علم مصطلح الحديث
المقدمة :
يخيل إلى كثير من الناس أن هذا اللون من الدراسة سهل ميسر ، وأن طريقه آمن معبد ، و أن الأقدام فيه ثابتة لا تزل ، لأن علماءنا السالفين الأبرار مهدوه كل المهد ، وما تركوا لأمثالنا شيئاً نزيده ، فما علينا إلا أن نغترف من بحرهم قانعين بتلخيص تصانيفهم وأقوالهم فكان لزاماً علينا ان نبادر بتصحيح هذا الخطا الشائع ، جازمين بأن هذا اللون من الدراسة أشد وأحوج إلى طول الجهد والعناء من تحقيق النصوص ونشر المخطوطات ؛ لأنه يجمع في آن واحد بين التأليف والتحقيق ، ويحاول أيضاً إحكام الربط بين النتاج القديم والمنهج الجديد .ولو أخذنا بالرأي السائد بين المحدثين ، ولا سيما المتأخربن منهم ، لرأينا الحديث والسنة مترادفين متساوين ، يوضع أحدهما مكان الآخر ، ففي كل منهما إضافة قول أو فعل أو تقرير أو صفة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بيد أن رد هذين اللفظين إلى أصولهما التاريخية يؤكد وجود بعض الفروق الدقيقة بين الاستعمالين لغة واصطلاحاً ، وبإذنه تعالى سنتطرق لمعنى كل منهم في هذا التقرير .
واستعمل الشاعر أبو كلدة في بيت واحد المثل والأحدوثة وكأنما ليشير إلى ترادفهما فقال :
" ولا تصبحوا أحدوثة مثل قائــل
به يضرب الأمثال من يتمثل "
وفي هذا التقرير بإذن الله نحاول عرض مقتطفات عن علوم الحديث وعن بعض الرواة ،
الموضوع :
* تعريفه :
هو علم بأصول وقواعد يعرف بها أحوال السند والمتن من حيث القبول والرد.
ينقسم علم الحديث إلى قسمين :
1) ) علم الحديث رواية
2) ) علم الحديث دراية
(3) علم الحديث رواية :
وهو العلم الذي يختص بنقل أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وروايتها وضبطها وتحريرها.
* علم الحديث دراية :
هو علم يعرف منه حقيقة الرواية وشروطها وأنواعها وأحكامها وحال الرواة وشروطهم وأصناف المرويات وما يتعلق بها
* وشروط الروايــة :
تحمل راويها لما يرويه بنوع من أنواع التحمل من سماع أو عرض أو إجازة ونحوها.
وحال الرواة : العدالة و الجرح
* الحديث: تعريفه لغة :
الخبر والجديد, وعلى هذا المعنى جاء قوله تعالى : (هل أتاك حديث موسى) أي خبر موسى, وقوله سبحانه : (ما يأتيهم من ذكر من ربهم مُحْدَث إلا استمعوه وهم يلعبون)( أي جديد, وقد وردت آيات في القرآن الكريم استعمل)
فيها لفظ (الحديث) مرادًا به القرآن الكريم نفسه كقوله تعالى : (فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفًا)
*واصطلاحًا :[/COLOR
]ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو وصف خَلقي أو خُلقي حقيقة أوحكما حتى الحركات والسكنات في اليقظة والمنام.
* مكونات الحديث: السند – المتن – الطرف.
السند :
في اللغة: هو كل ما يسند إليه ويعتمد عليه
في الاصطلاح : سلسلة الرجال الذين نقلوا المتن عن مصدره الأول وهو الرسول صلى الله عليه وسلم " رواة الحديث"
المتن :
في اللغة : صلباً وقوياً ومتين
في الاصطلاح : هو نص الحديث وهو الذي يوصله رجال الحديث .
* علماء الحديث :
أمير المؤمنين: هو من أحاط علما بأغلب الأحاديث حتى لا يفوته منها إلا اليسير.
الحافظ: هو من يعرف من كل طبقة أكثر مما يجهله, وهو من يشتغل بعلم الحديث رواية ودراية.
المحدِّث: هو من يشتغل بعلم الحديث رواية ودراية ويطلع على كثير من الروايات وأحوال رواتها.
المسند: هو من يروي الحديث بسنده سواء أكان عنده علم أم مجرد الرواية
شروط الراوي :
(1) العقل (2) والضبط (3) والعدالة (4) والإسلام
شروط لابد منها لقبول الرواية ، فلو فقدها الراوي او فقد بعضها ردت روايته ، وترك حديثه . وإلى هذه الشروط الأربعة تؤول أقوال نقاد الحديث من قدامى ومتأخرين .
الخاتمة :
ربما نكون قد عرضنا بعض المصطلحات والتعاريف والمعلومات الهامة عن علم الحديث ولكن ليس هذا فقط ما في جعبة هذا العلم ، فلو تعمقنا في علم الحديث ومصطلحه لوجدنا الكثر من المعلومات القيمة التي تستحق منا القراءة و العناية والمعرفة .
وربما يغفل كثيرون من الناس عن أهمية نقل الحديث بصورة سليمة كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ويغفلون ايضاً ما لهذا العمل من آثار سلبية كإضعاف الإسلام وأ،ه يجب الحفاظ على هذه الأحاديث كما قالها الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا لأن القرآن الكريم والسنة هما الأساسان الذي يقوم عليهما الدين الإسلامي
المراجع :
(الانترنت ( www.google.com " ويكيبيديا "
الكتب : علوم الحديث ومصطلحه ، تأليف: د صبحي صالح ، دار العلم للملاين
رياض الصالــحين : تأليف : الإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي الدمشقي
**************************
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:كانت السيدة سكينة سيدة نساء عصرها وأوقرهنّ ذكاءً وعقلاً وأدباً وعفة، وكانت تزيّن مجالس نساء أهل المدينة بعلمها وأدبها وتقواها، وكان منـزلها ندوةً دائمة للعلم والفقه والحديث.لقد اشتهرت سيدتنا "سكينة" بهذا الإسم الذي لقّبتها به أمها الرباب. ويظهر أن أمها أعطتها هذا اللقب لسكونها وهدوئها، وعلى ذلك فالمناسب فتح السين وكسر الكاف التي بعدها، لا كما يجري على الألسن من ضم السين وفتح الكاف.أما اسمها الحقيقي فقد اختلفوا فيه، فمنهم من قال "آمنة" ومنهم قال "أمينة"، وآخرون قالوا "أميمة".أما تاريخ مولدها فلم يعرف على وجه الدقة، وإن كانت أكثر الروايات رجّحت مولدها في العام 47هـ. وعلى هذا القول يكون عمرها عند استشهاد والدها الإمام الحسين(ع) في كربلاء حوالي أربعة عشر عاماً….
((من هي السيدة سكينة ))
هي آمنة بنـت الحســين بـن علـي بـن أبي طالب. ولـدت في سنة 47 هـ ، وسـميت باسـم جـدتـها أم النبـي ، ثـم لقـبتها أمـها الـرباب بنت امرئ العتيى بن عدي بن أوس بن جابر تزوجها مصعب بن الزبير بن العوام رضي الله عنهم: بسـكينة ، وقـد استقبل الـبيت الهــاشمـي قبـلهـا مـولـد أخيهـا الشقيق ( عبد الله بن الحسين ) الذي استشهد مع أبيه رضي الله عنه. فقد عاشت السيدة سكينة فاجعة كربلاء فأصيبت بأبيها وبأخويها علي وعبد الله ، وعمومتها وزوجها وبني عمومتها وأصحاب أبيها رضوان الله عليهم أجمعين ، وقد أثرت فيها مصيبة أخيها الرضيع تأثيراً عظمياً حتى أنها لم تستطع أن تقوم لتوديع الحسين ولحظ ذلك سيد الشهداء فوقف يكلمها مصيرا وهو يقول :
سيطول بعدي يا سكينة فأعلمي *** منك البكاء إذا الحمام دهاني
لا تحرقـــي قلبــــي بدمعة حسرة *** ما كان مني الروح في جثماني
فإذا قتلـــت فأنـــت أولى بـالـــذي *** تأتــــينه يا خـــيرة النســـوانِ
المراجع : كتاب السيدة سكينة
صفاتها وحياتها
نبيلة شـــاعرة كريمة مــن أجمــل النســاء وأطيبــهن نفســــا. كانت سيدة نســاء عصــرها ، تجالــس الأجــلة مـن قريــش ، وتجمـع إليـها الشــعراء فيجـلسون بحـيث تراهــم و لا يــرونها ، وتســمع كلامــهم فتفــاضل بينــهم وتنــاقشهم
وتجــيزهم. دخــلت علــى هشـام الخلــيفة وسـألـته عمـامـته ومــطرفه ومــنطقـته ، فــأعــطاهـا ذلك. وقــال أحـد معاصـريها: أتيـتها و إذا ببــابها جــرير والفــرزدق وجــميل و كثـير ، فأمرت لكل واحد بألف درهم.
زواج سكينة :
إن أخبار زواج سكينة بنت الحسين فيها من التناقض والاضطراب والتناقض الشيء العجيب ، مما لا يُقبل لامرأة بسيطة ، فكيف هذا مع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى اشتهر عنها من قبل بعض المؤرخين أنها امرأة مزواج، إذ تزوجت ثماني مرات، وفي هذا مبالغة عجيبة غريبة ، وقد اتفق الشيعة وبعض أهل السنة على أنها تزوجت اثنين فقط هما : ابن عمها الحسن، وقيل هو عبد الله بن الإمام الحسن – رضي الله عنه، ومصعب بن الزبير، وعذرهم في عدم قبول تلك الروايات، أنها تجمع الرجل وجده في زواجها، وتذكر أناسا ، لا يمكن أن يكونوا على مسرح الأحداث فترة حياة سكينة، حيث كانوا في عداد الأموات.ويرى الباحث هنا أن ما كتب من تاريخ في العصر الأموي، فيه الكثير من تزييف الحقائق والظلم لكثير ممن عاشوا في تلك الفترة من الزمن. وليس هذا في حق آل النبي فحسب ، بل وفي حق الأمويين أنفسهم ، ففي حين نجد بعض المؤرخين يصفون فاطمة بنت عبد الملك زوج عمر بن عبد العزيز بالتقوى والدين والورع، نجد أبا الفرج الأصفهاني صاحب كتاب الأغاني يورد أخبارا في تعرضها لعمر بن أبي ربيعة ، وسماع شعره في الغزل الصريح …
المراجع : كتاب النساء المؤمنات
شخصيتها الاجتماعية:
السيدة سكينة ، كانت بادية الاعتزاز بنسبها العالي وشرفها الرفيع . وكان خصومها لها ، يقرون لها بهذا الاعتزاز ويرونها أهلا لأن تباهي به من تباهي فتسكته.وفي الأخبار ، أن سكينة شهدت يوما مأتما فيه بنت لعثمان بن عفان فقالت العثمانية: أنا بنت الشهيد . فأنكر المجلس أن تفخر بأبيها على مسمع من بنت غذي النبوة سيد الشهداء . على حين أمسكت (سكينة) صامتة لا تعلق ، إلى أن أذن المؤذن من المسجد النبوي للصلاة ، فلما بلغ قوله : ( أشهد أن محمدا رسول الله ) التفتت سكينة إلى بنت عثمان وسألتها :
_ هذا أبي أم أبوك ؟
فأجابت العثمانية في تواضع :
لا أفخر عليكم أبدا.
وكانت شجاعة اللسان والجنان :
سمعت أن ابن مطير _ خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم المرواني _ يشتم جدها كرم الله وجهه ، من فوق منبر جدها عليه الصلاة والسلام ( فكانت تجيء يوم الجمعة لتشهد صلاة الجماعة ، فتقوم بازاء الحارث إذ يصعد المنبر ، فإذا شتم عليا _ كرم الله وجهه _ تصدت له سكينة فشتمه ، ثم أمرت جواريها أن يشتمه ، فلا يملك ابن مطير أن يرد عليها . بل يكتفي بأن يأمر الشرطة بضرب الجواري .
المراجع : النساء في عالمي العرب والإسلام
سكينة شاعرة :
لم نجد من شعرها إلاّ أبياتا قليلة قالتها ترثي أباها الحسين رضي الله عنه ، ولقلة شعرها شكك بعض الباحثين في كونها شاعرة وناقدة، تسمع للشعراء وتنقدهم وفي أمالي الزجّاج عدّة أبيات قالتها سكينة ترثي أباها الحسين رضي الله عنه :
لا تعـذليه فـهمّ قـاطعٌ طُـرقُـه * فعينه بـدمــوع ذُرَّفٍ غدقة
إنّ الحسين غـداة الطف يـرشقه * ريب المنون فما أن يُخطىء الحدقة
بـكفّ شــرّ عبـاد الله كلّهـم * نـسل البغايا وجيش المرّق الفسقة
يا اُمّة السوء هاتوا ما احتجاجكـم * غـداً وجلُّكـم بـالسيف قد صفقه
الويـل حلّ بكـم إلاّ بمن لحقـه * صيّـرتمـوه لأرمـاح العِدا درقـة
يا عين فاحتفلي طول الحياة دمـاً * لا تبكِ ولـداً ولا أهـلاً ولا رفقـة
لكن على ابن رسول الله فانسكبي * قيحاً ودمعاً وفي إثرهما العلقة
المراجع : كتاب النساء في عالمي العرب و الإسلام
سكينة الأديبة الناقدة :
اجتمع بالمدينة راوية جرير وراوية كثير وراوية نصيب وراوية جميل ورواية الأحوص فادعى كل رجل منهم أن صاحبه أشعر ثم تراضوا بسكينة بنت الحسين فأتوها فأخبروها فقالت لصاحب جرير: أليس صاحبك الذي يقول :
طرقتك صائدة القلوب وليس ذا حسين الزيارة فارجعي بسلام
وأي ساعة أحلى للزيارة من الطروق قبح الله صاحبك وقبح شعره ، ثم قالت لصاحب كثير: أليس صاحبك الذي يقول:
يقر بعيــني ما يقـر بعينها وأحسن شيء مابه العين قرت
كأني أنادي صخرة حين أعرضت من الصم لو تمشي بها الصم زلت
صفوحا فما نلقاك إلا بخلية فمن مل منها ذلك الوصل ملت
خليلي هذا ربع عزة فاعقلا قلو صيكما ثم ابكيا حيث كلت
فليس شيء أحب إليهن و لا أقر لأعينهن من النكاح أفيجب صاحبك أن ينكح قبحه الله و قبح شهره.
ثم قالت لراوية جميل: أليس صاحبك الذي يقول:
فلو تركت عقلي معي ما طلبتها ولكن طلا بيها لما فات من عقلي
فان وجدت نعل بأرض مضلة من الأرض يوماً فاعلمي أنها نعلي
خليلي فيها عشتما هل رأيتها قتيلاً بكى من حب قاتله قبلي
ما أرى لصاحبك هوى إنما يطلب عقله قبح الله صاحبك و قبح شهره.ثم قالت لصاحب نصيب: أليس صاحبك الذي يقول:
أهيم بدعد ما حييت فأن أمت فوا حزني من ذا يهيم بها بعدي
كأنه يتمني لها من يتعشقها بعده قبح الله صاحبك و قبح شهره إلا قال:
من عاشقين لراسلا و تواعدا ليلاً إذا نجم الثريا حلقا
باتا بأنعم ليلة و ألذها حتى إذا وضح الصباح تفرقا
قال: نعم. قالت قبحه الله و قبح شعره إلا قال تعانقا.
وخرج كثير في الحج بجمل له يبيعه فمر بسكينة بنت الحسين ومعها عزه وهو لا يعرفها. فقالت سكينة: هذا كثير فسوموه بالجمل فساموه فاستام مائتي درهم. فقالت : ضع عنا. فأبى فدعت له بتمر وزبد، فأكل ، ثم قالت له: ضع عنا كذا و كذا لشيء يسير فأبى. فقالوا أكلت يا كثير بأكثر مما نسألك. فقال : ما أنا بواضع شيئاً. فقالت سكينة: اكتشفوا عنها و عن عزة فلما رآهما استحيا وانصرف و هو يقول: هو لكم هو لكم.
و قالت سكينة لكثير حين أنشدها قصيدته التي أولها:
أشتاقك برق آخر الليل واصب تضمنه فرش ألجبا فالمسارب
تألق واحمو في وخيم بالربى احم الذرى ذو هيدب متراكب
اذا زعزعته ارزم جانب بلا خلف منه و أومض جانب
وهبت لسعدى ماءه و نباته كما كل ذي ود لمن ود واهب
لتروى به سعدى و يروى صديقها و يغدق أعداد لها و مشارب
أتهب لها غيثاً عاما جعلك الله والناس فيه أسوة؟ فقال يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفت غيثاً فأحسنته وأمطرته وأنبته وأكحلته ثم وهبته لها: فقالت: فهلا وهبت لها دنانير و دراهم.
المراجع :
http://www.alkawthar.com http://kassaed.topcities.com
وفاتها :
توفيت سكينة بنت الحسين بن علي رضي الله عنهم في ربيع الأول يوم الخميس عام 117 هـ وعمرها خمس و سعبون عاما في المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام . وكان على المدينة خالد بن عبد الله بن الحارث بن الحكم في عهد هشام بن عبد الملك.
المراجع http://www.mknon.net:
المراجع:
الكتب
1. خير الدين الزركلي الأعلام (قاموس وتراجم)الجزء الثالث
2 . كتاب النساء في عالمي العرب والإسلام ، الجزء الثاني
3. كتاب سكينة بنت الحسين
4. كتاب النساء المؤمنات ،
المواقع الإلكترونية :
http://www.alkawthar.com/husainia/mosoa/ 258.htm
http://kassaed.topcities.com/M1.ht
http://www.mknon.net/nesa42.ht
الخاتمة:
ها قد وصلنا إلى النهاية وعلمنا من ولادة السيدة سكينهـ إلى وفاتها وتكلمنا عن شعرها وثقافتها…
الفهرس :
المحتوى الصفحة
إهداء 2
المقدمة 2
من هي السيدة سكينة 3
صفاتها وحياتها 4
شخصيتها الاجتماعية 5
سكينة الشاعرة 6
سكينة الأديبة الناقدة 7
وفاتها 10
المراجع 11
الخاتمة 12
****************
العفه
المحتويات :
• المقدمة .
• معنى العفة .
• عوامل تحقيق العفة .
• ثمار العفة .
• ثمار عامة .
• عوامل تضييع العفة .
• أوهام وشبهات .
• المخاطر الناشئة عن ترك العفة .
——————
المقدمة :
يأتي هذا الموضوع ضمن دروس سلفت لفضلاء من أهل العلم والمشايخ ، كان أكثرها يدور حول موضوع المرأة من الأسرة وبناء المجتمع الإسلامي في ظل هذه التغيرات العظيمة في المجتمعات المعاصرة وفي ظل الهجمة الشرسة على نظم الإسلام وتشريعاته وفي ظل الإنحرافات السلوكية الأخلاقية التي غزت بلاد الإسلام والمسلمين عبر الفضاء من خلال القنوات الإعلامية وعبر المخالطة من خلال السفر والإختلاط ونحو ذلك الى أسباب أخرى كثيرة .
وموضوع اليوم يتعلق بأساس مهم وركيزة عظمى من ركائز حفظ المجتمع المسلم ؛ لأن أمر العفة كما سيأتي عظيم وحتى ننتفع بالوقت ونحاول أن نلم بأطراف هذا الموضوع الذي يتشعّب في الحقيقة إلى موضوعات كثيرة جدير بكل منها أن يفرد بحديث مستقل .
أولاً : معنى العفة .
ثانياً : عوامل تحقيق العفة .
ثالثاً : ثمار ومنافع العفة حينما تتحقق في واقع المجتمع .
رابعاً : عوامل تضييع العفة .
خامساً : الأوهام والشبهات الباطلة المتعلقة بهذا الموضوع .
سادساً : المخاطر والآثار السلبية الناشئة عن التفريط في العفة .
معنى العفة
العفة لغة : قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة : " العين والفاء أصلان صحيحان، أصل الكلمة مبني على هذين الحرفين ، ويرجعان الى أصلين صحيحين ، الأول : الكف عن القبيح والثاني الدال على قلة الشيء " .
فأصل الكلمة يعود الى الكفّ عن القبيح ، وإلى معنى آخر وهو قلة الشيء ، وبينهما ربط يأتي الحديث عنه ، ثم قال : " العفة الكف عما لا ينبغي والعفة، وهو الأصل الثاني بالضم هو بقية اللبن في الضرع " .
أي هو الشيء القليل كما مضى في الاصل الأول ، وقال الراغب الأصفهاني في مفردات القرآن : " العفة وصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة " .
أي هذه العفة معنى يقوم بالنفس فيمنع في غلبة الشهوة فيما حرم الله – سبحانه وتعالى – قال : " والمتعفف هو المتعاطي للعفة بضرب من الممارسة والقهر، وأصله أي أصل معنى العفة الإقتصار على تناول الشيء القليل الجاري مجرى العفافة " .
وهذا هو الضبط بين المعنيين فالعفة الكف عن الحرام ، ومن كف عن الحرام ؛ فإنه يأخذ القليل من الحلال يكفيه ويعفه ويحصل به النفع له فيمتنع به الضرر عنه وعن غيره في بناء المجتمع المسلم ، وقال صاحب لسان العرب : " العفة هي الكف عما لا يحل ويجمل " .
الأمر هنا في كلامه أوسع ، فالمراد هو الكف عن المحرَّم وعن ما يجمل أيضاً أي عما يكون قبيحاً في أعراف الناس الصحيحة ، بمعنى العفة والكف عما لا يتفق مع الذوق العام الذي يكون مستهجناً في أوساط المجتمع المسلم قال : " وعف عن المحارم والأطماع الدنية يعف عفة وعفا وعفافاً فهو عفيف وعف إذا كف، والإستعفاف وهو طلب العفة والعفاف " .
وذلك وارد في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( ومن يستعفف يعفه الله ) .
وقال – جل وعلا – في محكم التنزيل : { وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً } .
أي ليطلبوا العفة والعفاف من طريقها الذي سنشير الى بعض معالمه وملامحه .
العفة إصطلاحاً وما يتصل بمعناها
" والإستعفاف هو طلب العفاف وهو الكف عن المحرم الذي حرمه الله – سبحانه وتعالى – والإكتفاء بما حل وإن كان قليلاً ؛ لأن القليل الذي أحلّه الله هو الذي يشبع الغريزة ويطمأِن النفس ولا يحتاج معه العاقل إذا عرف عواقب الأمور الى الزيادة عن هذا الحد المشروع " .
في مقابل العفة معنى آخر وهو الخبيئة والدناءة ، فثمة رجل عفيف ورجل دنيئ والعفة لا تقتصر في معناها على جنس دون جنس ، فليست العفة خاصة بالنساء دون الرجال بل إمرأة عفيفة ورجل عفيف وكذا فيما يقابله .
ثم أيضاً فيما يتصل بمعنى العفة أن نعرف طبيعة النفس الإنسانية، فالنفس كما وصف النبي – صلى الله عليه وسلم – في بعض مناحيها ( أن ابن آدم لو كان له واد من ذهب لابتغى ثانياً، ولو كان له واديان لابتغى ثالثاً، ولا يملأ فم ابن آدم الا التراب ) .
فطبيعة النفس البشرية أنها لو تركت لهواها لا تشبع ، فالعفة التي هي إقتصار على القليل الكافي هي أمر فيه نوع من التربية والتهذيب للنفس، أما لو تركت النفس كما تشاء فإنها لا تقتصر على العفة بل تتجاوز الى ما وراءها، فإذن العفة تهذب النفس التي في أصل طبيعتها نهم وشغف لا ينتهي مطلقاً، وإن كان النهم في بعض الجوانب يستحسن كما ورد أيضاً في حديث المصطفى – صلى الله عليه وسلم – : ( منهومان لا يشبعا طالب علم وطالب دنيا ) .
فطلب العلم أصله صحيح والنهم فيه محبوب، وطلب الدنيا أصله صحيح ولكن النهم فيه غير مرغوب لأنه لا ينتهى الى حد وما يزال الامل بالإنسان حتى يقطعه الأجل ، ولو مُدّ للأنسان لحظة ما في عمره لكان له فيها آمال جديدة يضيفها الى سالف آماله ، فإذن لو تركنا النفس بطبيعتها لما انتهت إلى حد،كالشارب من ماء البحر لا يزيده شرب الماء بملوحته الا الزيادة في العطش ، فإذن لا بد من ضابط ، والضابط ما جاء في شرع الله من قليل نافع كاف حلال يحصل به المقصود ويتحقق به النفع، ومن ثم كان للعفة صلة في معناها بالتوسط والإعتدال، فالعفة عندما تقتصر على شيء وتترك شيء ؛ فإنها تبلغ الوسط الذي لا يبلغ الغاية من مداه ولا يحرم النفس مما تشتهيه وتحتاج إليه، فكانت العفة أيضاً درب من الوسطية ونوع من تحقيق المراد الذي تحتاج إليه النفس من غير إفراط ولا تفريط .
عوامل تحقيق العفة
و هذه العوامل كثيرة وأبوابها متعددة، وحسبنا أن نشير الى الأسس المهمة منها مع تفريع على بعض فروعها .
العامل الأول : الإيمان
فأعظم عاصم من المعاصي وأعظم رادع عن المحرمات، وأعظم مذكر دائم للإنسان يرافقه في سره وعلنه وفي حله وترحاله ، في شهوده وغيبه هو الإيمان بالله – عز وجل – الإيمان الذي يُنشىء مملكة الضمير التي لا تفارق العبد المؤمن فتجعله دائماًً يستحضر أموراً مهمة من أعظمها وأجلها الخوف من الله ، والحياء من الله ، وتذكّر الآخرة .
واستشعار عظمة الله تبعث على الخوف من الله ، وإستشعار نعمة الله تبعث على الحياء من الله ، وإستحضار هول الآخرة يبعث على قمع الشهوة في النفس ودرءها عن تجاوز الحد، ولذلك كانت التربية الإيمانية والزاد الإيماني بأركان الإيمان الستة أعظم ما يقوي العبد على التزام أمر الله ويعينه على المصابرة والإمتناع عما حرم الله وسبحانه وتعالى .
سئل بعض السلف من أهل الإيمان والصلاح والتقى كيف السبيل إلى غض البصر ؟ قال
" علمك بأن نظر الله إليك أسبق من نظرك الى ما حرم عليك "
هل نحن نستحضر مراقبة الله – عز وجل – وإطلاعه علينا، ومعرفته التي أخبرنا بها في كتابه كما قال جل وعلا : { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور } .
هل نتحقق بذلك ونستشعره في خفقات قلوبنا وخلجات أفكارنا وتصرفات جوارحنا ؟
أثر عن بعض السلف أنه كان يربي بعض الصغار من بني قرابته، فكان هذا الصغير ينظر إليه عابداً متهجداً ذاكراً تالياً داعياً لله – سبحانه وتعالى – فالتفت إليه ذلك المربي يوماً وقال له :
" إستحضر في قلبك وإن لم تنطق بلسانك أن تقول : الله شاهدي .. الله ناظري .. الله مطلع عليّ ،كلما هممت بهم أو فعلت فعلا فقل ذلك في قلبك، قال : فما زلت أتعود ذلك وأنا صغير السن، فلما كبرت كان ذلك من نعمة الله عليّ ومن عصمة الله لي " .
ونحن نعلم أمثلة كثيرة منها المثل القرآني العظيم الذي سطرته آيات القرآن في سورة كاملة في قصة يوسف – عليه السلام – { وراودته التي هي في بيتها عن نفسه وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك } .
جاء هذا التوجه الذي فيه كل الإغراء والإغواء مع الأمن والإحكام ، فقال يوسف عليه السلام : { معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي } .
ثم اعترفت وقالت : { ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين } . فماذا كان جوابه ؟ { قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ } .
و ذكر ابن القيم في روضة المحبين قصة في عهد عمر – رضي الله عنه – وهي تتعلق بشاب صالح كان عمر – رضي الله عنه – ينظر إليه ويعجب به ويفرح بصلاحه وتقواه ويتفقده إذا غاب ، فرأته إمرأة شابة حسناء فهويته وتعلقت به وطلبت السبيل إليه فاحتالت لها عجوز، قالت : أنا آتيك به ثم جاءت لهذا الشاب وقالت له : إني إمرأة عجوز ، وإن لي شاة لا أستطيع حلبها فلو أعنتني على ذلك لكان لك أجر، قال ابن القيم في سياق القصة : وكانوا أحرص ما يكونون على الأجر ، فذهب معها، ولما دخل البيت لم يرى شاة ، قال : الآن آتيك بها ، فظهرت له المرأة الحسناء فاستعصم عنها وابتعد منها ولزم محراباً يذكر الله – عز وجل – فتعرضت له فلما آيست منه دعت وصاحت ، وقالت : إن هذا هجم علي يبغيني عن نفسي ، فتوافد الناس إليه فضربوه ، فتفقده عمر في اليوم التالي فأوتي إليه به وهو موثوق ، فقال عمر : اللهم لا تخلف ظني فيه ، فقال للفتى أصدقني الخبر فقص عليه القصة فأرسل عمر إلى جيران الفتاة ، ودعى بالعجائز من حولها حتى عرف الغلام تلك العجوز ، فرفع عمر درّته وقال أصدقيني الخبر، فصدقته لأول وهلة ، فقال عمر : " الحمد لله الذي جعل فينا شبيه يوسف " .
هكذا أورد ابن القيم هذه القصة – رحمه الله – والأمر في ذلك كما قلت يطول .
ومن ذلك الحديث الصحيح الذي ورد في النفر الثلاثة الذي آواهم الغار فسقطت صخرة فأغلقت عليهم باب الغار فدعوا بأفضل الأعمال التي تقربوا فيها وأخلصوا فيها لله، فكان من قول أحدهم : اللهم إنه كانت لي ابنة عم وكنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء ، فأردتها عن نفسها فأبت حتى إذا مرت بها سنون ـ يعني حالة من فقر ، جاءتني في مائة وعشرين ديناراً وتخلّي بيني وبين نفسها فلما تمكنت منها ـ وفي رواية – فلما قعد بين شعبها قالت : اتق الله ولا تفك الخاتم الا بحقه ، قال : فقمت عنها خوفاً من الله عز وجل بعد أن تمكنت منها، فاللهم إن كنت قد عملت هذا العمل اتقاء وجهك ففرج عنا ، فكان هو آخر الثلاثة كما ورد في الحديث .
العامل الثاني : التشريعات
الأحكام التشريعية التي جاء بها الإسلام ، يقول الله عز وجل { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } .
الأحكام التي جاءت في الإسلام تتفق مع فطرة الإنسان ، وتحقق المصالح ، وتمنع المفاسد ، فهي تحقق أعلى المصالح وتدرأ أدنى وأقل المفاسد فضلاً عما هو أكثر منها ، ويمكن أن نسلط الضوء على هذه التشريعات من جوانب ثلاثة :
أولاً : التشريعات الوقائية
وهو متمثل في التشريعات الوقائية ؛ فإن الإسلام حرّم كل الدواعي والطرق والوسائل والمرغبات والمقربات من الحرام ، ومما يحرج العفة ويضيعها ، فحرّم النظر لغير المحرم ولما حرم الله – عز وجل – وفي هذا ما نعلم من قول الله عز وجل : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } .. { قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } .
والنبي – عليه الصلاة والسلام – قال : ( النظرة سهم مسموم من سهام إبليس ) هذا النظر قد حرمه الله عز وجل .
وحاسة السمع أيضاً لها تأثير، فجاء الشرع أيضاً يضبط أمرها، لأن بشار بن برد وكان من فحول الشعراء وكان أعمى، فكان يقول أبياتاً في الغزل والحب والعشق والغرام فسئل عن ذلك وكيف يصف هذه الاوصاف وهو كفيف البصر فقال :
يا قوم أُذني لبعض الحي عاشقة **** والأذن تعشق قبل العين أحياناً
ولذلك قال الله – عز وجل – في شأن نساء المؤمنين ، وفي شأن أمهات المؤمنين على الخصوص { ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض } .
القول المتأنك المتكسر المتميع له وقع في السمع ، وأثر في القلب ، وإبقاء للشهوة ، وميل إلى المحرّم فمُنع ذلك ، والأنف وحاسة الشم أيضاً ورد فيها حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيما إمرأة خرجت متعطرة ليجد الرجال ريحها ما زالت الملائكة تلعنها حتى ترجع ) .
أو كما قال – عليه الصلاة والسلام – وهذه الرائحة أيضاً لأن لها تاثيراً ، بل حتى الصوت قد جاء النهي عنه في قول الله عز وجل : { ولا يضربن بأرجلهن } .
حتى لا يسمع ذلك الصوت الذي يكون في الخلخال فيلفت النظر أو يدعوا إلى الفتنة ونحو ذلك ، ثم اللمس فقد ورد النهي عنه في مصافحة الرجال النساء .
وقد كان هذا فعل النبي – صلى الله عليه وسلم – حيث ورد عنه في هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم بايع النساء وما مست كفه كف إمرأة لا تحل له قط .
وهذا كله من أسباب الوقاية والضبط، حينئذ كل هذه الحواس لها أثر على القلب، فالعين تنظر لكن القلب يتأثر، والأذن تسمع والقلب يتغير، والأنف يشم والقلب هكذا ، فإذا وضعت هذه الحدود والحواجز كما يقولوا خطوط الدفاع الاولى والثانية والثالثة هذه صمامات الأمان فمن أخذ بها وقي بإذن الله عز وجل .
ومن التشريعات الأخرى أيضاً التحريم المطلق للخلوة، كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم
( إياكم والدخول على النساء، قالوا يا رسول الله : أرأيت الحمو، قال الحمو الموت )
وكذلك النهي عن الإختلاط بما يحمله من المعاني التي تقع بها كثير من أسباب الفساد، ومن الأحكام أيضاً أحكام حجاب النساء إذا خرجت المرأة لحاجة أو إذا اضطرت الى أن تقضي بعض أمورها فإنها مدعوة لحكم الله عز وجل أن تتحجب، فهذا الحجاب أيضاً هو تشريع من تشريعات الوقاية والأمن والسلامة، وكما يقال الآن : " درهم وقاية خير من قنطار علاج " .
ودائماًً يقولون : " السلامة قبل وقوع المصيبة " ؛ لأن العلاج بعد المرض أصعب من بعض الأسباب قبل المرض، ولذلك يدعونا الى تطعيم الاطفال ما هي هذه التطعيمات ؟ تطعيمات وقائية قبل حصول المرض، حتى يكون الجسم مستعداً فإذا جاء المرض كان على أهبة الإستعداد لمواجهته وصده بإذن الله – عز وجل – وهذه أيضاً تشريعات وقائية كثيرة، هذا والدعوة للنساء بأن يكنّ غير مختلطات بالرجال { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } .
وهذه تشريعات وقائية .
ثانياً : التشريعات الإجتماعية
وثمة أيضاً جانب آخر وهو التشريعات الإجتماعية ؛ فإن الإسلام أيضاً جاء بتشريعات إجتماعية تحفّظ للمجتمع وعلى المجتمع أمنه وسلامته وصيانته بإذن الله عز وجل .
أبرز هذه التشريعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ليس هناك " ليس لي دخل " في الإسلام لا يوجد هذا الامر كل إنسان مسؤول ، وكل مطالب بأن يقول كلمة الحق ، وأن يؤدي أمانة النصيحة ، لماذا ؟ لأن المرأة المتبرجة أمر الرجل ، الذي يؤذي النساء في المجتمع لا يضر نفسه ولا يضر هذه المرأة ولا تضر المرأة الرجل، وإنما يعود الامر على الجميع ، إذاً فالمضرة تلحقني وتلحقك وتلحق الثاني والثالث، فإذا لم يقم الناس بهذا الامر وهذا التشريع الإجتماعي ؛ فإن الآثار الوخيمة تتسع حتى تشمل كل أحد ولا ينجو منها بعد ذلك الا من رحم الله .
ولا ينجو منها الناجي الا بصعوبة ومشقة وعناء ؛ فإن عالم اليوم نعرف ونرى ونحس ونلمس أنه يغزو الصالحين في عقر بيوتهم ، يغزوهم وهم في الشوارع سائرون لقضاء حوائجهم أو ذاهبون للأسواق لشراء حاجاتهم ، في أي جانب من الجوانب أصبح الغزو ياتيك يمنة ويسرة ، عبر الفضاء ومن تحت الارض ، عبر الاذن سماعاً ، وعبر العين رؤية ، وعبر أمور كثيرة متنوعة متعددة ، لمَ ؟ لأن الناس غضوا الطرف أولاً ومرروا المنكر اليسير حتى صار عسيراً إنكاره ، ثم بعد ذلك تفاقم الامر واتسع الخرق على الراقع .
الآداب التشريعية الإجتماعية التي يتسائل الناس ويترخصون منها مثل الإستئذان وتربية الاطفال وتعويدهم على هذه الامور، والتفريق بين الاخوة من الذكور والإناث في المضاجع كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – ( وفرقوا بينهم في المضاجع لعشر ) .
هذا الامر كله من التشريعات المهمة في هذا الجانب .
ثالثاً : التشريعات العقابية
من لم يلتزم هذه الحواجز وتلك الآداب ، ولم يستمع للنصيحة ، ثم تجاوز الحد ووقع في المحرم تأتي تشريعات الحدود على إختلاف أنواعها الزاني المحصن والزاني غير المحصن وما يتعلق بالجلد والتغريب أو الرجم ، أو كل الأحكام المتعلقة بهذه النواحي لتكون رادعاً ولتكون عبرة لكل من تسوِّل له نفسه أو يدعوه شيطانه الى إرتكاب المعصية أو خرق جاجز العفة في المجتمع، إذاً هذه أيضاً التشريعات أو العامل الثاني وهو عامل التشريع .
العامل الثالث : التربية وأسسها
والتربية أمرها عظيم، فإن الإيمان النظري الذي نحفظه نصوصاً ونقرأه علماً، وإن التشريعات التي نعرف فقهها ونتقنها تفريعاً لا تفيد عنا شيئاً إذا لم تحصل التربية والإلتزام بها .
الأساس الأول : المجاهدة والتعبد
لا بد لنحصل العفة أن نحرص على عمق وقوة وحسن دوام الصلة بالله – عز وجل – أن نكثر التلاوة والذكر والدعاء أن نكثر الصلاة والمناجاة والتبتل والتضرع، أن نكثر الصوم وكل عبادة من العبادات التي تتطهر بها النفس ، ويتزكى بها القلب ، وتنحصر وتضييق فيها مجاري الشيطان ؛ فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) ؛ فإنه نوع من العلاج والتربية ، وقال : ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق فضيقوا مجاريه بالصوم ) .
الأساس الثاني : التنشأة والتعود
وهذا يتعلق بالصغار ونلمحه باختلاف البيئات ، بيئة لا تراعي تربية إسلامية، ففتاة العاشرة عندهم صغيرة السن ، وقد تكون في الثانية عشر وهي ما زالت طفلة وتبلغ الرابعة عشر ولا بأس ولا زالت دون السن الذي يعتقدون أنها تكون فيه في مبلغ النبات أو البالغات ، وكذلك الطفل يظل طفلاً ويدخل على النساء من المحارم وغير المحارم وهو في العاشرة ثم في الثانية عشرة ثم في الخامسة عشر ، فهذا التسبب تلحظه عند من لا يحسن ولا يلتزم التربية الإسلامية .
بينما تجد البيئة الإسلامية الصغيرة التي في الخامسة من عمرها ترى أمها وترى بيئتها تتحجب وتلتزم فتطلب الصغيرة الحجاب قبل وقتها ، وتشعر وتعرف وتدرك بالفطرة التربوية على العادة إن ترك الحجاب أمر قبيح فتنظر الى المرأة غير المحجبة على أنها تفعل فعلا قبيحا، وعلى أنها ليست كأهلها وليست كأمها أو أختها أو خالتها فهذا الشعور يعرفه الصغير بالتنشأة والتعود :
وينشا ناشئ الفتيان فينـا **** على ما كان عوده أبوه
أما من لم ينشا على هذه التنشأة ثم بعد ذلك نأتي له ونقول هذه آيات القرآن وهذه أحاديث كيف وقد عاش هذه البيئة، كيف وقد مارس هذه الممارسة وهذا أيضاً أمر مهم .
الأساس الثالث : المعرفة والتعليم
ينبغي أن نعلم الشباب في أول مراحل العمل، في أول تفتح الذهن بهذه المعاني المتعلقة بالأجر والثواب
( سبعة يظلهم الله في ظل عرشه يوم لاظل إلا ظله … وشاب دعته إمرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله ) .
( ثلاثة حق على الله أن يعينهم … والمتعفف يبغي النكاح ) .
كما ورد في الحديث عن النسائي في سننه، فإذن نعلم ونعرف بهذه المعاني وبأجره عند الله ، ونعرف أيضاً ونعلم بما يعتاد هذا حتى يكون هناك تأسيس صحيح .
الأساس الرابع : التفكّر والتطلّع
القضية التربوية دائماً تعتمد على إحلال الخير محل الشر ، وإن الفراغ بحد ذاته درب من الشر ؛ لأن النفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية ، ينبغي أن نعود الشباب في أول عمرهم على أن تكون أفكارهم وتطلعاتهم وطموحاتهم ترقى إلى رقي الإسلام والى الآفاق الواسعة، لا كما يشيع اليوم في صفوف الشباب من أثر هذه الهجمات التي أشرت اليها، فإذاً كل فكره الفتاة التي يحبها والهندام الذي يتزين به أو العطر الذي يتعطر به أو التسريحة التي يسرحها شعره .
وعلى ذلك قس في جانب الفتيات ما هو أعظم وأدهى الوان للعيون زرقاء وخضراء وألوان الصبغات الشعر من شقراء الى غير ذلك من أمور كل هذا أصبح هو الذي يمأ الفكر ويشغله، أين رسالة الإسلام ؟ أين التفكير في العلم ؟ أين قوة البدن ورياضة الجسم ؟ أين الارتباط بمآسي المسلمين والتفكر في أحوالهم ؟ لو شُغِل الشباب وعُوِّدوا أمر الفتيات على هذه المعاني لكان هناك ما يسمى بنظرية التسامي في التربية التي يسمو فيها الإنسان على الشهوات الطبيعية الفطرية التي إذا أتيح لها الفرصة تتمكن من الإنسان، وإذا شغل الإنسان نقسه بغيرها لم يكن لها ذلك الظهور التي تتحكم فيه .
وأضرب لذلك مثالاً هذه الشهوات مع الإنسان في كل وقت لكنها تضعف في وقت وتظهر وتبرز في وقت، الطالب أو الشباب في سن الطلب من الفتيان والفتيات، معلوم كما قلت ما يشغل بالهم من أثر هذه المؤثرات، لكن إذا جاء وقت الإختبارات ماذا يحصل ؟ لأن عندهم عملاً مهماً وجهداً يبذلونه في هذا العمل وتفكيراً ينشغلون به وإهتماماً قلبياً ونفسياً يتوجهون به الى هذه الإختبارات، في ذلك الوقت وفي هذه الفترة تجد أنهم يدعون مثل هذه الامور جانباً وراء ظهورهم، إذن الامر كذلك في كل وقت لو أننا إستطعنا هذا، وعلى الشاب وعلينا أيضاً أن نغرس هذه المعاني .
الأساس الخامس : القوة والإنتصار
تحصل بقوة الإرادة التي ينتصر بها الإنسان على الدواعي التي تدعوه فيكون حينئذ أسيراً أو عبداً لشهواته، نأخذ مثلاً مقارباً فبعض الناس من أصحاب النهم في الطعام إذا أردت أن تعذبه تمنع منه الطعام أو تقلل كميته، ولو أردت أن تأخذ منه أي شيء امنع عنه الطعام أو قلل كميته ثم أطلب منه شيئاً فسيتنازل ، لماذا ؟ لأن فكره الأول والأخير هو في هذا ، فإذا منع منه يمكن أن يعطي من ماله ممكن أن يعطي ممكن أن يتنازل، المهم أن ينال طلبه، وكذلك في جانب شهوة الجنس، فمن كانت هي كل همه وأعظم شغله فانه قد يبيع أخلاقه، يبيع دينه، يضيع ماله، يسيء إلى سمعته، يسيء إلى أهله .
لكن كل ذلك يغطي عن عقله ؛ لأنه جعل نفسه أسيراً لهذه الشهوة، متى يكون قوياً ؟ ليس القوي الذي يتبع شهوته بل القوي هو الذي يملكها، كما قال – عليه الصلاة والسلام – : ( ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب ) .
هذا مقياس تربوي مهم ، لا بد لنا أن ننتبه له وأن نربط أيضاً أنفسنا بوعد الله – عز وجل – : { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } .
العامل الرابع : التوعية
وما أدراك ما هذه التوعية التي نحتاج اليها ! وللأسف في كثير من مجتمعات المسلمين نجد هذه التوعية عكس المطلوب، التوعية التي نقصدها أن نعزز المنافع والمصالح التي تنشأ من العفة ومن التزام أمر الله – عز وجل – ليس بمجرد قول الله وقول رسوله – صلى الله عليه وسلم – وإن كان هذا يكفي المؤمنين ، لكن فيما يضاف الى ذلك من أمور مصلحية حياتية ، فإنه كما سأعرض لبعض الثمار والمصالح تحصل منافع كثيرة .
عندما يطبق الإنسان شرع الله – عز وجل – وفي المقابل ينبغي أيضاً أن نبين الآثار السلبية، أن نوعي المجتمع والشباب والشابات بأن ما يدور في أفكارهم وما تطمح إليه نفوسهم بعيداً عن منهج الله – عز وجل – سيعود ضرره عليهم عاجلاً أو آجلا، أمراضاً في أجسامهم وقلقاً في نفوسهم وإختلالاً في منهجهم، إلى غير ذلك من الأمور التي أبتلي بها من تركوا أمر الله – عز وجل – ويصدُق في هذه الاوضاع كلها شطر آية من كتاب الله عز وجل : { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً }
ضنك يحصل في الإقتصاد وفي الإجتماع وفي الأمن وفي كل جانب من جوانب الحياة عندما يتخلف الناس عن التزام شرع الله عز وجل، وإذن هذه التوعية أمرها مهم .
العامل الخامس : الإستعانة
وأعظم بالإستعانة بالله عز وجل ؛ فإن هذا الزمان زمان فتن، وإن هذا الزمان زمان شهوات ومغريات ، وزمانٌ صار فيه شياطين الإنس أعظم كيداً ومكراً من شياطين الجن وتفنن الأبالسة ليصرفوا الناس عن دينهم وعن عفتهم و عن أخلاقهم حتى جاءوا بما لا يتصوره العقل وبما يترفع عنه الحيوان البهيمي ، حتى جاءوا بما لا يتفق مع الإنسانية في قليل ولا كثير، فلا بد للانسان أن يستعين بالله – عز وجل – وأن يكثر الدعاء ، وأن يكثر الإلتجاء الى الله عز وجل حتى يصون نفسه عما حرَّم الله وحتى يقوي عزمه في مواجهة هذه المغريات والمثيرات وحتى يسهل له ما يعف به عن نفسه .
العامل السادس : الأخذ بالمباح
لأن هذه الفِطَر والغرائز أمرٌ من أصل خلقة الله – عز وجل – لا يمكن تجاهلها ومن أعظم أسباب العفة تصريف الغرائز البشرية الفطرية الطبيعية فيما أحل الله عز وجل، ومن هذا المباح أمر الزواج، الزواج المبكر الميسر فانه لو فتح هذا الباب لانسدت أبواب من الشر عظيمة ، ولو فتح هذا الباب لسكنت النفوس وغضت الأبصار وعفت الألسنة وانقمعت الفتنة وانزوت الشهوة وزال كثيرٌ وكثيرٌ وكثيرٌ من الأمور التي تشكو منها مجتمعات إسلامية كثيرة، يبلغ الشاب في سن الخامسة عشرة ولا يتزوج الا في الثلاثين في غالب الاحوال فيكون هذا الزمن الممتد عرضة لتحطيم الحواجز وخدش الحياء وتضييع العفة ، وتبلغ الفتاة في العاشرة أو الثانية عشر ولا تتزوج الا في العشرين أو الخامسة والعشرين .
ونرى ونعلم ما يحصل أيضاً من تجاوز هذه الحدود العمرية سواء في الشباب أو الشابات في بعض المجتمعات الإسلامية التي يعجز فيها الفتى أن يتزوج حتى يبلغ الخامسة والثلاثين بل الأربعين ، وتعجز الفتاة عن الزواج حتى الثلاثين وبعد الثلاثين ، وليس هذا كلاماً جزافاً بل كلنا نعلمه في مجتمعات كثيرة ونلمسه ونراه ونعرفه في كثير من بيئاتنا ومجتمعاتنا وذوي قرابتنا، ثم نستسلم أو نقول بالأقوال التي يروجها بيننا دعاة الباطل : الزواج المبكر هذا الذي لا يتناسب مع مقتضيات العصر، لا يتناسب مع هذا الوعي والفكر الذي لدى هذا الشاب الصغير والفتاة الصغيرة ونحو ذلك، والتعسير الذي يقع في الزواج وما يحصل منه وإذن بالإجمال من أهم الأسباب الأخذ بالمباح من الزواج المبكر الميسر، وكذلك حتى من باب أو من أبواب التعدد العادل النافع ؛ فإن شرع الله – عز وجل – أتى بما ينفع ويشفي وبما يدفع الضر ويبعد الأذى عن المجتمع المسلم .
هذه بعض العوامل الرئيسة التي بها تتحقق العفة في المجتمع الإسلامي الإيماني .
ثمار العفة
ماذا نجني عندما نحقق هذه العفة ونلتزمها ونشيعها بين شبابنا وشاباتنا .
الثمرة الأولى : السلامة من الفواحش
والفاحشة هي الأمر الذي يفحش أي الذي يتجاوز الحد وتعافه النفس والفطرة السوية ، قال الله – عز وجل – : { ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشةً وساء سبيلاً } .
فإذن التزامنا بتلك التشريعات وبتلك الجوانب التي ذكرناها، تربية إيمانية، تشريعات وقائية، و تربية إسلامية، وتوعية تنبيهية تحذيرية، وإستعانة بالله عز وجل، كل هذه العوامل ستجعلنا بمنأى عن هذا الدرك والهاوية الخطيرة السحيقة .
الثمرة الثانية : السلامة من أضرار الفواحش
وما أدراك ما أضرار الفواحش ! الذي يتضح به العالم الغربي الذي كسر حواجز العفة من أمور الأمراض الجنسية المعروفة التي حيرت عقولهم ودمرت صحتهم وفتكت بهم وزرعت بينهم الخوف والرعب والتي سبتهم حتى حرية ولذة الاستمتاع الذي كانوا يسعون إليها ويجرون وراءها وكلفتهم وراء ذلك الضرائب العظيمة الضخمة من إقتصادهم وأموالهم التي أُهدرت بملايين الملايين في إجراء الأبحاث والتماس العلاجات والطب ومراكز الابحاث وغير ذلك من الأمور، إضافة الى ما ينشأ عن ذلك من إختلال والإغتصاب مما سياتي ذكره في الشق الآخر .
الثمرة الثالثة : نقاء المجتمع وطهارته
فإذا وجدت هذه العفة لم تر إمرأة متبرجة ولا شاباً متسكعاً، رأيت جِداً في الشباب وعفة في الفتيات، رأيت مجتمعاً ظاهراً نقياً، ليس فيه ذلك الإبتذال ولا تلك الدناءة والخسة .
الثمرة الرابعة : قوة الإرادة
يقول الله – جل و علا – { إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون }
هذه العفة التي تعصم من الحرام تجديد وتقوية وزيادة للإيمان .
الثمرة الخامسة : النجاة من النار
العفة سبب من أسباب النجاة من النار كما ورد في حديث أخرجه أبو يعلى في مسنده والطبراني في معجمه وتكلم بعض أهل العلم في بعض رجاله من أنهم غير معروفين قال فيه النبي – عليه الصلاة والسلام – : ( ثلاثة لا ترى أعينهم النار عين حرست في سبيل الله وعين بكت من خشية الله وعين كفت عن محارم الله ) .
الثمرة السادسة : بقاء اللذة وحتى الخامسة والسبعين
وهي من أعظم الفوائد ؛ لأن الذين يجرون وراء الشهوات يفقدون صحتهم ويفقدون قوتهم التي يفقدون بها هذه اللذة الجنسية، ولذلك أثبتت البحوث العلمية أن القوة باقية ومستديمة بهذا الإعتدال الذي ينشا أولاً عن الإبتعاد عن الحرام ، ثانياً : عن العفة بمعناها الذي ذكرناه وهو الإقتصار على القليل النافع المفيد والإبتعاد عن الكثير الضار ؛ لأنه كما يقولون كلما زاد عن حده إنقلب الى ضده، فهذه مجتمعات الغرب تركت الحبل على غاربه فليس هناك عندهم شيء ممنوع ولا محرم ، زنا ولواط وشذوذ ونحو ذلك، فماذا انتهى إليه أمرهم إنتهوا الى أمراض فيها البرود الجـنـسـي والى أمراض الضعف والآن ببحوث عن علاجات تقوي صحتهم الى غير ذلك من الأمور .
ولذلك جاء في بعض الأبحاث الطبية يقول أحد الاطباء : إنه رأى شيوخاً ناهزوا الخامسة والسبعين وهم لا يزالون في كامل قوتهم وصحتهم ، وهم قادرون على المعاشرة والإنجاب في هذا الباب، فعندما أجريت الأبحاث وسئل هؤلاء فكانت أولا أنهم لم يجعلوا أمراً لم يمارسوا العادة السرية في فترة شبابهم، وعندما بلغوا مبلغ الرجال لم يدخلوا في أبواب الحرام، وعندما تزوجوا أخذوا بالتوسط والإعتدال ثم ابتعدوا عن الامور التي يستخدمها الناس من هذه الامور الطبية فأبقى الله – عز وجل – لهم هذه الصحة ؛ لأن هذا المنهج هو الطبيعي المتوافق مع الفطرة .
ثمار عامة
و من الثمار العظيمة – أيها الإخوة – ما يتعلق بكل ما قيل في ثمار الطاعة وحلاوتها ، وما يتعلق بنورانية القلب ، وما يتعلق بهذه المحاسن الكثيرة والمنافع العديدة التي تاتي في باب ترك المعاصي والتزام أمر الله وسبحانه وتعالى ، من قوة القلب وطيب النفس ونعيم القلب وإنشراح الصدر ، وسلامة الأرض من مخاوف الفساق والفجار وقلة الغم والهم والحزن وعزة النفس عن احتمال الذل وصون نور القلب أن تطفئه ظلمة المعصية وآثارها الوخيمة .
عوامل تضييع العفة
و هي في الجملة عكس ما قلناه في عوامل تحقيق العفة، لكني أشير اليها في أمور محسوسة ملموسة مما نعيشه في واقعنا وفي واقع مجتمعات المسلمين في كثير من بلادهم وبقاءهم، من أهم هذه العوامل :
العامل الأول : الإثارة الإعلامية المحرمة
وهذه اليوم هي من أعظم أسباب تضييع العفة وتهييج الشهوة والدعوة إلى الفسق والفجور وخاصة ما جاء للناس من بلاد القنوات الفضائية ، وما يبثه أهل الكفر وأهل العهر من الكفرة والفاسقين والمنحلين الى الفضاء، والذي خلقه الله لننتفع به فسخره أهل الباطل ليكون مصدراً للفساد، وهو المصدر الذي نزل منه الوحي ونزل منه النور من عند الله – سبحانه وتعالى – فانظر الى جحود ونكور الإنسان كيف يسخر النعمة للباطل وللفساد والإفساد ؟ هذه الإثارة التي تدخل فيها المجلة الرقيعة والقصة الوضيعة والتمثيلية المبتذلة والفيلم الإغرائي إلى آخر ما لا ينتهي حصراً ولا عداً ولا لوناً ولا شكلاً مما يُغزى به المسلمون في عقر دارهم .
والعجب كل العجب ، والغرابة كل الغرابة ، والإندهاش كل الإندهاش من مجتمعات أو أسر إسلامية تسمح أو يسمح فيها رب الأسرة أن يشاهد أبناؤه أو بناته أو هو نفسه مثل هذه الامور ولا يرى في ذلك غضاضة ولا يرى فيها خطراً حتى إذا وقعت الفأس في الرأس كما يقولون ، قال من أنّى هذا ، سبحان الله .
ألقاه في اليم مكتوفا وقال له **** إياك إياك أن تبتل بالماء
كثير من الآباء وربما الأمهات لا يفكرون تفكيراً جاداً ولا ينتبهون إنتباهاً صحيحاً لما يكونون هم سبباً فيه وعاملاً رئيساً من عوامل وقوع أبنائهم في الأمور المحرمة أو وقعهم بعد ذلك فيما لا تحمد عقباه مما تترتب عليه مخاطر وأضرار كثيرة .
العامل الثاني : التغريب الفكري والعملي
بعض الناس اليوم نسي كل الإتجاهات الاربعة ولم يعرف الا الإتجاه الغربي، نسي الشمال والجنوب والشرق، ليس هناك الا غرب ، فقبلته إذا توجه للغرب، وفكره إذا فكر في الغرب ، وبعض الناس فتنوا بهذه الحضارة وبهرجها ونظروا الى أحوالهم على أنها هي التأخر والرجعية والتخلف، وغير ذلك من السمات والأوصاف، وأشاع بعض الناس من بعض الذين فتنوا من الكتاب أو القصاص أو المفكرين أشاعوا هذه القالة بين الناس وبين مجتمعات المسلمين فلا تقدماً الا في الغرب ولا حضارة الا في الغرب، ولا أدب ولا سلوك حضاري الا في الغرب الى آخر ذلك .
وبعد هذا أيضاً الجانب العملي بما وقع أيضاً في كثير من بيئات المسلمين بالسفر المتكرر والإختلاط الدائم بهذه البيئات التي انحلت حتى تحللت فلم يبق فيها شيء يرتبط بشيء مطلقاً، فكثر السفر والسياحة الى تلك البلاد وشد كثير من المسلمين رجالاً ونساءً وأسراً وشباباً وشابات رحالهم وتوجهوا الى تلك البلاد وحصل من ذلك ما حصل من هذه الامور التي نعرفها .
العامل الثالث : إستعباد المرأة
الذي يسمونه تحرير المرأة، الذي سخر المرأة لتكون فتاة إعلام وفتاة غلاف وعرَّاها لينظر الى جمالها ثم يضحك عليها, وينصب هذه ملكة للجمال ، وتلك ملكة لجمال الورود ، وتلك ملكة لجمال الاشجار، والثالثة ملكة لجمال البحار ، الى غير ذلك مما يضطرب فيه العقل ويحار ، وكل ذلك كان من أعظم أسباب الفساد والإفساد حتى في تلك المجتمعات ومن قلدهم وللأسف من مجتمعات المسلمين .
العامل الرابع : التسيب الإجتماعي
على المستوى العام والخاص، على المستوى العام ما نراه – وللأسف – في كثير من البلاد الإسلامية من إقرار الإختلاط في التعليم في مراحله المختلفة، وسأذكر بعض ما يقولون من الأوهام والأباطيل مما يقال ويشاع بين الناس ، وإنه ليس هناك ضرر من هذا الإختلاط وأن العفة في القلب وأن الثقة يبنغي أن تعطى للفتاة وغير ذلك مما يقال، فهناك أيضاً في التسيب الإجتماعي على المستوى العام في هذه الدوائر .
وهناك تسيب إجتماعي على المستوى الخاص في دائرة الأسرة ، فهذا ابن عمها وهذا ابن خالتها وهذا صديق بن عمتها حتى صار الرجال كلهم كالمحارم ، والعجب أيضاً ما يقع من التفريق الذي لا أساس له من الصحة ولا منطق له بالعقل، فتجد في بعض المجتمعات التي فيها بعض المحافظة تتحجب الفتاة ولا ترى الأجانب من الرجال لكن تكشف أو تتكلم أو لا تراعي هذه الأحكام الشرعية مع السائق أو مع الخادم وتقول هذا سائق أو هذا خادم أو العكس بالنسبة للشباب فيقول هذه خادمة أو هذه مربية، سبحان الله كل خادم أو سائق أو عامل أو تاجر هو في الآخر رجل، وكل مربية أو أستاذة هي في الآخر إمرأة، وهذه أيضاً من الامور والثغرات التي ترخص فيها الناس وجنوا من وراها الحنظل والعقلم والمر؟ فوض؟ من وراء ذلك ما وقعت من المشكلات والأمور التي تسمع بعضها أو قليلاً منها في مجتمعنا، ونسمع بالكثير الكثير في مجتمعات أخرى .
العامل الخامس : التشديد والتعسير للمباح
والذي يدفع الى التيسير في المحرم، فنعرف اليوم ما يشاع من أمور لا بد من توفرها للزواج ومهور غالية ولا بد من سكن شكله كذا ولا بد من أثاث لونه كذا ونحو ذلك، مما عقد الامور وصعبها حتى غدا النادر من الشباب من يستطيع الزواج الا بعد معاناة شديدة، وربما بعد الوقوع في حمأة الرذيلة بصورة أو بأخرى نسأل الله عز وجل السلامة والعافية .
أوهام وشبهات
بعض الأوهام والشبهات من التي يروجون بها في مثل هذه الثغرات، أسرد سرداً ثم أقدّر بعض التفصيل، فهذه الموجة الاعلامية الإنحلالية مقبولة بحجة الترفية والترويح عن النفس ولا شيء فيها لأن الإنسان ولأن الشباب والشابات عندنا بحمد الله عندهم عقل ، ولأن المجتمع عندنا – بحمد الله – محافظ .
وهكذا نقول الأقوال الوهمية، والدعاوي غير الحقيقية ونغالط أنفسنا ثم نقف بعد ذلك أمام النتيجة المرّة وغير ذلك مما يقال، وأركز على جانب ربما واحد من هذه الجوانب يتعلق بالنساء على وجه الخصوص ومن يقوم على شؤنهن من الأزواج والآباء، أمر الحجاب فتجد كثيراً من الفوارق والمفارقات العجيبة، فهناك دعاوي كثيرة منها :
أ ـ " الطهارة والعفة في القلب " .
فيقولون أصحاب التضليل والإفساد في المجتمع لا تغرَّنك المرأة المحجبة التي قد تجلبت بالسواد وأرخت الحجاب على وجهها فكم من وراء الحجاب من فتاة تتوسل بهذا الحجاب إلى الفتنة أو إلى الفساد ، فهذه كلمات يقولونها وينمقونها، وكم من فتاة لا يضرها أن تكشف عن وجهها أو أن تحسر عن شعرها أو أن تبدي ذراعها الى آخر ذلك ؛ لأنها واثقة عن نفسها، وهذا الذي يصبونه في الآذان صباح مساء من خلال البرامج الإعلامية، هذه فتاة أنا واثقة بنفسي أنا مؤمنة بقدرتي وقوتي ثم بعد ذلك تزول هذه الثقة وتتحطم هذه القوة ويحصل ما يحصل مما يعلم .
ب ـ " الفتاة ما زالت في سن الشباب فإذا كبرت تحجبت "
وهذه كما يقولون البضاعة البائرة تزول في الحراج لا يريدها أحد فتحجبت بعد أن تكون عجوزاً ، لو لم تتحجب وهي عجوز ما نظر اليها أحد ، وما سال عنها أحد ولا تكلم معها أحد ، بل قد جاء التشريع القرآني بأن القواعد من النساء يختلفن عن غيرهن لأنهن لا ينظر اليهن ولا يرغب فيهن، فالحجاب إنما يكون للمرأة في سن الشباب، والعجب أنك ترى إمرأة كبيرة في السن عليها وقار الحجاب ونور التستر وسيماء الحشمة وهي تمسك في يدها إبنتها وقد تكشفت وتبرجت وتعطرت وتغنجت فإذا سئلت هذه المرأة المحجبة وهي الأم المربية قالت : دعها تتمتع بشبابها ؛ فإن العمر فيه فسحة ، وهذا أيضاً من الأمور العجيبة التي سرت – وللأسف – في مجتمعات المسلمين .
ج ـ " كل ممنوع مرغوب "
فإذا حجبنا المرأة رغبنا فيها وهذا من الأوهام والأباطيل ، فيقال أكشف عنها حتى تصبح أمراً عادياً ولا تلفت النظر ، سبحان الله فلوكان الامر كذلك فمن أين جاء الإغتصاب الذي سمع عنه هناك في تلك البلاد ، ولو كانت هذه القضية تنتهي الى هذا الحد الذي يتصورنه ببلادة ذهن وغباء عقل لما كان بين الرجل وزوجته عشرة ؛ لأنه سيألفها وسيراها ، وبالتالي تصبح عنده شيئاً كأنما هو جزء من الأثاث، هؤلاء يغالطون أنفسهم وينسون أصل خلقة الإنسان وفطرته، وهذه أيضاً من الامور التي تروج بين كثير من فتيات المسلمين .
د ـ "سأتحجب لكن عندما اقتنع أولاً "
هذا ما يقوله بعض الفتيات تقول نحن نريد أن تكون عندنا قناعة، نريد أن نثبت هذا بالعقل، بمعنى أنها لا تريد أن يكون الحجاب مجرد حكم شرعي وهذا لا شك انه من جهة أخرى أمر عظيم ، ولكن هل هي تريد أن تقنع حقيقة أم أنها تفرح ببعض جمالها وشبابها، تريد أن تغري الآخرين .
هـ ـ " أريد أن أتبرج حتى أرغِّب بعض الشباب في الزواج مني "
هذا ما تقوله بعض الفتيات، هل تعرض نفسها حتى يأتي كما يقولون فارس الاحلام فتتزوج ، فحينئذ – إن شاء الله – تتحجب وكذا ، نقول سبحان الله أي مبدأ هذا ، إذن هو مبدأ اليهود الذي يقول إن الغاية تبرر الوسيلة، وهذه تريد أن تتزوج ولكن ما الذي يضمن لها الا تختطف والا تغتصب، ما دامت معروضة لهذا الغرض فقد يأتي الغرض على غير ما تريد، وهذه كلها أباطيل وأحاييل إبليسية شيطانية .
و ـ " الحجاب يعيق عن الحركة، والاجواء الحارة، أيضاً لها أثر في هذا"
وهذا أيضا من توهيماتهم وأقوالهم المضللة، الى غير ذلك من أمور كثيرة ومن الأمور التي شاعت بين المسلمين وللأسف الشديد .
المخاطر الناشئة عن ترك العفة
وحقيقة أن التفصيل فيها بالإحصاءات والأرقام التي وقعت في المجتمعات التي تركت كل مبدأ وكل خلق وكل فضيلة، فضلاً أنها تركت كل دين وكل تشريع .
1 ـ مخاطر أمنية
فلم يعد هناك أمن على النساء ولا على الأعراض ولا على الأموال ، واختلط الحابل بالنابل في هذا الشأن، وهناك المخاطر الصحية من هذه الأمراض الفتاكة التي ابتلى الله – عز وجل – بها أولئك القوم .
لأنه قد ورد في الحديث وإن تكلم فيه بعض العلماء بالضعف
( أنه ما فعل قوم فاحشة الا سلط الله عليهم الاوجاع التي لم تكن في أسلافهم )
وهذا في الحقيقة واقع في هذا المجتمع المعاصر، وفي البيئات المنحلة الإباحية .
2 ـ تغيُّر الفطرة الإنسانية
بوجود الشذوذ من خلال هذه الإباحية التي تركت العفة والحصانة، ووجد أيضاً التخنث من الرجال للنساء، والإسترجال من النساء للرجال، وظهر ما يسمى بالجنس الثالث فلم تعد المرأة فيها حياء ورقة وأنوثة، ولم يعد الرجل رجلاً فيه شهامة وقوة ورجولة، ولم تعد الامور تتبين كما كان يقول الشيخ الطنطاوي في بعض كتبه حفظه الله انه ركب مرة في إحدى المواصلات العامة في بعض البلاد العربية الإسلامية، قال :
" فرايت ما استطيع أن أقول رأيت رجلاً، قال : رأيت إنساناً لم يستطع أن يتبين هل هو رجل أم إمرأة ؟ " لشدة ما قد يختلط في هذا الجانب وهذا فساد عظيم .
3 ـ تحطم الأسرة
لم يعد هناك رباط زوجي لأنه لا داعي للزواج ما دام هذا الامر المباح المتاح، وتحطم الأسرة تحطم به المجتمع، وأيضا فوق هذا كله هناك ضياع للأطفال وتشردهم وسيرهم في الخط الإجرامي الذي يتوه فيه هؤلاء ويعبثون في المجتمع وأمنه .
4 ـ قلة نسبة المواليد
والإبتعاد من ضرورة هذه الإباحية عن الإنجاب وعن تكوين الأسرة الى غير ذلك مما يطول ذكره ويعلم من كثير من الاحوال، وعند كثير منكم أمره .
الخاتمة:
و نسأل الله عز وجل أن يجنبنا هذه المخاطر، وأن يرزقنا العفة والحصانة لنا ولنسائنا ولأبنائنا وبناتنا ومجتمعاتنا إنه ولي ذلك والقادر عليه والحمد لله رب العالمين .
والسموحه