السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..!!
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن من الاعتقاد الصحيح الموافق لعقيدة أهل السنة والجماعة أن تعتقد أن الله تعالى نور، وأن النور اسم من أسمائه الحسنى وصفة من صفاته تعالى العليا، وهي صفة ذات لازمة له تعالى على ما يليق به، فلم يزل ولا يزال سبحانه وتعالى متصفاً بها. قال الإمام ابن القيم رحمه الله في شفاء العليل: ولما كان النور من أسمائه الحسنى وصفاته كان دينه نوراً ورسوله نوراً، وداره نوراً يتلالأ، والنور يتوقد في قلوب عباده المؤمنين ويجري على ألسنتهم ويظهر على وجوههم. انتهى
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى: وإن مما قضى الله علينا في كتابه ووصف به نفسه ووردت السنة بصحة ذلك أنه قال: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [سورة النــور: 35]. ثم قال عقيب ذلك: نُّورٌ عَلَى نُورٍ وبذلك دعاه النبي صلى الله عليه وسلم: أنت نور السماوات والأرض. انتهى
هذا وقد جاء عن بعض السلف تفسير قوله تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بأنه هادي أهل السموات والأرض وفسر أيضاً بأنه منور السموات والأرض، وهذا لا يتنافى أبداً مع كونه تعالى نوراً. قال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى: ثم قول من قال من السلف: هادي أهل السموات والأرض لا يمنع أن يكون في نفسه نوراً، فإن من عادة السلف في تفسيرهم أن يذكروا بعض صفات المفسر من الأسماء أو بعض أنواعه، ولا ينافي ذلك ثبوت بقية الصفات للمسمى، بل قد يكونان متلازمين ولا دخول لبقية الأنواع فيه. انتهى
وقال أيضاً في موضع آخر: فقول من قال الله نور السموات والأرض، هادي أهل السموات والأرض كلام صحيح، فإن من معاني كونه نور السموات والأرض أن يكون هادياً لهم أما إنهم نفوا ما سوى ذلك، فهذا غير معلوم وأما إنهم أرادوا فقد ثبت عن ابن مسعود قال: إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار نور السموات من نور وجهه وقد تقدم عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر نور وجهه وفي رواية: النور ما فيه كفاية، فهذا بيان معنى غير الهداية، وقد أخبر الله في كتابه أن الأرض تشرق بنور ربها، فإذا كانت تشرق من نوره كيف لا يكون هو نوراً. انتهى
وقال كذلك رحمه الله: وكذلك من قال منور السموات والارض لا ينافي أنه نور فهما متلازمان.
وبهذا تعلم أن من فسر أن الله تعالى نور بذاته قد أصاب، ولم يخطئ كما يفهم من سؤالك ، وهذا النور الذي هو اسمه وصفته تعالى لا يشبه نور المخلوقين وإنما هو نور يليق بعظمته وكبريائه وجلاله تعالى ولا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وهو القائل جل وعلا: يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا {طه:110}، وفي ختام الجواب نرجو من الله تعالى أن يكون الحق قد بان لك، فإذا عرفت فالزم حتى يستنير قلبك بنور الإيمان وإلا فإن المخالف محروم من ذلك النور، والله تعالى يقول: وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ [سورة النــور: 40].
والله أعلم.
وبالتوفيق =)
تسلمين
شكراً لج