ولد الشيخ / زايد بنسلطان آل نهيان في عام 1918 م في قلعة الحصن التي بناها والده الشيخ / سلطان فيمدينة أبوظبي في عام 1910 ، وهو الابن الرابع للشيخ سلطان بن زايد بن خليفة الذيكان ترتيبه الرابع عشر في سلسلة حكام آل نهيان ، وقد عرف عن الشيخ / سلطان بن زايدشجاعته وحكمته وقدرته على بسط السلام والنظام وولعة بالشعر ، واهتمامه بأمورالزراعة والبناء .
وقد سمي زايداً تيمناً بجده لأبيه زايد الكبيرأمير بني ياس ، الذي كان بطل في أيامه واستمر حاكما لامارة أبوظبي من عام 1855 وحتىعام 1909 .
لقد جاء الشيخ / زايد إلى الدنيا ، وسط النكبات والأزمات العنيفةوالأحداث المأساوية الأليمة التي كانت قد توالت على الاسره الحاكمة في أبوظبي بعدوفاة رائدها زايد الكبير في عام 1909 ، حيث خلفه ابنه الشيخ / طحنون بن زايد الذيتوفى في عام 1912 ، وأعقبه بعد ذلك الشيخ حمدان بن زايد الذي توفى أيضا في عام 1922 .
وعندما تولى الشيخ / سلطان بن زايد زمام القيادة كرئيس للقبيلة ،وحاكما لابوظبي في عام 1922 ، كان الشيخ / زايد في الرابعة من عمره ، واستمر حكمالشيخ / سلطان حتى عام 1926 ، واتسم حكمه بالشجاعة والحكمة والتسامح غير المفرط ،ووطد علاقات طيبة مع جيرانه من الأشقاء العرب ، وعندما توفى أبوه الشيخ / سلطان كانالشيخ / زايد في التاسعة من عمره .
~*¤ô§ô¤*~
طفولته ~*¤ô§ô¤*~عاشالشيخ / زايد طفولته في قصر الحصن الكائن حاليا في قلب العاصمة أبوظبي ، وفي زمنشهد ندرة المدارس إلا من بضعة كتاتيب ، دفع به والده إلى معلم ليعلمه أصول الدين ،وحفظ القرآن الكريم ، ونسج من معانيه نمط حياته ، وبدأ يعي أن كتاب الله جل جلالهليس فقط كتاب دين ، وإنما هو الدستور المنظم الشامل لجميع جوانب الحياة ، وفي السنةالسابعة من عمره كان يجلس في مجلس والده الشيخ / سلطان ، وكان الطفل زايد يلتقطويتعلم العلم من مجلس أبيه ، فتعلم أصول العادات العربية ، والتقاليد الأصيلة ،والشهامة ، والمروة ، والشرف ، وتعلم الأمور السياسية والحوار السياسي ، ورغم تفوقهإلا أنه يعترف هو نفسه بأنه كان أحياناً يرفض التعليم ، وأحياناً كان متمرداً علىمعلمه ، وفي مرحلة يفاعته بدأت ثقافته تكتسب بعداً جديداً ، فولع بالأدب ، واظهرالاهتمام بمعرفة وقائع العرب وأيامهم ، وكان من أمتع أوقاته الجلوس إلى كبار السنليحدثوه عما يعرفوه من سير الأجداد وبطولاتهم ، هذا إلى جوار ما تعلمه من الخصالالطيبة من والدته الشيخة / سلامه .
وتدل شواهد صباه انه كان قناصاًماهراً ، شجاعاً لا يعرف التردد أو الجبن ، وفارساً من فوارس الصحراء ، يجيد ركوبالخيل ، ويعرف أصولها .
غير إن القدر كان له بالمرصاد ، فلم يستمتع الصبي زايدطويلاً بدفء جناحي أبيه الذي اغتيل عام 1927 ، فانضوي لشهور قليلة عن الناس ، وعنمرحه الطفولي الذي اشتهر به ، ولهوه مع أقرانه ورفاق طفولته .
هواياته
وكبر الشيخ / زايد ، وترعرع ، وتعلم الفروسية ،والقنص ، وكان يفضل المرح والقنص في الصحراء أو الجبال القريبة أو المنافسة معأصدقائه وأقرانه ، كما تولع منذ طفولته بحب الخيل ، حيث كان يتردد إلى إسطبلالعائلة للخيول العربية الأصيلة في مزيد .
وعندما اصبح الشيخ / زايد فتى يافعاً كان قد أتقن فنون القتال ، وبرز ميله إلى المغامرة ، وتحدي الصحراءالمترامية الأطراف لكشف المجهول ، وقد تعلم ممارسة هواية الصيد والقنص ، ولا سيماالصيد بالصقور في عمر 16 سنه , كان بارعا في الصيد بالصقور والبندقية ، ولكنه توقفعن استخدام
البندقية واكتفى بالصيد بالصقور وعن أسباب ذلك يقول الشيخ / زايد :
في ذات يوم ذهبت لرحلة صيد في البراري ، وكانت الطرائد قطيعاً وافراً منالظباء ، يملأ المكان من كل ناحية ، فجعلت أطارد الظباء وأرميها ، وبعد حوالي ثلاثساعات قمت أعد ما رميته فوجدتها أربعة عشر ظبياً ، عندئذ فكرت في الأمر طويلاً ،وأحسست إن الصيد بالبندقية إنما هو حملة على الحيوان ، وسبب سريع يؤدي إلى انقراضه، فعدلت عن الأمر واكتفيت بالصيد بالصقور .
كما إن كثرة النكباتوالمصاعب جعلت منه رجلاً فذاً ، لهذا تعلم الشيخ / زايد فنون الحرب ، وكان شجاعاً ،احب وطنه حباً جماً .
وظل سمو الشيخ / زايد بن سلطان آل نهيان شغوفا بممارسةومتابعة هذه الهوايات والاهتمامات ، ولا يزال يشجع الجميع على ممارستها ، ويرصد
الجوائز القيمة للسباقات السنوية التي يأمر بتنظيمها ويرعاها .
~*¤ô§ô¤*~شخصيتة~*¤ô§ô¤*~
الشيخ / زايد عربي مسلم ، ذو سمات إنسانية ، وهورجل واضح الذاتية ، وطيد الأصالة ، مفتوح الطموح ، مكفول الحاجات ، رشيد التصرف ،كريم المنزلة ، غير منكمش ولا هياب ، جم القدرة على الابتكار والإبداع ، ففي عام 1948 قام الرحالة البريطاني تسيجر بزيارة المنطقة ، وعندما سمع كثيراً عن الشيخ / زايد أثناء طوافه في الربع الخالي ، جاء إلى قلعة المويجعي لمقابلته ، يقول تسيجر : إن زايد قوي البنية ، ويبلغ من العمر ثلاثين عاما ، له لحيه بنية اللون ، ووجهه ينمعن ذكاء ، وقوة شخصية ، وله عينان حادتان ، ويبدو هادئاً ، ولكنه قوي الشخصية ،ويلبس لباساً عمانياً بسيطاً ، ويتمنطق بخنجر ، وبندقيته دوماً إلى جانبه علىالرمال لا تفارقه ، ولقد كنت مشتاقاً لرؤية زايد بما يتمتع به من شهرة لدى البدو ،فهم يحبونه لانه بسيط معهم ، وودود ، وهم يحترمون شخصيته وذكاءه وقوته البدنية ،وهم يرددون باعتزاز : زايد رجل بدوي ، لأنه يعرف الكثير عن الجمال ، كما يجيد ركوبالخيل مثل واحد منا ، كما أنه يطلق النار بمهارة ، ويعرف كيف يقاتل .
ولم يعرف عن الشيخ / زايد أية نقيصة أو تقصير في أداء واجبه نحو الغير، أو نجدة المضطر إليه ، وكان كريماً سخياً ، وجواداً لا يرد لإنسان حاجة ، وظلتهذه الصفة تلاحقه حتى اليوم ، وكثيراً ما ضاق به مقربوه ومستشاروه في الدولةالحديثة ، واعتبروها إسرافاً في الكرم لدرجة الإفراط ، والواقع إن كل من عرفه ، منذتلك الفترة يشهد له بهذه الشخصية القوية والمميزة .
ويصف النقيبالبريطاني انطوني شبرد في كتابه مغامرة في الجزيرة العربية مكانة زايد وعظمته وسطمواطنيه ، قائلاً : كان رجلاً يحظى بإعجاب ، وولاء البدو الذين يعيشون في الصحراءالمحيطة بواحة البريمي ، وكان بلا شك أقوى شخصية في الدول المتصالحة ، وكنت اذهبلزيارته أسبوعياً في حصنه ، وكان يعرض عليّ وضع السياسة المحلية بأسلوب ممتاز ،وإذا دخلت عليه باحترام خرجت باحترام أكبر ، لقد كان واحداً من العظماء القلة الذينالتقيتهم ، وإذا لم نكن نتفق دوماً فالسبب في جهلي .
وكان العقيد بوستيد الممثلالسياسي البريطاني أحد المعجبين بكرم الشيخ / زايد ، فقد كتب بعد زيارته للعين ،لقد دهشت دائما من الجموع التي تحتشد دوما حوله ، وتحيطه باحترام واهتمام .
كانلطيف الكلام دائما مع الجميع ، وكان سخيا جدا بماله ، ودهشت على الفور مما عمله فيبلدته العين ، وفي المنطقة لمنفعة الشعب ، فقد شق الترع لزيادة المياه ، لريالبساتين ، وحفر الآبار ، وعمر المباني الأسمنتية في الافلاج ، إن كل من يزورالبريمي يلاحظ سعادة أهل المنطقة .
جزاكِ الله خير بارك الله فيكِ وكتب لكِ به كل خير .
ربي يحفظج