السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
نقلاً عن : الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
تمكين النساء ذوات الإعاقة
مقدمة البحث :
كما تعرفون جميعاً، احتلت النساء قبل قرون مكانة ثانوية بالمقارنة مع نظرائهم من الذكور في معظم المجتمعات. وكان هناك طابع مشترك يتمثل في حصول النساء على فرصة قليلة جداً للتعبير عن آرائهن حتى في القضايا المتعلقة بحياتهن الخاصة. وكانت النساء تعتبر بدون رأي خاص بهن، ولكنهن يلتزمن بالقرارات الصادرة عن آبائهن وأزواجهن وأبنائهن في مرحلة لاحقة من حياتهن.
لكن المجتمع شهد تطوراً فيما يتعلق بموقفه من التمييز تجاه النساء. وهذا لا يعني أن النساء حتى في الوقت الحالي أصبحن على قدم المساواة مع الرجال، إذ أن التمييز ضد النساء ما زال مستمراً حتى اليوم والتغيير الوحيد هو أن التمييز يتخذ مستوى بارعاً بصورة أكبر في بعض الأوضاع.
لقد ساعدت الحركات النسائية في تحقيق هذا التغيير.
فهذه الحركات تحاول تمكين النساء وإعدادهن للكفاح من أجل المساواة والتكافؤ مع الرجال.
لكن هذا الوضع يختلف تماماً عند الالتفات إلى النساء ذوات الإعاقة. فقد أغفلت الحركات النسائية الرئيسة تماماً احتياجات هذه المجموعة. كما أن حركات الإعاقة أيضاً لم تبذل إهتماماً كبيراً بالاحتياجات الخاصة للنساء ذوات الإعاقة. ولذلك تبقى هؤلاء النساء خارج نطاق اهتمام جميع الحركات التي تعني بالحقوق.
وتفتقر هذه الشريحة إلى احترام الذات والثقة بالنفس باعتبارها شريحة مهملة. وينظر إلى هؤلاء النساء بأنهن لا يلعبن دوراً كبيراً في المجتمع أي إعتبارهن أشخاص بلا دور. ومن هنا تنشأ الحاجة الملحة إلى تطوير الصورة التي لدى هؤلاء النساء عن أنفسهن. ولذلك فإن تمكين النساء ذوات الإعاقة يصبح موضوع الساعة.
إن تمكين أي شريحة محرومة يصبح ممكناً وقابلاً للتحقيق عندما تدرك المجموعة ذات العلاقة بأن مصالحها لا تعطى أولوية من قبل المجتمع. وتكمن المهمة الأساسية لهذه الشريحة في تشكيل مجموعات الاعتماد على الذات للحصول على فرصة والتعرض للدفاع عن حقوقها. وجنباً إلى جنب مع التعبير عن حقوقها، تحتاج هذه المجموعات إلى إدراك مسؤولياتها وبذل جهود جدية للوفاء بهذه المسؤوليات وتقديم الدعم المتبادل لبعضها بعضاً نحو بناء مجموعة مترابطة تنظر إلى ما هو أبعد من مصالحها الفردية وتركز إهتمامها على منفعة الشريحة الأوسع في المجتمع.
يستلزم التمكين على صعيد آخر تزويد هذه المجموعة بالمعرفة والمهارات لمواجهة حالات الإساءة. ومن بين المجموعات المحرومة الأخرى، فان النساء ذوات الإعاقة عرضة للإساءة بجميع أشكالها الجسدية والجنسية والعاطفية والنفسية. ونظراً لافتقار العديد من هؤلاء النساء إلى الوعي والتعرض لمثل هذه الأوضاع، فإنهن يخفقن في إدراك وقوعهن ضحايا للإساءة. وهكذا فإنه لا يتم الإبلاغ عن مثل تلك الحالات. ولابد من تزويد جميع النساء بالتدريب في مجال التعليم الجنسي وفقاً لقدراتهن الجسدية والإدراكية. والتدريب للدفاع عن النفس يصبح أيضاً مظهراً مهماً لهذه العملية حتى لو كان ذلك يعني مجرد الإبلاغ عن الحادثة لمسؤول في السلطة.
بالنسبة للنساء ذوات الإعاقة النطقية والاتصالية، هناك حاجة لإدخال كلمات ورموز أو صور تمثل الإساءة ضمن أدواتهن الاتصالية (كهيئات الاتصال). وهذا من شأنه أن يساعدهن في إعلام الآخرين في حال تعرضهن لأي من تلك الحوادث.
هناك مظهر آخر من مظاهر التمكين يتمثل في تقبل هؤلاء النساء لإعاقتهن، والاعتراف بها يصبح خطوة حيوية لتطوير الصورة الذاتية والثقة بالنفس. وفي معظم الأوساط الاجتماعية، فإن غالبية هؤلاء النساء لا يجدن متنفساً للتعبير عن حياتهن الجنسية نظراً لأن النساء ذوات الإعاقة لا يعشن حياتهن الجنسية ونادراً ما يتم النظر إليهن للزواج.
تعيش النساء ذوات الإعاقة أوضاعاً من الحرمان في المجتمع. فوضع النساء ذوات الإعاقة ليس أدنى منزلة من النساء من غير ذوات الإعاقة فحسب ولكنه يقل شأناً أيضاً عن وضع نظرائهن من الذكور. والمتغيرات ذات الدلالات التي تؤخذ بعين الإعتبار هي:
(1) الوضع داخل الأسرة،
(2) الوصول إلى المرافق التعليمية والرعاية الصحية،
(3) فرص الحصول على العمل لذوي الإعاقة،
(4) الإلمام بالتشريعات والتسهيلات المتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة،
(5) القيام بالدور المخصص للنساء عموماً.
1- الوضع داخل الأسرة:
يدرك الجميع هنا دور الأسرة في الحياة الاجتماعية. فالأسرة في الواقع تسمى بحق العامل الإجتماعي الأساسي.
إلا أنه في هذا الصدد، هناك تمييز على نطاق عالمي تقريباً في الحياة والأنشطة الاجتماعية يستند إلى أسس متعددة بما في ذلك الجنس (من حيث التذكير والتأنيث). ولا يتلقى الأطفال ذوي التحديات العقلية والجسدية تعليماً حول تعريف الأطفال العاديين. وعلاوة على ذلك، فإن الطفل ذوي الإعاقة يحصل في معظم الأحيان على فرص قليلة للاتصال مع الوكالات الاجتماعية الأخرى كالمدرسة والمجموعة من النظراء. وفي مثل هذا الوضع، تصبح الأسرة العامل الاجتماعي الوحيد وليس الأساسي فحسب. بالإضافة إلى ذلك فإنه عندما يكون الأشخاص ذوي الإعاقة من الإناث، يصبح الوضع عادة حالة مزدوجة من التمييز والحرمان الثقافي.
تتباين العلاقة بين الجنس والإعاقة من مجتمع إلى آخر ولا سيما في إطار الأوضاع الإجتماعية والثقافية والاقتصادية لأي مجتمع. وفي النفسية الهندية لدينا، تميل هوية "الذكــر" إلى التعتيم على نواحي العجز والقصور الناجمة عن إعاقة الشخص. إلا أن للنساء على أي حال وضع مختلف. فالحالة الزوجية للفتاة غالباً ما تشكل عاملاً حاسماً يحدد وضعها في كل من المجتمع والأسرة. يـُنظـَر إلى حياة الفتاة بأنها محطمة وغير مكتملة في المجتمع الهندي إذا بقيت عانساً طوال حياتها. وتلي الحياة الزوجية للفتاة الأمومة التي تلعب دوراً في تحديد الوضع الاجتماعي للنساء. وبما أن الزواج والأمومة هما من الممنوعات عملياً بالنسبة للمرأة ذات الإعاقة، فانهما يعتبران أعباءً كامنة لأن هؤلاء النساء لا يتوقع أن يتزوجن، ولا يتصور عادة أنهن قادرات على كسب رزقهن بمفردهن. وغالباً ما تنشأ النساء ذوات الإعاقة بمفهوم ينتقص من الذات مع صورة سلبية عن الذات. وكما ذكر آنفاً تصبح هؤلاء النساء بلا أدوار.
2- الوصول إلى المرافق التعليمية والرعاية الصحية:
أخذت البيانات المقدمة هنا من دراستين منفصلتين قام بإجرائهما المؤلف لصالح المكتب الإقليمي للمعونات العملية وكلية دراسات المرأة، جامعة حادافبور/ كلكتا. وعلى الرغم من أن العينة التي يتم النظر فيها هنا صغيرة نسبياً (مقابلات معمقة لـ 25 إمرأة)، فإنه يمكن معاملتها باعتبارها تمثل الواقع.
هناك خمس فئات من الإعاقات كانت تشمل المجيبين على أسئلة هذا البحث وهذه الفئات هي:
1- الإعاقة البصرية.
2- الإعاقة المتعلقة بالأطراف.
3- الإعاقة السمعية والنطقية.
4- الشلل الدماغي.
5- الإعاقة المتعلقة بالتعلم.
1- تشير البيانات التي تم جمعها إلى أن جميع النساء ذوات الإعاقة البصرية المشمولات بالدراسة قد أتممن امتحاناتهن المدرسية النهائية، وأن ثلث المجيبات على الأسئلة اجتزن الصف العاشر، في حين أن ثلثاً آخر من هؤلاء المجيبات على الإستبانة أنهـَين الصف الثاني عشر، كما أن سدسهن هن من الخريجات بل وأن السدس أيضا أتممن مرحلة ما بعد التخرج.
نلاحظ من هذه الأرقام أنه بينما يستطيع أولئك الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية والسمعية والنطقية والإعاقة المتعلقة بالأطراف أن يحققوا بعض التقدم في العملية الاجتماعية، فإنهم يواجهون في رحلتهم هذه مصاعب هائلة. وبالنسبة لأولئك الأشخاص المصابين بالشلل الدماغي والإعاقة المتعلقة بالتعلم، فإنهم في وضع يرثى له. وهكذا فإن التعليم يمثل عنصراً قوياً من عناصر التمكين، لكنه غير متوفر لعدد كاف من الأشخاص ذوي الإعاقة حتى حينما تشكل الهياكل غير الودية غالباً عقبةً أمامه كعدم الوصول إلى المباني والمؤسسات.