التصنيفات
الصف العاشر

[انتهى]الامام مسلــــــم -مناهج الامارات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اشحااااااااااالكم ….؟؟؟

عساكم مرتاااااحين ………..؟؟؟

طلبتكم لا تردووووني
اذا سمحتوووو

ابغي تقريرعن "الامام المسلم"

ويشمل المقدمة والموضوع والخاتمة والمراجع
وياليت يكون خلال هاليومين لانه الاستاذ مستعيل مادري شو بلاه علينا

والسموحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـة

اخوكم

"بوميحد"

السلام عليكم والرحمه
اشحالك عساك بخير
انا اول مره اشترك بمنتدى
واذا كان عندك اي تقرير للصف الاول ثانوي لاي ماده طرشه لي اوك
والسمووووووووحه عالقصور
اختك نقاط

نسبه:

هو الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري ، إمام أهل الحديث ( وقشير قبيلة من العرب)

إجماع العلماء على إمامته :

وأجمعوا على جلالته وإمامته وعلو مرتبته وحذقه في هذه الصنعة وتقدمه فيها وتضلعه منها ، ومن أكبر الدلائل على جلالته وإمامته وحذقه في علوم الحديث كتابه الصحيح الذي لم يوجد في كتاب قبله ولا بعده من حسن الترتيب وتلخيص طرق الحديث بغير زيادة ولا نقصان .

سفره إلى الأقطار في طلب العلم :

واعلم أن مسلما رحمه الله أحد أعلام أئمة هذا الشأن وكبار المبرزين فيه وأهل الحفظ والإتقان والرحالين في طلبه

مصنفاته :

صنف رحمه الله في علم الحديث كتبا كثيرة منها كتابه الضخم : الجامع الصحيح الذي يعد من أصح كتب الحديث .

ومنها كتاب المسند الكبير على أسماء الرجال ، الجامع الكبير على الأبواب ، كتاب العلل ،…..

وفاته :

توفي رحمه الله بنيسابور في رجب سنة إحدى وستين ومائتين (261)

نسبه:
هو الإمام أبو الحسن مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري نسبا النيسابوري وطنا، قال ابن الأثير في اللباب في تهذيب الأنساب: القشيري بضم القاف وفتح الشين وسكون الياء تحتها نقطتان وفي آخرها راء، هذه النسبة إلى قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة قبيلة كبيرة ينسب إليها كثير من العلماء فذكر جماعة من هؤلاء ومنهم الإمام مسلم،

ونسبة الإمام مسلم هذه نسبة أصل بخلاف الإمام البخاري فإن نسبته إلى الجعفيين نسبة ولاء ولهذا لما ذكر الإمام أبو عمر بن الصلاح في كتابه علوم الحديث أن أول من ألف في الصحيح الإمام البخاري ثم الإمام مسلم قال: "أول من صنف الصحيح البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي مولاهم وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري القشيري من أنفسهم".

ولادته:
ولد الإمام مسلم سنة أربع ومائتين كما في خلاصة تهذيب الكمال للخزرجي وتهذيب التهذيب وتقريبه للحافظ ابن حجر العسقلاني، وكذا في البداية والنهاية لابن كثير، قال بعد أن ذكر وفاته سنة إحدى وستين ومائتين: وكان مولده في السنة التي توفي فيها الشافعي وهي سنة أبع ومائتين فكان عمره سبعا وخمسين سنة رحمه الله تعالى، ونقل ابن خلكان في كتابه وفيات الأعيان عن كتاب (علماء الأمصار) لأبي عبد الله النيسابوري الحاكم أن مسلما توفي بنيسابور لخمس بقين من شهر رجب الفرد سنة إحدى وستين ومائتين وهو ابن خمسة وخمسين سنة ثم قال: فتكون ولادته في سنة ست ومائتين.

رحلته في طلب العلم وسماعه الحديث:
بدأ سماع الحديث سنة ثماني عشرة ومائتين كما في تذكرة الحفاظ للذهبي، وقد رحل لطلبه إلى العراق والحجاز والشام ومصر، وروى عن جماعة كثيرين أذكر فيما يلي عشرة من الذين أكثر من السماع منهم والرواية عنهم في صحيحه مع بيان عدد ما رواه عن كل منهم كما نقل ذلك الحافظ ابن حجر في تراجمهم في كتابه تهذيب التهذيب:
1- أبو بكر ابن أبي شيبة: 1540 حديثا.
2- أبو خيثمة زهير بن حرب: 1281 حديثا.
3- محمد بن المثني الملقب الزمن: 772 حديثا.
4- قتيبة بن سعيد: 668 حديثا.
5- محمد بن عبد الله بن نمير: 573 حديثا.
6- أبو كريب محمد بن العلاء ابن كريب: 556 حديثا.
7- محمد بن بشار الملقب بندارا: 460 حديثا.
8- محمد بن رافع النيسابوري: 362 حديثا.
9- محمد بن حاتم الملقب السمين: 300 حديثا.
10- علي بن حجر السعدي: 188 حديثا.

وهؤلاء العشرة من شيوخ مسلم روى البخاري في صحيحه مباشرة عن تسعة منهم فهم جميعا من شيوخ الشيخين معا إلا محمد بن حاتم فلم يرو عنه البخاري في صحيحه لا بواسطة ولا بغيرها، وقد قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح في كتابه علوم الحديث: ومسلم مع أنه أخذ عن البخاري واستفاد منه فإنه يشارك البخاري في كثير من شيوخه.

تلمذته على الإمام البخاري:
يعتبر الإمام البخاري من شيوخ مسلم البارزين الذين لهم دور كبير في إفادته وتمكنِّه في معرفة الحديث النبوي والتثبت في نقل الصحيح. قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في ترجمة الإمام مسلم في كتابه تاريخ بغداد، قلت: "إنما قفا مسلم طريق البخاري ونظر في علمه وحذا حذوه، ولما ورد البخاري نيسابور في آخر أمره لازمه مسلم وداوم الاختلاف إليه"، وقال الحافظ ابن حجر في شرحه لنخبة الفكر في معرض ترجيح صحيح البخاري على صحيح مسلم: "هذا على اتفاق العلماء على أن البخاري كان أجل من مسلم وأعرف بصناعة الحديث منه وإن مسلما تلميذه وخريجه ولم يزل يستفيد منه ويتبع آثاره حتى قال الدارقطني: "لولا البخاري لما راح مسلم ولا جاء"". انتهى.
ومع كون الإمام مسلم تتلمذ على الإمام البخاري ولازمه واستفاد منه لم يرو عنه في صحيحه شيئا ويبدو والله تعالى أعلم أن مسلما رحمه الله فعل ذلك لأمرين:

الأول: الرغبة في علو الإسناد وذلك أن مسلما شارك البخاري في كثير من شيوخه فلو روى عنه ما رواه عنهم لطال السند بزيادة راو لكنَّه رغبة منه في علوِّ الإسناد وقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم روى مباشرة عن هؤلاء الشيوخ تلك الأحاديث التي رواها البخاري عنهم.

الثاني: أن الإمام مسلما رحمه الله ساءه ما حصل من بعض العلماء من مزج الأحاديث الضعيفة بالأحاديث الصحيحة وعدم التمييز بينهما، فوجه عنايته في تجريد الصحيح من غيره كما أوضح ذلك في مقدمة صحيحه، وإذاً فما كان عند البخاري من الأحاديث قد كفاه مؤونته لأنَّه قد عنى بجمع الحديث الصحيح مع شدة الاحتياط وزيادة التثبت.

تلاميذه:
وللإمام مسلم تلاميذ كثيرون سمعوا منه، كما في تهذيب التهذيب منهم: أبو الفضل أحمد بن سلمة وإبراهيم بن أبي طالب وأبو عمرو الخفاف وحسين بن محمد القباني وأبو عمرو المستملي وصالح بن محمد الحافظ وعلي بن الحسن الهلالي ومحمد بن عبد الوهاب الفراء – وهما من شيوخه – وعلي بن الحسين بن الجنيد وابن خزيمة وابن صاعد ومحمد بن عبد بن حميد وغيرهم.

وروى عنه الترمذي في جامعه حديثا واحدا أخرجه في كتاب الصيام باب ما جاء في إحصاء هلال شعبان لرمضان فقال: حدثنا مسلم بن حجاج حدثنا يحي بن يحي حدثنا أبو معاوية عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أحصوا هلال شعبان لرمضان".

قال العراقي -كما نقله عنه المباركفوري في تحفة الأحوذي-: "لم يرو المصنف في كتابه شيئا عن مسلم صاحب الصحيح إلا هذا الحديث، وهو من رواية الأقران فإنهما اشتركا في كثير من شيوخهما". وقد أشار إليه الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب وقال: "ما له في جامع الترمذي غيره". وقال الخزرجي في خلاصة تهذيب الكمال: "وعنه الترمذي فرد حديث". انتهى.

وقد رمز في الخلاصة وتهذيب التهذيب وتقريبه عند الترجمة لمسلم لكونه من رجال الترمذي وذلك من أجل هذا الحديث الواحد الذي أخرجه عنه.

نماذج من ثناء العلماء عليه رحمه الله:
تحدث العلماء عن فضل الإمام مسلم واعترفوا له بقوة المعرفة وعلو المنزلة. قال فيه شيخه محمد بن عبد الوهاب الفراء: "كان مسلم من علماء الناس وأوعية العلم ما علمته إلا خيرا". وقال ابن الأخرم: "إنما أخرجت مدينتنا هذه من رجال الحديث ثلاثة هم: محمد بن يحي وإبراهيم بن أبي طالب ومسلم". وقال ابن عقدة: "قلما يقع الغلط لمسلم في الرجال لأنه كتب الحديث على وجهه". وقال أبو بكر ابن الجارودي: "حدثنا مسلم بن الحجاج وكان من أوعية العلم". وقال مسلمة بن قاسم: "ثقة جليل القدر من الأئمة". وقال ابن أبي حاتم: "كتبت عنه، وكان ثقة من الحفاظ له معرفة في الحديث وسئل عنه أبي فقال صدوق"، وقال بندار: "الحفاظ أربعة أبو زرعة ومحمد بن إسماعيل والدارمي ومسلم". وقال إسحاق بن منصور لمسلم: "لن نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين". وقال أحمد بن سلمة: "رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما". وقال النووي: "وأجمعوا على جلالته وإمامته وعلو مرتبته وحذقه في هذه الصنعة وتقدمه فيها وتضلعه منها". وقال أيضا: "واعلم أن مسلما رحمه الله أحد أعلام أئمة هذا الشأن وكبار المبرزين فيه وأهل الحفظ والإتقان والرحَّالين في طلبه إلى أئمة الأقطار والبلدان والمعترف له بالتقدم فيه بلا خلاف عند أهل الحذق والعرفان والرجوع إلى كتابه والمعتمد عليه في كل زمان".

وقال الذهبي في العبر: "أبو الحسين النيسابوري الحافظ أحد أركان الحديث".

مؤلفاته:
قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات: "وصنَّف مسلم رحمه الله كتبا كثيرة.

1- منها هذا الكتاب الصحيح الذي مَنَّ الله الكريم -وله الحمد والنعمة والفضل والمنة- به على المسلمين أبقى لمسلم به ذكرا جميلا وثناء حسنا إلى يوم الدين مع ما أعد له من الأجر الجزيل في دار القرار وعم نفعه المسلمين قاطبة.
2- ومنها الكتاب المسند الكبير على أسماء الرجال.
3- وكتاب الجامع الكبير على الأبواب.
4- وكتاب العلل.
5- وكتاب أوهام المحدثين.
6- وكتاب التمييز.
7- وكتاب من ليس له إلا راو واحد.
8- وكتاب طبقات التابعين.
9- وكتاب المخضرمين. وغير ذلك". انتهى.
وذكر الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ نقلا عن الحاكم عشرين مؤلفا لمسلم هي بالإضافة إلى ما تقدم:
10- كتاب الأسماء والكنى.
11- كتاب الأفراد.
12- كتاب الأقران.
13- كتاب سؤالات أحمد بن حنبل.
14- كتاب حديث عمرو بن شعيب.
15- كتاب الانتفاع بأهب السباع.
16- كتاب مشايخ مالك.
17- كتاب مشائخ الثوري.
18- كتاب مشائخ شعبة.
19- كتاب أولاد الصحابة.
20- كتاب أفراد الشاميين.

مهنته:
وكان الإمام مسلم رحمه الله بزازا كما في تهذيب التهذيب. وقال الذهبي في كتابه العبر: "وكان صاحب تجارة وكان محسن نيسابور وله أملاك وثروة".

عناية العلماء بترجمته ونقل أخباره رحمه الله:
وقد عنى الكاتبون في التاريخ وترجم الرجال بترجمة الإمام مسلم رحمه الله وتحدثوا عنه بما هو حقيق به من ثناء جميل وذكر حسن، وعلى سبيل المثال أذكر عشرة من أصحاب المؤلفات الذين توَّجوا مؤلفاتهم بترجمة الإمام مسلم رحمه الله مع ذكر تاريخ وفياتهم واسم الكتاب المطبوع المشتمل على ترجمة الإمام مسلم وعدد صفحات الترجمة في كل كتاب وتعيين الصفحة الأولى منها. أذكر ذلك تسهيلا لمن يريد الوقوف على بعض ما كتب هذا الإمام الذي خلَّد الله ذكره بما وفقه له من تدوين الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وذلك في الجدول المبيَّن في الصفحة التالية.

اسم المؤلف تاريخ وفاته اسم الكتاب عدد صفحات الترجمة الصفحة تاريخ الطبع ومكانه
الخطيب البغدادي 463هـ تاريخ بغداد 4 100جزء13 1349هـ مصر
القاضي محمد بن أبي يعلى 526هـ طبقات الحنابلة 2 337 جزء 1 مطبعة السنة المحمدية بمصر
الإمام النووي 676هـ تهذيب الأسماء واللغات 3 89 جزء2 الطبعة المنيرية بمصر
ابن خلكان 671هـ وفيات الأعيان 2 280 جزء 4 1367هـ مصر
الحافظ الذهبي 748هـ تذكرة الحفاظ 2 165 جزء2 حيدر آباد بالهند
ابن كثير 774هـ البداية والنهاية 2 33 جزء 11 مطبعة السعادة بمصر
ابن حجر العسقلاني 852هـ تهذيب التهذيب 2 126 جزء10 1326هـ حيدر آباد بالهند
العليمي الحنبلي 928هـ المنهج الأحمد 1 146 جزء1 1383هـ مصر
ابن العماد الحنبلي 1089هـ شذرات الذهب 1 144 جزء2 1350هـ مصر
صديق حسن خان 1307هـ التاج المكلل 2 130 جزء 00 1382هـ الهند

وفاته ومدة عمره:
توفي الإمام مسلم رحمه الله عشية يوم الأحد ودفن يوم الاثنين لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين. دفن بنصر أباد ظاهر نيسابور، ومدة عمره قيل خمس وخمسون سنة وقيل سبعون وخمسون رحمه الله.

سبب تأليفه:
ذكر الإمام مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه سبب تأليفه هذا الكتاب المبارك وملخصه أن شخصا رغب تعرف جملة الأخبار المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنن الدين وأحكامه وما كان منها في الثواب والعقاب والترغيب والترهيب وغير ذلك من صنوف الأشياء بالأسانيد التي بها نقلت وتداولها أهل العلم فيما بينهم وسأل الإمام مسلما تلخيصها له في التأليف بلا تكرار يكثر ليتمكن من التفهم فيها والاستنباط منها، ولأهمية هذا المطلوب وما يترتب عليه من منفعة موجودة وعاقبة محمودة له خصوصا وللمسلمين عموما أقدم على جمع هذه الدرر خالصة نقية من الشوائب وزاده رغبة في القيام بهذه المهمة الجليلة ما رآه من بعض العلماء من نشر الأخبار الضعيفة وعدم التمييز بين السليم والسقيم وما ينجم عن ذلك من أضرار لا سيما على العوام الذين لا يدركون الفرق بينها.

قال رحمه الله: "وبعد، يرحمك الله فلولا الذي رأينا من سوء صنيع كثير ممن نصب نفسه محدثا فيما يلزمهم من طرح الأحاديث الضعيفة والروايات المنكرة وتركهم الاقتصار على الأحاديث الصحيحة المشهورة مما نقله الثقات المعرفون بالصدق والأمانة بعد معرفتهم وإقرارهم بألسنتهم أن كثيرا مما يقذفون به إلى الأغبياء من الناس ومستنكر ومنقول عن قوم غير مرضيين ممن ذم الرواية عنهم أئمة أهل الحديث، مثل مالك بن أنس وشعبة بن الحجاج وسفيان عيينة ويحي بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم من الأئمة لما سهل علينا الانتصاب لما سألت عن التمييز والتحصيل ولكن من أجل ما أعلمناك من نشر القوم الأخبار المنكرة بالأسانيد الضعاف المجهولة وقذفهم بها إلى العوام الذين لا يعرفون عيوبها خف على قلوبنا إجابتك إلى ما سألت".

مدى عنايته في تأليفه:
قال الإمام مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه: "وأعلم وفقك الله تعالى أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلين لها من المتهمين أن لا يروى منها إلا ما عرف صحة مخارجه والستارة في ناقليه وأن ينقى منها ما كان منها عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع". انتهى.

هذه الحقيقة التي أثبتها الإمام مسلم في مقدمة صحيحه وأرشد إليها هي المنهج الذي سلكه في تأليف صحيحه فقد بذل وسعه وشغل وقته في جمعه وترتيبه، ومن الأدلة على ذلك ما جاء عنه وعن غيره مما يوضح ذلك.

فروى الخطيب البغدادي بإسناده إلى محمد الماسرجسي قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: "صنفت هذا المسند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة".

وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ: "قال ابن الشرقي سمعت مسلما يقول: "ما وضعت في كتابي هذا المسند إلا بحجة وما أسقطت منه شيئا إلا بحجة".

وقد مكث في تأليف هذا الكتاب المبارك خمسة عشرة سنة قضاها في التحري والتثبت والعناية التامة بهذا المصدر الأساسي لمعرفة الحديث الصحيح جمعا وترتيبا وساعده في كتابته بعض تلاميذه طوال هذه المدة.

قال أحمد بن سلمة تلميذ الإمام مسلم-كما في تذكرة الحفاظ-: "كتبت مع مسلم رحمه الله في صحيحه خمس عشرة سنة وهو اثنا عشر ألف حديث".

ولم يكتف الإمام مسلم رحمه الله بما بذله من جهود عظيمة في تأليفه بل أخذ في عرضه على جهابذة المحدثين واستشارتهم فيه، فقد نقل النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم عن مكي بن عبدان أحد حفاظ نيسابور قوله:

"سمعت مسلما يقول: "عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي فكل ما أشار أن له علة تركته وكل ما قال إنه صحيح وليس له علة خرجته"، وهذا من الإمام مسلم رحمه الله غاية في الاحتياط والتثبت من جهة وفي التواضع وقصد الصواب من جهة أخرى، ونتيجة لهذه العناية التامة التي تجلَّت في تلك الأدلة انشرح صدر الإمام مسلم لهذا النتاج القيم وارتاحت نفسه لذلك فأخذ يرغب الناس فيه ويؤكد أنه عمدة يعوَّل عليه في معرفة الصحيح من الأخبار يتضح ذلك مما نقله النووي عن مكي بن عبدان أيضا حيث قال: "سمعت مسلم بن الحجاج يقول: "لو أن أهل الحديث يكتبون مائتي سنة الحديث فمدارهم على هذا المسند" ـ يعني صحيحه.

منزلته بين كتب السنة:
صحيح مسلم يأتي في الدرجة الثانية بعد صحيح البخاري فهو ثاني كتابين هما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى. قال النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم: "
وأصح مصنف في الحديث بل في العلم مطلقا الصحيحان للإمامين القدوتين أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري وأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري رضي الله عنهما، فلم يوجد لهما نظير في المؤلفات". وقال أيضا: "اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان البخاري ومسلم، وتلقتهما الأمة بالقبول، وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة". انتهى.

هذه هي منزلة صحيح مسلم بين كتب السنة فهو في أعلى درجات الصحيح لا يتقدمه في ذلك سوى صحيح البخاري، ونقل عن أبي علي النيسابوري شيخ الحاكم قوله: "ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم بن الحجاج.." وقد يفهم من هذه العبارة تقديمه على صحيح البخاري وذلك خلاف ما صرح به العلماء من ترجيح صحيح البخاري عليه لتوفر أسباب الترجيح فيه وقد أجيب عن هذه العبارة بثلاثة أجوبة:

الأول: للحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ قال بعد ذكر عبارة أبي علي النيسابوري هذه: "قلت: لعل أبا علي ما وصل إليه صحيح البخاري" واستبعد هذا الحافظ بن حجر في مقدمة فتح الباري

الثاني: لجماعة منهم أبو عمرو بن الصلاح في كتابه علوم الحديث أن ذلك محمول على سرد الصحيح فيه دون أن يمزج بمثل ما في صحيح البخاري مما ليس على شرطه، ولا يحمل على الأصحية.

الثالث: للحافظ ابن احجر في شرحه لنخبة الفكر وحاصله أن عبارة أبي علي هذه تقتضي أن صحيح مسلم في أعلى درجات الصحيح وأنه لا يفوقه كتاب، أما أن يساويه كتاب كصحيح البخاري فذلك لا تنفيه هذه العبارة.

والحاصل أن صحيح مسلم في قمة الصحيح بعد صحيح البخاري كما صرح بذلك أهل العلم ولم يفصح أحد بترجيح صحيح مسلم على صحيح البخاري فيما يتعلق بالصحة.

ثناء العلماء عليه وتلقيهم له ولصحيح البخاري بالقبول:
لقي صحيح البخاري وصحيح مسلم قبولا لم يحصل لكتاب آخر وذلك نتيجة للعناية التامة التي بذلها الشيخان في هذين الكتابين الجليلين من التثبت والاحتياط في تجريد الصحيح من غيره فلا عجب إذا انطلقت الألسنة بالإشادة بشأنهما وإبراز ما لهما من خصائص ومزايا وقد ذكرت بعض النقول في ذلك في المقال السابق عن الإمام البخاري وكتابه الجامع الصحيح.

وأذكر هنا بعض ما يتعلق في صحيح مسلم:
قال النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم: "ومن حقق نظره في صحيح مسلم رحمه الله واطلع على ما أودعه في أسانيده وترتيبه وحسن سياقه وبديع طريقته من نفائس التحقيق وجواهر التدقيق وأنواع الورع والاحتياط والتحري في الرواية وتلخيص الطرق واختصارها وضبط متفرقها وانتشارها وكثرة إطلاعه واتساع روايته وغير ذلك مما فيه من المحاسن والأعجوبات واللطائف الظاهرات والخفيَّات علم أنَّه إمام لا يلحقه من بَعُد عصره وقل من يساويه بل يدانيه من أهل وقته ودهره، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم".

وقال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب: "قلت: حصل لمسلم في كتابه حظ عظيم مفرط لم يحصل لأحد مثله ٍبحيث أن بعض الناس كان يفضله على صحيح محمد بن إسماعيل وذلك لما اختص به من جمع الطرق وجودة السياق والمحافظة على أداء الألفاظ من غير تقطيع ولا رواية بمعنى وقد نسج على منواله خلق من النيسابوريين فلم يبلغوا شأوه وحفظت منهم أكثر من عشرين إماما ممن صنف المستخرج على مسلم، فسبحان المعطي الوهاب".

مقدمة صحيح مسلم:
وقد وضع الإمام مسلم رحمه الله بين يدي صحيحه مقدمة قيمة عظيمة الشأن جليلة القدر تنبئ عن جلالة قدر واضعها وحسن نيته وحرصه على تدوين السنة النبوية نقية من الشوائب وقد صدَّر هذه المقدمة ببيان السبب الباعث له على تأليفه هذا الكتاب وإن أصل ذلك سؤال وقد زاده رغبة في الإجابة عليه ما رآه من قيام بعض العلماء بجمع الحديث دون تمييز بين صحيح وضعيف ثم أوضح أنه لا يصير إلى التكرار في ذكر الحديث إلا لحاجة من زيادة معنى في متن أو فائدة اسنادية، ثم ذكر أنه يعنى أولا وقبل كل شيء بذكر رواية أهل الضبط والاتقان ثم يتبعها برواية من هم أقل من أولئك ممن يشملهم اسم الستر والصدق وتعاطي العلم، ثم ذكر أن ما كان من الأخبار عن قوم متهمين أو كان الغالب على حديثهم المنكر والغلط لا يعبا به ولا يعرج عليه.

ثم عقب ذلك بذكر وجوب الرواية عن الثقات وترك الكذابين والتحذير من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم والتغليظ فيه، وساق الأدلة على ذلك ثم أورد الأدلة على النهي عن الحديث بكل ما سمع وعلى النهي عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط في تحملها، ويلي ذلك كلامه عن الإسناد وأنه من الدين وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات وإن جرح الرواة بما هو فيهم جائز بل واجب، وإنه ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة، وأفاض في ذكر الأدلة والنقول عن المحدثين في ذلك. وختم هذه المقدمة بالكلام على صحة الحديث المعنعن، وأوضح أن المبحث الذي عليه المحدثون الاكتفاء بمعاصرة الراوي لمن يروي عنه دون اشتراط معرفة تلاق بينهما ما لم يكن الذي روى بالعنعنة مدلسا وأكثر من لوم من يشترط ذلك.

ولا شك أن من اشترط التلاقي بين الراوي ومن روى عنه كالبخاري مثلا قد أخذ في الاحتياط وزيادة التثبت واشتراطه ذلك يرفع من شأن كتابه، وأن من لم يشترط ذلك كالإمام مسلم لا يحط ذلك من شأن كتابه ولا يقدح فيه، وإنما هو التفاوت في درجات الصحة ومن أجل هذا ترجح صحيح البخاري على صحيح مسلم.

تبويبه:
لما قام الإمام مسلم رحمه الله بجمع كتابه الجامع الصحيح راعى في جمعه أن تكون كل مجموعة من الأحاديث تتعلق في موضوع واحد على حدة، لكنه لم يضع لها تراجم أبواب كما صنع الإمام البخاري في صحيحه، وهو في الحقيقة في حكم المبوَّب وإنما فعل ذلك مسلم والله أعلم لئلا يزيد بها حجم الكتاب من جهة وليشحذ القارئ ذهنه في استنباط الترجمة من جهة أخرى، قال النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم: "ثم إن مسلما رحمه الله رتب كتابه على أبواب فهو في حكم المبوَّب في الحقيقة ولكنه لم يذكر تراجم الأبواب فيه لئلا يزداد بذلك حجم الكتاب أو لغير ذلك"، ثم قال: "قلت: وقد ترجم جماعة أبوابه بتراجم بعضها جيِّد وبعضها ليس بجيِّد إما لقصور في عبارة الترجمة وإما لركاكة لفظها وإما لغير ذلك وأنا إن شاء الله أحرص على التعبير عنها بعبارات تليق بها في مواطنها والله أعلم".

عدد أحاديثه:
ذكر النووي في التقريب أن عدة أحاديث صحيح مسلم نحو أربعة آلاف بإسقاط المكرَّر وقال العراقي في نكته على بن الصلاح: "ولم يذكر – يعني النووي – عدته بالمكرر وهو يزيد على عدة كتاب البخاري لكثرة طرقه وقد رأيت عن أبي الفضل أحمد بن سلمة أنه اثنا عشر ألف حديث". انتهى. وقد عد أحاديثه الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي من المعاصرين وبلغت عنده بدون المكرَّر ثلاثة آلاف وثلاثة وثلاثين حديثا وقال: "وهو عمل ما سبقني إليه أحد من جميع المشتغلين بهذا الصحيح إذ كان جلُّ جهدهم أن يطلقوا عددا ما ورقما تخمينا وارتجالا لا يرتكز على أساس سليم، فجئت أنا بهذا الحصر كي أضع حدا حاسما فاصلا لهذا الاضطراب والبلبلة ولله الحمد".

شرط مسلم فيه:
نقل النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم عن بن الصلاح أنه قال: "شرط مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه أن يكون الحديث متصل الإسناد بنقل الثقة عن الثقة من أوله إلى منتهاه سالما من الشذوذ والعلة". انتهى.

وقال الحافظ بن حجر في شرحه لنخبة الفكر في أثناء تعداد مراتب الصحيح: "ثم يقدم في الأرجحية من حيث الأصحية ما وافقه شرطهما لأن المراد به رواتهما مع باقي شروط الصحيح". انتهى.

ويتضح من مقدمة صحيحه أنه يقسم الأحاديث ثلاثة أقسام:

الأول: ما رواه الحفاظ المتقنون.

والثاني: ما رواه المستورون المتوسطون في الحفظ والإتقان.

والثالث: ما رواه الضعفاء والمتروكون وأنه إذا فرغ من القسم الأول أتبعه الثاني.

وأما الثالث فلا يعرج عليه كما نص في آخر مقدمة صحيحه على اكتفائه بمعاصرة الراوي لمن يروي عنه إذا روى بالعنعنة ما لم يكن الراوي بالعنعنة موصوفا بالتدليس.

التعليقات في صحيح مسلم:
التعليق هو حذف راوٍ أو أكثر من أول السند ولو إلى آخر الإسناد وهو كثير في صحيح البخاري بخلاف صحيح مسلم فإنه قليل جدا بلغت جملته فيه أربعة عشر موضعا ذكرها النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم. وقال نقلا عن أبي عمرو بن الصلاح: "وليس شيء من هذا والحمد لله مُخرِجا لما وجد فيه من حيز الصحيح بل هي موصولة من جهات صحيحة لا سيما ما كان منها مذكورا على وجه المتابعة ففي نفس الكتاب وصلها فاكتفى بكون ذلك معروفا عند أهل الحديث".

ثناء العلماء على الرواة المخرَّج لهم في صحيح مسلم وانتقاد بعض الحفاظ بعضهم والجواب على ذلك:

قال الحافظ ابن حجر في شرحه لنخبة الفكر: "ورواتهما ـ يعني الصحيحين ـ قد حصل الاتفاق على القول بتعديلهم بطريق اللزوم فهم مقدمون على غيرهم في رواياتهم، وهذا أصل لا يخرج عنه إلا بدليل"، وقال في مقدمة الفتح: "وقد كان الشيخ أبو الحسن المقدسي يقول في الرجل الذي خرج عنه في الصحيح: هذا جاز القنطرة، يعني بذلك أنه لا يلتفت إلى ما قيل فيه".

وقد تكلم في بعض الرواة الذين خرج لهم مسلم وعدتهم مائة وستون رجلا وذلك الكلام لا يقدح في صحيحه ولا يحط من شأنه لأنه:

أولاـ قد يكون القدح غير مؤثر.

قال الخطيب البغدادي كما في مقدمة شرح صحيح مسلم للنووي: "ما احتج البخاري ومسلم به من جماعة عُلِمَ الطعن فيهم من غيرهم محمول على أنه لم يثبت الطعن المؤثر مفسَّر السبب"، وقال الذهبي في جزء جمعه في الثقات الذين تكلم فيهم بما لا يوجب ردهم ما نصه:

"وقد كتبت في مُصَنَفِي الميزان عددا كثيرا من الثقات الذين احتج البخاري ومسلم وغيرهما بهم لكون الرجل منهم قد دُوِّنَ اسمه في مصنفات الجرح وما أوردتهم لضعف فيهم عندي بل ليعرف ذلك وما زال يمرُّ بي الرجل الثبت وفيه مقال من لا يعبأ به …" إلى آخر كلامه رحمه الله.

ثانياـ وإن كان القدح مؤثرا حمل الإخراج عنه في الصحيح على:

1- أن يكون ذلك واقعا في المتابعات والشواهد لا في الأصول. قال النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم نقلا عن ابن الصلاح: "وذلك بأن يذكر الحديث أولا بإسناد نظيف رجاله ثقات ويجعله أصلا ثم يتبعه بإسناد آخر أو أسانيد فيها بعض الضعفاء على وجه التأكيد بالمتابعة أو لزيادة فيه تنبه على فائدة فيما قدمه".

2- أن يكون ضعف الرجل المحتج به في الصحيح طارئا عليه بعد أن أخذ صاحب الصحيح عنه كالاختلاط فروايته عنه زمن استقامته لا يؤثر فيها ما طرأ عليه من الاختلاط.

3- أن يكون صاحب الصحيح تجنب ما أنكر على الرجل المتكلم فيه. قال الحافظ ابن حجر في الفتح في شرحه لحديث إعادة النبي صلى الله عليه وسلم الكلمة ثلاثا لتفهم عنه قال: "وقد تقرر أن البخاري حيث يخرج لبعض من فيه مقال لا يخرج شيئا مما أنكر عليه". انتهى. ومثله مسلم في ذلك وقال النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم: "واعلم أن ما كان في الصحيحين عن المدلسين بعن ونحوها فمحمول على ثبوت السماع من جهة أخرى وقد جاء كثير منه في الصحيح بالطريقين جميعا".

انتقاد الحفاظ بعض الأحاديث في صحيح مسلم والجواب عن ذلك:

ذكر ابن حجر في مقدمة الفتح أن الدارقطني وغيره من الحفاظ انتقدوا على الصحيحن مائتين وعشرة أحاديث اشتركا في اثنين وثلاثين حديثا وانفرد البخاري عن مسلم بثمانية وسبعين حديثا، وانفرد مسلم عن البخاري بمائة حديث، وقد تولى الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح الإجابة عن الانتقاد الموجه إلى الأحاديث التي اشتركا فيها والأحاديث التي انفرد بها البخاري عن مسلم وعدتها مائة وعشرة أحاديث.

أما الأحاديث التي انفرد بها مسلم فقد أجاب عنها النووي في شرحه لصحيح مسلم في مواضعها وأكثرها الانتقاد فيه غير مسلم والإيراد عليه غير وارد، وما لا جواب عنه منها نزر يسير لا يعد شيئا في جنب الآلاف من الأحاديث الصحيحة التي اشتمل عليها صحيحه.

وهذه الانتقادات القليلة التي توصل إليها جهابذة النقاد مع أن أكثرها غير وارد إن دلت على شيء فإنما تدل على عظم شأن هذا الكتاب المبارك وأنه في أعلى درجات الصحيح، وتدل على جلالة قدر جامعه وشدة احتياطه وتحريه وأنه وفق فيما قصد إليه من جمع لصحيح نقيا خالصا، فإن تصدى الإمام الدارقطني وغيره من النقاد وتتبعهم الصحيح حديثا حديثا وهم من هم في دقة الإدراك وسعة الاطلاع ثم تكون نهاية المطاف ونتيجة التمحيص والتنقيب على هذا الوصف.

أقول إن ذلك يعطي الدليل الواضح على عظم قدره وعلو منزلته، وتلك شهادة من فرسان هذا الميدان على أنه بالمكان الأعلى والوصف الأسمى، وذلك يوضِّح لنا أيضا السرَّ في إقبال العلماء عليه وتلقيهم له ولصحيح البخاري بالقبول.

عناية العلماء بصحيح مسلم:
وكما اعتنى علماء الأمة الإسلامية بصحيح البخاري الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل فقد كانت عنايتهم عظيمة بصحيح مسلم الذي هو أصح كتاب يليه. فقد شرحه شارحون واختصره مختصرون وألف في رجاله مؤلفون واستخرج عليه مستخرجون، وعنايتهم بهذين الكتابين جاءت على قدر منزلة كل منهما، فهي بالنسبة لصحيح البخاري بالدرجة الأولى وبالنسبة لصحيح مسلم بالدرجة الثانية، فالكتب التي ألفت في صحيح مسلم كثيرة وأكثر منها المؤلفات المتعلقة بصحيح البخاري، ومع كثرة شروح صحيح مسلم ليس فيها ما يقرب من الكتاب العظيم الذي وفق الله لوضعه الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري الذي أسماه (( فتح الباري )) وأشهر شروحه وأكثرها رواجا في هذا العصر شرح الإمام النووي وهو شرح يغلب عليه الاختصار، وأكثر عنياته فيه في ضبط الألفاظ والتنبيه على لطائف الإسناد مع الإشارة إلى بيان فقه الحديث أحيانا.

وممن عني بصحيح مسلم عناية تامة من المعاصرين الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي، فقد بذل جهدا مشكورا في ترقيمه وتنويع فهارسه حتى كان الوصول إلى المطلوب فيه سهلا ميسورا لا يحوج الناظر إلى عناء ومشقة وخصص لهذه الفهارس مجلدا حافلا بأنواع شتى من الوسائل المؤدية إلى الوقوف على ما في هذا الكتاب المبارك بيسر وسهولة.

وقد طبع صحيح مسلم في أربع مجلدات وتلك الفهارس في مجلد، وما أحوج طالب العلم إلى اقتناء هذه الفهارس التي هي في الحقيقة مفتاح لصحيح مسلم.

خصائص صحيح مسلم والموازنة بينه وبين صحيح البخاري:

ينفرد صحيح مسلم بخصائص يتميز بها عن صحيح البخاري، ويوجد في صحيح البخاري من الخصائص والميزات ما لا يشاركه صحيح مسلم فيه ويتفقان في أمور ترفع من شأن الكتابين معا ويسموان بها إلى منتهى الصحة والإجادة والإتقان ونشير فيما يلي إلى نماذج من ذلك:-

فيتفقان في أنهما معا في أعلى درجات الصحيح مع تفوق صحيح البخاري على صحيح مسلم في ذلك.

ويتفقان في أن العلماء تلقوهما بالقبول واعتبروهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز. ويتفقان في أن مؤلفيهما رحمهما الله سلكا في تأليفهما طرقا بالغة في الاحتياط والتثبت مع الأمانة التامة في العزو، ومن أمثلة ذلك أنهما يتقيدان غاية التقيد فيما يتلقيانه من شيوخهما في الأسانيد والمتون، وإذا كان الأمر يستدعي إيضاحا وبيانا قاما بذلك على وجه يتميز به ذلك. وقد عقد النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم فصلا خاصا بذلك قال فيه: "ليس للراوي أن يزيد في نسب غير شيخه ولا صفته على ما سمعه من شيخه لئلا يكون كاذبا على شيخه، فإن أراد تعريفه وإيضاحه وزوال اللبس المتطرق إليه لمشابهة غيره فطريقه أن يقول: قال حدثني فلان. يعني ابن فلان .. أو .. الفلاني .. أو .. هو ابن فلان .. أو .. الفلاني .. أو نحو ذلك فهذا جائز حسن قد استعمله الأئمة وقد أكثر البخاري ومسلم منه في الصحيحين غاية الإكثار حتى أن كثيرا من أسانيدهما يقع في الإسناد الواحد منها موضعان أو أكثر".

وينفرد صحيح مسلم بجمع طرق الحديث في مكان واحد غالبا مما جعل الوقوف على المطلوب فيه سهلا ميسورا. وإنما قلت – غالبا – لأنه قد وقع فيه ذكر بعض الأحاديث في أكثر من موضع.

وهذه الميزة لا توجد في صحيح البخاري إلا أنه وجد فيه بدلا منها ميزة كبرى وهي إيضاح ما اشتملت عليه الأحاديث من الفوائد الفقهية مع دقة الاستنباط وبألخص عبارة مما جعل صحيحه كتاب رواية ودراية معا. ومن أجل تحصيل هذا المطلب العظيم عمد البخاري رحمه الله إلى تفريق الحديث وتكرراه في أكثر من موضع مستدلا به في كل موضع بما يناسبه.

وينفرد صحيح مسلم بأن مسلما رحمه الله إذا أسند الحديث فيه إلى جماعة من شيوخه عيَّن من له اللفظ منهم غالبا، فيقول: "حدثنا فلان وفلان واللفظ لفلان" أو قال: "فلان حدثنا فلان" ومن أمثلة ذلك قوله في باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر: حدثنا يحي بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر كلهم عن إسماعيل.

قال ابن أيوب حدثنا إسماعيل بن جعفر. وقوله في باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء: حدثنا سويد بن سعيد وابن أبي عمر جميعا عن مروان الفزاري، قال ابن أبي عمر: حدثنا مروان، وقوله في الحديث الذي يليه: وحدثنا أبو كريب وواصل بن عبد الأعلى واللفظ لواصل قالا حدثنا ابن فضيل. وقوله في باب الاستنجاء بالماء من التبرز: وحدثني زهير بن حرب وأبو كريب واللفظ لزهير حدثنا إسماعيل يعني ابن علية.

أما الإمام البخاري فقد ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري عند الكلام على حديث جابر بن عبد الله في الخمس الذي أوتيها صلى الله عليه وسلم وهو الحديث الثاني في كتاب التيمم من صحيح البخاري ذكر الحافظ أنه إذا روى الحديث عن غير واحد فاللفظ للأخير، قال رحمه الله: "وقد ظهر بالاستقراء من صنيع البخاري أنه إذا أورد الحديث عن غير واحد فإن اللفظ يكون للأخير والله أعلم".

وينفرد صحيح مسلم بأن مسلما رحمه الله صدَّره بمقدمة اشتملت على جمل من علوم الحديث وقد تقدم بيان ما تضمنته على سبيل الإجمال، أما الإمام البخاري فلم يضع بين يدي صحيحه مقدمة بل افتتحه ببدأ الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وينفرد صحيح مسلم بكثرة استعمال التحويل في الأسانيد وذلك لجمعه طرق الحديث المتعلقة بموضوع معين في موضع واحد ويوجد التحويل في الأسانيد قليلا في صحيح البخاري.

وينفر صحيح مسلم بقلة التعليق فيه إذ بلغت جملة ما فيه من ذلك أربعة عشر موضعا كما تقدمت الإشارة إلى ذلك، وقد أكثر الإمام البخاري من استعماله في صحيحه.

وينفرد صحيح مسلم بأن مسلما رحمه الله اقتصر فيه على الأحاديث المسندة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أقوال الصحابة وغيرهم بخلاف البخاري رحمه الله فقد أورد أقوالهم ومعلوم أنها ليست من شرط كتابه وإنما ذلك للإيضاح والبيان لأنه يجمع في كتابه بين الرواية والدراية.

ليس كل الصحيح موجودا في الصحيحين وحدهما:
صحيح البخاري وصحيح مسلم اشتملا على قدر كبير من الحديث الصحيح، وهذا القدر الذي اشتملا عليه ليس هو كل شيء في الحديث الصحيح، فإن الصحيح كما أنه موجود فيهما فهو موجود خارجهما في الكتب المؤلفة في الحديث النبوي كالموطأ وصحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم وجامع الترمذي وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجه والدارمي والدارقطني والبيهقي وغيرها. وهو أمر واضح غاية الوضوح فلم ينقل عن البخاري ومسلم أنهما استوعبا الصحيح في صحيحهما أو قصدا استيعابه وإنما جاء عنهما التصريح بخلاف ذلك. قال أبو عمرو ابن الصلاح في كتابه علوم الحديث: "لم يستوعبا – يعني البخاري ومسلما – الصحيح في صحيحهما ولا التزما ذلك، فقد روينا عن البخاري أنه قال: "ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح وتركت من الصحيح لحال الطول". وروينا عن مسلم أنه قال: "ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا – يعني في كتابه الصحيح – إنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه …" وقال الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري: "روى الإسماعيلي عنه ـ يعني البخاري ـ قال: "لم أخرج في هذا الكتاب إلا صحيح وما تركت من الصحيح أكثر".

وقال النووي في مقدمة شرحه لصحيح مسلم بعد أن ذكر التزام جماعة لهما إخراج أحاديث على شرطيهما لم يخرجاها في كتابيهما قال: "وهذا الإلزام ليس بلازم في الحقيقة فإنهما لم يلتزما استيعاب الصحيح بل صح عنهما تصريحهما بأنهما لم يستوعباه وإنما قصدا جمع جمل من الصحيح كما يقصد المصنف في الفقه جمع جمل من مسائله لا أنه يحصر جميع مسائله" انتهى.

ومما يوضح عدم استيعاب البخاري الصحيح وعدم التزامه بذلك أيضا أنه جاء عن البخاري أنه قال: "أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي حديث غير صحيح". مع أن جملة ما في صحيحه من الأحاديث المسندة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما في ذلك الأحاديث المعلقة لا تبلغ عشرة آلاف حديث. وأيضا استدراك الحاكم على البخاري ومسلم أحاديث على شرطيهما أو شرط واحد منهما لم يخرجاها وهي أحاديث كثيرة جدا، وأيضا فإن العلماء قسموا الصحيح إلى سبع مراتب مرتبة حسب القوة على النحو التالي:

1- صحيح اتفقا على إخراجه البخاري ومسلم.
2- صحيح انفرد بإخراجه البخاري عن مسلم.
3- صحيح انفرد به مسلم عن البخاري.
4- صحيح على شرطهما معا ولم يخرجاه.
5- صحيح على شرط البخاري ولم يخرجه.
6- صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه.
7- صحيح لم يخرجاه ولم يكن على شرطهما معا وعلى شرط واحد منهما.

وهذه المراتب السبع للصحيح ذكرها أبو عمرو ابن الصلاح في علوم الحديث والحافظ ابن حجر في شرحه لنخبة الفكر وغيرهما، وليس في الصحيحين في هذه المراتب إلا الثلاث الأولى أما الأربعة الباقية فلا وجود لها إلا خارج الصحيحين ولم يزل من دأب العلماء في جميع العصور الاحتجاج بالأحاديث الصحيحة – بل والحسنة – الموجودة خارج الصحيحين والعمل بها مطلقا واعتبار ما دلت عليه دون إعراض عنهما أو تعرض للحط من شأنها والتقليل من قيمتها، فلا يليق بمسلم يحب الخير لنفسه ودفع الضر عنها أن يتوقف أدنى توقف في أن سبيلهم هذا هو الحق وغيره هو الباطل والضلال المبين {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}.

الحديث المتفق عليه:
يرفع من شأن الحديث كونه مخرجا من أحد الصحيحين فإن كان مخرجا فيهما معا كانت منزلته أعلى وشأنه أكبر وأمره أعظم وهذا النوع هو المرتبة الأولى من المراتب السبع للحديث الصحيح التي مر ذكرها، وقد درج المشتغلون بالسنة من أهل الحديث وغيرهم على التعبير عن هذا النوع بقولهم: "متفق عليه"، أو، "أخرجاه".

ولا أعلم أحد يطلق " متفق عليه " إلا على اتفاق البخاري ومسلم وحدهما ما عدى المجد ابن تيمية جد شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه منتقى الأخبار الذي شرحه الشوكاني في كتابه (( نيل الأوطار )) فإنه يعني بقوله فيه "متفق عليه " اتفاق البخاري ومسلم وأحمد. ويعبر عما رواه الشيخان وحدهما " أخرجاه ".

وكون الحديث المتفق عليه في قمة الصحيح أمر معلوم عند المحدثين. قال أبو عمرو ابن الصلاح في كتابه علوم الحديث بعد أن ذكر مراتب الصحيح السبع المشار إليها.

"هذه الأمهات أقسامه وأعلاها الأول وهو الذي يقول فيه أهل الحديث كثيرا "صحيح متفق عليه ". يطلقون ذلك ويعنون به اتفاق البخاري ومسلم لا اتفاق الأمة عليه، لكن اتفاق الأمة عليه لازم وحاصل معه لاتفاق الأمة على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول وهذا القسم مقطوع بصحته والعلم اليقيني والنظري واقع به". انتهى.

وقد أُفْرِدَ هذا النوع المتفق عليه بالتأليف وأشمل هذه الكتب وأدقها تحريرا كتاب (( اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان )) للشيخ محمد فؤاد عبد الباقي، ذكر أنه فرغ من جمعه عام 1367هـ وهو مطبوع في ثلاثة مجلدات وقد بلغت أحاديثه 1906 من الحديث المتفق عليه. وقد رتبه على ترتيب صحيح مسلم فيثبت فيه الحديث بلفظ مسلم ويشير إلى أقرب ألفاظ الحديث عند البخاري الذي اتفق فيه مع مسلم إذا كان مكررا فيذكر الكتاب عند البخاري ورقمه والباب الذي فيه الحديث من ذلك الكتاب ورقم الباب.

المراجع
بقلم الشيخ: عبد المحسن العباد
مجلة الجامعة الإسلامية
معهد الامارات التعليمي
www.uae.ii5ii.com

مشككككككورين

يزاج الله ألف خير اختي عالي

ثاااااااااااااااااكس

ثاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااان كس!! =)

.. تسلم اناملج اختنا الغالية ,.. دمتي لناا

سبحــــــــــــــــــــان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الحادي عشر

{طلب} ورقة عمل لدرس الامام الشافعي للصف الحادي عشر

السلاام عليكم طلبي صغيروون
أبا ورقة عمل لدرس الامام الشافعي صــــــــ68 أبليييز أباه يوم الأربعاء

آلسلـآمـٍ ع’ـليكمـٍ وآلرح’ـمهـٍ ..~

آسمح’ـيلي آخ’ـتي آنآ مآع’ـندي كتآبكمـٍ ولـآ كنت بسويلج .. }×~

بس .,. ج’ـآري آلبح’ـث منـً آلنت .,. آذآ ح’ـصلت بح’ـطهآ لج فهآلموضوع ..!*

وآلسموح’ـهـٍ ع’ـآلقصور 🙁

فمآنـً آللهـٍ ..!*

وعليكم السلام ورحمة الله وبـركاتهـ.,!!!

السموحه مـنج الغلاآ

ماحصلت طلبج .!

أن شااء الله غيري يساعـدج .,!

والسموحه منج تم تغيير العنوان .!

مالت على موقعكم لمعفن

ابا بوربوينت عن الامام الشافعي بللييييززز!!

اللعم اعز الاسلام و المسلمين

التصنيفات
الصف السادس

تقرير عن الامام مالك بن أنس للصف السادس

الامام مالك بن أنس

نسبه ومولده
هو شيخ الإسلام حجة الأمة إمام دار الهجرة أبو عبد الله مالك ابن أنس بن مالك بن أبى عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث وهو ذو أصبح بن عوف بن مالك بن زيد بن شداد بن زرعة وهو حمير الأصغر الحميري ثم الأصبحي المدني حليف بني تيم من قريش فهم حلفاء عثمان أخي طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرين بالجنة.
وأمه هي عالية بنت شريك الأزدية وأعمامه هم أبو سهل نافع وأويس والربيع والنضر أولاد أبي عامر.
ولد مالك على الأصح في سنة 93هـ عام موت أنس خادم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ونشأ في صون ورفاهية وتجمل .

طلبه للعلم

طلب الإمام مالك العلم وهو حدث لم يتجاوز بضع عشرة سنة من عمره وتأهل للفتيا وجلس للإفادة وله إحدى وعشرون سنة وقصده طلبة العلم وحدث عنه جماعة وهو بعد شاب طري.

صفة الإمام مالك

عن عيسى بن عمر قال ما رأيت قط بياضا ولا حمرة أحسن من وجه مالك ولا أشد بياض ثوب من مالك، ونقل غير واحد أنه كان طوالا جسيما عظيم الهامة أشقر أبيض الرأس واللحية عظيم اللحية أصلع وكان لا يحفي شاربه ويراه مثله.
وقيل كان أزرق العين، محمد بن الضحاك الحزامي كان مالك نقي الثوب رقيقه يكثر اختلاف اللبوس، و قال أشهب كان مالك إذا اعتم جعل منها تحت ذقنه ويسدل طرفها بين كتفيه.

ثناء العلماء عليه

عن ابن عيينة قال مالك عالم أهل الحجاز وهو حجة زمانه.
وقال الشافعي: إذا ذكر العلماء فمالك النجم.
وعن ابن عيينة أيضا قال كان مالك لا يبلغ من الحديث إلا صحيحا ولا يحدث إلا عن ثقة ما أرى المدينة إلا ستخرب بعد موته يعني من العلم.
ـ روي عن وهيب وكان من أبصر الناس بالحديث والرجال أنه قدم المدينة قال فلم أرى أحدا إلا تعرف وتنكر إلا مالكا ويحيى بن سعيد الأنصاري.

إمام دار الهجرة

روي عن أبي موسى الأشعري قال [ قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخرج ناس من المشرق والمغرب في طلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة] ويروى عن ابن عيينة قال كنت أقول هو سعيد بن المسيب حتى قلت كان في زمانه سليمان بن يسار وسالم بن عبد الله وغيرهما ثم أصبحت اليوم أقول إنه مالك لم يبق له نظير بالمدينة.
قال القاضي عياض هذا هو الصحيح عن سفيان رواه عنه ابن مهدي وابن معين وذؤيب بن عمامه وابن المديني والزبير بن بكار وإسحاق بن أبي إسرائيل كلهم سمع سفيان يفسره بمالك أو يقول وأظنه أو أحسبه أو أراه أو كانوا يرونه.
وذكر أبو المغيرة المخزومي أن معناه ما دام المسلمون يطلبون العلم لا يجدون أعلم من عالم بالمدينة فيكون على هذا سعيد بن المسيب ثم بعده من هو من شيوخ مالك ثم مالك ثم من قام بعده بعلمه وكان أعلم أصحابه.
ولم يكن بالمدينة عالم من بعد التابعين يشبه مالكا في العلم والفقه والجلالة والحفظ فقد كان بها بعد الصحابة مثل سعيد بن المسيب والفقهاء السبعة والقاسم وسالم وعكرمة ونافع وطبقتهم ثم زيد بن أسلم وابن شهاب وأبي الزناد ويحيى بن سعيد وصفوان بن سليم وربيعة بن أبي عبد الرحمن وطبقتهم فلما تفانوا اشتهر ذكر مالك بها وابن أبي ذئب وعبد العزيز بن الماجشون وسليمان بن بلال وفليح بن سليمان وأقرانهم فكان مالك هو المقدم فيهم على الإطلاق والذي تضرب إليه آباط الإبل من الآفاق رحمه الله تعالى.
قال أبو عبد الله الحاكم ما ضربت أكباد الإبل من النواحي إلى أحد من علماء المدينة دون مالك واعترفوا له وروت الأئمة عنه ممن كان أقدم منه سنا كالليث عالم أهل مصر والمغرب والأوزاعي عالم أهل الشام ومفتيهم والثوري وهو المقدم بالكوفة وشعبة عالم أهل البصرة إلى أن قال وحمل عنه قبلهم يحيى بن سعيد الأنصاري حين ولاه أبو جعفر قضاء القضاة فسأل مالكا أن يكتب له مائة حديث حين خرج إلى العراق ومن قبل كان ابن جريج حمل عنه.

إمام في الحديث

كان الإمام مالك من أئمة الحديث في المدينة، يقول يحيى القطان ما في القوم أصح حديثا من مالك كان إماما في الحديث، قال الشافعي قال محمد بن الحسن أقمت عند مالك ثلاث سنين وكسرا وسمعت من لفظه أكثر من سبعمائة حديث فكان محمد إذا حدث عن مالك امتلأ منزله وإذا حدث عن غيره من الكوفيين لم يجئه إلا اليسير.
قال ابن مهدي أئمة الناس في زمانهم أربعة الثوري ومالك والأوزاعي وحماد بن زيد وقال ما رأيت أحدا أعقل من مالك.

قصة الموطأ

يروي أبو مصعب فيقول: سمعت مالكا يقول دخلت على أبي جعفر أمير المؤمنين وقد نزل على فرش له وإذا على بساطه دابتان ما تروثان ولا تبولان وجاء صبي يخرج ثم يرجع فقال لي أتدري من هذا قلت لا قال هذا ابني وإنما يفزع من هيبتك ثم ساءلني عن أشياء منها حلال ومنها حرام ثم قال لي أنت والله أعقل الناس وأعلم الناس قلت لا والله يا أمير المؤمنين قال بلى ولكنك تكتم ثم قال والله لئن بقيت لأكتبن قولك كما تكتب المصاحف ولأبعثن به إلى الآفاق فلأحملهنم عليه.فقال مالك: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإن أصحاب رسول تفرقوا في الأمصار وإن تفعل تكن فتنة!!

مواقف من حياته

روي أن مالكا كان يقول ما أجبت في الفتوى حتى سألت من هو أعلم مني هل تراني موضعا لذلك سألت ربيعة وسألت يحيى بن سعيد فأمراني بذلك فقلت فلو نهوك قال كنت أنتهي لا ينبغي للرجل أن يبذل نفسه حتى يسأل من هو أعلم منه
وقال خلف: دخلت عليه فقلت ما ترى فإذا رؤيا بعثها بعض إخوانه يقول: رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) في المنام في مسجد قد اجتمع الناس عليه فقال لهم إني قد خبأت تحت منبري طيبا أو علما وأمرت مالكا أن يفرقه على الناس فانصرف الناس وهم يقولون إذا ينفذ مالك ما أمره به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم بكى فقمت عنه.
وروي أن المهدي قدم المدينة فبعث إلى مالك بألفي دينار أو قال بثلاثة آلاف دينار ثم أتاه الربيع بعد ذلك فقال إن أمير المؤمنين يحب أن تعادله إلى مدينة السلام فقال قال النبي (صلى الله عليه وسلم) المدينة خير لهم ولو كانوا يعلمون والمال عندي على حاله.
وقدم المهدي المدينة مرة أخرى فبعث إلى مالك فأتاه فقال لهارون وموسى اسمعا منه فبعث إليه فلم يجبهما فأعلما المهدي فكلمة فقال يا أمير المؤمنين العلم يؤتى أهله فقال صدق مالك صيرا إليه فلما صارا إليه قال له مؤدبهما اقرأ علينا فقال إن أهل المدينة يقرؤون على العالم كما يقرأ الصبيان على المعلم فإذا أخطئوا أفتاهم فرجعوا إلى المهدي فبعث إلى مالك فكلمه فقال سمعت ابن شهاب يقول جمعنا هذا العلم في الروضة من رجال وهم يا أمير المؤمنين سعيد بن المسيب وأبو سلمة وعروة والقاسم وسالم وخارجه بن زيد وسليمان بن يسار ونافع وعبد الرحمن بن هرمز ومن بعدهم أبو الزناد وربيعه ويحيى بن سعيد وابن شهاب كل هؤلاء يقرأ عليهم ولا يقرؤون فقال في هؤلاء قدوة صيروا إليه فاقرؤوا عليه ففعلوا.
يروي يحيى ابن خلف الطرسوسي وكان من ثقات المسلمين قال كنت عند مالك فدخل عليه رجل فقال يا أبا عبد الله ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق فقال مالك زنديق اقتلوه فقال يا أبا عبد الله إنما أحكي كلاما سمعته قال إنما سمعته منك وعظم هذا القول.
وعن قتيبه قال كنا إذا دخلنا على مالك خرج إلينا مزينا مكحلا مطيبا قد لبس من أحسن ثيابه وتصدر الحلقة ودعا بالمراوح فأعطى لكل منا مروحة.
وعن محمد بن عمر قال كان مالك يأتي المسجد فيشهد الصلوات والجمعة والجنائز ويعود المرضى ويجلس في المسجد فيجتمع إليه أصحابه ثم ترك الجلوس فكان يصلي وينصرف وترك شهود الجنائز ثم ترك ذلك كله والجمعة واحتمل الناس ذلك كله وكانوا أرغب ما كانوا فيه وربما كلم في ذلك فيقول ليس كل أحد يقدر أن يتكلم بعذره.
وكان يجلس في منزله على ضجاع له ونمارق مطروحة في منزله يمنة ويسرة لمن يأتيه من قريش والأنصار والناس، وكان مجلسه مجلس وقار وحلم قال وكان رجلا مهيبا نبيلا ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط ولا رفع صوت وكان الغرباء يسألونه عن الحديث فلا يجيب إلا في الحديث بعد الحديث وربما أذن لبعضهم يقرأ عليه وكان له كاتب قد نسخ كتبه يقال له حبيب يقرأ للجماعة ولا ينظر أحد في كتابه ولا يستفهم هيبة لمالك وإجلالا له وكان حبيب إذا قرأ فأخطأ فتح عليه مالك وكان ذلك قليلا قال ابن وهب سمعت مالكا يقول ما أكثر أحد قط فأفلح.
وقيل لمالك لم لا تأخذ عن عمرو بن دينار قال: أتيته فوجدته يأخذون عنه قياما فأجللت حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن آخذه قائما.
ويروى عن ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول لرجل سأله عن القدر نعم قال الله تعالى {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها}(السجدة:12)
وقال جعفر بن عبد الله قال كنا عند مالك فجاءه رجل فقال يا أبا عبد الله [الرحمن على العرش استوى " كيف استوى فما وجد مالك من شيء ما وجد من مسألته فنظر إلى الأرض وجعل ينكت بعود في يده حتى علاه الرضاء ثم رفع رأسه ورمى بالعود وقال الكيف منه غير معقول والاستواء منه غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وأظنك صاحب بدعة وأمر به فأخرج]
وفي رواية أخرى قال: الرحمن على العرش استوى، كما وصف نفسه ولا يقال له كيف وكيف عنه مرفوع وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه.

من كلماته

ا لعلم ينقص ولا يزيد ولم يزل العلم ينقص بعد الأنبياء والكتب.
والله ما دخلت على ملك من هؤلاء الملوك حتى أصل إليه إلا نزع الله هيبته من صدري.
أعلم أنه فساد عظيم أن يتكلم الإنسان بكل ما يسمع.
ما تعلمت العلم إلا لنفسي وما تعلمت ليحتاج الناس إلي وكذلك كان الناس.
ليس هذا الجدل من الدين بشيء.
لا يؤخذ العلم عن أربعة سفيه يعلن السفه وإن كان أروى الناس وصاحب بدعة يدعو إلى هواه ومن يكذب في حديث الناس وإن كنت لا أتهمه في الحديث وصالح عابد فاضل إذا كان لا يحفظ ما يحدث به.

محنة الإمام مالك

(( تعرض الإمام مالك لمحنة وبلاء بسبب حسد ووشاية بينه وبين والي المدينة جعفر بن سليمان ويروى أنه ضرب بالسياط حتى أثر ذلك على يده فيقول إبراهيم بن حماد أنه كان ينظر إلى مالك إذا أقيم من مجلسه حمل يده بالأخرى، ويقول الواقدي لما ولي جعفر بن سليمان المدينة سعوا بمالك إليه وكثروا عليه عنده وقالوا لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشيء وهو يأخذ بحديث رواه عن ثابت بن الأحنف في طلاق المكره أنه لا يجوز عنده قال فغضب جعفر فدعا بمالك فاحتج عليه بما رفع إليه عنه فأمر بتجريده وضربه بالسياط وجبذت يده حتى انخلعت من كتفه وارتكب منه أمر عظيم فواالله ما زال مالك بعد في رفعة وعلو، وهذه ثمرة المحنة المحمودة أنها ترفع العبد عند المؤمنين وبكل حال فهي بما كسبت أيدينا ويعفو الله عن كثير ومن يرد الله به خيرا يصيب منه وقال النبي (صلى الله عليه وسلم) كل قضاء المؤمن خير له وقال الله تعالى {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين} (محمد:31) وأنزل الله تعالى في وقعه أحد قوله {أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أني هذا قل هو من عند أنفسكم}(آل عمران:165) وقال {وما أصابكم من مصيبة فبما كسب أيديكم ويعفو عن كثير} (الشورى:30)
فالمؤمن إذا امتحن صبر واتعظ واستغفر ولم يتشاغل بذم من انتقم منه فالله حكم مقسط ثم يحمد الله على سلامة دينه ويعلم أن عقوبة الدنيا أهون وخير له. ))
تعرض الإمام مالك لمحنة لروايته حديث: "ليس على مستكره يمين" فرأى الخليفة و الحكام أن التحديث به ينقض البيعة، إذ كانوا يكرهون الناس على الحلف بالطلاق عند البيعة، و بسبب ذلك ضرب بالسياط و انخلعت كتفه . مع بُعد الإمام مالك، رضي الله عنه، عن الفتن، وامتناعه عن تأييدها، نزلت به محنة شديدة في عهد أبي جعفر المنصور، ثاني الخلفاء العباسيين . وقد اتفق المؤرخون على نزولها بذلك العالم الجليل، وأكثر الرواة على أنها نزلت في عام 146هـ.

وقد اختلف المؤرخون في سبب نزول هذه المحنة
قال القاضي عياض السبتي رضي الله عنه: " قال ابن مهدي: اختلف فيمن ضرب مالكاً، وفي السبب في ضربه، وفي خلافة من ضَرب".

فقال بعضهم : إن سببها أنه كان يفتي بتحريم المتعة، وهي عقد مؤقت يبيح للرجل أن يعيش مع المرأة مدة معلومة بأجر معلوم يتكافأ مع المدة ومع حالها، وإذا امتنعت عن طاعته مدة نقص من هذا الأجر، كالأجرة في الإجارة تماماً، وأنه إذ كان يفتي بتحريمها أخذت عليه الفتيا، لأنه روى عن ابن عباس ـ جد المنصور ـ أنه كان يحلها… وهذا لا يصلح سببا، لأنه ما عرف أن المنصور كان يستبيح المتعة، ولأن أكثر الرواة على أن ابن عباس رجع عنها بعد أن لامه على ذلك ابن عمه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
وقيل أن السبب أنه كان يفضل سيدنا عثمان على الإمام علي كرم الله وجهه، فوشى به العلويون .
وفي ترتيب المدارك للقاضي عياض: " وخالف هذا كله ابن بكير فقال: ما ضرب مالك إلا في تقديمه عثمان على علي، فسعى به الطالبيون حتى ضرب.
فقيل لابن بكير: خالفت أصحابك، هم يقولون: ضرب في البيعة.
قال: أنا أعلم من أصحابي". وهذا أيضا لا يصلح سببا، لأن الزمن الذي نزلت فيه المحنة كان العلويون مبغضين إلى المنصور غير راض عنهم، لخروج محمد النفس الزكية بالمدينة، وأخيه إبراهيم ببغداد عام 145 هـ .

وإن السبب الذي نراه معقولا، وهو أنه كان يحدث بحديث: "ليس على مستكره يمين". وقد كان العلويون والذين خرجوا مع النفس الزكية يدعون أن بيعة المنصور قد أخذت كرها، فاتخذ هذا الحديث ذريعة لإبطال البيعة، فنهاه والي المدينة باسم المنصور عن أن يحدث به، ثم دس عليه من يسأله عنه، فحدث به على رؤوس الأشهاد. على ما ذكره القاضي عياض في ترتيب المدارك: " قال الواقدي: لما سود مالك، وسمع منه وقبل قوله، حسده الناس وبغوه، فلما ولى جعفر بن سليمان على المدينة، سعوا به إليه وكثروا عليه عنده. وقالوا:
لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشئ، وهو يأخذ بحديث يرويه ثابت الأحنف، في طلاق المكره أنه لا يلزم".
فالحديث مع روايته اعتراه نظران:
ـ نظر الساسة والسياسيين والمنافقين الذين يلتفون حولهم دائماً، وهؤلاء ظنوا أنه بروايته يروج الدعاية ضدهم ويمالئ بروايته في وقت خروج الخارجين.
ـ والثاني نظر الإمام، فهو يروي الحديث إذا سئل عنه، لأن في روايته إذاعة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإفشاءً للعلم، وامتناعاً عن كتمانه. ولا يبالي في ذلك شيئاً، وإن امتنع عد نفسه عاصيا كاتما لما جاء على لسان الرسول، وقد حكم الله بلعنه، لأنه لعن من يكتم علماً.
وكانت المحنة أن ضرب بالسياط، وأن مدت يده حتى انخلعت من كتفه، قال الواقدي في ذلك أن جعفرا غضب ، ودعا بمالك، فاحتج عليه بما رفع إليه "ثم جرده ومده فضربه بالسياط، ومدت يده حتى انخلعت كتفُه". وفي رواية عنه: "ومدت يداه حتى انخلع كتفاه".

قال مصعب : "ضرب جعفرُ بن سليمان مالكاً ثلاثين سوطاً، وقيل نيفاًُ وثلاثين، ويقال: ستين". وقال مكي بن إبراهيم: "سبعين سوطاً، وقيل نيفاُ وسبعين سوطاً"، وقيل مائة سوط من رواية الحارث عن ابن القاسم.

قال الدراوردي: لما أحضر مالك لضربه في البيعة التي أفتى بها ـ وكنت أقرب الخلق منه ـ سمعته يقول: كلما ضُرب سوطاُ: (اللهم اغفر لهم فإنهم لا يعلمون) حتى فرغ من ضربه.
ويذكر الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء أنه بعد ضرب الإمام مالك أمر جعفر بن سليمان أن يطاف به في المدينة، فيقول:"لما ضُرب ـ مالك ـ حُلق وحُمل على بعير، فقيل له: ناد على نفسك، فقال: "ألا من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا مالك بن أنس، أقول: طلاق المكره ليس بشيء"، فبلغ ذلك جعفر بن سليمان الأمير فقال: "أدركوه، أنزلوه".
وحمل مغشيا عليه إلى بيته.

قال مطرف : فرأيت آثار السياط في ظهره، قد شرحته تشريحاً، وكان حين مدوه في الحبل بين يديه خلعوا كتفه، حتى ما كان يستطيع أن يسوي رداءه.
وكان جعفر بن سليمان قد مَدَّ يديْ الإمام مالك بين العقابين (العقابين: آلة توضع فيها اليدان عند الضرب، فتمسكهما وتمنعهما من الحركة)، فلذلك كان لا يأتي المسجد، لخروج ريح من موضع الكتف.

قال إبراهيم بن حماد إنه: " كان ينظر إلى مالك إذا أقيم من مجلسه حمل يده بالأخرى".
وكان لذلك وقع شديد في نفوس أهل المدينة وطلاب العلم الذين قصدوه. فقد رأوا فقيه دار الهجرة وإمامها ينزل به ذلك، وما حرض على فتنة، ولا بغى في قول، ولا تجاوز حد الإفتاء، ونكأ جروحهم أنه سار على خطته بعد الأذى، فلزم درسه بعد أن رقئت جراحه، واستمر لا يحرض على فتنة. ولا يدعو إلى فساد، فنقموا ذلك الأمر من الحاكمين، وسخطوا عليهم. وغلت النفوس بالآلام منهم.

وقال الجياني: "بقي مالك بعد الضرب مطابق اليدين، لا يستطيع أن يرفعهما، وارتكب منه أمر عظيم، فو الله ما زال مالك بعد ذلك الضرب في رفعة من الناس وعلو وإعظام، حتى كأنما كانت تلك الأسواط حلياً حلي بها".
ثم إن الحكام أحسوا مرارة ما فعلوا، أو على الأقل أرادوا أن يداووا الجراح التي جرحوها، وخصوصا أبو جعفر المنصور، فإنه لم يكن في ظاهر الأمر ضارباً، ولم يثبت أنه أمر بضرب، أو رضَى عنه. ولذلك لما جاء إلى الحجاز حاجا، أرسل إلى مالك يستدعيه ليعتذر إليه. ولنسق الخبر كما جاء على لسان مالك رضي الله عنه، لنرى مقدار عظمته في سماحته، كما كان عظيما بعلمه وخصاله ومهابته، وها هو ذا الخبر( كما في ترتيب المدارك وتقريب المسالك للقاضي عياض السبتي):
لما دخلت على أبي جعفر، وقد عهد إلي أن آتيه بالموسم، قال لي:
والله الذي لا إله إلا هو، ما أردت الذي كان ولا علمته، وإنه لا يزال أهل الحرمين بخير ما كنت بين أظهرهم، وإني أخالك أماناً لهم من عذاب الله، ولقد رفع الله بك عنهم سطوة عظيمة، فإنهم أسرع الناس للفتن، وقد أمرت بعدو الله أن يؤتى به من المدينة إلى العراق على قتب، وأمرت (نصيرا) بحبسه، والاستبلاغ في امتهانه ولا بد أن أنزل به من العقوبة أضعاف ما نالك منه.
فقلت عافى الله أمير المؤمنين وأكرم مثواه.
ونزهته من أمري، وقلت له: قد عفوت عنه لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابته منك.
فقال لي: عفا الله عنك ووصلك.
وقد كان الإمام مالك قد عفا عن ضاربه قبل ذلك:
"قال القروي والعمري ـ وأحدهما يزيد على الآخر ـ: لما ضرب مالك ونيل منه، حمل مغشياً عليه، فدخل الناس عليه، فأفاق فقال: أشهدكم إني جعلت ضاربي في حل.
فعدناه في اليوم الثاني فإذا به قد تماثل، فقلنا له ما سمعنا منه،
وقلنا له: قد نال منك.
فقال: تخوفت أن أموت أمس فألقى النبي صلى الله عليه وسلم، فأستحي منه أن يدخل بعض أهله النار بسببي.
فما كان إلا مدة، حتى غضب المنصور على ضاربه، وضُرب ونيل منه أمر شديد، فبشر مالك بذلك فقال:
سبحان الله! أترون حظنا مما نزل بنا الشماتة به؟ إنا لنرجو له من عقوبة الله أكثر من هذا، ونرجو لنا من عفو الله أكثر من هذا، ولقد ضرب فيما ضربت فيه محمد بن المنكدر، وربيعة، وابن المسيب، ولا خير فيمن لا يؤذى في هذا الأمر".
قال محمد ابن خالد، ابن عثمة: كنا عند جعفر بن سليمان في مرضه الذي مات فيه، فدخل عليه حماد بن زيد، فقال له:
يا أبا إسماعيل، رأيت في منامي مالك بن أنس، فسلمت عليه فلم يرد، فأعدت عليه فرد، وقال: (إن لي ولك غداً مقاماً عند الله) فأرقت لذلك وغمني.
فقال له حماد: إن مالكاً من الإسلام بمكان جليل، وما هو إلا الندم والاستغفار.

ويقول الإمام الذهبي في تعليقه على هذا الحدث:

"قلت هذا ثمرة المحنة المحمودة أنها ترفع العبد عند المؤمنين وبكل حال فهي بما كسبت أيدينا ويعفو الله عن كثير ( ومن يرد الله به خيرا يصيب منه ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كل قضاء المؤمن خير له". وقال الله تعالى: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين) [ سورة: محمد،الآية: 31 ]، وأنزل الله تعالى في وقعة أحد قوله: (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا. قل هو من عند انفسكم ) [سورة: آل عمران، الآية: 165 ] وقال: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) [سورة: الشورى، الآية: 30 ] فالمؤمن إذا امتحن صبر واتعظ واستغفر ولم يتشاغل بذم من انتقم منه، فالله حَكم مُقسط، ثم يحمد الله على سلامة دينه ويعلم أن عقوبة الدنيا أهون وخيرٌ له".
وقال الليث : إني لأرجو أن يرفع الله مالكاً بكل سوط درجة في الجنة.
وهكذا خرج الإمام من هذه المحنة مكرما، وزاد بها رفعة عند الخليفة وعند الناس.

تراث الإمام مالك

عني العلماء بتحقيق وتأليف الكتب حول تراث الإمام مالك، وما زال العلماء قديما وحديثا لهم أتم اعتناء برواية الموطأ ومعرفته وتحصيله .

وفاته

لقد عمر الإمام مالك رحمه الله مدة طويلة وعاصر الدولتين الأموية والعباسية وارتفعت مكانته بين الناس وعند الخلفاء حتى أنه كان يأمر وينهى ويعاقب كأنه السلطان ولا يجرؤ أحد على مخالفته وانتشر مذهبه بالحجاز ومصر والمغرب. والأندلس وانقرض مذهبه من الحجاز ومصر ومازال قائمًا لوقتنا الحاضر بالمغرب كله حتى أنه من النادر أن تجد من بين المغاربة من يتمذهب لغير مالك.

ـ وفي ليلة 14 صفر سنة 179هـ قضى الإمام مالك نحبه بعد حياة مديدة حافلة بالعلم والحديث وكان آخر كلامه عند موته ‘أشهد أن لا إله إلا الله لله الأمر من قبل ومن بعد’.

فرحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن الأمة الإسلامية خير الجزاء.

الخاتمة

كان الامام مالك بن أنس عالما ربانيا وامام للمسلمين وخير من يقتدي به الناس على مر العصور والأزمنة .

يدع الجواب فلا يراجع هيبة والسائلون نواكس الأبصار
عز الوقار ونور سلطان التقى
فهو المهيب وليس ذا سلطان .

المصادر والمراجع

www.islammemo.com (1

www.muslimuzbekistan.net (2

مدونة جنرال العين – Forum General Alain (3

الكتب :

– سير أعلام النبلاء

– سلسة الجبال لمن تتحدث عن خير الرجال

هااااذي روابط علميه

جزاكم الله خير ينقل للقسم المناسب .

صلى الله على محمد

التصنيفات
الصف العاشر

تقرير مؤطا الامام مالك للصف العاشر

تقرير مؤطا الامام مالك

هناا

تسلمييين ما قثررتي شمشم برستيج

يسلموووو

.. تسلمون ع المرور الحلوو ^^

أستــــغفر الله العظيم

التصنيفات
الصف الحادي عشر

بوربوينت لدرس (الامام الشافعي + سورة الاحزاب 5) تربية الاسلامية -حادي عشر – فصل2 للصف الحادي عشر

اولا

بوربوينت لدرس الامام الشافعي

ثانيا بوربوينت لدرس سورة الاحزاب 5

منقول من عدة مدونة تعليمية

دعواتكم لاصحاب العمل و لمن ساهم بنشهر

بوربوينت ما يشتغل عندي

وانا بعد أهئ أهئ بصييييح

مشكووووور

جزاك الله الف خيرر

الــسلام عليكم
بــآركـ الله فيك
جعله الله بميزان حسناتك
بالتوفيق للجميع }^^

شكرا في ميزان حسناتكم

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

مشكووورة يزاج الله الف خير
بارك الله فيج

تم ++

تسلم يا الغالى وبارك الله فيك

أستغفرك يا رب من كل ذنب

التصنيفات
الصف السادس

ورقة عمل لدرسي الامام مالك بن أنس و أم المؤمنين عائشة -تعليم الامارات

أصدقائي
السلام عليكم
كيف حالكم
أنا حبيت أجيب لكم ورقة عمل مميزة
وإنشاء الله تنال إعجابكم

السادس ( )
اليوم و التاريخ : ……………………. الاسم:…………………….
املأ الفراغ بما يناسب.
1ــ من هو الإمام مالك بن أنس ؟ ………………………………………….. ……………………
2ــ متى ولد الإمام مالك؟ ………………………………..
3ــ عدد ثلاثة من صفات أم المؤمنين عائشة؟
…………… ………………. …………….
حوط على الإجابة الصحيحة.
1ــ عدد الأحاديث التي جمعتها أم المؤمنين عائشة هي
ا ـ 2210 ب ــ 2300 ج ــ 1027
2ــ يطلق لقب أمهات المؤمنين على
ا ــ نساء بني هاشم ب ــ زوجات الرسول ج ــ زوجات المسلمين
اذكر السبب.
كانت السيدة عائشة زاهدة وقد ظهر ذلك من خلال:
………………………………………….. ………………………………………….. ………………….
علل.
كان الإمام مالك بن انس صبورا.

………………………………………….. ………………………………………….. …………………..

الملفات المرفقة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
اشكرك اخوي عالورقة..
تم وضع محتوى المرفق في الموضوع نفسه,,
ف قوقل لا يقرا المرفقات..
شكرا لك

صلى الله على محمد

التصنيفات
الصف العاشر

تقرير عن منهج الامام محمد عبده في التفسير للصف العاشر

مرحباااااااا

بغيت تقرير عن منهج الامام محمد عبده في التفسير..

يكون كامل مكمل فيه كل شى>مقدمه خاتمه_مراجع_فهرس…<<

لو ماعليييييييييكم امر..ساعدوني

اعتذر لا أملك اي تقرير ولكني وجدت هذه المعلومات علها تفيدك ف تقريرك :

1
محمد إبراهيم الفيومي

في مناهج تجديد الفكر الإسلامي (التقريب بين المذاهب) محمد عبده؛ مصطفي عبد الرازق؛ آية الله البروجردي؛ محمود شلتوت.- القاهرة: دار الفكر العربي، 2001.- 175ص.
كتاب

2
كمال الدين عبد الغني المرسي شرابي

الإمام محمد عبده وأثره في تجديد الفقه والفكر الإسلامي.- الإسكندرية: المكتب الجامعي الحديث، 2001.- 235ص.
كتاب

3
كمال الدين عبد الغني المرسى

الإمام محمد عبده وأثره في تجديد الفقه والفكر الإسلامي.- الإسكندرية: المكتب الجامعي الحديث، 2001.- 235ص.
كتاب

4
إنعام محمود حماد

مشروع النهضة عند الشيخ محمد عبده.- في: المؤتمر الدولي السادس للفلسفة الإسلامية (الإسلام ومشروعات النهضة الحديثة).- القاهرة: جامعة القاهرة – كلية دار العلوم، 2001.- ص ص393- 423
بحث مؤتمر

5
سلوى محمد نصره

مقومات النهضة وآلياتها عند الشيخ محمد عبده.- في: المؤتمر الدولي السادس للفلسفة الإسلامية (الإسلام ومشروعات النهضة الحديثة).- القاهرة: جامعة القاهرة – كلية دار العلوم، 2001.- ص ص499- 541
بحث مؤتمر

6
هناء أحمد عبد المقصود

الجوانب العقدية في فكر الإمام محمد عبده؛ إشراف محمد عبد الغنى شامة.- الإسكندرية: جامعة الأزهر ـ كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات ـ قسم العقيدة والفلسفة، 2000.- رسالة ماجستير.
رسالة جامعية

7
محمد صالح محمد السيد

إعادة بناء علم التوحيد عند الأستاذ محمد عبده.- القاهرة: دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، 1998.- 168ص.
كتاب

8
أمان عبد المؤمن قحيف

الحضارة بين الانقطاع والتواصل في فكر الإمام محمد عبده.- في: المؤتمر الدولي الأول للفلسفة (الفلسفة الإسلامية والتحديات المعاصرة).- القاهرة: جامعة القاهرة – كلية دار العلوم، 1996.- ص ص297- 319.
بحث مؤتمر

9
منى أبو اليزيد

منهج محمد عبده في دراسة العقيدة.– المسلم المعاصر (بيروت).- ع75-76 (1995).- ص 128-167.
مقالة دورية

10
فرح أنطون

ابن رشد وفلسفته مع نصوص المناظرة بين محمد عبده وفرح أنطون.- بيروت: دار الفارابي، 1988.- 352ص.
كتاب

11
علي زيعور

الخطاب التربوي والفلسفي عند محمد عبده: [دراسة بالشاهد للقطاع المحدث في الذات العربية].- بيروت: دار الطليعة، 1988.- 235ص.
كتاب

12
محمد عمارة مصطفى عمارة

الإمام محمد عبده: مجدد الدنيا بتجديد الدين.- بيروت: دار الوحدة للطباعة والنشر، 1985.– 283ص.
كتاب

13
عبد الله محمود شحاتة

منهج الإمام محمد عبده في تفسير القرآن الكريم.- القاهرة: جامعة القاهرة، 1984.- 264ص.
كتاب

14
زينون كمال الدين الأندونيسي

الإمام محمد عبده وأثره في تجديد الفكر الإسلامي بأندونيسيا؛ إشراف عبد اللطيف محمد العبد.- القاهرة: جامعة القاهرة – كلية دار العلوم – قسم الفلسفة الإسلامية، 1984.- رسالة ماجستير.
رسالة جامعية

15
عبد الغفار عبد الرحيم

الإمام محمد عبده ومنهجه في التفسير.- القاهرة: دار الأنصار، 1980.- 419ص.
كتاب

16
رفقي علي زاهر

الشيخ محمد عبده وآراؤه الفلسفية؛ إشراف محمد خليل هراس.- القاهرة: جامعة الأزهر – كلية أصول الدين، 1972.- رسالة دكتوراه.
رسالة جامعية

17
أحمد عبد الرحمن عيسى

الفن الصحفي عند الشيخ محمد عبده.- القاهرة: جامعة الأزهر – كلية اللغة العربية، 1971.- رسالة دكتوراه.
رسالة جامعية

18
السيد تقي الدين السيد أحمد

محمد عبده أديبًا وناقدًا.- القاهرة: جامعة الأزهر – كلية اللغة العربية، 1970.- رسالة دكتوراه.
رسالة جامعية

19
عثمان أمين

رائد الفكر المصري: الإمام محمد عبده.- القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1955.- 287ص.
كتاب

20
محمد إبراهيم الفيومي

في مناهج تجديد الفكر الإسلامي (التقريب بين المذاهب) محمد عبده؛ مصطفى عبد الرازق؛ آية الله البروجردي؛ محمود شلتوت.- القاهرة: دار الفكر العربي، 2001.- 175ص.

هذه كتب عنه

محمد عبده رائد الإصلاح في العصر الحديث

( ذكرى وفاته في 8 من جمادى الأولى 1323هـ)

سمير حلبي

الشيخ محمد عبده

يُعدّ "الإمام محمد عبده" واحدًا من أبرز المجددين في الفقه الإسلامي في العصر الحديث، وأحد دعاة الإصلاح وأعلام النهضة العربية الإسلامية الحديثة؛ فقد ساهم بعلمه ووعيه واجتهاده في تحرير العقل العربي من الجمود الذي أصابه لعدة قرون، كما شارك في إيقاظ وعي الأمة نحو التحرر، وبعث الوطنية، وإحياء الاجتهاد الفقهي لمواكبة التطورات السريعة في العلم، ومسايرة حركة المجتمع وتطوره في مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية.

في الجامع الأحمدي

وُلد الإمام "محمد عبده" في عام (1266هـ = 1849م) لأب تركماني الأصل، وأم مصرية تنتمي إلى قبيلة "بني عدي" العربية، ونشأ في قرية صغيرة من ريف مصر هي قرية "محلة نصر" بمحافظة البحيرة.

أرسله أبوه- كسائر أبناء قريته- إلى الكُتّاب، حيث تلقى دروسه الأولى على يد شيخ القرية، وعندما شبَّ الابن أرسله أبوه إلى "الجامع الأحمدي"- جامع السيد البدوي- بطنطا، لقربه من بلدته؛ ليجوّد القرآن بعد أن حفظه، ويدرس شيئًا من علوم الفقه واللغة العربية.

وكان محمد عبده في نحو الخامسة عشرة من عمره، وقد استمر يتردد على "الجامع الأحمدي" قريبًا من العام ونصف العام، إلا أنه لم يستطع أن يتجاوب مع المقررات الدراسية أو نظم الدراسة العقيمة التي كانت تعتمد على المتون والشروح التي تخلو من التقنين البسيط للعلوم، وتفتقد الوضوح في العرض، فقرر أن يترك الدراسة ويتجه إلى الزراعة.. ولكن أباه أصر على تعليمه، فلما وجد من أبيه العزم على ما أراد وعدم التحول عما رسمه له، هرب إلى بلدة قريبة فيها بعض أخوال أبيه.

مع الشيخ درويش خضر

وهناك التقى بالشيخ الصوفي "درويش خضر"- خال أبيه- الذي كان له أكبر الأثر في تغيير مجرى حياته.

وكان الشيخ درويش متأثرًا بتعاليم السنوسية التي تتفق مع الوهابية في الدعوة إلى الرجوع إلى الإسلام الخالص في بساطته الأولى، وتنقيته مما شابه من بدع وخرافات.

واستطاع الشيخ "درويش" أن يعيد الثقة إلى محمد عبده، بعد أن شرح له بأسلوب لطيف ما استعصى عليه من تلك المتون المغلقة، فأزال طلاسم وتعقيدات تلك المتون القديمة، وقرّبها إلى عقله بسهولة ويسر.

وعاد محمد عبده إلى الجامع الأحمدي، وقد أصبح أكثر ثقة بنفسه، وأكثر فهمًا للدروس التي يتلقاها هناك، بل لقد صار "محمد عبده" شيخًا ومعلمًا لزملائه يشرح لهم ما غمض عليهم قبل موعد شرح الأستاذ.

وهكذا تهيأ له أن يسير بخطى ثابتة على طريق العلم والمعرفة بعد أن عادت إليه ثقته بنفسه.

في الأزهر

انتقل محمد عبده من الجامع الأحمدي إلى الجامع الأزهر عام (1282 هـ = 1865م)، وقد كان الأزهر غاية كل متعلم وهدف كل دارس، فدرس الفقه والحديث والتفسير واللغة والنحو والبلاغة، وغير ذلك من العلوم الشرعية واللغوية.

وكانت الدراسة في الأزهر- في ذلك الوقت- لا تخرج عن هذه العلوم في شيء، فلا تاريخ ولا جغرافيا ولا طبيعة ولا كيمياء ولا رياضيات وغير ذلك من العلوم التي كانت توصف- آنذاك- بعلوم أهل الدنيا.

ولذلك فَقَدْ شَابَ الدراسة في الأزهر- في ذلك الوقت- كثير من التخلف والجمود، وتوقفت العلوم عند ظواهر الأشياء دون النفاذ إلى الجوهر، ومن ثم كانت الدراسة تنصبّ على المتون والحواشي والشروح بالدرجة الأولى.

واستمر "محمد عبده" يدرس في "الأزهر" اثني عشر عامًا، حتى نال شهادة العالمية سنة (1294هـ = 1877م).

رجال في حياة الإمام

تأثر الشيخ "محمد عبده" بعدد من الرجال الذين أثروا حياته وأثّروا فيها، وكان من أولهم الشيخ "درويش خضر" الذي كان يلتقي به في إجازته من كل عام، فيتعهده بالرعاية الروحية والتربية الوجدانية، فيصب في روحه من صوفيته النقية، ويشحذ عزيمته ونفسه بالإرادة الواعية، ويحركه للاتصال بالناس، والتفاعل مع المجتمع، ويدعوه إلى التحدث إلى الناس ونصحهم ووعظهم.

وهو الذي ساعده على تجاوز حدود العلوم التي درسها بالأزهر، ونبهه إلى ضرورة الأخذ من كل العلوم، بما فيها تلك العلوم التي رفضها الأزهر وضرب حولها سياجًا من المنع والتحريم.

ومن ثم فقد اتصل "محمد عبده" بالرجل الثاني الذي كان له أثر كبير في توجيهه إلى العلوم العصرية، وهو الشيخ "حسن الطويل" الذي كانت له معرفة بالرياضيات والفلسفة، وكان له اتصال بالسياسة، وعُرف بالشجاعة في القول بما يعتقد دون رياء أو مواربة.

وقد حركت دروس الشيخ "حسن الطويل" كوامن نفس محمد عبده، ودفعته إلى البحث عن المزيد، وقد وجد ضالته أخيرًا عند السيد "جمال الدين الأفغاني".

صداقة ووئام بين الأفغاني والإمام

كان الأفغاني يفيض ذكاء وحيوية ونشاطا، فهو دائم الحركة، دائم التفكير، دائم النقد، دائم العطاء، وكان محركًا للعديد من ثورات الطلاب ومظاهراتهم؛ فقد وهب نفسه لهدف أسمى وغاية نبيلة هي إيقاظ الدولة الإسلامية من سُباتها، والنهوض بها من كبوتها وضعفها، فعمل على تبصرة الشعوب بحقوقها من خلال تنوير عقول أبنائها.

ووجد "الأفغاني" في "محمد عبده" الذكاء وحسن الاستعداد، وعلو الهمة، فضلا عن الحماسة في الدعوة إلى الإصلاح، ورأى "محمد عبده" من خلال "الأفغاني" الدنيا التي حجبتها عنه طبيعة الدراسة في الأزهر.. وتلازم الشيخان، ونشأت بينهما صداقة صافية، وساد بينهما نوع من الوئام والتوافق والانسجام على أساس من الحب المتبادل والاحترام والتقدير.

الإمام معلمًا

بعد أن نال "محمد عبده" شهادة العالمية من الأزهر، انطلق ليبدأ رحلة كفاحه من أجل العلم والتنوير، فلم يكتف بالتدريس في الأزهر، وإنما درّس في "دار العلوم" وفي "مدرسة الألسن"، كما اتصل بالحياة العامة.

وكانت دروسه في الأزهر في المنطق والفلسفة والتوحيد، وكان يُدرّس في دار العلوم مقدمة ابن خلدون، كما ألّف كتابًا في علم الاجتماع والعمران.

واتصل بعدد من الجرائد، فكان يكتب في "الأهرام" مقالات في الإصلاح الخلقي والاجتماعي، فكتب مقالا في "الكتابة والقلم"، وآخر في "المدبر الإنساني والمدبر العقلي والروحاني"، وثالثا في "العلوم العقلية والدعوة إلى العلوم العصرية".

المنهج الإصلاحي للإمام

وحينما تولّى الخديوي "توفيق" العرش، تقلد "رياض باشا" رئاسة النظار، فاتجه إلى إصلاح "الوقائع المصرية"، واختار الشيخ محمد عبده ليقوم بهذه المهمة، فضم "محمد عبده" إليه "سعد زغلول"، و"إبراهيم الهلباوي"، والشيخ "محمد خليل"، وغيرهم، وأنشأ في الوقائع قسمًا غير رسمي إلى جانب الأخبار الرسمية، فكانت تحرر فيه مقالات إصلاحية أدبية واجتماعية، وكان الشيخ "محمد عبده" هو محررها الأول. وظل الشيخ "محمد عبده" في هذا العمل نحو سنة ونصف السنة، استطاع خلالها أن يجعل "الوقائع" منبرًا للدعوة إلى الإصلاح.

وكان في مصر تياران قويان يتنازعان حركة الإصلاح:

الأول: يمثله فريق المحافظين الذين يرون أن الإصلاح الحقيقي للأمة إنما يكون من خلال نشر التعليم الصحيح بين أفراد الشعب، والتدرج في الحكم النيابي، وكان الإمام "محمد عبده" والزعيم "سعد زغلول" ممن يمثلون هذا التيار.

والثاني: يدعو إلى الحرية الشخصية والسياسية تأسيًا بدول أوروبا، وكانت نواته جماعة من المثقفين الذين تعلموا في أوروبا، وتأثروا بجو الحرية فيها، وأعجبوا بنظمها، ومنهم "أديب إسحاق".

وكان هؤلاء ينظرون إلى محمد عبده ورفاقه على أنهم رجعيون، ولا يوافقونهم فيما ذهبوا إليه من أن الإصلاح ينبغي أن يأتي بالتدريج ليستقر، وليس طفرة فيزول.

الإمام والثورة العرابية

وعندما اشتغلت الثورة العرابية سنة (1299هـ = 1882م) التفّ حولها كثير من الوطنيين، وانضم إليهم الكثير من الأعيان وعلماء الأزهر، واجتمعت حولها جموع الشعب وطوائفه المختلفة، وامتزجت مطالب جنود الجيش بمطالب جموع الشعب والأعيان والعلماء، وانطلقت الصحف تشعل لهيب الثورة، وتثير الجموع، وكان "عبد الله النديم" من أكثر الخطباء تحريضًا على الثورة.

وبالرغم من أن "محمد عبده" لم يكن من المتحمسين للتغيير الثوري السريع فإنه انضم إلى المؤيدين للثورة، وأصبح واحدًا من قادتها وزعمائها، فتم القبض عليه، وأودع السجن ثلاثة أشهر، ثم حُكم عليه بالنفي لمدة ثلاث سنوات.

بين بيروت وباريس

انتقل "محمد عبده" إلى "بيروت" سنة (1300هـ = 1883م)؛ حيث أقام بها نحو عام، ثم ما لبث أن دعاه أستاذه الأفغاني للسفر إليه في باريس حيث منفاه، واستجاب "محمد عبده" لدعوة أستاذه حيث اشتركا معًا في إصدار مجلة "العروة الوثقى" التي صدرت من غرفة صغيرة متواضعة فوق سطح أحد منازل باريس؛ حيث كانت تلك الغرفة هي مقر التحرير وملتقى الأتباع والمؤيدين.

لقد أزعجت تلك المجلة الإنجليز، وأثارت مخاوفهم كما أثارت هواجس الفرنسيين، وكان الإمام محمد عبده وأستاذه وعدد قليل من معاونيهم يحملون عبء تحرير المجلة وتمهيد السبل لها للوصول إلى أرجاء العالم الإسلامي، وكانت مقالات الإمام تتسم في هذه الفترة بالقوة، والدعوة إلى مناهضة الاستعمار، والتحرر من الاحتلال الأجنبي بكل صوره وأشكاله. واستطاع الإنجليز إخماد صوت "العروة الوثقى" الذي أضجّ مضاجعهم وأقلق مسامعهم، فاحتجبت بعد أن صدر منها ثمانية عشر عددا في ثمانية أشهر، وعاد الشيخ "محمد عبده" إلى بيروت سنة (1302هـ = 1885م) بعد أن تهاوى كل شيء من حوله، فقد فشلت الثورة العرابية، وأغلقت جريدة "العروة الوثقى"، وابتعد عن أستاذه الذي رحل بدوره إلى "فارس".

وكان على "محمد عبده" أن يشغل وقته بالتأليف والتعليم، فشرح "نهج البلاغة" ومقامات "بديع الزمان الهمذاني"، وأخذ يدرّس تفسير القرآن في بعض مساجد "بيروت"، ثم دُعي للتدريس في "المدرسة السلطانية" ببيروت، فعمل على النهوض بها، وأصلح برامجها، فكان يدرّس التوحيد والمنطق والبلاغة والتاريخ والفقه، كما كتب في جريدة "ثمرات الفنون" عددًا من المقالات تشبه مقالاته في "الوقائع".

وبالرغم من أن مدة نفيه التي حكم عليه بها كانت ثلاث سنوات فإنه ظل في منفاه نحو ست سنين، فلم يكن يستطيع العودة إلى مصر بعد مشاركته في الثورة على الخديوي "توفيق"، واتهامه له بالخيانة والعمالة، ولكن بعد محاولات كثيرة لعدد من الساسة والزعماء، منهم: "سعد زغلول"، والأميرة "نازلي"، و"مختار باشا"، صدر العفو عن "محمد عبده" سنة (1306هـ = 1889م)، وآن له أن يعود إلى أرض الكنانة.

العودة إلى مصر

كان كل شيء قد أصبح في يد الإنجليز، وكان أهم أهداف الشيخ "محمد عبده" إصلاح العقيدة، والعمل على إصلاح المؤسسات الإسلامية كالأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية.. واتخذ "محمد عبده" قراره بمسالمة الخديوي، وذلك حتى يتمكن من تنفيذ برنامجه الإصلاحي الذي يطمح إلى تحقيقه، والاستعانة بالإنجليز أنفسهم إذا اقتضى الأمر، فوضع تقريرًا بعد عودته حول الإصلاحات التي يراها ضرورية للنهوض بالتعليم، ورفعه إلى "اللورد كرومر" نفسه، فحقيقية الأمر التي لا جدال فيها أنه كان القوة الفاعلة والحاكم الحقيقي لمصر.

وكان الشيخ "محمد عبده" يأمل أن يكون ناظرًا لدار العلوم أو أستاذًا فيها بعد عودته إلى مصر، ولكن الخديوي والإنجليز كان لهما رأي آخر؛ ولذلك فقد تم تعيينه قاضيًا أهليًا في محكمة بنها، ثم الزقازيق، ثم عابدين، ثم عين مستشارًا في محكمة الاستئناف سنة (1313هـ = 1895م).

بدأ يتعلم اللغة الفرنسية وهو قاضٍ في "عابدين"- وكانت سنه حينئذ قد شارفت على الأربعين- حتى تمكّن منها، فاطلع على القوانين الفرنسية وشروحها، وترجم كتابًا في التربية من الفرنسية إلى العربية.

الإمام مفتيًا

وعندما تُوفي الخديوي "توفيق" سنة (1310هـ = 1892م)، وتولي الخديوي عباس، الذي كان متحمسًا على مناهضة الاحتلال، سعى الشيخ "محمد عبده" إلى توثيق صلته به، واستطاع إقناعه بخطته الإصلاحية التي تقوم على إصلاح الأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية، وصدر قرار بتشكيل مجلس إدارة الأزهر برئاسة الشيخ "حسونة النواوي"، وكان الشيخ محمد عبده عضوا فيه، وهكذا أتيحت الفرصة للشيخ محمد عبده لتحقيق حلمه بإصلاح الأزهر، وهو الحلم الذي تمناه منذ أن وطئت قدماه ساحته لأول مرة.

وفي عام (1317هـ = 1899م) تم تعيينه مفتيًا للبلاد، ولكن علاقته بالخديوي عباس كان يشوبها شيء من الفتور، الذي ظل يزداد على مر الأيام، خاصة بعدما اعترض على ما أراده الخديوي من استبدال أرض من الأوقاف بأخرى له إلا إذا دفع الخديوي للوقف عشرين ألف فرقًا بين الصفقتين.

الحملة الشرسة ضد الإمام

وتحول الموقف إلى عداء سافر من الخديوي، فبدأت المؤامرات والدسائس تُحاك ضد الإمام الشيخ، وبدأت الصحف تشن هجومًا قاسيًا عليه لتحقيره والنيل منه، ولجأ خصومه إلى العديد من الطرق الرخيصة والأساليب المبتذلة لتجريحه وتشويه صورته أمام العامة؛ حتى اضطر إلى الاستقالة من الأزهر في سنة (1323هـ = 1905م)، وإثر ذلك أحس الشيخ بالمرض، واشتدت عليه وطأة المرض، الذي تبيّن أنه السرطان، وما لبث أن تُوفي بالإسكندرية في (8 من جمادى الأولى 1323 هـ = 11 من يوليو 1905م) عن عمر بلغ ستة وخمسين عامًا.

الإمام محمد عبده

الثلاثاء, 30 سبتمبر, 2022

الإمام محمد عبده رجل الإصلاح
الامام محمد عبده

داعية وإمام إسلامي، عرف بفكره الإصلاحي ودعوته للتحرر من كافة أشكال الاستعمار الأجنبي ومحاولاته المستمرة من أجل الارتقاء بالمؤسسات الإسلامية والتعليمية وسعيه الدائم للإصلاح والتطوير في الأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية، فبذل الكثير من الجهد من أجل تحقيق التطور والإصلاح في المجتمع على الرغم مما تعرض له من سجن ونفي .
ولد الإمام "محمد عبده" في عام 1266هـ – 1849م لأب تركماني الأصل، وأم مصرية تنتمي إلى قبيلة " بني عدي " العربية، ونشأ في قرية "محلة نصر" بمحافظة البحيرة.

تعليمه

قام والده بإرساله إلى كتاب القرية حيث تلقى دروسه الأولى، ثم بعد ذلك وفي سن الخامسة عشر تقريباً، التحق "بالجامع الأحمدي" – جامع السيد البدوي بطنطا، حيث تلقى علوم الفقه واللغة العربية كما حفظ القرآن وجوده، انتقل بعد ذلك الشيخ محمد عبده إلى الدراسة في الأزهر الشريف وذلك في عام 1865م، وتلقى في هذه الجامعة العلمية والدينية القيمة علومه المختلفة فدرس الفقه والحديث والتفسير واللغة والنحو والبلاغة، وغير ذلك من العلوم الشرعية واللغوية، استمر في الدراسة في الأزهر حتى حصل على شهادة العالمية منه عام 1877م.

حاول محمد عبده الانفتاح على العلوم الأخرى والتي لم يكن الأزهر يهتم بتدريسها في هذا الوقت ووجد ضالته في بعض الشخصيات التي أثرت في حياته بشكل فعلي منهم الشيخ درويش خضر والذي كان يقدم له النصح دائماً ويوجهه للطريق السليم ويحثه على ضرورة التعرف على مختلف العلوم الأخرى بجانب العلوم الشرعية والفقهية ، وبعد ذلك تعرف محمد عبده على الشيخ حسن الطويل الذي كان على دراية بعدد من العلوم مثل الرياضيات والفلسفة وتلقى على يديه عدد من الدروس، ثم يأتي دور جمال الدين الأفغاني في حياة محمد عبده وتنشأ بين الاثنان صداقة قوية مبعثها الدعوة للإصلاح.

الحياة العملية

قام محمد عبده من خلال هدفه في الدعوة للإصلاح ونشر التنوير والعلم بالتدريس في العديد من الأماكن منها الأزهر الشريف الذي قام بتدريس المنطق والفلسفة والتوحيد فيه، ودرس في دار العلوم مقدمة ابن خلدون، كما قام بالتدريس في مدرسة الألسن.
قام بتأليف كتاب في علم الاجتماع والعمران، كما قام بكتابة عدد من المقالات في عدد من الجرائد مثل جريدة الأهرام.

دعوته للإصلاح

قام رياض باشا ( رئيس النظار في عهد الخديوي توفيق) بتعيين الإ مام محمد ع الامام محمد عبده فى شبابهبده في جريدة الوقائع المصرية وهي الجريدة التي قام رياض باشا بإجراء بعض الإصلاحات عليها وضم بها عدد من الشخصيات البارزة للعمل فيها مثل سعد زغلول، محمد خليل والشيخ محمد عبده، حيث قام محمد عبده بمهمة التحرير والكتابة في القسم الخاص بالمقالات الإصلاحية الأدبية والاجتماعية .
كان الإمام محمد عبده ينتمي في تيار حركة الإصلاح إلى المحافظين الذين يرون أن الإصلاح يكون من خلال نشر التعليم بين أفراد الشعب والتدرج في الحكم النيابي وكان سعد زغلول أيضاً من مؤيدي هذا التيار، وهو عكس التيار الذي يدعو للحرية الشخصية والسياسية مثل المنهج الذي تتبعه الدول الأوروبية، وكان من مؤيدي هذا التيار "أديب إسحاق" ومجموعة من المثقفين الذين تلقوا علومهم في الدول الأوروبية.
قامت الثورة العرابية في عام 1882م وكان محمد عبده من مؤيديها فتم القبض عليه وحكم عليه بالنفي لمدة ثلاث سنوات.

في المنفى

انتقل محمد عبده إلى بيروت حيث مكث بها قرابة العام، ثم انتقل بعدها إلى باريس ليكون بالقرب من أستاذه وصديقه جمال الدين الأفغاني حيث قاموا معاً بتأسيس جريدة " العروة الوثقى" ولكن للأسف هذه الجريدة لم تستمر كثيراً حيث أثارت المقالات التي كانت تكتب بها حفيظة الإنجليز والفرنسيين خاصة وأنها كانت تتضمن مقالات تندد بالاستعمار وتدعو للتحرر من الاحتلال الأجنبي بجميع أشكاله، فتم إيقاف إصدارها .
عاد مرة أخرى لبيروت حيث قام بتأليف عدد من الكتب، والتدريس في بعض مساجدها، ثم انتقل للتدريس في "المدرسة السلطانية" في بيروت حيث عمل على الارتقاء بها وتطويرها، كما شارك بكتابة بعض المقالات في جريدة " ثمرات الفنون"، وقام بشرح " نهج البلاغة" و " مقامات " بديع الزمان الهمذاني".

العودة للوطن

صدر العفو عن محمد عبده بعد ست سنوات قضاها في المنفى، فعاد إلى مصر وكان يراوده حلم دائماً بمحاولة الإصلاح في المؤسسات الإسلامية ومحاولة النهضة بالتعليم وتطويره، عين محمد عبده قاضياً أهلياً في محكمة بنها، ثم في محكمة الزقازيق ، وعابدين ثم مستشاراً في محكمة الاستئناف .
تعلم محمد عبده اللغة الفرنسية وأتقنها واطلع على العديد من الكتب والقوانين الفرنسية، كما قام بترجمة كتاب في التربية من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية.
بعد وفاة الخديوي توفيق عام 1892م، تولى الخديوي عباس الحكم وحاول محمد عبده تحقيق حلمه في الإصلاح والتطوير للأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية من خلال توطيد علاقته بالخديوي عباس، وعندما تم تشكيل مجلس إدارة الأزهر برئاسة الشيخ " حسونة النواوي " عين محمد عبده عضواً فيه، ثم بعد ذلك أصبح مفتياً للبلاد.

الوفاة

علاقة الشيخ محمد عبده بالخديوي عباس لم تكن على مايرام وازدادت سوءاً على مر الأيام، الأمر الذي أدى لمحاولة النيل من محمد عبده بمختلف السبل الممكنة من خلال المؤامرات، ومحاولة تشويه صورته في الصحف وأمام الشعب، وأد ى هذا الأمر بالشيخ في نهاية الأمر بتقديم استقالته من الأزهر عام 1905م، وبعد ذلك اشتدت معاناته من مرض السرطان حتى كانت الوفاة في الإسكندرية في يوليو 1905م .

مؤلفاته

قام محمد عبده بكتابة وتأليف وشرح عدد من الكتب نذكر منها "رسالة التوحيد"، تحقيق وشرح "البصائر القصيرية للطوسي"، تحقيق وشرح "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة" للجرجاني، كتاب "الإسلام والنصرانية بين العلم والمدنية" وفي هذا الكتاب قام الإ مام محمد عبده بإجراء مقابلة بين الدينين الإسلامي والمسيحي وأثرهما في العلم والمدنية، تقرير إصلاح المحاكم الشرعية سنة 1899 م.
كما قام العديد من الكتاب والصحفيين بتناول شخصية محمد عبده وآرائه الإصلاحية من خلال كتبهم ومقالاتهم المختلفة منها: كتاب "محمد عبده" تأليف محمود عباس العقاد، كتاب "رائد الفكر المصري – الإ مام محمد عبده" من تأليف عثمان أمين، كتاب " الإ مام محمد عبده في أخباره وآثاره" تأليف رحاب عكاوي، وغيرها العديد من الكتب.

للمزيد :

http://www.google.ae/search?hl=ar&q=…%8A%D8%B1&****=

تسلمين الغالية : معلمة المستقبل .. ع المساعده الحلوة ,, تسلم اناملج ^^

أستغفرك يا رب من كل ذنب

التصنيفات
الصف الثاني عشر

الامام يحيى حميد الدين تقرير , بحث للصف الثاني عشر

السلام عليكم يا هل الدار
جاتكم طالبتنكم طلبه و لا ترودوني بغيت
تقرير عن الامام يحيى حميد الدين
الموضوع مع المقدمة و الخاتمه
س يكفي صفحتين او ثلاث بالكثير ابا بليز كامل و مرتب يعني بس اطبعه و اسلم
تسلمون يالاخوا و لا تطولون عليه

حصلت بعض المعلومات ,, ممكن تساعدك

الإمام يحيى حميد الدين

آخر

كتابين عن سيرته يمكنك تحميله عبر هذا الرابطين

حمل الكتاب :
http://www.4shared.com/file/41137597/2b81faf6/___1.html
http://www.4shared.com/file/41175816/c30ebd70/___2.html

THNKS GALBY

>> تـوهق مايعرف يحمل

الحــــــــــــــــــــــمد لله

التصنيفات
الصف السادس

بوربوينت درس الامام انس بن مالك رضي الله عنه -مناهج الامارات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
في المرفقات..

الملفات المرفقة

يزاج الله خير
موفقه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
يعطيج العافية ما قصرتي..
موفقين

أستغفرك يا رب من كل ذنب

التصنيفات
الصف العاشر

تقرير بحث ابو جعفر الطبري الامام الطبري للصف العاشر

الإِمَامُ الطَّبَرِيّ

تأليف : محمد علي قطب

( محمّد بن جَرير بن يَزيد الطبري )

( 224 – 310 هـ )
قال الخطيبُ البغدادي : " كان من كبار أئمة العُلماء ، ويُحكم بقولِه ، ويُرجَع إلى معرفتِه وفضلِه "
بسم الله الرحمن الرحيم
" الطبري " و " طبرستان " :
منذ أن فَتَح العَرَب المسلمُون بلاد فارس ، وتوغّلُوا فيما وراءها ، واسْتوْطنُوا تلك الدِّيار بزَغَ نجمُها ، وأشْرَق ضياؤها ، وكثُر ذكْر " أصبهان " و " خراسان " وغيرهما مَع ما تلهج بِهِ أسماء الأعْلام من الرِّجال ، سواء كان على صعيد الفتح ، أو على صعيد العِلم والمعْرفة ، كما حفلت بطون الكُتُب بذكر أسماء العلماء الأَفْذَاذ ، منهُم مَن يرجع نسبُه إلى أصل عربي ، ومنهُم من هُوَ من أهْل تلك البلاد ، وقد اصْطَبَغَ كليَّةً وتلبَّس بالإسلام الحنيف لسانًا وقلبًا ، وعقلاً وروحًا .
وإنا لنعجز – في كثير من الأحيان – عن تعداد أولئك الأعلام الذين أَثْرَوُا المكتبة الإسلامية ، وأمدُّوهَا بغزير علمِهِم ، وما تفتحت عنه قرائح عُقولهِم وعلُومهم ؛ ثم خلَّفوا تراثًا هائلاً ، ما يزال إلى يومنا هذا مصدر عِلم وفِهم ، ومرجعًا وافيًا في كل فن .
وإمامنا " الطبريُّ " – رحمه الله تعالى – ، الذي نترجمُ لَهُ هُو أحَد الذين نبغُوا من أهل تلك الدِّيار نبوغًا عظيمًا ، ودوَّى اسمُهُ في الآفاق طوال القرن الثالث الهجري ، ومطلع القرن الرابع ، وكان أحد أركان العلم على مدى عُقُود من السنين ، والذي لا يزال حتى يومنا هذا بما صنَّف وكَتَب – مصدر ثقة واحترام وتقدير – ، في مُختلف العلوم والفنون الإسلامية خاصَّة تاريخه : (( تاريخ الأُمم والمُلوك )) ، وتفسيره الذي يعتبر – وبحقّ – أبا التفاسير .
وإمامنا – رحمهُ الله – لا تقتصر شهرتُهُ على كتابَيْه المذكورين ، في التاريخ والتفسير ، ولكن يتعدى ذلك إلى إتقانِهِ لعلم القراءات ، واللُّغة ، والحديث … إتقانا متميزًا ، وغيرها من العلوم والمعارف أيضا ، وقد برع فيها جميعًا ، وشهد له بذلك أساطين عصرِهِ ، ومَن بعدهم .
وله أيضًا النظم الجميل ، وإن كان مقلًا ، وما قالهُ من الشِّعْر إنما هُو خطرات في مناسبات ، ولكنه مُحكم وجيد ، وينبئ عن شاعريِّةٍ كامنة ، وسَلِيقةٍ وطَبع.
ولقيَ إمامُنا " الطبريُّ " في حياتِهِ محنةًً ، شأن الكثيرين من الأئمَّة الأعلام ، ذوي الرأي الحُر ، وقولَة الحقِّ ، لا يَخْشَوْنَ فيها إلا الله تعالى .
ونَحن لا يسعُنا أن نؤيد أو نُعارض ، ونفوِّض الأمر في صَدَد ذلك إلى الله تعالى ، فهُوَ أعلمُ بالنوايا ، وخفايا القُلُوب ، وما انطوت عليه الجروح .
لقد وُجدَ – رحمه الله – في عَصْر اشتدَّت فيه ريحُ المذهبيَّة ، وعصبيتها المقيتة ، نتيجة تفاعلات وأحْداث سياسيَّة ، وتقلبات عنيفة ، من ثَمَّ كانت له اجتهاداتٌ وآراء ، مما حفزَ البعْض إلى اتهامِهِ بالرَّفض .
ونَحنُ لو اطلعنا على تََفْسيرِه ، وتاريخه ، ومصنَّفاتِهِ ، قد نشتمُّ منها بعض الرائحة ولكن من غَيْر غُلُوٍ ولا تَطَرُّف ، ولا تعصُّب ، ولقد أنصفَهُ من هذه النزعة – التُّهمة – الكثير من العُلماء ، من أهل السنَّة والجماعة ، ممَّن عاصرُوه ، أو ممَّن جاءوا بعده .
ولم يكتف المتعصِّبُون ضدَّه برميه بهذه التُّهمة ، بل تجرؤوا إلى أبْعد من ذلك ، إلى فِرْية اتِّهامِهِ بالإلْحاد ، غباءً وجهلاً ، وجُرأةً على الله تعالى ، وهل يُعْقَل هذا بالنسبة لعالمٍ جليل ، صادق الإيمان ، قوي اليقين ، متفتِّح الذهن ، مفسِّرٍ لكتاب الله ، القُرآن العظيم والذكر الحكيم .
وبعد ، فهيَّا أخي القارئ نستجلي معًا حياة هذا الإمام ، بكلِّ ظروفها ومُعطياتها ، وما خلَّفه لنا من تُراث علمي ، والله الموفِّق والهادي إلى سواء السَّبيل .

اسمُهُ ونَسبُه :
هو : محمد بن جرير بن يزيد بن كثير 1 بن غالب
وكُنْيَتُه : " أبو جعفر " ؛ عربي الأصْل ، ولم يكن له ولد اسمه " جعفر " ، لأنه لم يتزوَّج أصلاً ، وإنما تكنَّى بِهِ التزامًا بآداب الشرع والسنَّة الشريفة ، أما عروبة النسب فعليها الأكثرون ، وإن ذهب المستشرق " بروكلمان " إلى أنه أعجمي النَّسب ، ونسبته إلى " طبرستان " ، إقليم من أقاليم بلاد " فارس " .

مَوْلِدُهُ ونشأَتُه :
وُلدَ في بلدة " آمل " ، إحدى مدُن الإقليم ، وهي أكبر مدنه على الإطلاق ، وغَلَبتْ عليه النسبةُ إلى الإقليم بدلاً من بَلَد الولادة ؛ وقد كانت ولادتُه عام أربعة وعشرين ومائتين (( 224هـ )) ؛ وقال بعضهم (( 225هـ )) ؛ وفيها كانَتْ نَشْأَتُه حتى بَلَغَ أشُدَّه .
ومنذُ نعومة أظفارِهِ ظهر نُبُوغُه ، وميله إلى العِلْم ؛ وكانت تلك الدِّيار ، وما يجاورها ويُحيط بها موئِلاً لكثير من العلماء الأفذاذ .
يقول الأستاذ " محمد الزحيلي " في كتابه : " الإمام الطبري " 2 : (( ونشأ " الطبري " بـ " آمُل " ، وتربى في أحضان والِدِه ، وغَمَرهُ برعايتِه ، وتفرَّس فيه النباهة والذكاء والرغبة في العِلْم ، فتولى العناية بِه ، ووجَّهه منذ الطفولة إلى حفظ القرآن الكريم ، كما هي عادَة المسلمين في منهاج التربية الإسلامية ، وخاصَّةً أن والده رأى حُلُمًا ، تفاءل به خيراً عند تأويله .
قال الإمام " الطبري " : (( رأى لي أبي في النَّوم أنني بين يدي رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ومعي مخلاة مملوءة بالأحجار ، وأنا أرمي بين يديه ، ولما قصَّ رؤياه على صديقه ، قال له : إن ابنكَ إن كبُر نصَحَ في دين الله ، وذبَّ عن شريعتِه ، فحرص أبي على معُونتي على طلب العِلْم ، وأنا يومئذٍ صبي صغير )) 3 .

لماذا لم يَتَزَوَّج " الطَّبَرِيّ " ؟ :
سُؤال قد يتبادَرُ إلى الذِّّهن ، خاصَّة في شَخْص أو امرئٍ مدركٍ وعالم بالسُنَّة .
والذي يُتابعُ مراحل حياة الإمام " الطَّبريّ " ، ويقف على مكوناته الخَلقيَّة والخُلُقيَّة ، يدرك أن عزوفه عن الزواج لم يكُن لعلَّة أو قُصُور ، إنما شَغَلَه العِلْم ، واستغرقَهُ الدَّرس والتَّحصيل ، شأنُهُ في ذلك شأن كثير من العُلماء الأفذاذ .
ولقد وصَفَ مَسْلَمَة بن قاسم " الإمام الطبريّ " فقال : (( كان حَصُورًا لا يعرفُ النِّساء ، شَغَلَه طَلَب العِلْم وهو ابن اثنَتَي عشرة سنة ، ولم يزل طالبًا للعلم ، مولعًا بِه ، إلى أن مات )) 4 اهـ .

بداية مبكِّرة :
ومن قول " مَسْلَمَة بن قاسم " : نَعْلَم أن الإمام " الطبري " _رحمه الله _ قد أقْبَل على طَلَب العِلْم والمعرفة في سنٍّ مبكرة ، وذلك بتشجيع من والدهِ ، صاحب الرؤيا .
وكان أوّل توجّهه إلى المساجد ومعاهد القرآن الكريم في بَلَدِه " آمُل " ، فحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين ، وأتْقَن قراءته ، وعرف أحكَامَه ، وصلى بالناس إمامًا وهو ابن ثماني سنوات ، ثم بدَأ يكتُبُ الحديث الشريف وهو في التاسعة من عمره ، ووهب نفسه للعلم وهو في مقتبل شبابه 5 .
ومُنذ طفولتِه ظهرت فيه سماتُ النُّبُوغ ، والتَّفَتُّح الحاد ، والذكاء الخارق ، والذهن المتوقد ، وملكات الحفظ والاستيعاب ، وكان والده – كما سبق وعرفنا – حريصًا على توفير كُلِّ الإمكانات لولده النجيب ، وخصَّه بعنايته ورعايتِه ، والمال اللازم للإنفاق على العلم والتعلُّم 6 .

الانتقال من " آمُل " :
ومع بُلُوغِه الثانية عشر من عُمره ، كان الإمام " الطبريّ " قد اسْتُوْعُبُ علوم بلدِه ، كما ازداد ظمأً إلى العلم ، ومن ثَمَّ بدأ الرِّحلة في الطَّلب ، وكان ذلك سنة ستٍ وثلاثين ومائتين ( 236 هـ ) .
وكانت البلاد المجاورة له في " طَبَرستان " أوَّل مقاصده ، ثم إلى " بلاد الري " ، يأخذُ من علمائها الحديث واللُّغة والتاريخ والتفسير ، لا يكلّ ولا يملّ ، ليلاً ونهارًا دائبًا .
جاء في " معجم الأدباء " لـ " ياقوت الحموي " 7 :
(( فأول ما كتب الحديث ببلده ثم بالريّ وما جاورها ، وأكثر من الشُّيوخ حتى حصّل كثيرًا من العِلْم ، وأكثر من " محمد بن حميد الرازي " ومن " المثنى بن إبراهيم الأُبلِّي " وغيرهما )) اهـ .
ويحدثنا الإمام " الطبري " عن نفسه فيقول :
(( كنَّا نكتُب عند " محمد بن حميد الرازي " فيخرج إلينا في الليل مرات ، ويسألنا عمَّا كتبْناه ، وكان في قرْية من قرى " الري " ، بينها وبين الريّ قطعة ـ ثمّ نَغدو كالمجانين حتى نصير إلى " ابن حمَيْد " فَنَلحق مجلسه )) 8 .
وقال " ياقوت " أيضًا :
(( وكتب عن " أحمد بن حماد " كتاب " المبتدأ " و " المغازي " عن " سَلَمَة ابن المفضّل " عن " محمد بن إسحاق " وعليه بنى تاريخَه ، ويقال إنَّه كَتَب عن " ابن حُمَيْد " فوق مائة ألف حديث ؛ قال " أبو جعفر " – الطبري – : كان يقرأ علينا " ابن حُمَيْد " من التفسير )) اهـ .

إلى " العراق " :
جاء في الأثر : (( اثنان لا يشبعان : طالب علم وطالب مال )) 9 ؛ وصَدَقَت هذه الفراسة في إمامنا العظيم ، الإمام " الطبي " – عليه الرحمة والرضوان – .
لقد أضحى كمن يشرب من ماء البَحْر ، كلما شرب ازداد عطشًا .
وهذا العطش والظمأ إلى المزيد من العلم والمعرفة ، دفعه إلى الخروج من دائرة " طبرستان " إلى آفاق الأقطار والأمصار ؛ وكان أول اتجاهِه إلى " العراق " و " العراق " يومئذٍ محطُّ الرِّحال ومعقد الآمال لطلاب العلم ، إذ كانت تموجُ بالفُحُول في كلّ فن ، لقد كان في نيته الالتقاء بالإمام " أحمد بن حنبل " – رحمه الله – ، لكن المنيَّة عاجلت الإمام " أحمد " فتُوفي عام واحد وأربعين ومائتين ( 241 هـ ) ؛ قبل أن يصلها " أبو جعفر " وهكذا حُرِم " الطبري " من اللقاء والمشافهة ، ولكنه لمن يُحرم من لقاء عدد آخر من الأفذاذ العلماء ، إذ كانت " بغداد " يومئذٍ حاضرة العلم والعُلماء ، فكتب عن شيوخها وأكثر عنهم ، وسمع الحديث عن محدِّثيها ، والفقه من العلماء والفقهاء ، على مُختَلف المذاهب 10 .

من " بغداد " إلى " البصرة " و " الكوفة " و " واسط " :
وانتقل إمامنا – رحمه الله – من " بغداد " إلى " البصرة " ، وسمع الحديث فيها من " محمد بن موسى الحرشي " و " عماد بن موسى القزّاز " و " محمد بن عبد الأعلى الصَّنعائي " و " بِشْر بن معاذ " و " أبي الأشعث " و " محمد بن بشَّار ابن بُنْدار " و " محمد بن المعلي " 11 … وهم ممَّن بقيَ من شيوخها في زمنه .
وخرج من ثَمَّ إلى " واسط " ، وسمع الحديث – أيضًا – من بعض شيوخها ؛ وتوجّه بعد ذلك إلى " الكوفة " ، والتقى فيها بكبار علمائها ؛ وكتب الحديث عنهم ، منهم " أبي كُرَيب – محمد بن العلاء الهمذاني " و" هناد بن السَّري " و " إسماعيل بن موسى " 12 .

العودة إلى " بغداد " .. والتفوُّق :
وعاد الإمام " الطبري " إلى " بغداد " بعد جولته في " البصرة " و " الكوفة " و " واسط " ؛ إذا كانت " بغداد " بما فيها من علوم ومعارف ، وشيوخ أعلام ، تحتاج إلى أكثر مما أنفقه فيها من وقت زيارته الأولى .

وفي هذه الزيارة طال مقامه فيها ، واستغرق في درس علوم القرآن عامّة ، وعلم القراءات خاصّة ، على " أحمد بن يوسف التَّغلبي " ، كما تلقّّى فقه الإمام " الشافعي " – رحمه الله – عن " الحسن بن محمد الصّباح الزّعفراني " ن وكتب عنه كتابًا في الفقه ، ودرّسه في " بغداد " على جماعة منهم ، : " أبو سعيد الإصطخري " وغيره .
في هذه المرحلة ظهر نبوغ " الطبري "وإمامته العلميَّة ، وعَرَفَته حلقات التدريس ، وأقرّ له العلماء الأعلام بالتفوُّق والتقدُّم ، حتى إنه – رحمه الله – دَرَس الفقه الظاهري على يد " داوود بن علي " … بقصد المعرفة ، وتنويعها ، من مصادرها المختلفة ؛ وينابيعها المتعدّدة .

إلى " الشام " :
ومن " بغداد " إلى " الشام " ، حيث الرصيد العلميّ فيها وفير كثير ، إذ كانت تلك الديار في يوم من الأيام حاضرة العهد الأموي ، تزخَرُ بالحركة والنشاط ، ومدِّ الفتوح ، وموئل العلم والعلماء ، فأتاها وزار أكثر مدنها " دمشق " و " حمص " و " حماه " و " حلب " و " بعلبك " … و " بيروت " .
وفي " بيروت " أخَذَ القرآن الكريم برواية الشاميّين عن " عباس بن الوليد " المقرئ البيروتيّ 13 ، وأقام هناك مدّةً يلتقي خلالها به ، ليُتقن ما يحفظ ويتلقى .

ومن " الشام " إلى " مصر " :
وكان إمامنا " الطبري " – رحمه الله – شديد الشغف والشوق إلى زيادة " مصر " التي كانت غنية بعلمائها ، ورؤوسهم الأفذاذ ، من محدِّثين وفقهاء ولغويِّين وغيرهم ؛ فشدَّ الرحال إليها وكان ذلك سنة ثلاث وخمسين ومائتين ( 253 هـ ) ؛ في أوائل عهد " أحمد بن طولون " .
وفيها أخذ فقه الإمام " مالك بن أنس " على يد نوابغ التلامذة أمثال " يونس بن عبد الحكم " وبنيه : " محمد " و " عبد الرحمن " و " سعد " ، كما أخذ وتلقّى فقه الإمام " الشافعي " – خاصَّة " الجديد " على يد " الربيع بن سليمان الحراوي " و " الربيع بن سليمان الأزدي " و " إسماعيل بن يحيى بن إبراهيم المزني " و " محمد بن عبد الله بن الحكم " الذي جمع بين مذهبي " مالك " و " الشافعي " .

التَّنقل بين " مصر " و " الشام " :
( أقام " الطبري " مدَّة بـ " مصر " ، ثم رغب العودة " الشام " ، فقضى إربَه العلمي بـ " الشام " ، ثم رجع ثانية إلى " مصر " سنة ست وخمسين ومائتين( 256 هـ ) ، والتقى أيضًا وللمرة الثانية بـ " يونس بن عبد الأعلى الصَّدفيّ " وأخذ عنه قراءة " حمزة " و " ورش " وكان بمصر وقت دخول " الطبري " إليها " أبو الحسن عليُّ بن سراج المصري " ، وكان متأدبًا فاضلاً ، ويلقى من يفد إلى " مصر " ، فتعرَّض إلى " الطبري " ، وبان له فضله في علوم اللُّغة ، وسأله عن شعر " الطِّرمَّاح " – وكان " الطبري " يحفظه عن ظهر قلب – فوجده فاضلاً في كلِّ ما يذاكره به في الأدب والعلم والشِّعر ، ودرس " الطبري " بمصر العَرُوض ، بعد أن سئل عنه ، وأصبح عروضيًا ) 14 .

الحنين إلى الوطن :
بعد هذه الرحلة الطويلة التي استغرقت سنين عددًا ، والتي حصَّل فيها إمامنا " الطبري " ما حصَّل من علوم ومعارف ، وأنق في سبيلها نصيبًا كبيرًا من مدَّخراته – القليلة – ، وقسطًا من عمره ، دبَّ في قلبه الحنين إلى الوطن .
( فترك " مصر " ، ورجع إلى وطنه ، وفي الطريق قصد مدينة السلام 15 " بغداد " ، وكتب فيها العلم ، ثم عاد إلى " طبرستان " ، ثم إلى مسقط رأسه وديار آبائه 16 ، وهو العالم المتمكِّن ، والباحث القدير ، والمناظر الفريد ، والداعية العامل .
وكانت هذه الزيارة لـ " طبرستان " هي الأولى منذ أن فارقها في طلب العلم ، ولم يطُل المقام في بلده ، فرجع إلى " بغداد " ، ونزل في " قنطرة البَرَدان " واشتهر اسمه في العلم ، وشاع خََرُ بالفهم والتَّقدم ) 17 .
ولقد قام الإمام " الطبري " بزيارة خاطفة إلى " طبرستان " سنة تسعين ومائتين ( 290 هـ ) ، حيث مكث فيها قليلاً ، ثمَّ جذبته " بغداد " مرَّة أخرى .
وفي ظنِّنا أن زياراته إلى " طبرستان " السريعة كانت ذات هدفين ، أحدهما نوازع النَّفس إلى الوطن ، وثانيهما تحصيل ثمن الغلال من الأرض التي خلَّفها له والده ، إذ كان إمامنا " الطبري " – رحمه الله – قليل المال والكسب ، يعيش على ما خلفه له والده .

الاستقرار في " بغداد " :
لقد تقدَّم العمر بالإمام " الطبري " ؛ وكان قد حصّل ما حصَّل من جزيل العلم والمعرفة ، على اختلاف مقاصدهما وفنونهما ، وأصبح عالم عصره ، وفريد دره ؛ وآن للفارس أن يَتَرَجَّل ، وللمسافر أن يحطّ الرِّحال ؛ فاستقر في " بغداد " وانقطع فيها للتدريس والتأليف ) .
( وكانت " بغداد " مركز الفقهاء والعلماء والأدباء والنحويين والمتأدبين ، فالتقى " الطبري " بهم ، وتسامر معهم ، وأخذ منهم وأعطى ، ونال الثناء العاطر والمكانة العليا في نفوسهم ، واحتل مركز الصدارة ، وكانت له مناظرات وجولات مع معظم أهل العلم ) 18 .

" الطبري " المثل الراقي في العلم والتعلم :
يقول الأستاذ " محمد الزحيلي " في كتابه : ( الإمام الطبري ) 19 :
( ولكن " الطبري " – رحمه الله – حقّق عمليًّا وتطبيقيًّا وسلوكيًّا المثل القائل : (( اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد )) ، فبدأ التعلم في أحضان والديه ، وحفظ القرآن في كنف أسرته ، واستمرَّ حتى بلغ السادسة والثمانين من عمره ، فلم تفتر عزيمته، ولم يخفّ نشاطه ، ولم يجفّ أمله في العلم ، وتفاؤله في خدمة الدين حتى هذه السنة ؛
وكان في شيخوخته قد بدأ بعدة كتب ، وقطع في كل منها شوطًا ، ولم يتمها ، كـ (( فضائل علي )) ، و (( فضائل أبي بكر )) ، و (( عمر )) ، و (( فضائل العباس بن عبد المطلب )) – رضي الله عنهم – و (( الموجز في الأصول )) ، و (( تهذيب الآثار )) كما وعد ، وقطع بكتاب (( الآدر )) في الأصول ، ولم يخرج منه شيء ، وأراد أن يعمل كتابا في القياس فلم يعمله ) 20 اهـ .
يقول " أبو القاسم : الحسين بن حُبَيْش ، الورّاق " : ( كان قد التمس مني " أبو جعفر " أن أجمع له كتب الناس في القياس ، فجمعت له نيفًا وثلاثين كتابًا ، فأقامت عنده مُدَيْدَةً ، ثم كان من قطعه للحديث قبل موته بشهور ما كان ، فردَّها عليّ ، وفيها علامات له بحمرةِ قد علَّم عليها ) 21 .
وفاته – رحمه الله – :
لقد امتدّ العمر بالإمام " الطبري " ، فعاش ستّةً وثمانين عامًا ، قضاها في سبيل العلم ونشره ، وتضاعفت هذه الأعوام بما لا يعلمه إلا الله وحده ، لتبقى ذكرى هذا الإمام الجليل والعالم الفَذّ خالدة في التاريخ ، وليبقى اسمه يتردد على الألسنة ، تلهج بعلمه وفضله ولتتنقل كتبه ومصنفاته وآثاره العلمية بين أيدي الأجيال المتعاقبة ، ينتفعون بها ، ويترحمون على صاحبها .
بقي الإمام " الطبري " مستوطنا " بغداد " ، عاصمة الدولة الإسلامية – في العهد العباسي – أعظم مركز للثقافة والعلم في العالم آنذاك ، يؤدي رسالته ، ويلتف حوله الطلاب والعلماء ، وعلى كتبه التي بدأ بعضها في آخر حياته ، حتى أسلم الروح إلى بارئها تعالى يوم السادس والعشرين ( 26 ) ، من شهر شوال سنة عشر وثلاثمائة ( 310 هـ ) في عصر الخليفة " المقتدر بالله " : ودفن " الطبري " ، في داره الكائنة بـ " رحبة يعقوب " بـ " بغداد " 22 .

رحم الله إمامنا " الطبري " الذي كان عالم عصره ، ووحيد دهره ، الذي جمع من العلوم والفنون ما لم يجتمع لغيره ، والذي تبوأ المكانة المرموقة في أمته ومجتمعه ، وبين العلماء والطلاب ، والذي كان – وما يزال – في سويداء القلوب بين أبناء جيله وتلاميذه ، الذين نقلوا صورته وأخلاقه وشمائله وعلومه إلى الأجيال اللاحقة ، وبقي اسم " الطبري " وعلمه يتردد في كل مكان .
يقول" ابن كثير " :
وقد كانت وفاته وقت المغرب ، عشية يوم الأحد ليومين بقيا من شوال من سنة عشر وثلاثمائة ( 310 هـ ) ، وقد جاوز الثمانين بخمس سنين أو ست سنين ، وفي شعر رأسه ولحيته سواد كثير ) 23 .
ويقول أيضا :
( كان أحد الأئمة الأعلام علمًا وعملاً بكتاب الله وسنة رسوله ) .
( ولما توفي اجتمع الناس من سائر أقطار " بغداد " وصلُّوا عليه بداره ، ودفن بها ومكث الناس يترددون إلى قبره شهورًا يصلّون عليه ) اهـ .
ورثاه " ابن الأعرابي " فقال :

حـدث مـُفظِع وخـطـب جـليلٌ *** دق عن مثله اصْطِبار الصبورِ

قـام نـاعي العـلوم أجـمع لـما *** قام ناعي محمد بن جرير

فـهـوت أنـجـمٌ لـهـا زاهـراتٌ *** مؤذنات رسومها بالدُّثورِ

وتغشى ضياءها النير الإشراق *** ثـوب الدجـنَّـة الديـجــورِ
وغَدَا روضها الأنيق هشيماً *** ثم عادت سهولها كالوعورِ
يا أبا جعفر مضيت حميداً *** غير وانٍ في الجد والتشميرِ
بين أجر على اجتهادك موفور *** وسعي إلى التقى مشكورِ

مستحقاً به الخلود لدى جنته *** عدنٍ في غِبْطَة وسرورِ

آثاره العلمية :
لم تقتصر علوم الإمام " الطبري " وآثاره على علم واحد ، بل خاض – رحمه الله – ميدان مختلف العلوم الشرعية واللغوية وكان في كل منها إمامًا ومقدمًا .
لقد كان – رحمه الله – إمامًا في السنة وعلوم الحديث ، وعدَّه الإمام " النووي " – رحمه الله – في طبقة " الترمذي " و " النسائي " .
وكان أيضا إمامًا في القراءات ، واختار لنفسه قراءة ، وصنف في القراءات – أيضا – .
ودرس التفسير بتعمق ، وصنف أعظم كتبه على الإطلاق في التفسير ، كتاب " جامع البيان في تأويل آي القرآن " ، الذي ضمَّ فيه علوم القرآن المختلفة ، حتى اعتُبِر " إمام المفسرين " أو " شيخ المفسرين " .
كما كان – رحمه الله – إمامًا في الفقه ، وعلم الخلاف ، والفقه المقارن ، واختلاف العلماء ؛ وكان من الأئمة المجتهدين ، وصاحب مذهب مستقل ، ولقد تبعه بعض الناس على مذهبه رَدْحًا من الزمن ، وصنّف الكتب الجيِّدة في الفقه العام ، والفقه المقارن ، والفقه المذهبي .
ومن أعظم إنجازاته – رحمه الله – إلى جانب تفسيره العظيم ، كتابه في التاريخ الذي يعتبر مرجعًا هامًا وأساسيًّا ، لدى كثير من الباحثين والمؤرخين ، وهو فيما قدّم يعتبر شيخ المؤرخين بلا منازعٍ ولا مدافع ، واسم الكتاب " تاريخ الرُّسل والملوك " 24 .
هذا إلى جانب كتابه الأخير " تاريخ الرجال من الصحابة والتابعين " ، إلى شيوخه هو ؛ المعروف بـ " ذيل المذبل " .
وكان أيضا – رحمه الله – من أئمة العربية ، في المعاني واللغة والصرف والعَروض والبيان ، بالإضافة إلى علمه بالفلسفة والمنطق والجَدَل .
وكان عنده شيء من علم الطب والجبر والرياضيات .
وكان – رحمه الله – أيضا عالمًا بأصول الدين والتوحيد ، وعلم الكلام ، وله كتب فيها .
وكان عالمًا بالحديث ، وبلغ مرتبة الحافظ المحدِّث ، ولقد صنف في علم الحديث ومصطلحه ، كما التزم بمنهج المحدّثين في معظم كتبه .
وكان عالمًا بأصول الفقه وقواعد الاجتهاد والاستنباط ، مما أهله أن يكون مجتهدًا صاحب رأي مستقل ومذهب .
وكان عالمًا بآداب النفس وعلم الأخلاق والتربية ، وصنف فيها كذلك .
وكان … وكان …
مما يعجز القلم عن متابعة ما كان عليه الإمام الجليل " محمد بن جرير الطبري " ، ويلهث فلا يدرك الغاية ؛ لقد كان – رحمه الله – موسوعيَّا ، موسوعة علميَّة قائمة بذاتها .
قال " الخراساني " :
( وله مصنفات مليحة في فنون عديدة ، تدل على سعة علمه ، وغزارة فضله ، وكان من الأئمة المجتهدين ) 25 اهـ .
ووصفه " الخطيب البغدادي " فقال :
( وكان أحد أئمة العلماء ، يُحكم بقوله ، ويُرجع إلى رأيه ، لمعرفته وفضله ، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه في أحدٌ من أهل عصره ؛ وكان حافظًا لكتاب الله تعالى ، عارفًا بالقراءات ، بصيرا بالمعاني ، فقيهًا في أحكام القرآن ، عالمًا بالسنن وطرقها ، صحيحها وسقيمها ، ناسخها ومنسوخها ، عارفًا بأقوال الصحابة والتابعين ، ومَن بعدهم من المخالفين في الأحكام ، ومسائل الحلال والحرام ، عارفًا بأيام الناس وأخبارهم ، وله الكتاب المشهور في " تاريخ الأمم والملوك " وكتاب في التفسير لم يصنِّف أحدٌ مثله ، وكتاب سماه " تهذيب الآثار " لم أر سواه في معناه ، إلا أنه لم يتمَّه ؛ وله في أصول الفقه وفروعه كتب كثيرة ، واختيار من أقاويل الفقهاء ، وتفرُّد بمسائل حُفِظت عنه ) 26 اهـ .
ويقول " ياقوت الحموي " في " معجم الأدباء " 27:
( كان كالقارئ الذي لا يعرف إلا القرآن ، وكالمحدّث الذي لا يعرف إلا الحديث ، وكالفقيه الذي لا يعرف إلا الفقه ، وكالنحوي الذي لا يعرف إلا النحو ، وكالحاسب الذي لا يعرف إلا الحساب ، وكان عالمًا بالعبادات جامعًا للعلوم ، وإذا جمعت بين كتبه وكتب غيره ، وجدت لكتبه فضلًا على غيرها ) اهـ .
وذكره " أبو علي الحسن بن علي الأهوازي المقرئ " ، وكذلك " ابن النَّديم " في الفهرست ، و " ابن خلكان " و " أبو العباس بن سُرَيح " و " الحافظ الذهبي " وغيرهم ، وأثنوا على علمه وفضله ومكانته ثناءً عظيمًا ، يطول الحديث لو أفردنا لكل منهم مقالته وديباجته .
أسماء مصنفاته وآثاره العلمية التي ذكرها المترجمون والمؤرخون :
1 – ( جامع البيان على تأويل آي القرآن ) – تفسير الطبري .
2 – ( تاريخ الأمم والملوك ) – تاريخ الطبري .
3 – ( ذيل المذيل ) .
4 – اختلاف علماء الأمصار في أحكام شرائع الإسلام – ( اختلاف الفقهاء ) .
5 – ( لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام ) ( فقه الطبري ) .
6 – ( الخفيف في أحكام شرائع الإسلام ) مختصر كتاب ( اللطيف ) .
7 – ( بسيط القول في أحكام شرائع الإسلام ) ( في تاريخ الفقه ورجاله وأبوابه ) .
8 – ( تهذيب الآثار ، وتفصيل الثابت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من الأخبار سمَّاه القفطي : ( شرح الآثار ) .
9 – ( آداب القضاة ) .
10 – ( كتاب المسند والمجرد ) .
11 – ( أدب النفوس الجيدة والأخلاق الحميدة ) .
12 – ( الرد على ذي الأسفار ) ( ردُّ على المذهب الظاهري ) .
13 – كتاب ( القراءات وتنزيل القرآن ) – ( منه نسخة خطِّية بمكتبة الأزهر الشريف ) .
14 – ( صريح السنة ) .
15 – ( البصير في معالم الدين ) ( في أصول الدين ) .
16 – ( فضائل علي بن أبي طالب ) ( لم يتمه ) .
17 – ( فضائل أبي بكر وعمر ) ( لم يتمه ) .
18 – ( فضائل العباس ) ( لم يتمه ) .
19 – كتاب في عبارة الرؤيا في الحديث ( لم يتمه ) .
20 – مختصر مناسك الحج .
21 – مختصر الفرائض في أنصبة المواريث .
22 – الرد على ( ابن عبد الحكم ) على ( مالك ) – ( في علم الخلاف والفقه المقارن ) .
23 – الموجز في الأصول ( لم يتمه ) .
24 – الرمي بالنشاب ، أو رمي القوس ( يشك في نسبته إليه ) .
25 – الرسالة في أصول الفقه .
26 – العدد والتنزيل .
27 – مسند " ابن عباس " .
28 – كتاب المسترشد .
30 – اختيار أقاويل الفقهاء .
أخي القارئ :
قد يهولك هذا العدد من المؤلفات والمصنفات التي خلفها الإمام " الطبري " – عليه رحمة الله – ، وقد تستكثرها ، ومن أجل إزادة الدهشة والشكِّ لديك ، نورد ما قاله " الخطيب البغدادي " في " تاريخ بغداد " 28 :
( وسمعت " عليّ بن عُبَيد الله بن عبد الغفار " اللغوي – السمسمي – يحكي : أن " محمد بن جرير – الطبري – مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم أربعين ورقة ) اهـ .
وهذا يعني أنه – رحمه الله – كتب نحو ستمائة ألف ورقة !!! ، وهذا – أيضا – لا يتهيأ لمخلوق إلا بحسن عناية الخالق – سبحانه وتعالى – .
وقبل أن نتحدَّث عن تفسير الإمام " الطبري " رحمه الله ، الذي هو من صميم عملنا وبحثنا ، نذكر طائفة من تلاميذه ، كما ذكرنا من قبل شيوخه الذين تتلمذ عليهم وأخذ عنهم ، وكيف كان يتعامل مع ألئك الطلبة والتلاميذ .
يذكر لنا " ياقوت " في " معجم الأدباء " جملةً من الحوادث التي تبيِّن صورة وصيغة التعامل التي كانت قائمة بين الإمام " الطبري وتلاميذه 29

قال " أبو بكر بن كامل " – أحد التلاميذ – : ( جفاني بعض أصحابه في مجلسه ، فانقطعت عنه زمانًا ، ثم إنه لقيني فاعتذر إليَّ كأنه جني جناية ، ولم يزل في رفقه وكلامه حتى عُدت إليه ) اهـ .
وقال " ابن كامل " أيضا :
( وكان عند " أبي جعفر " رواية " ورش " عن " نافع " ، عن " يونس بن عبد الأعلى " عنه ، وكان يقصد فيها ، فحرص " أبو بكر بن مجاهد " – مع موضعه في نفسه ، وعند " أبي جعفر " – أن يسمع منه هذه القراءة منفردًا ، فأبى إلا أن يسمعها مع الناس ، فما أثَّر ذلك في نفس ، " أبي بكر " ؛ وكان ذلك كرهًا أن يخصّ أحدًا بشيء من العلم ) 30 اهـ .
ومن تلاميذه – رحمه الله – :
1 – ( أبو الفرج المعاني بن زكريا النهرواني ) المعروف بـ " ابن الطرَّار " .
2 – ( علي بن عبد العزيز بن محمد الدُّولابي ) .
3 – ( أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي الثَّلج ) .
4 – ( أبو القاسم بن القرَّاد .
5 – ( أبو الحسن أحمد بن يحيى بن علي بن بحبى بن أبي منصور ) .
6 – ( أبو الحسن الدقيقي الحلواني ) .
7 – ( أبو الحسن بن يونس ) .
8 – ( أبو بكر بن كامل ) .
9 – ( أبو إسحاق – إبراهيم بن حبيب السِّقطي ) .
10 – ( ابن أبي نوبي ) .
11 – ( ابن الحداد ) .
12 – ( أبو مسلم الكجّي ) .
13 – ( أبو الأفرج بن أبي العباس بن المغيرة الثَّلاج ) .
14 – ( أبو محمد عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني ) .
15 – ( أحمد بن كامل بن خَلَفَ بن شجرة ) .
16 – ( سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي ) .
17 – ( أبو شعيب الحرّاني ) .
18 – ( عبد الغفار الخُصيبي ) .
19 –( محمد بن أحمد بن حمدان ) ( أبو عمر النيسابوري ) .
20- ( محمد بن شعيب بن إبراهيم ) .
21 – ( محمد بن عبد الله الشافعي ) .
22 – ( محمد بن علي بن إسماعيل ) – القفال الكبير – .
23 – ( مخلد بن جعفر الباقرجي ) .
24 – ( يوسف بن القاسم بن يوسف بن فارس بن سوّار ) .
25 – ( أحمد بن عبد الله بن الحسين بالجُبني الكبَّائي ) .
26 – ( أ؛/د بن موسى العباس ) .
27- ( عبد الله بن أحمد بن الفرغاني )
28 – ( عبد الواحد بن عمر بن محمد ) ( أبو طاهر البغدادي البزّار ) .
29 – ( محمد بن أحمد بن عمر ) ( أبو بكر الضّرير الرّملي ) .
30 – ( محمد بن محمد بن فيروز ) ( أبو عُبيد الله الكرْجي ) .
وهؤلاء التلامذة الأعلام – على كثرتهم – تنوّعت علومهم فيما أخذوه عن شيخهم وإمامهم الإمام " الطبري " – عليه الرحمة والرضوان – .

(( تفسير الطبري )) :
ذلك هو مقصدنا وغايتنا …
ويعتبر تفسير الإمام " الطبري " – جامع البيان في تأويل آي القرآن – باتفاق وإجماع العلماء ، قدماء ومحدثين – موسوعة علميّة كبرى ، ودائرة معارف متعددة الأغراض ، متنوعة المعارف ؛ لأنه يحتوي على مختلف صنوف العلوم الدينية ، واللغوية ، مما يندر وجوده في تفسير آخر ، ومن أجل كل هذا عدَّ الذروة فر بابه وموضوعه ؛ وقال عنه الكثيرون بأنَّه " أبو التفسير " .
ويقع هذا التفسير العظيم في ثلاثين جزءًا من الحجم الكبير ، يبدأ بمقدمة مُطَوَّلة شرح فيها محتويات الكتاب ، وعرَّف به ؛ واعتمد – رحمه الله – فيه على ما اشتهر من أقوال الصحابة والتابعين ، أمثال " ابن عباس " – رضي الله عنهما – " وسعيد بن جُبير " و " مجاهد بن جبر " و " قتادة بن دعامة السَّدوسي " و " الحسن البصري " و " عكرمة " – مولى " ابن عباس " و " الضَّحاك بن مزاحم " و " عبد الله بن مسعود " و " عبد الرحمن بن يزيد بن أسلم " و " ابن جريح " و " مقاتل بن حيان " وغيرهم من مفسِّري الصحابة والتابعين – رضي الله عنهم أجمعين – .
وترجع أهمية هذا التفسير إلى أنه :
1 – وفَّى الناحية التاريخية حقها ، وإلى أنه أقدم كتب التفاسير إطلاقًا .
2 – واعتماده الناحية العلمية الموضوعية ، واحتوائه على كثير من العلوم والفنون الدينية .
3 – وإلى كونه – فيما انتهجه – تراثًا حضاريًّا ، وفكرًا مؤصلاً وموردًا رئيسيًّا من موارد العلم .
4 – وإلى اعتماد أكثر الذين كتبوا في التفسير من بعده عليه ، فكان مرجعهم الأول والأخير ، من بعد عصره إلى يومنا هذا .
قال عنه " أبو بكر بن خُزَيمة " :
( نظرت فيه من أوله إلى آخره ، فما أعلم على أديم الأرض أعلم من " ابن جرير " ) 31 .
وقال الإمام " النووي " :
( لم يصنِّف أحدٌ مثله ) 32 .
وقال " أبو حامد الإسفراييني " : ( لو سافر رجلٌ إلى الصين حتى يحصل على كتاب تفسير " محمد بن جرير " لم يكن ذلك كثيرًا ) 33 .
وقال الإمام " السُّيوطي " :
( وكتابه – التفسير – أجلُّ التفاسير وأعظمها ، فإنه يتعرَّض لتوجيه الأقوال ، وترجيح بعضها على بعض ، والإعراب ، والاستنباط ، فهو يفوق بذلك على تفاسير الأقدمين ) 34 .
وقال شيخ الإسلام " ابن تيمية " :
( وتفسير " محمد بن جرير الطبري " هو من أجل التفاسير وأعظمها قدرًا ) .
وقال أيضًا :
( وأما التفاسير التي في أيدي الناس ، فأصحها تفسير " محمد بن جرير الطبري " ، فإنه يذكر مقالات الَّلف بالأسانيد الثابتة ، وليس فيه بدعة ، ولا ينقل عن المتَّهمين )35 .
وهناك شهادات أخرى لكثير من العلماء المهتمّين ، ولقد رأينا الاكتفاء بما قدَّمنا ؛ والله الموفق .

أخلاقه وصفاته :
قال عنه تلميذه " عبد العزيز بن محمد " :
( وكان " أبو جعفر " ظريفًا في ظاهره ، نظيفًا في باطنه ، حسن العشرة لمجالسيه ، متفقدًا لأحوال أصحابه ، مهذبًا في جميع أحواله ، جميع الأدب في مأكله وملبسه ، وما يخصه في أحوال نفسه ، منبسطًا مع إخوانه ، حتى ربما داعبهم أحسن مداعبة ، وربما جيء بين يديه بشيء من الفاكهة فيجري في ذلك المعنى ما لا يخرج من العلم والفقه والمسائل ، حتى بكون كأجدِّ جدِّ ، وأحسن علم ) 36 اهـ .
وكان شديد الورع بالغ الزهد ، والحذر من الحرام ، والبعد عن مواطن الشبهة ، وقد دل على ذلك ما جاء على لسانه في كتابه ( آداب النفوس ) .
وقال " ابن كثير " :
( وكان من العبادة والزهادة ، والورع والقيام في الحق لا تأخذه في ذلك لومة لائم ، وكان من كبار الصالحين ) اهـ .
وكان عفيف اللسان أبيَّ النفس ، أنشد فقال :
إذا أعسرت لم يعلم رفيقي *** واستغني فيستغني صديقي
حيائي حافظ لي ماء وجهي *** ورفقي في مطالبتي رفيقي
ولو أني سمحت ببذل وجهـي *** لكنت إلى العلا سهل الطريق

وكان – رحمه الله – يكره بطر الغنيّ ، والمذلة من الفقير ، ويقول في ذلك :
خُلُقان لا أرضى طريقهما *** بَطْر الغنى ومذلة الفقرِ

فإذا غَنيت فلا تكن بطرًا *** وإذا افتقرت فتُه على الدهر
وكان – رحمه الله – شديد التواضع في غير ذلَّة ولا مذلَّة ، غير متعال بعلمه ، محببًا إلى أصحابه وتلاميذه .

مصادر و المراجع :
معهد الامارات التعليمي www.uae.ii5ii.com
قوقل
وكبيديا الموسوعة الحرة
الكلمة الطيبة

أستغفرك يا رب من كل ذنب