الحمد لله رب العالمين والصلاةوالسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.اما بعد نحمد الله ونشكره الذي بعث فينا رسولا يعلم مكارم الاخلاق واداب السفر سوف اتحدث عن اداب السفر واستحباب توديع المسافر والاعمال التي يقوم فيه المسافر عند السفر.
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه، فإذا قضى نهمته فَليُعجل إلىأهله } [رواه البخاري ومسلم].وقال تعالى
((هو الذي جعل لكم الارض ذولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور))صدق الله العظيم
سبب اختياري لهذا الموضوع:لقد اردت ان اعرف المزيد عن احكام واداب السفر وكيفية الالتزام بأحكام واداب الاسلام في اثناء السفر فأتمنى ان ازيد من معلوماتي واستفيد منها لكي اعمل بها
..
فمن آدابالسفر:
1) استحباب التوديعللمسافر:
يستحب للمسافر أن يودع أهله وقرابتهوإخوانه، قال ابن عبدالبر: إذا خرج أحدكم في سفر فليودع إخوانه، فإن الله جاعل فيدعائهم بركة. قال: وقال الشعبي: السنة إذا قدم رجل من سفر أن يأتيه إخوانه فيسلمواعليه، وإذا خرج إلى سفر أن يأتيهم فيودعهم ويغتنم دعاءهم. وفي التوديع سنة مهجورةقل من يعملها، ألا وهي توديع المسافر بدعاء النبي . فعن قزعة قال: قال لي ابن عمر: هلم أودعك كما ودعني رسول الله : { أستودع الله دينك، وأمانتك، وخواتيم عملك } [رواه أبو داود].
2) كراهية الوحدة فيالسفر:
وفيه حديث عبدالله بن عمر رضي اللهعنهما، عن النبي قال: { لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم، ما سار راكب بليل وحده } [رواه البخاري]. وفي الحديث فوائد: أن النبي لم يخبر أمته بما يعلمه من الآفاتالتي تحدث من جراء سفر الرجل وحده مبالغة منه في التحذير من التفرد في السفر،وثانيهما: أن النهي يعم الليل والنهار، وخص الليل في الحديث لأن الشرور فيه أكثروالأخطار فيه أكبر، وثالثهما: أن النهي يعم الراكب والراجل، ولعل قوله : { ما سارراكب بليل } أنه خرج مخرج الغالب، وإلا فالراجل في معنى الراكب، والله أعلم. وفيالنهي عن الوحدة في السفر – أيضاً – حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهماقال: قال رسول الله : { الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب } [رواه أبوداود].
3) استحباب التأمير في السفر إذاكانوا ثلاثة فأكثر:
نادى الشرع بالاجتماع وعدم التفرق،وحث على ذلك ورغب فيه، فعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال: { إذا خرج ثلاثة فيسفر فليؤمروا أحدهم } [رواه أبو داود]. ولما كان السفر من الأمور التي يحصل بهاالاجتماع والملازمة بين الناس، استحب للقوم المسافرون – الذين يبلغون ثلاثة فأكثر – أن يؤمروا أحدهم يسوسهم ويأمرهم بما فيه مصلحتهم، وعليهم الطاعة والاتباع ما لميأمر بمعصية الله، فإن فعلوا ذلك حصل لهم من اجتماع الكلمة، وسلامة الصدور، مايجعلهم يقضون حاجتهم من سفرهم دون منغصات أو مكدرات تحدث بينهم. وفي حث النبي علىتأمير الثلاثة في السفر لأحدهم تنبيه منه على الاجتماع الأعظم، واللهأعلم.
4. النهي عن اصطحاب الكلب والجرس فيالسفر:
نهى رسول الله عن اصطحاب الكلبوالجرس في الأسفار، فقد روى أبو هريرة أن رسول الله قال: { لا تصحب الملائكةُ رُفقةفيها كلب ولا جرس }[رواه مسلم].
وسبب النهي عن الجرس لأنها مزاميرالشيطان، جاء ذلك مصرحاً عند مسلم وغيره من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله : { الجرس مزامير الشيطان } [رواه مسلم].
5. استحباب السفر يوم الخميس أولالنهار:
من هديه في أسفاره، أنه كان يحبالخروج في يوم الخميس، وكان يخرج في أول النهار، فعن كعب بن مالك رضي الله عنه: { أن النبي خرج يوم الخميس في غزوة تبوك وكان يحب أن يخرج يوم الخميس } [رواهالبخاري]. وعند أحمد: { قل ما كان رسول الله يخرج إذا أراد سفراً إلا يوم الخميس }. وعن صخر الغامدي عن النبي قال: { اللهم بارك لأمتي في بكورها } وكان إذا بعث سريةأو جيشاً بعثهم أول النهار، وكان صخر رجلاً تاجراً، وكان يبعث تجارته من أولالنهار، فأثرى وكثر ماله [رواه أبو داود].
مسألة: ما حكم السفر يومالجمعة؟
الجواب: المذهب: أنه لا يجوز لمنتلزمه السفر في يومها بعد الزوال، ولو قيل: بعد النداء لكان أولى لأن الله سبحانهوتعالى أمر بالسعي إلى الجمعة بعد النداء وترك البيع، فعلق الحكم على النداء، قالتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِالْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌلَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة:9]. ولكن يقال: إن الزوال هو سبب وجوبالجمعة، فبالزوال يدخل الوقت [الشرح الممتع لابن عثيمين].
6. دعاء السفر وما ورد فيه منأذكار:
حفلت سنة النبي بأدعية وأذكار،يقولها المسافر ابتداءً من وضع رجله على المركوب وحتى عودته لمحله،فمنها:
أ. دعاء ركوب وسيلة السفر: عن عليبن ربيعة قال: شهدت علياً وأتي بدابة ليركبها، فلما وضع رجله في الركاب قال: ( بسمالله ). فلما استوى على ظهرها قال: ( الحمدلله )، ثم قال: لِتَسْتَوُوا عَلَىظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِوَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ(13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ [الزخرف:14،13]. ثم قال: ( الحمد لله )ثلاث مرات، ثم قال: ( الله أكبر ) ثلاث مرات، ثم قال: ( سبحانك إني ظلمت نفسيفاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ). ثم ضحك، فقيل له، يا أمير المؤمنين من أيشيء ضحكت؟ قال: ( رأيت النبي فعل كما فعلت ثم ضحك، فقلت يا رسول الله: من أي شيءضحكت؟ قال: { إن ربك يعجب من عبده إذا قال اغفر لي ذنوبي، يعلم أنه لا يغفر الذنوبغيري } ) [رواه أبو داود، وصححه الألباني].
فائدة: ينبغي للمسافر أن يغتنمسفره، يدعو لنفسه وآبائه وأهله ومن يحب، وأن يجتهد في ذلك، ويتحرى الدعاء الجامع،مع الإلحاح والخضوع، فللمسافر دعوة مستجابة فلا ينبغي التفريط فيها. روى أبو هريرةأن النبي قال: { ثلاث دعوات مستاجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر،ودعوة المظلوم } [رواه أبوداود، وحسنه الألباني].
7. صلاة التطوع فيالسفر:
من السنن المهجورة، صلاة المسافرالتطوع على مركوبه، فقل من تراه يصلي النافلة أو الوتر في الطائرة أو غيرها منوسائل السفر. ونبينا كان يفعل ذلك على راحلته، ولا يلزم تحري القبلة في صلاةالنافلة للمسافر إن كان راكباً لمشقة ذلك، والأفضل أن يستقبل القبلة عند الإحرام. روى ابن عمر رضي الله عنهما، قال: { كان رسول الله يصلي في السفر على راحلته حيثتوجهت به يومئ إيماء، صلاة الليل إلا الفرائض، ويوتر على راحلته } [رواه البخاريومسلم]، ولذا فإنه يستحب للمسافر، أن يصلي النافلة والوتر على آلة السفر اقتداءبنبينا.
8. دعاء نزولالمنزل:
قد يحتاج المسافر إلى النزول منمركوبه، للنوم، أو الأكل، أو قضاء الحاجة، والبرية فيها من الهوام والسباعوالشياطين ما الله به عليم، فكان من نعمة الله علينا أن شرع لنا على لسان نبينا ،دعاءً نقوله يحفظنا – بإذن الله – من شر كل مخلوق، فعن خولة بنت حكيم السلمية رضيالله عنها، قالت: سمعت رسول الله يقول: { من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات اللهالتامات من شر ما خلق. لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك } [رواهمسلم].
وفي الحديث فوائد منها: أن هذاالدعاء يُقال عند حلول كل مكان أو النزول فيه، وليس مخصوصاً بنزول المسافر منمركوبه. ومنها: أن كلام الله منه، تبارك اسمه، وصفة من صفاته ليس بمخلوق، لأنه محالأن يستعاذ بمخلوق، وعلى هذا جماعة أهل السنة، قاله ابن عبدالبر. ومنها: أن قائل هذاالدعاء عند النزول محفوظ بحفظ الله له، فلا يضره شيء حتى يغادرمحله.
9. النوم فيالسفر:
قد يضطر المسافر على الطرق البريةإلى النوم للراحة من عناء السفر، ولما كان الشرع المطهر يرشد الناس لما فيه مصحلتهمالعاجلة والآجلة؛ كان من جملة ذلك إرشاد المسافر لمكان نومه، حتى لا يؤذى من هوامالأرض ودوابها. فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : { إذا سافرتم في الخصب فأعطواالإبل حظها من الأرض، وإذا سافرتم في السنَة فبادروا بها نقيها، وإذا عرستم [المعرس: الذي يسير نهاره ويعرس أي ينزل أول الليل، وقيل: التعريس النزول في آخرالليل] فاجتنبوا الطريق، فإنها طرق الدواب ومأوى الهوام بالليل } [رواه مسلم]. قالالنووي: ( وهذا أدب من آداب السير والنزول أرشد إليه ، لأن الحشرات ودواب الأرض منذوات السموم والسباع تمشي في الليل على الطرق لسهولتها، ولأنها تلتقط منها ما يسقطمن مأكول ونحوه، وتجد فيها من رمة ونحوها، فإذا عرس الإنسان في الطريق ربما مر منهاما يؤذيه، فينبغي أن يتباعد عن الطريق ) [شرح صحيح مسلم].
ثم إنه ينبغي على المسافر إذا أرادنوماً، أن يتخذ ما في وسعه من الوسائل التي تعينه على الاستيقاظ لصلاة الفجر، وفيزماننا هذا أصبحت تلك الوسائل – ولله الحمد – متيسرة وبأبخس الأثمان. ورسولنا كانيحتاط لذلك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: ( أن رسول الله حين قفل من غزوة خيبر سارليله حتى إذا أدركه الكرى [أي: النعاس أو النوم] عرس وقال لبلال: { اكلأ لنا الليل } ) [رواه مسلم]، وعند النسائي وأحمد من رواية جبير بن مطعم رضي الله عنه: أن رسولالله قال في سفر له: { من يكلؤنا الليلة لا نرقد عن صلاة الصبح؟ }
الخاتمة:
وهذا آخر ما أردنا بيانه في هذا التقريرالمبسط، نسأل الله سبحانه الفائدة والقبول، والله الموفق المستعان، (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين)(52)، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
منقول