التصنيفات
القسم العام

بحث متكامل عن المخدرات – الامارات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اليكم هذا البحث المتكامل عن المخدرات

انواع المخدرات ..

مفهوم المخدرات ..

اضرارها ..

تجدونهـا في المرفقات

لاتنسونا من صالح دعواتكم

أختكم رؤية

الملفات المرفقة

خاطري اعرف وين التقارير يل جذابين

الغاليه البحث موجود في المرفقات ,, مثال :

اضغط عليه وبيطلع لج مربع سوي موافق وانتهت السالفه ^_^

يعطيك العافية

كفانا الله شر المخدرات والمسكرات وكل مايضر بابداننا وعقولنا ويغضب ربنا

مشكـًووورهً ـآختيـَ ع الطرحَ فيـً ميزانَ حسناتجَ بـإذنَ اللهً..

تسلمين ع البحث ..

ما قصرتي ..

يعطيج العافيه

HGHGHGHGHGHGHGHGH

أستــــغفر الله العظيم

التصنيفات
الصف الثاني عشر

المخدرات (أضرارها وسبل الوقاية منها ) للصف الثاني عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

هذا البحث قرأته لأحد الكاتبات بالمدونة تلقب نفسها ببنت الكويت دعواتي لها بالتوفيق الدائم وأرجو من الله ان يجزاها خير الجزاء على هذا الموضوع القيم وعلى الجهد الكبير في جمع هذه المعلومات .

ورد في تراث الحضارات القديمة آثار كثيرة تدل على معرفة الإنسان بالمواد المخدرة منذ تلك الأزمنة البعيدة، وقد وجدت تلك الآثار على شكل نقوش على جدران المعابد أو كتابات على أوراق البردي المصرية القديمة أو كأساطير مروية تناقلتها الأجيال. فالهندوس على سبيل المثال كانوا يعتقدون أن الإله (شيفا) هو الذي يأتي بنبات القنب من المحيط، ثم تستخرج منه باقي الإلهة ما وصفوه بالرحيق الإلهي ويقصدون به الحشيش. ونقش الإغريق صوراً لنبات الخشاش على جدران المقابر والمعابد، واختلف المدلول الرمزي لهذه النقوش حسب الإلهة التي تمسك بها، ففي يد الإلهة (هيرا) تعني الأمومة، والإلهة (ديميتر) تعني خصوبة الأرض، والإله (بلوتو) تعني الموت أو النوم الأبدي. أما قبائل الإنديز فقد انتشرت بينهم أسطورة تقول بأن امرأة نزلت من السماء لتخفف آلام الناس، وتجلب لهم نوماً لذيذاً، وتحولت بفضل القوة الإلهية إلى شجرة الكوكا. وفيما يأتي نتناول تاريخ أشهر أنواع المخدرات التي عرفها الإنسان:

1- الكحوليات
تعتبر الكحوليات من أقدم المواد المخدرة التي تعاطاها الإنسان، وكانت الصين أسبق المجتمعات إلى معرفة عمليات التخمير الطبيعية لأنواع مختلفة من الأطعمة، فقد صنع الصينيون الخمور من الأرز والبطاطا والقمح والشعير، وتعاطوا أنواعاً من المشروبات كانوا يطلقون عليها "جيو" أي النبيذ، ثم انتقل إليهم نبيذ العنب من العالم الغربي سنة 200 قبل الميلاد تقريباً بعد الاتصالات التي جرت بين الإمبراطوريتين الصينية والرومانية. واقترن تقديم المشوربات الكحولية في الصين القديمة بعدد من المناسبات الاجتماعية مثل تقديم الأضاحي للآلهة أو الاحتفال بنصر عسكري. وهذا نموذج ليس متفردا في قدم وتلقائية معرفة الإنسان للكحوليات، كما لهذا النموذج شبيه في الحضارات المصرية والهندية والرومانية واليونانية، كما عرفت الكحوليات المجتمعات والقبائل البدائية في أفريقيا وآسيا.

2- الحشيش (القنب)
القنب كلمة لاتينية معناها ضوضاء، وقد سمي الحشيش بهذا الاسم لأن متعاطيه يحدث ضوضاء بعد وصول المادة المخدرة إلى ذروة مفعولها. ومن المادة الفعالة في نبات القنب هذا يصنع الحشيش، ومعناه في اللغة العربية "العشب" أو النبات البري، ويرى بعض الباحثين أن كلمة حشيش مشتقة من الكلمة العبرية "شيش" التي تعني الفرح، انطلاقاً مما يشعر به المتعاطي من نشوة وفرح عند تعاطيه الحشيش.

وقد عرفت الشعوب القديمة نبات القنب واستخدمته في أغراض متعددة، فصنعت من أليافه الحبال وأنواعا من الأقمشة، واستعمل كذلك في أغراض دينية وترويحية.

ومن أوائل الشعوب التي عرفته واستخدمته الشعب الصيني، فقد عرفه الإمبراطور شن ننج عام 2737 ق.م وأطلق عليه حينها واهب السعادة، أما الهندوس فقد سموه مخفف الأحزان.

وفي القرن السابع قبل الميلاد استعمله الآشوريون في حفلاتهم الدينية وسموه نبتة "كونوبو"، واشتق العالم النباتي ليناوس سنة 1753م من هذه التسمية كلمة "كنابيس" Cannabis.

وكان الكهنة الهنود يعتبرون الكنابيس (القنب – الحشيش) من أصل إلهي لما له من تأثير كبير واستخدموه في طقوسهم وحفلاتهم الدينية، وورد ذكره في أساطيرهم القديمة ووصفوه بأنه أحب شراب إلى الإله "أندرا"، ولايزال يستخدم هذا النبات في معابد الهندوس والسيخ في الهند ونيبال ومعابد أتباع شيتا في الأعياد المقدسة حتى الآن.

وقد عرف العالم الإسلامي الحشيش في القرن الحادي عشر الميلادي، حيث استعمله قائد القرامطة في آسيا الوسطى حسن بن صباح، وكان يقدمه مكافأة لأفراد مجموعته البارزين، وقد عرف منذ ذلك الوقت باسم الحشيش، وعرفت هذه الفرقة بالحشاشين.

أما أوروبا فعرفت الحشيش في القرن السابع عشر عن طريق حركة الاستشراق التي ركزت في كتاباتها على الهند وفارس والعالم العربي، ونقل نابليون بونابرت وجنوده بعد فشل حملتهم على مصر في القرن التاسع عشر هذا المخدر إلى أوروبا.

وكانت معرفة الولايات المتحدة الأميركية به في بدايات القرن العشرين، حيث نقله إليها العمال المكسيكيون الذين وفدوا إلى العمل داخل الولايات المتحدة.

3- الأفيون

أول من اكتشف الخشاش (الأفيون) هم سكان وسط آسيا في الألف السابعة قبل الميلاد ومنها انتشر إلى مناطق العالم المختلفة، وقد عرفه المصريون القدماء في الألف الرابعة قبل الميلاد، وكانوا يستخدمونه علاجاً للأوجاع، وعرفه كذلك السومريون وأطلقوا عليه اسم نبات السعادة، وتحدثت لوحات سومرية يعود تاريخها إلى 3300 ق.م عن موسم حصاد الأفيون، وعرفه البابليون والفرس، كما استخدمه الصينيون والهنود، ثم انتقل إلى اليونان والرومان ولكنهم أساؤوا استعماله فأدمنوه، وأوصى حكماؤهم بمنع استعماله، وقد أكدت ذلك المخطوطات القديمة بين هوميروس وأبو قراط ومن أرسطو إلى فيرجيل.

وعرف العرب الأفيون منذ القرن الثامن الميلادي، وقد وصفه ابن سينا لعلاج التهاب غشاء الرئة الذي كان يسمى وقتذاك "داء ذات الجُنب" وبعض أنواع المغص، وذكره داود الأنطاكي في تذكرته المعروفة باسم "تذكرة أولي الألباب والجامع للعجب العجاب" تحت اسم الخشخاش.

في عام 1906 وصل عدد مدمني الأفيون في الصين 15 مليوناً
وفي عام 1920 كانت نسبة المدمنين 25% من عدد الذكور في المدن الصينية

وفي الهند عرف نبات الخشاش والأفيون منذ القرن السادس الميلادي، وظلت الهند تستخدمه في تبادلاتها التجارية المحدودة مع الصين إلى أن احتكرت شركة الهند الشرقية التي تسيطر عليها إنجلترا في أوائل القرن التاسع عشر تجارته في أسواق الصين.

وقد قاومت الصين إغراق أسواقها بهذا المخدر، فاندلعت بينها وبين إنجلترا حرب عرفت باسم حرب الأفيون (1839 – 1842) انتهت بهزيمة الصين وتوقيع معاهدة نانكين عام 1843 التي استولت فيها بريطانيا على هونغ كونغ، وفتحت الموانئ الصينية أمام البضائع الغربية بضرائب بلغ حدها الأقصى 5%.

واستطاعت الولايات المتحدة الأميركية الدخول إلى الأسواق الصينية ومنافسة شركة الهند الشرقية في تلك الحرب، فوقعت اتفاقية مماثلة عام 1844، وكان من نتائج تلك المعاهدات الانتشار الواسع للأفيون في الصين، فوصل عدد المدمنين بها عام 1906 على سبيل المثال خمسة عشر مليوناً، وفي عام 1920 قدر عدد المدمنين بـ 25% من مجموع الذكور في المدن الصينية.

واستمرت معاناة الصين من ذلك النبات المخدر حتى عام 1950 عندما أعلنت حكومة ماوتسي تونغ بدء برنامج فعال للقضاء على تعاطيه وتنظيم تداوله.

4- المورفين

وهو أحد مشتقات الأفيون، حيث استطاع العالم الألماني سير تبرز عام 1806 من فصلها عن الأفيون، وأطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى الإله مورفيوس إله الأحلام عند الإغريق. وقد ساعد الاستخدام الطبي للمورفين في العمليات الجراحية خاصة إبان الحرب الأهلية التي اندلعت في الولايات المتحدة الأميركية (1861 – 1861) ومنذ اختراع الإبرة الطبية أصبح استخدام المورفين بطريقة الحقن في متناول اليد.

5- الهيروين

وهو أيضاً أحد مشتقات المورفين الأشد خطورة، اكتشف عام 1898 وأنتجته شركة باير للأدوية، ثم أسيء استخدامه وأدرج ضمن المواد المخدرة فائقة الخطورة.

6- الأمفيتامينات (المنشطات)
تم تحضيرها لأول مرة عام 1887 لكنها لم تستخدم طبياً إلا عام 1930، وقد سوقت تجارياً تحت اسم البنزورين، وكثر بعد ذلك تصنيع العديد منها مثل الكيكيدرين والمستيدرين والريتالين.

وكان الجنود والطيارون في الحرب العالمية الثانية يستخدمونها ليواصلوا العمل دون شعور بالتعب، لكن استخدامها لم يتوقف بعد انتهاء الحرب، وكانت اليابان من أوائل البلاد التي انتشر تعاطي هذه العقاقير بين شبابها حيث قدر عدد اليابانيين الذين يتعاطونها بمليون ونصف المليون عام 1954، وقد حشدت الحكومة اليابانية كل إمكاناتها للقضاء على هذه المشكلة ونجحت بالفعل في ذلك إلى حد كبير عام 1960.

7- الكوكايين
عرف نبات الكوكا الذي يستخرج منه الكوكايين في أميركا الجنوبية منذ أكثر من ألفي عام، وينتشر استعماله لدى هنود الأنكا، وفي عام 1860 تمكن العالم ألفرد نيمان من عزل المادة الفعالة في نبات الكوكا، ومنذ ذلك الحين زاد انتشاره على نطاق عالمي، وبدأ استعماله في صناعة الأدوية نظراً لتأثيره المنشط على الجهاز العصبي المركزي، ولذا استخدم بكثرة في المشروبات الترويحية وبخاصة الكوكاكولا، لكنه استبعد من تركيبتها عام 1903، وروجت له بقوة شركات صناعة الأدوية وكثرت الدعايات التي كانت تؤكد على أن تأثيره لا يزيد على القهوة والشاي، ومن أشهر الأطباء الذين روجوا لهذا النبات الطبيب الصيدلي الفرنسي أنجلو ماريان، واستخدمته تلك الشركات في أكثر من 15 منتجاً من منتجاتها.

وانعكس التاريخ الطويل لزراعة الكوكا في أميركا اللاتينية على طرق مكافحته فأصبحت هناك إمبراطوريات ضخمة -تنتشر في البيرو وكولومبيا والبرازيل- لتهريبه إلى دول العالم، وتمثل السوق الأميركية أكبر مستهلك لهذا المخدر في العالم.

8- القات
شجرة معمرة يراوح ارتفاعها ما بين متر إلى مترين، تزرع في اليمن والقرن الأفريقي وأفغانستان وأواسط آسيا.

اختلف الباحثون في تحديد أول منطقة ظهرت بها هذه الشجرة، فبينما يرى البعض أن أول ظهور لها كان في تركستان وأفغانستان يرى البعض الآخر أن الموطن الأصلي لها يرجع إلى الحبشة.

عرفته اليمن والحبشة في القرن الرابع عشر الميلادي، حيث أشار المقريزي (1364 – 1443) إلى وجود ".. شجرة لا تثمر فواكه في أرض الحبشة تسمى بالقات، حيث يقوم السكان بمضغ أوراقها الخضراء الصغيرة التي تنشط الذاكرة وتذكر الإنسان بما هو منسي، كما تضعف الشهية والنوم..".

وقد انتشرت عادة مضغ القات في اليمن والصومال، وتعمقت في المجتمع وارتبطت بعادات اجتماعية خاصة في الأفراح والمآتم وتمضية أوقات الفراغ، مما يجعل من مكافحتها مهمة صعبة. وكان أول وصف علمي للقات جاء على يد العالم السويدي بير فورسكال عام 1763.

يتبع

طرق تعاطي المخدرات
تختلف طرق تعاطي المخدرات من صنف إلى آخر ومن شخص إلى شخص، فالبعض يفضل التعاطي منفرداً والبعض الآخر يشعر بنشوة وهو يتعاطاها وسط مجموعة. وبالنسبة للمخدرات نفسها فالبعض يفضل الشم والبعض الآخر يفضل التدخين وبعض ثالث يفضل الحقن في الوريد، ومن أمثلة ذلك:

1- الحشيش
– عن طريق التدخين (سيجارة، سيجار، نرجيلة)، ومن أشهر الدول العربية المنتشر فيها هذا الصنف مصر.

– أو عن طريق الشراب حيث يقطع المتعاطي أوراق الحشيش وقممه الزهرية وينقعها في الماء ويذيبها ثم يشربها، وتنتشر هذه الطريقة في الهند.

– عن طريق الأكل بحيث يخلط الحشيش بمواد دهنية أو بالتوابل ويقطع على هيئة قطع الشكولاته ويؤكل مع بعض الأطعمة.

2- الأفيون –
يستخدم الأفيون في المجال الطبي لتخفيف الألم، ويستعمل على شكل محاليل تؤخذ في الغالب في العضل حتى لا يتعرض المريض لإدمانها، أو أقراص تتناول عن طريق الفم.

وأما التعاطي غير الطبي فيؤخذ عن طريق التدخين كما هو في الهند وإيران، أو البلع بالماء وقد يعقبه تناول كوب من الشاي، وأحيانا يلجأ المدمن إلى غلي المخدر وإضافة قليل من السكر إليه ثم يشربه. أو الاستحلاب حيث يوضع تحت اللسان وتطول فترة امتصاصه، أويؤكل مخلوطاً مع بعض الحلويات، أو الحقن، أو يشرب مذاباً في كوب من الشاي أو القهوة.

3- القات
تنتشر زراعته وإدمانه في منطقة القرن الأفريقي والسودان واليمن، وهو عبارة عن نبات أخضر تمضغ أوراقه وتخزن في فم المدمن ساعات طويلة، يتم خلالها امتصاص عصارتها، ويتخلل هذه العملية بين الحين والآخر شرب الماء أو المياه الغازية، وشرب السجائر أو النرجيلة.

4- المهلوسات
وقد سميت بهذا الاسم لآثار الهلوسة التي تحدثها على شخص المتعاطي، وهي في الغالب تخيلات عن أصوات وصور وهمية، وأهم هذه المهلوسات عقار L.S.D وعقار P.C.P. وتكون المهلوسات على شكل حبوب تؤخذ عن طريق الفم.

5- المنشطات (الأمفيتامينات)
تنتشر في الوسط الرياضي وبين طلبة المدارس والجامعات، وسائقي الشاحنات على الطرق الخارجية والدولية، وذلك لآثارها المنشطة على الجهاز العصبي، ومن أشهر طرق تعاطيها على شكل حبوب تؤخذ عن طريق الفم.

6- المورفين والهيروين
للمورفين خاصية كبيرة في تسكين الآلام، إلا أنه يسبب الإدمان الفسيولوجي، حيث يؤثر على وظائف خلايا المخ. والهيروين من مشتقات المورفين ويكثر استعماله عن طريق الشم، ويتم إدمانه بعد أسبوع من البدء في تعاطيه.

7- الكوكايين
يؤخذ الكوكايين بطرق متعددة تتشابه إلى حد كبير مع الحشيش، سواء عن طريق التدخين أو الاجترار تحت اللسان أو البلع أو مع بعض الأطعمة والمشروبات.

……

الأبعاد النفسية والتربوية والإجتماعية لتعاطي المخدرات
لظاهرة سوء استعمال المخدرات وتعاطي الحشيش -باعتباره على رأس القائمة- أبعاد متعددة بدءا من الأبعاد التاريخية الجغرافية إلى الأبعاد الحيوية والنفسية التربوية والأبعاد الاجتماعية الثقافية. وباستقراء الخبرات البشرية عبر القرون ثبت أن الحشيش ومعه الأفيون كان وبالا على الأمم التي أساءت استعمالهما لغير أغراض طبية أو صيدلانية، بل إن الاندحار الحضاري أسهم بقدر ما في ظاهرة سوء الاستعمال.

أولاًً: البعد الحيوي
ثمة اتجاه يعزو سوء استعمال المخدرات أو القابلية لتعاطيها إلى عوامل جينية فطرية. وأصل هذا الافتراض لتعليل الاعتماد عليها يوجّه أساسا لسببية إدمان الخمور. كما أن هناك افتراضات مؤداها احتمالية وجود أسباب جينية فطرية لسوء استعمال المخدرات ترتبط وراثيا بخصائص إفرازات المورفين الذاتية، إذ إن ثمة إفرازات لنوع من الأفيون في المخ قد يكون له دور في إقبال صاحبه على الأفيون.

وهناك وجهة نظر ترجع نفس الأسباب إلى الكحول أيضا، ويؤثر هذا وذاك على الجهاز العصبي المركزي (Mohit 1988). وقد يكون هذا النهج من وحي المدرسة الوضعية التقليدية التي أرجعت أسباب الانحراف والجريمة إلى عوامل جينية وراثية في القرن التاسع عشر تأثرا بنظرية التطور التي ذاعت وكان لها تأثيرها على ميادين علمية أخرى ثم ثبت دحضها من واقع الدراسات التجريبية المقارنة (Gibbons et al, 1975). وقد يكون أحد هذه المجالات محاولات التعليل البيولوجي الحيوي الوراثي لسوء استعمال المخدرات والخمور.

وعلى أي حال فإن هذه الفروض تحتاج إلى مزيد من المراجعة البحثية Replication لتحقيقها علميا على مستوى الدراسات الحضارية المقارنة لأن أساليب الاستعمال والممارسة تختلف من سياق اجتماعي ثقافي لآخر، إلا أن الأمر شديد الوضوح هو أن الخبرات الأولى لسوء الاستعمال لا تحدث إلا في سياق اجتماعي عن طريق عملية التعلم التي أكد عليها سوذرلاند وكريسي (Sutherland ,E & cressy ,D,1960) في نظرية الارتباط المتغاير Differential Association Theory التي ترتكز على أن السلوك السوي أو المنحرف يتأثر بأسبقية تعلمه ومدى تكراره واستمراره وعمقه، بما يعني أنه لولا الخبرة الأولى للتعاطي التي مصدرها نوعية الجماعة التي تعطي نعوتا لهذا السلوك أو ذاك بالاستحسان أو الاستهجان لما تكرر السلوك أو استمر.

ومن منطلق المنظور الإسلامي لمشكلة التعاطي والاعتماد على الخمور والمخدرات فإن أوصاف هذا الضرب من السلوك المحرّم هو منع الإنسان إراديا أن يغيّب عقله الذي يمثل جوهر المسؤولية في العبادات والمعاملات الاجتماعية، وينفي مسؤولية الاستخلاف على عمارة الأرض وتنمية المجتمع (Abdel-Motaal, 1996).

ويعتبر استعمال المخدرات لتسكين الآلام البدنية من الأسباب المكتسبة بيولوجيا، وذلك بالنسبة للأفيون بدعوى أنه يخفف الآلام المرتبطة بأمراض معينة. وذلك مدخل يسير لطرق أبواب من العلاج دون الوصول إلى التشخيص الفعلي للأمراض، وقد يؤدي هذا المسلك في كثير من الحالات إلى الاعتماد على المخدر دون أن يقصد المريض أي إساءة أخلاقية، وهو مدخل ظاهره الرحمة وباطنه من قبله العذاب.

ويطلق على مادة الأفيون بأنه القاتل للألم وكذلك المواد الأخرى التي يطلق عليها أيضا الملطفة للمشاعر، وهي من مشتقات الأفيون أو المناظرة له وأشهرها المورفين والهيروين، وأخرى تشتمل على الكوديين والميبيردين (ديميرول) والميثادون (آميدون، دولوفين) (Schur,E 1965)

وفضلا عن إزالة الألم فإن الأفيون يحدث الارتخاء العضلي وقلة النشاط الحركي والميل إلى الخمول والكسل والنعاس.
ومن مستحدثات المواد المخدرة المصنعة التي اجتاحت الولايات المتحدة الأميركية منذ الثمانينات ثم تلتها إلى الدول الأخرى عقار الميث Meth الذى يتعاطى بطرق مختلفة، والكراك Crack أحد مشتقات الكوديين، والذي أصبح وباء في أميركا الشمالية والوسطى. وقد اكتسب الميث شعبيته في عالم التعاطي بسبب سهولة إنتاجه محليا ومنزليا وانخفاض ثمنه على عكس الحشيش والكوكايين الذي يستورد من الخارج. وقد تعاطى أكثر من مليون أميركي الميث خلال سنة 1999. أما الكراك فيستعمل بمقدار أكثر من الهيروين بثلاث مرات. ومن آثار الميث البدنية الخطيرة التي تحدث خلال ساعتين منذ بداية تعاطي الجرعة هو الاندفاع المفاجئ الذي يحدث بسبب تغيرات حادة في المخ، وإحساس بالتخدير يماثل صدمة الأدرينالين.

أما الآثار البدنية الصحية للحشيش -باعتباره أكثر المواد انتشارا في العالم في سوء الاستعمال- وبالرغم من إباحته من قبل بعض الدول فإنها ثابتة لمن استعمله يوميا وعلى مدى عدد من السنين، وذلك غالبا ما يكون في أمراض الجهاز التنفسي وضعف القدرة الإدراكية. وقد تحققت هذه الإصابات لدى 10% من المتعاطين يوميا، و20 – 30% ممن يتعاطونه بشكل أسبوعي. أما استخدامه أثناء فترة الحمل فأدى إلى تقصير فترة الحمل وانخفاض وزن المواليد أو تشوّه بعضهم، وقصور أيضا في عمليات الولادة. واتضح كذلك أن ثمة احتمالا كبيرا لمن يستخدمونه بشكل متكرر ومكثف وقوفهم على حافة دائرة الإصابة بمرض السرطان وسوء الهضم واحتمال الإصابة باللوكيميا (‎Martine ,B& Hall,W 1999)

ثانياً: البعد النفسي
لا تقتصر آثار المخدرات على الأضرار الحيوية على مستوى الفرد بل إن العلاقة العضوية الحيوية تؤثر وتتأثر بالجهاز النفسي هذا فضلا عن السياق الاجتماعي والثقافي، ومن ثم فإن البعد النفسي كان قد حظي بكمّ هائل من الدراسات والبحوث في مجالات التعاطي والإدمان سواء بالنسبة للمخدرات أو الكحوليات. ونظرا لسبق المشكلة في مصر عن غيرها من البلاد العربية، وسبقها أيضا في إنجازات مشروعات بحوث ودراسات سوء استعمال المخدرات بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية الذي أسس في نهاية الخمسينات، وكذلك في الجامعات المصرية، فإنه بجانب الاستشهاد بنتائج بحوثها في المجال النفسي والاجتماعي فإننا سنقرن النتائج التي وردت في الدراسات الأخرى التي عالجت مشكلة سوء استعمال المواد المخدرة.

هناك مشكلة بأنه لا يوجد شخص يزعم ما إذا كانت التغيرات النفسية المرضية أوالتغيرات في الشخصية يمكن اعتبارها سببا ونتيجة للاعتماد على المخدرات. وهذا يتضمن الإدمان العدواني الذي يتصف بمستوى عال من القلق في العلاقات الشخصية وإحباط في التسامح ومشاعر التقليل من شأن النفس أو تقويم الذات. ولو أن الدراسات النفسية المعتمدة على نظرية التعلم قد ألقت بعض الضوء على مختلف جوانب المشكلة، ولكن ذلك لا يمكن أن يصف الظاهرة بأبعادها المتعددة.

ويؤدي سوء استعمال المخدر إلى تغيرات أساسية في الشخصية إذ تجعل الإنسان قابلا للأمراض النفسية والذهانية. وهناك آثار حادة من الاعتياد على الحشيش من أهمها القلق والهلع والبارانويا، خاصة بالنسبة للمتعاطين المحدثين، والوهن الإدراكي وخاصة بالنسبة للتركيز والذاكرة وضعف الآلية النفسية وتأخر ردود الأفعال مما يترتب عليه مخاطر حوادث الطرق والسيارات. وأيضا توقع المخاطر الزائدة للأعراض الذهانية بين هؤلاء المدمنين الذين في سجل أسرهم تاريخ أمراض ذهانية.

أما الآثار المزمنة فهي تنتج من جراء الاستخدام المزمن للحشيش لعدد من السنين -وإن كانت ثمة آراء لا تؤكد ذلك- فهناك أعراض الاعتمادية التي يحددها عدم القدرة على الامتناع أو الكف عن سوء الاستعمال وهناك أيضا أشكال كامنة، كما في الآثار الحادة، للوهن الإدراكي الذي يؤثر على الانتباه والذاكرة. وأيضا انخفاض مستوى الأداء والمهارات والتحصيل الدراسي عند البالغين (Martin & Hall ,1999)

أما آثار الأفيون النفسية ومشتقاته ففضلا عما ذكرنا في الآثار البدنية فإن الارتباط وثيق بينهما، فالأفيون من المواد المثبطة التي تؤدي عادة إلى تخفيض مستوى العصبية والنشاط البدني، فإلى جانب الارتخاء العضلي والرغبة في الخمول، هناك إحساس بالانشراح والشعور بالسعادة والرضا وستجد نفسك تنظر إلى هذه المشاكل بطرق مختلفة، فكل شيء هادئ مما يجعلك لا تشعر بحاجتك إلى محاربة العالم.

والواقع أن ثمة مناقشات دائرة حول المبالغة للطبيعة الإيجابية لنتائج هذا الانشراح، فهناك قول بأن هذا الابتهاج هو نوع من التخيل والوهم إذ إن مثل مشاعر الابتهاج تنحصر غالبا في المراحل المبكرة للتعاطي، أما في المراحل المتأخرة فالنتائج عكس ذلك تماما فالشعور بعدم الابتهاج وعدم الرضا والسعادة هو واقع المدمنين. (Schur, E, 1965)

أما بالنسبة لعقار الميث أو الكراك المصنع معمليا فإن خطورته في مجرد التعاطي لأنه يسبب تغيرات حادة في المخ ويشعر المستعمل له خلال ساعتين بالسعادة. ويستطيع متعاطو الميث أن يظلوا من ثماني إلى اثنتي عشرة ساعة أو أكثر معتمدين على كيفية استخراج دخان المخدر أو استنشاقه أو شمّه أو بلعه أو الحقن به. ولذلك ينتشر في البلاد التي تصنعه محليا كالولايات المتحدة وأميركا الوسطى بين تجمعات الملونين وفقراء البيض في الريف الأميركي

يتبع

وتشير نتائج البحوث المصرية عن نتائج مسح استطلاعي أجري على عينة من 500 متعاط في ريف وحضر مصر (سويف/ المركز القومي) إلى أن الدوافع النفسية لتعاطي الحشيش في سن مبكرة (سن العشرين في المتوسط) كان أقواها (77%) هو مجاراة الأصحاب والحصول على الفرفشة، في حين كان الدافع الأقوى لتعاطي الأفيون هو الاعتماد عليه لمواجهة العمل الشاق، وإذا كان الدافع الجنسي يشكل 25% بالنسبة للحشيش فإنه أكثر بالنسبة للأفيون (50%) من الفئة التي تسيء استعماله.

وتؤكد الدراسة ما انتهت إليه الدراسات الأخرى في الآثار النفسية إزاء الاختلاف في إدراك الزمن حيث يتجه نحو الزيادة في البطء في حين يختل إدراك المسافات المكانية نحو زيادة الطول وزيادة التضخم بالنسبة للأحجام ونصوع الألوان ووضوح الأحداث.
وتزول هذه الاختلالات بالنسبة للمتعاطي للحشيش في اليوم التالي على التعاطي.

ويؤكد البحث نتائج الدراسات المتعلقة بأثر التعاطي على الوظائف العقلية حيث تضعف الذاكرة بالنسبة إلى 42% من الحالات تحت تأثير المخدر المباشر. ويزعم 86% منهم قدرتهم الجيدة على حل المشكلات ويشهد 75% من العينة بسرعة انتقالهم من موضوع إلى آخر في الكلام أو التفكير. وقد يتفق هذا مع الخيال الشعبي بأن الحشاش سريع الخاطر ويفسر البعض بأن هذه صورة من حالات الهوس (آلمنيا)، أما حياتهم الوجدانية فيميل 50% من العينة نحو الاستكانة، وانخفاض نسبة التحكم عند 41%.

ثالثاً: البعد الثقافي

ويتفرد الحشيش باندماجه في ثقافة الشباب، وسن البدء فيه أصغر عادة من أي عقار آخر. وباستثناء أوضاع جلب الحشيش واستعماله في مصر بتاريخه الطويل وأيضا في بعض مناطق الشرق الأدنى والأوسط، فإن أخطر ما حدث منذ بداية الستينات ومازال قائما حتى الآن هو أن الحشيش قد أصبح من صميم ثقافة فئات عريضة من الشباب حيث بدأ أولا في الولايات المتحدة الأميركية ثم أوروبا ثم إلى باقي مناطق العالم، مستمدا تأثيره من خلال الموسيقى وحفلاتها الصاخبة، والتطور السريع في حركة التصدير جعله على قمة المواد المخدرة الأخرى طبيعية أو مشتقة. ويلاحظ أن البداية العمرية للتعاطي يبلغ متوسطها أصغر في الحشيش منه في الكوكايين والهيروين فهو يراوح بين 16 – 17 عاما في الولايات المتحدة وإسبانيا وفرنسا وأستراليا بينما يصل إلى 19 – 22 بالنسبة للكوكايين والهيروين لنفس البلدان (undcp 1999)

وتؤكد الدراسات المعاصرة إيجابية الارتباط بين زيادة استهلاك الحشيش بما فيه أوراق البانغو الذي انتشر في مصر الآن وبين ثقافة الشباب السائدة، ففي دراسة حديثة في فرنسا تفيد تماثلا بين دول أوروبا في توافق عملية التطور المستمرة لاستعمال القنب (الحشيش) والتغيير في ثقافة الشباب. وثمة زيادة درامية متوازية في العقاقير المصنّعة -كجزء من مشهد الهذيان في دول الاتحاد الأوروبي سنة 1990- أدت إلى ما يمكن أن نطلق عليه في المملكة المتحدة تطبيع الشباب الترفيهي باستعمال المخدر.

وقد تبين طبقا لمسوح الجريمة في بريطانيا أن انتشار استعمال القنب (الحشيش) من سن 16 – 19 قد ارتفع من 18% سنة1991 إلى 27% سنة 1996. وارتفع سن بداية التعاطي من 26% إلى 35%، ومن ثم فإن واحدا من كل ثلاثة من الشباب لديه ميول استعمالية نحو الحشيش، وواحدا من أربعة استخدموا الحشيش مرة على الأقل في السنة الأخيرة، وهناك 16% من الشباب استعملوه في الشهر الذي سبق الدراسة المسحيّة، وازداد الاستعمال بين سن 16 – 59 بنسبة 5% سنة1991 إلى 9% سنة 1996.

ويشير بحث "الشباب والمخدرات في مصر" (سويف 1981) من واقع عينة لتلاميذ المدارس الثانوية (5530 تلميذا) والمدارس الفنية (3686 تلميذا) وطلاب الجامعة
(2711طالبا) إلى أن ثمة ارتباطا إيجابيا بين تعرض الشباب لثقافة المخدرات وبين احتمال الإقبال عليها. وتعتبر وسائل الإعلام من القنوات الاجتماعية التي تنشر ثقافة التعاطي. كما اتضح وجود جماعات من الشباب لا يستهان بحجمهم لا يتعاطون المخدر ولكنهم على استعداد نفسي للتعاطي، ويطلق على هؤلاء بالفئات الهشّة. ويعتبر سن 16 في الثانوي و19 في الجامعة هو السن الذي يزداد فيه احتمال التورط في مشكلة التعاطي. وثمة أعداد كبيرة نسبيا تقبل على تجربة التعاطي بدافع حب الاستطلاع أو أي دوافع أخرى. وتوضح النتائج أن 75% من هذه الأعداد لا تلبث أن تتوقف ويبقى 25% فقط في عالم التعاطي.
ولا شك أن الفئة الباقية المستمرة في التعاطي قد يتجه أغلبها نحو الإدمان ويعتبر أفرادها وهم في وسط جماعات المدمنين أشبه ببؤر تشيع الفساد تمارس فيها طقوس التعاطي والإدمان وصك مصطلحات السخرية من النظم والقيم والآداب الاجتماعية السائدة والحاكمة للدين والأخلاق. وليست قضية عبدة الشيطان ببعيدة والتي تورط فيها مجموعة من المراهقين والشباب كانت المخدرات هي طريق الأوهام والهذيان الذي مهد لهم لهذا الانحراف.

لقد كشفت البحوث والدراسات التي أشرنا إليها وغيرها عن العلاقة الجوهرية بين التعاطي وبين المضمون الثقافي له من حيث ضرر المخدرات أو فائدتها أو الحياد تجاهها (عبد المتعال 1991) إن هذه القيم المضادة للمصالح الاجتماعية والاقتصادية بسبب ظاهرة سوء استعمال المخدرات المحظورة لا تقتصر على مجتمع دون آخر من حيث آليات الإنتاج أو الجلب أو التهريب أو التوزيع وأيضا المضامين الثقافية التي تنامت معها وانتقلت معها عبر الحدود الإقليمية، فأصبحت الظاهرة عالمية تتأثر بالسياق الاقتصادي المشروع -كما أشرنا سلفا- وأيضا بالأزمات السياسية الدولية التي تبلغ قمتها في الحروب العالمية والإقليمية. فلا شك أن رواج المخدرات ونوعيتها اختلف بعد الحرب العالمية الثانية عنه قبلها وكذلك خلال وإثر الحروب الفيتنامية، والأفغانية، والإيرانية العراقية، والعربية الإسرائيلية.

فعلى سبيل المثال حدث في مصر انخفاض مؤقت بعد الحرب العالمية الثانية حتى الحرب العربية الإسرائيلية 67 – 73 في جلب المخدرات ولكن لمدة سنتين ثم بدأ بعدها في الارتفاع. ثم بدأ خلال السبعينات انتشار مادة الماكستون فورت والحبوب الدوائية وذلك لصعوبة جلب الحشيش والأفيون نتيجة الحروب العربية الإسرائيلية. وعاد الكوكايين والهيروين منذ مطلع الثمانينات واستمر الحشيش والأفيون والماكستون فورت والمواد الدوائية المنشطة وبسبب تغليظ العقوبة إلى الأشغال الشاقة وإلى درجة الإعدام للتجار والمهربين. وانحسرت نسبيا تجارة تهريب الحشيش ولكن انتعشت تجارة البانغو لإمكانية وسهولة زراعته في المناطق الصحراوية كشبه جزيرة سيناء.

يتبع

رابعاً: البعد الاجتماعي

إن تكرار التعاطي واستمراره وارتباط ذلك بالتركيبة الكيمائية في المخدرات الطبيعية أوالمصتّعة وتأثيرها في الجهاز العصبي المركزي وتنشيطها للجهاز النفسي أثناء إساءة الاستعمال، لا يتم على مستوى ملايين المستعملين إلا في سياقات اجتماعية مختلفة متنوعة الثقافات سواء محبذة أو معارضة أو محايدة لاستعمال المخدرات المحظورة. وقد شاهدنا مجتمعات متقدمة أباحت قوانينها الجديدة تعاطي الحشيش تحت ضغط تغيّر الاتجاهات الثقافية في الرأي العام، وقد أثر ذلك بالفعل في الحركة التجارية والتسويقية للمخدر مما سيمتد أثره إلى أحجام العرض ومساحات الطلب. وبذلك نرى أن العلاقة متشابكة بين أبعاد ومتغيرات متشابكة بين مجتمعات قاربت بينها خطوط الاتصال والانتقال بشكل اختزل به الزمن والمسافات، فالعلاقة معقدة بين وفرة العرض وزيادة الطلب والإدمان أو الاعتماد على المخدر. فمن المؤكد أن التمكين من إعمال قوانين الحظر في أغلب الدول وحجم المضبوطات من المخدرات المحظورة يسبب زيادة في ارتفاع أسعار المواد المخدرة كالأفيون وهذا بدوره قد يقلل من أعداد المدمنين، ودرجة نقاوة المخدرات المستهلكة وحجم الكمية المستخدمة في الجرعة الواحدة. وقد يؤدي هذا إلى تحول نحو أنواع أخرى من المخدرات أقل سعرا وبطبيعة الحال أقل نقاوة وجودة وأكثر ضررا (Mohit 1996)

إن مآل تكرار التعاطي يجعل من الإدمان احتمالا أكبر بل مؤكدا بالنسبة للمخدرات القوية أو النفّاذة، خاصة أن هذا التكرار يوثّق الارتباط بالمخدر. وطبقا لتعريف منظمة الصحة العالمية WHO فإن إدمان المخدر أو الاعتماد عليه هو حالة من الخدر والتسمم المرحلي أو المزمن تنشأ بسبب استهلاك المخدر الطبيعي أو المصتّع وتتضمن خصائصه الآتية:
1- رغبة عارمة أو حاجة قهرية للاستمرار في تعاطي المخدر والحصول عليه بأي طريقة.
2- ميل واضح لزيادة الجرعة.
3- اعتماد جسمي ونفسي على تأثيرات المخدر.
4- نتائج وتأثيرات ضارة على الفرد والمجتمع.

فدون وضع العوامل الاجتماعية والبيئية في الاعتبار لا يمكن أن نحصل على تفسير سببي كامل لمسألة الإدمان، إذ المجتمع كموئل كبير هو الذي يحدد كلا من العرض والطلب للمخدرات، وهو الذي يقرّ معايير السلوك ذات الأهمية لفهم الاتجاهات ونماذج السلوك التي تقر الاستعمال للمخدر. وليس من السهولة بمكان أن نحدد أو نقيس النتائج والآثار لعدد من المتغيرات المعقدة والمتفاعلة التي تسهم في تكوين المجتمع، إلا أننا يمكننا التركيز على بعض الأبعاد المحورية في الحياة الاجتماعية، ومن أولها أثر تجزيء الهياكل البنائية ومدى فعالية الأسرة.

أما مدى فعالية الأسرة في التنشئة والتربية بعناصرها الإيجابية والسلبية في تكوين الاتجاه نحو المخدرات أو الخمور أيضا فإن الدراسات ونتائج البحوث عنها مستفيضة تزدحم بها الكتب والمجلدات والدوريات العلمية الاجتماعية والنفسية والتربوية. ففي الأسرة يمكن أن يكوّن الآباء والأبناء نماذج سلوكية سوية، ويمكن أن تكون الثقافة الفرعية للأسرة والحي الذي تنتشر فيه المخدرات اتجاها محبذا أو محايدا على الأقل إزاء أنواع معينة من المخدرات وليس ضدا لها. وقد تشكلت أنماط التنشئة هذه في أغلب المناطق الموبوءة بالمخدرات لأسباب نفعية خاصة باقتصاديات الأسرة التي يستفيد منها جميع أعضاء الأسرة بما فيهم الأبناء بطبيعة الحال، حتى يصل إلى درجة توارث أسرار مهنة الجلب والتوزيع لدى العائلات المشتغلة بالتجارة والتوزيع. وتتشكل أيضا أنماط ونماذج التنشئة لدى الأسر المستهلكة على نفس نسق استحلال التجارة أو التعاطي.

ولقد انبثق منهج الاستحلال لأسباب تتعلق بالتناقض التشريعي نحو مادتين أخطرها وهي الخمور مغيبة للعقل وتباح تجارتها واستعمالها بمقتضى قوانين وضعية في دول عربية إسلامية. وأقلها خطرا -من وجهة نظر التجار والمتعاطين- الحشيش وتوائمه كالبانغو والقات المفتر للعقل والذي لم يرد في النصوص الدينية ما يحرمه إلا من فتاوى بالتحريم ظهرت مؤخرا. ويمثل ذلك ما أطلقت عليه في دراساتي السابقة بالفجوة الثقافية التشريعية أو التخلف الثقافى القانونى Juridical Culture Lag.
(عبد المتعال 1991 & 1996) إن مثل هذا التناقض قد يؤدي إلى تناقض مثيل له في عملية التنشئة والتربية في الأسرة التي تلوثت أجواء قيمها بثقافة التعاطي التي أشرنا إليها سلفا في العوامل الثقافية المشجعة للتعاطي عند الشباب.

وإذا كان للأسرة دورها الإيجابي في الرعاية والحماية والتنشئة والوفاء بالحاجات الأساسية البدنية والصحية والتربوية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية وغير ذلك من احتياجات مستجدة، وتأثيرها الكبير في تشكيل الاتجاهات والقيم وضروب السلوك، فإنه يمكن أيضا أن يكون لها دور سلبي إذا ما ساد فيها أجواء التوتر والاضطراب والمشكلات المرضية والنفسية والتعرض للأذى وتعاطي المخدرات. ومن أهم ما يتمخض عنه الاضطراب والتفكك الأسري هو ما يجلبه غياب الأب بسبب الانفصال بالهجر أو الطلاق أو الوفاة من مخاطر كبيرة لمشكلات وجدانية في الشخصية، كذلك افتقاد المودة والحب والتفاعل الأسري الإيجابي، وكل ذلك أو بعضه قد يسهم في مشكلات تكون إحدى آليات الهروب منها هو تعاطي المخدرات والاعتماد عليها.

ولا يعيش البناء الأسري في معزل عن الجماعات المحيطة بهم وأولها جماعة الأصدقاء والرفاق، فهم جزء غير مباشر من الأسرة. وأثبتت عدة دراسات أن تأثيرهم أكبر من تأثير الوالدين. وتبدو خطورة ذلك في تأثير بعضهم بعضا في مجال سوء استعمال المخدرات، كما وجد أحد الباحثين أن الأصدقاء أكثر تماثلا في استخدامهم للحشيش من أي نشاط آخر، لكننا نجد في حالة الأسر التي يتعاطي فيها الآباء الحشيش فإن نسب التأثير تتقارب بالنسبة للآباء والأصدقاء معا.

وتتفاقم المشكلات بشكل أكبر في الدول النامية والفقيرة عندما تؤدي أزمات الفقر المزمنة وانتشار البطالة وعمالة الأطفال العشوائية والانهيار الأسري إلى مشكلات أكثر خطورة ومنها ظاهرة التشرد وأطفال الشوارع. ووردت من هندوراس -وهي من البلدان الفقيرة- بيانات بتورط أطفال الشوارع في مشاكل مستمرة مع الشرطة وسوء استغلالهم في أنشطة جنسية وتعاطي المخدرات إلى درجة أن نصفهم يستنشقون الغراء، و4 من 10 يتعاطون الخمور في المناسبات و6 من 10 يدخنون، وواحدا من خمسة يستعملون الحشيش. ويعتبر استنشاق المواد المخدرة بين أطفال الشوارع في هندوراس من الأمور الشائعة هناك. واستنشاق الغراء هو المخدر الشعبي المحبب بين أطفال شوارع العالم النامي وذلك لرخص ثمنه وإزالته للألم والخوف والمبالغة في الاندفاع والتبجّح وكتم صراخ الجوع. واتفقت أيضا نتائج دراسات أجريت في المكسيك مع هذه النتائج الخاصة بأطفال الشوارع في بعض بلدان العالم النامي
(UNDCP)

يتبع

خامساً: التعليم والتربية

إذا انتقلنا إلى الأثر التالي للأسرة أصدقاء ما بعد الطفولة المبكرة، والمواكب لهما في المراحل العمرية اللاحقة فستكون بالضرورة المؤسسة التعليمية التي تعدّ الفرد إلى التوافق مع مجتمعه بأبعاده التاريخية والثقافية والحضارية المتعددة على هدى الحقوق والمسؤوليات التي سينشأ على مراعاتها والالتزام بها. ولا سبيل إلا باستيعاب ذلك كله عن طريق إمداد العقل بالمعارف والعلوم وتدريب النفس على تمثل القيم الأخلاقية والدينية التي تأسس عليها المجتمع. فإن العقل هو الوسيط الذي بسلامته ورجاحته ينهض بالإنسان ويرقى بالمجتمع، وبذلك كانت حمايته هي المقصد الأول من مقاصد الشريعة حيث إنه بدونه لن نصل إلى مقاصد الحفاظ على الدين والعرض والنفس والمال والنسل. لذلك كانت الخمر والمخدرات وبالا على تهديد العقل وسيط المعرفة والدين والحضارة.

لقد بينت الدراسات التي اقتفت أثر سوء استعمال القنب (الحشيش) وهو أقل شدة ونفاذا من المواد القاسية الأخرى، أن الاستعمال المزمن أو الحاد قد يؤدي إلى إضعاف الذاكرة والوظاثف العقلية والقدرة على تسلسل الأفكار والإضرار بالنمو الاجتماعي والعاطفي للأطفال والمراهقين، وإضعاف مستوى الأداء الدراسي، وترتبط درجة الإضعاف بالكمية أو الجرعة المتناولة. ويلخص الأثر المحتمل لأنواع مختلفة من المخدرات بأنها يمكن أن تقلل من العمليات والقدرات المعرفية، وتعوق بين الطفولة والشباب وتنمية قيمهم ومثلهم. كما يؤدي انخفاض مستوى الكفاءة المعرفية إلى انخفاض المستوى الأكاديمي ويؤدي إلى التقليل من شأن الإنسان لنفسه، كما تسهم في عدم الاستقرار النفسي والشعور بالهوية (UNDCP) وقد تهيمن المخدرات على تفكير الشخص إلى درجة إصراره على اللجوء إليها كمهرب لحل مشكلاته الخاصة.

سادساً: العمل والبطالة

العمل والبطالة على طرفي نقيض، فالعمل يقوي من إرادة البناء والبطالة تثبّط من همته، والعمل عصب التنمية والإنتاج وهو بدوره السبيل إلى التقدم والرخاء. وإذا أراد عدوّ أن يغدر بشعب فإنه يهاجم مواقع الإنتاج الرئيسية بالنسف والتخريب، فإذا لم يستطع فبالحيلة والغدر مستهدفا جوهر العمل ذاته وهو القوى البشرية وتفريغها من مضمون إرادتها وكفاءاتها ومهاراتها. فبالدعوة إلى هجرة أفضل العقول وأكفأ المهارات إلى مواقع إنتاجه من ناحية ومن ناحية أخرى إضعاف القوة الباقية في موطنها الأصلي، وسبيل ذلك يمكن أن يكون بتشجيع مؤامرات جلب وتهريب المخدرات. فإذا كانت البطالة ظاهرة لها مقدماتها الاقتصادية وهي تعيق عملية التنمية وتؤدي إلى مشكلات اجتماعية أخرى متعددة، فإن انتشار المخدرات يستهدف التهام حصاد العملية الإنتاجية وسوء استعمالها يؤدي إلى إضعاف القدرة على الأداء والتقليل من دقته ووصول العامل المتعاطي أو المدمن إلى حالة من الإحساس بالضياع والشعور باللامبالاة والاغتراب عن مواقع الإنتاج والأسرة والأبناء والمجتمع.

فالحشيش يفسد الوظائف المعرفية كما أثبتت البحوث المصرية ذلك على مدى العقود الأربعة الماضية. ويزيد الحشيش من زمن الاستجابة أو رد الفعل وانخفاض الدقة الميكانيكية. والأفيون يقلب الأمزجة ولو بجرعات صغيرة، ويقلل من النشاط ويضعف من المهارات الآلية النفسية المرتبطة بقيادة السيارات. وإذا كان الكوكايين ولو بجرعات صغيرة قد يحسّن الأداء في الأعمال الصغيرة، فإنه بالإضافة إلى المواد المشتقة منه يؤدي إلى نوع من القهر عند تكرار الاستعمال والإدمان عليه. ورغم ما قيل فإنه من الواضح أن التورط في سوء استعمال المخدرات يخفض من الإتقان في العمل ويضعف من الدقة في الأداء كما أثبتت ذلك نتائج البحوث التي أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية على مستوى القطر المصري بين العمال والطلاب والتلاميذ، وكذلك الدراسات التي أجرتها منظمة العمل الدولية ILO في عدد من الدول الأوروبية، أو التي أجريت على موظفي هيئة البريد في الولايات المتحدة الأميركية، أو التي أجريت على عينة من 468 من الشباب في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا. وتبين أن التعاطي ينتشر بين العمال الذين يلتحقون بورش صناعية في الأماكن والأحياء التي تنتشر فيها ثقافة تعاطي المخدرات.

وقد تشكل البطالة تربة خصبة لتنامي مشكلة سوء استعمال المخدرات خاصة بين الشباب العاطلين، ومما يساعد على ذلك تهميش مجتمع الكبار لهم فيجعل قابليتهم للوقوع في خبرات التعاطي أكثر احتمالا. والجدير بالذكر أن 30% من قوة العمل في العالم معطلة عن الإنتاج، وهناك أكثر من 120 مليون نسمة مسجلون كعاطلين، وهناك أيضا 75 مليون نسمة طالبين للعمل. وهؤلاء غير ملايين الأفراد غير المسجلين، إلا أن كثيرا من هؤلاء يقومون بأعمال في القطاع غير الرسمي مما قد يقلل نسبيا من غلو المشكلة.

سابعاً: المخدرات والجريمة

اختلفت الآراء حول علاقة المخدرات بالجريمة وهل هي علاقة سببية بين المقدمات والنتائج؟ أم علاقة ارتباط بين مثير واستجابة؟ أم أنها عامل مساعد لا تتم الجريمة إلا بحدوثه؟ ولكل هذه التساؤلات من نتائج الدراسات ما يثبتها ومنها ما ينفيه.
(UNRISD, 1984) وما دام الأمر كذلك وفيه حيرة منهجية، فإنه على الأقل وجدنا من الدلائل ما يثبت -خاصة في العقدين الأخيرين بعد استشراء الظاهرة عالميا وسوء الاستعمال المفرط بالنسبة للمخدرات المصنعة والمواد النفسية المنشطة- أن ثمة جرائم تحدث قبل التعاطي وأخرى بعدها وأغلبها يرتبط بأمرين:
الأول يتعلق بجلب المخدرات وتوزيعها، والثاني يتعلق بعملية الاستهلاك.

وتبدأ الجرائم الخاصة بالجلب والتوزيع من التجريم القانوني لها، وترتبط بالجرائم ضد الأشخاص بالقتل والأذى البالغ أثناء الاصطدام مع قوات المطاردة لعصابات المهربين، أو في مواقف الصراع الذي يحدث أحيانا بين هذه العصابات، وكذلك توريط العديد من الأحداث والشباب في عصابات التوزيع والتسويق. وأخيرا وليس آخرا جرائم التربّح من جراء أنشطة غسيل أموال والتي فطن إليها أخيرا كبار التجار والمهربين.

أما الجرائم المرتبطة بالاستهلاك فإن أغلبها ينحصر في جرائم المال بسبب القهر الذي يسبق رغبة المدمن في الحصول على المخدر عندما يقع في ضائقة مالية تحول بينه وبين القدرة على شراء المخدرات. وتشير دراسة أجريت في تورنتو بكندا إلى تورط الكثير من الأحداث والشباب في نشاط عصابات للشباب خلال سنة 1980 في ارتكاب جرائم السرقة والسطو من أجل الحصول على المال لشراء المخدرات. كما اتضح أيضا أن جرائم العنف والتشويه واستخدام الأسلحة قد صاحبت تسويق مخدر كراك الكوكايين (Fredrik, M)

وأفاد تقرير مؤتمر الأمم المتحدة السابع لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين (ميلانو 1985) عن الشباب والجريمة والعدالة، بأن سلطات الدول المشاركة قلقة للغاية بسبب مصاحبة ازدياد معدل الجريمة بازدياد استهلاك العقاقير المخدرة. وأشير أيضا إلى أنه كثيرا ما يرتكب مسيئو استعمال العقاقير جرائم تتصل بتعودهم تعاطي المخدرات، وخاصة من أجل الحصول على العقاقير أو المال الذي يشترونها به.

يتبع

ثامناً: دراسات ميدانية على المدمنين

نستعرض فيما يأتي ثلاثة نماذج من دراسة مسحية مقارنة أجريت في 98/1999 باستخدام المنهج سابق الذكر لمعرفة سوء استعمال المواد النفسية المنشطة والاعتماد على الحقن بمادة الهيروين وذلك في كل مصر وإيران وباكستان.

مصر
أجري استبيان شبه مقنن على عينة بلغت 696 حالة من المراكز العلاجية وأيضا من المقاهي والمدارس والمارة من الشوارع.. الخ وكانوا من خمس محافظات مصرية: القاهرة 177، الغربية 144، الإسماعيلية 140، قنا 125، جنوب سيناء 110. وبالرغم من الاختلاف الملحوظ بين هذه المحافظات فإن الملمح العام المشترك هو انتشار سوء استعمال البانجو وهو عشب من نبات القنّب (الحشيش) وكذلك تناول المشروبات الكحولية.

وقد تبين أن سوء استعمال المواد النفسية المنشطة والحقن بالهيروين نمط أكثر شيوعا في المدن الرئيسة الكبرى. وأفصح 17% من العينة أن أسلوب الحقن هو الطريق الرئيسي لاستعمال المخدرات. وهناك 33% اشتركوا في استعمال أدوات الحقن مع أصدقاء، و13% مع غرباء. وذكر ما يقرب من ثلثي الذين يتعاطون المخدر بالحقن أنهم يستخدمون إبرا معقمة حتى عند إعادة الاستعمال، وهناك 16% لا يعقمون أدوات الحقن. واتضح أن 30% من العينة على دراية تامة بطرق انتقال مرض الإيدز، أما فيروس فالدراية أقل.

وقد أكد تحليل بيانات نتائج البحث القومي للإدمان بهشاشة الفئة العمرية من 15 – 20 للانغماس في دائرة التعاطي. وكانت مجاملة الأصدقاء وحب الاستطلاع والعودة إلى مجالسة المتعاطين وقبول المادة المخدرة كهدية، من أهم المبررات لأول تجربة للتعاطي. (سويف/ المركز القومي 1984).

إيران
وبنفس منهج الاستقصاء السريع أجريت الدراسة ذاتها في جمهورية إيران الإسلامية سنة 98/1999 وتم إجراء مقابلات مع مستعملي المخدرات وأعضاء من أسرهم، وأيضا بعض الإخباريين من ذوي العلاقة. وتقف حدود هذه الدراسة من حيث عدم تمثيل العينة طبقا للأسس المنهجية وكذلك بالنسبة للمدن التي أجريت فيها الدراسة. وعلى أي حال فإن المعلومات التي أوردتها أدت إلى توضيح الصورة عن سوء استعمال المخدرات في إيران.

وتبين أن 29% من جميع الحالات التي تم اختبارها لها ماض في الحقن بالمخدرات. وبلغ متوسط العمر مستعملي الحقن 31.7 سنة، ومتوسط العمر عند بداية التعاطي بالحقن 26.3 سنة. وأفاد نصف مستعملي الحقن أنهم يحقنون بمعدل مرتين إلى ثلاث مرات يوميًا. وكانت غالبية الحقن تتم عن طريق الوريد. واتضح أن نصف عينة مستعملي الحقن يتشاركون في استعمال نفس إبر الحقن، بل بلغت نسبة مثل هؤلاء 70% للعينة القادمة من مارة الطريق.

وأدلى الإخباريون أن مشكلة الحقن بالمخدر منتشرة في سجون إيران رغم صرامة الإجراءات الأمنية في السجون. وأضافوا أن أسلوب الحقن بالمخدرات رغم ذلك ليس بالأسلوب المفضل بين المتعاطين في إيران ولكنه اتجاه جديد تطور سريعا في الفترة الأخيرة.

ولكن ثمة أمرا آخر أفصحت عنه الدراسة الراهنة وهو علاقة التعاطي أو الاعتماد على المخدر بالسلوك الجنسي غير المشروع فوجد أن ثلث المتزوجين من أفراد العينة لهم علاقات جنسية خارج بيت الزوجية، وكذلك الحال بين المطلقين والمنفصلين،
و70% من غير المتزوجين. ويتبين أنه بجانب الوصمات الاجتماعية والأخلاقية التي أسفرت عنها نتائج هذه الدراسة فإن الخطورة كامنة وواضحة أيضا إزاء المخاطر الصحية بعدوى مرض الإيدز بسبب المشاركة في استعمال أدوات الحقن والعلاقات الجنسية غير الشرعية.

باكستان
يقدر عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء استعمال المواد المخدرة في باكستان بنحو ثلاثة ملايين نسمة، وتعتبر آفة شمّ الهيروين وتدخينه من أهم الأساليب التقليدية للتعاطي والإدمان. أما الآن فإن الاتجاه في ازدياد نحو الاعتماد على سوء الاستعمال بالحقن.

قد اتضحت خطورة الموقف من خلال التقرير المشترك بين UNDCP& UNAIDS عن دراسة أجريت في ديسمبر/كانون الأول 1999 بعنوان "دراسة أساسية للعلاقة بين استعمال المخدر بالحقن والعدوى بمرض الإيدز وفيروس بين مستعملي المخدر بالحقن من الرجال في مدينة لاهور". وقد أجريت الدراسة خلال شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 1999، وكشف التقرير عن ارتفاع معدلات العدوى بفيروس .

وترجع الدراسة هذا الارتفاع سوء استعمال المخدرات عن طريق الحقن والعلاقات الجنسية غير المشروعة.

وهناك 187 حالة من العينة البالغة 200 فرد (89%) مصابون بفيروس (c) ولم يعثر على إصابات بمرض الإيدز بين أفراد هذه العينة. وكان استعمال الإبرة المشتركة في 69% من الحالات.

ودحضت نتائج الدراسة نظرية هبوط الفعالية الجنسية بالنسبة للمعتمدين على المخدر، إذ تبين أن أكثر من نصف المبحوثين أفادوا باستمرار نشاطهم الجنسي وتكراره في السنة الأخيرة. كما أقر 48.5% بنشاطهم الجنسي في أماكن الدعارة، وقد يكون ذلك من أهم طرق انتقال العدوى لهذه الأمراض.

وفي النهاية تطرح الدراسة ما مؤداه أن التحول من عادة شمّ الهيروين أو تدخينه إلى الحقن بخليط من المواد المخدرة والمنشطة يزداد انتشاره بشكل سريع، فقد تحول 49% من الحالات التي كانت تستعمل المخدرات بالشم أو التدخين إلى أسلوب الحقن في السنة الأخيرة. وتتكوّن مواد الحقن، الخليط، من مواد مخدرة غير محظورة تباع في الصيدليات وتخلط بمواد أخرى محظورة قانونا.

وقد أيدت نتائج بحوث أخرى أجريت في مناطق مختلفة في آسيا، نماذج مستحدثة في استعمال المخدرات وأن التحول من التعاطي التقليدي للأفيون إلى طرق الحقن يعتبر من أهم العوامل المساعدة للازدياد السريع في معدلات الإصابة بمرض الإيدز بين مستعملي المخدرات عن طريق الحقن.

ويمكن بناء على ما سبق القول إن هذا التحول في طرق التعاطي في باكستان إنذار مبكر لمخاطر كبرى يمكن اتخاذ إجراءات فعالة نحوها.

يتبع

طرق علاج وتأهيل مدمني المخدرات

فى بداية الاهتمام بمكافحة المخدرات وتعاطيها وإدمانها كان ينظر إليها كما ينظر إلى الجراثيم والميكروبات التى تهاجم الناس وتصيبهم بالمرض فبدا الأمر وكأن المتعاطي إنسان لا إرادة له استدرجه تاجر المخدرات وأعوانه حتى جعلوه يدمنها فلما انفق كل ما يملكه عليها تحول إلى مروج لها يغرر بالناس كما غرر به. وهذا ليس صحيحا إلا فى حالات قليلة للغاية، أما فى الغالبية العظمى من الحالات فإن تعاطي المخدرات وما تبعه من إدمان كان عملا واعيا أقدم عليه الشخص عن علم واختيار وبإرادة كاملة لا ينتقص منها أن يكون قد تأثر بعوامل نفسية أو اجتماعية.

ونتيجة لهذه النظرة الضيقة إلى المخدرات وجهت الحكومات ومؤسساتها على اختلافها اهتمامها إلى الأشخاص الذين يجلبون المخدرات والذين يتجرون فيها فشددت عقوباتهم المرة تلو المرة، لعل ذلك يثنيهم عن جلبها والاتجار فيها. ولم تنس المتعاطي والمدمن، فشددت العقوبة المنصوص عليها فى القانون بالنسبة لهما أيضا كي يفيقا ولا يدعا هؤلاء وأولئك يخدعونهما أو يغررون بهما.

وهكذا فات الحكومات أن تدرك أن تشديد العقوبات، سواء بالنسبة للجالبين والمهربين والتجار، أو بالنسبة للمتعاطين والمدمنين لا يكفى بذاته لمنع الفريق الأول من جلب المخدرات والاتجار فيها ولا لصرف الفريق الثاني عن تعاطيها وإدمانها.

وبالنسبة للفريق الأول فقد سبق أن أجريت دراسة إحصائية تحليلية لجرائم جلب المخدرات والاتجار فيها قبل تشديد العقوبات وبعد تشديدها تبين منها أنه عقب التشديد مباشرة حدث انخفاض شديد فيها بلغ 50% استمر ستة أشهر فقط ثم عاد إلى الارتفاع شيئا فشيئا حتى بلغ 100% بعد عام واحد ثم بلغ 200% بعد عامين وهكذا حتى أصبح كالمتوالية الحسابية، الأمر الذى دل على أن تشديد العقوبات لا يكفي وحده لمنع الجلب والاتجار فيها أو حتى للحد منهما وإنما يجب، فضلا عن ذلك، منع الطلب على المخدرات أو خفضه إلى أدنى حد ممكن. ذلك أنه طالما وجد المهربون والتجار أن المخدرات تعود عليهم بأرباح ضخمة لا تدرها أي تجارة أخرى فإنهم لن ينصرفوا عنها مهما كانت المخاطر التي تكتنفها والتي يظنون دائما أنهم قادرون على تجنبها والتغلب عليها. من ذلك أن سعر الكيلوغرام من الأفيون فى البلاد المنتجة لا يزيد على عشرة دولارات بينما هو فى البلاد المستهلكة عشرة آلاف دولار. وفى صناعة الكوكايين يعود توظيف مائة دولار على صاحبها بفوائد تقدر بحوالى مائة الف دولار!.

وهنا يأتي دور الفريق الثاني أى المتعاطين والمدمنين فهم الذين يشترون المخدرات بالأسعار التى يحددها التجار ومن قبلهم المهربون والجالبون فيحققون لهم الأرباح الطائلة التى تشجعهم على الاستمرار فى هذه التجارة. وهو ما رأت الحكومات أن تشديد العقوبة من شأنه أن يجعلهم يفيقون فينصرفون عنها ويكفون عن شرائها ونسيت أن هذا إن صح بالنسبة لمن يتعاطون المخدرات التي لا تحدث إدمانا فإنه لا يصح بالنسبة للمخدرات التى يؤدي تعاطيها إلى الإدمان والذين لن تخيفهم العقوبة مهما كانت شديدة لأن حالة الإدمان تجعلهم يستخفون بكل شىء. وبالتالى فإن الطلب سيبقى وسيقوم التجار بتلبيته مهما كانت المخاطر التى سيعوضونها برفع الأسعار وهم على ثقة من أن المدمنين لن يستطيعوا التوقف عن الشراء وإنما سيبذلون أقصى ما في وسعهم من الجهد للحصول على المال اللازم للشراء. أما إذا افترضنا عجز التجار عن توفير "الصنف" فإن ذلك لن يجعل المدمن يتوقف بل سيعمل من جانبه للحصول على البديل الذى قد يكون أشد ضررا من النوع الذى أدمنه.

ولعل عدم ظهور آراء مبتكرة ومواقف غير تقليدية من مشكلة المخدرات يرجع إلى هذا الوضع غير العملى الناشئ عن اعتقاد المشرع أن الأمر لا يحتاج إلى أكثر من الجهود الشرطية المستمرة والأحكام القضائية السريعة والقاسية وبالتالى لم يكن غريبا أن تكلل جهودهم بالفشل الذى كشفت عنه الزيادة المستمرة في جرائم المخدرات من كل الأنواع وزيادة أكبر فى الكميات التى يتم ضبطها والتى ترى الأمم المتحدة أنها تساوى 10% من الكمية الإجمالية التى يجري تهريبها إلى داخل الدولة.

ولا ننكر أنه كانت هناك جهود بذلت على هامش المكافحة الشرطية- القضائية مثل الوعظ من جانب بعض رجال الدين فى المساجد وغيرها من أماكن الصلاة ، والنصح والإرشاد من جانب بعض الأطباء والباحثين فى مجال المخدرات فى الإذاعة والتلفاز، فضلا عن المؤتمرات والندوات وورش العمل. وكما نلاحظ فإن هذه الأنشطة كلها موجهة إلى الجميع مدمنين وغير مدمنين كما أنه يعيبها السطحية الشديدة الناشئة عن أن الذين قاموا بها كانوا ولا يزالون على ثقة من أن شيئا جادا لن يتحقق والأمر فى حقيقته لا يزيد عن أن يكون "سد خانة" كما يقول العوام أي التظاهر بقضاء واجب لا أكثر.

بداية الاهتمام بالعلاج

على الرغم من أن تعاطى المخدرات هو من المشكلات القديمة في عالمنا العربي فإن التفكير فى علاج المدمنين لم يظهر عندنا إلا بعد أن قرر المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة عام 1958 أن يدعو إلى عقد مؤتمر لإقرار اتفاقية وحيدة للمخدرات، من أجل استبدالها بالمعاهدات المتعددة الأطراف التي كانت قائمة فى ذلك الوقت. وقد بلغ عدد الدول العربية التي شاركت فيه سبع دول هي الأردن وتونس ومصر وسوريا والعراق ولبنان والمغرب. وثمانى دول إسلامية هي أفغانستان والبانيا وإندونيسيا وإيران وباكستان والسنغال
وتركيا ونيجريا، أي خمس عشرة دولة عربية وإسلامية من إجمالي 73 دولة حضرت المؤتمر الذي أصدر عدة قرارات من بينها القرار الثاني الخاص بمعالجة مدمني المخدرات والذي كان نصه:
"إن المؤتمر اذ يشير إلى أحكام المادة 38 من الاتفاقية المتعلقة بمعالجة مدمني المخدرات وتأهيلهم:
1- يعلن أن معالجة المدمنين في المستشقيات فى جو خال من المخدرات هو من أنجع وسائل المعالجة.

2- يحث الدول الأطراف التي يشكل فيها إدمان المخدرات مشكلة خطيرة على توفير هذه المرافق، فيما لو سمحت مواردها الاقتصادية بذلك".

وهو نفس ما حرصت عليه اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية حيث أجازت للدول الأطراف أن تطبق على المتعاطي -بدلا من العقوبة- تدابير أخرى مثل العلاج أو الرعاية اللاحقة أو إعادة التأهيل بهدف إعادة دمجه فى المجتمع (المادة الثالثة فقرة رقم 3- ب، ج، د)

وعلى المستوى العربي صدرت الاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية سنة 1994 وقد جاء بالمادة الثانية منها فقرة 3-ج أنه يجوز بالنسبة للمتعاطين استبدال العقوبات بتدابير أخرى مثل التوعية والعلاج وإعادة التأهيل وإدماجهم فى المجتمع والرعاية اللاحقة لهم.

وبتوقيع الدول العربية على الاتفاقيات والبرتوكولات الخاصة بالمخدرات والمؤثرات العقلية بدأ اهتمامها بتطبيقها وخاصة فيما يتعلق بمعاملة المدمنين.

يتبع

أسباب حدوث الإدمان

يحدث الإدمان نتيجة للتفاعل بين ثلاثة عوامل رئيسية هى المخدر والإنسان والمجتمع، وذلك على النحو التالي:
أولا: بالنسبة للمخدر، وهو العامل الأول فى قضية الإدمان، واستخدامه يخضع لعدد من العوامل التي منها:
1- توفر المخدر وسهولة الحصول عليه مما يجعل سعره فى متناول الكثيرين، فتتسع بالتالي الفرصة للتعاطي والإدمان.

2- طريقة التعاطي مثل تعاطي المخدرات بالفم أو الشم فإنه يسهل الإدمان عليها، بينما يقلل استخدامها بطريق الحقن من فرص الإدمان يضاف إلى ذلك مرات التعاطي، فالتعاطي المستمر واليومى يزيد من فرص الإدمان بخلاف الاستخدام المؤقت والذي يحدث في المناسبات كالأعياد والأفراح وغيرها فإنه يقلل من فرص الإدمان.

3- نظرة المجتمع للمادة المخدرة، كأن ينظر إليها بشيء من التسامح لسبب غير صحيح مثل الظن بأن الإسلام حرم الخمر ولم يحرم المخدرات لأنه لم يرد لها ذكر فى القرآن ولا في السنة، وهو ظن خاطئ.

4- الخواص الكيمائية والبيولوجية للمخدر، فقد ثبت علميا أن لكل مخدر خواصه وتأثيراته المختلفة على الإنسان، كذلك ثبت أن أي شخص بعد أن يستخدم أنواعا مختلفة من المخدرات فإنه لا يلبث أن يفضل "صنفا" منها ويدمن عليه، وذلك لوجود نوع من التوافق بين هذا المخدر وتأثيراته من جهة وشخصية هذا الإنسان من جهة أخرى، لدرجة أنه قيل إن الشخص يبحث عن المخدر الذى يناسب شخصيته، وهو ما يقول عنه العوام "المزاج".

فالشخص المصاب بالاكتئاب يستخدم مخدرات تسبب له الإحساس بالرضا والسرور والتعالي. فى حين أن الشخص الذى يعاني من التفكك الداخلي في الذات واضطراب في العلاقات بالآخرين أو في الوجدان والمشاعر وهو ما يعرف بـ(الشخصية الفصامية) يفضل المخدرات التي تساعده على إعادة الانتظام والإحساس بالواقع.

ثانيا: الإنسان الذى يتكون من جسم ونفس يتفاعلان باستمرار لدرجة أنه يصعب الفصل بينهما ولذلك تتداخل العوامل التي تؤثر في النفس مع العوامل التي تؤثر في الجسم وهي التي سنتناولها في ما يلي باختصار:

2- العوامل الجسمية تنحصر في: الوراثة والعوامل المكتسبة والأخطاء الطبية العلاجية وأخيرا الأسباب البيولوجية للاعتماد وهي التي تسمى الناقلات العصبية.

2- العوامل النفسية التي تلعب دورا في التعاطي والإدمان هي:
أ- تخفيض التوتر والقلق.
ب- تحقيق الاستقلالية والإحساس بالذات.
ج- الإحساس بموقف اجتماعي متميز، والوصول إلى حياة مفهومة.
د- الإحساس بالقوة والفحولة.
هـ إشباع حب الاستطلاع.
و- الإحساس بالانتماء إلى جماعة غير جماعته.
ز- الوصول إلى الإحساس بتقبل الجماعة.
ح- التغلب على الإحساس بالدونية.
ط- التغلب على الأفكار التى تسبب له الضيق.
ي- الخروج على القوالب التقليدية للحياة (المغامرة).
ك- حب الاستطلاع وملء الفراغ.

وهناك من يضيفون دوافع أخرى إلى ما تقدم منها على سبيل المثال:
الرغبة فى التجريب- الهروب من المشاكل- الرغبة في زيادة المرح- الرغبة في زيادة القدرة الجنسية- الصراع بين التطلعات الطموح والإمكانات المتاحة- الفشل فى حل الصراع بالطرق المشروعة- الاحساس بالاغتراب والقهر الاجتماعي- الرغبة في الاستقرار النفسي.

يتبع

العوامل الاجتماعية

مشكلة تعاطي المخدرات والإدمان عليها مثلها مثل غيرها من المشكلات الاجتماعية وراءها عوامل اجتماعية عديدة هامة ومؤثرة تتباين من مجتمع إلى آخر، بل ومن

فرد إلى فرد آخر ومن هذه العوامل:
1- العلاقات الأسرية.
2- تعاطي الأبوين أو أحدهما للمخدرات.
3- تأثير جماعات الأصدقاء.
4- السلوك المنحرف للشخص.
5ـ- درجة التدين.
6- وجود المخدر.
6- التدخين وشرب الخمر.
7- وسائل الاتصال الجماهيري.
8- الثقافة السائدة.
9- المستوى الاجتماعي الاقتصادي.

العلاج

علاج الإدمان متعدد الأوجه فهو جسمي ونفسي واجتماعي معا بحيث يتعذر أن يتخلص الشخص من الإدمان اذا اقتصر على علاج الجسم دون النفس أو النفس دون الجسم أو تغاضى عن الدور الذي يقوم به المجتمع في العلاج.

ويبدأ العلاج في اللحظة التي يقرر فيها الشخص التوقف عن تعاطي المخدرات. ومن الأهمية بمكان أن يكون هو الذي اتخذ القرار بالتوقف ولم يفرض عليه وإلا فإنه لن يلبث أن يعود إلى التعاطي في أول فرصة تسنح له. وهنا يثور تساؤل حول القرار الذي يصدره القاضي بإيداع الشخص الذى قدم إلى المحكمة، وثبت لها أنه مدمن، لإحدى المصحات ليعالج فيه لمدة معينة والذي يبدو بجلاء أنه ليس هو الذي اتخذه وبإرادته وإنما فرضته عليه المحكمة وهل يرجح ألا يستجيب للعلاج ولا يلبث أن يعود إلى التعاطي؟ نعم من المرجح أن يحدث ذلك، وهو ما أكدته الدراسات التي أجريت على عينة من المدمنين الذين تم ايداعهم المصحات لتلقي العلاج وتبين أنهم استمروا في تعاطي المخدرات أثناء وجودهم فيها وبعد خروجهم منها.

كذلك المدمنون الذين تلح عليهم أسرهم ليدخلوا المصحات لتلقي العلاج فلا يملكون إلا الموافقة يعد طول رفض، فإنهم لا يتوقفون عن التعاطي أثناء إقامتهم بالمصحات وإلى أن يغادروها وقد فشل العلاج ولم تجن أسرهم غير الخسارة المالية الفادحة والمتمثلة في ما أنفقته على علاج غير حقيقي بالإضافة إلى المبالغ الكبيرة التى حصل عليها المدمن لإنفاقها على المخدر الذى أدمن تعاطيه.

وبالمقابل نرى المدمن الذي اتخذ قراره بالتوقف عن التعاطي، من تلقاء نفسه ودون ضغط من أحد، يقاوم بإصرار حالة الانسحاب التي تعتريه ويتحمل ما تسببه له من آلام مستعينا بما يعتقد أنه يساعده على المضي فيما قرره كالصلاة والصوم وضروب العبادة الأخرى فضلا عن وسائل العلاج البدني والنفسي. وهو ما لاحظناه في الحالات التي حالفها التوفيق.

لذلك لم يكن غريبا أن تكون نسبة الذين لم يفلح معهم العلاج وعادوا إلى الإدمان 64% من العدد الإجمالي لمن دخلوا المصحات للعلاج.

بعد أن يلمس الطبيب رغبة المدمن في العلاج وسعيه إليه يبدأ في البحث عما إذا كان قد سبق له أن تلقى علاجا أم لا، لاحتمال أن يكون للعلاج الذي تلقاه أثر ولكنه لا يظهر إلا متأخرا، وهو ما يجب أن يأخذه بعين الاعتبار، خاصة بعد ما تبين من أن أطول البرامج العلاجية وأحسنها تنظيما أسفرت عن نتائج لم يكن من الممكن التنبؤ بها.

كذلك من الأهمية بمكان التعرف على شكل العلاقة بين المدمن وبيئته الاجتماعية لعلاقة ذلك بالنتيجة التي سينتهي إليها العلاج من حيث النجاح أو الفشل، فالأشخاص الذين يتلقون دعما اجتماعيا أو أسريا يتوقع لهم أن يتحسنوا أكثر من هؤلاء الذين لا يتلقون مثل هذا الدعم.

وباختصار فإن المشكلة التى تعترض طريق تقدير العلاج هي تحديد ما الذي يحاول ذلك العلاج تحقيقه ولدى أي نوع من الأفراد. وبغض النظر عن طرق العلاج وأساليبه فإن تعاون المدمن مع من يقومون بعلاجه من أجل الشفاء من الإدمان يلعب دورا بالغ الأهمية في حدوث ذلك. غير أنه كثيرا ما يحدث أن من يتعاطون المخدرات أنفسهم يقاومون العلاج، وأنهم ولأسباب غير مفهومة لا يرغبون فى الإقلاع عن الإدمان أو تلقي المساعدة وكثيرا ما قيل، بدرجة كبيرة من الاطمئنان، أنه لا يوجد شيء يمكن لأي شخص أن يعمله إذا لم يرد المدمن أن يساعد نفسه.

لذلك يجب أن يحاط المدمن علما، منذ البداية، بالاحتمالات المختلفة سواء منها المصاحبة للعلاج أو التالية له حتى إذا لم يتحقق النجاح المنشود لم يصب بخيبة أمل كبيرة أو يفقد ثقته في المعالج. كما يجب أن يكون واعيا بدوره فى نجاح العلاج وفشله وأن النجاح ليس فوريا أو سريعا بالضرورة بل هو يحتاج لبلوغه إلى قدر كبير من الصبر والتحمل.

وحتى قبل أن يتقدم المدمن لتلقى العلاج فإن سعيه التلقائي إلى الشفاء من الإدمان أو الإقلاع التام عن التعاطي يجب أن يقترن لديه بالاعتقاد بوجود احتمال راجح لشفائه وهو ما يفوق في القيمة والأثر العلاج الطبي المتسم بالرعونة وعدم التعاطف أو المبالغة في التعاطف كأن يحاول الطبيب أن يعالج المدمن بتقديم مخدرات بديلة للمخدر الذى يدمنه وهو تصرف من شأنه أن يجعل التخفيف التلقائي من التعاطي أقل احتمالا لأن يتحقق، وفي أسوأ الاحتمالات يكون مصدرا لمدد قاتل من المخدرات السامة.

وبطبيعة الحال فإننا لن ندخل في تفاصيل العلاج وذلك لسببين، الأول لأنه يختلف من شخص إلى آخر، والثاني لأنه يشتمل على جهود عديدة طبية ونفسية واجتماعية بينها درجة عالية من التشابك تحتاج من أجل أن تحقق النتائج المنشودة إلى علم وخبرة وإيمان المختصين بالإضافة إلى تعاونهم مع المدمن ومع أسرته وكل من يهمهم أمره وتعاون هؤلاء معهم.

مصحات علاج المدمنين
بقي الحديث عن المصحات المخصصة لعلاج المدمنين والتي نصت القوانين الخاصة بالمخدرات على إنشائها لإيداع المدمنين بها المدد اللازمة لشفائهم من الإدمان والتي بدونها يتعذر مواجهة هذه المشكلة. وقد تبين عدم وجود بيانات عما يوجد من مصحات على مستوى العالم العربي لا من حيث عددها أو نظام العمل فيها ولا من حيث طرق العلاج المتبعة فيها أو عدد المتعاملين معها ونسبة الذين نجح معهم العلاج وذهبت جهودهم سدى للحصول على أي بيان منها سواء من جامعة الدول العربية أو من صندوق الإدمان.

وأخيرا هداني تفكيري إلى الرجوع إلى البحوث التي أجراها الدارسون من أبناء الدول العربية ممن التحقوا بدورات المخدرات التدريبية التى ينظمها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية منذ نيف وثلاثين عاما، وهي بحوث شديدة التواضع بالنظر إلى أن الدارسين لم يسبق لهم إجراء بحوث بالإضافة إلى قصر مدة الدورة، مما لا يتيح لهم وقتا كافيا للرجوع إلى المراجع وتتبع المصادر فتأتي البحوث ضعيفة فى الغالب الأعم.

ونبدأ بالمملكة العربية السعودية التي أقيمت فيها مستشفيات سميت مستشفيات الأمل وذلك عام 1407 هجرية (1986 ميلادية) في ثلاث مدن هي: الرياض والدمام وجدة وخصصت لعلاج مدمني المخدرات وتأهيلهم للعودة للمجتمع والاندماج فيه.

وفيما يتعلق بالعمل في المستشفى يوجد فريق مكون من أخصائي اجتماعي وأخصائي نفسي وطبيب نفسي، فضلا عن طاقم التمريض، يبدأ عمله بعد تحويل المدمن إلى المستشفى حيث يستقبله العاملون في قسم الاستقبال ليثبتوا البيانات الخاصة به ثم يحيلونه إلى الأخصائى الذي يقوم بدراسة حالته من جميع جوانبها والوقوف على أهم الأسباب التي دفعته إلى التعاطي فالإدمان وتدوين ذلك في استمارة سرية، ثم بعد ذلك يحيله إلى بقية الفريق المعالج ليتعاملوا معه كل حسب اختصاصه. ويعقد فريق العمل اجتماعا دوريا لوضع خطة العلاج في ضوء الظروف الصحية والنفسية والاجتماعية للمريض ثم يبدأ في تلقي العلاج الذي يشمل جسمه ونفسه وظروفه الاجتماعية.

ويشتمل كل مستشفى على 280 سريرا فضلا عن الآتي: مسجد، صالة طعام، قاعة محاضرات تتسع لأكثر من 300 شخص، صالة للألعاب الرياضية ومكتبة.

ولا ندري إن كانت توجد مصحات غير تابعة للحكومة (قطاع خاص) أم لا.

وفي المملكة الأردنية لم تنشأ مصحات لعلاج المدمنين واكتفي بفتح أقسام في بعض المستشفيات ومنها مستشفى الأمراض العقلية في عمان، الأمر الذي جعل المدمنين يعزفون عن اللجوء إليه لتلقي العلاج خوفا من أن يظن الناس أنهم مجانين، فلا يتعاملون معهم أو يسخرون منهم أو لاعتقادهم بأنهم سيوضعون مع المجانين فيصيبهم منهم أذى أو تنتقل إليهم عدوى الجنون!.

غير أنه توجد مصحات تابعة للقطاع الخاص يتعامل معها المدمنون الأُثرياء القادرون على تحمل نفقات العلاج الباهظة وهو علاج يستغرق وقتا طويلا وغالبا ما ينتهى بالفشل.

ويشبه الوضع في مصر نظيره في الأردن حيث أنشأت وزارة الصحة قسمين للعلاج من الإدمان أحدهما في مستشفى العباسية للأمراض العقلية والآخر في مستشفى الخانكة وهو أيضا لمصابين بأمراض عقلية وكلاهما لا يستقبل إلا عددا قليلا للغاية من المدمنين الذين تحيلهم المحاكم لتلقي العلاج بدلا من سجنهم. أما فى المحافظات فإن أقسام علاج المدمنين تلحق بالمستشفيات وهي في الغالب الأعم فقيرة للغاية في إمكاناتها وفي الإخصائيين والأطباء وغيرهم، لذلك نادرا ما تنجح في تخليص أحد من الإدمان بل تباع فيها المخدرات على اختلافها بواسطة العمال والممرضين وتجار الصنف كما يأتي بها الزوار من خارج المستشفى، سواء منهم زوار المدمنين أو زوار المرضى الآخرين الذين يتلقون العلاج في الأقسام الأخرى من المستشفى، ليس ذلك فحسب، بل إن بعض هؤلاء المرضى لا يلبث أن يتعاطى المخدرات فيدمن!

وبالنسبة للمدمنين الأثرياء توجد مصحات كثيرة كبيرة وفاخرة لا تقل عن الفنادق من فئة خمس نجوم وتقع في مناطق هادئة كحلوان والمعادي والمهندسين وطريق مصر الإسماعيلية الصحراوي وهي تتقاضى مبالغ ضخمة مقابل إقامة المدمن وعلاجه وإعادة تأهيله غير أنه يندر أن يتخلص أحد من زبائنها من الإدمان!

أما اليمن فإنها، بالنظر إلى أوضاعها الاقتصادية غير المواتية، لم تتمكن من إنشاء مصحات خاصة لعلاج المدمنين واكتفت بفتح أقسام ألحقتها بالمستشفيات الحكومية يتردد عليها عدد قليل من مدمنى القات الذين تحالف ضدهم الإدمان والأمراض على اختلافها وكبر السن.

م/ن

الله يكفينا شر المخدرات

بالتوفيق

تسلم وجزاك الله الف خير

أستغفرك يا رب من كل ذنب