1) النية: وهي عمل قلبي، فالنطق بها باللسان ليس بفرض، فلو ترك قول: نويت أن أصلي الظهر أو العصر مثلًا واستقبل القبلة وكبّر ونوى في التكبير هذه النية: (نويت أن أصلي فرض الظهر) مثلًا صحت صلاته، وأما إذا نوى بالقلب قبل التكبير ولم تحضره النية أثناء التكبير لم تصحّ صلاته عند الإمام الشافعي لأن النية عنده مع التكبير، وكذلك لا تصح الصلاة إن قال بلسانه: أصلي فرض الظهر وغفل عنها في قلبه عند التكبير.
> والأمر الضروري في النية هو أن يقصد فعل الصلاة.
> وأن يعيّن الصلاة التي لها سبب كالعيد والخسوف والصلاة التي لها وقت كالضحى.
> وأن ينوي الفرضية إن كانت الصلاة مفروضة، أي أن ينوي بقلبه أنه يصلي الظهر المفروضة مثلًا، فلو نوى بقلبه صلاة الظهر فقط من غير أن يستحضر الفرضية فلا تصح صلاته عند بعض الشافعية، وقال بعضهم تصح الصلاة بدونها. وكلّ ذلك يجب استحضاره أثناء التكبير.
> ولا يجب عند الإمام مالك رضي الله عنه أن تكون النية مقترنة بالتكبير، فلو نوى الصلاة التي يصليها قبل التكبير بقليل صحت الصلاة عنده، أي أنه لو نوى بقلبه ثم كَبَّر تكبيرة الإحرام صحت الصلاة.
2) وتكبيرة الإحرام: أي قول الله أكبر بحيث يسمع نفسه فلا يصح التكبير إن لم يسمع نفسه جميع حروفه، وكذلك بقية الأركان القولية يشترط أن ينطق بها بحيث يسمع نفسه.
والأركان القولية خمسة:
أ_ تكبيرة الإحرام أي قول الله أكبر عند افتتاح الصلاة.
ب_ وقراءة الفاتحة.
ج_ والتشهد الأخير.
د_ والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الجلوس الأخير.
هـ_ والسلام وهو ءاخر أركان الصلاة وهو قول: السلام عليكم.
فوائد تتعلق بتكبيرة الإحرام ينبغي معرفتها:
1) يشترط أن لا تمد الباء من كلمة أكبر بحيث يكون اللفظ أكبار فإن هذا لا تنعقد الصلاة به، لأن أكبار في اللغة جمعُ "كَبَر" وهو الطبل الكبير، فإن قال ذلك وكان جاهلًا بالمعنى لم تصحَّ صلاتُه، فإن كان عالمًا بالمعنى وقال ذلك عمدًا كفر والعياذ بالله، فليحذر ذلك في الأذان أيضًا فقد نص الشافعية والمالكية على أن ذلك كفر مع العلم بالمعنى والتعمّد للنطق.
2) ويشترط أن لا يمد الألف التي هي أول لفظ الجلالة، فلو قال: "ءالله أكبر" لم تنعقد صلاته ويحرم ذلك، لأن معنى ذلك هو الاستفهام فيكون كأنه قال: هل الله أكبر من غيره أم ليس أكبر؟
3) ويشترط أن لا يزيد واوًا قبل لفظ الجلالة، فلو قال: "والله أكبر" لم تصح صلاته، وكذلك لو زاد واوًا بين لفظ الجلالة و(أكبر) أي أن يقول "الله وأكبر" فلا تصح الصلاة، وكذلك لو أبدل همزة أكبر بالواو لم تصح الصلاة كأن يقول: "الله وَكبَر".
فائدة: لو توسوس المأموم في تكبيرة الإحرام على وجه يشوش على غيره من المأمومين حرم ذلك كمن قعد يتكلم بجوار المصلي، وكذا تحرم عليه القراءة جهرًا على وجه يشوش على المصلي بجواره.
3) والقيام في الفرض للقادر: أي أن من أركان الصلاة أن يصلي قائمًا في الصلاة المفروضة ولو كانت الصلاة نَذرًا أو صلاة جنازة، فيشترط لصحتها من الصبي القيام كما يشترط في الكبير، وكذلك الصلاة المعادة وهي التي تُعاد بعد أن أُديت صحيحة من أجل جماعة ثانية. ثم شرط القيام الاعتماد على القدمين ونصب فقار الظهر، ولا يجب نصب الرقبة بل يسن خفض الرأس إلى الأمام قليلًا. ومن كان لا يستطيع القيام إلا بعُكَّازٍ فإنه يجب عليه الاستعانة بها.
فإن عجز عن القيام بنفسه أو بالاستعانة بأن كانت تلحقه مشقةٌ شديدةٌ لا تحتمل عادةً صحت صلاته قاعدًا، فإن عجز عن القعود وجب عليه أن يصلي الفرض مضطجعًا على جنب إما الأيمن أو الأيسر، لكن الأحسن أن يقدم الأيمن فإن عجز فالأيسر، فإن لم يستطع أن يصليها على جنب وجب عليه أن يصليها مستلقيًا على ظهره ويرفع رأسه وجوبًا ولو قليلًا ليتوجَّه بوجهه إلى القبلة، فإن لم يستطع رفع رأسه اقتصر على توجيه أخمصيه (ما يلي العقب من بطون الرجلين) إلى القبلة، فإن عجز عن ذلك كله كأن يكون لا يستطيع إلا أن ينبطح على وجهه صلَّى وهو على هذه الحال ورفع رأسه إن أمكن، وإلا صلى بطرفه أي بجفنه أي يُحرِّك جفنه بنية الركوع ثم يحركه بنية السجود ويكون إخفاضه للسجود أشدَّ، فإن عجز عن ذلك كله أجرى الأركان الفعلية على قلبه، وأما الأركان القولية فيقرؤها بلسانه فإن ارتبط لسانه أجراها أيضًا على قلبه.
والمصلي قاعدًا يكون ركوعه بأن يحاذي رأسه ما قُدَّام ركبتيه، والأفضلُ أن يحاذي موضع سجوده. ويسن وضع يديه بعد التحرم أي بعد تكبيرة الإحرام تحت صدره وفوق سرته.
4) وقراءة الفاتحة: لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب". وهي سبع ءايات، والبسملة ءاية منها، فلا تصحّ قراءة الفاتحة بدونها، ويجب الإتيان بتشديداتها الأربع عشرة، فإذا ترك واحدة منها لم تصحّ قراءة الفاتحة، كأن يقرأ { إِيَّاكَ{5} }[سورة الفاتحة] بدون الشدة على الياء. ويجب موالاتها، فإن ترك الموالاة كأن سكت سكوتًا طويلًا أثناء القراءة فيجب حينئذ العود إلى أول الفاتحة، ولا يضرّ غلبة عطاس أو سعال أو تثاؤب أو نحو ذلك ولو طال. وكذلك لا يضرّ تأمين المأموم لقراءة إمامه، فلا تنقطع الفاتحة بذلك. ويجب إخراج الحروف من مخارجها، فمن ترك ذلك تقصيرًا بأن أبدل الذال بالزاي أو التاء بالطاء فلا تصحّ قراءته.
5) والركوع: ويحصل الركوع بالانحناء إلى الحدّ الذي تنال الراحتان الرّكبتين، والراحتان هما ما عدا الأصابع من الكفين، ويشترط أن يكون هذا الانحناء بلا انخناس أي بلا ثني الركبتين، والكمال في الركوع هو أن يمدَّ ظهره وعنقه كالصفيحة مع نصب الساقين والفخذين وأخذ الركبتين بالراحتين ومع التفريق بين الركبتين وبين الرجلين شبرًا وبين الأصابع تفريقًا وسطًا، هذا في حق الرجل، وأما المرأة فيسن لها أن تقارب بين رجليها، ومن كمال الركوع أيضًا قول: "سبحان ربي العظيم" ثلاثًا.
6) والطمأنينة في الركوع بقدر سبحان الله: وهي سكون كل عظم مكانه دفعة واحدة، أي استقرار الأعضاء دفعة واحدة.
7) والاعتدال: الاعتدال هو عودُ الراكع إلى ما كان عليه قبل ركوعه إن كان يصلي قائمًا أو غيره. فيحصل بانتصاب المصلي قائمًا إن كان يصلي قائمًا، وبعوده إلى الجلوس إن كان يصلي جالسًا.
والطمأنينة في الاعتدال.
9) والسجود مرتين: بأن يضع جبهته كلّها أو بعضها على مصلاه وأن يضع شيئًا من ركبتيه ومن بطون كفيه ومن بطون أصابع رجليه، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة واليدَين والركبَتين وأطراف القدمين".
ومن شروطه:
أ_ أن يكون متثاقلًا بجبهته بحيث لو كان يسجد على قطن لانكبس وظهر أثره على يدهِ.
ب_ وتنكيس رأسه بارتفاع أسافله على أعاليه.
10) والطمأنينة في السجود.
11) والجلوس بين السجدتين.
12) والطمأنينة في الجلوس بين السجدتين.
13) والجلوس الأخير: للتشهّد الأخير وما بعد التشهد من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والسلام.
14) والتشهّد الأخير: وله أقلّ وله أكمل، فأقل التشهد الذي لا تصح الصلاة بدونه: "التحيات لله، سلام عليك أيها النبيُّ ورحمة الله وبركاته، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله". وأما أكمل التشهد: "التحيات المباركات الصلوات الطيّبات لله، السلام عليك أيُّها النبيُّ ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله".
تنبيه: ما شاع بين بعض الناس من أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لما وصل في عروجه إلى المكان الذي سمع فيه خطاب الله تبارك وتعالى قال: "التحيات لله"، فقال : "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله"، غيرُ صحيح لأنه لم تُفرض تلك الليلة هذه الصيغة، إنما يروي بعضُ الرواة الكذابين هذه القصة، وقد نالت مع كونها مكذوبة على الله والرسول شُهرةً كبيرةً فيجب بيان ذلك للناس.
15) والصلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم: وأقلُّها: اللّهم صلّ على محمد.
16) والسلام: وأقله السلام عليكم. ومن شروطه الإتيان بأل، فلا يكفي سلام عليكم.
أما أكمل السلام فيحصل بزيادة: ورحمة الله، واختار بعضهم زيادة وبركاتُه، وقد ورد ذلك في سنن أبي داود في التسليمة الأولى.
17) والترتيب: أي ترتيب الأركان كما ذُكر في تعدادها، فإن تعمّد ترك الترتيب كأن سجد قبل ركوعه بَطَلَت الصلاة إجماعًا لتلاعبه، هذا في الذي أخلّ بالترتيب عمدًا، اما إن كان أخلّ بالترتيب سهوًا فليَعُد إليه إلا أن يكون في مثله أو بعدَهُ فتتمُّ به ركعته ولغا ما سها به، فمن ترك الترتيب سهوًا ثم ذكر المتروك
1) فإما أن يتذكر قبل أن يكون في مثل المتروك
2) أو يتذكر وقد صار في مثل المتروك
3) أو يتذكر وقد صار فيما بعد مثل المتروك:
فإن تذكر قبل أن يكون في مثل المتروك، يكون ما فعله بعده لغوٌ لعدم وقوعه في محله، فليرجع إليه فورًا محافظة على الترتيب. فمثلًا إن كان في الركعة الأولى وقد نسي الركوع فنزل من القيام بعد قراءة الفاتحة إلى السجود، ثم تذكر في السجود أنه ترك الركوع، قام فورًا وجوبًا ولا يكفيه لو قام راكعًا، ثم يركع ويُكمل الصلاة.
وإن تذكر وقد صار فيما بعد مثل المتروك أو بعده، فتتم ركعته بما فعل ويُلغى ما بينهما. فمثلًا لو نسي الركوع في الركعة الأولى، ثم تذكر في السجود من الركعة الثالثة أنه نسي الركوع في الركعة الأولى، هذا يبقى في سجوده ويتم صلاته، ويعتبر أن هذه هي الركعة الثانية، لأن ما فعله بعد المتروك إلى أن أتى بمثله يُعتبر لغوًا.
هذا الحكم في غير المأموم أما المأموم فيأتي بركعةٍ بعد سلام إمامه.
مسئلة مهمة: الشّكّ في هذه المسئلة كالتَّذكُّر فلو ركع ثم شكّ هل قرأ الفاتحة أم لا، أو شكّ وهو ساجدٌ هل ركع واعتدل أم لا قام فورًا وجوبًا ولا يكفيه لو قام راكعًا، وأما من شكّ وهو قائم هل قرأ الفاتحة أم لا في ركعته هذه فلا يجب عليه أن يقرأ فورًا لأنه لم ينتقل عن محلها.
فائدة في شرح ألفاظ الصلاة:
"الله أكبر": معناه: أن الله أكبر كبيرٍ قدرًا وعظمةً لا حجمًا لأن الله منزه عن الحجم، ويصح تفسيره بمعنى الكبير، فكلمة "الله أكبر" على هذا مرادفة لكلمة: "الله كبير".
"سبحان الله": معناها تنزيهًا لله من كل نقص وعيب، كالعجز والضَّعف والجهل والخوف والتغير والجلوس والاستقرار وما في معنى ذلك من صفات البشر.
"سبحان ربي الأعلى": أي أنزّه ربي الأعلى أي الذي هو أعلى من كل عليٍّ أي عُلُوَّ قدرٍ لا علُوَّ حَيِّز ومكان وارتفاع بالمسافة.
سنن الصلاة
وسنن الصلاة قبل الدخول فيها شيئان: الأذان والإقامة وبعد الدخول فيها مما يسجد لتركه للسهو شيئان: التشهد الأول والقنوت في الصبح وفي الوتر في النصف الثاني من شهر رمضان.
وأما سننها التي لا يسجد لتركها للسهو فكثيرة، منها:
* رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع والرفع منه.
* ووضع اليمين على اليسار تحت الصدر وفوق السرة.
* والتفريق بين القدمين قدر شبر.
* ودعاء التوجه بعد التحرم وهو: وجهت وجهي للذي فطر السمهبهوات والأرض حنيفًا مسلمًا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين.
* والتعوذ ويسن في كل ركعة.
* والإسرار في موضعه والجهر في موضعه، وتخفض المرأة صوتها في حضرة الرجال الأجانب استحبابًا.
* والتأمين عقب الفاتحة.
* وقراءة السورة بعد الفاتحة وتحصل السنة بقراءة ءاية واحدة ولا تسن في الركعة الثالثة من المغرب ولا غيرها ولا في الرابعة من الرباعية.
* والتكبيرات عند الرفع والخفض.
* وقول سمع الله لمن حمده مع ابتداء الرفع من الركوع، وقول ربنا لك الحمد عند الاعتدال.
* والتسبيح في الركوع والسجود.
* وأن يجافي الرجل مرفقيه عن جنبيه ويبعد بطنه عن فخذيه، وأما المرأة فتضم بعضها إلى بعض.
* وجلسة الراحة وهي جلسة خفيفة بعد السجدة الثانية في كل ركعة يقوم عنها بأن لا يعقبها تشهد.
* والافتراش في جميع الجلسات وهو أن يجلس على كعب يسراه ويضع أطراف بطون أصابع اليمنى على الأرض.
* والتورك في الجلسة الأخيرة وهو كالافتراش في كيفيته إلا أنه يخرج يسراه من جهة يمينه ويلصق وركه بالأرض.
* ووضع اليدين على الفخذين في الجلوس يبسط اليسرى ويقبض اليمنى إلا المسبحة فإنه يشير بها عند قوله إلا الله في التشهد إشارة لتوحيد الله.
* والالتفات يمينًا عند التسليمة الأولى ويسارًا عند الثانية.
* والتسليمة الثانية.
والى الامام…………………..