وقد كرمت الديانات السماوية كافة شجرة النخيل واهتمت بزراعتها ورعايتها. وقد ذكر القرآن الكريم النخيل والتمر في سبعة عشر سورة كما ورد ذكر النخيل في كثير من الأحاديث النبوية ومأثورات العرب وأشعارهم.
وفي العصور الحديثة استمرت الدراسات والتجارب لتطوير جميع العمليات الزراعية التي تحتاجها النخلة وخاصة العمليات الفنية التي تجري على رأس النخلة وتشمل التلقيح والتقليم وخف الثمار والتقويم والتكميم.
هذا ويشهد القطر العربي السوري في وقتنا الحاضر نهضة زراعية كبيرة كان لنخيل البلح فيها نصيباً وافراً وخصوصاً في الآونة الأخيرة حيث ارتفع عدد أشجار نخيل البلح من 50000 شجرة عام 1986 إلى 176000 شجرة عام 1999 وذلك بعد أن قامت الوزارة بإنشاء بعض مراكز الإكثار كمقدمة للتوسع الأفقي والعمودي في زراعة هذا المحصول البستاني الاستراتيجي .
والقطر إذ يسعى مجدداً لتطوير هذه الشجرة وإدخال الأصناف العالمية لا يعمل على إدخال شجرة جديدة إذ تشتهر بعض أراضيه بزراعة النخيل منذ ما قبل الميلاد بعدة عقود من الزمن وواحات النخيل في تدمر شاهدة اليوم على ذلك بل وكذا اسم البلد في ذاته إذ يحمل معناه الحرفي ذو التعابير القديمة صفة بارزة من صفات هذا البلد من Palma النخيل. كذلك فإن كلمة تدمر هي تحريف (تاد – مور) أي بلد النخيل باللغة التدمرية القديمة وإلى نفس الشيء يدل الاسم الإنكليزي بالميرا.
والنخلة شديدة الشبه بالإنسان فهي ذات جذع منتصب ومنها الذكر والأنثى لا تثمر إلا إذا لقحت وإذا قطع رأسها ماتت وإذا تعرض قلبها لصدمة قوية هلكت، وإذا قطع سعفها لا تستطيع تعويضه من محله كما لا يستطيع تعويض مفاصله والنخلة مغشاة بالليف الشبيه بشعر الجسم في الإنسان.
وتوجد أكبر غابة لزراعة النخيل في العالم في المنطقة المروية المحاذية لشط العرب بالعراق.
ويحتل الوطن العربي مركز الصدارة في زراعة النخيل وإنتاج التمور حيث يقدر عدد النخيل في العالم بحوالي 100 مليون نخلة ، يوجد في الوطن العربي وحده 80 مليون نخلة أي مايعادل 80% من عدد النخيل في العالم ويبلغ المعدل السنوي للإنتاج حوالي 3 مليون طن/تمور أي ما يعادل 80% من الإنتاج العالمي من التمور.
أما في سوريا فقد وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي أهمية خاصة لشجرة النخيل حديثاً فتم إحداث دائرة متخصصة بالنخيل وإنشاء ثلاثة مراكز نخيل في كل من تدمر وسبخة الموح والبوكمال، والغاية منها جمع الأصناف والسلالات الجيدة والملائمة بيئياً من النخيل سواء المحلية منها أو المستوردة لتكون بمثابة بساتين أمهات ونواة التوسع الكمي والنوعي لهذه الشجرة المباركة ضمن الحزام البيئي الملائم لانتشار النخيل في القطر، كما تقوم لجان متخصصة من الوزارة بحصر وتوصيف وتصنيف سلالات النخيل المحلية لانتخاب الأفضل منها واعتمادها كأصناف سورية.
القيمة الغذائية للتمور:
إن من دلائل القيمة الغذائية المرتفعة للتمور هو احتوائها على كميات كبيرة من الأملاح المعدنية والعناصر النادرة ذات الأهمية الغذائية الكبيرة.
لقد أطلق على التمر لقب منجم لغناه بالمعادن، كما أشارت البحوث العلمية الحديثة أن تناول 15 تمرة أي ما يقارب من 100 غرام من التمور يمد جسم الإنسان بكامل احتياجاته اليومية من كل من المغنيزيوم والمنغنيز والنحاس والكبريت وبنصف احتياجاته من الحديد وربع احتياجاته من كل من الكالسيوم والبوتاسيوم.
ومما يجدر ذكره أن التمور تحتوي على كمية مرتفعة من عنصر الفلورين بقدر بخمسة أضعاف ما تحتوي الفواكه الأخرى من هذا العنصر وهذا يؤكد المقولة بأن تناول التمور لايؤدي إلى تسوس الأسنان بل يحافظ عليها ويؤكد ذلك احتفاظ البدو بأسنان سليمة رغم تناولهم كميات كبيرة من التمور.
وحديثاً ربطت البحوث العلمية بين مرض السرطان وبين المغنزيوم وجاء في بعض التقارير العلمية أن سكان البداوة لا ينتشر بينهم مرض السرطان نتيجة لغنى أغذيتهم وخاصة التمور بعنصر المغنزيوم كما تحتوي التمور على عنصر الفوسفور الذي يعتبر الغذاء الأهم للخلايا العصبية ويساعد على النشاط الجنسي والحيوية العامة.
تحتوي التمور أيضاً على كميات مرتفعة من فيتامينات المجموعة (ب) وخاصة الثيامين B1 والريبوفلافين B2 والنياسين B7 ويعتبر البلح من الثمار الغنية بفيتامين (أ) كما أنها تعتبر مصدراً جيداً لحامض الفوليك ولهذه الفيتامينات أهمية في تقوية العضلات والنمو السليم والوقاية من آفات الكبد واليرقان وتقوية البصر وحماية البشرة وتساعد الألياف الموجودة في التمور على تخليص الأمعاء من الفضلات.
مما سبق نرى أن الله تعالى قد أنعم عليها بهذه الفاكهة العظيمة ذات الأهمية الغذائية الكبيرة وهذا مصداق لقول الرسول العربي محمد صلى الله عليه وسلم حيث يقول: (بيت لا تمر فيه جياع أهله) وقوله عليه السلام : (إن التمر يذهب الداء ولا داء فيه).
وقوله (أطعموا نساءكم في نفاسهن التمر فإنه من كانت طعامها في نفاسها التمر خرج وليدها حليماً فإن كان طعام مريم حين ولدت ولو أراد الله طعاماً خيراً منه لأطعمها إياه).
ولقد وعى العرب والمسلمون الأوائل هذه الأهمية المتميزة للتمور فاعتمدوها الغذاء الأساسي لهم أثناء فتوحاتهم كونها تمتاز بقدرتها على التخزين كما أنها أغنى الفواكه قاطبة في سعراتها الحرارية وقيمتها الغذائية ناهيك عن سهولة نقلها وتداولها ومن هنا يمكن القول أن التمور قد ساهمت وبحق كغذاء لجند الإسلام في نشر الرسالة الإسلامية في أقصى بقاع الأرض وبشكل عام يعتبر التمر مع الحليب غذاء كامل للإنسان.
وقد وصف أحد حكماء العرب أشجار النخيل بقوله: الراسيات في الوحل المطعمات في المحل، تحفة الكبير، وحلمة الصغير وزاد المسافر ونضيج فلا يعني طابخاً.
اقتصاديات أجزاء النخلة:
1- للعجوة من البلح
2- للورق من جريدها
3- للأثاث والحصير والحقائب من سعفها
4- للكربون من نواها.
تقسم النخلة في هذا المجال إلى:
1- جذوع النخلة: تستخدم في سقف وأبواب المنازل.
2- الجريد (السعف): سقف بعض المنازل وأقفاص الطيور وتعبئة الفاكهة.
3- الخوص: الحصير والمقاطف والأسبتة والحقائب اليدوية والقبعات وحشو مقاعد الأثاث ونوع من البيتموس والعلف للمواشي.
4- الليف: الحبال والتنجيد والتنظيف.
5- الجمار: (أو الجزء الأبيض من قلب النخلة) تؤكل طازجة أو يصنع منها مخلل أو حلاوة.
6- الطلع: استخراج ماء مقطر يسمى (ماء لقاح) يستعمل لعلاج الأمعاء عند أهل البادية وقد يعطر به ماء الشرب أحياناً.
7- العرجون: لصناعة بعض الأدوات المنزلية كالأطباق والسباتة والمكانس.
8- حبوب اللقاح: يؤكل الفائض منه مباشرة أو بعد خلطه بعسل النحل أو غيره وفي الطب الشعبي يوصف لقاح النخيل لعلاج البرود الجنسي والعقم.
9- نسغ النخلة: وهو ماء يستخرج منها إذا قطعت ويستخرج منه شراب اللكه أو (اللقه) وهو دمج لكلمتين ( لاقي بي) عسلي اللون ويشرب طازجاً وله فوائد شتى في الطب الشعبي.
10- النوى : ولها عدة فوائد:
أ- استخراج الزيت بنسبة 8% يصلح للأكل وصناعة الصابون.
ب-يؤكل بعد أن يلين بالماء ويدق ويغلى مع الحليب (يصبح بهذه الحالة كالعجينة فيؤكل على هذه الصورة.
ج- مستحضر طبي لعلاج أمراض الكلى والمجاري البولية.
د- وقود في الأفران وفحم.
ه- علف للمواشي.
شكراً لك (=
ربي يوفقك