كتاب((كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس)) لدايل كارنيجي
[b]التعامل مع الناس فن من أهم الفنون نظراً لاختلاف طباعهم .. فليس من السهل أبداً أن نحوز على احترام وتقدير الآخرين .. وفي المقابل من السهل جداً أن نخسر كل ذلك .. فإن استطعت توفير بناء جيد من حسن التعامل فإن هذا سيسعدك أنت في المقام الأول لأنك ستشعر بحب الناس لك وحرصهم على مخالطتك، ويسعد من تخالط ويشعرهم بمتعة التعامل معك.
إن كل شخص منا يملك قوى مختلفة الأنواع ولكنه يخفق في استخدامها وهذا هو السبب الذي جعل ديل كارينجي مطور الدروس المشهورة في تنمية الذات ومدير معهد كارنيجي للعلاقات الإنسانية أن يضع كتاب " كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس؟" الكتاب الذي ترجمه عبد المنعم الزيادي.
من المفارقات أن هذا الكتاب عندما وضعه كارنيجى، كان يعامل كمرجع لطلبة معهده الذى يحمل اسمه, وعندما طرحه للبيع كان يأمل أن يبيع منه على الأكثر 30 ألف نسخة، فإذا بالكتاب يباع منه ثلاثة ملايين نسخة فى أمريكا وحدها. ووصف الكتاب بأنه "أكثر الكتب انتشاراً فى التاريخ البشرى, وسرعان ما انطلق شعاع الكتاب خارج موطنه – أمريكا – ليترجم إلى ستة وخمسين لغة, منها اللغات الأفريقية".
[size=16]ست طرق لمحبة الناس
القاعدة الأولى ( أن تظهر اهتمامك بالناس ) .. كتب "الفرد أدلر" عالم النفس النمساوي الشهير كتابا أسماه "ما ينبغي أن تعنيه لك الحياة" يقول فيه: "إن الشخص الذي لا يهتم بالآخرين هو أحق الناس بمعاناة شدائد الحياة، وفي مثل هذا الشخص تتجلى الخيبة الإنسانية في مختلف صورها".
فإذا نحن أردنا اكتساب الأصدقاء، فلنضع أنفسنا في خدمة غيرنا من الناس، ولنمد لهم يدا مخلصة نافعة مجردة من الأنانية والمصلحة الذاتية، ومن ثم ينصحك المؤلف بأنك إذا أردت أن تحب الناس وأن تظهر اهتماما بهم.
القاعدة الثانية هي (الابتسام) ، إن تعبيرات الوجه تتكلم بصوت أعمق أثرا من صوت اللسان، ويتساءل المؤلف على لسانك: فإذا لم تستشعر حافزا على الابتسام فماذا تفعل؟
ويجيبك قائلا: اقسر نفسك على الابتسام. وإذا كنت وحدك فاقسر نفسك على الصفير المرح أو التمتمة بالغناء، وثانيا: اظهر بمظهر الشخص السعيد، فلن تملك بعد قليل إلا أن تستشعر السعادة الحقة.
فالسعادة لا تعتمد في شئ على العوامل الخارجية، بل جل اعتمادها على داخلية النفس، والسعادة ليست ما تملك، ولا من أنت، ولا أين أنت، ولا ماذا تفعل، وإنما السعادة هي رأيك فيها ونظرتك إليها.
وينصحك المؤلف قائلا: إذا غادرت باب بيتك، فارفع رأسك، واملأ رئتيك بالهواء، وحيي أصدقائك بابتسامة مشرقة، وبث الروح في كل مصافحة.
لا تخش أن يساء فهمك، ولا تضيع لحظة في التفكير في خصومك، بل حاول أن تتبين هدفك جيدا في ذهنك، ثم تقدم إليه مباشرة.
احصر ذهنك في الآمال الكبار التي تريد تحقيقها، وسوف تجد بمرور الأيام أنك تقتنص الفرص في غير وعي منك لتحقيق هذه الآمال.
إذا لم تفعل هذا توقع المتاعب
تعلم الذكاء في التعامل مع الآخر <td width=1>
يقصد المؤلف أن تنادي الناس بأسمائهم الأولى، وهذه هي القاعدة الثالثة لكي تكسب حب الناس فاسم الرجل أجمل وأحب الأسماء إليه، فإذا التقيت بصديق جديد تعرف على اسمه الكامل وأسماء ذويه المقربين، واعرف طبيعة عمله وآرائه العامة واحتفظ بتلك المعلومات في ذهنك كجزء من الصورة التي تختزنها في مخيلتك لهذا الصديق، فمتى التقيت به ثانية وسعك أن تربت على كتفه وتسأله عن أولاده وزوجته، ولا عجب إذن أن يكون لك على مر الأعوام معارف وأصدقاء يفوق عددهم الحصر.
وإذا سألت أكثر الناس، لماذا لا يتذكرون الأسماء لانتحلوا لأنفسهم العذر بكثرة المشاغل!، ولكنهم على الأرجح ليسوا أكثر انشغالا من فرانكلين روزفلت الذي كان يذكر أسماء صغار العمال الذين يلتقي بهم.
إننا نقضي نصف الوقت الذي نتعرف فيه على غريب نتبادل بضع كلمات جوفاء ثم لا نستطيع حتى أن نذكر اسمه عندما يحيينا لينصرف.
كيف تصبح محدثا بارعا؟
القاعدة الرابعة تتلخص في أن تكون مستمعا طيبا، وتشجع محدثك على الكلام عن نفسه الأمر الذي يصفه المؤلف بأنه أعلى ضروب الثناء الذي يمكن أن تضفيه على محدثك.
يقول كارينجي: حتى أشد الناس جفافا في الطبع، وغلظة في القول لا يملك إلا أن يلين إزاء مستمع صبور عطوف…مستمع يلوذ بالصمت إذا أخذ محدثه الغاضب يصول ويجول كالحية الرقطاء وهو ينفث سمه هنا وهناك!
ولكي تصبح محدثا بارعا كن أولا مستمعا طيبا، وفي ذلك نذكر المثل القائل: "لكي تكون هاما كن مهتما".
اسأل محدثك أسئلة تظن أنه سيسر بالإجابة عنها. شجعه على الكلام عن نفسه، وأعماله، وعن المجال الذي تخصص فيه وتذكر أن محدثك يهتم بنفسه وبرغباته ومشكلاته أكثر بمائة ضعف من اهتمامه بك، وبمشكلاتك وإن ضرسا يؤلمه لهو أهم عنده من مجاعة تحيق بأهل الصين، أو كارثة تنزل بأهل إفريقيا…فاجعل ذلك نصب عينيك في المرة التالية التي تبدأ فيها مناقشة.
تحدث بما يسعد محدثك!
الإبتسامة مفتاح القلوب <td width=1>
يخبرك المؤلف أنه لكي يسرّ بك الناس فاتبع القاعدة رقم 5 تكلم فيما يسر محدثك ويلذ له.
ويروي المؤلف على لسان "وليم ليون فيلبس" أستاذ الأدب السابق بجامعة "ييل" الذي كتب في مقالة عن "الطبيعة الإنسانية" يقول فيها:
"عندما كنت في الثامنة من عمري، اعتدت أن أمضي عطلة نهاية الأسبوع في ضيافة عمتى وذات مساء حضر لزيارة عمتي رجل في منتصف العمر، وكنت في ذلك الحين شغوفا بالقوارب، فما أن علم الزائر بذلك حتى صب حديثه معي عن القوارب. وكل ما يتصل بها.
وقد ترك حديثه في نفسي أحسن الأثر وأبقاه، فلما انصرف سألت عمتي من هو، وما سبب اهتمامه بالقوارب؟ فأنبأتني عمتي أنه محام من نيويورك، وأنه لم يهو القوارب في يوم من الأيام! فسألتها لماذ إذن صب حديثه كله عن القوارب؟ فقالت: لأنه رجل لطيف الشمائل، رأى أنك مهتم بالقوارب فتكلم عن الشئ الذي عرف أنه يهمك أكثر من سواه!".
كيف يحبك الناس
القاعدة السادسة هي أن تسبغ التقدير المخلص على الشخص الآخر، عبارات كهذه "آسف لإزعاجك" أو "هل أطمع في.." و"هل تتفضل"، و "هل تسمح.."، و"إني أشكر لك.." تفعل فعل السحر في نفوس الناس، وتقطر الزيت في عجلة الحياة اليومية التي تدور متشابهة في سأم وملل!
ويقول المؤلف : هل تعتبر نفسك أرقى من الهندوكي؟! هذا ظنك انت! أما الهندوكي فيشعر بسموه عليك، حتى إنه لا يمس طعاما وقع عليه ظلك.
عليك أن تذكر قول: "كل شخص ألقاه، يفوقني في ناحية واحدة على الأقل، وفي هذه الناحية يمكن أن آخذ عنه وأتعلم منه".
فن القيادة
لكي تملك زمام الناس دون أن تسئ إليهم أو تستبد عنادهم ابدأ بالثناء أولا، فقد نقل عن الرئيس "كالفن كولدج" أنه عبر لإحدى سكرتيراته ذات مرة عن إعجابه بثوبها وأنها تبدو جميلة فيه ، ولعل هذا أجمل مديح قاله الرئيس الصامت كما كانوا يلقبونه، حتى أن الفتاة ارتبكت ثم أردف كولدج: "لا تقفي جامدة هكذا، فقد قلت ما قلت لأروح عنك، ورجائي أن تهتمي من الآن فصاعدا بالمحافظة على مواعيد العمل".
أيضا من ضمن القواعد التي تضمن لك قيادة الناس "دع الرجل الآخر يحتفظ بماء وجهه" وكما يشير المؤلف نحن نعمد توا إلى إيذاء مشاعر الآخرين، ننتقد الطفل علنا وأمام الأغراب، دون أن نقدر الجرح الغائر الذي نصيب به كبرياءهم، بينما بضع دقائق من التفكير، وكلمة مهذبة أو اثنتين، وإدراكا تاما لوجهة نظر الشخص الآخر، كفيلة بأن تخفف من وطأة اللطمة، وتكسر حدتها، فدعنا نذكر هذا في المرة التالية التي تواجهنا فيها مهمة إقالة موظف أو الاستغناء عن خادم، أو نصح طفل.
ويتسائل المؤلف مستنكرا: إني لأعجب لماذا لا نستخدم المديح بدلا من الانتقاد؟ لماذا لا نمتدح أقل الإجادة؟ فهذا يحفز الشخص الآخر حتما على مواصلة الإجادة!
اجعل الشخص الآخر يدرك أن لك فيه ثقة، ولك بمقدرته إيمانا وأن له موهبة لم يتعهدها كما ينبغي، تجده يتدرب حتى يبرز ويتفوق.
يحكي المؤلف أن هناك سيدة كانت تتبرم بالصبية الذين يلهون أمام بيتها ويفسدون الزرع النابت في مدخله، وقد جربت معهم اللوم والتعنيف ولكن بلا جدوى وأخيرا حاولت أن تضفي على أسوأ الصبيان في العصبة وأكثرهم عبثا مركزا وسلطانا ونصبته مشرفا على حديقة منزلها، فكان نتيجة ذلك أن أوقد الصبي نارا خلف البيت وحمى فيها قضيبا من الحديد وهدد أن يكوي به كل من يطأ الحديقة بقدمه! هكذا الطبيعة الإنسانية!
كيف تسعد حياتك الزوجية؟
النكد يدمر حياتك الزوجية <td width=1>
في الجزء الأخير من الكتاب يرشدك المؤلف كيف تفوز بالسعادة الزوجية وفي البداية ينصحك كارينجي بالبعد عن "أسرع السبل إلى مقبرة السعادة الزوجية" ألا وهو النكد الذي يعد أقسى المبتكرات الجهنمية التي افتنّ في اختراعها أبالسة الجحيم لتحطيم الحب..وهو أعظمها فتكا. إنه كلدغة الحية الرقطاء، ليس له دواء!".
يقول القاضي "بس هامبورجر" الذي ظل أحد عشر عاما قاضيا لمحكمة "الصلات الشخصية" في نيويورك، ونظر آلافا من حالات الهجر والانفصال بين الأزواج، إن الأسباب الرئيسية التي يهجر الرجال بسببها منازلهم هي أن زوجاتهم يظللن البيت بجو من النكد والتنغيص.
إن الاهتمام باللفتات البسيطة – كما يقول مؤلف الكتاب- من شانها أن تحقق السعادة الزوجية، يجمع الناس على أن الزهور هي لغة الحب وأنها على صمتها أبلغ من كل بيان وهي مع هذا لا تكلف كثيرا فباعتها في كل ركن من أركان الطريق، وباقاتها لا تكلف أكثر من دراهم معدودات، ولكنك متى عرفت كم يندر أن يحمل الزوج لزوجته باقة منها، لحسبت أنها من أفدح الأشياء ثمنا وأصعبها منالا!
ويقول القاضي جوزيف ساباث الذي فصل في نحو أربعين ألف خلاف بين الأزواج: "إنك لتجد التوافه دائما في قرارة كل شقاء زوجي، فإغفال الزوجة مثلا عبارة "مع السلامة" تقولها لزوجها وهي تلوح له بيدها أثناء انصرافه إلى عمله في الصباح شئ تافه ولكنه كثيرا ما أدى إلى الطلاق". لا تهمل اللفتات البسيطة فإن لها في الزواج شأنا كبيرا.
ومن أهم الخطوات التي تساعدك في تحقيق السعادة الزوجية المنشودة يقول المؤلف: "أهم ما يلي العناية باختيار الرفيق المناسب هو التزام حدود اللياقة بعد الزواج. فلو التزمت الزوجات حدود اللياقة مع أزواجهن كما يلتزمنها مع الأغراب، لعضّ كل زوج لسانه إذا اندفعت إليه قوارص الكلم".
إن اللياقة تستطيع أن تحجب عن الأنظار الباب الشائه الصدى، وتشف عما ورائه من الزهور المتفتحة الجميلة.
*** بطاقة تعارف
ديل كارينجي Dale Carnegie مؤلف أمريكي ولد عام 1888 و توفي في عام 1955. و قد أشيع عنه أنه مات منتحراً، و لكنه في الحقيقة مات مريضا في المستشفى.
من أهم مؤلفاته كتاب "دع القلق و ابدأ الحياة" الذي ترجم إلى العربية و انتشر بشكل واسع في العالم العربي و الإسلامي.
تأثر به مجموعة كبيرة من الكتّاب العرب و المسلمين و انتشرت كتب جديدة مستوحاة من الفكر الغربي في تطوير الذات و لكن بقالب إسلامي مثل كتاب "لا تحزن" للداعية عائض القرني و كتاب "جدد حياتك" للشيخ محمد الغزالي