التصنيفات
الارشيف الدراسي

برنامج تعليم الحروف العربيه لغير الناطقين بها (صوت وصورة) للصف التاسع

بسم الله الرحمن الرحيم

برنامج تعليم الحروف العربيه لغير الناطقين بها (صوت وصورة)
تعلم النطق للحروف الهجائيه مع برنامج الحروف

هذه صوره لواجهة البرنامج

للتحميل

اضغط هنا

م , تحياتي

بارك الله فيك ^________^

جزاكِ الله خير رؤية ^_________^

السلـآم عليكمً والرحمهٍ

تسلميـ ن مدآم رؤيةً ع الطرحٍ . . هع ْ

بآرك الله فيجً وف ميزان حسنآتجً . .

سبحــــــــــــــــــــان الله و بحمده

التصنيفات
الارشيف الدراسي

موقع يقيس مستواك في اللغه الأنجليزيه‏ … -مناهج الامارات

هلـــــآآآ وغلـــــآآآ …

الموضوع مفهـــــ،،ــــوم من العنواااان ثــــــــــــــــــــــ ح ـــــ.,.,

أوكيك هذا الراااابط ..

http://www.manythings.org/fq/1/9994.html

تثلمين غلاايو على الطرح النااااااااايس ,, والنتيجه هي .. (( 14 28 )) هاااذي درجة !!؟؟.. 50 % في E الحمد لله مشي الحاااااال ^^

هههههههه ..شديـــــ حيلج … تسلمين ع الرد الكثوخيــــــــــــ،ـ،ـ

*_^ ,, إن شاء اللهـ بشد حيلي ,, وبطلع الأولى عليج ,, وبتيلسين تصيحين .. ^^

سلمت يداك

ما بقول النتيجة المهم اكثر من النص..واااو
مشكورة ع الطرح ..

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شمشم برستيج مشاهدة المشاركة
*_^ ,, إن شاء اللهـ بشد حيلي ,, وبطلع الأولى عليج ,, وبتيلسين تصيحين .. ^^

أحــــــ}ٍـــــم أحمــــِْ غلــــــ]ْ~ـــــــووووه مـــــــــــــــــــْــآآ تصيح …

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هاجر مشاهدة المشاركة
سلمت يداك

ثــــأإأإأنكســــــٍِْ ع الردِْ..

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bardock مشاهدة المشاركة
ما بقول النتيجة المهم اكثر من النص..واااو
مشكورة ع الطرح ..

أممممم فينيـــــ~ً فضول أبغيـــ~ْ أعرفــــــ]~ْ} ..
العفــــــــــــــــــــ()ــــــــو ..

تسلموووووووووووووووووووووووووووووووووووووووون

الله يثلمج }….

سلمت يداك

أستغفرك يا رب من كل ذنب

التصنيفات
الارشيف الدراسي

دروس صوتيه لتعلم اللغه الانجليزيه

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

كنت ابحث عن الدروس الصوتيه لتعليم اللغه الانجليزيه

ووجدتها فى موقعكم

ولكن كلمه السر لفك الضغط غير موجودة

والموضوع اغلق

ولكنى بحثت عن كلمه السر فى مواقع اخرى ووجدها ولله الحمد والمنه

وقررت ان اضعها فى هذا المدونة ليستفيد الاخرون

الرابط للموضوع الاساسى :http://www.uae.ii5ii.com/showthread.php?t=2200

كلمه السر لفك ضغط الملفات : Glaxu.Com

سوتهم بنفس الصيغه بس ماشتغلووو
مع انهم بنفس الصيغه RM

سوتهم بنفس الصيغه بس ماشتغلووو
مع انهم بنفس الصيغه
RM

شكرا لكم على هذا البرنامج الرائع

شكرا لكم على هذا البرنامج الرائع

أستغفرك يا رب من كل ذنب

التصنيفات
الارشيف الدراسي

بور بوينت عن درس الغلاف الجوي للصف التاسع

^
اريد بور بوينت عن درس الغلاف الجوي
^

انتو متأخرين بالمنهج واايد
((الله يعينكم))

سوري والله ما عندي

لأ ليش احنا لسة ما خلصناه!!!!!!!!!!

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة the Killer مشاهدة المشاركة

اريد بور بوينت عن درس الغلاف الجوي
^

سوووووووووووووووووووري ما عندي خلصنا المنهج
بقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــالنا بس حل التقوي ما اخر درس

لو سمحتوا ابا جدول الامتحانات بلــــــــــــــــــــــــــــــــــــيييييييييييي يييييييييييييييز

هذا ممتاز و أرجو لكم التفوق …………………

بارك الله فيك مشكوووووووووووووووووور

شـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــكرا

وايد حلو

الحــــــــــــــــــــــمد لله

التصنيفات
الارشيف الدراسي

بـــليز طــلبتكم لاتــردوني

مرحبا اخواني بغيت منككم بوربوينت عن الماضي ف الامارات

واريد يوم الاحد واللي بيسويللي يزاه الله الف خييييييير

اخوكم::: غــرك زمــااااااانكـ

السموحه لم أجد

إن شاء الله غيري يساعد ..

بالتوفيق

سوري ماعندي

مي تو اباه بس انا سويت ابروحي

مسموحه ختيه

دخييييييلكم سااعدوني اريده بااجر

أوك بحاول أسوي لك انا البور

بس ابا اعرف عن شو بالضبط تبغي وشو انتو ما خذين في الدرس

بإنتظارك ..

إعتقد إنه طلبك موجود هنا ~>

http://www.uae.ii5ii.com/showthread.php?t=59662

و بالتوفييج 🙂

اللعم اعز الاسلام و المسلمين

التصنيفات
الارشيف الدراسي

مراجعة -للتعليم الاماراتي

لا تنسوني في التقييم

الملفات المرفقة

مشكووووووووووووووووووووووووووور واييييييييييييييييييييييييييييييييد

لاتنسوني في التقييم

هذا للاخوان الزوار اللي مايقدرون يفتحون الروابط

سوريا
أولا: أكمل العبارات التالية في كل مما يلي:
1- استولت قوات الثورة العربية على بلاد الشام بقيادة———————-
2- نصب فيصل ملكا على سوريا في المؤتمر—————————–
3- احتلت فرنسا سوريا و لبنان تنفيذا لمقررات مؤتمر———————–
4- قائد القوات الفرنسية الذي أرسل إنذارا الى الملك فيصل هو————-
5–احتلت فرنسا سوريا عام 1920م بعد معركة———————
6- استشهد في معركة ميسلون القائد السورى——————————
7- قامت ثورة صالح العلي في جبال————————-
8- أعلن الثورة في مناطق حلب —————————–
9- قاد الثورة السورية الكبرى عام 1925م ————————
10- منطقة سورية اقتطعتها فرنسا من سوريا و منحتها لتركيا—————–11- تولى رئاسة الجمهورية السورية 1941م بعد الاستقلال الرئيس———–12-عام 1958 م قامت الوحدة بين سوريا و ———————–
13- في عدوان 5/ يونيو /1967م احتلت اسرائيل من الاراضي السورية هضبة——————–
14-الرئيس السوري الذي قاد الحركة التصحيحية و أصبح رئيسا للجمهورية 1971م هو———————
15- تمكنت سوريا في حرب 1973م من تحرير مدينة———————
16- الدول الراعية لمؤتمر مدريد 1991م هي—————و—————17- أهداف مؤتمر مدريد————————————————–18- الدول التي حضرت مؤتمر مدريد هي———————————-
ثانيا :وضحي ما يلي:
1- المطالب التي جاءت في الانذار الذي ارسله غورو لفيصل.
1————————————————————————2————————————————————————3————————————————————————2-سياسة فرنسا في سوريا.
1———————————————————————–2————————————————————————3————————————————————————4————————————————————————5————————————————————————
3- بنود معاهدة 1936م.
1————————————————————————2————————————————————————3———————————————————————–
ثالثا: استخلص القيمة السلوكية الايجابية من العبارات التالية:
1- تقاربت سوريا و مصر وتمت الوحدة بينهما في 22/فيراير/ 1958م——-.
2- اعترفت فرنسا في معاهدة 1936م باستقلال سوريا.———————-
3- رفض الشعب السوري الاحتلال الفرنسي و هب لمقاومته. —————-4-خاضت سوريا حرب 1973م مع مصر لتحرير الاراضي المحتلة. —–
5- عقد مؤتمر مدريد لإيجاد حل سلمي للصراع العربي الاسرائيلي.———-
رابعا:ماذا سوف يحدث لو:
1- نجحت الوحدة السورية المصرية عام 1958م.
————————————————————————–2- نجح العرب في صد عدوان 5/ يونيو/ 1967م
————————————————————————–
خامسا: كوني تعميما تاريخيا من المفاهيم التالية:
1- العقيدة الاسلامية – المسلمين – القوة – الوحدة.
————————————————————————–
2- الوعي الوطني – الاستقلال.
———————————————————————–
3-الاتحاد – العرب – القوة .
————————————————————————–
4- التفكك السياسي – الضعف .
————————————————————————–
5- الاستقرار السياسي – الرفاهية – التقدم .
————————————————————————–
6- الدول الاستعمارية – الاستغلال – الثروات .
—————————————————————————–
7- الدول الاستعمارية – المنافسة – الثروة .
————————————————————————–
8- المنازعات المحلية – الضعف – الاعداء.
—————————————————————————–
فلسطين
1- فتح المسلمون فلسطين في عهد الخليفة الراشدي———————-
2- تمكن القائد صلاح الدين من هزيمة الصليبين في معركة————-وتحرير——————-
3- هاجر——————-من شبه الجزيرة العربية الى فلسطين في الالف الرابعة قبل الميلاد.
4- حركة سياسية عدوانية أنشأها اليهود في أواخر القرن 19هي—————
5- عقد المؤتمر الصهيوني الاول عام 1897م في مدينة——————–
6- مؤسس الحركة الصهيونية هو اليهودي النمساوي———————
7- رفض السلطان العثماني————— هجرة اليهود الى فلسطين
8- الذي وضع أساس الدولة اليهودية في فلسطين هو المندوب السامي الانجليزي اليهودي———————
9- مجاهد سوري شكل خلايا مسلحة في فلسطين استشهد عام 1935م هو——
10-مذبحة ارتكبها الصهاينة في فلسطين في 10/ابريل/1948م—————
11- ثورة تفجرت في فلسطين عام 1987م هي ثورة——————
وضح ما يلي:
1- مقررات المؤتمر الصهيوني الاول.
1————————————————————————2————————————————————————3————————————————————————4————————————————————————
2- الخطوات التي اتخذتها بريطانيا لتنفيذ تصريح بلفور.
1————————————————————————2————————————————————————3————————————————————————4————————————————————————3- توصيات اللجنة الانجليزية الامريكية.
1————————————————————————2———————————————————————–3———————————————————————–
4- اسباب ثورة 1929م ( البراق ).
1————————————————————————2———————————————————————–
ماذا تتوقع أن يحدث لو :
1- لو لم تصدر بريطانيا تصريح بلفور.
————————————————————————–2- لم تتأسس الحركة الصهيونية.
————————————————————————–3- لو انتصر العرب في حرب 1948م.
————————————————————————–4- لم ينجح العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م.
————————————————————————–5- لو لم توقع منظمة التحرير الفلسطينية اتفاق الحكم الذاتي الفلسطيني مع اليهود.
————————————————————————–

استخلص قيمة سلوكية ايجابية من العبارات التالية:
1- خرجت القوات الفلسطينية من بيروت بعد صمود بطولي استمر أكثر من 80 يوما. ——————-2- عجزت اسائيل من القضاء على انتفاضة الشعب الفلسطيني—————-
3- كسبت الانتفاضة تأييد شعوب العالم لكفاح الشعب الفلسطيني—————

مصر
1- احتلت بريطاني مصر عام 1882م بعد معركة————————-
2- الحزب الذي تزعمه سعد زغلول هو————————–
3- من زعماء مصر تزعم ثورة 23/يوليو / ثم انتخب رئيسا للجمهورية——–
4- في عام 1978م وقعت مصر اتفاقيات ————–مع اسرائيل.
وضح ما يلي:
1- اسباب ثورة 1919م في مصر.
1————————————————————————2————————————————————————3————————————————————————2- التحفظات و الشروط التي وردت في تصريح 28/فبراير 1922م.
1————————————————————————2————————————————————————3————————————————————————4————————————————————————3- بنود معاهدة 1936م.
1————————————————————————2————————————————————————3————————————————————————4————————————————————————4- أسباب ثورة 23/يوليو/1952م.
1————————————————————————2————————————————————————3————————————————————————4———————————————————————–5- أهداف ثورة 1952م.
1—————————————–2——————————3—————————————–4——————————5————————————————————————

أكمل الجدول التالي:
الحدث السبب النتائج
تأميم قناة السويس
العدوان الثلاثي 1956م
حرب يونيو 1967م
حرب أكتوبر 1973م

ماذا تتوقع أن يحدث لو:
لم تقم ثورة 23 يوليو 1952م في مصر.
————————————————————————–2- نجح العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م.
————————————————————————–3-لم توقع مصر اتفاقيات كامب ديفيد مع اسرائيل عام 1978م.
————————————————————————-

الجزائر
1- مجاهد جزائري أعلن الثورة ضد الفرنسيين و سيطر بقواته على ثلثي الجزائر—2- جمعية أسسها مصالي الحاج عام 1926م——————-
3- جمعية العلماء المسلمين تأسست عام 1928م على يد——————-
4- انطلقت الثورة الجزائرية عام 1954م بقيادة————————–
5- اعلنت الحكومة الجزائرية المؤقتة عام 1958م في مدينة ————– ——-برئاسة————————–
5- اعترفت فرنسا باستقلال الجزائر في اتفاقية——————————-
6- تولي رئاسة الجمهورية الجزائرية بعد الاستقلال عام 1956م—————-
وضح ما يلي:
1- الاساليب الاستعمارية التي اتبعتها فرنسا في الجزائر.
1————————————————————————2————————————————————————3———————————————————————–4————————————————————————
2- أهداف جمعية العلماء المسلمين.
1————————————————————————2————————————————————————3————————————————————————3- عوامل نجاح الثورة الجزائرية الكبري عام 1954م.
1————————————————————————2————————————————————————3————————————————————————4- أعمال أحمد بن بيلا في عهد الاستقلال.
1————————————————————————2————————————————————————3————————————————————————
ماذا تتوقع أن يحدث لو:
1- لو لم تنجح الثورة ا لجزائرية الكبرى .
————————————————————————–2- لم يقم أحمد بن بيلا بتعريب التعليم و الإدارة.
————————————————————————–3- لم تتوحد جميع القوى المسلحة في جيش التحرير الجزائري.
————————————————————————–
المملكة المغربية
1- مجاهد مغربي قاد الثورة في منطقة الريف ضد الأسبان——————–2- قانون أصدرته فرنسا للتفريق بين العرب و البربر————————3- حزب سياسي نادي بالاستقلال في مراكش————————
4- سلطان مغربي نفته فرنسا الى جزيرة كورسيكا ثم الى جزيرة مدغشقر——5- ملك المغرب الذي حول المغرب الى ملكية دستورية واهتم بالقضايا العربية و الإسلامية هو—————————–
وضح ما يلي:
1- مفهوم الظهير البربري؟
————————————————————————–2- إنجازات الملك محمد الخامس.
————————————————————————–
ما الاطراف المشاركة في الاحداث التاريخية التالية:
معركة ميسلون: (القوات السورية ) – ( القوات الفرنسية )
عدوان 5/ يونيو / 1967م:
مؤتمر مدريد:
-حرب 1948:
عدوان 1956م:
اتفاق الحكم الذاتي الفلسطيني:
اتفاقيات كامب ديفيد:

قارن بين :
1- ثورة 1929م – ثورة 1936م من حيث الاسباب و الاحداث و النتائج
2- مشروع قرار تقسيم فلسطين 1937م و مشروع قرار تقسيم 1947م من حيث الجهة التي اصدرته – وضع القدس – موقف العرب
3- قارني بين سعد زغلول و عبد القادر الحسيني من حيث الدولة التي ينتمي إليها و عمل واحد من أعماله.

انسب الشخصيات و الاحداث التالية إالى دولها:
يوسف العظمة:
معركة ميسلون:
عزالدين القسام :
سلطان الاطرش:
جمال عبد الناصر:
اتفاقية كامب ديفيد:
جمعية نجم شمال افريقيا:
عبد الحميد بن باديس:
قانون الظهير البربري:
مصالي الحاج:
اتفاقية ايفيان:
أحمد بن بيلا:
ابراهيم هنانو:
محمد بن يوسف :
شكري القوتلي:
محمد عبد الكريم الخطابي:
جمعية العلماء المسلمين:
مذبحة دير ياسين:

مشكوووووووووووووور

ما فيه أجوبه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

أستغفرك يا رب من كل ذنب

التصنيفات
الارشيف الدراسي

الأشكال الهندسية .. بطاقات -تعليم اماراتي

بسم الله الرحمن الرحيم

الأشكال الهندسية .. بطاقات صور
الأشكال الهندسية .. بطاقات صور
تعليميه للأطفال , تدريبيه , اشكال

تجدونها في المرفقات

الملفات المرفقة

وأين المرفقااااااات يا شطوووووووورة ^^

الله يعين مرااقبتنا مشغوووووووولة ^____________^

ههه لا هاجر مذكره الموضوع ,, النت كان بطيء وصفحه المرفقات تعلق

قلت بنزل الموضوع الحين وعقبها خير

هههههههه حوار جميل

تاشكورات رؤيــــــــ~ــــة

شكرا جزاك الله خيرا

الحــــــــــــــــــــــمد لله

التصنيفات
الارشيف الدراسي

سيرة الامام ابن باز…………. الجزء الاول -التعليم الاماراتي

هو الإمام الصالح الورع الزاهد أحد الثلة المتقدمين بالعلم الشرعي، ومرجع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، في الفتوى والعلم، وبقية السلف الصالح في لزوم الحق والهدي المستقيم، واتباع السنة الغراء: عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز، وآل باز – أسرة عريقة في العلم والتجارة والزراعة معروفة بالفضل والأخلاق قال الشيخ: سليمان بن حمدان – رحمه الله – في كتابه حول تراجم الحنابلة : أن أصلهم من المدينة النبوية، وأن أحد أجدادهم انتقل منها إلى الدرعية، ثم انتقلوا منها إلى حوطة بني تميم.
ولد في الرياض عاصمة نجد يوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة عام ألف وثلاثمائة وثلاثين من الهجرة النبوية، وترعرع فيها وشب وكبر، ولم يخرج منها إلا ناويا للحج والعمرة. نشأ سماحة الشيخ عبد العزيز في بيئة عطرة بأنفاس العلم والهدى والصلاح، بعيدة كل البعد عن مظاهر الدنيا ومفاتنها، وحضاراتها المزيفة، إذ الرياض كانت في ذلك الوقت بلدة علم وهدى فيها كبار العلماء، وأئمة الدين، من أئمة هذه الدعوة المباركة التي قامت على كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وأعني بها دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – وفي بيئة غلب عليها الأمن والاستقرار وراحة البال، بعد أن استعاد الملك عبد العزيز – رحمه الله – الرياض ووطد فيها الحكم العادل المبني على الشرعة الإسلامية السمحة بعد أن كانت الرياض تعيش في فوضى لا نهاية لها، واضطراب بين حكامها ومحكوميها.
ففي هذه البيئة العلمية نشأ سماحته – حفظه الله – ولا شك ولا ريب أن القرآن العظيم كان ولا يزال – ولله الحمد والمنة – هو النور الذي يضيء حياته، وهو عنوان الفوز والفلاح فبالقرآن الكريم بدأ الشيخ دراسته – كما هي عادة علماء السلف – رحمهم الله – إذ يجعلون القرآن الكريم أول المصادر العلمية – فيحفظونه ويتدبرونه أشد التدبر، ويعون أحكامه وتفاسيره، ومن ثمَّ ينطلقون إلى العلوم الشرعية الأخرى، فحفظ الشيخ القرآن الكريم عن ظهر قلب قبل أن يبدأ مرحلة البلوغ، فوعاه وحفظه تمام الحفظ، وأتقن سوره وآياته أشد الإتقان، ثم بعد حفظه لكتاب الله، ابتدأ سماحته في طلب العلم على يد العلماء بجد وجلد وطول نفس وصبر.
وإن الجدير بالذكر والتنويه في أمر نشأته، أن لوالدته – رحمها الله – أثرا بالغا، ودورا بارزا في اتجاهه للعلم الشرعي وطلبه والمثابرة عليه، فكانت تحثه وتشد من أزره، وتحضه على الاستمرار في طلب العلم والسعي وراءه بكل جد واجتهاد كما ذكر ذلك سماحته في محاضرته النافعة – رحلتي مع الكتاب – وهي رحلة ممتعة ذكر فيها الشيخ في نهاية المحاضرة، وبالخصوص في باب الأسئلة بعض الجوانب المضيئة من حياته – فاستمع إلى تلك المحاضرة غير مأمور -.
ولقد كان سماحة الشيخ / عبد العزيز – حفظه الله – مبصرا في أول حياته، وشاء الله لحكمة بالغة أرادها أن يضعف بصره في عام 1346 هـ إثر مرض أصيب به في عينيه ثم ذهب جميع بصره في عام 1350 هـ، وعمره قريب من العشرين عاما؛ ولكن ذلك لم يثنه عن طلب العلم، أو يقلل من همته وعزيمته بل استمر في طلب العلم جادا مجدا في ذلك، ملازما لصفوة فاضلة من العلماء الربانيين، والفقهاء الصالحين، فاستفاد منهم أشد الاستفادة، وأثّروا عليه في بداية حياته العلمية، بالرأي السديد، والعلم النافع، والحرص على معالي الأمور، والنشأة الفاضلة، والأخلاق الكريمة، والتربية الحميدة، مما كان له أعظم الأثر، وأكبر النفع في استمراره.
على تلك النشأة الصالحة، التي تغمرها العاطفة الدينية الجياشة، وتوثق عراها حسن المعتقد، وسلامة الفطرة، وحسن الخلق، والبعد عن سيئ العقائد والأخلاق المرذولة ومما ينبغي أن يعلم أن سماحة الشيخ عبد العزيز – حفظه الله- قد استفاد من فقده لبصره فوائد عدة نذكر على سبيل المثال منها لا الحصر أربعة أمور: –
الأمر الأول : حسن الثواب، وعظيم الأجر من الله سبحانه وتعالى، فقد روى الإمام البخاري في صحيحه في حديث قدسي أن الله تعالى يقول: إذا ابتليت عبدي بفقد حبيبتيه عوضتهما الجنة البخاري ( 5653 ).
الأمر الثاني: قوة الذاكرة، والذكاء المفرط: فالشيخ – رعاه الله – حافظ العصر في علم الحديث فإذا سألته عن حديث من الكتب الستة، أو غيرها كمسند الإمام أحمد والكتب الأخرى تجده في غالب أمره مستحضرا للحديث سندا ومتنا، ومن تكلم فيه، ورجاله وشرحه.
الأمر الثالث: إغفال مباهج الحياة، وفتنة الدنيا وزينتها، فالشيخ – أعانه الله – متزهد فيها أشد الزهد، وتورع عنها، ووجه قلبه إلى الدار الآخرة، وإلى التواضع والتذلل لله سبحانه وتعالى.
الأمر الرابع: استفاد من مركب النقص بالعينين، إذ ألح على نفسه وحطمها بالجد والمثابرة حتى أصبح من العلماء الكبار، المشار إليهم بسعة العلم، وإدراك الفهم، وقوة الاستدلال وقد أبدله الله عن نور عينيه نورا في القلب، وحبا للعلم، وسلوكا للسنة، وسيرا على المحجة، وذكاء في الفؤاد.من أخبار سماحة الشيخ في صباه
من أخباره في صباه أن والده توفي وهو صغير حيث إنه لا يذكر والده.
أما والدته فتوفيت وعمره خمس وعشرون سنة.
ومما يُذْكَر أنه كان في صباه ضعيف البنية، وأنه لم يستطع المشي إلا بعد أن بلغ الثالثة، ذكر ذلك ابنه الشيخ أحمد.
وكان سماحة الشيخ معروفاً بالتقى والمسارعة إلى الخيرات، والمواظبة على الطاعات منذ نعومة أظفاره.
وقد ذكر لي الشيخ سعد بن عبدالمحسن الباز_وهو قريب لسماحة الشيخ ويكبره بعشر سنوات_ذكر أن سماحة الشيخ منذ نعومة أظفاره كان شاباً تقياً سباقاً إلى أفعال الخير، وأن مكانه دائماً في روضة المسجد وعمره ثلاثة عشر عاماً.
وقد ذكر لي سماحة الشيخ رحمه الله فيما كان يذكره من أخبار صباه موقفاً لا ينساه مع شيخه الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ قاضي الرياض آنذاك.
يقول سماحته: كنت في مقتبل عمري، وقد رآني الشيخ صالح رحمه الله في طرف الصف مسبوقاً، فحزن الشيخ صالح، وقال: بعض الناس يسوِّف، ويجلس يأكل ويشرب حتى تفوته الصلاة، وكأنه رحمه الله يعنيني ويُعرِّض بي؛ فخجلت مما كان مني، وتكدرت كثيراً، ولم أنس ذلك الموقف حتى الآن.
ولم يكن الشيخ صالح رحمه الله ليقول ذلك إلا لأنه كان يتوسم ويتفرس في سماحة الشيخ نبوغه المبكر.
ومن الأخبار المعروفة عن سماحة الشيخ في صباه أنه كان معروفاً بالجود والكرم.
وقد ذكر الشيخ سعد بن عبدالمحسن الباز رحمه الله أن سماحة الشيخ عبدالعزيز وهو طالب عند المشايخ- إذا سلم عليه أحد دعاه إلى غدائه، أو عشائه، ولم يكن يحتقر شيئاً يقدمه لضيوفه ويجعل الله في الطعام خيراً كثيراً.
أَلِفَ المروَّة مُذْ نشا فكأنه
سُقي اللَّبانَ بها صبياً مُرْضَعا

ومن أخباره في صباه أنه كان يكتب، ويقرأ ويعلق على الكتب قبل أن يذهب بصره.
وقد قيل ذات مرة لسماحة الشيخ: سمعنا أنك لا تعرف الكتابة.
فأجاب سماحته بقوله: هذا ليس بصحيح؛ فأنا أقرأ وأكتب قبل أن يذهب بصري، ولي تعليقات على بعض الكتب التي قرأتها على المشايخ مثل الآجروميه في النحو، وغيرها.
وإذا أملى سماحة الشيخ عليَّ كتاباً، أو تعليقاً، وكان هناك إشكال في كلمة ما_قال لي: تُكْتَب هكذا، وأشار إلى راحة يده، وهو يَكْتُب بإصبعه؛ ليريني كيفية الكتابة الصحيحة.
وقيل لسماحته ذات مرة: هل صحيح أنك تتمنى أنك رأيت الإبل على ما خلقها الله ؟
فأجاب سماحته بقوله: هذا ليس بصحيح؛ فأنا أتصورها؛ لأن بصري لم يذهب إلا وعمري تسع عشرة سنة. وللشيخ رحمه الله – أبناء أربعة ، وكذلك من البنات ست، فيكون مجموعهم عشرة – أسبغ الله عليهم النعم؛ ومنعهم من شرور النقم -كان سماحة الشيخ رحمه الله يعتني بمظهره بلا إسراف، ولا مخيلة، فهو يعتني بنظافة بدنه، وقص شاربه، ويتعاهد نفسه بالطيب كثيراً، بل كان يستعمله كل يوم، ويدار بخور العود في مجلسه أكثر من مرة، وإلا فلا أقل من أن يدار مرة واحدة.
وكان يلبس مشلحة_بشته_في صَلاته، وزياراته، وذهابه إلى عمله.
وكان ثوبه يعلو كعبه بنحو أربعة أصابع؛ فهو يرى أن نزول الثوب، أو السراويل، أو المشلح أسفل الكعبين منكر محرم سواء كان ذلك للخيلاء أو لغير الخيلاء.
ويقول: إن الإسبال حرام؛ فإن كان للخيلاء فهو أشد تحريماً.
وفي يوم من الأيام لبس سماحته مشلحاً جديداً، وكان ذلك المشلح على خلاف ما كان عليه سماحة الشيخ، حيث كان المشلح نازلاً عن الكعبين، ولم يكن سماحته يعلم بذلك.
فقال له شخص: يا سماحة الشيخ مشلحك هذا نازل عن الكعبين، ولا أدري هل تغير رأيكم في وجوب رفعه ؟
فما كان من سماحة الشيخ إلا أن خلعه ورماه، وقال لي: اذهب به إلى من يرفعه.
وصادف أن كان سماحته في ذلك الوقت في مكة في آخر رمضان، فجاء إلى الرياض وليس عليه مشلح.
وكان يتعاهد لحيته بالحناء، ويرى تغيير الشيب، وحرمةَ تغييره بالسواد.
وكان رحمه الله قليل شعر العارضين، أما الذقن ففيه شعيرات طويلة ملتف بعضها على بعض.
وقيل له ذات مرة: لو سرحتها بمشط ؟
فقال: أخشى أن يسقط منها شيء.
وهو يرى حرمة حلق اللحية أو تقصيرها، وكذا ما نبت على الخدين.
أما ما نبت تحت الذقن، وفي الرقبة فلا يرى مانعاً من حلقه.
إن الإسلام دين كامل، وشرع شامل، جاء به محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين من تمسك به أعزه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أذله الله، وإن مما أمر به هذا الدين الكريم الكامل، وهذا الشرع العظيم الشامل، " الأمانة " فهي خلق فاضل، وسلوك محمود، حث عليه ودعا إليه الإسلام قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ }
وقال سبحانه وتعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} وفي الحديث عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ( أخرجه الترمذي ( 1264 ).
وحسنه وأبو داود ( 2 / 260 ) وإسناده حسن وعن أم سلمة – رضي الله عنها – قالت: أن جعفر بن أبي طالب – رضي الله عنه – قال مخاطبا النجاشي ملك الحبشة: " أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام… وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار… " ( أخرجه أحمد في المسند ( 1 / 202 ) وصححه الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله – ).
فليس من الغريب أن يكون الشيخ: عبد العزيز متصفاً بهذه الصفة الحميدة والخلة الرشيدة، والمنقبة الجليلة، وهي من أبرز صفات من لنا به الأسوة الحسنة، والقدوة الصادقة، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولا أدل على ذلك، من أن العالم الإسلامي بأجمعه قد ائتمنوه ليس فقط على أموالهم وودائعهم وأمانتهم؛ بل على أفكارهم وتوجهاتهم الدينية، فهو مفتي المسلمين، ومرجعهم الأول في هذا العصر، ومما يؤكد ذلك حرص ولاة الأمر، والوجهاء وأعيان البلاد والقضاة وغيرهم، على استشارته في دقائق الأمور وعسيرها، مما يستلزم فكرا وقَّادا، وحجة نيرة، ونزاهة في القصد، وإخلاصا في العمل، وأمانة في الفتوى، ولقد رأيت بأم عيني كثير من هؤلاء، وأولئك، يأتون إليه في منزله ومكتبه لأخذ المشورة الصادقة، والنصح السديد، والتوجيه المفيد، ومما يدل على حبه للأمانة، حرصه الشديد على تذكير الأمة بالأصول النافعة، والكلمات السديدة، في المناسبات العامة: وذلك بكلمة وعظية، وإرشادات دينية، يرى أن القيام بدورها، والتضلع بمسئوليتها أمانة في عنق كل مسلم وهبه الله علما وفقها في الدين، فجزاه الله خيرا، وأعظم له الثواب.

تفرد سماحة الإمام عبدالعزيز رحمه الله بصفات عديدة لا تكاد تجتمع في رجل واحد إلا في القليل النادر، ومن أبرز تلك الصفات ما يلي:
1 – الإخلاص لله – ولا نزكي على الله أحداً – فهو لا يبتغي بعمله حمداً من أحد ولا جزاءً، ولا شكوراً.
2 – التواضع الجم، مع مكانته العالية، ومنزلته العلمية.
3 – الحلم العجيب الذي يصل فيه إلى حد لايصدقه إلا من رآه عليه.
4 – الجلد، والتحمل، والطاقة العجيبة حتى مع كبر سنه.
5 – الأدب المتناهي، والذوق المرهف.
6 – الكرم والسخاء الذي لا يدانيه فيه أحد في زمانه فيما أعلم، وذلك في شتى أنواع الكرم والسخاء، سواء بالمال أو بالوقت، أو الراحة، أو العلم، أو الإحسان، أو الشفاعات، أو العفو، أو الخُلُق، ونحو ذلك.
7 – السكينة العجيبة التي تغشاه، وتغشى مجلسه، ومن يخالطه.
8 – الذاكرة القوية التي تزيد مع تقدمه في السن.
9 – الهمة العالية، والعزيمة القوية التي لا تستصعب شيئاً، ولا يهولها أمر من الأمور.
10 – العدل في الأحكام سواء مع المخالفين، أو الموافقين.
11 – الثبات على المبدأ، وعلى الحق.
12 – سعة الأفق.
13 – بُعْد النظر.
14 – التجدد؛ فهو – دائماً – يتجدد، ويواكب الأحداث، ويحسن التعامل مع المتغيرات.
15 – الثقة العظيمة بالله – جل وعل – .
16 – الزهد بالدنيا، سواء بالمال أو الجاه، أو المنصب، أو الثناء، أو غير ذلك.
17 – الحرص على تطبيق السنة بحذافيرها، فلا يكاد يعلم سنة ثابتة إلا عمل بها.
18 – بشاشة الوجه، وطلاقة المحيا.
19 – الصبر بأنواعه المتعددة من صبر على الناس، وصبر على المرض، وصبر على تحمل الأعباء إلى غير ذلك.
20 – المراعاة التامة لأدب الحديث، والمجلس، ونحوها من الآداب.
21 – الوفاء المنقطع النظير لمشايخه، وأصدقائه، ومعارفه.
22 – صلة الأرحام.
23 – القيام بحقوق الجيران.
24 – عفة اللسان.
25 – لم أسمعه أو أسمع عنه أنه مدح نفسه، أو انتقص أحداً، أو عاب طعاماً، أو استكثر شيئاً قدمه للناس، أو نهر خادماً.
26 – وكان لا يقبل الخبر إلا من ثقة.
27 – يحسن الظن بالناس.
28 – قليل الكلام، كثير الصمت.
29 – كثير الذكر والدعاء.
30 – لا يرفع صوته بالضحك.
31 – كثير البكاء إذا سمع القرآن، أو قرئ عليه سيرة لأحد العلماء، أو شيء يتعلق بتعظيم القرآن أو السنة.
32 – يقبل الهدية، ويكافئ عليها.
33 – يحب المساكين، ويحنو عليهم، ويتلذذ بالأكل معهم.
34 – يحافظ على الوقت أشد المحافظة.
35 – يشجع على الخير، ويحض عليه.
36 – لا يحسد أحداً على نعمة ساقها الله إليه.
37 – لا يحقد على أحد بل يقابل الإساءة بالإحسان.
38 – معتدل في مأكله ومشربه.
39 – دقيق في المواعيد.
40 – كان متفائلاً، ومحباً للفأل.
هذه نبذة عن بعض أخلاقه،
من الصفات الحميدة، والفضائل الرشيدة، التي تميز بها سماحة الشيخ عبد العزيز – حفظه الله – على غيره من العلماء، صفة الحلم وسعة الصدر، ولا شك بل ولا ريب أن الحلم من أشرف الأخلاق، وأنبل الصفات، وأجمل ما يتصف به ذو العقول الناضجة والأفهام المستنيرة، وهو سبيل إلى كل غاية حميدة، وطريق لاحب إلى كل نهاية سعيدة. ولقد بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة الحليم، وما له من أجر وثواب عظيم عند الله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأشج بن عبد القيس: إن فيك خصلتين يحبهما الله الأناة والحلم ( أخرجه البخاري ومسلم ) وبلوغ الحليم لمنزلة محبة الله ورسوله ليس بمستغرب، وذلك لأن الحلم هو سيد الفضائل، وأسّ الآداب، ومنبع الخيرات، ومصدر العقل، ودعامة العز، ومنبع الصبر والعفو.
ولقد من الله تعالى على سماحته – رعاه الله – فجمع له بين أكرم خصلتين، وأعظم خلتين وهما العلم والحلم، فبهما تميز عن غيره، ولذا اتسع صدره، وامتد حلمه، وعذر الناس من أنفسهم، والتمس العذر لأغلاطهم. ولعل من المناسب إيراد ما يدل على حلمه وسعة صدره، وشفعته على الناس، فمن ذلك أنه دخل عليه في مجلس القضاء في الدلم، رجل كثير السباب فسبَّ الشيخ وشتمه، والشيخ لا يرد عليه، وعندما سافر الشيخ / عبد العزيز بن باز إلى الحج توفي هذا الرجل فجهّز للصلاة عليه، في جامع العذار، وكان إمامه آنذاك الشيخ / عبد العزيز بن عثمان بن هليل، فلما علم أنه ذلك الرجل تنحى وامتنع عن الصلاة عليه، وقال: لا أصلي على شخص يشتم الشيخ ابن باز، بل صلوا عليه أنتم؛ فلما عاد الشيخ عبد العزيز من الحج وأخبر بموت ذلك الرجل ترحم عليه، وعندما علم برفض الشيخ ابن هليل الصلاة عليه، قال: إنه مخطئ في ذلك، ثم قال دلوني على قبره فصلى عليه وترحم عليه ودعا له.
ودخل عليه رجل آخر عنده قضية في الصباح الباكر، والشيخ يدرس الطلاب في الجامع – جامع الدلم – فوقف هذا الرجل عليهم، وأخذ ينادي بصوت مرتفع قائلا: قم افصل بين الناس، قم افصل بين الناس، واترك القراءة، فلم يزد الشيخ على أن قال: قم يا عبد الله بن رشيد، وأخبره يأتينا عندما نجلس للقضاء بعد الدرس.
وأخبرته برجل اغتابه سنين عديدة متهما إياه بصفات بذيئة، ونعوت مرذولة وأنه يطلب منه السماح والعفو، فقال: أما حقي فقد تنازلت عنه، وأرجو الله أن يهديه ويثبته على الحق.

لسماحة الشيخ منزل في الرياض، ومنزل في الطائف وهما ملك لسماحته، ومنزل في مكة، وليس ملكاً له، وإنما هو مستأجر .
وسماحته يتنقل بينها بحسب تنقل عمله، وسفره للحج أو العمرة .
أما منزل سماحته في الرياض فيقع في حي (عُلَيْشة) وتقع في الجنوب الغربي من الرياض، ويتكون من خمسة مبان، أو وحدات سكنية بسور واحد .
أما الوحدة الأمامية من جهة الجنوب فتتكون من مجلس، ومكان للطعام، ومكتبة، ومطبخ، ومكان لإعداد القهوة، ودورات مياه، ومكتب البيت .
وما فوق هذه الغرف تابع للمكتب، وسكن للعمال من سائقين وطباخين .
وتحت ذلك دور أرضي يشتمل على مستودعات تابعة للبيوت، وسكن لبعض السائقين، وغرفة كبيرة للضيوف .
وجميع ما في هذه الوحدة خاص بموظفي المكتب، والضيوف، والعمالة .
أما الوحدة الثانية فهي سكن لأم عبدالله زوجة الشيخ الأولى .
أما الوحدة الثالثة فهي سكن لأم أحمد زوجة الشيخ الأخيرة .
أما الوحدة الرابعة فهي سكن لابنه عبدالله .
أما الوحدة الخامسة فهي سكن لابنه أحمد .
وجميع هذه الوحدات في محيط واحد ويجمعها سور واحد – كما مر – .
وبين كل وحدة ووحدة جدار وباب يفصل بعضها عن بعض، ويُدْخِل بعضها في بعض .
فإذا أراد سماحة الشيخ الخروج للعمل خرج من بيت الزوجة التي هو عندها إلى الوحدة الأمامية، التي تشتمل على مجلسه، ومكتب البيت، وإذا قدم من عمله دخل من جهة الوحدة الأمامية نفسها، وإذا انتهى مجلسه دخل الوحدات الداخلية إلى أي من الوحدتين اللتين تسكنهما زوجتاه .
أما مسكنه في الطائف فهو يشتمل على مقدمة المنزل وهي تحتوي على مجالس، ومساكن الموظفين، والضيوف والمطبخ .
أما آخر المنزل فهو خاص بأسرة سماحته، وبينهما باب يدخل منه الشيخ ويخرج .
وهكذا منزله في مكة .
والمقصود من ذكر صفة منزله أن يقف القارئ على متابعة سماحته للأعمال سواء في الدوام، أو في المنزل، ولأجل أن يدرك معنى ما يرد في ثنايا الصفحات إذا قيل دخل مكتب البيت، ثم دخل داخل منزله، ونحو ذلك، فهذا هو وصف منازله الثلاثة خصوصاً في سنواته العشرين الأخيرة .
لعل من أبرز ما تميز به شيخنا – حفظه الله – الزهد في هذه الدنيا، مع توفر أسبابها، وحصول مقاصدها له، فقد انصرف عنها بالكلية، وقدم عليها دار البقاء، لأنه علم أنها دار الفناء، متأسيا بزهد السلف الصالح – رحمهم الله – الذين كانوا من أبعد الناس عن الدنيا ومباهجها وزينتها الفانية، مع قربها منهم، فالشيخ – حفظه الله – مثالا يحتذى به، وعلما يقتدى به، وقدوة تؤتسى في الزهد والورع وإنكار الذات، والهروب من المدائح والثناءات العاطرة، وكم من مرة سمعته في بعض محاضراته، حين يطنب بعض المقدمين في ذكر مناقبه وخصاله الحميدة، وخلاله الرشيدة، يقول: " لقد قصمت ظهر أخيك، وإياكم والتمادح فإنه الذبح، اللهم اجعلني خيرا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون " بمثل هذه الكلمات النيرة، والتوجيهات الرشيدة نراه يكره المدح والثناء كرها شديدا، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على زهد في القلب وعفة في الروح، وطهارة في الجوارح، وخشية للمولى جل وعلا.
وأما عفته وتعففه فهو بحر لا ساحل له، فهو عف اللسان، عفيف النفس طاهر الذيل بعيدا عن المحارم، مجانبا للمآثم، مقبلا على الطاعات، مدبرا عن السيئات ومواطن الزلل – نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا -.
أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ولو كره الكافرون، أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا.
أنزل الله عليه الكتاب تبيانا لكل شيء، فبيّن صلى الله عليه وسلم أهدافه، وقيّد مطلقه، وخصص عامه، بعث صلوات الله وسلامه عليه ليتمم مكارم الأخلاق، فبيّن ذلك أتم بيان بقوله وفعله وتقريره، وإن من أعظم مكارم الأخلاق التي أمر الله بها وأمر بها رسوله صلى الله عليه وسلم " الصدق " وهو مطابقة الخبر للواقع، وقيل هو استواء السر والعلانية، والظاهر والباطن، وبأن لا تكذَّب أحوال العبد أعماله، ولا أعماله أحواله.
ولقد بلغ الشيخ عبد العزيز – بيَّض الله وجهه – من الصدق مبلغا عظيما، وغاية سامية ومنزلة رفيعة، فتجد جميع الناس يثقون به وبعلمه، وبفتاواه التي يعرفون أن مصدرها كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – ويتقبلون نصحه لأنهم يعلمون أنه صادر من قلب صادق مبني على الرحمة والشفقة وحب الهداية للخلق والخير لهم، وهذا الأمر – أعني به الثقة المتناهية – إنما نتجت وحصلت له، من جهة معلومة هي صدقه مع خالقه ومولاه، ونزاهته وإخلاصه.

التواضع هو انكسار القلب لله، وخفض جناح الذل والرحمة للخلق، ومنشأ التواضع من معرفة الإنسان قدر عظمة ربه، ومعرفة قدر نفسه، فالشيخ – حفظه الله – قد عرف قدر نفسه، وتواضع لربه أشد التواضع، فهو يعامل الناس معاملة حسنة بلطف ورحمة ورفق ولين جانب، لا يزهو على مخلوق، ولا يتكبر على أحد، ولا ينهر سائلا، ولا يبالي بمظاهر العظمة الكاذبة، ولا يترفع عن مجالسة الفقراء والمساكين، والمشي معهم، ومخاطبتهم باللين، ولا يأنف أبدا من الاستماع لنصيحة من هو دونه، وقد طبق في ذلك كله قول الله: { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحدٍ ولا يبغي أحد على أحد أخرجه مسلم ( 2865 ).
ومما يندرج تحت هذا الخلق خلقا: السكينة والوقار، وهما من أبرز صفات الشيخ – حفظه الله – وهما أول ما يواجه به الناس سواء القرباء أو البعداء، جلساءه الأدنين أو زواره العابرين، فإن الناس ليتكبكبون حوله أينما وجد، في المسجد، في المنزل، في المكتب، وإنه ليصغي لكل منهم في إقبال يخيل إليه أنه المختص برعايته، فلا ينصرف عنه حتى ينصرف هو، ومراجعوه من مختلف الطبقات، ومن مختلف الأرجاء، ولكل حاجته وقصده، فيقوم الشيخ – حفظه الله – بتسهيل أمره، وتيسير مطلبه، ولربما ضاق بعضهم ذرعا عليه، بكلمات يرى نفسه فيها مظلوما فما من الشيخ – حفظه الله إلا أن يوجهه للوقار والدعاء له بالهداية والصلاح، إنها والله صور صادقة، بالحق ناطقة، تدل على تواضع جم، وحسن سكينة، وعظيم أناة وحلم، وكبير وقار.
ومما يؤكد تواضعه – حفظه الله – تلبية دعوة طلابه ومحبيه في حفلات الزواج الخاصة بهم، ويحضر حضورا مبكرا، ويطلب من أحد الإخوان قراءة آيات من القرآن الكريم، ثم يقوم بتفسيرها للجميع، هذا دأبه والغالب عليه في حضوره للولائم – رفع الله قدره
الكرم صفة محمودة، ومنقبة جليلة، وأكرم الورى على الإطلاق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهو أجود بالخير من الريح المرسلة – وخاصة في رمضان -.
والكرم في اصطلاح العلماء وهو التبرع بالمعروف قبل السؤال، والإطعام في المحل، وإكرام السائل مع بذل النائل.
والشيخ عبد العزيز – حفظه الله – كرمه معروف مشهور، وكرمه كرم أصيل لا تكلف فيه ولا تنطع، وقد سماه بعض محبيه حاتم الطائي في هذا العصر، فمائدته لا تخلو من ضيوف أبدا، يلتقي عليها الصغير والكبير، والغريب والقريب، وما أظن طعاما له خلا من عديد الضيفان حتى لكأنه هو القائل:

إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له أكيلا فإني لست آكله وحدي
أخا سفر أو جار بيت فإنني أخاف مذمـات الحوادث من بعدي
وهذه الصفة مما انفرد سماحته – حفظه الله – دون غيره من العلماء، فهو كريم وكرمه يتمثل في أمور عدة:
أولا: عطاءه المستمر للفقراء والمحتاجين والمساكين فهو لا يرد طلبا، ولا يمسك شيئا من ماله لا قليلا ولا كثيرا، وربما مر عليه بعض الأشهر يستدين على راتبه، ولربما باع أغراضا مهمة لإنفاق قيمتها في سبيل الله.
ثانيا: يتمثل كرمه في أنه ما يدنو وحده إلى طعامه، ولا يأكل منفردا وحيدا، وإنما إذا حضر طعامه أحضر الناس على طعامه وسفرته، ويحضر العلماء والطلبة والمفكرون والأدباء والعامة وعابري السبيل والفقراء والمساكين، فيحيي الجميع ويرحب بهم أطيب الترحيب، ثم إذا أراد أحدهم أن يستعجل قال: كل باختياره لا ينظر أحد إلى أحد ويقول لمن دعا الله له، جعل الله فيه العافية.
بمثل هذه الأخلاق الرضية، والصفات الحميدة، حصل للشيخ طيب الذكر، وحسن الأثر، لا في الرياض وحدها، ولا في المملكة فحسب، ولا في العالم العربي ولكن في جميع العالم كله، وهناك – ولله الحمد والمنة – إجماع أو شبه إجماع على حبه وعلى أنه البقية الباقية الثابتة على طريق السلف الصالح.
وهذه الصور المشرقة التي سقناها عن كرم الشيخ وجوده تعتبر بمثابة دعوة مفتوحة إلى التنافس في الخير، والتسابق في ميادين الفضيلة والبعد عن الشح والحرص والبخل، وذلك أن الإسلام دين يقوم على التعاون والبر والبذل والإنفاق، ويحذر من الأنانية والإمساك ولذلك رغب صلى الله عليه وسلم في أن تكون النفوس بالعطاء سخية، والأكف بالخير ندية، ووصى أمته بالمسارعة إلى دواعي الإحسان، ووجوه البر وبذل المعروف، وإلى كل خلق نبيل.
إن الشيخ – حفظه الله – يمتاز باعتدال في بنيته، مع المهابة، وهو ليس بالطويل البائن، ولا القصير جدا، بل هو عوان بين ذلك، مستدير الوجه، حنطي اللون، أقنى الأنف، ومن دون ذلك فم متوسط الحجم، ولحية قليلة على العارضين، كثة تحت الذقن، كانت سوداء يغلبها بعض البياض فلما كثر بياضها صبغها بالحناء، وهو ذو بسمة رائعة تراها على أسارير وجهه إن ابتسم؛ وهو عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ويمتاز بالتوسط في جسمه فهو ليس بضخم الكفين ولا القدمين؛ وأوصافه فيها شبه من أوصاف العلماء السابقين – رحمهم الله -.

إن الفراسة حلية معلومة، وخصلة حميدة لكبار العلماء وأهل الفضل والهدى، والفراسة كما قال عنها الإمام ابن القيم – رحمه الله -. الفراسة الإيمانية سببها نور يقذفه الله في قلب عبده يفرِّق به بين الحق والباطل، والحال والعاطل، والصادق والكاذب، وهذه الفراسة على حسب قوة الإيمان، فمن كان أقوى إيمانا فهو أحدَّ فراسة، وكان أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – أعظم الأمة فراسة، وبعده عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ووقائع فراسته مشهورة، فإنه ما قال لشيء. " أظنه كذا إلا كان كما قال " ويكفي في فراسته موافقته ربه في مواضع عدة.
وفراسة الصحابة – رضي الله عنهم – أصدق الفراسة، وأصل هذا النوع من الفراسة عن الحياة والنور اللذين يهبهما الله تعالى لمن يشاء من عباده، فيحيا القلب بذلك ويستنير، فلا تكاد فراسته تخطئ، قال تعالى. { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}
قال بعض السلف. " من غض بصره عن المحارم وأمسك نفسه عن الشهوات وعمر باطنه بالمراقبة وظاهره باتباع السنة لم تخطئ فراسته ".
والشيخ عبد العزيز – وقاه الله مصارع السوء – ولا نزكي على الله أحدا -، صاحب بصيرة نافذة، وفراسة حادة، يعرف ذلك جيدا من عاشره وخالطه، وأخذ العلم على يديه. ومما يؤكد على فراسته أنه يعرف الرجال وينزلهم منازلهم، فيعرف الجادّ منهم في هدفه ومقصده من الدعاة وطلبة العلم فيكرمهم أشد الإكرام، ويقدمهم على من سواهم، ويخصهم بمزيد من التقدير ويسأل عنهم وعن أحوالهم دائما، وله فراسة في معرفة رؤساء القبائل والتفريق بين صالحهم وطالحهم، وله فراسة أيضا في ما يعرض عليه من المسائل العويصة، والمشكلات العلمية؛ فتجده فيها متأملا متمعنا لها، تقرأ عليه عدة مرات، حتى يفك عقدتها، ويحل مشكلها، وله فراسة أيضا في ما يتعلق بالإجابة عن أسئلة المستفتين، فهو دائما يرى الإيجاز ووضوح العبارة ووصول المقصد إن كان المستفتي عاميا من أهل البادية، وإن كان المستفتي طالب علم حريص على الترجيح في المسألة، أطال النفس في جوابه مع التعليلات وذكر أقوال أهل العلم، وتقديم الأرجح منها، وبيان الصواب بعبارات جامعة مانعة.
جزاه الله خيرا، وأعظم له أجرا.
يتبع ………………..
[/B]

منقول

بآرك الله فيك ؛

موفق ؛

بارك الله فيك ..

ربي يعطيك العافيه ..

أستــــغفر الله العظيم

التصنيفات
الارشيف الدراسي

بحث عن أهم الصفات الخلقية للنبي الكريم -اصف التاسع

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

مقدمة

يشتمل هذا البحث على أهم الصفات الخَلْقية للنبي الكريم؛ وذلك لتتعرف أكثر على أشرف المخلوقين، وأفضل السابقين واللاحقين، فكلما ازدادت معرفتنا به ازداد حبنا له؛ لأن معرفته تقوي محبتنا له، وإذا ما أحببناه اقتدينا بهديه وتأدبنا بآدابه وتعاليمه.. فلا تجعل ذهنك يفارق صورة النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه وأخلاقه.

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم يمتاز بسمو خلق لا يحيط بوصفه البيان، وكان من أثره أن القلوب فاضت بإجلاله، وتفانى الرجال في حياطته وإكباره، بما لا تعرف الدنيا لرجل غيره، فالذين عاشروه أحبوه إلى حد الهيام ولم يبالوا أن تندق أعناقهم ولا يخدش له ظفر، وما أحبوه كذلك إلا لأن أنصبته قد فاضت بكم من الصفات الخلقية التي تعشق عادة ولم يرزق بمثلها بشر – فنقدم في هذا البحث بعض الروايات في بيان بعض عظيم صفاته وأخلاقه مع اعتراف العجز عن الإحاطة.

وايضا في المرفقات

يتبع ..

الملفات المرفقة

* اسمه:
1- قال الله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ} (الفتح: 29).
2- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي" رواه مسلم.
3 – وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا تعجبون كيف يصـرف الله عني شتم قريش، ولعنهم؟ يشتمون مذممًا، ويلعنون مذممًا، وأنا محمد".
4 – وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم" رواه مسلم.
5 – وقال صلى الله عليه وسلم: "تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي، فإنما أنا قاسم أقسم بينكم" رواه مسلم.
* فضائله:
1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللهِ فَضْلًا كَبِيرًا} (الأحزاب 45، 46).
2- {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (الأحزاب: 40).
3- {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (الأنبياء: 107).
4- وقال صلى الله عيه وسلم: "أنا أكثر الأنبياء تبعًا يوم القيامة، وأنا أول من يقرع باب الجنة" صحيح مسلم.
5- وقال صلى الله عليه وسلم: "أنا أول شفيع في الجنة، لم يُصدق نبي من الأنبياء ما صدقت، وإن نبيًا من الأنبياء ما صدقه من أمته إلا رجل واحد" صحيح مسلم.
6- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم يوم القيام، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع ومشفع" صحيح مسلم.
7- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون" رواه الترمذي وابن ماجه وهو حديث حسن صحيح.
8- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن مثلي ومثل الأنبياء قبلي، كمثل رجل بنى بنيانًا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون لـه، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين" رواه البخاري ومسلم.
9- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني عند الله مكتوب خاتم النبيين، وإن آدم لمنجدل في طينته، وسأخبركم بأول أمري: دعوة إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني، وقد خرج لها نور أضاءت لها منه قصور الشام". رواه أحمد والطبراني والبيهقي وصححه ابن حبان (لمنجدل: ملقى على الأرض).

يتبع ..

* لونه:
عن أبي الطفيل رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما على وجه الأرض رجل رآه غيري قال: فكيف رأيته؟ قال: كان أبيض مليحًا مقصدًا. رواه مسلم.
وعن أنس رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم أزهر اللون ليس بأبيض أمهق ولا آدم. رواه البخاري ومسلم، والأزهر: هو الأبيض المستنير المشرق، وهو أحسن الألوان.
وعن أبي الطفيل رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم أبيض مليحًا مقصدًا. رواه مسلم.
وعن أبي جحيفة رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم أبيض قد شاب. رواه البخاري ومسلم.
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم أبيض مشربًا بياضه حمرة. رواه أحمد والترمذي والبزار وابن سعد وأبو يعلى والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.

* وجهه:
كان الرسول صلى الله عليه الصلاة والسلام أسيَل الوجه، مسنون الخدين ولم يكن مستديرًا غاية التدوير، بل كان بين الاستدارة والإسالة، وهو أجمل عند كل ذي ذوق سليم. وكان وجهه مثل الشمس والقمر في الإشراق والصفاء، مليحًا كأنما صيغ من فضة لا أوضأ ولا أضوأ منه.
وعن كعب بن مالك رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرّ استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر. رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي إسحاق قال: سُئل البراء أكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ قال: لا، بل مثل القمر. رواه البخاري.
وقال أبو هريرة: ما رأيت شيئًا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأن الشمس تجري في وجهه.
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة إضحيان( مقمرة)، وعليه حُلَّة حمراء، فجعلتُ أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى القمر، فإذا هو عندي أحسنُ من القمر".

* جبينه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيل الجبين"، (الأسيل: هو المستوي)، أخرجه عبد الرازق والبيهقي ابن عساكر.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان صلى الله عليه وسلم أجلى الجبهة، إذا طلع جبينه من بين الشعر، أو طلع في فلق الصبح، أو عند طفل الليل، أو طلع بوجهه على الناس تراءوا جبينه كأنه ضوء السرج المتوقد يتلألأ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم واسع الجبهة. رواه البيهقي في دلائل النبوة وابن عساكر.

* عيناه:
كان النبي صلى الله عليه وسلم أكحل العينين أهدب الأشفار إذا وطئ بقدمه وطئ بكلّها ليس له أخمص إذا وضع رداءه عن منكبيه فكأنه سبيكة فضة" البيهقي وحسنه الألباني.
وكان صلى الله عليه وسلم "إذا نظرت إليه قُلت أكحل العينين وليس بأكحل"، رواه الترمذي.
وعن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيم العينين، هَدِبُ الأشفار، مشرب العينين بحمرة. رواه أحمد وابن سعد والبزار. ومعنى مشرب العينين بحمرة: أي عروق حمراء رقاق.
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كنت إذا نظرت إليه قلت: أكحل العينين وليس بأكحل صلى الله عليه وسلم. رواه الترمذي وأحمد وأبو يعلى والحاكم والطبراني في الكبير.

* أنفه:
يحسبه من لم يتأمله أشمًا ولم يكن أشمًا وكان مستقيمًا، أقنى أي طويلاً في وسطه بعض ارتفاع، مع دقة أرنبته (الأرنبة هي ما لان من الأنف).
* خـدّاه:
عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسَلِّمُ عن يمينه وعن يساره حتى يُرى بياض خده"، أخرجه ابن ماجه وقال مقبل الوادي هذا حديث صحيح.
قال يزيد الفارسي رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميل دوائر الوجه. رواه أحمد.
* رأسه :
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضخم الرأس. رواه أحمد والبزار وابن سعد.
قال هند بن أبي هالة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيم الهامة. رواه الطبراني في الكبير والترمذي في الشمائل.
* فمه وأسنانه:
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضليع الفم.. قال شعبة: قلت لسماك: ما ضليع الفم؟ قال: عظيم الفم. رواه مسلم.
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ضليع الفم (أي واسع الفم) جميلهُ، وكان من أحسن عباد الله شفتين وألطفهم ختم فم. وكان وسيمًا أشنب أبيض الأسنان مفلج (متفرق الأسنان) بعيد ما بين الثنايا والرباعيات، أفلج الثنيَّتين (أي الأسنان الأربع التي في مقدم الفم، ثنتان من فوق وثنتان من تحت) إذا تكلم رُئِيَ كالنور يخرج من بين ثناياه". وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلج الثنيتين، إذا تكلم رُئي كالنور يخرج من بين ثناياه. رواه الدرامي والترمذي في الشمائل. وأفلج الثنيتين أي متفرق الأسنان الأربع التي في مقدم الفم، ثنتان من فوق وثنتان من تحت.

* سمعه:
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة له ونحن معه، إذ حادت به فكادت تلقيه، وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة، فقال: "من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟". فقال رجل: أنا. قال: "فمتى مات هؤلاء؟". قال: ماتوا على الإشراك. فقال: "إن هذه الأمة تبتلى في قبورها. فلولا ألا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه". رواه مسلم.
* صوته:
عن أم معبد رضي الله عنها، قالت: كان في صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم صهل. رواه الطبراني في الكبير والحاكم وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها، قالت: إني كنت لأسمع صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على عريشي. يعني قراءته في صلاة الليل. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والحاكم والطبراني.
* ريقه:
لقد أعطى الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم خصائص كثيرة لريقه الشريف، ومن ذلك أن ريقه صلى الله عليه و سلم فيه شفاء للعليل، ورواء للغليل وغذاء وقوة وبركة ونماء… فكم داوى صلى الله عليه وسلم بريقه الشريف من مريض فبرئ من ساعته!
جاء في الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: لأعطِيَنَّ الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله. فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلهم يرجو أن يُعطاها، فقال صلى الله عليه وسلم: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه. قال: فأرسلوا إليه.
فأُتِيَ به وفي رواية مسلم: قال سلمة: فأرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي، فجئت به أقوده أرمد فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه، فبرئ كأنه لم يكن به وجع…
وعن يزيد بن أبي عبيد قال: "رأيت أثر ضربة في ساق سلمة فقلت: يا أبا مسلم ما هذه الضربة؟ قال: هذه ضربة أصابتها يوم خيبر فقال الناس أصيب سلمة… فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فنفث فيه ثلاث نفثات فما اشتكيت حتى الساعة"، أخرجه البخاري.
وروي عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبيد عن جده قال: "أصيبت عين أبي ذر يوم أحد فبزق فيها النبي صلى الله عليه وسلم فكانت أصح عينيه"، أخرجه البخاري.
* عنقه ورقبته:
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "كأن عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم إبريق فضة"، أخرجه ابن سعد في الطبقات والبيهقي.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان أحسن عباد الله عنقًا، لا ينسب إلى الطول ولا إلى القصر، ما ظهر من عنقه للشمس والرياح فكأنه إبريق فضة يشوب ذهباً يتلألأ في بياض الفضة وحمرة الذهب، وما غيب في الثياب من عنقه فما تحتها فكأنه القمر ليلة البدر"، أخرجه البيهقي وابن عساكر.

* منكِباه:
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم بعيد ما بين المنكبين. رواه البخاري مسلم.
والمنكب هو مجمع العضد والكتف. والمراد بكونه بعيد ما بين المنكبين أنه عريض أعلى الظهر ويلزمه أنه عريض الصدر مع الإشارة إلى أن بُعد ما بين منكبيه لم يكن منافيًا للاعتدال. وكان كَتِفاه عريضين عظيمين.

* كفاه:
عن أنس أو جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ضخم الكفين لم أر بعده شبهًا له. أخرجه البخاري.
لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم رحب الراحة (أي واسع الكف) كفه ممتلئة لحمًا، غير أنّها مع غاية ضخامتها كانت لَيِّنَة أي ناعمة.
وعن أنس رضي الله عنه قال: ما مسست حريرًا ولا ديباجًا ألين من كف النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه البخاري ومسلم.
وعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة إلى البطحاء… وقام الناس فجعلوا يأخذون يديه، فيمسحون بها وجوههم. قال: فأخذت بيده فوضعتها على وجهي، فإذا هي أبرد من الثلج، وأطيب رائحة من المسك. أخرجه البخاري.
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الأولى، ثم خرج إلى أهله، وخرجت معه، فاستقبله ولدان، فجعل يمسح خدي أحدهم واحدًا واحدًا. قال: وأما أنا فمسح خدي. قال: فوجدت ليده بردًا أو ريحًا كأنما أخرجها من جونة عطار. أخرجه مسلم.
وعن عبد الله بن مسعود قال: "كنا نَعُد الآيات بَركة، وأنتم تَعُدونها تخويفاً، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقَلَّ الماء، قال عليه الصلاة والسلام: اطلبوا لي فضلة من ماء. فأدخَل يده في الإناء وقال: حَيّ على الطَّهور المبارك، والبركة من الله. ويقول ابن مسعود: لقد رأيتُ الماء ينبع من بين أصابع الرسول صلى الله عليه وسلم، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يُؤكل"، رواه البخاري.
عن إياس بن سلمة، حدثني أبي، قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنيناً إلى أن قال: ومررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته الشهباء.. فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عن بغلته، ثم قبض قبضة من تراب الأرض، ثم استقبل به وجوههم، فقال: "شاهت الوجوه، فما خلق الله منهم إنسانًا إلا ملأ عينيه ترابًا بتلك القبضة" فولوا مدبرين. أخرجه مسلم.

* صَدره:
قال هند بن أبي هالة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء البطن والصدر، عريض الصدر. رواه الطبراني والترمذي في الشمائل.
قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عريض الصدر ممسوحة، كأنه المرايا في شدتها واستوائها، لا يعدو بعض لحمه بعضًا، على بياض القمر ليلة البدر، موصول ما بين لبته إلى سرته شعر منقاد كالقضيب، لم يكن في صدره ولا بطنه شعر غيره. رواه ابن نعيم وابن عساكر والبيهقي.
* ساقاه:
عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: "… وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إلى بيض ساقيه"، أخرجه البخاري في صحيحه.
* قدماه:
قال هند بن أبي هالة رضي الله عنه: "كان النبي صلى الله عليه وسلم خمصان الأخمصين (الأخمص من القدم ما بين صدرها وعقبها، وهو الذي لا يلتصق بالأرض من القدمين، يريد أن ذلك منه مرتفع) مسيح القدمين (أي ملساوين ليس في ظهورهما تكسر) وسشن الكفين والقدمين (أي غليظ الأصابع والراحة) رواه الترمذي في الشمائل والطبراني.
وكان صلى الله عليه و سلم أشبَهَ النَّاس بسيدنا إبراهيم عليه السلام، وكانت قدماه الشَّريفتان تشبهان قدمي سيدنا إبراهيم عليه السلام كما هي آثارها في مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء في وصف سيدنا إبراهيم عليه السلام: "ورأيت إبراهيم وأنا أشبه ولده به". صحيح البخاري.
وكان أبو جهم بن حذيفة القرشي العدوي الصحابي الجليل، يقول: ما رأيت شبهًا كشبه قدم النبي صلى الله عليه وسلم بقدم إبراهيم التي كنا نجدها في المقام.

يتبع ..

* قامته وطوله:
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجهًا وأحسنهم خلقًا، ليس بالطويل البائن ولا بالقصير. رواه البخاري ومسلم.
* مشيته:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ما رأيتُ شيئًا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنَّ الشمس تجري في وجهه، وما رأيت أحدًا أسرع من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنَّما الأرض تطوى له، إنَّا لَنُجهد أنفسنا وإنَّه غير مكترث".
وعن أنس رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى تَكَفَّأ ( أي مال يميناً وشمالاً ومال إلى قصد المشية ) ويمشي الهُوَينا (أي يُقارِب الخُطا).
وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى، مشى مجتمعًا ليس فيه كسل"، (أي شديد الحركة، قوي الأعضاء غير مسترخ في المشي) رواه أحمد.

* التفاته:
كان صلى الله عليه وسلم إذا التفت التفت معًا أي بجميع أجزائه فلا يلوي عنقه يمنة أو يسرة إذا نظر إلى الشيء لما في ذلك من الخفة وعدم الصيانة وإنّما كان يقبل جميعًا ويُدبِر جميعًا لأن ذلك أليَق بجلالته ومهابته هذا بالنسبة للالتفات وراءه، أمّا لو التفت يمنة أو يسرة فالظاهر أنه كان يلتفت بعنقه الشريف.
* خاتم النبوة:
هو خاتم أسود اللون مثل الهلال وفي رواية أنه أخضر اللون، وفي رواية أنه كان أحمر، وفي رواية أخرى أنه كلون جسده. ويبلغ حجم الخاتم قدر بيضة الحمامة، وورد أنه كان على أعلى كتف النبي صلى الله عليه وسلم الأيسر.
1- عن جابر بن سمرة قال: رأيت الخاتم بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، غُدة حمراء مثل بيضة الحمامة يشبه جسده.

* رائحته:
عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون كأن عرقه اللؤلؤ، إذا مشا تكفأ، وما مسحت ديباجًا ولا حريرًا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت مسكاً ولا عنبرًا أطيب من رائحة النبي صلى الله عليه وسلم.
وعن أنس أيضًا قال: "دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَال (أي نام) عندنا، فعرِقَ وجاءت أمي بقارورة فجعلت تَسلُتُ العَرَق، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أم سُلَيم ما هذا الذي تصنعين؟ قالت: عَرَق نجعله في طيبنا وهو أطيَب الطيب"، رواه مسلم.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا صافحه الرجل وجد ريحه، وإذا وضع يده على رأس صبي فيظل يومه يُعرَف من بين الصبيان بريحه على رأسه.
يقول جابر بن سمرة: ما سلك رسول الله صلى الله عليه وسلم طريقًا فيتبعه أحد إلا عرف أنه قد سلكه من طيب عرقه، وقد كنت صبيًا – فمسح خدي فوجدت ليده بردًا أو ريحًا كأنما أخرجها من جونة عطار.

* كلامه:
قال الله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم 1-4).
كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتاز بفصاحة اللسان، وبلاغة القول، وكان من ذلك بالمحل الأفضل، والموضع الذي لا يجهل، سلاسة طبع، ونصاعة لفظ وجزالة قول، وصحة معان، وقلة تكلف، أوتي جوامع الكلم، وخص ببدائع الحكم، وعلم ألسنة العرب، يخاطب كل قبيلة بلسانها، ويحاورها بلغتها، اجتمعت له قوة عارضة البادية وجزالتها، ونصاعة ألفاظ الحاضرة ورونق كلامها إلى التأييد الإلهي الذي مدده الوحي، لذلك كان يقول لعبد الله بن عمرو: :اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق".
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعثت بجوامع الكلم، ونصرت بالرعب، فبينما أنا نائم رأيتني أوتيت بمفاتيح خزائن الأرض، فوضعت في يدي" مسند الإمام أحمد.
وكان كلامه صلى الله عليه وسلم بَيِّن فَصْل ظاهر يحفظه من جَلَس إليه، وقد ورد في الحديث الصحيح: "كان يُحَدِّث حديثاً لو عَدَّه العادُّ لأحصاه".
"وكان صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثاً لِتُعقَل عنه" رواه البخاري.

* ضحكه:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضحك إلا تَبَسُّماً، وكنتَ إذا نظرتَ إليه قُلتَ أكحل العينين وليس بأكحل"، حسن رواه الترمذي.
– وعن عبد الله بن الحارث قال: "ما رأيتُ أحداً أكثر تبسمًا من الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُحَدِّث حديثاً إلا تبَسَّم وكان مِن أضحك الناس وأطيَبَهم نَفسًا".
وكان صلى الله عليه وسلم إذا ضحك بانت نواجذه أي أضراسه من غير أن يرفع صوته، وكان الغالب من أحواله التَّبَسُّم.
يقول خارجة بن زيد: كان النبي صلى الله عليه وسلم أوقر الناس في مجلسه لا يكاد يخرج شيئاً من أطرافه، وكان كثير السكوت، لا يتكلم في غير حاجة، يعرض عمن تكلم بغير جميل، كان ضحكه تبسمًا، وكلامه فصلاً، لا فضول ولا تقصير، وكان ضحك أصحابه عنده التبسم، توقيراً له واقتداءً به.
قال أبو هريرة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ضحك كاد يتلألأ في الجدر. رواه عبد الرزاق في مصنفه.

* خاتمه:
كان خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة، نقش عليه من الأسفل إلى الأعلى "محمد رسول الله"، وذلك لكي لا تكون كلمة "محمد" صلى الله عليه وسلم فوق كلمة "الله" سبحانه وتعالى.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:" لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى العجم، قيل له: إن العجم لا يقبلون إلا كتابًا عليه ختم، فاصطنع خاتمًا، فكأني أنظر إلى بياضه في كفه"، رواه الترمذي في الشمائل والبخاري ومسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: "اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً من ورِق (أي من فضة) فكان في يده، ثم كان في يد أبي بكر ويد عمر، ثم كان في يد عثمان، حتى وقع في بئر أريس" وأريس بفتح الهمزة وكسر الراء، هي بئر بحديقة من مسجد قباء.

يتبع ..

* وصف أم معبد:
قالت أم معبد الخزاعية في وصف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لزوجها، حين مر بخيمتها مهاجرًا:
رجل ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه، حسن الخلق لم تعبه تجلة، ولم تزر به صعلة، وسيم قسيم، في عينيه دعج، وفي أشعاره وطف، وفي صوته صحل، وفي عنقه سطح، أحور، أكحل، أزج، أقرن، شديد سواد الشعر، إذا صمت علاه الوقار، وإن تكلم علاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأحسنهم وأحلاهم من قريب، حلو المنطق، فضل، لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات نظمن يتحدرن، ربعة، لا تقحمه عين من قصر ولا تشنؤه من طول، غصن بين غصنين، فهو أنظر الثلاثة منظرًا، وأحسنهم قدرًا، له رفقاء يحفون به، إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادروا إلى أمره، محفود، محشود، لا عابس ولا مفند.

* وصف علي بن أبي طالب:
قال علي رضي الله عنه وهو ينعت رسول الله صلى الله عليه وسلم – لم يكن بالطويل الممغط، ولا القصير المتردد، وكان ربعة من القوم، لم يكن بالجعد القطط، ولا بالسبط، وكان جعداً رَجلاً، ولم يكن بالمطهم ولا بالمكلثم، وكان في الوجه تدوير، وكان أبيض مشرباً، أدعج العينين، أهدب الأشفار، جليل المشاش والكتد، دقيق المسربة، أجرد، شثن الكفين والقدمين، إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب، وإذا التفت التفت معاً، بين كتفيه خاتم النبوة، وهو خاتم النبيين، أجود الناس كفاً، وأجرأ الناس صدراً، وأصدق الناس لهجة، وأوفى الناس ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم.

* وصف هند بنت أبي هالة:
كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان، دائم الفكرة، ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه -لا بأطراف فمه- ويتكلم بجوامع الكلم، فصلاً لا فضول فيه ولا تقصير دمثاً ليس بالجافي ولا بالمهين، يعظم النعمة وإن دقت، لا يذم شيئاً، ولم يكن يذم ذواقاً -ما يطعم- ولا يمدحه، ولا يقام لغضبه إذا تعرض للحق بشيء حتى ينتصر له لا يغضب لنفسه، ولا ينتصر لها – سماح – وإذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، جل ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام.
وكان يخزن لسانه إلا عما يعنيه. يؤلف أصحابه ولا يفرقهم، يكرم كريم كل قوم، ويوليه عليهم، ويحذر الناس، ويحترس منهم من غير أن يطوى عن أحد منهم بشره.
يتفقد أصحابه – ويسأل الناس عما في الناس، ويحسن الحسن ويصوبه، ويقبح القبيح ويوهنه، معتدل الأمر، غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا لكل حال عنده عتاد، لا يقصر عن الحق، ولا يجاوزه إلى غيره الذي يلونه من الناس خيارهم، وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة.
كان لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر، ولا يوطن الأماكن – لا يميز لنفسه مكاناً – إذا انتهى إلى القوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك، ويعطي كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه، من جالسه أو قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول، وقد وسع الناس بسطه وخلقه، فصار لهم أبا، وصاروا عنده في الحق متقاربين. يتفاضلون عنده بالتقوى، مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن فيه الحرم -لا تخشى فلتاته- يتعاطفون بالتقوى، يوقرون الكبير، ويرحمون الصغير، ويرفدون ذا الحاجة، ويؤنسون الغريب.
كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صخاب، ولا فحاش، ولا عتاب، ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يقنط منه قد ترك نفسه من ثلاث الرياء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث لا يذم أحداً، ولا يعيره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه، كأنما على رؤوسهم الطير، وإذا سكت تكلموا. لا يتنازعون عنده الحديث. من تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم حديث أولهم، يضحك مما يضحكون منه، ويعجب مما يعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في المنطق، ويقول إذا رأيتم صاحب الحاجة يطلبها فأرفدوه، ولا يطلب الثناء إلا من مكافئ.

* وصف عمرو بن العاص:
عن ابن شُمَاسَةَ المهَرِيِّ قال حضرنا عمرو ابن العاص فذكر لنا حديثاً طويلاً فيه: "وما كان أحدٌ أحب إليَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أجلَّ في عيني منه، وما كنت أطيقُ أن أملأ عيني منهُ إجلالاً له، ولو سئلتُ أن أصفه ما أطقت، لأني لم أكن أملأ عيني منه".
وصلى اللهم على خير الأنام سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.

يتبع ..

أخلاق الحبيب
أخلاقه:
1 – قال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (آل عمران: 159).
2 – وقال تعالى: {ن والقَلَمِ وَما يَسْطُرُون * ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُون * وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُون * وَإِنَّكَ لَعلى خُلُقٍ عَظِيم} (القلم:1 – 4).
3 – وقال تعالى: "لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِين رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ" (التوبة: 128).
4 – وقال تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} (الأنبياء: 107).
5 – وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله أدع على المشركين، قال: "إني لم أُبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة". رواه مسلم.
6 – وعن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، فقال: (أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يُقيم به الملة والعوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح به أعينًا عُميًا، وآذانًا صُمًّا، وقلوبًا غُلفًا). رواه البخاري
7 – وكان صلى الله عليه وسلم، إذا أتاه السائل، أو صاحب الحاجة قال: (اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء) رواه البخاري
8 – وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أحسن الناس خلقًا، فأرسلني يومًا لحاجة، فقلت: والله! لا أذهب وفي نفسي، أن أذهب لما أمرني به. قال: فخرجت حتى مر على صبيان وهم يلعبون في السوق فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قابض بقفاي من ورائي فنظرت إليه وهو يضحك فقال: يا أنيس اذهب حيث أمرتك. قلت: نعم! أنا أذهب يا رسول الله. صحيح الترمذي
9 – ويقول أنس: "والله لقد خدمته تسع سنين ما علمته قال لشيء صنعته: لم فعلت كذا وكذا، أو لشيء تركته: هلا فعلت كذا وكذا" رواه مسلم
وفي رواية لأحمد: "ما قال لي فيها أف".
10 – وعن أبي أُمَامَة الباهِليِّ رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: "أَنا زَعِيمٌ ببَيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِراءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقّاً، وَببيتٍ في وَسَطِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وإِن كَانَ مازِحًا، وَببيتٍ في أعلى الجَنَّةِ لِمَن حَسُنَ خُلُقُهُ" حديث صحيح، رواه أبو داود بإسناد صحيح.
11 – وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم اهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت" رواه مسلم.

* تواضعه:
كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرقّع ثوبه، ويخصف نعله، ويحلب شاته، ويأكل مع العبد، ويجلس على الأرض، ولا يمنعه الحياء أن يحمل حاجته من السوق إلى أهله، ويصافح الغني والفقير، ولا ينزع يده من يد أحد حتى ينزعها هو، ويسلم على من استقبله من غني وفقير وكبير وصغير، ولا يحقر ما دعي إليه ولو إلى حشف التمر، وإذا انتهى إلى القوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك، ويعطي كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه أن أحدًا أكرم عليه منه، من جالسه أو قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول، وقد وسع الناس بسطه وخلقه، فصار لهم أبا، وصاروا عنده في الحق متقاربين. يتفاضلون عنده بالتقوى.
1 – روى البخاري في صحيحه من حديث الأسود قال: سألت عائشة رضي الله عنها ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في أهله؟ قالت: كان في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة". رواه البخاري.
2 – وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن كانت الأمة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنطلق به حيث شاءت. رواه البخاري
3 – وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما كان شخصٌ أحبُّ إليهم من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك. رواه أحمد والترمذي والبخاري في الأدبِ المفردِ بأسانيدَ صحيحة.
4 – وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة عند موته: "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم؛ فإنما أنا عبد الله ورسوله" رواه البخاري.
5 – وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعى إلى خبز الشعير "والإهالة السنخة". رواه أحمد وصححه الألباني ( الإهالة: الدَّسَم الجامد، والسَّنِخة المتغيرة الريح).
6 – وكان النبي صلى الله عليه وسلم يزور الأنصار ويسلم على صبيانهم ويمسح رؤوسهم. رواه النسائي وصححه الألباني.
7 – وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم. رواه الحاكم وصححه الألباني.
8 – يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحدٍ ولا يبغي أحد على أحد" أخرجه مسلم.
9 – عن أنس رضي الله عنه قال: "كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تُسبَق أو لا تكاد تُسبَق، فجاء أعرابي على قعود له (أي جمل) فسبقها، فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه" رواه البخاري.

يتبع ..

* صبره:
1 – قال الله تعالى: "وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ".
2 – عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًّا من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه يقول اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. متفق عليه
3 – وعن أبي سعيد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنهما أن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم حتى نفد ما عنده فقال لهم حين أنفق كل شيء بيده ما يكن من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطى أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر. متفق عليه

* رفقه:
1 – عن أنس رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد وأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يصيحون به: مه مه (أي اترك)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزرفوه دعوه" (لا تقطعوا بوله)، فترك الصحابة الأعرابي يقضي بوله، ثم دعا الرسول عليه الصلاة والسلام الأعرابي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي: "إن المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين صبوا عليه دلوا من الماء. فقال الأعرابي: اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدًا. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لقد تحجرت واسعًا، أي ضيقت واسعًا" متفق عليه.
2 – وفي قصة معاوية بن الحكم وقد عطس أمامه رجل في صلاته فشمته معاوية وهو يصلي فقال: فحدقني القوم بأبصارهم. فقلت: واثكل أمياه ما لكم تنظرون إليّ؟ قال: فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يسكتونني سكت.
فلما انصرف رسول الله دعاني، بأبي هو وأمي، ما ضربني ولا كهرني ولا سبني، ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه. رواه النسائي وأبو داود.
3 – وعن عائشة قالت: استأذن رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليكم! قالت عائشة: فقلت: بل عليكم السام واللعنة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله. قالت: ألم تسمع ما قالوا؟ قال: قد قلت: وعليكم. متفق عليه.
4 – كان رسول الله صلى الله عليه وسلـم إذا بعث أحدًا من أصحابه في بعض أمره، قال: "بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا". متفق عليه.
5 – وعن أَبي قَتادَةَ الْحارِثِ بنِ ربْعي رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: "إِنِّي لأَقُومُ إِلَى الصَّلاةِ، وَأُرِيدُ أَنْ أُطَوِّل فِيها، فَأَسْمعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجوَّز فِي صلاتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ" رواه البخاري

* شجاعته:
كان النبي صلى الله عليه وسلم من الشجاعة والنجدة والبأس بالمكان الذي لا يجهل، كان أشجع الناس، حضر المواقف الصعبة، وفر عنه الكماة والأبطال غير مرة، وهو ثابت لا يبرح، ومقبل لا يدبر، ولا يتزحزح، وما شجاع إلا وقد أحصيت له فَرّة وحفظت عنه جولة سواه.
1 – عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه -وهو من أبطال الأمة وشجعانها- قال: (إنا كنا إذا اشتد بنا البأس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه، ولقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو) رواه أحمد والطبراني والنسائي.
2 – وعن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا. رواه البخاري ومسلم.
3 – وجاء رجل إلى البراء بن عازب، فقال: أكتم وليتم يوم حنين، يا أبا عمارة؟ فقال: أشهد على نبي الله صلى الله عليه وسلم ما ولى، ولكنه انطلق أخفاء من الناس، وحسر إلى هذا الحي من هوازن، وهم قوم رماة، فرموهم برشق من نبل، كأنها رجل من جراد، فانكشفوا، فأقبل القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو سفيان بن الحارث يقود به بغلته، فنزل ودعا واستنصر، وهو يقول: (أنا النبي لا أكذب، أنا ابن عبد المطلب، اللهم أنزل نصرك).
4 – عن ابْنِ عَبَّاس رضي اللَّه عنهما أيضًا قال: "حسْبُنَا اللَّهُ ونِعْمَ الْوكِيلُ قَالَهَا إبْراهِيمُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم حينَ أُلْقِى في النَّارِ، وَقالهَا مُحمَّدٌ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم حيِنَ قَالُوا: "إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيماناً وقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوكِيلُ" رواه البخاري.
* رحمته:
1 – عن سهيل بن الحنظلية قال: مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعير قد لحق ظهره ببطنه، فقال: "اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة". "المعجمة: التي لا تنطق". رواه أبو داود بإسناد صحيح.
2 – وعن عبد الله، عن أبيه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حُمرة (طائر يشبه العصفور) معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة، فجعلت تُعرش، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها. أبو داود.
3 – وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته". رواه مسلم.
4 – و رأى النبي -صلى اللّه عليه وسلم- رجلاً أضجع شاة، وهو يحد شفرته، فقال: "‏لقد أردت أن تميتها موتات، هلا حددتها قبل أن تضجعها‏؟!"‏ حديث صحيح على شرط البخاري.
5 – وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه مر بفتيان من قريش قد نصبوا طيرًا وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا فقال ابن عمر من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا إن رسول الله صلى الله علية وسلم لعن من اتخذ شيئًا فيه الروح غرضًا. متفق عليه.

* جوده:
1 – كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان، حتى ينسلخ، فيأتيه جبريل، فيعرض عليه القرآن، فإذا لقيه جبريل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة. رواه البخاري ومسلم.
2 – وعن أنس: أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم غنمًا بين جبلين فأعطاه إياه، فأتى قومه فقال: أي قوم أسلموا فوالله إن محمدًا ليُعطي عطاء ما يخاف الفقر، فقال أنس: إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يُسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها. رواه مسلم.
* زهده:
1 – ثبت في الصَّحيحين من حديث ابن عبَّاس عن عمر بن الخطاب في حديث إيلاء رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من أزواجه، أن لا يدخل عليهنَّ شهراً، واعتزل عنهنَّ في علية، فلما دخل عليه عمر في تلك العلية فإذا ليس فيها سوى صبرة من قرظ، وأهبة معلقة، وصبرة من شعير، وإذا هو مضطجع على رمال حصير، قد أثَّر في جنبه، فهملت عينا عمر فقال:‏ ما لك‏؟‏‏‏‏ فقلت:‏ يا رسول الله أنت صفوة الله من خلقه، وكسرى وقيصر فيما هما فيه.‏ فجلس محمراً وجهه فقال: أوفي شكٍ أنت يا ابن الخطاب‏؟‏‏ ‏ ثم قال: أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدُّنيا. ‏وفي رواية لمسلم: أما ترضى أن تكون لهم الدُّنيا ولنا الآخرة فقلت:‏ بلى يا رسول الله.‏ قال:‏ ‏ ‏فاحمد الله عز وجل.‏
2 – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا" (أي ما يسدُّ الجوع) متفق عليه.
3 – وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتلوى من الجوع، ما يجد ما يملأ من الدقل بطنه. (الدقل: رديء التمر) رواه مسلم.
4 – عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما شبع آل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز بُرٍّ. أخرجه البخاري ومسلم.
* بكاؤه:
1 – عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ عليّ القرآن فقلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل. قال: إني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأت عليه سورة النساء حتى إذا جئت إلى هذا الآية (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا). قال: حسبك الآن، فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان. رواه البخاري ومسلم.
2 – وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهو يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله، فقال يا ابن عوف إنها رحمة ثم أتبعها بأخرى، فقال: "إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون" رواه البخاري.
3 – وعن عبد الله بن الشَّخيّر رضي الله عنه قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء" سنن أبي داود بسند صحيح.

يتبع ..

* واجبنا:
إن للرسول صلى الله عليه وسلم حقوقًا وواجبات إذا أداها المسلم نفعه الله به، وأسعده بشفاعته، وأكرمه بورود حوضه، وسقاه من ماء كوثره.
فإذا كنت محبًّا صادقًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتخلق بأخلاقه صلى الله عليه وسلم ومن ذلك:
1 – طاعته واتباعه في كل ما أمر به، والعمل بسنته، والحكم بقرآنه والإكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم.
2 – اترك الفحش، وهو كل ما قبح وساء من قول أو فعل.
3 – أخفض صوتك، وأغضض منه إذا نطقت، وخاصة في المجتمعات العامة، كالأسواق والمساجد، والحفلات وغيرها، ما لم يقتضي الأمر ذلك.
4 – ادفع السيئة التي قد تصيبك من أحد بالحسنة، بأن تعفو عن المسيء، فلا تؤاخذه، وتصفح عنه بأن لا تعاقبه، ولا تهجره.
5 – اترك التأنيب المذموم لخادمك، أو زميلك أو ولدك، أو تلميذك، أو زوجتك إذا أخطئوا أو قصروا.
6 – لا تُقصر في واجبك، ولا تبخس حق غيرك، حتى لا تضطره إلى أن يقول لك: لِمَ فعلت كذا…؟ أو لِمَ لم لا تفعل كذا؟ لائمًا عليك، أو عاتبًا عليك.
7 – اترك الضحك إلا قليلاً، وليكن جلّ ضَحِكك التبسم.
8 – العمل ومشاركة الآخرين، والسرور بذلك إظهارًا لعدم التكبر.
9 – عدم الرضا بالمدح الزائد، والإطراء المبالغ فيه، والاكتفاء بما هو ثابت للعبد، وبما قام به من صفات الحق والفضل والخير.
10 – لا تنطق ببذاء ولا جفاء، ولا كلام فاحش ولو مازحًا.
11 – لا تقل سوءاً ولا تفعله.
12 – لا تواجه أحدًا من إخوانك بمكروه.
13 – لا تكثر المزاح، ولا تقل إلا الصدق.
14 – ارحم الإنسان والحيوان حتى يرحمك الله تعالى.
15 – احذر البخل، فهو مكروه من الله والناس.
16 – نم باكرًا، واستيقظ للعبادة والاجتهاد والعمل.
17 – لا تتأخر عن صلاة الجماعة في المسجد.
18 – احذر الغضب وما ينتج عنه، وإذا غضبت فاستعذ من الشيطان الرجيم.
19 – الزم الصمت، ولا تكثر الكلام فهو مسجل عليك.
20 – اقرأ القرآن بفهم وتدبر، واسمعه من غيرك، واعمل به.
21 – كن شجاعًا، وقل الحق ولو على نفسك.
22 – اقبل النصيحة من كل إنسان واحذر ردها.
23 – أحب للناس ما تحب لنفسك.
24 – كن نظيفًا في مظهرك ولباسك.
25 – تمسك بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى تدخل في قوله: "إن من ورائكم أيام الصبر، للمُتمسك فيهن بما أنتم عليه أجرُ خمسين منكم، قالوا: يا نبي الله أو منهم؟ قال: بل منكم".

فضائل الصلاة على النبي

للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فضل عظيم.. نذكر من ذلك بعض ما ثبت بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة:
أولا: أن العبد حين يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم يوافق في ذلك رب العزة سبحانه وتعالى الذي يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مع اليقين أن الصلاتين مختلفتان؛ فصلاة الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ثناء وتشريف، أما صلاتنا فهي دعاء وسؤال إلى الله تعالى أن يعلي قدر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ويعظم من شأنه.
ثانيا: التخلق بخلق الملائكة الكرام الذين يصلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثالثا: اتباع الأمر الإلهي الوارد في القرآن بالصلاة والسلام على إمام المتقين صلى الله عليه وسلم.
رابعا: يحصل من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة واحدة على فضل عظيم، وهو أن الله تعالى ينعم على هذا العبد بأن يعطيه عشر أضعاف ما فعل، مع اختلاف عظيم ألا وهو أن ذكر الله لعبده أعظم وأجل من ذكر العبد للنبي صلى الله عليه وسلم، والدليل على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلي علي واحدة صلى الله عليه عشرا" رواه مسلم وغيره. بل ورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قوله: "من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم واحدة صلى الله عليه وملائكته سبعين مرة" رواه أحمد بإسناد حسن.
خامسا: أن المصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع له بها عشر درجات، ويحط (يمحى) عنه عشر خطيئات للحديث: "من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات ، وحط عنه عشر خطيئات، ورفعت له عشر درجات" حديث صحيح.
فما أسعد المصلي المسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يمن الله عليه بكل هذا الخير بهذا الفعل اليسير المحبب لقلوب كل المحبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
سادسا: أن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم تعدل بالإضافة إلى ما سبق عتق عشر رقاب، وهذا المعنى وإن كان قد ورد في حديث ضعيف ولكن يؤكد معناه ما ورد ثابتًا عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: "الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- أفضل من عتق الرقاب".
سابعا: ومن فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أنها سبب في شفاعته سواء أكانت الصلاة مستقلة بذاتها، أم مقرونة بسؤال الوسيلة له، صلى الله عليه وسلم. روى الطبراني بسند حسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال اللهم صلى على محمد وأنزله المقعد المقرب عندك يوم القيامة وجبت له شفاعتي".
وقال صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشر، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له شفاعتي".
ويستمر المؤمن يقطف الثمار المرجوة من أفضال الصلاة والسلام على النبي المختار فيجد أنها: سبب لغفران الذنوب، ومن منا لا يذنب.

ثامنا: وكذلك جعلها الله سببًا لكفاية العبد ما أهمه في أمر الدنيا وآخرته.
والدليل على الأمرين السابقين حديث أبي بن كعب رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ربع الليل قام فقال: يا أيها الناس، اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، قال أبي بن كعب: فقلت يا رسول الله إني أكثر الصلاة فكم أجعل لك في صلاتي (دعائي)؟ قال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك، قال: فقلت: فثلثين؟ قال: ما شئت وإن زدت فهو خير لك، فقلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذًا يكفي الله همك ويغفر لك ذنبك"، وفي رواية عند الطبراني بإسناد حسن: "إذًا يكفيك الله ما أهمك في أمر دنياك وآخرتك".
تاسعا: والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبب لقرب العبد منه يوم القيامة للحديث: "أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة" رواه الترمذي وحسنه وصححه الألباني فسعدًا لمن يكون قريبًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
عاشرا: وهي سبب في رد الرسول صلى الله عليه وسلم السلام والصلاة على المصلى والمسلم عليه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لحديث أبي هريرة: "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام" رواه أبو داود بإسناد حسن، وحكم السلام كحكم الصلاة.
حادي عشر: أن الملائكة تحمل صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم وتبلغها له للحديث: إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام" صحيح.
ثاني عشر: وهي سبب في أن يقوم العبد على الصراط بعد أن كان يزحف ويحبو عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم "ورأيت رجلا من أمتي يزحف على الصراط ويحبو أحيانًا ويتعلق أحيانًا فجاءته صلاته علي فأقامته علي قدميه وأنقذته".
كذلك فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تسكن من رعدة العبد وهو يسير على الصراط لقول النبي صلى الله عليه وسلم "ورأيت رجلاً من أمتي يرعد على الصراط كما ترعد السعفة فجاءته صلاته علي فسكنت رعدته".
ثالث عشر: ومن فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أنه يرجى قبول الدعاء إذا قدمها الداعي أمامه فقد روى النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سَمِعَ رَجُلاً يَدْعُو فِي صَلاَتِهِ لَمْ يُمَجِّدِ اللهَ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "عَجِلْتَ أَيُّهَا الْمُصَلِّى".‏ ثُمَّ عَلَّمَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً يُصَلِّى فَمَجَّدَ اللهَ وَحَمِدَهُ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "ادْعُ تُجَبْ وَسَلْ تُعْطَ".
رابع عشر: أن الدعاء إذا كان بين صلاتين على النبي صلى الله عليه وسلم فذلك أرجى لقبول الدعاء لوجوده بين مقبولين. وهي سبب في صلاة الملائكة على المصلي على النبي صلى الله عليه وسلم للحديث: "من صلى علي صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلي علي.. فليقل عبد من ذلك أو يكثر" حديث صحيح.

خامس عشر: أن الصلاة علي النبي صلى الله عليه وسلم أداء لأقل القليل من حقه علينا، ومهما فعلنا فلن نؤدي حقه علينا، ولكن الله سبحانه وتعالى رضي منا أن نصلي ونسلم عليه.

سادس عشر: أنها سبب في زيادة الإيمان.
سابع عشر: أنها تبلغ النبي صلى الله عليه وسلم وقد طلب منا الاجتهاد في الدعاء فقال: "صلوا علي فاجتهدوا في الدعاء، وقالوا: اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد".
أخي المسلم هذا رسولك:
هذا رسولك الذي أرسله إليك الله ليرشدنا إلى طاعته، ويبين لنا طريق الجنة ويهدينا إلى سواء السبيل.. هذا حبيبك الذي تتمنى رفقته في الجنة، وشفاعته يوم الحساب.. هذا هو الأمين محمد حبيب الرحمن وخليل الرحمن.
هذا النبي صلى الله عليه وسلم من حقه أن تصلي عليه ولقد علمت كم لهذه الصلاة على حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفضال.
فهل سارعت لذلك؟ وهل أفسحت لها في قلبك حتى تؤديها حبا وشوقا طاعة للرحمن، وأداء لحق الرسول صلى الله عليه وسلم عليك؟.
أخي المسلم: وإذا كان هذا الأجر العظيم تحظى به كلما صليت وسلمت عليه صلى الله عليه وسلم، فكيف إذا كنت من جند الإسلام المخلصين؟ فكيف إذا عمقت الإيمان في قلبك وأديت العبادات على الوجه الذي نقل عنه صلى الله عليه وسلم دون بدعة أو ضلال؟.

يتبع ..

واجب المسلم تجاه السنة النبوية

لا شك أننا أمام هجمة جديدة على السنة النبوية الشريفة، ونرى أنه على المسلم المعاصر بعض الواجبات تجاهها، منها:
أولا: اعتقاد حُجيتها:
أول ما يجب علينا تجاه السنة النبوية أن نعتقد حجيتها، وأنها المصدر الثاني للتشريع بعد كتاب الله جل وعلا، والبعْدية هنا في الفضل، أما في الاحتجاج فحجية السنة كحجية الكتاب ومن واجبنا أن نعتقد أن كليهما وحي من عند الله جل وعلا.
فعن حسان بن عطية قال: "كان جبريل ينزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن".
وقال تعالى: {وَأَنزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وكان فضل الله عليك عظيمًا} [النساء:113]. وقال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى . إِنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} (النجم: 3 و4)؛ ولذا عنون الخطيب -في "الكفاية"- بقوله: ما جاء في التسوية بين حكم كتاب الله وحكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي السنن عن المقدام بن معد يكرِب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا إني أُوتيت القرآن ومثله معه، ألا لا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه حلالاً فأحلوه، وما وجدتم فيه حراما فحرموه، ألا وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله"، والأدلة على حجية السنة كثيرة مشهورة، والكلام في ذلك يطول فنكتفي بهذه الإشارة الموجزة الواضحة.
ثانيا: عدم معارضتها بآراء الرجال وأذواقهم، والذبّ عنها وردّ شبهات المنافقين واللادينيين؛ فالواجب تقديم النقل على العقل، وفي الحقيقة ليس في السنة الصحيحة ما يعارض العقل الصحيح أو صريح المعقول وحيثما توهمنا التعارض في الظاهر فلنعلمْ -دون تردُّد- أن الحق ما جاءت به السنة الصحيحة وأن العقل -لا محالة- سيدرك ذلك عاجلا أو آجلا.
فالسنة لا تُعارَض بآراء الرجال، ولكن ليس معنى ذلك أن المرء -لأول وهلة- إذا قرأ حديثا يخالف أقوال العلماء يتجرأ، ويقول: هؤلاء العلماء خالفوا الحديث، ولا يكلف نفسه أن يعرف مستند العلماء ووجه قولهم؛ فهذا التصرف من الجهل والتطاول على أهل العلم، وإنما المقصود أن المسلم إذا بحث في معنى الحديث، وقول مَن خالف الحديث من العلماء، واجتهد في ذلك فظهر له أن الحديث كما فهمه، وأن العلماء قرروا ما فهمه ومَن خالف لم يظهر لمخالفته وجه راجح، فحينئذ عليه الأخذ بالحديث دون قول مَن خالفه.
أما أن تكون المسألة مجرد تسرُّع وتطاول على العلماء مع الجهل بوجه الحديث وعدم تكليف النفس الوقوف على تفسيره عند السلف والعلماء فهذا شذوذ وإفساد وليس تمسكا بها.

ثالثا: بذل الأسباب لحفظها من الضياع:
وحفظ السنة من الضياع أمر تكفل به رب العزة جل وعلا حين قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر:9)، ولكن ذلك لا يعفينا من السعي في حفظها كما سعى الصحابة في حفظ كتاب الله من الضياع والتحريف، مع أن الله جل وعلا متكفل بحفظه، ومن ثم جمع أبو بكر رضي الله عنه القرآن وكتب عثمان رضي الله عنه المصاحف، وكما اهتم الصحابة رضوان الله عليهم بحفظ كتاب الله جل وعلا فكذا كانت عنايتهم شديدة بالسنة والمحافظة عليها ولنا فيهم أسوة حسنة.
لقد كان سعيهم في حفظها من الضياع بوسيلتين، هما الحفظ والتدوين، ولكل منهما دوره في حفظ السنة، فإنه إذا فُقد الرجال الحفاظ بقيت المخطوطات والكتب، فيحملها قوم من جديد، وإذا فقدت المخطوطات والكتب بقي الرجال يحملون السنة في صدورهم، فيمكن كتابتها من جديد.
رابعا: الاجتهاد في تنقيتها من الكذب وتمييز صحيحها من ضعيفها:
وهذا الواجب -وهو تحقيق الحديث النبوي- فرض كفاية، ولا يزال ملقى على عاتق الأمة منذ وقوع الفتن في الصدر الأول وإلى الآن.
وليس مطلوبا من المشتغلين بعلم الحديث أن يكفّوا عن مواصلة جهودهم في هذا الشأن والاستفادة من مشايخه، كلا، وإنما المطلوب ألا ينسوا دورهم في قيادة الأمة، وفي حفظ عقيدتها وشريعتها في الواقع العملي من المسخ والتحريف.
خامسا: تدارسها والسعي إلى نشرها وإحيائها وتبصير الناس بها:
فينبغي أن يشيع بيننا دراسة الحديث النبوي الشريف وفهمه، وليكن ذلك في بيوتنا وفي مساجدنا، كلٌّ حسب طاقته، فقد يلتقي البعض على دراسة "الأربعين النووية"، ويقرأ آخرون في "رياض الصالحين"، وآخرون يتدارسون "جامع العلوم والِحكَم"، وآخرون يتدارسون كتب السنة كالصحيحين وغيرهما.
ثم ينبغي لمن وعى ذلك أن يسعى في نشره وتبصير الناس به كما في الحديث الصحيح عند أبي داود والترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "نضر الله امرءا سمع مقالتي ووعاها فأداها كما سمعها فَرُبَّ مبلغ أوعى من سامع" ويلحق بذلك إحياء السنن المهجورة وحث الناس عليها، وإحياء السنن المهجورة هو المقصود في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مسلم وغيره: "مَن سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء.."، فالحديث وارد في إحياء سنة وحث الناس عليها، وقصته أن قوما فقراء مخرقي الثياب قدموا المسجد، فقام رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتصدق عليهم فتبعه الناس واقتدوا بفعله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الحديث مُثنيا على ذلك الرجل.
لكن توجد هنا ملاحظة: وهي مراعاة التدرج والرفق في إحياء هذه السنن، فبعض الناس قد يستنكرون -بشدة- بعض السنن بعدما قضوا دهرا طويلا من أعمارهم لم يسمعوا بها، وحينئذ ينبغي أن يكون موقفنا وسطا بين طرفين، بين مَن يتجاهل هجران تلك السنة ويرى عدم المحاولة في هذه الحالة، ومَن يريد تغيير هذا الهجران بشدة -أو على الفور- مهما أدى إليه من فتنة أو نفور أو وحشة بين الناس وحَمَلة السنة، فالأول متقاعس عن القيام بدوره نحو السنة، والآخر أراد القيام بدوره، لكن دون فقه، كمن يبني قصرا ويهدم مِصرا، فليس كل مَن ابتغى خيرا أقدم عليه دون نظر في العواقب، وإلا فكم أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فعل خير ولكن

توقفوا دفعا لشر أو مفسدة أكبر، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: "لولا قومك حديث عهدهم -قال ابن الزبير: بكفر- لنقضت الكعبة، فجعلت لها بابين، باب يدخل الناس، وباب يخرجون، ففعله ابن الزبير". ومنه قول ابن مسعود رضي الله عنه لما أتم عثمان رضي الله عنه الصلاة بمِنى، وكان ابن مسعود يريد السنة، وهي القصر إلا أنه أتم الصلاة وراءه قائلا: "الخلاف شر"، إلى غير ذلك من الأمثلة.
والمقصود هو الحرص على إحياء السنة، لكن مع التدرج واتقاء الشرور التي ربما يكون دفْعها أحب إلى الله تعالى من الإتيان بتلك السنة.
سادسا: التمسك بها والتزامها، علما واعتقادا، وعملا وسلوكا والتحلي بأخلاق أهلها:
وهذا هو المقصود لذاته من حفظ السنة ودراستها، فالعلم يراد للعمل وسعادة العبد في الدنيا والآخرة في التمسك بما في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلحق بها ما سنَّه الخلفاء الراشدون لقوله صلى الله عليه وسلم: "فإنه من يعشْ منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عَضّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثاتِ الأمور؛ فإن كلَّ بدعة ضلالة".
وقال صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض"، وقال صلى الله عليه وسلم: "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: مَن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي".
فمن أعظم التمسك والعمل بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم الرجوع إليها مع كتاب الله تعالى عند التنازع وردّ الأمور إليها، لا إلى قوانين البشر، ولا يتحقق إيمان لأحد إذا لم يكن احتكامه للكتاب والسنة، قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخرِ} (النساء:59)، وكما قال العلماء فالرد يكون إليه صلى الله عليه وسلم في حياته وإلى سنته بعد مماته، وقال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (النساء:65)، وقال جل وعلا: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا} (الأحزاب:36).

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..

م/ن

بالتوفيق

صلى الله على محمد

التصنيفات
الارشيف الدراسي

انتهى تقرير عن الكوارث الطبيعية -تعليم اماراتي

سلاااااام علييييكم اليوم حبيت انزلكم تقريري
وإن شاء الله يعجبكم ولا تنسوني بالدعاء

الملفات المرفقة

بارك الل هفيج اختي
تستاهلين تقييم ع الجهد

تسلمين ع المرو

مشكوره

تم تقييمج*__*

العفو عشوووق

بصراحه ميه ميه ولا فراخ الجمعيه…..

تسلم أحلا مزيونه….

مشكوووووووووووووووووووره ختيه….. ويزاااااااااااااااااات الله الف خيييييييييييييير

روؤوؤوؤوؤوؤوؤووؤوؤوعــه التقرير ..~

مشكوؤوؤوؤره ع المجهود ..~

فـي ميزآآن حسناتـج ان شاء اللـه ..~

.^^.

وااااااااااو

وااايد حلوو

ماا قصرتي

اشكرك

ثاااااااااااااااانكس وااايد مرتب وحلو ..مشكوووورة

اللعم اعز الاسلام و المسلمين