أما الفائدة فيها من حيث السلوك فهو أن نعرف ما كان عليه الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم من عدم الأثرة، وأنهم يعدون أنفسهم كغيرهم من الناس ، لا يمتازون على أحد، وأن حالهم كحال غيرهم، حتى إن عمر رضي الله عنه في عام الرمادة حرم على نفسه أن يأكل من الطعام الطيب واقتصر على اقل ما يطعم . كل هذا من أجل ألا يستاثر بشيء على رعيته رضي الله عنه.
ولكن كان ذلك حين كانت الرعية مستقيمة على أمر الله ورعة عما لا يحل لها، ولهذا قيل: قال رجل لعلي بن أبي طالب: ما بال الناس قد خرجوا عليك ولم يخرجوا على أبي بكر وعمر؟ فقال: كانت الرعية في وقت أبي بكر وعمر مثل على بن أبي طالب، وكانت الرعية في وقتي مثلك.
وكذلك هشام بن عبد الملك أو عبد الملك لما رأى من الناس تذمراً جمع أعيانهم وشرفاءهم وخطب فيهم وقال لهم: أما بعد فإنكم تريدون أن نكون لكم كأبي بكر وعمر، فكونوا لنا كالرجال في عهد أبي بكر وعمر. نكن لكم كأبي بكر وعمر. وجاء في الأثر: كما تكونون يولي عليكم.

* * *
وهذا كله محمول على أنهما رضي الله عنهما إنما أرادا استكشاف ماهية الاب، وإلا فكونه نبتا من الأرض ظاهر لا يجهل لقوله تعالى: (فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْباً وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) .

الشرح
(وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) هي محل الشاهد فعلم من قوله (وَفَاكِهَةً وَأَبّاً) أنه مما تنبت الأرض، ولا يخفى على أبي بكر وعمر أن الأب نبات من الأرض لكنهما أرادا- رضي الله عنهما- تعيين هذا الأب ما هو؟ وأي شجر هو؟فأشكل عليهم، وقد قيل في تفسيره أن الأب هو نبت يشبه القت عندنا، والظاهر والله أعلم أنه نبت صالح، يعنى بمعنى أنه شامل عام لكل ما يكون نبتاً.

وقال ابن جرير: حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا ابن علية عن أيوب عن ابن أبي ملكية أن ابن عباس سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها فأبي أن يقول فيها، إسناده صحيح.

الشرح
أي أن ابن عباس- رضي الله عنهما- الذي دعا له الرسول عليه الصلاة والسلام بأن يعلمه الله التأويل (91)، يقول لو يسأل عن الآية التي لو سئل عنها بعضكم الآن لأجاب. وهذا يدل على أنه يجب التحري في تفسير كلام الله سبحانه وتعالي.

* * *
وقال أبو عبيد : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن ابن أبي ملكية قال: سأل رجل ابن عباس عن: ( يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) (السجدة:5) فقال ابن عباس فما ( يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (المعارج:4) فقال الرجل: إنما سألتك لتحدثني ، فقال ابن عباس: (( هما يومان ذكرهما الله في كتابه والله أعلم بهما)) فكره أن يقول في كتاب الله ما لا يعلم.

الشرح
قد سبق لنا أن يوم القيامة كان مقداره خمسين ألف سنة كما في سورة المعارج في قوله تعالى: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً) وبينه الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث أبي هريرة في مسلم (92)، في مانع الزكاة أنه يعذب بها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، وأما التي في سورة السجدة: ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) فهذا – والله أعلم- في الدنيا؛ لأنه قال : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) وأما قوله تعالي : ( وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)(الحج: 47) فما دام عند الله، فنحن لا نعلمه ، وهذا اليوم الله أعلم به.

* * *
وقال ابن جرير: حدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا ابن علية عن مهدي بن ميمون عن الوليد بن مسلم قال: جاء طلق بن حبيب إلى جندب بن عبد الله فسأله عن آية من القرآن فقال: أحرج عليك إن كنت مسلما لما قمت عني، أو قال: أن تجالسني.

الشرح
وهذا محمول على الورع وعدم المضى في التكلم في معني كلام الله عز وجل ، وإلا فليس المعني إذا جاء رجل فسأل عن معني آية تقول له: لا تجلس عندنا ، أو قم، أو ما أشبه ذلك . ولمن بناء على شدة تحريهم وتحرجهم كانوا يقولون مثل هذا.

وقال مالك عن يحيي بن سعيد عن سعيد بن المسيب : إنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن قال: إنا لا نقول في القرآن شيئاً.
وقال الليث عن يحيي بن سعيد عن سعيد بن المسيب: إنه كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن.
وقال شعبة عن عمرو بن مرة قال: سأل رجل سعيد بن المسيب عن آية من القرآن فقال: لا تسألني عن القرآن وسل من يزعم أنه لا يخفى عليه منه شيء يعني عكرمة.
وقال ابن شوذب: حدثني يزيد بن أبي يزيد قال: كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام وكان أعلم الناس، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع.
وقال ابن جرير: حدثني أحمد بن عبدة الضبي قال: حدثنا حماد بن زيد قال: حدثنا عبيد الله بن عمر قال: لقد أدركت فقهاء المدينة وإنهم ليعظمون القول في التفسير منهم سالم ابن عبد الله ، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب ، ونافع .
وقال أبو عبيد : حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن هشام بن عروة قال: ما سمعت أبي تأول آية من كتاب الله قط.
وقال : أيوب وابن عون وهشام الدستوائي عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة السلماني عن آية من القرآن فقال: ذهب الذين كانوا يعلمون فيما أنزل من القرآن ، فـاتق الله وعليك بالسداد.
وقال أبو عبيد: حدثنا معاذ عن ابن عون عن عبيد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه، قال: إذا حدثت عن الله فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده.
حدثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم قال: كان أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه.
وقال شعبة عن عبد الله بن أبي السفر قال: قال الشعبي: والله ما من آية إلا وقد سألت عنها، ولكنها الرواية عن الله.
وقال أبو عبيد: حدثنا هشيم قال: أنبأنا عمر بن أبي زائدة عن الشعبي عن مسروق قال: اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله.
فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به، فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه.

***
ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير ، ولا منافاة؛ لأنهم تكلموا فيما علموه وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد، فإنه كما يجب السكوت عما لا يعلم له به فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه لقوله تعالي: ( لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ )(آل عمران: من187)، ولما جاء في الحديث المروي من طرق : من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار (93).
وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا مؤمل قال: حدثنا سفيان عن أبي الزناد قال: قال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله تعالي ذكره. والله سبحانه وتعالي أعلم.

الشرح
إذاً هذه أربعة أقسام: تفسير تعرفه العرب من كلامها، وهو ما يعرف في اللغة مثل: الكهف والعرش والسرر ومنضودة والطلح وما أشبه ذلك، والثاني تفسير لا يعذر أحد بجهالته وهو تفسير ما يجب اعتقاده أو العمل به، كتفسير قوله تعالي: ( أَقِيمُوا الصَّلاة) فيجب علينا أن نعرف معنى إقامة الصلاة التي أمرنا بها. وكذلك ما يجب علينا اعتقاده كالإيمان بالرسل ونحوهم ، فإنه لا يعذر أحد بجهالته ، والثالث تفسير يعلمه العلماء مثل العام والخاص والمطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ وما يتعلق بذلك من الأحكام ، فإن هذا ليس كل أحد يعرفه، وليس واجباً على كل أحد بل هو فرض كفاية، وتفسير لا يعلمه إلا الله، فمن ادعي علمه فهو كاذب، كما جاء في بعض ألفاظ الأثر مثل العلم بحقائق صفات الله عز وجل وكيفيتها، وكذلك العلم بحقائق ما أخبر الله به عن اليوم الآخر وعن الجنة والنار وما أشبه ذلك مما لا يمكننا إدراكه ، فهذا من ادعى علمه فإنه كاذب، لأنه لا يعلمه إلا الله.

* * *

(88) رواه الترمذي، كتاب تفسير القرآن باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه، (2950).
(89) رواه أبو داود، كتاب العلم باب الكلام في كتاب الله بغير علم، رقم (3652) ، والترمذي، كتاب تفسير القرآن باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه، (2952).
(90) رواه ابن أبي شيبة (6/136).
(91) سبق تخريجه
(92) رواه مسلم، كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987)
(93) رواه أبو داود، كتاب العلم باب كراهية منع العلم، (3658)، والترمذي ،كتاب العلم باب ما جاء في كتمان العلم، (2649)، وابن ماجه في المقدمة، (261).

……………………. ……………………. ……………………. ……………

. التفسير بالرأي :وهو التفسير بالاستنباط والاجتهاد.
"والرأي في الأصل مصدر "رأى الشيء يراه رأياً" ثم غلب استعماله على المرئي نفسه، من باب استعمال المصدر في المفعول، كالهوى في الأصل مصدر هويه يهواه هوى، ثم استعمل في الشيء الذي يُهوى؛ فيقال: هذا هَوَى فلان، والعرب تفرق بين مصادر فعل الرؤية بحسب محالها فتقول: رأى كذا في النوم رؤيا، ورآه في اليقظة رؤية، ورأى كذا لا يعلم بالقلب ولا يرى بالعين رأياً، ولكنهم خصوه بما يراه القلب بعد فِكْرٍ وتأمل وطلب لمعرفة وجه الصواب مما تتعارض فيه الأمارات؛ فلا يقال لمن رأى بقلبه أمراً غائباً عنه مما يحس به إنه رأيه، ولا يقال أيضاً للأمر المعقول الذي لا تختلف فيه العقول ولا تتعارض في الأمارات إنه رأى، وإن احتاج إلى فكر وتأمل كدقائق الحساب ونحوها " .

* ويقسم أهل العلم الرأي إلى قسمين:

أ. الرأي المحمود:
وهو ما كان مبناه على علم أو غلبة ظن، بحيث إنه يجري على موافقة معهود العرب في لسانها وأساليبها في الخطاب، مع مراعاة الكتاب والسنة وما أثر عن السلف. فالمفسر هنا من يبذل جهده ووسعه في فهم النص القرآني، وأصول الشريعة في الفهم والاستنباط، مع الاطلاع على المأثور في تفسير الآية.
وقد قال أبو بكر : "إني قد رايت في الكلالة رأياً، فإن كان صواباً فمن الله وحده لا شريك له، وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان والله منه بريء".
وقال ابن المبارك: "ليكن الذي تعتمد عليه هذا الأثر، وخذ من الرأي ما يفسر لك الحديث".
وسلوك هذا السبيل جائز لا حرج فيه لمن اجتمعت عنده أدواته، وساق بعضهم أدلة تقرر هذا الحكم يضيق عنها المقام هنا .

ب. الرأي المذموم:

وهو التفسير بالجهل والهوى.
وهذا النوع حرام لا يجوز الإقدام عليه كما قال شيخ الإسلام: "فأما التفسير بمجرد الرأي فحرام".
والأدلة والآثار في تحريمه وذمه كثيرة جداً.
فالمتكلم في هذا النوع متقحم متكلف ما لا علم له به، لم يراع في تفسير القرآن قوانين اللغة ولا نصوص الشريعة وأصول الاستنباط ، قد جعل هواه رائده ومذهبه قائده

وبالتوفيق …

مشكورة لكن هذا بحث مب تقرير
ThAnKs

مشكورة

مـــــــــــــــــــــــ،،،شــــــــــــــــــــــ ـــــ،،كــــــــــــــــــــــــ،،،روهــــــــــ،، ،

ما قصرت الغالية رؤية

سبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الحادي عشر

ضرورررررررري حل اول درسين (( النقد البناء والتفسير الموضوعي )) -تعليم الامارات

التقويم صفجة 17

السؤال الأول:
1- صنف إيجابي: ينهى عن المنكر ويمارس النقد – وصنف سلبي: لا ينهى عن السوء ولا يمارس النقد – وصنف منتقَد : يفعل السوء
2- لكي يعذروا أمام الله تعالى لأن الإنسان مطالب بتغير المنكر – ورجاء أن يتقوا هؤلاء الظلمة فيرجعوا عن معاصيهم .
3- حجتهم : أن هؤلاء هالكون ولا فائدة من النقد ولا أمل يرجى منهم فهم لا يستجيبون.
4-
*- نجاة الذين أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر.
*- وهلاك الذين ارتكبوا المعاصي وخالفوا أمر الله تعالى.
*- وسكت عن الذين سكتوا ولم يبن مصيرهم – تجاهلاً لهم واستخفافاَ بهم بسبب تركهم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

السؤال الثاني:
• أساليب النقد :
– الموعظة العامة ( ما بال أقوام ……….. )
– الموعظة المباشرة ( ضمن آداب النصيحة )
– الرسالة . – القدوة الحسنة – اهداء كتاب أو شريط – كتابة مقال في جريدة أو مجلة.

السؤال الثالث : – الغرور والكبر –

السؤال الرابع:
• سبب النزول : عن أبي مسعود قال: لما نزلت آية الصدقة كنا نتحامل على ظهورنا، فجاء رجل فتصدق بشيء كثير، فقالوا: مرائى. وجاء رجل فتصدق بصاع، فقالوا: إن الله لغني عن صدقة هذا. فنزلت الآية
• يلمزون : يعيبون………………… يسخرون : يستهزؤون
• هذا من النقد الهدام

• آثاره : عدم قبول الناس عن فعل الخير – تفشي المنكر – نفور الناس من الناقد
– انتشار العداوة والبغضاء – يتعرض الفرد والمجتمع لسخط الله تعالى .

يسلمووووووووووووووو

مشكووووووووور ع حلول

صلى الله على محمد

التصنيفات
الصف العاشر

تقرير عن منهج الامام محمد عبده في التفسير للصف العاشر

مرحباااااااا

بغيت تقرير عن منهج الامام محمد عبده في التفسير..

يكون كامل مكمل فيه كل شى>مقدمه خاتمه_مراجع_فهرس…<<

لو ماعليييييييييكم امر..ساعدوني

اعتذر لا أملك اي تقرير ولكني وجدت هذه المعلومات علها تفيدك ف تقريرك :

1
محمد إبراهيم الفيومي

في مناهج تجديد الفكر الإسلامي (التقريب بين المذاهب) محمد عبده؛ مصطفي عبد الرازق؛ آية الله البروجردي؛ محمود شلتوت.- القاهرة: دار الفكر العربي، 2001.- 175ص.
كتاب

2
كمال الدين عبد الغني المرسي شرابي

الإمام محمد عبده وأثره في تجديد الفقه والفكر الإسلامي.- الإسكندرية: المكتب الجامعي الحديث، 2001.- 235ص.
كتاب

3
كمال الدين عبد الغني المرسى

الإمام محمد عبده وأثره في تجديد الفقه والفكر الإسلامي.- الإسكندرية: المكتب الجامعي الحديث، 2001.- 235ص.
كتاب

4
إنعام محمود حماد

مشروع النهضة عند الشيخ محمد عبده.- في: المؤتمر الدولي السادس للفلسفة الإسلامية (الإسلام ومشروعات النهضة الحديثة).- القاهرة: جامعة القاهرة – كلية دار العلوم، 2001.- ص ص393- 423
بحث مؤتمر

5
سلوى محمد نصره

مقومات النهضة وآلياتها عند الشيخ محمد عبده.- في: المؤتمر الدولي السادس للفلسفة الإسلامية (الإسلام ومشروعات النهضة الحديثة).- القاهرة: جامعة القاهرة – كلية دار العلوم، 2001.- ص ص499- 541
بحث مؤتمر

6
هناء أحمد عبد المقصود

الجوانب العقدية في فكر الإمام محمد عبده؛ إشراف محمد عبد الغنى شامة.- الإسكندرية: جامعة الأزهر ـ كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات ـ قسم العقيدة والفلسفة، 2000.- رسالة ماجستير.
رسالة جامعية

7
محمد صالح محمد السيد

إعادة بناء علم التوحيد عند الأستاذ محمد عبده.- القاهرة: دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، 1998.- 168ص.
كتاب

8
أمان عبد المؤمن قحيف

الحضارة بين الانقطاع والتواصل في فكر الإمام محمد عبده.- في: المؤتمر الدولي الأول للفلسفة (الفلسفة الإسلامية والتحديات المعاصرة).- القاهرة: جامعة القاهرة – كلية دار العلوم، 1996.- ص ص297- 319.
بحث مؤتمر

9
منى أبو اليزيد

منهج محمد عبده في دراسة العقيدة.– المسلم المعاصر (بيروت).- ع75-76 (1995).- ص 128-167.
مقالة دورية

10
فرح أنطون

ابن رشد وفلسفته مع نصوص المناظرة بين محمد عبده وفرح أنطون.- بيروت: دار الفارابي، 1988.- 352ص.
كتاب

11
علي زيعور

الخطاب التربوي والفلسفي عند محمد عبده: [دراسة بالشاهد للقطاع المحدث في الذات العربية].- بيروت: دار الطليعة، 1988.- 235ص.
كتاب

12
محمد عمارة مصطفى عمارة

الإمام محمد عبده: مجدد الدنيا بتجديد الدين.- بيروت: دار الوحدة للطباعة والنشر، 1985.– 283ص.
كتاب

13
عبد الله محمود شحاتة

منهج الإمام محمد عبده في تفسير القرآن الكريم.- القاهرة: جامعة القاهرة، 1984.- 264ص.
كتاب

14
زينون كمال الدين الأندونيسي

الإمام محمد عبده وأثره في تجديد الفكر الإسلامي بأندونيسيا؛ إشراف عبد اللطيف محمد العبد.- القاهرة: جامعة القاهرة – كلية دار العلوم – قسم الفلسفة الإسلامية، 1984.- رسالة ماجستير.
رسالة جامعية

15
عبد الغفار عبد الرحيم

الإمام محمد عبده ومنهجه في التفسير.- القاهرة: دار الأنصار، 1980.- 419ص.
كتاب

16
رفقي علي زاهر

الشيخ محمد عبده وآراؤه الفلسفية؛ إشراف محمد خليل هراس.- القاهرة: جامعة الأزهر – كلية أصول الدين، 1972.- رسالة دكتوراه.
رسالة جامعية

17
أحمد عبد الرحمن عيسى

الفن الصحفي عند الشيخ محمد عبده.- القاهرة: جامعة الأزهر – كلية اللغة العربية، 1971.- رسالة دكتوراه.
رسالة جامعية

18
السيد تقي الدين السيد أحمد

محمد عبده أديبًا وناقدًا.- القاهرة: جامعة الأزهر – كلية اللغة العربية، 1970.- رسالة دكتوراه.
رسالة جامعية

19
عثمان أمين

رائد الفكر المصري: الإمام محمد عبده.- القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1955.- 287ص.
كتاب

20
محمد إبراهيم الفيومي

في مناهج تجديد الفكر الإسلامي (التقريب بين المذاهب) محمد عبده؛ مصطفى عبد الرازق؛ آية الله البروجردي؛ محمود شلتوت.- القاهرة: دار الفكر العربي، 2001.- 175ص.

هذه كتب عنه

محمد عبده رائد الإصلاح في العصر الحديث

( ذكرى وفاته في 8 من جمادى الأولى 1323هـ)

سمير حلبي

الشيخ محمد عبده

يُعدّ "الإمام محمد عبده" واحدًا من أبرز المجددين في الفقه الإسلامي في العصر الحديث، وأحد دعاة الإصلاح وأعلام النهضة العربية الإسلامية الحديثة؛ فقد ساهم بعلمه ووعيه واجتهاده في تحرير العقل العربي من الجمود الذي أصابه لعدة قرون، كما شارك في إيقاظ وعي الأمة نحو التحرر، وبعث الوطنية، وإحياء الاجتهاد الفقهي لمواكبة التطورات السريعة في العلم، ومسايرة حركة المجتمع وتطوره في مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية.

في الجامع الأحمدي

وُلد الإمام "محمد عبده" في عام (1266هـ = 1849م) لأب تركماني الأصل، وأم مصرية تنتمي إلى قبيلة "بني عدي" العربية، ونشأ في قرية صغيرة من ريف مصر هي قرية "محلة نصر" بمحافظة البحيرة.

أرسله أبوه- كسائر أبناء قريته- إلى الكُتّاب، حيث تلقى دروسه الأولى على يد شيخ القرية، وعندما شبَّ الابن أرسله أبوه إلى "الجامع الأحمدي"- جامع السيد البدوي- بطنطا، لقربه من بلدته؛ ليجوّد القرآن بعد أن حفظه، ويدرس شيئًا من علوم الفقه واللغة العربية.

وكان محمد عبده في نحو الخامسة عشرة من عمره، وقد استمر يتردد على "الجامع الأحمدي" قريبًا من العام ونصف العام، إلا أنه لم يستطع أن يتجاوب مع المقررات الدراسية أو نظم الدراسة العقيمة التي كانت تعتمد على المتون والشروح التي تخلو من التقنين البسيط للعلوم، وتفتقد الوضوح في العرض، فقرر أن يترك الدراسة ويتجه إلى الزراعة.. ولكن أباه أصر على تعليمه، فلما وجد من أبيه العزم على ما أراد وعدم التحول عما رسمه له، هرب إلى بلدة قريبة فيها بعض أخوال أبيه.

مع الشيخ درويش خضر

وهناك التقى بالشيخ الصوفي "درويش خضر"- خال أبيه- الذي كان له أكبر الأثر في تغيير مجرى حياته.

وكان الشيخ درويش متأثرًا بتعاليم السنوسية التي تتفق مع الوهابية في الدعوة إلى الرجوع إلى الإسلام الخالص في بساطته الأولى، وتنقيته مما شابه من بدع وخرافات.

واستطاع الشيخ "درويش" أن يعيد الثقة إلى محمد عبده، بعد أن شرح له بأسلوب لطيف ما استعصى عليه من تلك المتون المغلقة، فأزال طلاسم وتعقيدات تلك المتون القديمة، وقرّبها إلى عقله بسهولة ويسر.

وعاد محمد عبده إلى الجامع الأحمدي، وقد أصبح أكثر ثقة بنفسه، وأكثر فهمًا للدروس التي يتلقاها هناك، بل لقد صار "محمد عبده" شيخًا ومعلمًا لزملائه يشرح لهم ما غمض عليهم قبل موعد شرح الأستاذ.

وهكذا تهيأ له أن يسير بخطى ثابتة على طريق العلم والمعرفة بعد أن عادت إليه ثقته بنفسه.

في الأزهر

انتقل محمد عبده من الجامع الأحمدي إلى الجامع الأزهر عام (1282 هـ = 1865م)، وقد كان الأزهر غاية كل متعلم وهدف كل دارس، فدرس الفقه والحديث والتفسير واللغة والنحو والبلاغة، وغير ذلك من العلوم الشرعية واللغوية.

وكانت الدراسة في الأزهر- في ذلك الوقت- لا تخرج عن هذه العلوم في شيء، فلا تاريخ ولا جغرافيا ولا طبيعة ولا كيمياء ولا رياضيات وغير ذلك من العلوم التي كانت توصف- آنذاك- بعلوم أهل الدنيا.

ولذلك فَقَدْ شَابَ الدراسة في الأزهر- في ذلك الوقت- كثير من التخلف والجمود، وتوقفت العلوم عند ظواهر الأشياء دون النفاذ إلى الجوهر، ومن ثم كانت الدراسة تنصبّ على المتون والحواشي والشروح بالدرجة الأولى.

واستمر "محمد عبده" يدرس في "الأزهر" اثني عشر عامًا، حتى نال شهادة العالمية سنة (1294هـ = 1877م).

رجال في حياة الإمام

تأثر الشيخ "محمد عبده" بعدد من الرجال الذين أثروا حياته وأثّروا فيها، وكان من أولهم الشيخ "درويش خضر" الذي كان يلتقي به في إجازته من كل عام، فيتعهده بالرعاية الروحية والتربية الوجدانية، فيصب في روحه من صوفيته النقية، ويشحذ عزيمته ونفسه بالإرادة الواعية، ويحركه للاتصال بالناس، والتفاعل مع المجتمع، ويدعوه إلى التحدث إلى الناس ونصحهم ووعظهم.

وهو الذي ساعده على تجاوز حدود العلوم التي درسها بالأزهر، ونبهه إلى ضرورة الأخذ من كل العلوم، بما فيها تلك العلوم التي رفضها الأزهر وضرب حولها سياجًا من المنع والتحريم.

ومن ثم فقد اتصل "محمد عبده" بالرجل الثاني الذي كان له أثر كبير في توجيهه إلى العلوم العصرية، وهو الشيخ "حسن الطويل" الذي كانت له معرفة بالرياضيات والفلسفة، وكان له اتصال بالسياسة، وعُرف بالشجاعة في القول بما يعتقد دون رياء أو مواربة.

وقد حركت دروس الشيخ "حسن الطويل" كوامن نفس محمد عبده، ودفعته إلى البحث عن المزيد، وقد وجد ضالته أخيرًا عند السيد "جمال الدين الأفغاني".

صداقة ووئام بين الأفغاني والإمام

كان الأفغاني يفيض ذكاء وحيوية ونشاطا، فهو دائم الحركة، دائم التفكير، دائم النقد، دائم العطاء، وكان محركًا للعديد من ثورات الطلاب ومظاهراتهم؛ فقد وهب نفسه لهدف أسمى وغاية نبيلة هي إيقاظ الدولة الإسلامية من سُباتها، والنهوض بها من كبوتها وضعفها، فعمل على تبصرة الشعوب بحقوقها من خلال تنوير عقول أبنائها.

ووجد "الأفغاني" في "محمد عبده" الذكاء وحسن الاستعداد، وعلو الهمة، فضلا عن الحماسة في الدعوة إلى الإصلاح، ورأى "محمد عبده" من خلال "الأفغاني" الدنيا التي حجبتها عنه طبيعة الدراسة في الأزهر.. وتلازم الشيخان، ونشأت بينهما صداقة صافية، وساد بينهما نوع من الوئام والتوافق والانسجام على أساس من الحب المتبادل والاحترام والتقدير.

الإمام معلمًا

بعد أن نال "محمد عبده" شهادة العالمية من الأزهر، انطلق ليبدأ رحلة كفاحه من أجل العلم والتنوير، فلم يكتف بالتدريس في الأزهر، وإنما درّس في "دار العلوم" وفي "مدرسة الألسن"، كما اتصل بالحياة العامة.

وكانت دروسه في الأزهر في المنطق والفلسفة والتوحيد، وكان يُدرّس في دار العلوم مقدمة ابن خلدون، كما ألّف كتابًا في علم الاجتماع والعمران.

واتصل بعدد من الجرائد، فكان يكتب في "الأهرام" مقالات في الإصلاح الخلقي والاجتماعي، فكتب مقالا في "الكتابة والقلم"، وآخر في "المدبر الإنساني والمدبر العقلي والروحاني"، وثالثا في "العلوم العقلية والدعوة إلى العلوم العصرية".

المنهج الإصلاحي للإمام

وحينما تولّى الخديوي "توفيق" العرش، تقلد "رياض باشا" رئاسة النظار، فاتجه إلى إصلاح "الوقائع المصرية"، واختار الشيخ محمد عبده ليقوم بهذه المهمة، فضم "محمد عبده" إليه "سعد زغلول"، و"إبراهيم الهلباوي"، والشيخ "محمد خليل"، وغيرهم، وأنشأ في الوقائع قسمًا غير رسمي إلى جانب الأخبار الرسمية، فكانت تحرر فيه مقالات إصلاحية أدبية واجتماعية، وكان الشيخ "محمد عبده" هو محررها الأول. وظل الشيخ "محمد عبده" في هذا العمل نحو سنة ونصف السنة، استطاع خلالها أن يجعل "الوقائع" منبرًا للدعوة إلى الإصلاح.

وكان في مصر تياران قويان يتنازعان حركة الإصلاح:

الأول: يمثله فريق المحافظين الذين يرون أن الإصلاح الحقيقي للأمة إنما يكون من خلال نشر التعليم الصحيح بين أفراد الشعب، والتدرج في الحكم النيابي، وكان الإمام "محمد عبده" والزعيم "سعد زغلول" ممن يمثلون هذا التيار.

والثاني: يدعو إلى الحرية الشخصية والسياسية تأسيًا بدول أوروبا، وكانت نواته جماعة من المثقفين الذين تعلموا في أوروبا، وتأثروا بجو الحرية فيها، وأعجبوا بنظمها، ومنهم "أديب إسحاق".

وكان هؤلاء ينظرون إلى محمد عبده ورفاقه على أنهم رجعيون، ولا يوافقونهم فيما ذهبوا إليه من أن الإصلاح ينبغي أن يأتي بالتدريج ليستقر، وليس طفرة فيزول.

الإمام والثورة العرابية

وعندما اشتغلت الثورة العرابية سنة (1299هـ = 1882م) التفّ حولها كثير من الوطنيين، وانضم إليهم الكثير من الأعيان وعلماء الأزهر، واجتمعت حولها جموع الشعب وطوائفه المختلفة، وامتزجت مطالب جنود الجيش بمطالب جموع الشعب والأعيان والعلماء، وانطلقت الصحف تشعل لهيب الثورة، وتثير الجموع، وكان "عبد الله النديم" من أكثر الخطباء تحريضًا على الثورة.

وبالرغم من أن "محمد عبده" لم يكن من المتحمسين للتغيير الثوري السريع فإنه انضم إلى المؤيدين للثورة، وأصبح واحدًا من قادتها وزعمائها، فتم القبض عليه، وأودع السجن ثلاثة أشهر، ثم حُكم عليه بالنفي لمدة ثلاث سنوات.

بين بيروت وباريس

انتقل "محمد عبده" إلى "بيروت" سنة (1300هـ = 1883م)؛ حيث أقام بها نحو عام، ثم ما لبث أن دعاه أستاذه الأفغاني للسفر إليه في باريس حيث منفاه، واستجاب "محمد عبده" لدعوة أستاذه حيث اشتركا معًا في إصدار مجلة "العروة الوثقى" التي صدرت من غرفة صغيرة متواضعة فوق سطح أحد منازل باريس؛ حيث كانت تلك الغرفة هي مقر التحرير وملتقى الأتباع والمؤيدين.

لقد أزعجت تلك المجلة الإنجليز، وأثارت مخاوفهم كما أثارت هواجس الفرنسيين، وكان الإمام محمد عبده وأستاذه وعدد قليل من معاونيهم يحملون عبء تحرير المجلة وتمهيد السبل لها للوصول إلى أرجاء العالم الإسلامي، وكانت مقالات الإمام تتسم في هذه الفترة بالقوة، والدعوة إلى مناهضة الاستعمار، والتحرر من الاحتلال الأجنبي بكل صوره وأشكاله. واستطاع الإنجليز إخماد صوت "العروة الوثقى" الذي أضجّ مضاجعهم وأقلق مسامعهم، فاحتجبت بعد أن صدر منها ثمانية عشر عددا في ثمانية أشهر، وعاد الشيخ "محمد عبده" إلى بيروت سنة (1302هـ = 1885م) بعد أن تهاوى كل شيء من حوله، فقد فشلت الثورة العرابية، وأغلقت جريدة "العروة الوثقى"، وابتعد عن أستاذه الذي رحل بدوره إلى "فارس".

وكان على "محمد عبده" أن يشغل وقته بالتأليف والتعليم، فشرح "نهج البلاغة" ومقامات "بديع الزمان الهمذاني"، وأخذ يدرّس تفسير القرآن في بعض مساجد "بيروت"، ثم دُعي للتدريس في "المدرسة السلطانية" ببيروت، فعمل على النهوض بها، وأصلح برامجها، فكان يدرّس التوحيد والمنطق والبلاغة والتاريخ والفقه، كما كتب في جريدة "ثمرات الفنون" عددًا من المقالات تشبه مقالاته في "الوقائع".

وبالرغم من أن مدة نفيه التي حكم عليه بها كانت ثلاث سنوات فإنه ظل في منفاه نحو ست سنين، فلم يكن يستطيع العودة إلى مصر بعد مشاركته في الثورة على الخديوي "توفيق"، واتهامه له بالخيانة والعمالة، ولكن بعد محاولات كثيرة لعدد من الساسة والزعماء، منهم: "سعد زغلول"، والأميرة "نازلي"، و"مختار باشا"، صدر العفو عن "محمد عبده" سنة (1306هـ = 1889م)، وآن له أن يعود إلى أرض الكنانة.

العودة إلى مصر

كان كل شيء قد أصبح في يد الإنجليز، وكان أهم أهداف الشيخ "محمد عبده" إصلاح العقيدة، والعمل على إصلاح المؤسسات الإسلامية كالأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية.. واتخذ "محمد عبده" قراره بمسالمة الخديوي، وذلك حتى يتمكن من تنفيذ برنامجه الإصلاحي الذي يطمح إلى تحقيقه، والاستعانة بالإنجليز أنفسهم إذا اقتضى الأمر، فوضع تقريرًا بعد عودته حول الإصلاحات التي يراها ضرورية للنهوض بالتعليم، ورفعه إلى "اللورد كرومر" نفسه، فحقيقية الأمر التي لا جدال فيها أنه كان القوة الفاعلة والحاكم الحقيقي لمصر.

وكان الشيخ "محمد عبده" يأمل أن يكون ناظرًا لدار العلوم أو أستاذًا فيها بعد عودته إلى مصر، ولكن الخديوي والإنجليز كان لهما رأي آخر؛ ولذلك فقد تم تعيينه قاضيًا أهليًا في محكمة بنها، ثم الزقازيق، ثم عابدين، ثم عين مستشارًا في محكمة الاستئناف سنة (1313هـ = 1895م).

بدأ يتعلم اللغة الفرنسية وهو قاضٍ في "عابدين"- وكانت سنه حينئذ قد شارفت على الأربعين- حتى تمكّن منها، فاطلع على القوانين الفرنسية وشروحها، وترجم كتابًا في التربية من الفرنسية إلى العربية.

الإمام مفتيًا

وعندما تُوفي الخديوي "توفيق" سنة (1310هـ = 1892م)، وتولي الخديوي عباس، الذي كان متحمسًا على مناهضة الاحتلال، سعى الشيخ "محمد عبده" إلى توثيق صلته به، واستطاع إقناعه بخطته الإصلاحية التي تقوم على إصلاح الأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية، وصدر قرار بتشكيل مجلس إدارة الأزهر برئاسة الشيخ "حسونة النواوي"، وكان الشيخ محمد عبده عضوا فيه، وهكذا أتيحت الفرصة للشيخ محمد عبده لتحقيق حلمه بإصلاح الأزهر، وهو الحلم الذي تمناه منذ أن وطئت قدماه ساحته لأول مرة.

وفي عام (1317هـ = 1899م) تم تعيينه مفتيًا للبلاد، ولكن علاقته بالخديوي عباس كان يشوبها شيء من الفتور، الذي ظل يزداد على مر الأيام، خاصة بعدما اعترض على ما أراده الخديوي من استبدال أرض من الأوقاف بأخرى له إلا إذا دفع الخديوي للوقف عشرين ألف فرقًا بين الصفقتين.

الحملة الشرسة ضد الإمام

وتحول الموقف إلى عداء سافر من الخديوي، فبدأت المؤامرات والدسائس تُحاك ضد الإمام الشيخ، وبدأت الصحف تشن هجومًا قاسيًا عليه لتحقيره والنيل منه، ولجأ خصومه إلى العديد من الطرق الرخيصة والأساليب المبتذلة لتجريحه وتشويه صورته أمام العامة؛ حتى اضطر إلى الاستقالة من الأزهر في سنة (1323هـ = 1905م)، وإثر ذلك أحس الشيخ بالمرض، واشتدت عليه وطأة المرض، الذي تبيّن أنه السرطان، وما لبث أن تُوفي بالإسكندرية في (8 من جمادى الأولى 1323 هـ = 11 من يوليو 1905م) عن عمر بلغ ستة وخمسين عامًا.

الإمام محمد عبده

الثلاثاء, 30 سبتمبر, 2022

الإمام محمد عبده رجل الإصلاح
الامام محمد عبده

داعية وإمام إسلامي، عرف بفكره الإصلاحي ودعوته للتحرر من كافة أشكال الاستعمار الأجنبي ومحاولاته المستمرة من أجل الارتقاء بالمؤسسات الإسلامية والتعليمية وسعيه الدائم للإصلاح والتطوير في الأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية، فبذل الكثير من الجهد من أجل تحقيق التطور والإصلاح في المجتمع على الرغم مما تعرض له من سجن ونفي .
ولد الإمام "محمد عبده" في عام 1266هـ – 1849م لأب تركماني الأصل، وأم مصرية تنتمي إلى قبيلة " بني عدي " العربية، ونشأ في قرية "محلة نصر" بمحافظة البحيرة.

تعليمه

قام والده بإرساله إلى كتاب القرية حيث تلقى دروسه الأولى، ثم بعد ذلك وفي سن الخامسة عشر تقريباً، التحق "بالجامع الأحمدي" – جامع السيد البدوي بطنطا، حيث تلقى علوم الفقه واللغة العربية كما حفظ القرآن وجوده، انتقل بعد ذلك الشيخ محمد عبده إلى الدراسة في الأزهر الشريف وذلك في عام 1865م، وتلقى في هذه الجامعة العلمية والدينية القيمة علومه المختلفة فدرس الفقه والحديث والتفسير واللغة والنحو والبلاغة، وغير ذلك من العلوم الشرعية واللغوية، استمر في الدراسة في الأزهر حتى حصل على شهادة العالمية منه عام 1877م.

حاول محمد عبده الانفتاح على العلوم الأخرى والتي لم يكن الأزهر يهتم بتدريسها في هذا الوقت ووجد ضالته في بعض الشخصيات التي أثرت في حياته بشكل فعلي منهم الشيخ درويش خضر والذي كان يقدم له النصح دائماً ويوجهه للطريق السليم ويحثه على ضرورة التعرف على مختلف العلوم الأخرى بجانب العلوم الشرعية والفقهية ، وبعد ذلك تعرف محمد عبده على الشيخ حسن الطويل الذي كان على دراية بعدد من العلوم مثل الرياضيات والفلسفة وتلقى على يديه عدد من الدروس، ثم يأتي دور جمال الدين الأفغاني في حياة محمد عبده وتنشأ بين الاثنان صداقة قوية مبعثها الدعوة للإصلاح.

الحياة العملية

قام محمد عبده من خلال هدفه في الدعوة للإصلاح ونشر التنوير والعلم بالتدريس في العديد من الأماكن منها الأزهر الشريف الذي قام بتدريس المنطق والفلسفة والتوحيد فيه، ودرس في دار العلوم مقدمة ابن خلدون، كما قام بالتدريس في مدرسة الألسن.
قام بتأليف كتاب في علم الاجتماع والعمران، كما قام بكتابة عدد من المقالات في عدد من الجرائد مثل جريدة الأهرام.

دعوته للإصلاح

قام رياض باشا ( رئيس النظار في عهد الخديوي توفيق) بتعيين الإ مام محمد ع الامام محمد عبده فى شبابهبده في جريدة الوقائع المصرية وهي الجريدة التي قام رياض باشا بإجراء بعض الإصلاحات عليها وضم بها عدد من الشخصيات البارزة للعمل فيها مثل سعد زغلول، محمد خليل والشيخ محمد عبده، حيث قام محمد عبده بمهمة التحرير والكتابة في القسم الخاص بالمقالات الإصلاحية الأدبية والاجتماعية .
كان الإمام محمد عبده ينتمي في تيار حركة الإصلاح إلى المحافظين الذين يرون أن الإصلاح يكون من خلال نشر التعليم بين أفراد الشعب والتدرج في الحكم النيابي وكان سعد زغلول أيضاً من مؤيدي هذا التيار، وهو عكس التيار الذي يدعو للحرية الشخصية والسياسية مثل المنهج الذي تتبعه الدول الأوروبية، وكان من مؤيدي هذا التيار "أديب إسحاق" ومجموعة من المثقفين الذين تلقوا علومهم في الدول الأوروبية.
قامت الثورة العرابية في عام 1882م وكان محمد عبده من مؤيديها فتم القبض عليه وحكم عليه بالنفي لمدة ثلاث سنوات.

في المنفى

انتقل محمد عبده إلى بيروت حيث مكث بها قرابة العام، ثم انتقل بعدها إلى باريس ليكون بالقرب من أستاذه وصديقه جمال الدين الأفغاني حيث قاموا معاً بتأسيس جريدة " العروة الوثقى" ولكن للأسف هذه الجريدة لم تستمر كثيراً حيث أثارت المقالات التي كانت تكتب بها حفيظة الإنجليز والفرنسيين خاصة وأنها كانت تتضمن مقالات تندد بالاستعمار وتدعو للتحرر من الاحتلال الأجنبي بجميع أشكاله، فتم إيقاف إصدارها .
عاد مرة أخرى لبيروت حيث قام بتأليف عدد من الكتب، والتدريس في بعض مساجدها، ثم انتقل للتدريس في "المدرسة السلطانية" في بيروت حيث عمل على الارتقاء بها وتطويرها، كما شارك بكتابة بعض المقالات في جريدة " ثمرات الفنون"، وقام بشرح " نهج البلاغة" و " مقامات " بديع الزمان الهمذاني".

العودة للوطن

صدر العفو عن محمد عبده بعد ست سنوات قضاها في المنفى، فعاد إلى مصر وكان يراوده حلم دائماً بمحاولة الإصلاح في المؤسسات الإسلامية ومحاولة النهضة بالتعليم وتطويره، عين محمد عبده قاضياً أهلياً في محكمة بنها، ثم في محكمة الزقازيق ، وعابدين ثم مستشاراً في محكمة الاستئناف .
تعلم محمد عبده اللغة الفرنسية وأتقنها واطلع على العديد من الكتب والقوانين الفرنسية، كما قام بترجمة كتاب في التربية من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية.
بعد وفاة الخديوي توفيق عام 1892م، تولى الخديوي عباس الحكم وحاول محمد عبده تحقيق حلمه في الإصلاح والتطوير للأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية من خلال توطيد علاقته بالخديوي عباس، وعندما تم تشكيل مجلس إدارة الأزهر برئاسة الشيخ " حسونة النواوي " عين محمد عبده عضواً فيه، ثم بعد ذلك أصبح مفتياً للبلاد.

الوفاة

علاقة الشيخ محمد عبده بالخديوي عباس لم تكن على مايرام وازدادت سوءاً على مر الأيام، الأمر الذي أدى لمحاولة النيل من محمد عبده بمختلف السبل الممكنة من خلال المؤامرات، ومحاولة تشويه صورته في الصحف وأمام الشعب، وأد ى هذا الأمر بالشيخ في نهاية الأمر بتقديم استقالته من الأزهر عام 1905م، وبعد ذلك اشتدت معاناته من مرض السرطان حتى كانت الوفاة في الإسكندرية في يوليو 1905م .

مؤلفاته

قام محمد عبده بكتابة وتأليف وشرح عدد من الكتب نذكر منها "رسالة التوحيد"، تحقيق وشرح "البصائر القصيرية للطوسي"، تحقيق وشرح "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة" للجرجاني، كتاب "الإسلام والنصرانية بين العلم والمدنية" وفي هذا الكتاب قام الإ مام محمد عبده بإجراء مقابلة بين الدينين الإسلامي والمسيحي وأثرهما في العلم والمدنية، تقرير إصلاح المحاكم الشرعية سنة 1899 م.
كما قام العديد من الكتاب والصحفيين بتناول شخصية محمد عبده وآرائه الإصلاحية من خلال كتبهم ومقالاتهم المختلفة منها: كتاب "محمد عبده" تأليف محمود عباس العقاد، كتاب "رائد الفكر المصري – الإ مام محمد عبده" من تأليف عثمان أمين، كتاب " الإ مام محمد عبده في أخباره وآثاره" تأليف رحاب عكاوي، وغيرها العديد من الكتب.

للمزيد :

http://www.google.ae/search?hl=ar&q=…%8A%D8%B1&****=

تسلمين الغالية : معلمة المستقبل .. ع المساعده الحلوة ,, تسلم اناملج ^^

أستغفرك يا رب من كل ذنب

التصنيفات
الصف الحادي عشر

التفسير الموضوعي و التفسير الفقهي للصف الحادي عشر

افتح المرفقات

الملفات المرفقة

تسلم اخوي و ما تقصر وتستاهل
احلى تقيمم ++*_^

مرسسي اووووووووووووووي

يسلمووووووو

ماشتغل اخوي البحث

مشكوووووووووووووووووووووووووووور

يسلموووووووووووووووو

واكره شي اسمه سكووووووووووووول (ما ظهر شي عندي شسوي)

مشكور أخوي على التقرير بس لو يكون طويل شوي

يسلمووووووووووووووووووووووووووووووو (( بس ما ظهر عندي شي ))

جعله في ميزان حسناتك

سبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف العاشر

حل درس التفسير بالرأي للصف العاشر

السلام عليكم

ص82
على ماذا………؟
على التفسير بالرأي

ما الفرق…………
الاول استند على علم ومعرفة وسأل اهل الذكر
الثاني استند على جهل ولم يكلف نفسه السؤال عما لا يعلم

السؤال الأول
التفسير بالمأثور : هو تفسير القرآن الكريم بالقرآن أو بالسنة أو بأقوال الصحابة
التفسير بالرأي : هو إعمال العقل و الإجتهاد في تفسير القرآن الكريم
السؤال 2
: ماذايقصد ………………..
ج : هو إعمال العقل و الإجتهاد في تفسير القرآن الكريم

السؤال الثالث :

س : اختلف العلماء ………
ج : المذهب الثاني ، لوجود الأدلة من القرآن و فعل الصحابة

السؤال الرابع :

س : ابحث عن …………..
ج : التفكر و التمعن بآيات الله و هو المقصود بالتفسير بالرأي

س : استخرج الأحكام ………….
ج : كتاب أنزلناه ( إظهار حقيقي ) ، أنزلناه ( إخفاء حقيقي ) ، مبارك ليدبروا ( إدغام بلا غنة ) ، ليدبروا آياته ( مد جائز منفصل ) ، آياته و ليتذكروا ( مد صلة صغرى ) قرآن الكريم

السؤال 5
تفسيرالقران الكريم

وبالتوفيق=)

شكرا لج

تسلمين

العفو
الله يسلمج
شكرا لمرورج

لا الـــه الا الله

التصنيفات
الصف الحادي عشر

حل درس التفسير الفقهي والموضوعي للصف الحادي عشر

الســـــلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إليكمــ احبتي حل درس التفسير الفقهي والموضوعي
ف المرفق
موفقين ان شاء الله

م

الملفات المرفقة

السسلام عليكم
بوركت جهودك
كفيت وفيت
يعطيك العافيه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,

يعطيك العافية,,

وتسلم يمناك..

موفقين ان ششاء الله..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يعطيك العافية

ما تقصر .. إلى الامام ^^

لا الـــه الا الله

التصنيفات
الصف العاشر

بحث , تقرير جاهز / التفسير بالرأي للصف العاشر

آلسَلآم عليكم والرحمَه ,

بحث , تقرير جاهز / التفسير بالرأي ،

فالمرفقات ,

الملفات المرفقة

شكرا لج ع البحث

تسلمين

مشكووووووووووووووووووووووووور جدا

أستــــغفر الله العظيم