اليوم عندي لكم موضوع وايد حلوو الا وهو المقامات ..المقامات هي من اهم ما خلفه بديع الزمان الهمذاني وهي دروس في اللغه والتبيان والعروض .. وسلك فيها الاسلوب القصصي ليجعلها ممتعه بعيده عن الجفاف فجاءت نوعاً جديداً من الوان الادب ..وطبعا شي عده مقامات منها المقامه البغداديه و المقامه الشيطانيه الي بنقل لكم موضوعهااا واتمنى انها تعيبكم وتنال رضاكم 🙂
—-
{الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء }
وقــلــت أعـــوذ بـالـرحـــمن مما *** دهاني منك ياشــيطان عــصــري
حـسـبـتـك ناصـحـا فـسلبت عـقـلي *** بأخـبـار المنى وأضـعت عــمــري
قال عبد الله بن آدم: حاورت الشيطان الرجيم, في الليل البهيم, فلما سمعت أذان الفجر أردت الذهاب إلى المسجد, فقال لي: عليك ليل طويل فارقد.
قلت: أخاف أن تفوتني الفريضة.
قال:الأوقات طويلة عريضة .
قلت: أخشى ذهابا صلاة الجماعة.
قال: لا تشدد على نفسك في الطاعة.
فما قمت حتى طلعت الشمس .فقال لي في همس: لا تأسف على ما فات ,فاليوم كله أوقات .وجلست لآتي بالأذكار ,ففتح لي دفتر الأفكار.
فقلت :أشغلتني عن الدعاء.
قال: دعه إلى المساء.
وعزمت على المتاب.
فقال: تمتع بالشباب.
قلت: أخشى الموت.
قال: عمرك لا يفوت.
وجئت لأحفظ المثاني.
قال:روٌح نفسك بالأغاني.
قلت:هي حرام .
قال: لبعض العلماء كلام .
قلت: أحاديث التحريم عندي في صحيفة .
قال: كلها ضعيفة.
ومرت حسناء فغضضت البصر.
قال:ماذا في النظر؟
قلت: فيه خطر.
قال:تفكر في الجمال,فالتفكر حلال.
وذهبت إلي البيت العتيق , فوقف لي في الطريق.
فقال: ما سبب هذه السفرة؟
قلت: لآخذ عمرة.
فقال: ركبت الأخطار , بسبب هذا الاعتمار , وأبواب الخير كثيرة , والحسنات غزيرة.
قلت: لابد من إصلاح الأحوال.
قال: الجنة لا تدخل بالأعمال.
فلما ذهبت لأًلقي نصيحة .
قال: لا تجر إلى نفسك فضيحة .
قلت:هذا نفع للعباد .
قال:أخشى عليك من الشهرة وهي رأس الفساد.
قلت: فما رأيك في بعض الأشخاص؟
قال: أجيبك عن العام والخاص.
قلت :أحمد بن حنبل؟
قال: قتلني بقوله:عليكم بالسنة والقرآن المنزل.
قلت:فابن تيمية؟
قال:ضرباته على رأسي باليومية .
قلت: فالبخاري؟
قال:أحرق بكتابه داري.
قلت:فالحجاج؟
قال:ليت في الناس ألف حجاج,فلنا:بسيرته ابتهاج,ونهجه لنا علاج.
قلت:ففرعون؟
قال: له منا كل نصر وعون.
قلت : فصلاح الدين , بطل حطين؟
قال: دعه فقد مرغنا بالطين.
قلت: محمد بن عبد الوهاب؟
قال: أشعل في صدري بدعوته الالتهاب, وأحرقني بكل شهاب.
قلت: فأبو جهل ؟
قال:نحن له إخوة وأهل.
قلت:فأبو لهب؟
قال: نحن معه أينما ذهب.
قلت: فلينين؟
قال: ربطناه في النار مع إستالين.
قلت: فالمجلات الخليعة؟
قال: هي لنا شريعة.
قلت:فالدشوش ؟
قال:نجعل الناس بها كالوحوش.
قلت:فالمقاهي؟
قال: نرحب فيها باللاعب واللاهي.
قلت: ما هو ذكركم؟
قال: الأغاني .
قلت: وعملكم؟
قال: الأماني.
قلت:وما رأيكم في الأسواق ؟
قال: علمنا بها خفاق, وفيها يجتمع الرفاق.
قلت:فالحزب الاشتراكي ؟
قال:قاسمته أملاكي, وعلمته أورادي وأنساكي.
قلت: كيف تضل الناس؟
قال: بالشهوات والشبهات والملهيات والأمنيات والأغنيات.
قلت: فكيف تضل العلماء؟
قال:بحب الظهور,والعجب والغرور,وحسد يملأ الصدور.
قلت: فكيف تضل العامة ؟
قال: بالغيبة والنميمة, والأحاديث السقيمة,وما ليس له قيمة.
قلت: فكيف تضل التجار ؟
قال:بالربا في المعاملات , ومنع الصدقات ,والإسراف في النفقات .
قلت: فكيف تضل الشباب؟
قال: بالغزل والهيام ,والعشق والغرام, والاستخفاف بالأحكام,وفعل الحرام.
قلت :فما رأيك في إسرائيل؟
قال: إياك والغيبة ,فإنها مصيبة, وإسرائيل دولة حبيبة ,ومن القلب قريبة.
قلت: فالجاحظ؟
قال: الرجل بين بين , أمره لا يستبين ,كما في البيان والتبيين.
قلت: فأبو نواس ؟
قال: على العين وعلى الرأس, لنا من شعره اقتباس .
قلت: فأهل الحداثه؟
قال: أخذوا علمهم منا بالوراثة.
قلت: فالعلمانية؟
قال: إيماننا علماني ,وهم أهل الدجل والأماني,ومن سماهم فقد سماني.
قلت: فما تقول في واشنطن؟
قال:خطيبي فيها يرطن,وجيشي بها يقطن,وهي لي موطن.
قلت:فما رأيك في الدعاة ؟
قال:عذبوني وأتعبوني و بهذلوني وشيبوني يهدمون ما بنيت , ويقرؤون إذا غنيت , ويستعيذون إذا أتيت.
قلت: فما تقول في الصحف؟
قال: نضيع بها أوقات الخلف, ونذهب بها أعمار أهل الترف, ونأخذ بها الأموال مع الأسف.
قلت: فما تقول في هيئة الإذاعة البريطانية؟
قال:ندخل بها السم في الدسم,ونفسد بها بين العرب والعجم, ونثني بها على المظلوم ومن ظلم.
قلت : فماذا فعلت بقابيل؟
قال:سلطته على أخيه فقتله,ولولا الغراب ما دفنه.
قلت:فما فعلت بقارون؟
قال: قلت له:احفظ الكنوز وافرح, فلم يدر أن من فعل ذلك لم يفلح.
قلت: فماذا قلت لفرعون؟
قال: قلت له:ياعظيم القصر, قل:أليس لي ملك مصر, فسوف يأتيك النصر.
قلت:فماذا قلت لشارب الخمر؟
قال:قلت له: اشرب بنت الكروم,فإنها تذهب الهموم,وتزيل الغموم,وباب التوبة معلوم.
قلت:فماذا يقتلك؟
قال:آية لكرسي, منها تضيق نفسي, ويطول حبسي, وفي كل بلاء أمسي.
قلت:فمن أحب الإنس إليك؟
قال: المغنون والشعراء والغاوون, وأهل المعاصي والمجون, وكل خبيث مفتون.
قلت: فمن أبغض الناس إليك؟
قال: أهل المساجد, والزاهد والمجاهد, والعالم أشد علي من العابد.
قلت: أعوذ بالله منك,فاختفى وغاب ,كأنما ساخ في التراب.
————
المصدر:كتاب مقامات القرني..د.عائض القرني